رواية سدفة الفصل التاسع عشر 19 بقلم آية شاكر
رواية سدفة الجزء التاسع عشر
رواية سدفة البارت التاسع عشر
رواية سدفة الحلقة التاسعة عشر
جلس «رائد» على طرف فراشه دون تعليق وكأنه ينتظر محمد أن يكمل، فأردف محمد:
“كل الحكاية إني طلبت منها تنادي بـا….”
استدرك ما كان سينطقه«بابا» وصحح مستطردًا:
“طلبت منها تناديلي عمي ضياء وهي ملقتهوش ورجعت تعتذرلي…”
نهض رائد ووقف قبالته يُطالعه بنظرات حادة وهو يصر على أسنانه بغيظ قائلًا:
“طيب ياريت لما تحتاج حاجه بعد كده تطلبها من الرجاله… وملكش دعوه بالحريم…”
تدفقت الد**ماء لوجه محمد الذي قال في ارتباك شديد:
“متفهمنيش غلط والله ما قصدت حاجه وأختك في مقام أختي واللي مرضاهوش على أختي مرضاهوش على بنات الناس… كل الحكايه إن هي اللي كانت قدامي فسألتها”
كان رائد يتفرس خلجات وجهه انفعالاته وهو يتحدث، صمت هنيهة ثم جلس على المقعد قال في هدوء:
“باين عليك شخص محترم… هو إنت شغال إيه؟!”
تنهد محمد بارتياح بعدما صدّق رائد ما قاله..
أخذ يتحدث عن نفسه ودراسته وعمله وكذلك رائد حدثه عن نفسه وعن بعض قشور حياته حتى حانت لحظة النوم واستلقى كل منهما على جانب الفراش، وبينما رائد يعبث بهاتفه خاطبه محمد الذي يمسك هاتفه أيضًا:
“أتمنى ميزعجكش إني هشاركك السرير الليله”
رائد بمرح:
“إوعى تكون بتشخر!!”
محمد بضحك:
“مش عارف! بس محدش اشتكى مني قبل كده”
ابتسم رائد قائلًا:
“ربنا يستر”
ولاه محمد ظهره بعد أن قال بابتسامة:
“متقلقش… تصبح على خير”
رد عليه رائد وهو ينظر لظهره بينما هو تنفس بارتياح لمرور اليوم بسلام…
ظل رائد يعبث بهاتفه يقلب بين الصور التي التقطها لأخوته ولنداء حتى غلبه النوم فسلم جفونه في خنوع ومن داخله يدرك بأنه لن يستطيع محادثة نداء فجر اليوم فمن ناحية محمد يشاركه غرفته ومن الناحية الأخرى بنات عمته ريمان وريناد لم تغادرا بعد وتتمشان بالبيت بحرية دون الاكتراث لوجوده أو لوجود أخر غريب بالبيت!
بقلم آيه شاكر
لا تغفلوا عن الدعاء لإخواننا في فلسـ ❤️ ـطين
★★★★
مع إشراقة شمس الصباح استيقظت نداء على صوت عهدته لـ عصفوره تنقر زجاج غرفتها كل يوم في نفس الميعاد، فتحت جفونها بخمول وما أن أبصرت شعاع الشمس الذهبي يخترق النافذة حتى جحظت عيناها تذكرت رائد وأخذت تبحث عن هاتفها….
وحين التقطته خاب أملها فلم تجد أي مكالمة فائته سوى وئام التي طلبتها كثيرًا، أطلقت تنهيدة طويلة وهي تتحسس رأسها وتتذكر ما حدث بالأمس ثم نهضت من فراشها لتخرج من الغرفة فالتقط بصرها انعكاس صورتها في المرآة وبعدما مرت من أمامها عادت مرة أخرى بظهرها، وبأعين متسعة، مذهولة ومصدومة ثم نطقت بفزع:
“أنا تخنت أوي”
أخذت تتفحص جسدها الذي لا يوصف إلا بالهزيل وهي تنهر نفسها لإهمالها ممارسة الرياضة وتركها الحمية الغذائية، ركضت لتقف على الميزان وهنا كانت صدمتها الأعظم حين قرأت زيادة وزنها بضعة كيلوغرامات…
قالت بإرادة:
“من النهارده دايت ورياضه ورياضه ودايت….”
خرجت من غرفتها تزامنًا مع وضع والدتها لرقائق البطاطس في الزيت المغلي، وعندما أبصرت دينا ابنتها قالت:
“حمرتلك شوية بطاطس وطعميه يستاهلوا بوقك”
كانت تنطق الجمله بأبدال حرفي الحاء والعين هاء، فقالت نداء متهكمة ونازقة:
“تاني مهمر يا ماما”
أردفت وهي تبحث عن مسحوق الكمون لتغليه:
“من النهارده مفيش مهمر…. من النهارده هرجع أكل مسلوق ومش هاكل أي نشويات”
طالعها دينا وهي تقول:
“طيب على فكره بقا المشويات صحيه… أنا بشوف ناس عاملين دايت وبياكلوا فراخ مشويه وسمك مشوي…”
أردفت وهي تقلب البطاطس:
“اه ما أنا مش جاهله برده”
نداء بنزق:
“مشويات إيه!! بقول نشويات يعني كربوهيدرات…”
صكت دينا صدرها وهي تقول:
“بهارات! يعني كمان هتاكلي الأكل من غير بهارات…”
نداء مستنكرة:
“بهارات إيه!!”
تجاهلت دينا ابنتها وأخذت تردد بحسرة:
“أنا مش عارفه عملت إيه في حياتي عشان ربنا يبتليني ببنت هبـ ـله…”
أومأت نداء رأسها فهي تحفظ تلك الكلمات المتكررة!
حركت دينا إحدى يديها أمام وجه نداء وهي تستأنف بحنق:
“يا بت الناس كلت وشي… إنتِ لو حد نفخ قصادك هتطيري”
وبعد تنهيدة قالت نداء:
“ماما أرجوكِ بلاش الإسطوانة دي من جديد”
زفرت دينا بيأس قبل أن تقول:
“طيب يلا افطري عشان هنروح لطنط شيرين”
نداء بتصميم:
” أنا مش هينفع أطلع من البيت قبل ما أنزل الأربعه كيلو اللي زدتهم دول”
“يا رشـــــدي”
كان صوت دينا المرتفع، فقالت نداء بتلعثم:
“ما هو يا ماما أنا دماغي لسه مفتوح امبارح هخرج ازاي؟!”
هتفت شيرين بنبرة مرتفعة:
“يا رشـــــــــــــدي”
تخصرت نداء قائلة:
“ناديله هو أنا هخاف يعني!”
وبعد لحظات ظهر شدي فاعتدلت نداء في وقفتها قبل أن يقول:
“إيه يا دينا مالك على الصبح؟”
قالت وهي تضغط أسنانها بغيظ:
“نداء مش راضيه تيجي معايا عند شيرين”
أطلق شهقة مدوية وهو يردد:
“نـــعــــم!! أومال إحنا شارينلك اللبس ليه!!”
حاولت نداء اختلاق أي عذر:
“يا بابا….”
قاطعها رشدي:
“تكونوا جاهزين كمان ساعه عشان تركبوا مع علي رايح يوصل طلبيه جنبهم هناك…”
تركهم وغادر بينما نفخت نداء بضجر وهي تردد:
“كمان علي أنا زهقت من العيشه دي!”
وهرولت لغرفتها وهي تغمغم بنزق ووالدتها تتابعها بابتسامة عابثة…
★★★★
“صباح الخير النهارده يوم الصباحيه وهنصورلكم كل حاجه”
قالها عمرو وهو يعبث بالبث المباشر على الفيسبوك الخاص بـ رامي، فقال عامر:
“اتأكد الأول إن الفديو بيتحفظ عشان ميضعش زي التاني”
“خد اتاكد إنت”
وبعد تنقيب من عامر قال ببهجة:
“أنا لقيت الكاميرا الأصلية مش البرنامج الرخم ده!!”
صوب الهاتف لعمرو، الذي قال بحـ ـماس:
“هنبدأ تصوير منين؟”
أخذ عامر يحك رأسه مفكرًا ثم قال بحـ ـماس شديد:
“هنبدأ من شقة رامي”
تسلل الإثنان كللصان حتى خرجا من الباب دون ملاحظة أحد وصعدا الدرج في سرعة وهرولة….
من ناحية أخرى استيقظ رامي من نومه على صوت جرس الباب نظر جواره فلم يجدها فزفر متنهدًا قبل أن ينهض من فراشه…
لم ينم طوال الليل كان يطالعها وهو نائمة والشك يحوم بقلبه، ما يؤرقه هو ظنه بأنه يعرف ريم حق المعرفه فهل كان واهمًا! هل هي شخص أخر لم يعرف خباياه!! وهل يواجهها أم ينتظر؟ كل تلك التساؤلات كانت تمور بجعبته!
بدأ يبحث عن هاتفه فرن جرس الباب مجددًا لذا خرج من غرفته ليجدها تقف بالمطبخ وقد أعدت طعام الإفطار، وعندما أبصرته ابتسمت وأقبلت نحوه وهي تقول:
“صباح الخير كنت لسه جايه أصحيك عشان تفتح الباب”
اتجه نحو الباب وهو يرد ببرود وجمود:
“صباح النور”
تجهم وجهها حين رأت ملامحه العابسه وقبل أن يفتح الباب سألته بقلق:
“مالك يا رامي من إمبارح وإنت متغير؟!”
لم يجبها وفتح الباب فدلف الصغيران ابتسم لهما وحياهما بحـ ـماس قبل أن يغلق الباب…
انحنى وقبّلهما ثم دلف للمرحاض وكانت تقف أمامه فأغلق بابه في وجهها في تجاهل تام أزعجها وضغط زر القلق بقلبها…
شعرت ريم بغصة في حلقها وهي تتسائل ماذا حدث؟ وما خطبه وكيف تغير هكذا بين ليلة وضحاها؟!! تُرى هل فعلت شيء ضايقه دون قصد أم ماذا حدث؟
تصاعدت ضحكات رغده الساخرة لرأسها، أغلقت جفونها فرأت نظرات صالح المتهكمة وابتسامة مؤمن المستهزئة وعيني والدتها الغاضبة فأجفلت وفتحت جفونها، لتجد عمرو وعامر يعانقاها فتصنعت ابتسامة وانحنت تقبّلهما في حنان ثم استأذنتهما لتحضر لهما قطع الحلوى…
وحين استدارت أطلقت العنان لدموعها الساخنة لتهطل على وجنتيها وباغتها صوت إغلاق بابا الشقة وحين خرجت لم تجد عمر ولا عامر فتعجبت!!
خرج رامي من المرحاض فجففت دموعها في سرعة، وقف خلفها وسألها:
“هما نزلوا؟”
أومأت رأسها وازدردت ريقها قبل أن تنطق بنبرة مهزومة:
“رامي”
التفت لها ومازال وجهه يرتدي قناع العبوس قال:
“نعم!”
صمتت هنيهة ثم سألته بنبرة مرتعشة:
“هو أنا زعلتك في حاجه؟”
تجاهل سؤالها واتجه صوب باب الشقة وهو يقول بجفاء لم تعهده:
“هنزل أشوف الموبايل بتاعي تحت كده وأجي”
صك رامي الباب خلف ظهره فهوت ريم جالسة وأخذت تبكي بنشيج مرتفع وكلمات رغده تمور في عقلها: “هتطلقي وهترجعي…”
حملت هاتفها وطلبت رقم محمد…
بقلم آيه شاكر
استغفروا♥️
★★★★
كان محمد يجلس بالشرفة الخاصة بغرفة رائد يتابع الطريق أمامه ويفكر في الأحداث السريعة التي تجري حوله وفجاة دوى هاتفه بالرنين وعندما أبصر اسمها «أختي» اتسعت ابتسامته وأجاب، وتلاشت ابتسامته حين تناهى لسمعه نشيجها، بل دب الرعب في قلبه حين نطقت:
“هو أنا لو اتطلقت هتقف جنبي”
قال بفزع:
“إنتِ بتقولي إيه يا ريم!! طلاق إيه اللي بتتكلمي فيه يوم صباحيتك!”
ارتشفت دموعها وهي تقول بأسى:
“يا محمد أنا عمري ما خوفت من حاجه إلا وحصلتلي”
سألها بقلق:
“إيه اللي حصل يا ريم؟!”
لم تجبه وارتفع نحيبها فاستطرد محمد بلهفة وقلق؛
“طيب اهدي أنا هكلم هيام دلوقتي وأتصرف واقابلك… بس اهدي عشان خاطري”
ازداد بكاء ريم ولم تعقب، فأغلق محمد وطلب رقم هيام التي أجابته بصوت مرتبك فقال دون تحية:
“هيام ساعديني أقابل ريم دلوقتي لو سمحتِ”
“دلوقتي!!! ليه فيه إيه مالها ريم؟”
“هتساعديني ولا اتصرف أنا”
“هـ… هساعدك…”
وحين سمعت هيام صوت رامي قالت بخفوت:
“دا صوت رامي!! بص أنا هعطله وإنت اطلعلها بسرعه ولما تخلص اديني رنه..”
قال بنزق:
“هخرج ازاي يا هيام!!!”
“متقلقش دقيقتين وافتح باب أوضتك وأخرج هكون ظبطتلك الدنيا”
وبعد فترة وجيزة كان محمد يعانق ريم التي تبكي بانهـ ـيار، سألها بلهفة:
“إيه اللي حصل يا ريم؟”
سردت عليه ريم ما حدث في عجاله وقصت عليه مخاوفها وكلمات أخواتها ووالدتها وتغيُر رامي المباغت، فطالعها محمد بصمت ممعنًا التفكير ثم قال:
“أنا مش قلقان إلا إن رامي يكون لاحظ حاجه بيني وبينك وفهم غلط…”
ريم بانفعال:
“لو فعلًا زي ما بتقول فهم غلط ومواجهنيش يبقا ميستاهلش إني أعيش معاه…”
“لأ يا ريم!… رامي بيحبك وأنا واثق من كده… متفكريش بالطريقه دي تاني”
وثبت واقفة وهي تقول بإنفعال أشد:
“يا محمد إنت أخويا أنا نفسي أقف جنبك قدام كل الناس وأقول يا جماعه ده أخويا إبن ابويا…”
أردفت وهي تُطالعة:
” محمد ضياء عبد الله العقيد… أمنيتي اللي ربنا حققهالي أخ حنين وطيب وجدع وبيحبني”
نهض محمد وعانقها وهو يقول:
“هيحصل يا ريم بس الصبر…”
أخرجها من حضنه وغيّر دفة الحوار قائلًا:
“على فكره هيام دي بت جدعه أوي”
اومأت بابتسامة صغيرة مرددة:
“حقيقي…”
أضاء هاتفه باسمها فقال قبل أن يجيب:
“اهي بتيجي على السيره”
“انزل بسرعه رامي هيطلع”
قالتها هيام بارتباك وأغلقت، فاجفل محمد واتجه نحو باب الشقة وهو يقول:
“أنا همشي يا ريم وهبقا اكلمك عشان رامي طالع”
ودعته ريم وأغلقت الباب، وما أن نزل درجتين حتى اصطدم برامي أمامه…
اصطنع محمد إبتسامة ظهرت مضطربة وهو يمر بجوار رامي الذي سمع دوي إغلاق باب شقته، ألقي محمد التحيه ولكن لم يرد رامي بل ظل ينظر له مشدوهًا وتسائل فهل كان هذا بصحبة زوجته وفي شقتها!!!
دلف رامي للشقة فوقفت ريم مرتبكة، كان على وشك مواجهتها ولكنه توقف فبالطبع ستنكر! غير سؤاله بطلب:
“هاتي موبايلك ارن على موبايلي”
أعطته هاتفها وانصرفت وقبل أن يطلب رقمه أبصر أخر رقم في سجل المكالمات «محمد» فطلب الرقم ليأتيه صوت محمد المضطرب:
“جوزك شكله شك في حاجه….”
لم ينتظر رامي سماع المزيد وأغلق الهاتف، كانت ملامحه باردة، ولم يبدي أي رد فعل سوى أنه طلب رقم هاتفه فصدع رنينه أعلى المنضدة مستندًا على مزهرية الورود فالتقطه وترك هاتف ريم من يده، ولم ينتبه للفيديو الذي حُفظ قبل لحظات…
بقلم آيه شاكر
رددوا
سبحان الله وبحمده♥️
★★★★★★
وصلت نداء مع والدتها لبيت شيرين ووقف علي يُطالعها بضيق وهي تبتعد حتى اختفت عن ناظريه حين دلفت للبيت…
تابع رائد تلك النظرات من شرفته فصك أسنانه في حنق، قاطعه صوت محمد الذي كان يجلس على طرف الفراش وكاد يختنق من خضم الأفكار والمشاعر السلبية، ناداه ثم قال:
“أقدر أقولك سر وتحفظه؟”
دلف رائد للغرفة وجلس قبالته ثم قال بمرح:
“قول متقلقش دا أنا خزان أسرار”
أطلق محمد ضحكة كالزفرة وخاطبه مبتسمًا:
“وأنا خزان أحزان”
ضحك رائد وقال:
“تصدق بالله أنا حبيتك…”
لم يعقب محمد ومد يده ببطاقته فسأله رائد:
“إيه دي!!!”
محمد بهدوء:
“اقرأ اسمي…”
قرأ رائد الإسم مرة تلو الأخرى وأخذ يبدل نظره بين البطاقة ومحمد ثم قال متلعثمًا:
“ده تشابه أسماء ولا… فيه إيه؟!”
تنحنح محمد ليجلي حلقه قبل أن يقول:
“أنا أخو ريم… وإمبارح لما شوفت هيام بتكلمني كانت بتحاول تساعدني أقابل ريم واباركلها..”
رائد باستغراب:
“وهيام كمان عارفه!!!”
“وعمي دياب وعمتي وإنت وبس محدش تاني يعرف…”
أخذ محمد يحكي لـ رائد ليوضح له الصورة كاملة وإنتهى بجملته:
“أنا خايف يكون رامي فاهم غلط وشاكك في ريم بسببي!”
ابتسم رائد وقال بثقة:
“متقلقش رامي مبيعملش أي تصرف إلا لما يحسبها كويس جداً جداً وكمان هو بيثق في ريم اطمن….”
نهض محمد وقال وهو يحمل مفاتيحه:
“أنا مضطر أمشي دلوقتي عشان كنت مأجر العربيه وهرجعها قبل ما أسافر أمانه عليك يا رائد تخلي بالك من ريم…”
ربت رائد على كتف محمد وهو يقول بابتسامة:
“متقلقش يابن عمي…”
تذكر محمد أن هيام دائمًا ما تناديه بابن عمي فاتسعت ابتسامته وقال:
“وكمان سلملي على هيام واشكرهالي”
اومأ رائد قائلًا:
“اعتبره وصل…”
ورغم أن رائد يغار على أخوته من طيف أي شاب إلا أنه ابتسم حين نطق محمد اسم أخته!
أخذ يمعن النظر لملامح محمد التي تشبه عمه ضياء إلى حد كبير ولا يدري لما أُطلق لسانه بسؤال مباغت:
“محمد هو إنت مرتبط؟!”
محمد بضحك:
“لأ… لسه ملقتش بنت الحلال”
ضحك رائد وهو يتذكر نظرات عمته داليا لمحمد وقال:
“يبقا أكيد عمتي داليا قعدت تكلمك عن ريمان وريناد ومميزاتهم الخارقه”
“فعلًا والله…”
رائد بضحك:
“مش هتتغير عمتي أبدًا… طول الوقت بتدور على عريس لبناتها!”
ضحك محمد وقال وهو يتجه صوب الباب:
“يلا ربنا يرزق كل مشتاقه”
خرجا من الغرفة يتبادلان الضحكات متجهين صوب باب الشقة…
“رائد… رايح فين؟!”
كان صوت ريمان التي وقفت فور أن رأته يتجه للباب فمال رائد على أذن محمد وهمس:
“دي بقا ريمان مش عارف والله قاعدين هنا ليه…”
رفع رائد صوته مردفًا:
“عايزه حاجه يا ريمان؟!”
قالت وهي تتشدق بالعلكة:
“أيوه عايزاك توصلني أنا وريناد”
فبلأمس أصرت داليا أن يبيتا «ريمان وريناد» الليله ببيت خالهما لتساعدا زوجة خالهما في تنظيم البيت لكنهما جلستا مكانهما ولم يفعلا أي شيء سوى المشاهدة، نظر رائد لمحمد وقال:
“تعمل فينا معروف وتوصلهم”
محمد بابتسامة:
“عادي مفيش مشكله”
بقلم آيه شاكر
صلوا على خير الأنام ♥️
★★★★★
وقفت هيام تُطالعهم من الشرفة وهما تصعدان لسيارة محمد متضجرة من ضحكات ريناد ومحاولتها للفت نظر محمد بكلامها لكنه كان يبتسم بصمت حتى انصرف بالسيارة تسائلت هل سيتحدث معها في الطريق ويتبادلون ارقام الهواتف أيضًا!!!
قاطع شرودها ضياء الذي دلف للبيت برفقة رغدة، توجهت نحو وئام ونداء الجالستان وقالت:
“عمي ضياء جاي مع اللي اسمها رغده”
وبعد فترة وقفت رغده أمام وئام وقالت في وجوم:
“متأسفة”
كان رائد عاقدًا ذراعيه أمام صدره، نظرت وئام نحوه فأشار لها بعينيه لتتأسف هي الأخرى فابتلعت ريقها قبل أن تقول:
“أنا كمان آسفه”
طلب منهم ضياء أن يضما بعضهما ففعلا الإثنتان بنفور شديد…
بدلت رغده نظرها بين الجميع ثم خرجت من البيت تهملج بعصبيه وهي تصر على أسنانها بغيظ مما حدث فلم يسبق لها أن اعتذرت لأي شخص لكنها إرادة والدها واجبة النفاذ…
ظنت نداء أن رائد سيختلق فرصة للتحدث معها لكنه ترك البيت ورحل دون متجاهلًا إياها مما أزعجها وعكر صفو يومها…
مر إسبوع لم يبادر خلاله رائد بأي رد فعل وكذلك نداء لم تفعل وآثرت أن تتجاهله كما فعل! وانغمست في البحث عن السعرات الحرارية للأغذية وممارسة التمارين الرياضية للمحافظة على وزنها…
لم يبدي رامي أي رد فعل لكن تأكدت شكوكه حين سمع ريم تحدث محمد أكثر من مره! كان يتعمد معاملتها بحب وود أمام العائلة فتغاضى رائد عما قاله محمد ومرت الأيام ورامي يعامل ريم بجفاء وبرود ولم ترد هي أن تحكي لأي شخص بل كانت تتحمل وتبتلع معاملته الجافة وتحاول جذبه إليها لكن بلا فائدة فسئمت وابتعدت هي الأخرى…
لم تتحدث هيام مع محمد طول تلك الفترة، وكانت تقاوم رغبتها الملحة بالاتصال به وسماع صوته وسؤاله عن ريناد!!
أما وئام فعادت تحاول جذب انتباه يحيى وكلما شعرت أن رائد يتحدثه عبر الهاتف ترفع صوتها ليسمعها، وكلما علمت بقدومه لإعطاء عمرو وعامر درس تتعمد الحديث والضحك بصوت مرتفع، وأخر شيء تحدثت مع رائد تُذكره بعرضه أن يحيى سيدرس لها القرآن…
وفي مساء ذلك اليوم جلس يحيى قبالة رائد بعدما أنهى درس القرآن لعمرو وعامر، قال بحدة:
“إنت من كل عقلك بتطلب مني الطلب ده يا رائد!”
“مش فاهم إنت متعصب ليه وفيها ايه؟ وئام وهيام زي إخواتك وإنت أولى بالفلوس دي….”
“مش حكاية فلوس يا رائد…”
أردف بعد تنهيدة:
“مينفعش يبني… أنا مستغرب من طلبك الغريب ده!”
قاطعها طرقات على باب الغرفة فقال رائد:
“ادخل…”
دخلت شيرين وقالت:
“ازيك يا يحيى… مش عارفه أشكرك ازاي يبني إنك وافقت تحفظ وئام وهيام دا جميل مش هنساهولك عمري كله”
وجه يحيى لرائد نظرة حادة قبل أن يتظاهر بالهدوء مبررًا:
“والله يا طنط أنا مش عارف أقول لحضرتك ايه بس….”
قاطع سيل كلامه طرق هيام لباب الغرفة فقالت شيرين:
“تعالوا يا بنات…”
مال يحيى نحو رائد وقال:
“منك لله على الموقف ده”
كبح رائد ضحكته وهو يطالع يحيى بتمعن وهمس له:
“وشك احمر كده ليه! مكنتش أعرف إنك بتتكسف اوي كده…”
دلفت وئام على استحياء فقالت شيرين
“تعالوا بقا ظبطوا المواعيد مع أستاذ يحيى”
قال يحيى متلعثمًا:
“مبدأيًا كده هو المواعيد هتكون دائمًا في وجود رائد أو عمي”
أطلق رائد ضحكة وهو يربت على فخذ يحيى المرتبك ويقول:
“معلش أصل إحنا ابننا بيتكسف”
رماه يحيى بنظرة ساخطة قبل أن يحدد المواعيد وهو يتوعد رائد بداخله على إحراجه بتلك الطريقة!
ومرت الأيام ويحيى يدرسهم القرآن في حضور رائد أو رامي…
وذات يوم دلفت شيرين للغرفة وجذبت وئام من يدها وهي تقول:
“معلش يا يحيى هاخد وئام عشان تقابل العريس..”
سحبت وئام يدها وقالت بحزن:
“أنا مش هقابل حد!”
زفرت شيرين وقالت بضجر:
“يا بنتي متحرجيش أبوكي”
وئام:
“أنا قولت من الأول مش موافقه إنتوا اللي بتحرجوني وبتحرجوا نفسكوا..”
نهض رائد وقال:
“بصي يا وئام قابليه وابقي إرفضي..”
“أنا مش عايزه أقابله”
قالتها وئام وهو توجه نظرة ليحيى الذي كان يستمع للحوار منكس الرأس ورفع عينه في تلك اللحظة لتلتقي عينه بعينها، فأطرق يحيى مجددًا وأخذ يفرك لحيته باضطراب…
بدل رائد نظره بين صديقه وأخته ثم ابتسم بتفهم وقال:
“خلاص قابليه إنتِ يا هيام!”
هيام بضجر:
“هو اي عروسه وخلاص! يا حبيبي هو جاي لوئام بالإسم يعني معجب بيها!”
استأنفت متخابثة:
“أنا أصلًا كنت حاسه لما شوفت نظرته ليها يوم ما كانت بتشتري عصير هي ونداء كان واقف يبص عليهم…”
رائد بضجر:
“لا والله!!! واقف يبص عليهم ازاي يعني؟”
هيام بمكر:
“يعني كان بيختار عروسه منهم”
اشتعل الغضب بداخل رائد فقال بانفعال:
“تمام أوي الكلام ده…. والله ما هتقابليه يا وئام”
شيرين بضيق:
“يبني اصبر في ايه؟”
خرج رائد من الغرفة وهو يقول:
“متقلقيش يا ماما أنا هتصرف”
هرولت شيرين خلفه، فمالت هيام على أذن أختها وهمست:
“اي خدمه”
كبح يحيى ابتسامة لاحت على شفتيه، وحمحم وقال بجدية:
“طيب يلا نكمل…”
كانت وئام ترمقه خلسة وقد تجلت الفرحة والراحة بنظراته ونبرة صوته فشعرت بأنه يبادلها نفس مشاعرها لكنها لم تتأكد!!
بقلم آيه شاكر
★★★★★★
في شقة ريم ورامي
خرج ذلك الضيف الثقيل الذي قضى قرابة النصف ساعه ببيتهم، وقد كان يونس ابن خال رامي الذي حدج رامي بخبث قبل أن يغادر…
صفع رامي الباب خلفه ووقف يهز رأسه بعنـ ـف عله يركز فيما حوله! ظل يجاهد ليفتح عينيه وما أن يأس هوى جالسًا على أقرب مقعد وأسند رأسه للخلف…
ومن جهة أخرى خرجت ريم من غرفتها وقد قررت أن تجادله لتسمع منه ويسمع منها ليصلا لحل! فقد مر قرابة الشهر على زواجهما وكل يوم يبعده عنها أكتر وأكثر…
وقفت ريم قبالته وقالت:
“إحنا محتاجين نتكلم مع بعض”
قال بجمود دون أن يرفع عينيه:
“عايزه إيه؟!”
تلعثمت من حالته تلك! قالت:
“إ… إنت متغير معايا ليه!! أنا عملت إيه؟”
قال بنبرة خافتة منكـ ـسرة ودون أن يُطالعها:
“خونتيني يا ريم… خونتيني”
جلست جواره وهي تردد
“أنا!!! أنا خونتك يا رامي؟”
قال بحدة:
“ابعدي عني دلوقتي يا ريم”
نهض واقفًا وقبل أن يغادر جذبته من ذراعه وهي تقول بنفس الحدة:
“لا مش هتهرب… لازم نتكلم ونوصل لحل”
سحب ذراعه بقـ ـوة هادرًا بها:
“ابعدي عني يا ريــــــم”
حدقت بعينه فصُدمت من نظراته الشاردة وكأن عقله مغيب! انتبهت لغضبه المبالغ حين استأنف بحدة عارمة:
” أيوه إنتِ خاينه… خونتي حبي وثقتي فيكِ… إنتِ خاينه يا ريم…”
تبدد غضبه وتحول لطفل صغير يشكو لأمه، قال بحشرجة:
“بسمعك وإنتِ بتكلميه كل يوم وتشكيله مني…”
أدركت أنه علم بوجود محمد بحياتها لذا ركضت لباب الشقة وقبل أن تفتحه جذبها من ذراعها وهدر بها بغضب:
“رايحه فين؟!”
قالت في قلق وذعر من نظراته:
“هنزل أنادي عمو دياب عشان يوضحلك كل حاجه”
قال وهو يصر على أسنانه:
“تنزلي فين!! دلوقتي عايزه تهربي!! لأ يا حبيبتي مش قبل ما أخد حقي منك!”
بقلم آيه شاكر
★★★★★
“يعني إنت زعلان ومتأثر عشان ديك بعُرف أحمر!”
قالها عمرو فأومأ آدم بحزن، قال عمرو:
“طيب متزعلش بص تعالى نطلع فوق ماما عندها فراخ وأكيد فيه ديوك… وإختار الديك اللي يعجبك وملكش دعوه”
آدم ببهجة:
“بجد يا عمرو”
“عيب عليك يا معلم هو أنا هضحك عليك…”
صعد الثلاث أطفال للطابق الأخير وأخذ آدم يجول بنظره بين الدجاج حتى جذب انتباهه ديك صغير فقال:
“أنا حاسس إن ده شبه ثونه وهو صغير”
مد عامر يده وأخرج الديك الصغير وأهداه لآدم قائلًا:
“أنا مش عايز حد يحس إننا أخدنا حاجه عشان كده انزل استنى أبيه يحيى تحت وحاول تخبي الديك في هدومك هو صغير مش هيبان”
آدم بقلق:
“هو احنا كده بنسرق؟”
عمرو:
“لأ يبني مش سرقه… أنا هجيبها لماما بطريقتي”
أومأ آدم ونزلوا الدرج في هدوء فسمع عامر صوت صرخات مكتومه يخرج من شقة رامي فقال لعمرو:
“عمرو! أنا سامع حد بيصرخ أو بيعيط!”
وضع عمرو أذنه على الباب فسمع أنين مكتوم قال:
“أيوه فعلًا!!”
رن عمرو الجرس عدة مرات ولم يجيبه أحد فخاطب عامر آدم:
“إنزل إنت واعمل زي ما قولتلك…”
وخاطب عمرو:
“وإنت روح قول لماما… وأنا هستنى هنا يمكن حد يفتحلي…”
وما أن قال عمرو لوالدته حتى زجرته ونهرته وعاقبته بقـ ـسوة وحذرته أن يقترب من شقة رامي مجددًا…
حملت هاتفها وطلبت رامي فلم يجبها شردت قليلًا ثم تجاهلت الأمر زاعمة أن عمرو وعامر يفتعلان الأكاذيب…
★★★★★
أدت نداء فريضة الفجر وأخذت تُطالع رقم رائد عبر الهاتف وكأنها تخاطبه وترجوه أن يحدثها! تنهدت بعمق ثم أخرجت دفترها وأخذت تدون:
“أشتاقُ إليك، ويكفيني صوتك ليروي فؤادي وتنتشي روحي…”
وبمجرد أن تركت القلم من يدها، صدع هاتفها بالرنين فابتسمت وهي تُطالع اسمه بلهفة وانتظرت قليلًا ثم أجابت وانتظرته ليتحدث وهو الأخر انتظرها لتتحدث، وعم الصمت إلا من أصوات أنفاسهما، قال:
“عارفه أنا بقاوم إزاي عشان أحافظ عليكِ….؟”
وقبل أي يُكمل حديثه فتحت والدته باب غرفته دون استئذان نطقت في فزع وهي تلهث:
“الحقني يا رائد…”
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية سدفة)