رواية سجينة جبل العامري الفصل الأول 1 بقلم ندا حسن
رواية سجينة جبل العامري البارت الأول
رواية سجينة جبل العامري الجزء الأول
رواية سجينة جبل العامري الحلقة الأولى
“لم تكن تعلم أن لحظة ولوجها إلى جزيرة العامري ستكون نفس اللحظة الذي سجل بها التاريخ أنها سجينة جبل العامري”
تطاولت الأيام عليها، قللت منها ونالت من طموحها، رحل من كان لها الأمن والأمان، السكن والسكينة، حاولت الصمود فوجدت الهزيمة عنوانها، لا مفر من الوحدة والاحتياج، في بلد غريب عنها وعن أهلها..
وجدت العودة هي الحل الأنسب لأخذ ما بقيٰ لها منه، لتستطيع الصمود أمام كل محاولة اغتيال، لتقف في مواجهة كل عاصفة تنحدر نحوها ونحو ابنتها وشقيقتها فليس هناك حل آخر سوى العودة إلى المجهول، والإقتراب من وحش حذرها كثيرًا ألا تقترب منه.. ولكن لا مفر.
يا الله، لقت عانت كثيرًا كي تصل إلى هنا، أتت إلى هذا المكان مرة واحدة سابقًا مع زوجها “يونس” رحمة الله عليه، مرة واحدة فقط مُنذ الكثير ربما منذ سبعة أو ثمانية سنوات، هبطت من الطائرة القادمة بهم من مطار دبي في الإمارات العربية المتحدة إلى مطار القاهرة في جمهورية مصر العربية، وفي نفس المكان أخذتهم طائرة خاصة بشقيقه لتقوم بتوصيلهم إلى مكان معيشتهم تلك الجزيرة الغريبة كليًا عليها.. ولكن الآن هي لا تملك أي وسيلة إتصال به ليفعل ذلك ولا تستطيع الوصول إلى الجزيرة بتلك السهولة، ليس هناك أي وسيلة مواصلات أو طريق للوصول إليها إلا الطريق البحري.. “جزيرة العامري” أهناك أحد يعرفها من الأساس أو توجد على خريطة الجمهورية!..
الكثير والكثير من الوقت والمجهود المُفرط في محاولة للوصول إلى هناك..
قد أتت من دبي منذ يومان بالضبط في محاولة منها للوصول إلى أهل زوجها “يونس”، ولكن بائت كل محاولتها بالفشل لأنها في تلك المرة الوحيدة التي ذهبت فيها إلى هناك لم تهبط في أي محافظة سوى القاهرة كالآن ولم تجهد في محاولة الوصول مع زوجها بل كان الطريق أسهل مما يكون عليها من طائرة إلى أخرى خاصة والأولى كانت في الدرجة الأولى على متن الطائرة كأكبر رجال الأعمال والأغنياء بينما الآن الفارق كبير للغاية..
لا يوجد مال تمتلكه لتكون في الدرجة الأولى بل هي حصلت على مال السفر بالدين، واعدة مالكه بأنها سترده إليه في أقرب فرصة..
بقيت اليومان في فندق هي وشقيقتها الصغيرة وابنتها، بينما تحاول وتحاول الوصول إلى أن تذكرت صديق قديم لزوجها يعرف الطريق جيدًا، فعبثت كثيرًا إلى أن وصلت لهاتفه، وقد دلها على الطريق الذي اكتشفت أنه مُرهق للغاية ومُتعب ويستغرق الكثير من الوقت والمال.. ولكن على أي حال عليها التكملة..
الآن تقف على أول الخيط.. وصلت إلى الجزيرة بعد معاناة لا مثيل لها، رحلة بالقارب لم تقل عن ثلاث ساعات! كل هذا لتكون هنا؟ في هذا المكان النائي، الذي لا يعلم أحد بوجودة من الأساس! كل هذا لتكون هنا على هذه الأرض الرملية الغريبة عليها كليًا..
تقدمت للأمام بخطوات بطيئة وبيدها ابنتها الصغيرة واليد الأخرى بها حقيبة سفر كبيرة وشقيقتها جوارها هي الأخرى كالمثل معها حقيبة سفر مثلها، بينما الطفلة تحمل حقيبة فوق ظهرها..
تقدمت خطوة والأخرى وعينيها تجوب المكان من كل إتجاه، ليس هناك اتجاهات من الأساس سوى النيل! أيعقل أن يكون هناك بلدة يعيش على أرضها كثير من البشر وليس هناك طريقة للوصول إليها سوى النيل! أيعقل ذلك؟
أبتعدت بعينيها إلى مجموعة من الرجال تتهاتف أصواتهم العالية ويبدو أن هناك شجار بينهم، يقف جوارهم اثنين من الرجال كل منهما يحمل سلاح على كتفه..
سارت بمساعدة أحد الأشخاص ليصل بها إلى قصر العامري الكبير، في جزيرة العامري، لقد كان الجو حار للغاية والشمس ساطعة خصوصًا هنا في هذه المنطقة أكثر من البلدة بأكملها، وكانت غبية في اختيار ملابسها ترتدي بنطال أسود فضفاض وقميص أسود مثله يجعلها تشعر بالحرارة أكثر وأكثر.. الجميع من نساء ورجال ينظرون إليها بغرابة، تطلق العنان لخصلاتها السوداء الطويلة تنطلق على ظهرها كشقيقتها.. وكل النساء هنا يضعن على رؤوسهن وشاح منهن من تغطي رأسها بالكامل ومنهن من تغطي نصفه..
يرتدين عباءة فضفاضة سوداء، من في طريقها ومن في الشرف داخل البيوت الصغيرة يرتدين عباءة بيتية بألوان زاهية غريبة، والرجال جلباب بألوان مختلفة باهتة كالأسود والرصاصي..
أخرجت زفير حاد من فمها دليل على ذلك الشعور السيء الذي لازمها هذه الفترة، نظرت إلى السماء ذو الشمس الساطعة.. يا الله
بعد سير يقارب العشرون دقيقة وأكثر، وقفت أمام قصر العامري، أمام سور العامري الضخم، الأرض الخضراء، وقفت أمام بوابة المرور إلى عائلة العامري، المالكة الأكبر والأعظم لهذه الجزيرة..
تنفست الصعداء وارتسمت الابتسامة على شفتيها بعد أن مرت بإحباط دام كثيرًا، تركت الحقيبة على الأرضية وافلتت يد ابنتها الصغيرة واستدارت تنظر إلى الخلف، تتذكر ذلك المكان جيدًا..
نظرت بعينيها السوداء لترى كل شيء كما هو، مساحة كبيرة أمام قصر العامري في الخارج ومن بعدها هناك ترعة كبيرة للغاية في الطول والعرض لقد سارت على خطها إلى أن وصلت إلى هنا.. وعلى الضفة الأخرى يوجد ذلك الجبل المسمى بـ جبل العامري ككل شيء في الجزيرة..
ذلك الجبل الذي حذرها زوجها “يونس” في السابق الإقتراب منه، حاولت مرارًا أن تذهب إلى هناك وتستكشف المنطقة ولكنه رفض رفضًا قاطعًا وأبعدها عنه تمامًا وإلى اليوم بقي فضولها داخلها للتعرف على المنطقة وذلك الجبل الغامض بالنسبة إليها..
تركها من أوصلها إلى هنا ورحل فوقفت أمام هذه البوابة الضخمة المغلقة، خرج من الداخل أحد الحراس الذي شعر بأن هناك أحد في الخارج بسبب رؤيته لهم من تلك الفتحات الموجودة في البوابة بشكل مزخرف..
فتح البوابة ونظر إليهم فرفعت عينيها السوداء عليه وهتفت بصوتٍ مُرهق للغاية ومتعب إلى أقصى درجة:
-قصر العامري! أنا مرات يونس العامري الله يرحمه
فتح لها الطريق ومن معها وأشار لغيره من الحرس أن يأخذوا الحقائب منهم ففعلوا، تقدمت للداخل ومعها ابنتها وشقيقتها، نظرت في الأنحاء وكم بدى التغير واضح.. لم تكن أيام بل هي سنوات مرت على رحيلها من هنا.. مؤكد سيكون هناك تغير وبالأخص في الحرس الكثير والمبالغ بهم..
القصر حوله زراعة خضراء أشجار فاكهه وغيرها ومساحة شاسعة للحديقة في الخارج تليق بهم على عكس الأرض الرملية في الخارج على عامه الشعب في هذه الجزيرة.. تهكمت وهي تلوي شفتيها وتحدث ذاتها فأنهم هنا في دولة منفصلة عن الدولة الأصلية هنا عامة الشعب على الجزيرة والحكام داخل هذا القصر الضخم.. الذي مؤكد سيكون داخله تكييف على عكسهم وعلى عكس ما رأته سابقًا..
لما كل هذا الحرس؟ أليس مُبالغة! أنهم هنا بعيدون تمامًا عن البشر الحقيقيون من سيكون عدو لهم ليتواجد كل هذا الكم من الحرس.. أنها ترى نفسها تدلف إلى فيلا زعيم عصابات وليس قصر عائلة زوجها..
وقفت أمام البوابة الداخلية الضخمة للغاية ولا تقل عن الأولى في الخارج وقام أحد الحرس الذين يحملون حقائهم بدفع الباب بعد أن فتحت الخادمة لهم..
تقدمت للداخل ووقفت تنظر إلى الخادمة التي تتذكرها جيدًا ولكن اسمها قد رحل تمامًا عن ذاكرتها، حاولت جمع شتات تفكيرها ثم هتفت بعد عذاب:
-ذكية! ذكية مش كده
نظرت إليها الخادمة وتقدمت منها بلهفة مُبتسمة تردد اسمها بتحيُر غير مُصدقة أنها هنا:
-ست زينة.. زينة هانم
قدمت الأخرى يدها إليها وابتسمت شاعرة أن الحياة ستبدأ معها من جديد بالسعادة التي افتقدتها:
-ازيك عامله ايه
سلمت الأخرى عليها بحفاوة وسعادة وأجابتها:
-الحمدلله يا ست زينة.. الحمدلله يا هانم
أشارت “زينة” إلى ابنتها الصغيرة ومن بعدها شقيقتها:
-دي وعد بنتي.. بنت يونس الله يرحمه ودي إسراء أختي
اقتربت من الفتاة الصغيرة، صاحبة العيون العسلية والوجه الملائكي البريء، ذات الخصلات السوداء الطويلة كوالدتها بالضبط وأردفت بحب وحنان:
-بسم الله الله أكبر قمر.. ازيك يا وعد هانم
اردفت الطفلة بهدوء ورقة لا يخلو منها الإرهاق:
-الحمدلله
اتسعت ابتسامتها بعد سماع صوت تلك الرقيقة وأشارت لهم بالدخول إلى القصر:
-اتفضلوا.. معلش يا ست هانم فرحتي بيكم نستني ادخلكم
تساءلت “إسراء” عن الحقائب:
-هما الشنط ودوها فين
أجابتها “ذكية” وهي تُسير بهم إلى الداخل:
-الحرس دخلوهم اوضة الضيوف يا هانم
مرة أخرى تساءلت “إسراء”:
-هو ليه كل الحرس دول
حمحمت الأخرى بحدة وسارت بهم وهتفت مُبتعدة عن هذا السؤال:
-اتفضلوا من هنا.. الست الكبيرة هتتبسط أوي يا هانم
استغربت كل منهن أنها تغاضت عن السؤال وكأنها لم تستمع إليه من الأساس ولكن فعلوا مثلها وساروا معها للولوج إلى السيدة “وجيدة عمران” والدة “يونس” زوجها وجدة ابنتها..
وقفت على أعتاب الغرفة بعد أن استأذنت “ذكية” منها لتقوم بالدخول نظرت إلى الداخل بعينين تتفقد المكان ومن به، وجدت والدته، شقيقه الأكبر وشقيقته الصغيرة.. عائلة العامري
دق قلبها بسبب هذا اللقاء الغير مرتب له، الذي تواجهه وحدها، وتنتظر الرد منهم عليه بكل قلق وخوف، لم تكن يومًا قريبه منهم.. بل كانت بعيدة كل البعد عن الجميع هنا..
قلق وخوف البداية أنساها سعادة الوصول..
وقفت “وجيدة” على قدميها تنظر إليها بتلك العينان السوداء الحادة، لقد تفاجأت كثيرًا من رؤيتها تقف أمامها الآن دون سابق إنذار، دون أي شيء.. زوجة ابنها الراحل هنا ومعها ابنتها هذه!!.
تقدمت منها بخطوات ثابتة دون أي تعابير على وجهها فشعرت الأخرى بالتوتر أكثر من السابق ولكنها في لحظة تغيرت بالكامل وابتسمت باتساع تجذبها نحوها لتقوم باحتضانها
تهتف بسعادة والفرحة ظاهرة في صوتها وعلى ملامحها:
-زينة.. مرات الغالي، وحشاني وحشاني يا زينة
تنفست بعمق وارتياح ومكث قلبها داخل أضلعها تلف ذراعيها حولها تبادلها ذلك العناق تهتف بابتسامة:
-وأنتي كمان يا طنط وحشاني والله أوي
ابتعدت عنها للخلف ونظرت إلى الصغيرة بحنين واشتياق إلى ابنها المتواجد بها، نظرتها تحمل ألم أم ذاقت فراق ابنها وهي على قيد الحياة، وقلبها اشتعل بفتيل من الحرقة والاشتياق..
انخفضت نحوها وقامت باحتضانها بقوة شديدة، فقد فقدت الشعور به منذ الكثير ولكن الآن أتت إليها الفرصة لتعوض ذلك.. ولن تتركها أبدًا..
ابتسمت بفرحة عارمة والطفلة داخل أحضانها وعينيها تشوبها الدموع الغير مُصدقة والعائدة للخلف متذكرة الماضي الأليم:
-وعد! يا روح ستك بقيتي عروسة وجميلة يا ما شاء الله ايه الحلاوة دي
رفعت رأسها تنظر إلى والدتها التي تقف جوارها لا تستطيع تفسير ما يحدث معها الآن محاولة فهم الأمر من والدتها والذي كان جديد عليها كليًا فـ اومات لها الأخرى برأسها وتحدثت:
-دي تيته وجيدة يا وعد.. مامت بباكي يونس
نظرت إليها الفتاة الصغيرة ثانيةً وأردفت باحترام ورقة:
-ازيك يا تيته
ابتسمت الأخرى وخرجت الدموع من عينيها وهي لا تصدق ذلك، لقد تمنت كثيرًا أن تكون طفلة ابنها هنا بين عائلتها وتعوضهم عن فقدانه.. الآن الأمر يتحقق
-يا روح تيته أنتي
كل هذا وأكثر كان تحت أنظاره “جبل العامري” المسمى على اسم الجبل الموجود في الجزيرة بعد أن نال اسم العامري من العائلة، ينظر إليها بعينان حادة، ثابتة عليها هي فقط يحاول فهم تعابير وجهها، وجهها!.. هذا الوجه الذي يأخذ الشكل الطولي، حاجبيها المعقودان لونهما أسود كـ لون عينيها السوداء الحالكة وأهدابها الكثيفة التي يحيطها كحل أسود يجعل جمالها الباهت رائع، أنفها ذو الأرنبة المستديرة وشفتيها الوردية مُكتنزة كل هذا على بشرة بيضاء جذابة وخصلات سوداء للغاية كمعظم ملامحها تغطي ظهرها.. أيضّا ملابسها سوداء! أهي في حالة حداد على أحدهم! حفر وجهها داخله.
رفعت عينيها عليه، وجدته يجلس ولم يرف له جفن، ينظر إليها بغموض وغلظة يتابع كل حركة تصدر عنها، ابتلعت ما وقف بحلقها وذكرت نفسها بتحذيرات زوجها “يونس” بألا تقترب منه إلى الحد الأعمق.. يكفي السلام والسؤال من أبعد خط قد تصل إليه معه، وأبعد محطة قد تتقابل معه بها.. جمعت شتات نفسها وخرج صوتها وهي توجه الحديث إليه بجدية تامة:
-ازيك يا جبل بيه
لحظات! والأخرى وعينيه عليها تحقق تحاول الوصول إلى الأعمق بعد ملابسها وداخلها، ثم أجابها وأخرج صوته الخشن:
-كويس يا مدام زينة
لم تستطع أبعاد عينها عنه، لقد كان مُروع للغاية وهي التي لم تخاف من شيء قبل، نظرة عينيه الخضراء ترسل إليها إنذار من كل إتجاه لتحافظ على حياتها..
وقف على قدميه وسار ناحيتهم لتفوح رائحته عليها، وترى وجهه الغريب، حاجبيه الكثيفان ذو اللون الأسود وكأنها توحي بالكره لا تدري لماذا هذا التعبير خصيصًا أتى على خلدها، عينيه الخضراء ذو النظرات المُهيبة الواثقة، أنفه الحاد الشامخ وشفتيه واحدة رفيعة والأخرى غليظة.. ملامحه جميعها تجعلها تشعر بالتوتر والقلق..
أقترب إلى الفتاة الصغيرة، هبط على ركبته اليمنى واستند بالآخرى، نظر إلى وجهها الملائكي ذو الرقة الخالصة المعهودة لدى الأطفال وهتف بصوت حاول قدر الإمكان أن يجعله حنون وهادئ:
-أنا عمك جبل.. أخو يونس
ابتسمت إليه قائلة:
-ازيك يا عمو جبل
أومأ إليها برأسه بجدية وقال ناظرًا إلى عينيها العسلية الرائعة كعيون والدها رحمة الله عليه:
-كويس.. أنتي عامله ايه
تنهدت بارهاق وتعب ثم هتفت قائلة:
-الحمدلله كويسه
أقتربت منها “وجيدة” ولم تترك فرصة الرد إلى “جبل” بل جذبت الطفلة صاحبة السبعة أعوام إليها ودلفت بها إلى داخل الغرفة تجلسها على الأريكة وهتفت بصوت مُرتفع بفرحة:
-وهتبقي كويسه على طول يا روح تيته طول ما أنتي هنا
وقف مُعتدلّا بعد أن أخذت والدته الطفلة فبقيٰ أمام وجهها، تبادل معاها النظرات وكل عين تحكي شيء مُختلف تمامًا عن الأخرى، ثم استدار برأسه قليلًا ونظر إلى شقيقتها فتاة صغيرة تبدو أقل من العشرون عام، بخصلات ذهبية وعيون زرقاء وشفاه تلطخها الحمرة وهي بالفعل جميلة لا تحتاج إلى ذلك..
صاح بصوته المعهود، الحاد الذي يحمل خشونه لا توصف:
-مين دي!
تمسكت شقيقتها “إسراء” بيدها بقوة، دق قلبها للحظة من تلك النظرة التي أخذتها من عينيه، لم يتزحزح عنها وانتظر أن يستمع إلى الإجابة..
ردت بتوتر لا إرادي تشعر به بسبب حركاته الصادرة عنه ووجوده ككل من الأساس وتمسكت بيد شقيقتها لتشعرها بالأمان:
-دي إسراء أختي
أبتعد بعينيه إليها وسألها بقوة وثبات واضح وهو يضع يده الاثنين داخل جيوب بنطاله:
-من امتى عندك أخوات
أردفت تُجيب على سؤاله الغليظ توضح له أكثر بما أنه لا يعلم بها:
-إسراء تبقى أختي من بابا.. كانت عايشة في تركيا مع مامتها وبقالها فترة كبيرة عايشة معايا
أعتدلت “فرح” شقيقته تنظر إليها من الأسفل إلى الأعلى، تنظر إلى الاثنين وكأنها تقول قصر الرعب بانتظار الآخرين من المهرجين..
صدح صوته الصارخ في أذنهم فجأة وهو ينادي بإسم “ذكية” التي حضرت ما أن نطق آخر حرف بإسمها
قالت وهي تتقدم سريعًا باحترام ولهفة:
-تحت أمرك يا جبل بيه
أشار إليها بيده المُحررة من جيب بنطاله:
-وريهم اوضهم يرتاحوا
أخفض عيناه إلى “زينة” وتحركت شفتيه بكلمات لم تفهم لها معنى وما الذي يريده منها:
-هشوفك ونتكلم بعد ما ترتاحي
ردت تتابع عيناه هي الأخرى باستغراب:
-في حاجه؟ نتكلم في ايه؟
خرج من الغرفة وهو يقول بثقة وعنجهية:
-هتعرفي وقتها
تقدمت منها الطفلة بعد أن حثتها “وجيدة” على الذهاب مع والدتها لكي تنعم بالراحة هى الأخرى فيبدو عليها الإرهاق الشديد.. تحركت إلى الخارج بعد أن قالت بهدوء:
-عن اذنك يا طنط
أومأت إليها بابتسامة لا مثيل لها وكأنها حصلت على كنز غالي كان يصعب الحصول عليه أو يستحيل:
-اتفضلي يا زينة
خرجت مع “ذكية” التي سارت بهم إلى الأعلى، لتعرف كل واحده منهم على غرفتها ولكن “زينة” وقفت في الردهة أمام الغرف وقالت..
-ذكية إحنا عايزين اوضه واحدة.. يكون فيها سريرين
أومأت إليها وهي تشير إلى الناحية الأخرى:
-حاضر يا ست هانم.. تعالي من هنا
سارت خلفها إلى أن وصلت إلى الغرفة التي تريدها لتكن مع ابنتها وشقيقتها فلا تريد ترك كل واحدة في غرفة أخرى بعيد عن عينيها، دلفت معهم إلى الداخل واستمعت إلى صوت الخادمة تقول:
-الشنط هتطلع حالًا يا ست هانم
حركت رأسها إليها فذهبت الأخرى وأغلقت الباب من خلفها، صعدت الصغيرة “وعد” على أحد الفراشين بعد أن ألقت حقيبة ظهرها على الأرضية وارتمت عليه بتعب شديد لأنها تحتاج كثيرًا إلى النوم..
جلست “إسراء” جوارها ونظرت إلى شقيقتها وتحدثت بقلق وخوف لا تريد كبته داخلها:
-زينة.. أنا خايفة من المكان ده والناس اللي فيه
لقد كانت هي الأخرى خائفة للغاية ليس من عاداتها، أنها المرأة التي تحملت كل الصعاب، لكن كثير من المؤشرات لا تقول أن القادم خير خصوصًا منه هو ولكنها نفت ذلك حتى لا تشعر الأخرى بالرهبة مُنذ اليوم الأول:
-خايفة من ايه بس الناس استقبلونا كويس وبعدين دول أهل يونس يعني وأنتي عرفاه كويس مش هنلاقي حد زيهم
تابعت وهي تنظر إليها باستغراب:
-بس اللي اسمه جبل ده غريب أوي.. والحرس دول كلهم ليه وهو ايه المكان اللي عايشين فيه ده طالما غنين كده والناس اللي بره دول عاملين كده ليه
جلست على الفراش الآخر مقابلة لها ثم ابتسمت كاذبة وهي تهتف:
-أنتي متعبتيش من الطريق؟ ارتاحي وبعدين نتكلم
ثم صعدت على الفراش تريح ظهرها عليه، وما أن فعلت ذلك تنفست بعمق وكأنها حصلت على الراحة في بداية طريق المشقة..
والحقيقة المُرة هي أن قلبها لا يهدأ عن العبث بها وذلك لا يحدث إلا في الحالات النادرة كالتي يحدث بها الكوارث.. على أي حال ليس هناك أي حل آخر كان على طريقها ولم تفعله.. هذا كان أولهم وآخرهم وأفضلهم بالنسبة إلى المواجهة مع الفقر..
عليها أن تهدأ فقط قليلًا والقادم كله سيأتي إلى عِندها سواء فكرت به أم لم تفكر..
نظرت إلى سقف الغرفة وتنهدت بقوة، يا الله، ساعدني في الوصول إلى مبتغاي دون الشعور بالقهر مرة أخرى، ودون الشعور بالذل والكسرة، دون الشعور بالفقد والفراق وحرقة الاشتياق ولوعته..
❈-❈-❈
بعد بضع ساعات نالت بهم بعض من الراحة بعد رحلة شاقة طويلة كهذه وحرب ضارية بينها وبين نفسها المعارضة إياها دائمّا، استيقظت من نوم كان عميق دلفت به دون تعب، بدلت ملابسها إلى أخرى غير تلك التي أصبحت مليئة برائحة الإرهاق وبدى عليها أنها مُتسخة.. بملابس أخرى مثلها مُحتشمة مُكونه من بنطال أسود وتيشرت رصاصي اللون ولأن أهل البيت كلهم محتشمون وملابسهم غير ملابسها هي وشقيقتها حاولت أن تكون مثلهم ولا تظهر شيء منها بالأخص في وجود ذلك الجبل الصلب الذي وقف أمامها شامخًا..
هبطت للاسفل بوجهًا مُتجمد وأثناء هبوطها الدرج قابلتها “ذكية” التي تحدثت قائلة بعد أن أبصرتها:
-كنت طالعة ليكي يا ست هانم.. جبل بيه مستنيكي في الصالون
دققت النظر بها ورأسها به ألف وألف سؤال عن ما الذي يريده منها! أومأت إليها وهبطت بهدوء مُتجهة إليه:
ولجت إلى الغرفة وهو جالس كما رأته أول مرة، تقدمت وعينيها لا تستطيع الإبتعاد عن خاصتيه المُخيفة الثابتة، وكأنه يجبرها على النظر إليه لتعرف إلى أين أتت..
جلست أمامه ثم خرج صوتها الذي رفعته ليظهر واضح وواثق:
-نعم يا جبل بيه
تقدم للأمام في جلسته، اتكأ بيده الاثنين على قدميه ورفع عينيه إليها بجمود وحدة، يرسل إليها عبارات لا تتفهم أي منها، تحاول جاهدة لكنه لا يساعدها..
قال بصوت حاد جامد خرج بخشونة من فمه:
-وصلتي الجزيرة إزاي
أجابته ببساطة وهي تشير بيدها بعفوية:
-بصراحة الوصول كان صعب أوي يعني مش هكدب عليك.. المرة اللي جيت فيها هنا كانت بالطيارة
تثير شكوكه، كيف لواحدة كهذه تستطيع الوصول إلى جزيرته بكل هذه السهولة، إذّا ماذا عن البقية من أفراد الشرطة!، كرر سؤاله مرة أخرى بوضوح:
-وصلتي الجزيرة إزاي
ابتلعت ما بجوفها وهي تنظر إلى عينيه المخيفة بذلك اللون الأخضر الغريب، فقالت سريعًا:
-ده واحد صاحب يونس الله يرحمه هو اللي دلني على الطريق بعد ما كنت تعبت ومش عارفه أوصل
وكأنه يجلس في مكتب ضابط شرطة وهي المُتهمة تحت يديه، بدأ معها تحقيق ومن هنا إلى هنا يكتب سؤال وجواب:
-اسمه ايه
أردفت باستغراب جلي ما السبب وراء كل هذه الأسئلة الغريبة:
-عماد ابراهيم
أومأ إليها بعد أن علم هويته، نظر إلى الأرضية ثم مرة أخرى إليها بجمود أكثر وحدة تُرهبها أكثر من السابق، تسائل بجدية وبرود:
-جيتك هنا غريبة.. جاية ليه
هل تُجيبه الآن! تتحدث عن السبب وراء قدومها إلى هنا؟ إنه قام بسؤالها إذًا عليها الإجابة أليس كذلك!؟
ما كانت إلا تتحدث ودخلت والدته “وجيدة” والإبتسامة على وجهها بالرغم من أن ملامح وجهها حادة للغاية ومخيفة بعض الشيء، جلست وهي تقول بجدية وهدوء:
-متعرفيش أنا فرحانه قد ايه أنكم معانا هنا يا زينة
ابتسمت إليها محاولة أن تخفف من حدة توترها بسبب ذلك المُتخلف عقليًا الذي تجلس معه وأجابتها بإحترام وهدوء:
-تسلمي يا طنط
وجدت صوته الحاد يخترق أذنها كالرياح الهادفة التي تأتي بصفير حاد في الأذن يكرر عليها:
-مجاوبتيش عليا
أبعدت نظرها إليه ثم إليها مرة أخرى وعادوت فعلها، ضغطت على يدها بالآخرى وتفوهت بالكلمات بجدية:
-بصراحة أنا جاية أخد حقي أنا ووعد بنتي في يونس
وجدت الاثنان ينظرون إليها دون حديث، هو ملامحه جامدة لا تستطيع أن تفهم منها شيء وعيونه الخضراء ترعبها ربما كل هذا لأنها اقتربت منه بعض الشيء فهي ليست بهذا الجُبن، والأخرى تحولت ابتسامتها إلى بؤس وأظهرت ملامحها المخيفة لتبقى جالسة بين فردين ترهبهم..
تابعت محاولة تبرير طلبها لحقها في زوجها:
-العيشة في دبي صعبة، وعد ليها مدرسة وعندنا مصاريف وأنا عليا مسؤولية.. أنا حاولت ألاقي شغل بس مقدرتش لأني معايش شهادة تشغلني هناك.. حتى الشركة اللي كان فيها يونس مأخدناش منها حاجه.. أنا مش طمعانه غير في حقنا وبس
وجدتهم صامتين هم الاثنين بعد كل هذا الحديث الذي قالته لتأخذ حقها هي وابنتها منهم، من المفترض أن لا تتحدث من الأساس فقط تطالب بما لها.. تابعتهم باستغراب ولم تعد تعرف ما الذي من المفترض قوله بعد الآن..
هو كان داخل رأسه حساب آخر لكل ما تقوله، أيعقل هي هنا فقط لتأخذ مالها؟!
تحدثت “وجيدة” وهي تحاول أن تضبط ملامح وجهها لكي لا تثير شكوك تلك الجالسة أمامها وأردفت بكل الود والمحبة:
-طبعًا طبعًا يا زينة أنتوا ليكم حق وهتاخدوه
ابتسمت إليها وقد انزاح عن قلبها هم كبير كانت تواجهه كل ليلة بمفردها خوفًا من عدم قبول طلبها بعد الوصول إلى هنا وتعود مرة أخرى إلى الفقر والدين من الأشخاص هناك..
بينما الأخرى كان داخل رأسها شيء آخر تمامًا غير الذي هتفت به إليها، عاجلًا وغير أجلًا ستتعرف عليه وتقوم بالموافقة به.. سوى كان بالغصب أو بالرضا..
وقفت “وجيدة” ومازالت مُبتسمة أشارت إليها قائلة:
-قومي هاتي وعد وأختك علشان نتعشى.. يلا
أومأت إليها ثم وقفت على قدميها وسارت خارجة من الغرفة تحمد ربها أن الأمر تم بسلام وستأخذ مالها وتعود من حيث أتت إلى حياتها هي وابنتها.. إلى الآن لا تعلم ما الذي يخفيه القدر داخل جزيرة تسمى بجزيرة العامري.. وهي داخل هذه العائلة..
قابلت في طريقها “فرح” شقيقة زوجها فوقفت قائلة إليها بابتسامة ساخرة:
-لسه زي ما أنتي يا فرح.. أنتي حتى شوفتيني لما جيت مسلمتيش عليا
سخرت الأخرى مُبتسمة مثلها وأجابت:
-هسلم على الملكة كليوباترا يعني يا زينة
ربتت “زينة” على ذراعها فهي تبدو كما هي فتاة غريبة متكبرة وترى نفسها فوق الجميع:
-على رأيك
مرت من جانبها وتركتها تقف في الطريق تستدير لتنظر إليها وهي تصعد على الدرج بنظرة ساخرة متهكمة عليها.. ولكن الأخرى لم تبالي هي الآن في قمة سعادتها.. المؤقتة
❈-❈-❈
محاولة الوصول إلى كل شيء.. إما أن تكون فاشلة إما أن تكون ناجحة ولكن عليك توخي الحذر من العدو قد تكون تسبقه بخطوات وهو في الخلف يغير خطته
كان يجلس على مقعد مكتبه والهاتف على أذنه يستمع إلى الكلمات التي تلقى عليه والشرر يخرج من عينيه السوداء وأنفه الحاد يتسع ويضيق بسبب تنفسه الغير مُنتظم الذي ينم عن غضبه وثورانه، رجل في الثلاثين من عمره ربما تخطى المنتصف بخصلات سوداء وعيون كذلك مخيفة.. رهيبة في النظرة قاتلة.. يرتدي ملابس سوداء كمثل قلبه وعيونه الواضحة، وبمعصم يده أسوار فضي يطيح به على المكتب..
وقف “طاهر” مُعتدلًا يبتعد عن المكتب صارخًا بعنف وقوة والهاتف على أذنه يلقي الكلمات على شخص آخر:
-التعليمات دي مش عليا.. أنا مش هسيبه يحكم البلد وياكل الجو
ضرب على زجاج باب الشرفة وهو يسير بعصبية والغضب يتملكه:
-بقولك ايه أنا اللي هقف ومش هوافق على الكلام ده.. جبل العامري مش هيمسكها لوحده
أجاب بعد الاستماع للكلمات بعصبية شديدة:
-وأنا مش موافق.. أنا أحق من جبل، أنا بسحب منهم كتير بيتوزع ولا لأ ميخصش حد المهم إني بسحب
جلس وهو يحاول التحدث بهدوء وأخذه في صفه:
-جبل لولا أهل الجزيرة مكنش وصل للي هو فيه ده.. ومسيرهم يقلبوا عليه ويعرفوا الخطر اللي هو محاوطهم بيه
تنفس بعمق وأغمض عيناه يضغط على الهاتف بيده:
-يعني ده آخر كلام عندك؟
مرة أخرى أردف بنفاذ صبر وضيق شديد:
-وأنا مش موافق والبلد مش هتشيلنا إحنا الاتنين.. هتشيلني لوحدي
ثم أغلق الخط بوجهه وألقى الهاتف على الأريكة جواره، صمد قليلًا ثم ضرب الطاولة بقدمه بعصبية شديدة وقهر من “جبل العامري” وما يفعله صارخًا باسمه بعنف وصوت عالي:
-جـــبـــل
وقف على قدميه ينظر إلى الفراغ قائلّا بتوعد وكره:
-مش هسيبك يا جبل.. مش هسيبك
❈-❈-❈
“في المساء”
احتجزت “وجيدة” الفتاة الصغيرة وعد معها، منذ تناول العشاء وهي جليسة المكان الذي تكون به، لأ تريد الإبتعاد عنها نهائيًا بل بقيت تنظر إليها كما أنها لو ترى ابنها الراحل هو الذي أمامها وتنتقل خلفها من هنا إلى هنا تحاول تعويض السنوات الضائعة منها في الفراق والاشتياق القاتل لحفيدتها وابنها الذي عاد إلى موضعه قبلها وشهدت رحيلة وكسرتها به..
اردفت بسعادة وهي ترفعها على قدميها:
-تعالي هنا بقى.. أنا مش هسيبك خالص
تحدثت الصغيرة بحب وهي تنظر إليها بعيون بريئة:
-أنا حبيتك أوي يا تيته ومش عايزة اسيبك
اتسعت ابتسامة “وجيدة” وأصبحت من الأذن إلى الأخرى ورفرف قلبها فرحًا بحديث حفيدتها:
-أنا اللي بموت فيكي يا روح تيته ومش هسيبك تمشي أبدًا أبدًا
جلست على قدميها مُعتدلة ونظرت إليها وتفوهت بالكلمات من بين شفتيها بحماس:
-بجد؟
أومات الأخرى إليها سريعًا تؤكد محركة رأسها من الاعلى إلى الأسفل:
-طبعًا مش هسيبك تمشي خلاص
وضعت الصغيرة إصبعها إلى جانب فمها تفكر قائلة بطريقة طفولية:
-طب والمدرسة يا تيته
اتسعت عينيها وهي تحل مشكلتها الكبيرة قائلة بحماس وحب كبير يظهر في كل لمسة وكلمة تخرج منها إلى الطفلة:
-هنحول لمدرسة هنا في الجزيرة
سألتها “وعد” بتركيز:
-فيها pool وملعب كبير علشان الرياضة اللي بتعلمها
حركت رأسها بعدم فهم وضيقت عينيها مُتسائلة بجدية ناظرة إليها:
-يعني ايه بول ده
أجابتها بهدوء ورقة وهي تبتسم بطفولية:
-يعني حمام سباحة..
أكملت حديثها إلى جدتها وهي تشير بيدها الاثنين تشرح إليها أكثر:
-حوض كبير أوي كده يا تيته بيبقى فيه مايه كتير أوي نقدر ننزل نسبح فيه ونتعلم السباحة..
رفعت رأسها للأعلى وقالت ببساطة:
-آه زي اللي قدامنا كده.. شوفتيه
حركت رأسها نافية:
-لأ
قالت جدتها بحنان وحب:
-هبقى اوريهولك
وأكملت الجلسة معها بكثير من الحب والحنان الذي يفيضان منها إلى ابنة ولدها وفلذة كبدها الراحل، التي لن تتركها ترحل مهما حدث..
❈-❈-❈
في الخارج، سارت “إسراء” في الحديقة الخاصة بالقصر والذي كانت كبيرة للغاية إذا سار بها أحد لا يعرف معالمها يضيع داخلها إلا إذا أنقذه أحد..
ظلت سير في الحديقة وتتأمل كل شيء بها، بتلك العيون الزرقاء الرائعة وهناك نسمة باردة تأتي عليها تحرك خصلات شعرها الذهبية الحريرية لتبقى سابحة في الهواء..
عيناها تنظر إلى النجوم مرة وإلى الطبيعة المحيطة بها مرة أخرى، والهواء يأتي من النيل ورائحة المياة تفوح في المكان على الرغم من أنها تبتعد عن هنا بكثير.. ولكن ربما هي المياة التي بالخارج..
انخفضت بجسدها وهي تسير وتستكشف المكان في الظلام الدامس وبتلك الملابس السوداء، سارت إلى أن وصلت إلى خلف القصر..
انخفضت لتعبر من أسفل تلك الأسلاك الموضوعة لا تعلم أهي حماية أم لتدخل في لحم جسدهم..
وقفت وقلبها يدق بعنف وخوف كبير وداخله يقرع من الفزع الذي تعرض إليه عندما استمعت إلى صوت غريب صعق أذنها:
-اقفي عندك
استدارت تنظر إلى الشخص الذي ارعبها فوقع قلبها بين قدميها ليس فقط ارتعب، واتسعت عينيها بخوف ورعب شديد وهي ترى رجل طويل وعريض المنكبين وضخم بالنسبة لحجمها يقف في الظلام خلفها يرفع عليها سلاح!..
❈-❈-❈
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية سجينة جبل العامري)