رواية ساعة الانتقام الفصل التاسع والعشرون 29 بقلم دينا أسامة
رواية ساعة الانتقام البارت التاسع والعشرون
رواية ساعة الانتقام الجزء التاسع والعشرون
رواية ساعة الانتقام الحلقة التاسعة والعشرون
كانت “ميسون” في المطبخ تُحضر الفطار في الصباح الباكر، دلفت إليها الأم وهي تقول :
– ما بلاش كليه النهارده ي ميسون، أنتي منمتيش من إمبارح ي حبيبتي هتروحي إزاي.
قابلتها “ميسون” مُبتسمه تردف :
– عادي ي ماما يعني هي جديده يعني، مانا في أيام الإمتحانات ببقى كده.
– ي بنتي أنتي في أيام الامتحانات بتبقي مُجبره لكن دلوقتي تقدري تاخدي المحاضرات من أصحابك وبلاها النهارده وادخلي نامي.
– ي حبيبتي صدقيني انا مش نعسانه بجد، بس لازم أروح النهارده لأن المحاضرات دي مش بفهمها من الريكوردذ لازم ابقي حضرتها.
– طيب ي بنتي أنتي أدري بمصلحتك.
قالتها “فردوس” بِقله حيله ثم أكملت :
” طيب وشهد ي بنتي هتقعد لوحدها كده؟! دي ي عيني قاعده في الاوضه ساكته وتحسي في عنيها حزن الدنيا كله”
– هي صحيت ي ماما؟! أخص عليكي مقولتليش ليه أدخلها اقعد معاها شويه قبل ما امشي.
قالتها “ميسون” وهي تترك ما بيديها ثم ولجت إليها فوراً.
وبالداخل.
كانت “شهد” تستند بظهرها علي السرير شارده الذهن حتى أنها لم تنتبه إلى ميسون التي دلفت وبدأت في الحديث.
– عامله إيه دلوقتي طمنيني؟؟
قالتها “ميسون” بتوجس لتستدير إليها شهد بهدوء وهي تعتدل في جلستها قائله :
– الحمد لله.
حمحمت “ميسون” بحرج وهي تجلس مُقابلها تقول :
– متزعليش من “رجائي” هو أكيد مكنش يقصد حاجه بكلامه، وانا السبب علفكرا لأنه منبه علينا إننا منقولش على وظيفته قدام أي حد وكنت هقولك بس..
لم تُكمل كلامها عندما قاطعتها “شهد” تقول بلهجه ضعيفه :
– أنا مش زعلانه بس ممكن طلب؟
– اكيد طبعاً.
قالتها “ميسون” بسعاده لترد هي :
– ممكن تساعديني أدخل الحمام.
– أنتي مش قادره تقومي!
قالتها “ميسون” بخجل وحزن ثم اردفت سريعًا :
– ايوه طبعًا يلا بينا.
امآت لها “شهد” تنهض معها مُتحامله حتى وصلت إلى الحمام، بينما “ميسون” عادت إلى غرفتها وأخرجت ثيابها ثم بعد ذلك ارتدت سريعًا وخرجت إليها تُساعدها.
– أنتي خارجه؟
قالتها “شهد” تنظر إلى ثيابها لتومأ هي بالإيجاب تردف :
– أيوه نازله جامعتي.
– في كليه إيه بقي؟
قالتها” شهد” بإنتباه تعتدل في جلستها لتُجيبها :
– كليه الحقوق جامعه القاهره.
– ما شاء الله ربنا معاكي
بس بتروحي إزاي من هنا مش الموضوع صعب عليكي كده!
– لأ مش صعب ولا حاجه، أنا بروح يومين في الأسبوع بس والباقي بقي بخلي اصحابي يبعتولي بقيه المحاضرات و “رجائي” بيوصلني.
نظرت إليها “شهد” بحزن بعدما تذكرت ما حدث أمس، تتذكر كيف كان يوبخها، كيف كان قاسي معها كارهًا رؤيتها، بل حزنت أكثر عندما عَلِمت أن “ميسون” ستذهب وهي ستظل بمفردها في هذه الغرفه، فاقت من شرودها على صوت “ميسون” التي كانت تقول وهي تُهندم نفسها وبدأت في ارتداء حجاب بسيط تضعه بشكل عشوائي :
– روحتي فين!
– معاكي اهو
هو أنتي مُحجبه؟!
قالتها “شهد” بتعجب لتستدير إليها “ميسون” تقول بتوضيح :
– حاجه زي كده بس انا بلبسه بالطريقه دي من سنه علشان بس المكان اللي احنا قاعدين فيه، انتي عارفه أنها قريه ولازم نبان إننا زيهم عمل ما الفتره دي تخلص.
امآت لها ” شهد” والفضول يقتلها عن إقامتهم الجبريه في هذا المكان، فأقسمت أن يوجد شئ كبير خلف هذا “رجائي” وليس كأي ظابط.
خرجت “ميسون” بعدما ودعتها لتجد “رجائي” ينتظرها بالخارج.
– ماما ابقي اقعدي مع شهد لحد ما ارجع لأنها لسه تعبانه، انا على عيني والله إني ماشيه وسيباها بس مُضطره.
قالتها “ميسون” بأسف لتومأ لها الأم ثم رحلت هي تجلس بسيارته وهي تقول بتأنيب له طِيله الطريق :
” مكنش ينفع تكلمها بالأسلوب ده ي رجائي، شهد ضيفه وانت احرجتها وهِنتها”
– وأنتي مكنش ينفع تتكلمي في حاجه تخصنا قدامها! أنتي عارفه أن مفيش مخلوق يعرف عننا حاجه ولازم نفضل عايشين الفتره دي كده.
– ايوه ي رجائي بس مش منطقي عيشتنا دي! ما في ظباط كتير حد فيهم عايش العيشه دي ومتخفي في هيئه واحد قروي كده!
– سبق وقولتلك أنا غير، في مهمه معينه تستدعي الكِتمان الفتره دي وهانت علفكرا ونرجع بيتنا.
– ي حبيبي انا مقصدش بكلامي إني كارهه العيشه في القريه، بالعكس انا استمتعت هنا اوي، الناس كده لذيذه وبيحبوا بعضهم، انا اقصد ليه محدش يعرف إنك ظابط غيري انا وماما؟!
– علشان محدش ينفع برضو يعرف، بلاش كلام بقي واقرأي الأذكار دلوقتي.
امآت له بعدم فهم وهي تفعل ما قاله في صمت.
******************
بينما بالفندق، كانت ” تُقي” قد فاقت وكانت تجلس معها “مها” تقول بإطمئنان :
– أنتي أحسن دلوقتي؟
امآت لها “تُقي” بحب تقول :
– الحمد لله، شكرًا ي مها بجد.
– على إيه بس.!
– يعني على إنك من بدري معايا ومتابعه حالتي، تعرفي انا بصراحه مكنتش اتوقع حاجه زي دي منك.
عقدت “مها” حاجبيها بعدم فهم تقول :
– حاجه زي دي إزاي مش فاهمه!
– يعني كنت حساكي حد تقيل الدم كده وفي حاله ومش بيفرق معاكي اللي حواليكي، بس طلعت نظرتي فيكي غلط، أول مره نظرتي في حد تخيب.
قالتها “تُقي” مُبتسمه لتُبادلها “مها” مُبتسمه بهدوء ترد :
” أنا مبسوطه إنك فوقتي وأن شاء الله تتحسني علطول”
اعتدلت “تُقي” في جلستها تقول مُتسائله :
” إلا قوليلي ي مها شفتي شكل البنت اللي انا انقذتها من الرصاصه؟”
– بصي انا شفت فعلا البنت من بعيد بس مركزتش في ملامحها، بس الباشمهندس أكرم أكيد شافها.
– طيب انا عاوزه اقابله ضروري ي مها.
– خير في حاجه؟!
قالتها “مها” بعدم فهم من لهجتها وحالتها لترد هي مُسرعه :
– أيوه في حاجه لازم أعرفها عن البنت دي، ممكن تتصلي بيه تبلغيه إني عاوزه أشوفه.
– طيب انا نازله دلوقتي اشوفه متتعبيش نفسك أنتي.
قالتها “مها” ترحل مُتجهه إلى الأسفل بينما بالداخل “تُقي” تحاول فتح هاتفها وهي تُظهر صوره لأختها كي تُريها إلى أكرم لكي تتأكد ظنونها.
وبالأسفل كان أكرم وبقيه الجروب يعملون بِجد منذ الصباح الباكر، اقتربت “مها” إليهم وهي تفتح هاتفها كي ترى الساعه، ابتلعت لعابها وقتها بتوتر وهي تقول :
– صباح الخير.
نظر إليها شزرًا ثم هتف بصوت اجش :
– ما لسه بدري ي باشمهندسه! أنتي جايه هنا تنامي ولا إيه!
– آسفه بجد مأخدتش بالي من الوقت لأني..
أشار بيديه علامهً كي تتوقف وهو يقول :
– اتفضلي ابدأي شغلك أول وآخر مره، انتو مش متخيلين المشكله اللي إحنا فيها، المشروع طلع ضخم ولازم كلنا بكل مجهودنا نشتغل عليه وإلا بالطريقه دي هنقعدلنا 10 أيام كمان على الأسبوع، بلاش الطريقه بتاعتكم دي علشان نخلص ونرجع، انا سايب الشركه بدون مدير ولازم أرجع في خلال الأسبوع ده، كل حد فيكم يشوف شغله حتى لو مش هتناموا الاسبوع ده بلاش إستهتار ي باشمهندسين.
توترت هي بعدما أنهى حديثه وهي تُعيد شعرها إلى الخلف، ثم بدأت تحوله إلى شكل “كحكه” عشوائيه، وجلست مكانها تجذب أدواتها وبدأت في العمل حتى أنها تناست أمر “تُقي” وما قالته.
وبعد قليل شعرت بالجوع وهي تنظر إليه بخوف من نظراته التي كانت تلتهمها، ابعدت عينيها عنه بتوتر تقول بصوت خافت :
” هو بيبصلي كده لي”!
دق هاتفها في هذا الوقت لترد فوراً بعدما لمحت إسم المتصل تقول بلهفه :
“ماما” إزيك ي حبيبتي عامله إيه.
– أنا بخير ي حبيبتي، طمنيني عليكي.
آتها صوتها الضعيف لترد هي بخوف :
“ماما انتي كويسه”! صوتك ماله!
– كويسه ي حبيبتي، انا كنت قاعده فاضيه قولت إتصل اطمن عليكي.
– والله ي ماما دايمًا في بالي، ادعيلي اخلص وأرجع علشان وحشتيني اوي.
– وأنتي أكتر ي نور عيني، أنا عاوزه أعرفك أن فلوسي كلها اتحولت لحسابك ي حبيبتي وصيغتي وكل مجوهراتي هنا في الشقه، هتلاقي مفتاح الخزنه ورا تسريحتك ي حبيبتي.
توترت “مها” من ما سمعته تنهض من مكانها فجأه بملامح خائفه في وسط إندهاش الجميع ومن بينهم أكرم الذي عقد حاجبه بتذمر تردف هي :
“ماما انتي فيكي حاجه! ماما قوليلي مالك الله يخليكي، هو رجع ضايقك تاني؟!!.. قوليلي ي ماما متخبيش عليا”
– ي حبيبتي اطمني مفيش حاجه، انا حبيت بس ابلغك باللي عملته وبعدين ما فلوسي في النهايه هتبقي فلوسك.
قالتها “الأم” بلهجه ثابته إلى حد ما لترد “مها” بشك :
” ارجووكي قوليلي فيكي إيه، الحقير ده لو كان قرب منك انا هقتتله مش هيكفيني فيه السجن ”
– لأ ي بنتي أنا مبقتش اشوفه متقلقيش عليا المهم خلي بالك من نفسك ي حبيبتي وزي ما قولتلك، يلا دلوقتي علشان شغلك، هبقي أكلمك في وقت تاني.
اغلقت معها وهي تبكي بألم تحاول لمس تلك الجروح التي كانت تفترش جسدها بالكامل لكنها فشلت وهي تشهق بوجع تقول وسط شهقات بكائها :
” ي رب ي رب أنت كبير ومش بتحب الظلم، ي رب ريحني بقااا، احميلي بنتي ي رب وابعده عنها، حنن عليها القلوب الجاحده ي رب وابعتلها طوق نجاه يحميها ويحبها.”
ظلت “مها” على وضعيتها عندما اغلقت معها تنظر في الفراغ بخوف وهي تعلم أن بها شئ، وتعلم أن هذا الذي يُدعي أبيها عاد مُجددًا وعاد معه شره ومكره.
– للدرجادي مش مركزه معانا خالص!
قالها ” أكرم” بغيظ وغضب ولم يكتفي بهذه الجمله بل أكمل :
” باشمهندسه أنتي مكنش ينفع تكوني معانا من البدايه.”
رمقته هي بغضبٍ لأول مره تردف :
“ممكن أفهم أي مشكله حضرتك معايا؟!”
عقد هو ذراعيه بصدمه من جملتها ثم اعتدل في وقفته يقول بلهجه ساخره :
” هو فعلآ بقي فيه مشكله! إنك مكنش ينفع تبقي معانا في المشروع ده، أمثالك ملهمش شغل في شركه محترمه زي دي”
آهٍ وألف آهٍ لو يعلم كيف شعرت وقتها بعد إنتهاء جملته حتى أنها لم تشعر بنفسها عندما سقطت دموعها الخائنه، تلتقط هاتفها بيدها مهروله من أمامهم وهي تمسح دموعها، بينما هو ظلت عيناه مُسلطه عليها حتى اختفت، ابعد نظره وقتها يضع يديه في سرواله مُتنهدًا بحيره.
دلفت غرفتها ودموعها كما هي تسيل بدون هوادة وكأنها انتظرت الانفجار لتخرج كما البركان، ارتمت خلف الباب تنفجر باكيهً كما الطفله الصغيره وكلِماته القاسيه تتردد في إذنيها، ازداد صوت نحيبها بقدر كتمانها لعمرٍ بأكمله مضى عليها صامته، وحينما أدركت وضعها انتفضت واقفه تخرج غضبها على الغرفه بأثاثها، تركل كل ما يقابلها بل تكسره بالكامل، لم ترتاح بل ازداد الأمر سوءاً حينما قابلتها صورهً له تغفو عليها كل ليله بأمل، ركضت نحوها تجلس على ركبتيها تتلمسها بأطراف أصابها تنطق بصوتٍ مختنقٍ ودموعها تنهمر على وجهها وهي تمرر أناملها على زجاج الصوره :
” أنت بتكرهني ليي!”
****************
وعند آيه بغرفتها كانت تجلس في وضع التقوس تضع جبهتها على ساقيها شارده الذهن.
فاقت من ذاك الشرود على صوت طرقات “فريد” همت لتفتح له ثم دلف هو بتعجب يقول :
” إيه أتاخرتي كده ليه عمل ما فتحتي!”
– ابدًا كنت سرحانه شويه.
– سرحانه في إيه!
– في كل حاجه ي فريد، اللي بعيشه ده كفيل إنه يخليني أفضل سرحانه طول عمري.
قالتها هي بألم وقِله حيله تجلس أعلى الفراش وهي ترتشف كوبًا من المياه لعلها تهدأ.
اقترب هو يجلس على الجانب الآخر يحاول بث الطمآنينه إلى قلبها بقول :
” كل اللي جاي خير ي آيه، عدي كتير مبقاش غير قليل”
انتبهت هي لجملته تُعاود سؤاله بإستنكار :
” اهو كلامك ده اللي بيخليني أفكر ي فريد، أنت عارف حاجه مهمه انا مش عارفاها صح؟!” طيب لي مخبي عليا! لي بتعاملني شويه بحب وشويه مش طايقني! ”
– هانت ي عيون وروح فريد.
قالها داخله ينظر إليها بحب، لو تعلم هي كيف يعشقها.. لم تُبالي لأفعاله بعد الآن.
– أنت بتبصلي كده لي!
– هو أنا لو طلعت مخبي حاجه مهمه اوي عليكي بس كل ده علشان مصلحتك هتسامحيني!
اعتدلت هي بجلستها بتوتر وقلق من جملته التي اثارت ريبه غريبه تقول :
” حاجه كبيره!”
– بس علشان مصلحتك وأمانك!
– على حسب إيه هي الحاجه.
قالتها “آيه” بتوتر تُكمل :
” ممكن تحكيلي بقي؟!”
– مينفعش دلوقتي.
– لييي مينفعش… ليييي ممكن أفهم، إيه هي الحاجه اللي خايف ومتردد تقولهالي بالطريقه دي!! أكيد الموضوع كبير، فريد الله يخليك طمني انا خايفه.. خايفه أكون اتخدعت فيك!
رمقها هو بصمتٍ حائر يُراقب نظراتها التي كانت تحاول بها أن تستشف إجابته لكنها فشلت عندما رد هو بالمقابل :
” فريد لا يمكن يخدع آيه” ده اللي اقدر اقولهولك دلوقتي واطمني كل حاجه هتبقي بخير وهتعرفي في الوقت المناسب ومن الشخص المناسب.”
شعرت بالاضطراب من جملته هذه” أي الشخص المُناسب” لم تفهم ماذا يُعني بكلِماته حتى أنها مسحت وجهها مُتنهده بحيره ترد :
” طيب ي فريد أنا مُنتظره، مش بإيدي حاجه غير إني أفضل قاعده مُنتظره ”
– لأ بإيدك!
نظرت إليه بتعجب تقول :
– مش فاهمه!
– بإيدك إنك تقومي دلوقتي تلبسي وتنزلي معايا عازمك على أكله سمك إنما إيه من اللي قلبك يحبه.
قالها “فريد” مُترقبًا رد فعلها بعد جملته، يعلم جيدًا أنها في امسْ الحاجه إلى هذه الخروجه، قابلته هي بصدمه تحاول إستيعاب جملته مُنتفضه من مكانها تهتف :
” أنت هتخرجنيي!! احلففف! قول والله!
– والله.
قالها هو بضحك على حالتها حتى إنه لم يُكمل جملته عندما قفزت مولجه إلى المرحاض تُجهز نفسها ثم عادت سريعًا إليه تقول :
” مش بقولك إنفصام مصدقتنيش”
ثوانيٍ واستوعب جملتها لينفجر ضاحكًا، ينهض مُتجهًا إلى الشرفه ينظر بتفكير يهمس من بين شفتيه :
– ي ترى إيه هيكون رد فعلك!
****************
وعند “ريم” كانت تجلس رِفقه “هنا” في صاله الجلوس ومعهم سوسن وأمها وناهد، تقول ناهد بخجلٍ من ابنها :
” معلهش ي ريم ي حبيبتي أنتي عارفه خالد، دماغه مريحاه شويه يعني أنتي تايهه عن إبن عمك!”
– بقيت واخده على كده منه ي ماما ناهد، خالد أتغير عن زمان كتير مكنش كده، كان حنين عليا أوي، مش عارفه جراله إيه!
– مهو برضو ي ريم لو حد مكانه هيتعصب ويعمل أكتر من كده… خالد حمش اوي وطبيعي بعد ما بيشوف الفديوهات والصور ده يضايق.
قالتها ” ورد” بِدفاع لترد “ريم” بالمُقابل :
– لأ ي ماما ده مش مُبرر، خالد بيحط اللوم عليا في كل مره بدون ما يفهم حتى ”
– وهو أنتي ي بنتي قولتي حاجه ولا اتكلمتي علشان يفهم؟! ي بنتي طبيعي يعمل كده وهو مش فاهم ليه الناس دي بتهددك وانتي ساكته طول الوقت.
ارتبكت ريم وقتها وهي تفرك كِلتا يديها بتوتر تُتابعها ” هنا” التي تعلم كل شئ، كادت أن تتحدث ريم وقتها لكن توقفت بصدمه عندما اردفت “سوسن” دون وعي منها :
” خالد زي أبوه الله يرحمه”
ابتلعت “ريم” لعابها بتوتر وهي تتذكر تلك القلاده وصوره عمها بنصف القلاده والنصف الآخر لشهد.
نظرت إليها “ناهد” في هذه الاثناء بتعجب تقول :
– فعلاً ابو خالد الله يرحمه زيه بالظبط.. بس غريبه أنتي عرفتي منين؟!
ارتبكت “سوسن” تقول بتوتر :
” أبو شهد الله يرحمه كان بيقول عليه كده دايماً”
امآت “ناهد” لها مُؤيده لحديثها لكن ريم كانت تتلاعب بنظراتها صوب “سوسن” وما تُخفيه هي الأخرى عن الجميع.
ترجل “خالد” من شقته بعدما استعاد هدوئه وثباته من جديد وهناك رغبه قويه تعتريه في تدمير هذا الذي يُدعي”ماهر” فقد تطاول عليه أكثر من مرهٍ، من يظن نفسه هو!
وقعت عينيه عليه عندما رآه مُتجهًا صوب شقه عمه، نظر إليه “ماهر” وملامح التعب والحزن ترتسم وجهه، اردف وقتها إليه :
“خالد عاوزك معانا في موضوع مهم هتكلم فيه.”
رمقه “خالد” بغيظٍ وغل في صمتٍ ليُعيد “ماهر” حديثه يقول :
” موضوع يخص ريم ويخص الصور اللي بتتبعتلها”
إنتبه “خالد” لجملته قليلاً لكن عقد حاجبيه وقرر أن يرحل من أمامه دون رد، تابعه “ماهر” بعدم فهم لكينونه هذا الشخص الذي لم يفهمه منذ اللقاء الأول.
وعندما دلف “ماهر” رحب بِه الجميع ومن بينهم ريم التي توترت من وجوده، لكنها شعرت أنه ليس يبدو على ما يُرام فهيئته كانت تُوحي بذلك هذه المره، جلس معهم خمسه دقائق ثم اعتدل في جلسته يردف مُوجهاً نظره إلى ريم التي كانت تُلقي نظره عليه من حينٍ لآخر :
” عاوز اقعد مع الدكتوره شويه لو مفيش مانع”
انتبهت “ريم” لجملته بعدم فهم تنظر إلى أمها التي اردفت سريعًا :
” وماله ي بني تحت أمرك”
نهضوا جميعًا مُتجهين إلى مكان آخر، تنظر إليه ريم وهي تقول بصوت بدي ثابت وقوي رغم خجلها :
” خير ي ماهر بيه”
اعتدل أكثر في جلسته، يمسح وجهه وهو لا يعلم من أين يبدأ لها! لكنه قرر سرد لها ما دار بينه وبين مدحت في لحظِاته الاخيره “رحمه الله عليه” :
” مدحت اتوفى”
ابتلعت ريقها بصدمه وخوف في آنٍ واحد فور ذكر إسمه، نظر إليها يُتابع ملامحها التي تبدلت وكم كان يبدو عليها الخوف والألم، لم يستطع أن يلومها بعد ما سمعه لكنه أكمل حديثه :
” مات بين ايدين ربنا… مدحت مات وهو بيصلي”
ابعدت هي نظرها في صمتٍ فرغم نفورها فور سِماع إسمه لكن رق قلبها لِما قاله “ماهر” تمسح جبهتها التي تصببت عرقًا، انحني “ماهر” بجزعه العلوي ويديه مُتشابكه يقول :
” مدحت حكالي على كل حاجه ي دكتوره”
– ربنا يرحمه ويسامحه.
قالتها هي لكنها لم تنسي ما فعله.
نظر إليها ثوانيٍ يُتابع صمتها ووجهها الذي بدي عليه الحزن بل عينيها التي كانت تلتمع بالدموع لكنها تُجاهد نفسها كي لا تنفجر وتسقط، حمحم هو بحرجٍ يقول :
” مدحت مات وهو تايب وعرف غلطه، كانت امنيته قبل ما يموت إنك تسامحيه”
– اللي بيسامح العباد ربنا مش البشر.
قالتها “ريم” بلهجه قويه توقعها هو ليردف بتبرير :
” صدقيني مدحت تاب وبالنسبه للصور والفديوهات اللي كانت بتتبعتلك كنوع من التهديد كانت سبوبه من حد تبعه إسمه شوقي حب يستفاد من وراه بقرشين لكن هو ميعرفش عنهم حاجه ”
ابتسمت “ريم” بسخريه من تبريره غير المنطقي تُعيد وجهها إليه وهي تقول بصوت لا يحمل الثبات بتاتًا وسط دموعها التي سقطت :
” وهو قالك بقي أنه قتل اخويا!!.. قالك الجريمه البشعه اللي عملها! ولا ده حضرتك شايفه عاادي؟!”
ابتلع ريقه بتوتر من لهجتها وانهيارها وشهقات بكائها التي ارتفعت وهي تحاول كتمها، كور يديه بطريقه خفضت نسبه توتره يقول بصوت لا يحمل الثبات عكس عادته :
” طبعًا مقصدش كده ي دكتوره، محدش عمره ينكر جريمته وجرايمه اللي عملها، وده بينه وبين ربنا، ربنا كبير وشايف اللي عمله واكيد هيتعاقب على جرايمه، انا مش جاي ادافع عنه بحجه إنه كان صديق ليا الله يرحمه لكن جاي أقولك على اللي شفته في عينيه قبل ما يموت، مدحت تاب من فتره وكان نفسه تسامحيه وبلغني إني أوصلك رسالته دي”
– طيب كتر خيرك، في حاجه تانيه حضرتك عاوز تقولها؟!
قالتها “ريم” ببكاءٍ وهي تنهض عاقده ذراعيها أمام صدرها تُبعد نظرها عنه تتذكر تلك الليله التي سلب منها روح حبيبها الأول والأخير.
وقف”ماهر” مُقابلها يقول بتوضيح لصدق نيته :
” صدقيني دي رسالته اللي كان لازم اوصلها ليكي واعمل اللي عليا، وانتي حره بينك وبين نفسك، قدرتي تسامحيه يبقى كتر خيرك، مقدرتيش محدش هيجبرك وده حقكك”
انهت حديثها معه سريعًا كي لا تستمع مُبرراً منه، بينما هو خرجت منه تنهيده مُثقله، تُشكل الحيره خطوطها في عينيه الضائعه وامتزجت بلمحه حزينه عندما اردف قبل أن يرحل :
” انا آسف لو كنت ازعجتك بكلامي، عن إذنك ”
تعثر في خطواته عندما شعر بغثيان ودوار يستند أعلى أحد الكراسي، يمسك رأسه بقوه مُجاهدًا نفسه لكن لم يبقى على هذا الحال كثيرًا عندما سقط فجأه مُفترشًا الأرض بإنهاك ووجهه الذي بدي عليه التعب
صرخت هي بصدمه تركض إليه وهي تجثو على ركبتيها بخوف من هيئته تهتف :
” ماهر بيه إيه حصلك!… ي مامااا ي مامااا الحقوووني”
****************
وبينما في مكان غامض “بالغردقه” قد وصل زياد يجلس يشعل سيجاره والدخان يحوم حوله.
أمامه شخص يقول بلهجه قويه :
” أنت تاخد أختك وتختفي من مصر كلها الفتره دي أنت سامع؟!”
نظر إليه زياد بغيظ يطفي سيجارته بيديه وعينيه قد بدأت بالإحمرار :
” عاوزني اهرب! عاوزني اهرب ومحققش هدفي! ده بُعدددك… فريد الجِداوي وآيه سليم وحط معاهم ماهر الطوخي حبيبنا، لازم اقتلهم بنفسي وأكمل انتقامي، أنت نسيت إني نفذت جزء بسيط من كلامي وخلصت على سمير النوبي!
– زياد أعقل أنت كده في خطر واحنا كلنا في خطر… ماهر شكله بيلعبها من زمان اوي وفاهم كل حاجه وعامل فيها عبيط… ماهر الطوخي مش بيخسر وأنت عارف وانا كمان مش هسمح لده فخد أختك لو خايف عليها وسافروا واحنا هنتصرف… كلنا هدفنا واحد ومشترك واللي موجود فينا هيسد.
– تؤتؤ.. معنديش الكلام ده ي باشا… انا انتقامي هاخده بإيدي حتى لو ده كلفني حياتي بس مش قبل حياتهم.! وآه صحيح مين الجدع اللي كان ملقحه عليا ماهر وفاكر إننا مش هنعرف؟!
– بنحاول نعرف هو مين لكن ملوش اثر من يومها بس شكله مسنود وعارف هو بيعمل إيه.
– الواد ده كمان ضيفه ضمن الليسته اللي اتجرأ ومد إيده على زياد طنطاوي طب ورحمه أختي اللي في تربتها مانا سايبهم.
******************
وصلت “آيه” معه إلى منزل جميل لكنها لم تحدد له موقع فقد كان بعيدًا كل البُعد عن الأعين تنظر إلى “فريد” الذي كان مُمسكًا بيديها بحرصٍ تقول :
” إيه المكان ده ي فريد!”
– محضرلك مفاجأه.
قالها هو بإبتسامه خفيفه، فلا يعلم ماذا ستكون رده فِعلها بعد ما تراه، تسير رِفقته بعدم فهم تدلف ذلك المنزل الجميل الذي كان يشبه قصرها في كل شئ حتى في روحه.!
اخذت تجول بِه وعينيها تلتمع وهي تقول :
” البيت تحفه ي فريد يجنن بجد! شبه القصر اوي !”
اقترب هو منها يجذب يديها مُعلقًا عينيه أعلى وجهها بحنان يقول بشجاعه هذه المره :
” لو قولتلك إنك روح وعقل وقلب فريد هتعملي إيه؟!”
اخفضت بصرها في خجل، على شفتيها ارتسمت بسمه تلقائيه شقّت طريقها لتزين ملامحها الهادئه، ثوانيٍ ورفعت له ناظريها ورمشت تجيبه بضحكهٍ سلبت منه ما تبقى من عقله :
” طيب والانفصام؟!”
– لأ خلاص ماحنا انفصلنا.
قالها هو بضحك على حالتها تضحك هي مُقابله ثم اخذت تجول بالمنزل وهي تقول :
– طيب بيت مين ده ي فريد!
– بيتك ي عيون فريد.
– بيتي أنا!!
قالتها هي بعدم فهم لتجده مُتجهًا إلى صوره كبيره كانت مُعلقه أعلى الحائط لكن كانت مخفيه بِستاره أمامها، ثوانيٍ وشهقت ببكاءٍ واشتياق وهي تقول عندما سارت إليها تتلمس زجاج الصوره :
” وحشتنييييي اوي اوي ي بابا… وحشتني”
– الجميل بيعيط ولا إيه؟؟
آتها هذا الصوت من الخلف وهي تشهق بصدمه من هذا الصوت التي تحفظه عن ظهر قلب تستدير ببطئ وفريد يُتابعها والابتسامه تعلو وجهه، وما هي إلا ثوانيٍ معدوده واستدارت بشكل كامل حتى تيبست قدميها وبدأت ترتعش من الصدمه وعينيها مُعلقه على” أبيها” الذي كان يقف أمامها بكامل صحته يفتح لها ذراعيه بحب وابتسامه جميله على ثغره.
ابتلعت ريقها بعدم إستيعاب وهي تضع يدها أعلى صدرها ترمقه بصدمه وقد بدي على ملامحها الصدمه القويه، كاد أن يردف “فريد” بخوف على حالتها حتى وقعت بين يديه فاقده للوعي.
يتبع……
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية ساعة الانتقام)