رواية روحي تعاني 4 (لتطيب نفسي) الفصل الحادي والعشرون 21 بقلم آية شاكر
رواية روحي تعاني 4 (لتطيب نفسي) البارت الحادي والعشرون
رواية روحي تعاني 4 (لتطيب نفسي) الجزء الحادي والعشرون
رواية روحي تعاني 4 (لتطيب نفسي) الحلقة الحادية والعشرون
«إيمان»
الحياة بيتٌ غامض ومعتم، به عدة غرف مؤصدة الأبواب، لكل غرفة رحلتها ولكل رحلة مشاقها، وعليك أن تمضي متوكلًا على الله وموقنًا بأنه لن يضيعك أبدًا، فقط توكل وامضِ مطمئنًا…
كتبتُ تلك الكلمات وأنا أرقد بفراشي، جواري حاتم الذي يغط في سبات عميق، أو هكذا ظننت إلى أن نظرت له فوجدته يفتح عين ويغلق الأخرى وهو يقول:
-ايه ده؟ هي الساعه كام دلوقتي؟
وضعت الهاتف أسفل الوسادة بارتباك، وقلت:
-الساعه ٣ ونص يا حبيبي.
-كنتِ ماسكه موبايلك ليه؟
-كـ… كنت بشوف الساعه عشان أقوم أصلي القيام.
قال بابتسامة خفيفة:
-طيب يلا قومي اتوضي وأنا جاي وراكِ.
حدقت بالوسادة حيث وضعت هاتفي أسفلها وكنت أفكر في أخذه معي لكني لم أفعل، ابتلعت ريقي باضطراب ونهضت دونه…
كنت على يقين أن حاتم سيتفقد ما كنت أكتبه قبل قليل، فهو يعلم ما يجول بعقلي وما يرهقني فمنذ زواجنا وهو يحاوطني، دائمًا يقرأ ما أكتب، ويتابع ما أفعل، ولست مستاءة أبدًا، فحين يشاركني كل شيء، يطمئن قلبي…
وما يرهق قلبي سوى تأخر حملي سبعة أشهر كاملة، قد تكون المدة بسيطة لكنني أتعجل، أُريد طفلًا، وقد قال الأطباء أنها مسألة وقت وها أنا أنتظر، وألح في الدعاء، ويصيح قلبي في كل حين:
«ربي هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء»
وهذا الشهر أتعشم أن يتحقق ما أريد…
فقبل شهرين التزمت بصلاة القيام كل ليلة وقراءة سورة البقره يوميًا وسورة يس بعد صلاة الفجر، والدعاء والبكاء، لا أعلم لمَ كل هذا القلق؟ فمازال باكرًا جدًا…
توضأت، وحين استدرت وجدته يقف خلفي مبتسمًا ويستند على الحائط وبيده هاتفي، قال:
-كاتبه كلام جميل كالعادة ولكن، ألا تبصرين الحكمة؟
قلت برضًا:
-الحمد لله في السراء والضراء، وما دام قلبك ينبض فأنا بخير وما دومت معي فأنا أُضيء.
قلت أخر جملة بابتسامة خفيفة، فقال:
-ما أجملك أنتِ والفصحى! فقد تعود لساني عليها بفضلك.
-جميل…
قلتها بابتسامة، فضمني وقال:
-حبيبتي ربنا يباركلك فيكِ.
-ربنا ميحرمنيش منك ولا يحرمك مني أنا ونكدي وقلقي…
ضحك وقال بمرح:
-لا يا ستي ربنا بحرمنا من القلق والنكد يارب… يلا هتوضى وأجيلك.
قالها ووضع الهاتف بيدي، فابتسمت وتنهدت بارتياح، فهو جانبي وما دون ذلك دون.
مضى الوقت بين صلاة وتلاوة القرآن والإستغفار، حتى صلينا الفجر ونمت بعدها، استيقظت على غمغمة ذبابة وأخرى كانت تقف على وجهي، فنفخت متضجرة، وأنا أعتدل جالسة وأتسائل كيف دخل ذلك الذباب فأنا شديدة الحرص…
نظرت جواري فلم أجد حاتم، نهضت أبحث عنه ووجدته يقف بالشرفة يتحدث عبر الهاتف ويفتح بابها على مسرعيه ودومًا أحذره من فِعل ذلك كي لا يقتحم الذباب عشنا الدافئ، هدرت به:
-برده كلامي مش بيتسمع! برده يا حاتم!
أجفل من صوتي، ودخل مسرعًا ثم أغلق الشرفة وقال:
-آسف يا ستي بس عارفه الساعه كام؟ الساعه ٩، فرح أختي النهارده يا إيمان يعني المفروض كنا نبات هناك واتأخرنا عليهم.
-لسه بدري هنلبس ونمشي…
-طيب يلا بسرعه، لسه قافل مع حازم وهيعدي علينا كمان عشر دقائق.
قلت:
-حاضر، بس طلع الدبان اللي دخل الشقه ده.
-دبان ايه يا إيمان بقولك اتأخرنا والنهارده فرح أختي، الله!
-يعني نمشي ونسيب الدبان في الشقه يا حاتم ولا ايه!
-لا ميصحش طبعًا الدبان ملهوش أمان وممكن يسرق حاجه من الشقه…
تركني ودخل المطبخ وهو يغمغم بما لا أسمع، فصحت:
-طيب على فكره بقا إنت اتغيرت يا حاتم.
أطل برأسه من داخل المطبخ وقال:
-أيوه اتغيرت ومبقتش دكتور وبس، لا، وكمان طباخ…
نفخ بنزق وعاد للمطبخ وهو يصيح:
-البسي يا إيمان على ما أجهزلنا سندوتش ولا حاجه.
دخلت للغرفة وأنا أتمتم:
-أنا أصلًا مكتئبه ومش عايزه أحضر أفراح… أوف…
وبعد فترة
ارتفع صوت أبواق سيارة حازم مما جعلنا ندور حول أنفسنا كي لا ننسى شيئًا، فيوم الزفاف هو يوم اضطراب للعروس وعائلتها أجمع…
نزلنا في سرعه وكان حازم يفـ ـجر غيظه بالشجار مع طفله الذي يجلس جواره منكس الرأس بغضب طفولي…
حمل حاتم الطفل قبله ثم وضعه جواري بالمقعد الخلفي لأداعبه بكلماتي وقُبلاتي، بينما ركب حاتم بالمقعد الأمامي وخاطب حازم:
-لامؤاخذه يا حزومي اتأخرنا عليك.
-الصراحه اتأخرتوا جدًا وأنا بكره الانتظار يا حاتم وإنت عارف.
قبله حاتم من خده وقال:
-آسفين يا رياسه.
مسح حازم مكان قبلته وقال:
-قولتلك ميه مره بطل تبوسني…
ضحكنا، وانطلق حازم بالسيارة وهو يبتسم، ثم وقف أمام محل بقالة وقال:
-هنزل أشتري شوية طلبات لماما.
ارتجل من السيارة وتبعه حاتم وهو يقول:
-اومال مستعجلنا ليه! طيب ما كنت تشتري الحاجات الأول قبل ما تيجيلنا…
-اسكت يا حبيبي! تعرف تسكت؟
-مالك يابني متعصب ليه كده؟!
لم يرد حازم فأضاف:
-صحيح سمعت إن أمينه بنت عمك اتطلقت!
-هو أنا مش قولتلك إسكت يا حبيبي؟!
صمت حاتم وأخذ يتابع حازم المتجهم وهو يشتري الأشياء، حاول حاتم الحديث مجددًا لكن رشقه حازم بنظرة حادة أسكتته، فعاد حاتم للسيارة وهو يتمتم:
-الواد ده بقى عصبي زيادة!
استغفروا ♥️
بقلم آيه شاكر
************
وصلوا للبيت حيث يزدحم بأفراد العائلة، وكان حازم يتعمد الانفراد بنفسه، وطفله يلعب من باقي أطفال العائلة…
أرهف السمع حين لاحظ أن عمته «دلال» تجلس مع ابنة عمه أمينة التي تحكي لها عن مأساة حياتها مع زوجها وكيف انخدعت به فقد كان يتناول المخـ ـدرات ويضـ ـربها، وعاشت معه أسوء فترة بحياتها حتى منَّ الله عليها وانفصلت عنه…
تنهد حازم بعمق وهو يتذكر ماضيه فقد انشغل قلبه بابنة عمة فترة من الومن حتى أنه احتار بين حبها وحب نجمة آنذاك، وتبين الآن أنه لم يحب أحد ولا حتى أسماء، مشكلته العظمى كانت في فراغ قلبه وقتها فقد كان يتعلق بأي أنثى تبتسم له، هكذا كان يتحدث مع نفسه فضحك وتعالت ضحكته فجأة، سألته دلال:
-بتضحك لوحدك ليه يا حازم؟! خير؟
كظم ضحكاته واتجه ليجلس جوار عمته، ثم قال:
-افتكرت موقف كده لا داعي لذكره…
-ماشي… طمنني عليك…
أطلق حازم تنهيدة حارة وقال:
-الحمد لله على كل حال…
قالتها دلال بابتسامة، بينما نظر هو لأمينه وقال:
-كبرنا يا أمينه و… وحملنا زاد.
قالها ونظر لطفلة أمينه صاحبة الثلاث أعوام ثم لطفله، فقالت أمينه بنضج لم يعهده منها:
-لا يكلف الله نفساً إلا وسعها يابن عمي.
أزاح بصره عنها وقال بنبرة حزينه ولكن راضية:
-ونعم بالله.
شرد حازم فيما انصرف من أيام وما مضى من ذكريات، تطايرت تطاير الدخان وتلاشت تاركة أثر خفي لا يُرى، بينما كانت أمينه ودلال يتبادلان الحديث، وانتبه على قول دلال:
-ربنا يرزقك بأحسن منه يا حبيبتي ويعوضك خير.
-لا خلاص أنا مش هتجوز تاني…
قالتها أمينه بحزن وفرت منها دمعة وهي تقول:
-كان دايمًا يقولي إنتِ مش عجباني وهو دا منظر، أنا كرهت نفسي وكرهت الجواز والرجاله كلها بسببه و…
قاطعها حازم:
-متقوليش كده يا أمينه مش كل الرجاله وحشه، وإنتِ لسه صغيره، وأصلًا هو مكنش مقدر النعمه اللي في ايده… زوجه زي القمر وفي قمة الذوق والأدب ومتربية… هو الخسران.
قال أخر جملة وتعلقت نظراته بها وهي تمسح دموعها، أشفق عليها فقد انطفأ بريقها، وشحب لونها حتى يديها اللتان أحب حازم مظهرهما يومًا تلاشى جمالهما وكأن الخريف قد حل على ملامحها فتساقطت وريقات جمالها، وحين رفعت أمينه بصرها وتلاقت نظراتهما، ارتبكت فأشاح حازم وجهه للجهة الأخرى، وكانت دلال تبدل نظراتها بينهما ومن داخلها ترجو أن يحدث ما تفكر به…
صلوا على خير الأنام ❤️
بقلم آيه شاكر
★★★★★★
حل المساء
وفي قاعةٍ للأفراح جلست تسنيم جوار غيث وشروق جوار ميسرة، والجو هادئ فلم تشتغل أي أغنية بعد…
مالت تسنيم على غيث وقالت:
-مش كفاية بقا؟
-مبقالناش خمس دقائق قاعدين! مستعجله على ايه؟ عارفه دافعين كام في القاعه دي؟ طيب بلاش القاعه عارفه الفستان اللي إنتِ لبساه ده مدفوع فيه كام؟!
-خساره فيه الفلوس دا طابق على نفسي عايزه أخلعه مش طايقاه!
-تخلعي ايه! إنتِ هتفضلي لبساه للصبح، بقولك دافع فيه مبلغ وقدره…
رشقته تسنيم بنظرة جانبية، فقال:
-متبصليش كده هو مش دا الفستان اللي اختارتيه ومكنش عاجبني! عقابًا ليكِ مش هيتخلع إلا بكره الصبح…
تصنعت تسنيم الابتسامة، كي لا تجذب الأنظار إليهما، وقالت:
-أنا مش هرد عليك دلوقتي عشان محدش يفهمني صح إنما احنا لينا بيت إن شاء الله…
وبابتسامة مصطنعة رد غيث:
-أنا مبخافش أنا معايا الحزام البني وبعرف أدافع عن نفسي كويس.
-قصدك حزام أسمر بتاع الكاراتيه ده؟!
قالتها ساخرة، فقال:
-لا قصدي الحزام البني بتاع البنطلون بتاعي…
-هتضـ ـربني يا غيث؟
-هجـ ـلدك.
قالها وضحك، فضحكت وقالت:
-لعلمك أنا كمان مبخافش لأن عندي حزام أبيض بتاع الفستان بتاعي، ونتواجه ان شاء الله.
استغفروا
*******
من ناحية أخرى
كانت شروق عابسة الملامح، تنظر أمامها في صمت، أمسك ميسره يدها وقال:
-عشان خاطري روقي.
-كان نفسي بابا يكون موجود.
-ربنا يرحمه يا شروق… طيب عشان خاطري متنكديش على نفسك ابتسمي شويه الناس بتبص عليكِ.
ارتعشت شفتيها بابتسامة صغيرة وقالت:
-حاضر… همسك نفسي لحد ما الليله دي تخلص وهبقا أعيط بعدين.
-براڤو عليكِ… امسكي نفسك لحد ما نروح الغردقة ونرجع وابقي عيطي واعملي كل اللي إنتِ عايزاه…
وعلى نحوٍ أخر
جلست إيمان جوار حاتم وبين عائلته، وكانت تتابع أمينة وابتسامتها الفاترة، المنكـ ـسرة، وكذلك حازم واختلاسه النظر لأمينة بين حين وأخر، وكأنه يتابعها، وقاطع شرودها حاتم الذي مال عليها وقال:
-حذري فذري إيه المفاجأه اللي عملهالك؟
-مفاجأة ايه؟
-مفاجأه ممكن أسربلك جزء منها وهي إننا هنروح الغردقة معاهم.
-مليش مزاج بجد ومجهزتش الشنط ولا أي حاجه.
-متقلقيش أنا هجهز كل حاجه الليله… هنمشي الصبح، هنروح نغير جو يومين.
-لا يا حاتم… أنا مليش مزاح بجد.
قال بابتسامة مغتصـ ـبة:
-ماشي يا حبيبي اللي يريحك.
كان يعلم سبب رفضها للسفر، وظل ينظر لها بقلة حيلة، في حين كانت هي تنظر أمامها وتدرك نظراته لها لكنها لم تلتفت…
انقضى الفرح برتابة، وعاد كلٌ لبيته، أصر حاتم أن يبيتا مع والدته وعمته دلال وكان معهم أمينة وابنتها أيضًا وتسامروا كثيرًا قبل النوم.
قضى «حازم» ليلته في أرق يتقلب في فراشه والأفكار تتجول بعقله، نهض وصلى استخارة ثم اتحذ قرار عاجل كجميع قرارات حياته…
صلوا على خير الأنام ♥️
***********
وفي الصباح
عندما استيقظ حاتم وجدها تقف في الشرفة شاردة، وعلى سطح الكومود استقر جهاز اختبار الحمل المنزلي، فتنهد بعمق وأخذه إليها، قبل رأسها ثم قال:
-اعملي الاختبار يا حبيبتي… سيبيها لله واعمليه عشان تتطمني… وعشان لو مفيش حمل نروح الرحله معاهم أنا عارف إنك رافضه الرحله عشان كده.
صمتت هنيهة ثم نطقت بصوت متحشرج كلمة واحدة:
-خايفه.
قال:
-تأكدي إنه خير يا حبيبتي، وكل حاجه ليها ميعاد توكلي على الله.
وقفت تطالعه لبرهة ثم أخذت الجهاز من يده ودخلت للمرحاض، ووقف هو يمسح وجهه، مرددًا:
-يارب…
بعدما فعلت الاختبار أغلقت عينيها ووضعته في غلافه دون أن ترى النتيجة، كانت تخشى الخذلان وألمه الذي يُدخلها في حالة نفسية شديدة الصعوبة…
خرجت من المرحاض منكسة الرأس فأساء حاتم الفهم وظن أن النتيجة سلبية، ربت على ظهرها وقال:
-الحمد لله خير… لسه رزقنا مجاش… روقي…
-أنا مش عايزه اروح الرحله يا حاتم.
-اللي يريحك يا حبيبتي… مش مهم رحله… المهم تكوني بخير.
-أنا بخير والله متقلقش.
طالعت إيمان جهاز التحليل لبرهة ثم وضعته في حقيبتها وخرجت من الغرفة وهي ترسم ابتسامة صفراء على وجهها وانشغلت بالحديث مع دلال وأمينه…
وظل حاتم يتابعها بعينه، تنهد بارتياح حين لاحظ اندماجها بالحديث مع عائلته وظن أن الأمر قد مر على خير، ولم تحزن وترهق نفسيًا ككل مرة ترى النتيجة السلبية…
انتصف النهار…
كانت إيمان تساعد دلال ووالدة حاتم بإعداد الطعام، وتشعر بعرضٍ غريب، غثيان مفاجئ من رائحة الطعام، فأطبقت يدها على فمها ووقفت قبالة الحوض تحسُبًا، فسألتها دلال:
-مالك يا إيمان؟
هزت رأسها نافية، وهي تقول:
-مفيش حاجه يا عمتو.
كان حاتم يقف خلفهم ويتابع إيمان وهي تكبح شعورها بالغثيان، فابتسمت له، قال:
-منوره مطبخنا يا مونه.
قالت إيمان بمرح:
-هسيب بقا ماما وعمتو ينوره وأروح أنا أنور الحمام شويه…
ضحكوا واتجهت إيمان للمرحاض لتهرب من تلك الرائحه التي أشعرتها بالغثيان وظل حاتم يتحدث مع والدته وعمته…
وقف حازم بالردهة ينفخ بالون لابنة أمينة ثم لإبنه، فأقبلت إليه أمينة وقالت لابنتها:
-قولي لخالو شكرًا يا ليان.
-شوكن.
قالتها الطفلة، فابتسمت أمينة وهمت أن تغادر المكان ولكن ناداها حازم، التفتت له مترقبة لما سيقول، فقال بتلعثم:
-إنتِ… كويسه؟ يعني…
ابتلع باقي كلامه وتعجبت هي من سؤاله، ولم تعقب، تنفس حازم بعمق وقال:
-بصي يا أمينه أنا مش بحب اللف والدوران… واتعودت أكون دوغري ومش عايز أضيع وقت، وزي ما بيقولوا يعني خير البر عاجله و…
صمت، فحثته على الكلام بقولها:
-و؟
اندفع قائلًا:
-أنا عايز اتجوزك.
ظهرت الصدمة على وجهها ولم ترد، وكانت ابنتها تلعب مع ابن حازم، فجذبتها من يدها، وهي تقول:
-يـ… يلا يا ليان هنمشي.
حملت ابنتها وقبل أن تغادر نادتها دلال ووالدة حازم لتتناول معهم الطعام، لكنها استأذنت وأصرت على الإنصراف وكان الاضطراب يبدو عليها، مما دفع دلال أن تقول:
-مالها دي! كانت بتقول هتقعد معايا طول اليوم!!
تبعها حازم وناداها، فتوقفت وهي في قمة انفعالها، قالت:
-لا يا حازم آسفه… أنا مبفكرش في الموضوع ده لأني لسه خارجه من تجربه ما يعلم بيها إلا ربنا ومش جاهزه نفسيًا لأي حاجه.
-ومش هتبقي جاهزه إلا لما تتحطي في الموقف يا أمينه.
صمتت هنيهة وهي تنظر بكل مكان حولها عداه، فقال:
-اوعديني إنك تفكري في طلبي.
زفرت بقـ ـوة، ثم رمقته بنظرة سريعة، وقالت بحياء:
-مش دلوقتي.
-وأنا هستناكِ.
صمتت هنيهة وقالت:
-أنا لسه تعبانه…
-أنا كمان تعبان… لكن الحياه مش هتقف عشان كده اوعديني إنك تفكري يا أمينه.
صمتت لتفكر بكلامه ثم قالت:
-أوعدك.
قالتها وانصرفت، ووقف حازم يبتسم ويلوح لطفلتها التي تحملها على كتفها وتلوح له بابتسامة واسعة.
عاد حازم لبيته مبتهجًا على غير عادته، وقف بالشرفة مبتسمًا فحاوط حاتم كتفيه وقبل خده ثم قال:
-إيه الأخبار؟
أزاح حازم يد أخيه وقال بتبرم:
-أنا قولتلك كم مره بطل تبوسني!
ضحك الجميع، والتفوا حول المائدة لتناول الطعام، فقُرع جرس الباب، قالت والدة حاتم:
-يا ترى مين اللي حماته بتحبه ده؟!
نهض حازم وتوجه للباب وهو يقول:
-أنا هشوف مين.
وبمجرد أن فتح الباب صاح بفرحه:
-مش معقول… كريم.
عانقه كريم وهو يقول:
-متأخرين للأسف، كان نفسنا نحضر الفرح بس وصلنا امبارح بعد ما الحفله خلصت.
رمق حازم نجمه التي تقف مبتسمة، وتمسك ابنتها بيدها فحمل الطفلة وقال دون أن ينظر لنجمه:
-ازيك يا نجمه؟ حمد الله على السلامة.
-الله يسلمك.
دخلوا للبيت وحازم يحمل الطفلة، ويقول ببهجة:
-حماتكوا بتحبكوا تعالوا احنا بنتغدا.
وقف الجميع فور رؤيتهم وتبادلوا العناق، كانت إيمان تشعر برغبة مُلحة في التقيؤ، فهرولت للمرحاض وتبعها حاتم، وبعدما خرجت قال:
-إيه اللي حصل؟
-متقلقش مفيش حاجه… روح طمنهم عليها أنا جايه أهوه.
أسرعت إيمان لغرفتها، أخرجت جهاز الفحص وهي تسمي الله، وحين رأت النتيجة، ابتسمت ودموعها تنحدر، جففت دموعها وخرجت إليهم، فرنى إليها حاتم، سألها:
-فيه ايه يا ايمان؟
أعطته الجهاز فبدل نظره بينها وبينه بابتسامة ثم قال بخفوت:
-اللهم لك الحمد… اللهم لك الحمد… إنتِ حامل!
أومأت إيمان بسعادة وقالت:
-كل ابتلاء وكل محنة وراها فرج وليها حكمة وأنا كنت متعشمه أوي يا حاتم وكنت متأكده إن ربنا مش هيخذلني المره دي، والشهر اللي فات ربنا كان بيختبر صبري وهل هكمل في الطاعة ولا هيأس وهبعد، أنا بحب ربنا أوي يا حاتم.
كان حاتم يتأملها بابتسامة عذبة، قال:
-تعالي نبشر ماما…
*******
وفي الختام
بعدما بشر حاتم عائلته بخبر حمل إيمان، جلسوا يتبادلون الأحاديث بسعادة وبهجة ويختارون اسم الجنين…
بدل حازم نظراته بين عائلته…
تمنى دوام الوصل بعد هجرٍ دام طويلًا من كريم ونجمه تلك التي جاهد لنسيانها ولصرف حنين قلبه إليها ولم يشعر أن قلبه أصبح خاليًا منها كُليًا إلا الآن، ربما وقعت أمينه بقلبه على حين فجأة…
فسبحان مقلب القلوب من حال إلى حال…
★اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك وعلى طاعتك.★
ومن ناحية أخرى مال حاتم على إيمان وقال:
-اعذريني كنت عايز أحضنك بس اتكسفت عشان كانوا بيبصوا علينا وكمان مبعرفش أقول كلام رومانسي قدام حد، بس أوعدك أول ما نبقى لوحدنا هغرقك…
ابتسمت وقالت:
-أنا كمان بتكسف على فكره.
قال:
-كل حله بتدور على غطاها يا حلتي.
-ودا أغرب غزل اتقال في التاريخ يا غطايا…
ضحك الإثنان، فقالت دلال:
-طيب ضحكوني معاكم…
قال حاتم:
-لا احنا بنضحك على الفاضي يا عمتو متشغليش بالك.
ضحك الجميع، وبدلت دلال نظرها بين كريم ونجمه وحاتم وإيمان وحازم وطفله، وأبناء زوجها الذين أصبحوا أبنائها، وقالت:
-الحياه جولات يا ولاد ولكل إنسان نصيب من السعادة ونصيب من الحزن ونصيب من الراحه ونصيب من الآرق، ربنا يسعد قلوبكم يا حبايب قلبي ويجعلكم حظ وفير من السعادة في الدنيا، وحظ كثير من السعادة في الآخرة…
رددوا جميعًا:
-آمين… يارب…
النهاية
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية روحي تعاني 4 (لتطيب نفسي))