روايات

رواية زهرة الأصلان الفصل الحادي والعشرون 21 بقلم يسر

رواية زهرة الأصلان الفصل الحادي والعشرون 21 بقلم يسر

رواية زهرة الأصلان البارت الحادي والعشرون

رواية زهرة الأصلان الجزء الحادي والعشرون

زهرة الأصلان
زهرة الأصلان

رواية زهرة الأصلان الحلقة الحادية والعشرون

” منزل زاهر قدرى ليلا ”
فى غرفة نوم عتيقة تعود أخشابها لأكثر من عقدين من الزمن .. يتوسطها فراش كبير و على أحد أركانها دولاب كبير والجانب الآخر تسريحة فخمة قديمة الطراز .. على أحد جوانبها عطور فخمة والجانب الآخر زجاجة عطر تركيب رخيصة لا يتجاوز سعرها أكثر من خمس و عشرين جنيه و مشط بلاستيك رخيص مكسور أحد أسنانه و زجاجة زيت شعر لا يتبين نوعها بسبب قدم استخدامها .. يجلس زاهر على الفراش يتابع زوجته صفصف و هى تتمم على حقائب السفر الخاصة بها هى وزوجها و سبق أن طلبت من الخادمة ترتيبها .
زاهر بحنق بعد أن خالف كلام أبيه و رفض الزيجة بسبب زوجته التى لا يطمئن لها خاصة وهى تتمم على الحقائب بحماس منقطع النظير و الذى يعنى ل صفصف زوجته كلمة واحدة و هى كارثة قادمة بالطريق .. مما جعله يحاول إقناعها بعدم الذهاب للمرة الأخيرة .
زاهر بحنق :
يا ستى كان لازمتها إيه الزفة دى كلها ..
أنا وأنتى و منير و مراته و رائد و خطيبته
.. ما كنت رحت سلمت على أبويا و أختى
و أعدت يومين و تنى راجع على طول .
صفصف بمكر :
و ده اسمه كلام مش لازم نعد لنا كام يوم
و نسلم على سعاد و نصالح عمى .
زاهر متوجسا :
و ده من أمتى الحنية دى يا صفصف ؟!..
ما تيجى على بلاطة و تقوليلى كده أنتى
ناوية على إيه ؟ .. إيه اللى فى دماغك ؟
.. بدل ما نروح و يحصل حاجة زيادة و
يخلى أبويا يغضب علينا .. محناش
ناقصين كفاية جوازة ابنك .1
صفصف :
مش لازم ننول رضا عمى قدرى و نوريه
العروسة الايما والسيما بنت العز الهاى
اللى اخترتها ل رائد بدل البت اللى كانوا
عاوزين يجوزوها ليه و لبسها أصلان .
زاهر مستشعرا قدوم المصائب :
آه قولتيلى.. تبقى ناوية على خراب يا
صفصف .. متنسيش يا هانم إن فشخرتك
أدام صاحبتك اعتماد و بنتها نانى من
فلوس أبويا فبلاش تعملى مشاكل هناك
عشان متخسريش .
صفصف بفشخرة :
الحق عليا .. أنا اللى عاوزة أصالح عمى
بعد الزعل اللى حصل بينا بسبب
المحروسة اللى كان عاوز يلبسهلنا
.. و هخدلوا رائد و نانى و أوريه هما
بيجيبوا لابنى إيه و أنا بنقيله إيه .. و
أنا متأكدة لما يشوفوها هينبهروا بيها و
يقولوا إن كان عندى حق فى اللى عملته
زاهر … زاهر ….. يا زااااهر ……………..1
لم ينتبه زاهر لكلام صفصف .. بل كل عقله فى السبب الرئيسى لذهابه لبلدته و هو رغبته فى رؤية ربيبة حبيبته ” صفية المنصورى ”
ويأمل أن يحالفه الحظ و يلتقيها صدفة قادمة لزيارة ابنتها .. فهو لم يتوقع أن تظل محتفظة بجمالها الذى لم تمحيه السنين و ذلك عندما شاهدها تدافع عن ابنتها كنمرة شرسة ..
و كأن السنين لم تفت فهى مازالت محتفظة بطبعها النارى .. و يتسآل فى نفسه عن وجود
بقايا مشاعر تجاهه
زاهر …. زاهر ….. يا زاااااهر ………….
زاهر :
أيوة يا صفصف .. بتقولى إيه ؟
صفصف :
بقولك أنا حطتلك كل اللى هتحتاجه .. و
جهزتلك كمان البدلة ال……………………….
زاهر حانقا :
بدلة إيه ؟؟ هو أنا رايح فرح .. أنا رايح
أشوف أبويا و أسلم على أختى وجوزها
.. جهزيلى جلبية أسافر بيها .
صفصف :
يا فضحتى .. أنت عاوز تفضحنا يا راجل
أدام خطيبة ابنك و تقل بينا قدامها .
زاهر صارخا :
أخرسى .. قطع لسانك .. لعلمك يا هانم
صحبتك و بنتها دول ميسووش فى زمتى
مليم أحمر بس اعمل إيه لمخك الحجر اللى
هيجيبك ورا أنتى و ابنك اللى على نفس
ذوقك .. و خلى فى علمك إذا نسايب الهنا
وافقوا عليكوا فدا عشان اسم عيلة قدرى
اللى ابنك منها لا اكتر ولا أقل .. يعنى مش
عشان سواد عيونك أنتى أو ابنك رائد ..
فهمتى ؟ ولا لسه عيشة فى أوهامك ؟
صفصف :
أااااااا…………
زاهر مقاطعا :
مش مهم .. المهم حضريلى الجلبية برده
عشان هسافر بيها “ثم تركها خارجا من
الغرفة ”
قال افضحكوا قال ………………………….
نظرت صفصف لزوجها زاهر و هو مغادر الغرفة بحقد .. فهو من وجهة نظرها سوف يخرب الواجهة الاجتماعية التى تعمدت أن تدخل بها على عائلة زوجها و خاصة غريمتها نعمة و ابنها الأصلان .. فمن وجهة نظرها أنها ستريهم نسب العائلة التى اختارتها لابنها كما تمنى نفسها بنظرة قهر من نعمة بعد أن تشعر بالهزيمة أمامها .. و كذلك بنظرة رضا من والد زوجها بعد أن يروا نانى أو ناريمان العيسىوى ابنة صديقتها اعتماد خريجة الجامعة الأمريكية ذات الخمس و العشرين ربيعا .. سليلة العيسوى صاحب مصانع السجاد المشهورة .. كذلك صممت على السفر بكل عائلتها و دعت نانى لترى كذلك أملاك ابنها سليل عائلة قدرى فهى كما تتباهى بها تريد أن تتباهى أمامها بنسب زوجها و ابنها أمام صديقتها و ابنتها .. و قد نجحت خطتها حتى الآن و ها هو رائد ذاهب بعد قليل ليجلب نانى و يلحقهم بسيارته الخاصة حتى يتمكنوا من الوصول لمنزل الحج قدرى صباحا .
فى غرفة أخرى بمنزل زاهر
غرفة منير و زوجته سلوى :
فقد صممت صفصف بأن يترك منير و سلوى منزلهم الخاص و البقاء معها بحجة راعيتها أثناء حملها الذى وصلت فيه للشهر الخامس .. ولا أحد يعلم بعرضها الحقيقة و هو إبقاء كنتها تحت عينيها و السيطرة على حياة ابنها كما هى رغبتها بالنسبة لرائد .
منير :
جهزتى نفسك يا سوسو ؟؟
سلوى :
أيوة يا حبيبى .. خلاص جهزت كل حاجة .
منير :
طاب أساعدك فى حاجة ؟
سلوى :
لأ يا حبيبى شكرا .. أنا خلصت و الله .
منير قلقا :
طاب أنتى حاسة إنك كويسة ؟ .. تقدرى
على السفر يعنى ؟
سلوى :
متخفش أنا سألت الدكتور و سمحلى ب
السفر .. كمان كل اللى هناك و حشونى
أوى و نفسى أشوفهم .
منير بحب محاوطا زوجته بذراعيه :
و هما كمان بيحبوكى أوى .. أنت طيبة
و قلبك أبيض مين بس هيكرهك يا سوسو.
سلوى :
آه .. و كمان هموت وأشوف مرات الأصلان
اللى قامت من وراها المشاكل دى كلها .
منير :
بعد الشر عليكى يا سوسو .. هتشوفيها
يعنى هتروح فين و لا هتكون عاملة إزاى
يعنى .. زى اللى هناك .
سلوى :
منيييييييير .
منير :
من غير متتنرفزى .. أنتى عارفة تفكيرى
أنا مش قاصدى حاجة وحشة .. أنا قصدى
إنها هتكون شبه البنات اللى هناك .. و مع
ذلك هيا فعلا لو شبههم هتكون أحسن ميت
مرة من ست نانى اللى ماما مزهقنا بيها و
هى ولا تعرف حاجة فى أى حاجة بس
هقول إيه .. هى ماما تفكيرها كده .
” ثم أكمل حديثه ”
حتى رائد بيساعد ماما على كده كل تفكيره
دراسته و الدكتوراه و بس أما أى حاجة
تانية مش مهم حتى الإنسانة اللى هيشاركها
حياته خلاها على ماما و ماما طبعا مش
مقصرة جبتله نانى .
سلوى بحزن :
معلش يا حبيبى ربنا يهديهم .
منير الذى أدرك حزن زوجته :
متزعليش يا سوسو أنا عارف إن ماما
بتشد عليكى اليومين دول عشان فرحانة
حبتين بست نانى .. اصبرى هو الغربال
الجديد له شدة .
سلوى بعدم فهم :
يعنى إيه يا حبيبى ؟؟
منير موضحا :
يعنى استنى حبة لما الانبهار ده يروح
وتبان على حقيقتها .. هتلاقى ماما بتعاملها
أوحش من زينب ” العاملة بالمنزل ” .1
ضحكت سلوى على كلام زوجها الذى أكمل :
و كلها كام شهر و تولدى و ناخد ولى العهد
و على شقتنا على طول .. اصبرى معايا
بس شوية كمان و أنا والله هعوضك على
العذاب ده .. ممكن يا سلوى ؟؟
سلوى و قد أدمعت عيناها :
حاضر يا حبيبى هصبر .. بس مش عشان
اللى قلته ده .. لأ .. عشان بحبك يا منير .
قبل منير يديها قائلا :
ربنا يخليكى ليا يا سوسو .
فى غرفة رائد زاهر :
يمشط شعره أمام المرآة و هو بكامل هندامه.. قميص كتان أبيض و بنطلون جينز فاتح و حذاء رياضى أبيض ثم ارتدى نظارته الطبية و اتجه لمكتبه ثانية ينهى عمله على اللاب قبل أن يذهب لخطيبته نانى .. تنهد وهو ينظر لساعته وقد تبقى القليل جدا على ذهابه ل نانى .. نانى التى تناسبه من الناحية الاجتماعية جدا و بشكل ممتاز تتماشى مع مركزه كما تضيف إليه بنسبها بريقا .. و لكنه مازال يشعر بأن هناك شئ ما .. شئ ما أخفاه فى الركن البعيد بعقله ولا يريد الاعتراف به أو معرفة ماهيته .. فهو ليس توقيته المناسب و بالنسبة لشخص بعمليته لن يأتي هذا التوقيت المناسب أبدا .. و كل ما يقولوه لنفسه بإنها جيدة جدا له و إنها كخيار أحسن بمراحل من الفتاة التى كان جده يريد تزويجها له .. و عندما وصل رائد بتفكيره لهذة النقطة أغلق لابه و أخرج حقيبة سفره مستعدا للذهاب لنانى .
فى منتصف الليل – مطار القاهرة الدولى
يعلن عن وصول الرحلة ١٠٢ القادمة من الكويت .
ظهرت السيدة سعاد قدرى و زوجها المهندس محسن وأبنائها بثينة و عادل بين ركاب الطائرة .
” صوت كف يحط على رقبة إنسان ”
و ما كان الكف إلا ل بوسى و ما كانت الرقبة إلا ل دودى اللذان يتخلفان عن والديهما لعدة أمتار و يجران خلفهما تل من الحقائب .
بوسى :
حمدالله على السلامه يا وحش .. تحيا
مصر .
عادل متألما من كف بوسى :
آخ .. الله يسلمك .. يخربيتك إيه الايد
دى .. إيد بقرة .
بوسى مقتربة من عادل و مشيرة لوالديها
المتقدمين عنهم :
هما مش هيشيلوا معانا الشنط .. بدل ما
هما ماسكين إيد بعض وعاملين نفسهم
فى الثانوى .
دودى مكملا على حديثها :
مش مراعيين سنهم و لا عاملين احترام
لينا خاااالص .. استنى كده .
محسن .. يا محسن .. أنت يا ولد .
الاستاذ محسن ملتفا لابنه :
محسن حاف كده يا حيوان .. أنت
فاكر نفسك بتلعب معايا يلا .
عادل الذى لم يلتفت لكلام والده :
ولد .. ولد .. سبب إيد البنت ملهاش أهل
دى ولا إيه ثم” ألتفت لأمه ” وأنتى
و الله لأقول لأبوكى بس أما نوصل
.. أمشى قدامى أما أشوف أخرتها معاكوا.
بوسى :
الواحد هيموت وينام .
محسن :
ابقى نامى فى العربية يا بوسى .. لسه
قدامنا كتير على ما نوصل .
عادل :
أيوة عشان نضيع الوقت كمان .. دا الواحد
ضهره هيورم على ما نوصل .
سعاد ضاحكة :
كله يهون عشان أبويا .. ياه وحشنى موت
ونعمة وأصلان والبيت كله .
محسن :
آه والله .. عندك حق يا سعاد .. مع إن أهلى
متوفيين من زمان إلا إنى بعتبر عمى
فى مقام أبويا .. و أدينى أهه بنزل الإجازة
و ملهوف أكتر منك.. أنا عمرى ما هنسه
وقفته جنبى فى الوقت اللى كنت مقطوع
فيه من شجرة .. لا أهل و لا عزوة ..
منساش لما قالى أنا عيلتك .. ربنا يديله
الصحة ويفضل مضلل علينا .
سعاد :
اللهم آمين .. الواحد بيحس إن الأجازة
يا دوب .. مبتلحقش .
محسن :
آه والله .. على ما نستريح و نسلم على
الناس و نعد شوية تكون خلصت .
بوسى :
الحمد لله المرة دى مش مستعجلة .. أنا
كده ولا كده قاعدلهم .. و هاخد الكلية من
هنا مع سوما .. و بيقولوا كمان مرات أصلان
هتدخلها معانا .
دودى :
أحسن على الأقل تخف الزحمة وإحنا
مسافرين .
سعاد :
دا أنا اللى عاوزة أشوف مرات أصلان ..
دا نعمة بتقول فيها شعر .. يا ترى هو عامل
معاها إيه .
محسن :
الصراحة أنا مستبشر خير بالجوازة دى ..
ربنا يستر بس من مرات أخوكى العقربة .
” ثم قطع حديثه خروجهم من المطار و
رؤيتهم للسائق ”
يلا يا جماعة .. إزيك يا عماد ” سائق عائلة
قدرى ”
عماد :
ياأهلا وسهلا .. حمدالله ع السلامة
يا أبو عادل .
الكل :
الله يسلمك .
عودة لمنزل قدرى :
دخل منزل الحج قدرى فى حالة استعداد قصوى منذ عدة أيام لتحضير المنزل لاستقبال هذا الكم من الضيوف .. فحرصت السيدة نعمة بنفسها على الاشراف على تجهيز الغرف الخاصة بالضيوف بنفسها و معها سوما و أسماء وفاطمة و ورد .. كذلك قام أسامة ومحمد بالاشراف على الذبائح التى أوصى الحج قدرى بذبحها على شرف وصول ابنته و زوجها وابنه و أسرته و التى بدأت منذ آذان الفجر وانتهوا منها وذهبت للمطبخ حيث تقوم زهرة و أم أحمد بإعداد الطعام .. و قد حرصت زهرة من اليوم السابق على تجهيز تحضيرات الطعام مستغلة أرقها بسبب غياب تؤام روحها عنها والذى صدف وصوله بعد القليل من الوقت حسب ما أخبرها فى مكالمتهم الأخيرة و التى كانت من عدة ساعات يخبرها باستعداده للعودة .. و بالطبع لن تفوت زهرة تلك المناسبة كالعادة إلا وأعدت له مختلف الأصناف و بعض العصائر تحت تعليقات أسامة و مشاغبة بودة و محمد و خجل سوما و ضحكات أسماء .. ولا ضرر طبعا بالنسبة لزهرة فى زيادة كمية الطعام ليشمل الجميع .. حتى تركت الطعام شبه جاهز فى حدود العاشرة .. كل ذلك
ولا تتركها السيدة نعمة بل كانت لها جنبا إلى جنب سواء بالمساعدة أو الاشراف .. فقد وجدت كل واحدة منهما فى الأخرى رفيقة على نفس الشاكلة من الاهتمامات و الأفكار و التى كانت سببا فى تقاربهما السريع وحبهما لبعضهما على عكس العادة بين الحما و الكنة .
أنهت زهرة عملها مع السيدة نعمة واتجهت إلى جناحها بعد أن شعرت بالارهاق يدب فى أوصالها .. فهى أوصت بوعدها للأصلان لحرصها على طعامها إلا أنها لم تستطع النوم بشكل جيد فى غيابه بحيث اقتصر على ساعات قليلة فى اليوم الأول لغيابه ثم امتنعت عنه فى اليوم الثانى .. اتجهت زهرة للحمام لاستعادة نشاطها واستبدال ملابسها .. فارتدت فستانا ثلاث ارباع كم و طويل يصل طوله إلى الكاحل لونه شبيه عينيها أزرق غامق يزين أطراف الأكمام الدانتيل من نفس اللون .. وتضع على أحد أطرافها شالا حريرى يحتوى على لونين جعلاه مقسوما طوليا .. القسم الأول منه الذى يقابل كتفها لونه أزرق نفس لون الفستان و القسم الآخر الذى يقابل ذراعها لونه أسود .. وكان الفستان مجسما بشكل جميل بحيث أبرز عودها الغض ..وارتدت حذاء مسطح أسود اللون كذلك تركت شعرها منسدلا على طوله الذى تعدى منتصف أفخاذها .. فكانت مثالا للبرآة و الجمال و الأنوثة .. لا ترى بعينيها سوى حبيبها الأصلان والذى جعل قلبها مضطربا لمجرد ذكراه .. انتهت زهرة من ملابسها واتجهت الأسفل فى انتظار الأصلان كذلك من أجل الترحيب بأقاربهم التى تراهم لأول مرة و تسمع أصواتهم من الأسفل ..تاركة استغرابها من تصرفات السيدة نعمة و الجد والتى وصلت لحد محاوطتها و اتسمت بالغموض .1
منزل الحج قدرى – الدور الأول :
تعلو أصوات الترحيب من الأسفل
” يا أهلا وسهلا – حمدالله على السلامة
يا ألف مرحب
يا أهلا يا أهلا
بت يا فاطنة .. بت يا ورد شيلو الحاجة
من الجماعة ”
اصطفت سيارتان حديثتان أمام منزل الحج قدرى تعود لابنه زاهر وأسرته .. السيارة الأولى تضم منير وبجانبه والدته صفصف و التى أصرت بشكل مبالغ فيه على الجلوس بالمقدمة بجانب ابنها بدلا من الجلوس بجانب زوجها كنوع من الريادة بالنسبة لها .. و فى الخلف زاهر و بجانبه زوجة ابنه سلوى .. و فى السيارة الثانية رائد و فتاة أخرى ذات شعر أصفر مصبوغ بشكل مبالغ .. متوسطة الطول و عينان ملونة بسبب العدسات ووجه دائرى ترتدى بلوزة ربع كم يصل طولها لبعد وسطها .. وبنطنال جينز ضيق و ترتدى كعب عالى تتمرد به على المكان .. متأخرين عدة أمتار عن زاهر الذى يقبل يد أبيه و رأسه يليه صفصف و منير و سلوى .. مسحت نانى بعينيها المحيط حولها و احتلتها نظرة احتقار كنتيجة للمسح و سلمت على الجميع بأطراف أصابعها و أنف عال .. يليها دخول الأصلان و معه حقيبة السفر الخاصة به بعد أن ركن سيارته بعيد عن سيارة عمه و أولاده .. يرتدى قميص أزرق مفتوح عدة أزرار منه تصل لبداية معدته تحته تيشرت أسود لم يمنع من ظهور عرض منكبيه و عضلاته و تقسيمات معدته تحتهم بنطلون جينز ألتف حول ساقية ظاهرا لعضلات فخذيه و التى كونتها أعماله الشاقة .. ثم أخذ أصلان نفسا عميقا يهدئ به اضطراب قلبه الذى يرغب فى رؤية حبيبته1
” يا أهلا يا عمى .. حمدالله على السلامة
نورتونا يا جماعة .. اتفضلوا “.
ثم رحب بعدها بمنير و زوجته و رائد و عرفته صفصف بصوت مرتفع و فشخرة زائدة على نانى .. و قد منت نفسها برؤية نظرة قهر من أصلان أو نعمة إلا أنه لم يقابلها سوى الفراغ وعدم الاهتمام منهما .. كما أدرك الجميع من أسلوبها أنها لا تنوى خيرا .
تنحنح الجد آمرا الكل بالدخول بعد أن تبادلوا السلام .. و اجتمع الكل فى غرفة الجلوس التى تحتوى على طقمين للصالون بجانب بعض .. و قد
استئذن الأصلان منهم بعد أن جاءه شخص ما يسأل عنه و ذهب لغرفة المكتب لملاقاته و قد كان يمنى نفسه برؤية زهرة التى اختفت تماما عن الصورة حتى وقتهم .
تبادل الجميع أطراف الحديث فى جلسة ودية لم يعكر صفوها سوى صفصف واستئذنت منهم السيدة نعمة لتأتى بالضيافة من المطبخ .. لم تكد نعمة تغادر المجلس إلا و قد على صوت صفصف تسأل عن الكنة التى لا تعلم اسمها ولكنها لقبتها ب ” المحروسة ”
صفصف بصوت عالى :
الله أمال فين المحروسة مرات أصلان
مش تيجى تسلم علينا .. و لا إحنا مش قد
المقام .
ساد الصمت فى مجلس الجد قدرى الذى تجمدت ملامحه و كساها الغموض .. فها هى زوجة ابنه تلح فى رؤية زهرة العائلة .. فما كان منه إلا أن نطق بصوت جامد كملامحه :
تلاقيها واقفة على إيد البنات بتجهز
الغدا و أوضكوا .. أصلنا هنا معتمدين
عليها فى كل حاجة .. اصبروا شوية
و تلاقيها جاية .
و كأنه يوصل لها رسالة بكلماته مفادها أن زهرة خط أحمر و خاصة بعد أن حازت على ثقة الجد و اعتمد عليها فى حين أن ابنه الذى هو زوجها خرج من هذه الدائرة .
فرد زاهر ملطفا الجو الذى توتر :
آه طبعا .. الله يكون فى العون .. على
العموم لما حد يجى من البنات نبقى نخليه
يندهلها .
فرد الجد على ابنه حتى ينفى فكرة أن زهرة خائفة من لقائهم .. كما أنه يرغب فى رؤية وجه صفصف بعد أن تراها .. وقال :
– وليه نستنى .. بت يا فاطنة .. بت يا
فاطنة .
– أيوه يا سى الحج .
– نادى ستك زهرة .. جوليلها الحج عاوزك .
– حاضر يا سى ال……….. أهى
جت أهى .
و كانت فاطمة تسد بجسدها باب غرفة الجلوس و ترى من موقعها الجالسين بالغرفة كما ترى القادم من الدور العلوى مثل زهرة التى رأتها فاطمة تتهادى على السلم .. و قالت فاطمة لزهرة القادمة باتجاهها مبتسمة كعادتها دائما :
– ست زهرة .. يا ست زهرة .
– أيوة يا فاطمة .. زهرة بس .
– تسلمى يا ست .. سيدى الحج عاوزك .
– شكرا يا فاطمة .. روحى أنتى .
تقدمت زهرة قاصدة غرفة الجلوس .. وقالت بصوت رقيق خجل ووجنتين زاد احمرارهما بسبب العدد الكبير من الموجودين :
السلام عليكم .
صمت شاع فى مجلس الحج قدرى بعد أن اتجهت العيون ناحية الصوت الرقيق الذى لم يكن سوى لملاك أكثر رقة يقف خجلا بجانب الباب .. تغير وجه صفصف و ظهرت الصدمة على الحاضرين و لكن كان النصيب الأكبر لرائد الذى لم يحد بعينيه عنها .. لم يرد سوى الجد و محمد وأسامة وأسماء و سوما ..كذلك زاهر الذى شعر بالحنين لتلك الفتاة التى تعد قطعة من حبيبته و ربيبتها .
الجد بفخر بعد أن حقق مراده :
تعالى يا زهرة سلمى .. مفيش حد غريب
دا زاهر ابنى و مرانه وولاده .
رفعت زهرة زرقاويها قليلا تطالع الموجودين بنظرة سريعة بريئة منها فاتنة ساحرة وقاتلة للآخريين باحثة عن أصلانها إلا أنها لم تجده فاخفضت عينيها و كأن لا شىء آخر يجذب اهتمامها .. و قالت بصوت رقيق :
أهلا .. حمدالله على سلامتكوا
ثم اتجهت لتجلس الى جانب سوما و أسماء .. تنحنح الجد ليجذب الأنظار له
بدلا من زهرة التى خطفت الأنظار بجمالها و رقتها .. خاصة بعد أن ألتفتت للجلوس بجانب حفيداته و ظهر خلفها شعرها الأسود الذى يتعدى منتصف فخذيها مما سبب كحة شديدة لرائد و صدمة منير و سلوى و نانى و اصفرار صفصف .. و ابتسامة زاهر الحمقاء التى لا يعلم لها سبب حتى الآن .. و ضحك أحفاده لردة فعلهم .. و السبب الآخر نظرة رائد لزهرة و التى اقلقته فلم يتوقع أن يكون هذا هو رد فعله .
أما الحفيد رائد يجلس فى غرفة الجلوس يتبادل أحاديث بسيطة مع نانى و الباقين .. متوجسا من رؤية الأصلان و تبادل الحديث معه متخيلا أنه سيلومه لعدم زواجه بالفتاة التى اختارها جده له مما اضطره أن يتزوجها .. لكن أفكاره تبخرت تماما حينما ناداها الجد و دخل عليهم ملاكا بعينين زرقاوين كبيرتين و فستانا رقيق تلقى عليهم السلام حينها علم أنها زوجة الأصلان التى تخلى عنها له و كأنه أهداه هدية .. ثم التفتت الملاك عنهم لتجلس بجانب سوما و أسماء وظهر لهم كتلة شعرها الأسود الذى يتعدى منتصف فخذها ثم لم ترفع عينيها لهم مرة أخرى .. حينها فقط علم ما كان ينقصه .. كان ينقصه هى تلك الزهرة الاسم على مسمى .. و اجتاحته مجموعة من المشاعر فرح توتر اضطراب خجل و اشتياق عميق لم يشعر بمثله قط تجاه أى شىء إلا لتلك الفاتنة بكل تفاصيلها .. أهى جميلة وفاتنة فعلا أم أنه يعتقد فقط انها كذلك لأنه يراها جميلة
أااااااا………………………………………………………
” صوت حمحمة احم احم ”
و ما كانت الحمحمة إلا للجد الذى أراد إبعاد نظرات حفيده رائد عن زهرة قبل أن يراه الأصلان .. و قد أعطاه الجد فى المقابل نظرة أوضحت له أنه يعلم ما فى خلجات نفسه مما جعله يحرج بشدة .
أما صفصف فقد حبست أنفاسها فلم تتوقع أن تقهر هى و يكون الإحباط من نصيبها هى .. فللمرة التى لم تعدها هزمت أمام غريمتها نعمة و لكن هذه المرة فهى شر هزيمة .. فلم تتوقع أنها تركت بكل غباء و عند تلك الفتاة لنعمة و ابنها الأصلان على طبق من ذهب .. و للمرة الأولى تندم على فعل ما أشد الندم .. كما أنها لاحظت صدمة رائد بالفتاة و خافت صفصف أن يلومها بعد أن رأت نظراته لزهرة والتى لم يوجه مثلها أو حتى ما يشبهها ل نانى .

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية زهرة الأصلان)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى