رواية روحي تعاني 4 (لتطيب نفسي) الفصل السابع عشر 17 بقلم آية شاكر
رواية روحي تعاني 4 (لتطيب نفسي) البارت السابع عشر
رواية روحي تعاني 4 (لتطيب نفسي) الجزء السابع عشر
رواية روحي تعاني 4 (لتطيب نفسي) الحلقة السابعة عشر
-اه صح موضوع الصور اللي بتتبعت لأسماء دي! تفتكر بقا مين بيعمل كده؟ آآ… أصل أنا محتاره أوي… معقوله كريم اللي عمل كده! ولا نجمه؟
هز رأسه بالنفي وقال:
-لأ مش كريم ولا نجمه… دا شخص موبايله نوعه هواوي.
حمحمت بارتباك وقلت:
-هـ… هواوي!!
رفع إحدى حاجبيه وقال:
-هو موبايلك نوعه إيه يا إيمان مش هواوي برده؟!
-إيه!
قلتها بصدمة، فقال:
-إيمان! إنتِ اللي عملتِ كده؟!
-لأ والله مش أنا.
وفي صمت أخذنا نتبادل النظرات وهو يتفحص ملامحي، بينما دقات قلبي اشتدت خشية أن يشك بي، أو أن يحدث بيننا مشكلة بسبب أسماء تلك…
قلت بتلعثم:
-بـ… بتبصلي كده ليه؟
ابتسم وهو يزيح بصره عني، وقال:
-اتأكدت.
-آآ… اتأكدت من إيه؟!
عاد ينظر بعيني، فأطرقت، ورفعت رأسي مجددًا حين قال:
-قرأت الإجابه في عينك و… وملامحك.
-مش أنا والله يا حاتم.
قلتها بقلق، فصمت هنيهة ثم حمحم وقال:
-قومي هاتيلي أشرب يا مونه.
-مونه؟! أول مره تناديني كده!
-ومش أخر مره.
قالها وغمز بعينه، فنهضت واقفة ودخل أيمن إليه وهو يبتسم ويحيه بينما قصدت أنا للمطبخ وكنت مشتتة ومضطربة، اصطدمت نظراتي بوالدتي التي أخذت تطالع ملابسي بإزدراء، وترشقني بحدة، فقلت بانفعال:
-قولتلك موضوع أسماء سر رايحه تفتحيه معاه ليه؟!
-هو أنا مش سألتك حاتم عارف قولتيلي أيوه؟
-بس مقولتلكيش روحي قوليله يا ماما.
قالت أمي وهي تغسل الفواكه:
-آآ… ماشي خلاص ملهوش لزمه الكلام، أنا مقولتش حاجه ومش هقول… روحي غيري هدومك دي وأنا هبعت أيمن يقعد معاه على ما أعمل عصير.
-أيمن قاعد معاه فعلًا بس حاتم عايز مايه.
-طيب روحي غيري القرف اللي لابساه ده وأنا هنادي أيمن ياخد المايه…
اومأت وكدت أن أنصرف ولكني تذكرت أن أيمن استمع لحديثي ووالدتي، اتسعت حدقتاي وشهقت وأنا أقول بصدمة:
-يا نهار أزرق… أيمن!
وركضت مجددًا وأنا أنادي أيمن، خوفًا أن يكون قد وشى بنا عند حاتم، فقابلني عند باب الغرفة وهو يقول ببراءة:
-نعم! بتنادي ليه؟
جذبته من ملابسه بقـ ـوة، وأنا أقول:
-تعالى يا قلبي…
-على فين؟!
سحبته نحو غرفتي وأنا أقول بهمس:
-إوعى تكون قولت حاجه عن اللي سمعتنا أنا وماما بنتكلم فيه؟
-لو قصدك عن أسماء فلا لسه…
أخذت أرجه بيدي يمنة ويسرة، وأنا أهدر به:
-اسمع يلا، إنت ملكش دعوه بالموضوع ده ولا تتكلم معاه فيه أصلًا، فاهم؟
-لــــــيـــه؟
قلت بانفعال:
-من غير ليه، فــــــــاهم؟
نفخ بضجر وقال:
-طيب مش قايل… سيبي ذراعي بقا عشان أروح أقعد معاه.
نظرت ليدي القابضة على ذراعه وأطلقته ثم ربتت عليه وقلت بتحذير:
-لو قلت حاجه يا حاتم هزعلك.
عدل من ثيابه وهو يقول بمكر:
-أولًا أنا مش حاتم أنا أيمن، ثانيًا مش هقول حاجه خلاص ثالثًا وده الأهم…
نظر لي من أعلى لأسفل وأكمل:
-روحي غيري الهدوم دي شكلك يكسف.
قالها وانصرف وهو يضحك بينما قلت وأنا أنظر لنفسي بالمرآة:
-عنده حق! شكلي يكسف فعلًا… أوووف أنا إزاي طلعت لحاتم كده!
بدلت ملابسي ووضعت بعض مساحيق التجميل ثم خرجت مرة أخرى، وبحياء جلست جوار والدتي التي ربتت على يدي وقالت:
-متقعديش خدي حاتم وروحوا البلكونه.
نهضت مرة أخرى وتبعني حتى الشرفة…
فها هو الحلم السعيد الذي كنت أتمنى أن أراه بنومي أصبح الآن يقف جواري خلال يقظتي، وها قد أبصرت الخيال بأم عيني يتجسد بواقعي.
وقف حاتم يستند بمرفقيه على سور الشرفة، كان مبتسمًا، يرمقني بين حين وأخر في صمتٍ، فأبتسم له حتى قطع صمتنا بقوله:
-الجو بدأ يبرد.
-فعلًا.
صمت مجددًا وظل ينظر أمامه وكنت أحرك هاتفي بيدي ثم مددت يدي لأعطيه له، فنظر للهاتف ثم لي وقال:
-إيه ده؟!
-موبايلي الهواوي… ابحث فيه… والله والله مش أنا اللي عملت كده…
أخذ الهاتف من يدي وأطلق ضحكات خفيفة وهو يجلس على المقعد ويعبث به، فجلست قبالته وقلت:
-بتضحك على ايه؟!
أغلق الهاتف ووضعه على الطاولة، ثم قال:
-متقلقيش أنا مصدقك يا مونه… هو إنتِ نجمه حكتلك لحد فين؟
-نجمه قالتلي على يوم المستشفى لما أسماء كلمتها والكلام اللي قالته عن الصور وكده…
-مقالتلكيش حاجه تاني؟
-لأ، أنا متكلمتش معاها بقالي فتره.
-يعني مقالتلكيش إن حازم وكريم اتصالحوا وحازم عرف الحقيقه؟
شهقت وقلت بفضول:
-عرف إيه، وازاي؟
-كريم حكاله كل حاجه وهو صالح كريم وعرفه إنه مصدقه.
قلت بدهشة وفضول:
-وبعدين عمل ايه؟؟
-ولا حاجه ولا قال لأسماء إنه عارف ولا كلمني تاني سكت وخلاص… هيعمل ايه يعني، الله يكون في عونه.
تنهد بعمق وأضاف:
-ساعات بحس إني عايز أخليني هنا دايمًا ومروحش عندهم أبدًا عشان هناك دوشه وصريخ وخناق رغم إن الجو هادي… فاهمه حاجه؟
-فاهمه طبعًا… طيب وإيه حكايه الموبايل الهواوي؟
-لا كنت بهزر معاكِ.
قالها وابتسم بفتور، فابتسمت وقلت:
-حرام عليك… دا هزار ثقيل.
طالعني بابتسامة وصمت قليلًا ثم قال:
-بس إيه الحلاوه والطعامه دي كلها…
ولأخفي حيائي نهضت واقفة وقلت:
-هو ده وقته؟ إنت بتغير الموضوع!
نهض ووقف جواري مباشرة ثم بسط يده فنظرت لها ثم له وقلت بمرح:
-عايز فلوس ولا إيه؟
ابتسم وقال:
-امسكِ ايدي.
ابتعدت عنه خطوتين وقلت بعناد:
-لأ…
دنا مني، ومازال باسطًا يديه فرشقته بنظرة جانبية، فقال ببعض الانفعال:
-والله هزعل وبجد عشان إنتِ بتتصرفي بجمود وبرود غير طبيعي.
قلت:
-يا سلام! حوش حوش اللين والرقه اللي بتخر منك يا عسل.
ضحك وقال:
-طيب امسكِ ايدي يا إيمان…
لم أنصاع لأمره، فأضاف:
-يلا وإلا والله العظيم أنادي لأمك.
عقدت ذراعي وقلت:
-أنا محدش يقدر يجبرني على حاجه.
قبض حاتم يده وصمت لفترة، حتى رن هاتفه فأجاب وتجاهلني، انتبهت حين قال:
-لا حول ولا قوة إلا بالله… طيب أنا جاي دلوقتي… يلا مسافة الطريق.
انتظرته أن يحكي عن المكالمة أو يفتح يديه مجددًا فأعانقها، لكنه صمت لبرهة وهو يحملق أمامه وأنا أحدق به حتى قال:
-شوفيلي الطريق عشان همشي.
قالها بجمود ويتهمني به!
لم أسأله عن شيء رغم فضولي الجارف، خرج وصافح أمي وأخي، وتقابل مع والدي الذي عاد من الخارج للتو، ورغم نزقي منه بسطت يدي لأصافحه وأنا أقول:
-مع السلامه يا دكتور.
-مبسلمش على حريم.
قالها حاتم مازحًا بعدما وضع يده بجيبه، فقبضت يدي وأمي وأخي وأبي يتبادلان النظرات، شعرت بحرج شديد، وتجهم وجهي، أراد حاتم التراجع فقال:
-طيب متزعليش يا ستي هسلم عليكِ…
-ملهوش لزمه.
قلتها بابتسامة جليدية وحدجته بنظرة باردة وعدت لغرفتي، وظل هو يتحدث مع والداي ويمازحهما…
انتبهت لهاتفه الذي صدع بالرنين داخل الشرفة، كان على سور على الشرفة، قلبته في يدي لبرهة، ثم فتحته بكلمة السر التي أعلم جيدًا أنها بتاريخ عقد قراننا…
ولغريزتي الأنثوية أخذت أفتش فيه، حتى وصلت ألبوم الصور، واحدة وهو يضحك وتظهر أسنانه وغمازة بإحدى وجنتيه، والأخرى وهو يقف برتابة طبيب يضع كلتا يديه بجيبي بنطاله وأخرى وهو يحمل ابن حازم وواحدة مع شروق…
ابتسمت وأنا أقلب بين صوره حتى رأيت صور جعلتني أتجهم وأغلق الهاتف بصدمة ثم تركته على الطاولة وأنا أقول:
-يا نهار أبيض!!
دخل أيمن للغرفة وأخذ الهاتف من فوق الطاولة، وقال:
-كلمي حاتم عايزك.
أخذت الهاتف من يده، وخرجت خلف أيمن والصدمة تتجلى على خلجات وجهي…
وقفت قبالة حاتم وأنا أتأمله وهو يبتسم، وأبتلع ريقي في اضطراب، مد يده ليصافحني فسلمت له الهاتف، فقال بابتسامة:
-ماشي يا إيمان.
قلت بجدية:
-هو إنت مش عايز تقولي حاجه؟
-أنا! حاجة إيه! لأ أبدًا…
أومأت بصمت وشعرت بارتباكه وهو يستأذن قبل أن يغادر، غادر دون أن يمد يده مرة أخرى ليصافحني! ودون أن يبوح بما يخفي عني!
رأيته من النافذة وقد خرج من البناية يتعثر في خطاه وهو يتحدث عبر هاتفه…
سالت دموعي، وأخذت أجففها وأكبحها فتتشنج ملامحي أكثر، وحين أتخيل ما يخفيه أبكي أكثر! وأخيرًا قررت أن أنتظره عله يبوح قبل فوات الأوان…
جلست قبالة مكتبي فرأيت مصحفي، الذي غفلت عنه لأيام، جذبته إلي، فوالله لا أرى نفسي حين أترك القرآن وأقبل على الدنيا إلا كمن كتم أنفاسه لينغمس بماء البحر حتى إذا اختنق خرج ليأخذ نفسًا عميقًا قبل أن يعود…
بقلم آيه شاكر
استغفروا❤️
★★★★★★★
وقبل دقائق في شقة شروق، وقفت تتناقش مع والدتها في أمر يرهقها، فهدرت بها والدتها:
-يعني إيه مش مرتاحه لأكرم؟
قالت:
-يعني مش هو ده الشخص اللي عايزه أكمل معاه حياتي يا ماما.
-وجايه تقولي كده دلوقتي واحنا بنحدد ميعاد كتب الكتاب والراجل قاعد بره.
-لو محرجه منه أنا هخرج ارجعله الذهب وأقوله كل شيء قسمه ونصيب، ومعتقدش إنه هيزعل لأنه مش بيحبني أصلًا.
قاطعها صوت طرقات على الباب، ثم دخلت أسماء، قالت لشروق:
-إنتِ لسه ملبستيش أكرم قاعد بره من بدري.
ولتها شروق ظهرها وقالت:
-مش هقابله.
وقفت أسماء قبالتها وقالت:
-ليه؟ انتوا زعلانين مع بعض؟
تبسمت شروق بسخرية وقالت:
-احنا مبنتكلمش مع بعض أصلًا عشان أزعله أو يزعلني.
-يعني إيه الكلام ده؟
قالتها أسماء فأخرجت شروق علبة الذهب وقالت:
-يعني اعفينا إنت من الإحراج ده يا أسماء ورجعي لأخوكي الذهب وقوليله كل شيء قسمه ونصيب.
-لأ يمكن ده يحصل أبدًا.
قالتها أسماء تزامنًا مع دخول حازم للغرفة فسأل عما يجري بينهم، شرحت شروق له فقال حازم:
-محدش يقدر يجبرك على حاجه يا شروق إنتِ مش صغيره والقرار قرارك… الجواز مش بالعافية.
احتقن وجه أسماء غضبًا وهي تبدل نظراتها بينهم، قبل أن تخرج من الغرفة، فقالت والدتهما:
-مبسوطين كده زعلتوها؟!
قال حازم بانفعال:
-تخبط دماغها في أتخن حيطه.
أطلقت الام تنهيدة طويلة وخرجت تطلب حاتم عله يقنع أخويه.
وبعد دقائق انصرف أكرم وهو في قمة سعادته وكأنه حُرر من لجام عُقد حول عنقه واشتد رباطه حتى كاد يمـ ـوت خنقًا، سار يتنفس بعمق ويبتسم ويحمد الله على ما حدث، حتى وصل بيته.
ومن ناحية أخرى وقفت أسماء تحوم بالغرفة والرسالة التي أُرسلت لها قبل أسبوع ترتسم كلماتها أمام عينها:
“خلاص مفيش داعي تقولي لجوزك أي حاجه لأنه عرف بأصل الحكايه.”
أصرت على أسنانها وهي تحاول كبح صرخة منفعلة خرجت من حلقها، وقالت:
-ولما هو عارف ساكت لــــــيــــه؟
نفخت بضجر فقد حاولت جاهدة أن تُعجل بعقد قران شروق وأكرم ولكن لم يكن في حُسبانها تلك الصفعة المباغتة…
فإن تركت شروق أكرم لاشك أن حازم أيضًا سيتركها عاجلًا أم آجل بعدما عرف بحقيقتها…
لم ينجح الأمر ولم يفلح ما فكرت به، فقد سعيت لإرتباطهما حتى إن علم حازم بحقيقتها فكر في أخته أولًا قبل أن يأخذ أي قرار بشأنها ولكن هل انتهى الأمر هكذا!
هوت جالسة على أقرب مقعد فتحت درج الكومود وأخرجت علبة دواء وضعتها على سطحه، أخذت تقرض أظافرها في اضطراب وهي تنظر لللعلبة، ثم انفـ ـجرت باكية وارتفع نشيجها وتهدج وهي تقول:
-أنا مكنتش عايزه أعمل كده… هما اللي بيجبروني أعمل كده… هما السبب في كل اللي أنا فيه، نجمه هي السبب من البداية، هي السبب… هي وإيمان السبب… مش هسامحهم أبدًا… مش هسامحهم… كلهم ظلموني حتى شروق… أنا بكرههم
وانخرطت في بكاء مرير، وسرعان ما مسحت وجهها لتفكر في خطة ما، فخُططها لن تنتهي! وقد سيطرت عليها نفسها وتمكن منها شيطانها.
ظلت هكذا حتى قُرع جرس الباب فتظاهرت بالجمود وذهبت لتفتح، وجدت حماتها أمامها فاغتـ ـصبت ابتسامة وقالت:
-اتفضلي يا ماما…
دخلت والدة حازم وهي تقول بحسرة وحرج:
-أنا عارفه إنك زعلانه ومش عارفه أقولك ايه، ليكِ حق تزعلي بس الجواز يا بنتي قسمه ونصيب، ومحدش بياخد مرات حد…
أطلقت أسماء العنان لدموعها وأخذت تشهق وتبكي ثم ارتمت بأحضان والدة زوجها التي أخذت تهدئها وتربت على ظهرها، ترنح جسد أسماء فسندتها إلى فراشها، وحاولت كثيرًا تهدئتها حتى أثار انتباهها علبة الدواء أعلى الكومود، فمسكتها وقالت بقلق:
-إيه ده يا أسماء؟ دوا إيه ده يابنتي؟!
انتفضت أسماء وأخذت العلبة من يدها بقلق وهي تقول باضطراب:
-دا مش ليا… دا لواحده صاحبتي…
فأومأت والدة حازم وأخذت تنظر لأسماء بريب…
بقلم آيه شاكر
صلوا على خير الأنام ❤️
★★★★★★
«حاتم»
نراقب الناس وننسى أن الله يرانا في كل حين، ألا نستحي؟! تجذبنا الدنيا وفتنتها فيرسل الله لنا إشارات لنرجع، ألا نعود؟!
دخلت لبيتنا وكنت أستغفر طوال طريقي منذ خرجت من بيت إيمان، ربما لم أُحسن التصرف معها، لكني سأعالج كل شيء في القريب العاجل، وسأخبىها بما أخفي عنها ولكن بعدما أضبط نفسي أولًا وأعود لسابق عهدي، أعود فأصلي القيام ليلًا وأرتل القرآن في كل حين، ولأعود لابد أن أُزيل الغبار المتراكم على صدري أولًا، ولن يزول إلا بكثرة بالإستغفار.
قابلتني شروق على الباب متجهمة الوجه، ضمتني وبكت وهي تقول:
-أنا سيبته… مقدرش أعيش مع واحد مش شايفيني ولا حاسس بيا.
ربتت على ظهرها وقلت:
-متزعليش يا حبيبتي ربنا يرزقك بخير منه يارب.
اغتـ ـصبت ابتسامة بعدما خرجت من بين ذراعي وقالت:
-الحمد لله… كده أحسن… آآ… أنا ارتحت كده.
-بس مش باين عليكِ الراحه؟
قلتها بمكر فأنا أعلم بحبها له، رمقتني بنظرة سريعة وقالت:
-هو محبنيش وأنا عمري ما هفرض نفسي عليه… وكمان أنا مش عارفه أثق فيه… هو اللي كان بينشر صور لنجمه أنا متأكده.
صمتت هنيهة ثم قلت:
-لأ مش هو بس ممكن يكون له يد الله أعلم.
نظرت لي وقالت:
-إنت عارف حاجه ومخبيها؟!
هززت رأسي نافيًا وقلت:
-لأ أنا معرفش اي حاجه… أومال ماما فين؟!
-فوق عند الست أسماء بتراضيها.
-وحازم فوق؟!
أشارت لغرفتي السابقة وقالت:
-قافل على نفسه هناك… مش عارفه بينه وبين مراته ايه؟!
نظرت لها وقلت:
-وإنتِ بينك وبينها ايه؟ حاسس إنك مبقتيش تحبيها زي الأول.
تنهدت بعمق وقالت:
-لما اتخطبت لأخوها وكان بيعاملني وحش حسيت إني كرهتها فجأة وحسيت إنها مصطنعه ولابسه قناع بتخفي وراه وش تاني ويمكن محدش شايفه إلا حازم.
قلت زافرًا بعمق:
-ربنا يهديها.
قضيت ليليتي ببيتنا الكئيب أحاول سحب الكلمات من فم حازم ليُخرج ما بداخله لكنه لم يفعل ولم أفعل أنا كذلك…
وبعد يومين
عدتُ من عملي مساءًا وقابلتني إيمان عند مدخل البناية، رمقتني بجمود وحاولت أن تتجاهلني لكني أسرعت الخطى اعترضت طريقها وألقيت عليها السلام فردته ببرود ومرت…
لم أتكلم معها بكل صراحة ولو لمرة وهي كأي أنثى تحاول أن تظفر بكرامتها فلم تحاول ولو لمرة الحديث معي، وما يرهقني هو سؤالها المتكرر في كل مكالمة لنا:
-مفيش حاجه عايز تقولي عليها!!
حين مرت جوار شقتي سحبتها للداخل وأوصدت الباب، فهدرت بي:
-إفتح الباب ده يا حاتم.
-لازم نتكلم مع بعض.
-مش دلوقتي.. افتح الباب ده خليني أمشي.
-مش فاتح إلا لما نتكلم.
قلتها بإصرار شديد وأنا أضغط على كل كلمة، ومددت يدي لأزيح النقاب عن وجهها فابتعدت عني في سرعه، قلت:
-الله! دا إنتِ زعلانه مني أوي!
قالت باقتضاب:
-مش زعلانه…
-أومال فيه ايه؟ مالك؟
قالت بجمود:
-إنت عايز تقول ايه؟!
-عايزه أقولك إني بحبك ووحشتيني أوي.
وقفت خلف الباب وقالت:
-بعد إذنك ممكن تفتح الباب عشان مينفعش كده!
مددت يدي لأزيح نقابها فأرى ملامحها لكنها ابتعدت وصاحت بانفعال:
-إفتح الباب بقولك وإلا والله هصرخ…
قلت بتبرم:
-تصرخي! ليه وعلى ايه!
فتحت الباب وقلت:
-اتفضلي يا ايمان.
نظرت لي نظرة مطولة ثم قالت بهدوء:
-شكرًا يا دكتور.
خرجت، ثم قطعت الدرج بوثبة واسعة وتركتني أقف أطالع أثرها في حيرة وقلق…
مرت الأيام على وتيرة واحدة، لا يؤرقني ويرهق قلبي سوى تغير إيمان وجمودها معي…
حتى جاء هذا اليوم..
في زيارة لبيت إيمان دخلت إليّ بنقابها، استغربت فعلتها كما أثار ذلك غضب والديها، قلت مازحًا:
-إيه يا إيمان إنتِ خارجه ولا إيه؟!
-مش خارجه بس… بس أنا مش مرتاحه و… و… واتسرعت بخطوة كتب الكتاب دي… آآ… أنا مش عايزه أكمل.
قالتها ووضعت علبة الذهب أمامي، مما أثار غضب والديها وسحبت والدتها النقاب عن وجهها عنوة وهي تهدر بها:
-هو لعب عيال! دا جوزك يعني احنا ممكن نطردك دلوقتي وتروحي معاه، إنتِ ضيفه هنا…
-مش بالعافيه يا ماما… أنا مش مرتاحه.
قالتها إيمان بانفعال، وهمت والدتها أنا تضـ ـربها فوقفت أمامها وقلت:
-معلش يا طنط… استني أنا هتكلم معاها.
وقبل أن تنطق والدتها قالت إيمان بعناد:
-لأ… مش هقعد معاك أنا إديتك فرصه مره واتنين وتلاته، في كل زيارة وكل مكالمه استنيتك عشان تتكلم معايا وإنت محاولتش تتكلم بصراحه ومحاولتش تقول اللي مخبيه عني.
-هخبي عنك ايه!!! وبعدين واجهيني باللي في قلبك، يا إيمان أنا بحبك و…
قاطعتني بقولها:
-أرجوك كفايه لحد كده؟!
-هو أنا عملت ايه يا إيمان؟! أنا…
قاطعني والدها الذي كان يتابع كلامنا، قال بحسرة:
-معلش يابني أصل أنا معرفتش أربيها سامحني.
-لأ يا عمي آآ… أنا هتكلم معاها وهنحل كل حاجه إن شاء الله.
نظرت لها برجاء، فأشاحت وجهها عني، قلت بنفاذ صبر:
-ماشي يا إيمان… أنا همشي بس بعد المره دي أقسم بالله ما أنا راجع مره تانيه.
-أحسن برضه.
قالتها وتركت الغرفة، وتبعتها والدتها التي تصيح معترضة عما قالته ابنتها، وسمعتها وهي تحث إيمان أن تخرج لي مرة أخرى وتعتذر…
نظرت للأرض لبرهة ووالدها يعتذر نيابة عنها، لكنني خرجت دون أن أرد عليه…
وقفت أسفل البناية شاردًا فيما حدث بينما أخذت قطرات المطر الهتون تتساقط عليّ وأنا في وادٍ أخر لا أسمع سوى صوت إيمان وهي ترفضني للمرة التي لا حصر لها منذ عرفتها…
لكم ركضت خلفها وهي لم تسعى لي ولو لمرةٍ واحد!
أقسمت أنها كانت المحاولة الأخيرة لكن هل سينتهي كل شيء هكذا، أم يجدر بي أن أحاول مرة أخرى؟! وإلى متى؟
وقفت أنظر للبيت وأدرت ظهري لأغادر ولكن أوقفني صوتها، فتهللت أساريري:
-حــــــــــــاتــــم… يا حــاتم.
توقفت مكاني حتى وقفت قبالتي تأملت مقلتيها الدامعتين في صمت، حتى قالت:
-أنا آسفه.
صمتت لأنني لا أعلم أسفها على ماذا! على تركي أم على ما قالت، ارتشفت دموعها وقالت:
-ممكن نتكلم في شقتك؟
أومأت في صمت وعدت معها، دخلت للشقة وتركت الباب مفتوح وجلست على أقرب مقعد قابلني، فأغلقت إيمان الباب…
خلعت نقابها وجلست قبالتي وأخذت تبكي قالت:
-ماما بتحبك… وبابا حلف عليا لو معتذرتلكش هيضـ ـربني ولو متجوزتكش إنت هيجوزني ابن عمي وأنا مش بحبه.
عدت بظهري لأستند على ظهر المقعد وقلت:
-يعني إنتِ جايه تعتذريلي عشان بابا وماما!!
صمتت وأخذت ترتشف دموعها، وكنت أحاول كظم غضبي، مددت لها منديلًا وقلت:
-اهدي عشان نعرف نتكلم.
أخذته من يدي، وقالت بصوت متحشرج:
-ليه عملت كده يا حاتم؟
قلت بانفعال:
-عملت ايه؟! أنا عملت إيه يا إيمان؟!
قالت بانفعال:
-أنا عرفت كل حاجه… إنت اللي بتبعت الصور لأسماء! شوفت اسكرينات لكل الصور، إنت اللي بتعمل كده… ومش ده اللي مزعلني تتفلق أسماء، أنا اللي قاهرني إني استنيتك تيجي تعترفلي لكنك كل مره كنت بتمشي من غير ما تقول… أنا آسفه مقدرش أكمل معاك على كده إنت مش صريح وأنا مش بحب كده.
صمتت وأخذت تجفف دموعها، فمسحت وجهي وقلت:
-خلصت يا إيمان… خلاص ربنا يوفقك في حياتك…
-يـ… يعني ايه؟
قالتها بصدمة، فهي متناقضة ولا تريد ما ترنو إليه! قلت:
-مش إنت مش مرتاحه! وأنا مقدرش أجبرك على حاجه.
-مش هتبرر… مش هتوضحلي، مش هتقول حاجه؟
-إنتِ مخلتيليش حاجه أقولها… مسيبتيش مجال للنقاش.
نهضت واقفًا، لأنهي هذا الحوار، فنهضت وقالت بأعين دامعة:
-رايح فين؟
صمتت، ولا أدري ما سر ذلك الجمود الذي طغى عليّ، ربما يأس أو إحباط، أو قلة حيلة…
أبصرت بعينيها نظرات قلق وحيرة وخوف، وبنبرة مرتعشة قالت:
-هتسيبني؟!
طالعتها بنظرة مطولة اتفحصها وهي وملامحها الشاحبة وهي تبكي بنشيج مسموع، ثم قلت بهدوء مصطنع:
-اطلعي يا ايمان دلوقتي ونتكلم بعدين.
أطبقت يدها على فمها ثم ركضت صوب المرحاض وأغلقته بقـ ـوة، فتبعتها وأنا أسمع صوت تقيأها وتأوهاتها وأنادي عليها بلهفة لتفتح، حتى ظهرت وهي تتظاهر بالقـ ـوة، قلت بقلق ولهفة:
-مالك يا إيمان؟
-كويسه.
قالتها بتعب وابتلعت ريقها، فقلت:
-لأ إنتِ مش كويسه… مش ممكن تكوني كويسه بشكلك ده!
-قولتلك كويسه وبعدين مش إنت هتسيبني؟ خلاص بقا متشغلش بالك.
قالتها بانفعال، فقلت بنفس انفعالها:
-أنا قولت إني هسيبك؟ أنا مقولتش إني هسيبك… إنتِ مراتي ولعلمك فرحنا هيبقى في أقرب وقت.
-بس أنا مش هتجوزك.
-مش بمزاجك على فكره.
قلتها بتحدٍ، فأنا أعلم أنها مندفعة وعصبية وكذلك عنيدة، وأعلم أيضًا أنها تحبني وإن حاولت إظهار عكس ذلك.
وقفنا ننظر لبعضنا في صمت ظاهري وتخاطر لا يُسمع، هي تحكي قلقها وأنا أطمئنها أنني لن أتركها أبدًا، حتى انتبهت لرنات هاتفي برقم شروق، لم أجب، واقتربت من إيمان لأمسك يدها فسحبتها، وبكيت مجددًا، فقلت:
-بصي يا إيمان مش أنا اللي بعمل الصور، صحيح أنا عارف مين اللي بيعمل الصور دي لكن مش أنا.
-أومال مين؟
-مش موضوعنا دلوقتي المهم إن مش أنا اللي بعمل كده… وبطلي بقا عصبية وتهور… حاجه زي كده شغلاكي تعالي كلميني وأنا أفهمك لكن تسكتي وتطلعي مره واحده كده وقدام أعلك تحرجيني بالطريقه دي مينفعش… أنا زعلان منك جدًا…
صمتت هنيهة ثم قالت بتعب يتجلي على وجهها:
-وأنا تعبانه جدًا جدًا…
فتحت إيمان الباب لتخرج فجذبتها من ذراعها لتقف وقلت:
-استني أكشف عليكِ.
-لأ شكرًا أنا عايزه أنام… وآسفه على أي حاجه.
قالتها وخرجت دون أن تنظر بعيني، فنفخت بضجر وأنا أسمع شروق ترن علي للمرة الثالثة، فلم أجب وصعدت خلف إيمان…
فتح والدها الباب، فقلت:
-خلاص يا عمي الموضوع اتحل و… عشان خاطري متزعلهاش.
قال والدها بابتسامة:
-ماشي يا حنين… تعالى بقا أشربك شاي بالنعناع.
دخلت وهاتفي يرن برقم شروق فاستأذنتهم وأجبت:
-أيوه يا شروق…
قلتها، وفزعت حين سمعت صوت شهقاتها المرتفعة، انتفضت واقفًا وقلت بلهفة جعلتهم ينظرون إلي بقلق:
-مالك يا شروق؟ إيه اللي حصل…
-الحقني يا حاتم…
قالتها بصوت متحشرج وأنا أسمع صوت أنفاسها، سألتها:
-إنتِ فين؟!
قالت ببكاء:
-في البيت تعالى لي…
سمعت شهقة مرتفعة خرجت منها ولم تقل كلمة أخرى لكنني كنت أسمع صوت حشرجة أنفاسها، ثم صرخت فأجفلت، وركضت للخارج، ولا أعلم من تبعني…
-في ايه يابني؟!
قالها والد إيمان، الذي تبعني، وقام بتشغيل سيارته ولحق بي وأنا أركض كالتائه المجنون ومن خلفي إيمان تناديني ووالدها يحثني لأركب السيارة…
ركبنا السيارة وإيمان تسألني عما يحدث! وأنا لا أعلم ماذا يحدث؟!
طلبت رقم والدتي ثم أخي ثم أسماء ولا أحد يجيبني، فطلبت رقم ميسره الذي أجاب على الفور وأبلغته أن يذهب لبيتنا ويرى ما بأختي لحين وصولي، وانطلقنا وداخلي يختلج فحقًا المصائب لا تأتي فرادى…
بقلم آيه شاكر
استغفروا❤️🌸
★★★★
وفي بيت ميسره بعد مكالمة حاتم ارتدى حذائه في عُجالة، واضطراب وسألته تسنيم عما حدث، فقال:
-مش عارف شروق مالها؟!
وخرج، فارتدت تسنيم ثيابها ولحقت به…
قطع ميسره المسافة من بيته لبيت حاتم يهرول إذا كان هناك مارة من حوله فإذا فرغ الشارع ركض بكل ما أوتي من عزم، ومن خلفه شروق تتبعه بخطواتٍ واسعة…
وصل ميسره للبيت الذي بدأ وكأنه هادئ، دفع البوابة الحديدية وكانت مفتوحة فدخل وأخذ ينادي حازم، وبوثباتٍ واسعة قطع الدرج حتى وصل لشقة شروق وضع أذنه على الباب فسمع صوت حشرجة أنفاسها المرتفعة، ازدرد لعابه بتوتر ونظر للمفتاح بالباب لبرهة وهو يلهث، ثم فتحه…
وجحظت عيناه بصدمة حين رأى هيئتها…
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية روحي تعاني 4 (لتطيب نفسي))