روايات

رواية زئير القلوب (عروس مصر) الفصل السابع 7 بقلم سهام أحمد

رواية زئير القلوب (عروس مصر) الفصل السابع 7 بقلم سهام أحمد

رواية زئير القلوب (عروس مصر) الجزء السابع

رواية زئير القلوب (عروس مصر) البارت السابع

زئير القلوب (عروس مصر)
زئير القلوب (عروس مصر)

رواية زئير القلوب (عروس مصر) الحلقة السابعة

دق جرس الباب وتقدمت الخادمة تفتح، إذا بتلك الجميلة ذات الغرور تدخل منزلها بكل ثقة:
-حمد الله على السلامة يا سلمى هانم.
-الله يسلمك يا عبير، امال فين بابا؟
أجابها من الداخل وهو يجلس على طاولة الطعام ينتظرها لتناول الغداء:
-انا هنا يا هانم، هو انتي لسه فاكرة أن ليكي اب تسألي عليه؟
لم تلق بالا لتلك الكلمات التي عاتبها بها، ولم تعرف انتباه، ذهبت باتجاه الدرج قائلة:
-انا طالعه ارتاح في اوضتي شوية يا عبير، من فضلك مش عايزة حد يزعجني؛ علشان عندي اجتماع مهم كمان ساعتين.
-حاضر يا سلمى هانم.
عندما تخطت قدماها الثلاث درجات، وقف غاضباً ينادي عليها، يزفر أنفاسا حاذقة:
-استني هنا، انتي نسيتي نفسك يا بنت والا إيه؟ انتي ازاي تتعاملي معايا بالاسلوب ده؟!
اردفت تنظر إليه بهدوء ونزلت درجة واحدة وهي تقول:
-اسف يا بابا بعد اذنك انا طالعة ارتاح.
أدارت ظهرها إليه وصعدت تلك الدرجة التي نزلتها سابقاً، زفر بضيق وصعد خلفها:
-قلتلك استني.
نظرت إلى الخادمة بنظرات حادة وكأنها تتسائل عن جرأتها للبقاء وسماع احاديثهما معا، طأطأت تلك العبير رأسها أرضا وذهب مسرعة إلى الداخل، امسك والدها بزراعها على الدرج يجذبها إليه قائلاً:
-وانتي اتجننتي يا سلمى! كل ده علشان واحد رفضك قبل كده وسابك زي ال…
-زي ايه يا بابا ما تكمل، حضرتك تقصد زي الكلبة مش كده؟ سكت ليه؟
التقط أنفاسه بحزن يحاول التحدث بهدوء:
-انا ابوكي يا سلمى انا خايف عليكي، وعمرك ما هتلاقي حد يخاف عليكي ادي، انا مش عايزك تتوجعي تاني افهمي بقا.
-من فضلك يا بابا نتكلم في الموضوع ده بعدين، انا بجد تعبانة ومش قادرة اتكلم دلوقتي ومحتاجة ارتاح.
ترك زراعيها ثم ربت على كتفيها برفق:
-انا عايزك تعرفي حاجة واحدة، انا ماعنديش في الدنيا دي كلها حاجة اغلى منك ولا اهم منك؛ علشان كده مش هسمحلك انك تأذي نفسك تاني يا سلمى، ياريت تفهمي اني خايف عليكي، انتي اللي باقيالي من ريحة امك الله يرحمها، لو جرالك حاجة انا مش هعيش تاني يا سلمى.
ضمته إليها بشدة وهي تحاول تهدئته:
-بعد الشر عليك يا بابا ماتقولش كده، حضرتك مكبر الموضوع ومديه اكبر من حجمه.
-انا برضوا اللي مكبر الموضوع؟!
-اه يا بابا حضرتك؛ لأن انا بفكر فيه بطريقة مختلفة، وتأكد أن عمري ماهعمل حاجة وحضرتك مش راضي عنها، عمري ما هقلل منك في حاجة، اللي دايقني من حضرتك انك اخدت القرار عني من غير ما تاخد رأيي ولا تناقشني، من غير حتى ماتسمعني ولا كلفت نفسك تسألني ايه احساسك ولا جواكي ايه.
-سلمى يا بنتي اسمعيني.
-انا عارفة يا بابا عارفة؛ علشان كده انا بقول لحضرتك خلينا نتكلم في الموضوع ده بعدين؛ لأني بجد تعبانة ومحتاجة ارتاح ؛ علشان اجتماع بالليل.
-مافي يا سلمى زي ماتحبي، المهم انك ماتكونيش زعلانه مني.
-لأ يا بابا انا عمري مازعل من حضرتك.
-ماشي يا بنتي اطلعي ارتاحي.
-ماشي يا بابا اشوفك بعدين.
-بالتوفيق في اجتماعك.
-شكرا يا حبيبي.
صعدت إلى غرفتها ورميت بحقيبة يدها على سريرها واسرعت إلى تراسها، امسكت بسوره بشدة تلتقط أنفاسها من الهواء النقي، تحاول إيقاف تلك الأمطار التي تتساقط من عينيها دون توقف، بالكاد منعت سقوطها أمام والدها، عندما سمعت منه تلك الكلمات المولمة “واحد رفضك قبل كده وسابك زي ال…” ، ثم مسحت براحتيها خديها المبللين وعادت ترتمي بين احضان فراشها ووسادتها التي هي المأوى الوحيد لها لتفضي به كل ما بها من آلام وأوجاع.
~~~
في غرفة الاستقبال يجلس السيد فارس وعلى يمينه ابنته ليلى تحمل صغيرها، على يساره فوزي زوجها، يحاولان تبرير تلك الكلمات التي سمعتها ليلى عن حالتها؛ حتى لا تسر اكثر فاكثر.
تحدث السيد فارس قائلا:
-ليلى يا بنتي انتي محتاجة لدكتور نفساني مش علشان انتي مجنونه ولا حاجة لا سمح الله؛ علشان يا بنتي الفترة اللي كنتي فيها في الغيبوبة فارس كبر وانتي بقالك فترة ماتعاملتيش معاه؛ علشان كده الدكتور نصح بدكتور نفسي؛ علشان مصلحة ابنك يا ليلى مش اكتر.
تحدث فوزي بجدية قائلاً:
-ليلى انتي لازم تاخدي بالك من نفسك وترجعي زي الاول؛ علشان ابنك محتاجلك وعلشان..
بترت حديثه يتهكم قائلة:
-اسكت انت ماتتكلمش خالص، اصلا ماحدش طلب منك رأيك ولا طلب منك تتكلم، هو انت اصلا بتعمل ايه هنا؟ انت ايه مقعدك هنا؟
تحدث السيد فارس والدها بهدوء قائلاً:
-عيب يا ليلى مايصحش كده، ده ابو ابنك ماينفعش اللي بتقوله ده يا بنتي انتي بتفهمي في الاصول.
-اصول؟! اصول ايه يا بابا؟ هو ده يعرف يعني ايه اصول.
وقف منتفضاً يزفر بضيق من شدة الغضب:
-ليلى، خدي بالك من كلامك، انتي بتكلمي جوزك وابواب ابنك، مش معنى اني غلطت في حقك وانك معاكي حق تزعلي يبقا هقبل انك تهينيني بالشكل ده، لآخر مرة هقولك يا ليلى خدي بالك من كلامك.
زفرت أنفاسا حاذقة وقامت منتفضة تعطي الصغير لوالدها، اقبلت عليه تواجهه وجها لوجه، كمواجهة أنثى الاسد لعدوها وهي تضع عيناها بعينيه بكل ثقة، تفرض هيمنتها على منطقتها وعليه:
-هاتعمل ايه ها؟ فاكر إن كلامك ده هز شعرة مني هه تبقا غلطان، انت ماغلطش في حقي يا فوزي، انا اللي غلطت في حق نفسي لما صدقت واحد ندل وجبان زيك.
رفع يده الى اعلى غير مدركاً ما يقدم على فعله من شدة الغضب، بصوت مرتفع ونبرات تهديد يلفظ اسمها:
-ليلى.
اغمضت عيناها خوفاً ورفعت يداها بتلقائية امام وجهها تحميه، ثم وقف والدها بصوت حاد جعله يتراجع عما كان مقدما على فعله وهو صفعها:
-نزل ايدك، ليلى خدي ابنك وادخلي اوضتك.
– بابا.
-قلت خدي ابنك وادخلي اوضتك.
حملت الصغير باكية متجهة إلى غرفتها، وقف امامه السيد فارس وهو يعقد يديه خلف ظهره، ثم حاول فوزي الاعتذار منه:
-عمو فارس أناااا.
أفرج عن يديه وبترت حديثه تلك الصفعة التي تلقاها على وجهه منه، كأانها رياح عاتية تضرب اغصان الاشجار بشدة؛ حتى تترك بها اثرا لا ينسى ولا يمكن إصلاحه:
-القلم ده اللي انت كنت عايز تضربه لبنتي قدامي وفي بيتي، بالرغم من كل اللي انت عملته واللي انت اتسببت فيه
بقول انك ابو فارس وعيب ومايصحش وماينفعش.
امسك بياقته بقوة، بنبرات تهديد وغضب:
-لكن لما توصل انك تتجرأ وتفكر ترفع ايدك على بنتي قدامي وفي بيتي وانت مش عامل اي حساب ولا احترام لو٠ودي يبقا تتفضل تطلع برا من غير مطرود برا.
دفعه بيديه بقوة إلى الخلف ثم قال وهو يشير إليه بإصبعه:
-البيت ده ماتدخلوش تاني، اما بقا اللي بينك وبين ليلى دي حاجة تخصها انا مقدرش اتكلم فيها ولا اخد قرار فيها، ولحد ما هي تاخد قرارها ماشوفش وشك هنا تاني، اخرج برا برا.
دفعه إلى خارج المنزل واغلق الباب، وقف فوزي امام المنزل وهو يضع يده على فكه يتحسس تلك الصفعة التي آلمته بقلبه اكثر من وجهه، اخرج هاتفه وقام بالاتصال بصديقه الطبيب خالد وطلب منه البقاء في منزله لفترة قصيرة؛ حتى يستعد للذهاب، بعدما الخبره بما حدث بينه وبين ليلى ووالدها.
بينما كان يقف يتحدث عبر الهاتف، تسللت بانظارها من خلف ستار النافذة تتفقد حالته، يا لهذا العشق الذي يضرم النيران في قلوب العشاق مائة مرة، ويطفئها في نفس الوقت مائة وخمسون مرة؛ لذلك أقول أن كل عاشق مجنون وليس كل مجنون عاشق.
بينما تنظر دخل والدها السيد فارس:
-ليلى.
تركت الستار منتفضة، عادت إلى صغيرها على السرير على الفور:
-تعالى يا بابا اتفضل، انا كنت بشم شوية هوا.
-اقعدي يا ليلى عايز اتكلم معاكي وبهدوء ومن غير عصبية.
-اتفضلي يا بابا.
-انا طردت فوزي من البيت، بس ده مش معناه اني همنعك تشوفيه او يشوفك ويشوف ابنه في اي وقت؛ لانك لسه مراته وفارس ابنه.
-يا بابا أناااا.
– اسمعيني للآخر يا ليلى، مفيش قرار يا بنتي بيتاخد وقت الغضب بيكون صح، اللي بينك وبين فوزي حاجة تخصكم، تكملي معاه او تسيبيه ده قرارك انتي حرة فيه، لكن انا بالنسبالي فوزي هو ابو ابنك وبس.
-بابا انا عمري ماهقدر اكمل مع انسان كان السبب في موت ماما، عمري ماهقدر اعيش معاه تاني.
-لأ يا بنتي لاانتي انسانه عاقلة ومتعلمة يا ليلى، امك الله يرحمها كان ده عمرها يا بنتي، وقضاء ربنا قبل اي شيء.
-ونعم بالله يا بابا لكن ايه الاسباب اللي خلت ماما حالتها توصل لكده، مش تعبي انا ومين كان السبب في تعبي؟ مش هو يا بابا.
-انا مقدرش ابررله ولا اقدر اشرحلك اسبابه؛ علشان كده انتي قدامك حل من اتنين، يا اما تقعدي معاه وتسمعيه ويسمهك وتحكوا مع بعض وتنهي الموضوع ده وتاخدي قرارك فيه، يا اما الموضوع يتقفل على كده وكل اللي بينك وبينه ابنك وبس، ومش هسمحلك تفتحي الموضوع ده بعد كده او تتكلمي فيه طول مانا عايش، القرار ليكي فكري وقوليلي نويتي على ايه، تصبحي على خير.
– وحضرتك من اهله يا بابا.
بعدما خرج والدها اسرعت إلى النافذة ظنا منها إنه مازال منتظرا بالخارج، لكن قد خاب ظنها غادر ولا تعلم الى اين.
عادت إلى فراشها تفرك جبينها بتفكير وشرود طوال الليل، بعدما غفل صغيرها تجولت في الغرفة طوال الليل، كأنها قصر كبير لا نهاية له، حتى عليها التعب والنعاس وكانت قد تخطت الساعة السادسة صباحاً.
يجلس كل فرد شاردا في همه وما يؤلمه او يفرحه، يجلس السيد فارس بغرفته وحيدا على فراشه بعد موت رفيقة عمره، ويجلس السيد ضاهر في غرفته الفخمة بقصره الكبير على تراسه يفكر ماذا سيفعل وكيف سيقنع ابنه بالزواج من سلمى، بينما تتأمل سلمى عبر اللاب توب صورها مع فوزي وهي صغيرة، وفي غرفة تنام ليلى وهي تحتضن صغيرها لا تدري ماذا سيكتب عليها القدر لاحقاً، بينما فوزي يجلس بتراس غرفة صديقه يبكي حزيناً على ما وصل إليه وماحدث بينه وبين ليلى ووالدها، لقد خسر حب حياته وكان معتقدا إنه يفعل الصواب.
كل شخص لديه وجهة نظر مختلفة ورؤية اخرى للامور، لكن احكام القلوب لا وصي عليها ولا سلطان، فعندما يحكم القلب تخضع له جميع الجوارح.

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية زئير القلوب (عروس مصر))

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى