رواية زهرة الأصلان الفصل الحادي عشر 11 بقلم يسر
رواية زهرة الأصلان البارت الحادي عشر
رواية زهرة الأصلان الجزء الحادي عشر
رواية زهرة الأصلان الحلقة الحادية عشر
– تناول الكل الفطار ،ثم توجه الجد واﻷحفاد للعمل أما نعمة و زهرة
ساعدتا فى رفع السفرة واتجهتا للمطبخ تاركتين أسماء و سوما بالصالة
جالستين دون عمل شئ …. وبعد أن ساعدت زهرة بالتنظيف و اختيار
وتجهيز أصناف الغذاء فى جو من المرح بينها وبين نعمة التى اكتسبتها
أما وكذلك مع أم أحمد ووردة و فاطمة المتعجبين من تلك الفتاة الطيبة
التى أدخلت محبتها فى قلوب الجميع لتواضعها معهم وأخلاقها الطيبة…
اتجهت للصالة بعد أن ألح عليها الجميع بالخروج من المطبخ وجلست مع
سوما وأسماء يتبادلون اﻷحاديث المختلفة والتى ساعدتهم جميعا
للتعرف على شخصيتها وتكوين فكرة عنها .
– عند آذان الظهر صعدت زهرة لغرفتها للاستحمام والصلاة …. وأبدلت
ملابسها إلى فستان محتشم بأكمام طويلة ويصل إلى قدميها ناعم منسدل
على جسمها لونه زيتى وعلى أحد أكتافها شالا حريرى لونه بيج يشبه
الحذاء اﻷرضى الذى ترتديه ، وشعرها منسدلا كعادتها …. ثم نزلت
للمساعدة فى وضع الطعام على السفرة بعد أن أنهت اﻷصناف التى
وللصدفة البحتة بعد أن سألت الجميع يحبها اﻷصلان مثل اللحم والسلطة
و الملوخية أما باقى اﻷصناف لم تلقى لها بالا بل اهتمت بها نعمة و
الباقين .
– عاد الأصلان من عمله هو والجد وأسامة و محمد قرب صلاة العصر …
ووجدها للمرة الثانية ترتب الطعام على السفرة و تتحدث ضاحكة مع
الدادة أم أحمد فوقف يتأمل رقتها حتى فى ضحكها و راحتها
فى الحديث مع أم أحمد … وتمنى فى قلبه أن يأتي يوما ما وتتحدث
وتضحك معه بهذا الشكل …. تنهد بحسرة على بعد أمانيه وانتبه من
أفكاره على توقف ضحكها فوجدها تنظر له خجلة ، ثم تقدمت ناحيته
بخطوات رقيقة مثلها :
حمدالله على السلامة أصلان ….
ثم فرت قطته سريعا للمطبخ … تلحقها ابتسامته…. وتسآل بداخله
. . . . لما أصبح يحب أسمه فجأة ؟
أم هل أحبه لانها هى من تنطقه؟
هل لاحظ الجميع طريقة نطقها المختلفة لاسمه أم هو فقط؟
فهى تنطقه بطريقة مختلفة تخفف الصاد قليلا ،وتجعله رقيقا أثناء نطقها له
ولم ينتبه من سرحانه إلا عندما ربتت أم أحمد على كتفه قائلة بمحبة :
ربنا يباركلك فيها يا بنى … يا زين ما اخترت …. ربنا يحميها …
انهاردة طول اليوم واقفة معانا فى المطبخ تعمل اللى انت بتحبه
بس الرز والسلطة واللحمة و الملوخية أما الباقى إحنا اللى عملناه…
شكلها بتحبك أوى …. ربنا يسعدكوا … ويبعد عنكوا العين .
أبتسم لها أصلان واتجه لغرفته وهو يؤمن على دعائها…. اما تلك القطة
التى هربت من أصلانها للمطبخ تختبئ من عيناه التى تثير بها ما لا تعرفه،
وتزيد من سرعة دقات قلبها ، و تجعلها تشعر بدغدغة أسفل معدتها.
– جلس الجميع على السفرة التى يترأسها الجد … وبعد تناول الطعام
جلس الجميع بالصالة إلا نعمة و زهرة اللتان ساعدتا برفعها ثم التنظيف
بالمطبخ … و بعد فترة قصيرة خرجت زهرة بالشاى هى وأم ذلك الوحش
اللطيف الذى يتابع كل تحركاتها بعينيه متبادلين اﻷحاديث المختلفة .
– أسامة بابتسامة صادقة :
منورة يا زهرة … أنا لو أعرف إن أكلك حلو كده كنت جيت من
بدرى … أنا هلبدلكوا هنا ….
– ابتسمت له زهرة بصدق :
أنا مش عاملة كله ماما هى اللى عملت أنا ساعدتها بس .
– أبتسم الجد لها وذلك الذى أعجبه منادتها لأمه ب ماما ، اما أسامة الذى
أبتسم بخبث :
أيوه أم أحمد قالت لنا إن أنتى اللى عاملة الرز والسلطة واللحمة و
الملوخية اللى بيحبهم أصلان والباقى هما اللى عملوه .
– تلون وجهها بحمرة لذيذة … ولم تستطع الرد على أسامة … أما أصلان
خزره بعينيه مما أوقف الضحكة بحلقه وتوعد له فى سره وأيضا بقتل
تلك الدادة التى كما يقولون مبيتبلش فى بؤها فولة .
– أكمل أسامة ثانية على الرغم من امتعاض أصلان منه :
بس الصراحه أنتى جيتى ليا نجدة من السما .
– تابع بعد أن تمكن من جذب انتباهها ثانية :
أيوه شايفة البت الحلوة دى ( مشيرا لسوما) خطيبتى مع إيقاف
التنفيذ … لأن جدى صمم مفيش أى حاجة رسمى إلا أما أصلان يخطب
اﻷول وبعدين أنا … وأديه الحمد لله عقدته انفكت مفضلش غيرى أنا
والغلبانة دى اللى من غير جواز فى البيت ده .
– ضحك الكل على كلامه .
– ثم توجه بالحديث لجده:
منور يا حج قدرى …. حبيب قلبك اتجوز أهو مش خطب …. أنا بقى
… حرام خللنا.
– صمت الجد ولم يجبه… فهو لم يحب التسرع بزواج أسامة إلا بعد استقرار
أمور أصلان ، وكذلك عدم رغبته بمجئ أسرة زاهر فى الوقت الحالى
إلا بعد أن يتمم أصلان زواجه ، فقال متضايقا:
مستعجل على إيه … الصبر …. مش وقته .
– أسامة بفقدان صبر :
لييييييييييييييييييييييييييه .
– الجد :
كده وخلاص … لما سوما تدخل الجامعة …. وترتب أمورها فيها .
– محمد بعبث:
أنا لو منك يا سوما استغل الخطوبة واتخرج اﻷول … وبعدين تتجوزى.
– أسامة منتحبا، يدعو على محمد بسره ،فقال مستغلا جملة الفنان فؤاد
المهندس فى فليم” أخطر رجل فى العالم ” .
محدش يحوشنى … سبونى اقفش رقبة الراجل ده.
أيوه يا أختى خلصى جامعة فى الخطوبة واستغلى التدريب فى
الكشف عليا ….
– ضحك الكل عليه مرة ثانية .
– فقال الجد ، بعد أن لاحظ حزن أسامة و سوما ، وعز عليه أن يكسر
بخاطر حفيدته اليتيمة ، فسلم أمر زهرة و أصلان لله :
طاب حتى لحد نص السنة أما نشوف مواعيد دراستها … عشان
متهملش فى الدراسة .
– ردت سوما سريعا :
لأ … مش هاهملها إن شاء الله .
– فضحك الكل على هذا الثنائي الجميل .
– ثم قال الجد :
يبقى على نص السنة إن شاء الله .
– صرخ أسامة حانقا :
لكن ده فى الشتا .
– رد عليه الجد ضاحكا :
أنت عندك حق ….بلاش …. خليها الصيف اللى بعده .
– تراجع أسامة :
إيه ….ﻷ…… الله يخليك يا جدى … شتا شتا ، ( وحرك حاجبيه ل
سوما ) أهو حتى ندفا.1
– خجلت سوما وضحك الكل ثانية .
– وفى العشا نفس الروتين …. ثم النوم الذى على غير العادة لم يأتى
سريعا عند زهرة و أصلان لكثرة انتظارهم له … حيث تقودهم رغبة
غريبة طوال اليوم بالاختلاء ببعضهم بعيدا عن الجميع وينعمان بتجربة
الأمان ثانية الذى استشعراه بجانب بعضهما …. وفى تلك المرة ناما
متقابلين تدرس عينا كل منهما ملامح اﻵخر بشغف جديد عليهما معا..
… واقترب أصلان منها جدا لايفصلها عنه سوى هذا الدب الذى بدأ
حقا يكرهه …. استمرا على هذا الحال مدة طويلة حتى ثقل تنفسهما
فادمعت عيناها من تلك اﻷحاسيس التى تشعر بها ﻷول مرة وتخيفها ..
أما هو فهدأ نفسه الثائرة والراغبة لقربها بقبلة رقيقة على جبينها …
أغمضت عيناها تستشعر قبلته الرقيقة التى و للعجب ترضى أحاسيسها
الجديدة عليها بشدة بل وعلى العكس تجعلها ترغب بالمزيد لترضى تلك
اﻷحاسيس …. أما هو ابتعد قليلا عنها على قدر طاقته ليقرأ على وجهها
وقلبه ما يجعلهما يجزعان … إلا أنه تحكم بزمام نفسه وأغمض عينيه قليلا
ليهدأ ثم ذهب لنوم عميق ساعده فيه رائحتها الرقيقة التى تنعش قلبه رائحة الياسمين … كذلك ذهبت هى بنوم عميق بعد أن أعادت قبلته بعقلها
مرارا كتعويذة لراحتها .
.
جناح أصلان /بعد مرور شهر/ فى شرفته المطلة على الحديقة :
– وقف أصلان بشرفة جناحه يتابع قطته التى ترتدى فستانا محتشم طويل
اﻷكمام ويصل لقدميها من خامة الجينز ،يتوسطه حزام بسيط جملى وشالا
على أحد أكتافها لونه جملى وكذلك الحذاء المسطح الذى ترتديه ، شعرها
مفرودا على طول ظهرها وحتى منتصف أفخاذها فشكلت لوحة فنية بديعة
… تتحدث مع أمه فى الحديقة وتساعدها فى كل أعمالها لاتفارقها ….
فكانت قطته كأبنة لها وكانت أمه اﻷم التى لم تراها …. فاصبحتا لا
تبتعدان عن بعضهما من بداية اليوم وحتى نهايته … فأصبحت أمه أكثر
سعادة بمرافقتها…. حتى أنها تأخذ قطته منه لتبيت معها عدة أيام فى
اﻷسبوع … وهو يتحسر على هذه اﻷيام التى تحرمه أمه فيها من رائحة
الياسمين و قبلته لجبينها التى يعلم الله كم ينتظرها … حتى وإن كان لا
يوضح لها ذلك … فقد عمد فى الشهر السابق إلى تجنبها بشكل واضح
أستغرب له الكل …. حتى وإن كان لا يدخر جهد فى سبيل راحتها ولكن
بطريقة غير مباشرة …. نجحت قطته فى احتلال مكانا بقلوب الجميع …
… فأصبحت إبنة أمه المفضلة والحفيدة الجديدة للجد يعتمد عليها هو و
أمه بأدويتهم فجرا وتتسامر معهم ثم تتجه للمساعدة بتحضير الطعام،
تستمع لأحاديث الجد عن كل ما يخص الزرع والحيوانات لاتمل منه بل
كانت شغوفة بكل ما يقصه عليها ، فأشبعت رغبته بوجود حفيد يشاركه
اهتماماته وأشبع رغبتها بوجود جد يدللها.
– وأصبحت حكما دائما لسوما وأسامة تفصل فى خلافاتهم اليومية ، وتتخذ
دائما صف سوما التى أصبحت أختا لها فهما خجولتان و بنفس السن و
ليس لهما أخوة ، ولهما نفس الدراسة مما جعلهما مقربتان.
– أما أسماء أخته الطيبة البسيطة التى لهاها بدة قليلا عن حبيب عمرها
محمد …. كانت تأخذه منها وتعتنى به هى و سوما مما سمح لها بالمزيد
من الوقت مع زوجها وأضاف ل حياتهما نكهة جديدة .
– حتى أم أحمد و أبو أحمد اللذان تناديهما ب دادة و عمى اعتبراها كأبنة
لهم تعوضهما عن غياب ابنهما أحمد الذى سافر للخارج ليكون نفسه …
ففى وقت فراغهم تذهب لأبو أحمد وتعتنى معه بالحديقة واعتاد هو أن
يقطف لها يوميا باقة من الورد والتى تفرح بها كثيرا … وتتدخل فى
مناقرتهم اليومية لترضى الطرفين الذى يتهم أحدهم اﻵخر بأنه يزرع
ورد أحسن منه ويرد عليها أبو أحمد بأنها تغير ﻷنه قال أن طعام زهرة
أفضل من طعامها …. كما أن أم أحمد لاتنفك كل حين وآخر تقبلها على
وجنتيها و تحتضنها أمام الجميع حتى كاد أن يقتل الدادة و يصرخ بالجميع بالابتعاد عنها وتركها له وحده يتنعم بها . 1
– أما هو أخذ قرارا جديا منذ شهر بتجنبها … ولكن بوجودها أمامه دائمآ
وتصرفاتها التلقائية البريئة التى لم يصمد أمامها طويلا فأصبحت نظراته
المسترقة تأملات … وتحولت التأملات من استغراب لتصرفاتها فاعجاب
بها ثم وله وشغف بكل ما يخصها … وأصبح يجر حسرات بقلبه على
هذا الحلم المستحيل الذى جعله القدر أمامه ليزيد عذابه … وما أقساه
من عذاب …. جعله دون وعى منه أن يهتم بكل تفاصيلها و احتياجاتها
و سبل راحتها عن طريق سوما أو أمه دون تدخل مباشر منه … بعد فترة
لاحظ هدوئها و استكانتها….. ثم حزنها ، لم تتغير تصرفاتها ولكنها
حزينة بطريقة جعلته يشك بنفسه ،
هل قصر بحقها ؟
هل أهمل شئ ما كان ليسعدها؟
ما الذى تغير ؟
وعلى قدر تشوقه لمعرفة الإجابة …. إلا أنها لم تريحه هو أيضا بل
تسببت بعذابه أكثر … فقطته الصغيرة وقعت بالحب وللأسف فى حبه
هو وحشها اللطيف .
– فبادلته النظرات بالنظرات…. والتأمل بالتأمل …. هو يتحسر وهى تحزن
…. ل استحالة حبهما…. على الرغم من تشجيع من حولهم لذلك إلا أن
ضميره الذى أصبح أكثر حساسية تجاهها يرفض ذلك …. فهى بعينه اجمل
قطة قد يقابلها يوما … أميرته الصغيرة التى تستحق أميرا مثلها … ولكن
ليس هو خشن الطباع و خشن الملامح أو للصدق ملامحه رجولية جدا لا
تليق بعصفورة صغيرة مثلها ولكن تليق بأمراة ناضجة عنها تقاربه سنا
غافلا أنه تحت راية الحب يتساوى الجميع الكبير والصغير ، الغنى والفقير
، السليم والمريض تكون الغلبة فيه لمن صدقت مشاعره .
– سنه لا يليق بها …. طباعه الوحشية مع الجميع لاتليق بها … ملامحه
الخشنة لا تليق بها …. تشوه جسده لا يليق بها …. حتى هداه ربه لحل
هو اﻷقرب لضميره…. و هو الانفصال عنها بعد مدة قصيرة ويجعلها
تعود لمنزلها ويتحدث مع أبيها ليفهمه وجهة نظره التى سيكون أكثر من
مرحب بها دون أن يمس الأمر أخته إسراء .
– وتنفيذا لفكره منعها من أن تقوم بشئ له … منعها من تحضير الطعام
إلا أنها تتفنن فى عمل كل ما يحبه …. منعها من تقديم الدواء له فهو
يأخذ نوع من اﻷدوية بشكل يومى طول عمره تعويضا عن عملية جراحية
قام فيها باستئصال الغدة فاهتمت به يوميا ترسله مع أم أحمد بعد أن كاد
ينساه … منعها من الاهتمام بملابسه إلا أنها تهتم بفرزها وغسل المتسخ
منها وكويها أيضا ،وتحضر له ما يرتديه بشكل يومى على الرغم من
تجاهله له وارتداء عباءة وجلباب آخر …. منعها من انتظاره ليلا فهو يعمل
من السابعة صباحا إلى الثانية ظهرا ثم من الخامسة إلى التاسعة ولكنه
أصبح يتأخر عن الحضور لمنزله حتى تنام فلا يضعف لمعتباتها الرقيقة من
نظراتها التى كللها الحزن .
– طفح كيله منها … يستمر بجرحها وإخبارها أنه لا يريد شئ منها … لا
يجد منها إلا الصمت والضرب باوامره عرض الحائط ،فلم تغير تصرفاتها
معه منذ يومها اﻷول بالمنزل … مهما يمنعها أو يهمل ما تفعله لا تتغير
… لا تتحدث معه كما طلب منها مؤخرا إلا عن طريق حزنها الذى زاد فى
الفترة اﻷخيرة وكأنها انطفأت …. والصمت الذى امتد معه ليشمل رويدا رويدا باقى أفراد أسرته … وبدلا من أن يبتعد هو عنها … ابتعدت هيا عنه
كما أمرها و لكنها لا تهمله والله وحده يعلم كم يضايقه هذا البعد ….
فحرمته من الشيئين اللذان يصبراه على نيته وهو رؤيتها فلم يعد يراها
بل أصبحت تختبأ منه ، ورائحتها ليلا وهى غافية بجانبه وقد تكفلت أمه
بذلك ، فجعلتها تنام معها بحجرتها دائما بعد أن استشعرت مضايقة ابنها
لملاكه واصطحبت معها ذلك الدب الذى يكرهه بشدة .
بحديقة منزل قدرى :
-نزلت زهرة من غرفتها إلى الحديقة بعد أن تأكدت من وجود أصلان بغرفة
مكتبه …. فهو مؤخرا لم يذهب لعمله مع الجد وأسامة ومحمد … تجلس
على اﻷرجوحة تفكر به هو وحده من ملك تفكيرها و كيانها و أحلامها …
.. وأصبحت تتنفسه مع الهواء … وصدقت بأن القلوب تتآلف واﻷرواح
تتوحد و العيون تعشق من نظرة واحدة ألقتها عليه يوم زفافها بحجرة
عمتها وهو يجلس أمامها بهيبته ويرفع ذقنها ليشاهد وجهها وكانت
تلك النظرة سبب فى تغيرها وتبدلها و كأنها أصبحت واحدة أخرى أو
إنسانة جديدة لأتعرف عنها شئ… جعلتها تبدل ثوب مراهقتها بثوب
أنثوى ناضج يتمنى ذلك الوحش بكل كيانه …. تلك التغيرات الجديدة
أربكتها و خوفتها لدرجة شكها بسلامة عقلها … فأصبحت تهيم به عشقا
مجنونا ودفينا بها لا تعلم عنه شئ أو من أين استمدته وهى التى ظلت
طوال سنوات حياتها فى كنف عمتها وزوجها ولم يكن لها صداقات ممن
بسنها فكانت تائهة … لا تتمالك نفسها أمامه مما جعلها تهرب منه كما
يهرب منها حتى لا تفضحها عيناها الخائنتان اللتان ترسمان مشاعر صادقة
و قلبها الخائن صاحب الدقات العالية والسريعة بحضرته و بغيابه يتألم
قلبها الخائن شوقا له … وتتألم عيناها الخائنة فتذرف دمعا … وتجد
نفسها تتسآل :
ما هذا الشوق الشديد له ؟
ما هذه الرغبة الشديدة بقربه لها ؟
ما هذا الخوف الشديد عليه وكأنه أبنها الذى يخطو أولى
خطواته وهو الذى يهابه الجميع فلو سمع أحدهم
فكرها لانفجر ضحكا عليها ؟
ما هذه المشاعر المخجلة لها والتى تفهمها اﻷنثى بفطرتها ؟
يالله …. هى تحبه …. تعشقه…. تهيم به …. وأيقنت أن ما تشعر به
تجاهه ليس بيدها بل هى محبة وضعها الله مقلب القلوب بها … له وحده
هذا اﻷصلان الذى تشعر بفطرتها كأنثى أن به مثل ما بها …. لكنه يرفض
مثلما هى تخاف فما يحتل قلوبهم ليست عاطفة عادية بل عاصفة ستهدم
أسوارهم وأهتماماتهم و أولوياتهم بل ستبدلهم كليا … وهنا يظهر السؤال:
هل هما على استعداد لذلك ؟
– لم تفق من أفكارها إلا على صراخ وحشها الذى كان مراقبا لها من نافذة
غرفة مكتبه المطلة على الحديقة … ووجدته يقترب منها كالمجنون.
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية زهرة الأصلان)