روايات

رواية زئير القلوب (عروس مصر) الفصل الثاني والعشرون 22 بقلم سهام أحمد

موقع كتابك في سطور

رواية زئير القلوب (عروس مصر) الفصل الثاني والعشرون 22 بقلم سهام أحمد

رواية زئير القلوب (عروس مصر) الجزء الثاني والعشرون

رواية زئير القلوب (عروس مصر) البارت الثاني والعشرون

زئير القلوب (عروس مصر)

رواية زئير القلوب (عروس مصر) الحلقة الثانية والعشرون

عودة خالد.
الفصل الثاني والعشرين
مهما كانت تجذبك تلك المباني الشاهقة، والقصور الفخمة، الا انها ليس دائما ماتكون بهذا الجمال من الداخل عند العيش بها، على قدر جمالها وفخامتها من الخارج والداخل على قدر افتقدها للدفء والروح.
تلك هي الحياة التي كانت تعيشها سلمى زوجة فوزي في قصره الفخم، تهتم بالمظاهر والعمل والمناسبات وابنائها وزوجها، لكن لم تكن تلك الام التي تحرص على جمعتهم على طاولة واحدة في آن واحد، تلك الرفاهية في الحياة التي تسهل لاحقا على افراد العائلة الإنفصال، فليس هناك روابط تجبرهم على البقاء معا، فكل منهم يفعل ما يريد ومتى اراد.
ظلت سلمى تحاول التواصل مع فوزي لكنه لم يجيب، قامت بالاتصال بسارة، سمعت سارة صوت هاتفها يرن داخل الغرفة فقامت من على طاولة الطعام:
-ده تليفوني، بعد اذنكم الف هنا انا شبعت.
قالت ليلى مبتسمة:
-الف هنا يا حبيبتي على قلبك.
-ميرسي يا طنط.
دخلت سارة إلى غرفتها ونظرت إلى الهاتف إذا بمكالمة واردة من مامي:
-الو ماما.
-ايه يا حبيبتي عاملة ايه؟
-انا الحمد لله بخير، وحضرتك وآدم.
-انا كويسه وآدم كمان، بحاول اكلم بابا من الصبح مش بيرد عليا.
-اكيد مش سامع الفون يا ماما.
-امال انتي سمعتيه ازاي هو مش معاكي؟
-انا علشان كنت قريبه منه، بابا لا في اوضته جوا، هقوله إن حضرتك اتصلتي، طمنيني عليكم وحشتوني اوي.
-طمنيني انتي عليكي، احكيلي ايه اللي حصل يا سارة، ازاي تقعدي في بيت حد مانعرفوش.
-ماما ده فارس اخويا، مش حد مانعرفوش.
-ولو يا حبيبتي انتي لسه عارفاه، وبعدين احنا ماتعرفش مامته، بتعاملك ازاي ولا ممكن تعمل معاكي ايه.
-هههه ايه يا ماما اللي بتقوليه ده، طنط ليلى ست زوق جدا وشيك جدا، وبعدين ماتشغليش بال حضرتك بالمواضيع دي.
-بتقوليلها يا طنط، خلاص بقت طنط يا سارة، انا مهما اتكلمت معاكي مش هعرف اخد منك حق ولا باطل، عنيدة زي ابوكي.
-ماما من فضلك، اطمني علينا احنا كويسين وهانرجع قريب انا وبابا.
-بجد؟!
-اه بجد، عندي كام حاجة عندك هخلصها وارجع تاني.
-طيب اوك خلي بالك من نفسك ومن بابا؟
-حاضر يا ماما وانتي كمان، باااي.
-باااي.
~~~
في منزل السيد حسام الدين والد الدكتور خالد عاد خالد من غربته بعد وفاة زوجته، مرضت ابنته عبير؛ بسبب فقدانها لوالدتها وهي مازالت صغيرة، في سن العشرين تقريبا، جلبها خالد إلى منزل جدتها وجدها؛ حتى لا تشعر بالوحدة مرة ثانية، طلبت منها خالتها داليا أن تأتي للمكوث مع ثريا في منزلها، لكن رفض والدها حتى لاتكون عبئا عليها وطلب من ثريا أن تأتي للمكوث معها في منزلهم.
وافقت ثريا على الفور، فهذا المنزل الذي لم يبعد مسافة كبيرة عن منزل فارس، بينما تجلس ثريا وعبير في غرفته، طرق خالد الباب ودخل يجلس؛ ليتبادل الحديث معهم:
-ايه يا بنات عاملين ايه؟
-تمام يا خالو الحمد لله، حضرتك ماتتخيليش وحشتني اد ايه وعبير كمان.
-حبيبتي يا ثريا وانتي كمان والله،عاملة ايه احكيلي وصلتي لفين، شايفك ماشاء الله بقيتي نجمة وحققتي حلمك.
-الحمد لله يا خالو، الحمد لله.
تحدثت عبير وقالت:
-ثريا ممكن لما تروحي حفلة تاخديني معاكي، عايزة اشوفك وانتي بتغني على الطبيعة ممكن؟
-اكيد طبعا يا بيروا انتي بتسألي، انتي قبل مني بعد اذنك يا خالو طبعا.
-اكيد يا حبايبي انبسطوا مع بعض براحتكم، اسيبكم انا بقا تنامو، يلا تصبحوا على خير.
-وحضرتك من اهله.
خرج خالد من الغرفة وجلست عبير تنظر إلى ثريا وتتساءل:
-ثريا؟ انتي لسه بتشوفي فارس وطنط ليلى؟
طأطأت ثريا رأسها بحزن واسى، ثم رفعت رأسها تنظر إليها:
-لأ يا عبير مش دايما يعني تقدري تقولي بقيت اشوفهم بالصدفة.
قامت عبير من مكانها وجلست جوار ثريا على مخدعها، اقتربت منها وقالت:
-ممكن اطلب منك طلب، بس اوعديني إن بابا مايعرفش حاجة عنه.
استغربت ثريا من كلامها وقالت:
-طب ايه ده اللي مش عايزة بابا يعرفه؟! وليه؟
-اوعديني الاول يا ثريا من فضلك.
-طيب اوك اوعدك، بس اعرف ايه هو الطلب الاول.
-لأ اوعديني الاول.
-طيب يا ستي اوعدك إنه مش هايعرف، ممكن تقوليلي بقا في ايه؟
-انا عايزة اروح لطنط ليلى البيت، عايزاكي تيجي معايا.
وقفت ثريا متفاجئة من طلبها ورفضت بشدة:
-انتي بتقولي ايه يا بنتي انتي اتجننتي صح، مستحيل اروح هناك طبعا، انتي عارفة إن انا وفارس سبنا بعض من زمان، ليه غاوية تقلبي عليا المواجع، انا مابصدق انسى.
-تنسي ايه بس انتي بتضحكي عليا ولا على نفسك، انتي عمرك ماهاتقدري تنسي فارس وانا وانتي عارفين الكلام ده كويس.
-ومدام انتي عارفة كده ليه عايزاني ارحم هناك وعارفة اني ممكن اشوفه؟
-علشان بابا يا ثريا، بابا تعبان ومش بيبين، انا عمري ماشفته مبسوط غير لما بيحكي عليها ويجيب سيرتها، انا عايزة اروح لها علشان اقنعها ترجعله وتتكلم معاه، بابا مبقاش هو يا ثريا من وقت ما ماما ماتت وهو بقا يبعد عني اكتر واكتر، انا خايفة يا ثريا اخسره، خايفة يكون معايا وهو مش معايا وده اللي بقيت الاحظه عليه دلوقتي.
-طب وانتي ايه عرفك إنه عايز كده، ماهو ممكن يكون مش عايز يرجعلها.
-لأ يا ثريا أنا عارفة بابا كويس، طنط ليلى هي حبه الاول والاخير، هاتساعديني يا ثريا، علشان خاطري من فضلك؟
-اوووووف على زنك يا عبير، طيب اوك هاوديكي هناك بس انا مش هدخل انا هوصلك واستناكي في مكان قريب.
-طيب اوك ماشي، شكرا يا ثريا بجد.
ضمتها إليها بسعادة وقالت ثريا:
-ولو المهم تكوني مبسوطة يا حبيبتي.
~~~
في اليوم التالي خرج فارس وسارة والسيد فوزي إلى الغداء خارج المنزل، ظلت ليلى بمفردها في المنزل واصرت على ذلك؛ لأنها لا تريد أن تكون بين الاب وابنائه حتى يتعرف فارس على والده دون قيود من وجودها، طرق الباب وفتحت ليلى فوجدت ثريا وفتاة معها، نظرت إلى ثريا وقالت باستغراب:
-ثريا؟! عاش من شافك، تعالي اتفضلي.
-شكرا يا طنط انا ورايا مشوار، دي عبير بنت خالي خالد، جايه علشان تشوفك.
نظرت إليها ليلى بحنان وحب، لمست وجهها وبالاخص خدها براحتها وقالت مبتسمة:
-في شبه كبير من ابوكي على فكرة، تعالي ادخلوا، ادخلي يا ثريا تعالي.
-شكرا يا طنط مرة تانيه، عبير لما تخلصي كلميني اوك.
امسكت ليلى بيد ثريا وقالت:
-اللي بينك وبين فارس مالوش علاقة باللي بيني وبينك يا بنت، ادخلي انتي وحشاني بجد انتي وامك كمان.
ابتسمت ثريا وضمتها إليها ودخلت معها إلى المنزل.
دخلت ثريا إلى غرفة فارس وتركت عبير وليلى يتحدثون مع بعضهم البعض، تمشي في الغرفة وتلمس الاشياء الخاصة به بيدها، تلمس ملابسه، وصوره وجلست على فراشه وامسكت بوسادته تشم رائحته منها، ثم قامت إلى خزانة ملابسها واخرجت منها قميصها المفضل الذي دائما ما كانت تحب أن تراه يرتديه، وضعته في حقيبتها؛ حتى تشتم منه رائحته متى ارادت ذلك.
خرجت للجلوس مع عبير وليلى، تحدثت عبير إلى ليلى وهي تمسك يدها قائلة:
-طنط ليلى انا عرفت حضرتك من كلام بابا عنك، حكياته اللي مش بتخلص عليكي.
ابتسمت ليلى وقالت:
-ابوكي من اكتر الناس اللى كانت ليها مكانة كبيرة اوي عندي يا عبير.
-كانت ليها طب ودلوقتي ايه.
تعجبت ثريا من سؤالها وقالت باستغراب:
-تقصدي ايه مش فاهمة.
-طنط ليلى انا هتكلم مع حضرتك بصراحة بابا محتاجلك اوي، محتاج وجودك جمبه، انا عمري ماشفته مبسوط اد ما كنت بشوفه وهو بيحكي عنك وبيجيب سيرتك، بابا عمره ماحب حد غيرك ولا هيحب حد غيرك، حتى ماما الله يرحمها عمره ماحبها ادك.
تنهدت ليلى وشردت لعدة ثوان، عادت للنظر إليها ثم قالت، يمكن ربنا جعلك سبب يا عبير علشان اصلح غلطة زمان انا عملتها، وهي اني خليت خالد يمشي ويبعد عني، على فكرة انا كمان بحب خالد اوي بس عمري ماقولتله، ولا صارحته بده، ويوم مافكرت اصارحه هو سكتني بطريقته، المهم انا مكنتش مستنية مجيتك من وقت ما سمعت إن خالد رجع، كنت محتاجة وقت مناسب بس علشان اقدر اكلمه.
اثناء حديثهم طرق الباب، قامت ثريا وعبير منتفضتين:
-يا خبر اكيد ده فارس، انا قلتلك بلاش اجي يا عبير، خبيني يا طنط والنبي خبيني.
-طب ادخلوا هنا فارس مش بيدخل الاوضة دي، ادخلوا، انا هاخد وادخل على الصالون وانتو اخرجوا تمام.
-ماشي تمام.
خرجت ليلى واتجهت إلى الباب تفتحه، فتحت الباب ووقفت كالصنم، تجمدت في ارضها من الفجأة، لا تعلم ان كانت تفرح ام تبكي ام ماذا تفعل، تذكرت فقط أن ثريا و عبير في الغرفة، أمسكت بيد هذا الذي يقف أمامها واخذته إلى غرفتها واغلقت الباب حتى خرجت ثريا وعبير، بعد عدة دقائق خرجت به إلى غرفة الاستقبال.
ظل يتعجب من افعالها وامسك بها من كتفيها ونظر إليها قائلاً:
-مش عارف ده ايه بس حاسس انك مكنتيش حابة تشوفيني، ليه التوتر ده كله؟
نظرت إلى عينيه بأعين دامعة، نظر إليها وقال:
-انا جيت علشان اقولك أنا آسف، كنت عايز اعتذرلك من ١٨ سنة فاتوا يا ليلى، انا آسف، اشوف وشك بخير.
اردف يستعد للذهاب فأمسكت بزراعه وادارته إليها قائلة:
-مش هسيبك تمشي تاني يا خالد، انا اللي آسفة؛ اسفة لأني سبتك تمشي واسفة لأني مقدرتش اقولك وقتها اني حبيتك.
اردف ينظر إليه بفرح ولهفة، ترتمي بين احضانها كالطفل الصغير وهو يبكي، حملها بين يديه وهو يضمها بشدة:
-انا مش مصدق يا ليلى، اخيرا قولتيها، ضيعتي عمري علشان اسمعها منك، اااااه انا دلوقتي اموت وانا مرتاح.
انزلها على اقدامها ووضعت يدها على فمه قائلة:
-بعد الشر عليك يا خالد، لسه قدامنا وقت كتير نعيشه سوا، انا بحبك يا خالد.
رفعها مرة ثانية وهو يقول بفرح شديد يحتضنها ويدور بها:
-ااااااه يا الله قوليها تاني يا ليلى قوليها تاني.
-بحبك بحبك بحبك.
انزلها على اقدامها وامسك بكتفيها ووضع جبينه على جبينها يتنهد، تتسارع انفاسهما، يضع انفه على انفها قائلاً:
-بحبك يا ليلى وعمري ماحبيت ولا نحب حد غيرك، خلينا نتجوز يا ليلى.
أمسكت بيديه ورفعت رأسها تنظر إليه:
-هايحصل يا خالد بس مش دلوقتي.
-امال امتى يا ليلى؟ عايزانا نضيع كام سنة كمان؟!
-ممكن تسمع كلامي بس المرادي؟
-سمعت كلامك قبل كده وبعدين عني تمنتاشر سنة يا ليلى.
-لأ يا خالد مش هبعد تاني وعد مني، بس محتاجة وقت علشان فارس.
-فارس هو فين صحيح ده واحشني اوي.
-خرج يتغدا مع ابوه واخته.
تسائل خالد باستغراب:
-ابوه واخته؟! هو فوزي هنا؟! ليلى هو ده سبب.
بترت حديثه قائلة:
-اللي بيني وبين فوزي هو فارس وبس، اللي كان بيني وبين فوزي مات من اكتر من عشرين سنة يا خالد.
-هو في حاجة؟! شكلك مش عاجبني.
-هحكيلك بعدين بس دلوقتي لازم تمشي زمان فارس على وصول، مايصحش يشوفك هنا وانا لوحدي.
-حاضر يا ستي اللي انت عايزاه كلامك اوامر، انا نخرج بس هرجع تاني كل يوم علشان اشوفك.
احمر وجهها خجلاً:
-خالد الله بلاش شغل العيال ده بقا يلا اتفضل.
-اللي بتطرديني كمان، طيب انا بقا هوريكي شغل الاطفال على حق.
حملها خالد وظل يدور بها في المنزل وهي تضحك بفرح شديد:
-يا مجنون نزلتي خلاص، يا مجنون هههههه.
انزلها على اقدامها وقامت بضربه على كتفه بمزاح:
-يلا بقا امشي امشي.
اخرجته من المنزل واغلقت الباب تقف خلفه وهي في قمة سعادتها، تلك التي فنت سنوات عمرها لأجل ابنها، واخيرا قد عوضها الله بتلك السعادة التي تستحقها.

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية زئير القلوب (عروس مصر))

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى