روايات

رواية روحي تعاني 4 (لتطيب نفسي) الفصل الثالث عشر 13 بقلم آية شاكر

رواية روحي تعاني 4 (لتطيب نفسي) الفصل الثالث عشر 13 بقلم آية شاكر

رواية روحي تعاني 4 (لتطيب نفسي) البارت الثالث عشر

رواية روحي تعاني 4 (لتطيب نفسي) الجزء الثالث عشر

روحي تعاني 4 (لتطيب نفسي)
روحي تعاني 4 (لتطيب نفسي)

رواية روحي تعاني 4 (لتطيب نفسي) الحلقة الثالثة عشر

-أنا كده كأني بقوله أنا بحبك… أو موافقه ويلا نتجوز! يا نهار أزرق.
خطر لها فكرة أخرى فابتسمت ونهضت واقفة في حمـ ـاس لتكتب عدة كلمات على ورقة صغيرة، ثم قرأتها وقالت بابتسامة:
-صح هو دا الحل المناسب للورطه اللي حطيت نفسي فيها دي… أيوه إن شاء الله حل مناسب جدًا.
لكنه لم يكن حلًا مناسبًا كما زعمت، اندفعت ووضعتها داخل السلة وأرفقت معها هدية أخرى مغلفة ومستطيلة الشكل…
وقبل أن تُدلي بها لحاتم الواقف بانتظارها، رفع رأسه وقال:
-ممكن عودين نعناع؟
-حـ… حاضر.
وضعت النعناع ونظرت داخل السلة مرة أخرى وقلبها يخفق باضطراب، واشتدت خفقاته حين أسقطت السلة والتقطها حاتم وطفق يقرأ ما كتبته، وحين لاحظت ابتسامته تتسع، حاولت سحب السلة لتعود غرفتها بعدما أدركت غباء ما كتبت، لكنه سحب السلة وضغط عليها بيده ليجبرها على انتظاره ريثما ينتهي…
رفع رأسه ورمقها بنظرة مبهمة فتذبذبت نظراتها، وازداد ارتباكها…
أخرج حاتم قلم من جيبه وخط كلمات أخرى على ظهر الورقة ليجيب على رسالتها، ثم وضعها في السلة دون أن يرفع ناظريه صوبها مرة أخرى…
سحبت إيمان السلة وهي تتابع حاتم يفتح الهدية وهو مبتسم، حتى ظهر كلمتي «القرآن الكريم»، ليظهر أنها أهدته مصحفًا.
ظل واقفًا يرتكز بمرفقيه على سور الشرفة وبإحدى يديه المصحف يمرر ابهامه عليه بابتسامة مطمئنه، فكلماتها تشي بمكنون قلبها، أما هي فدخلت غرفتها وجلست على أقرب مقعد لتقرأ ما كتبه لها…
بقلم آيه شاكر
صلوا على خير الأنام ❤️
*********
«إيمان»
ابتلعت لعابي وأنا أقرأ بعيني ما كتبه:
«اطمئني لم أيأس ولم يضِع مصحفي، لكني وضعت نسخة منه بصدري أردد منها وقتما أشاء، رزقك الله كما رزقني.»
قرأت ما كتبته أنا بظهر الورقة:
«هل ضاع مصحفك؟ لمَ لم أعد أراك في فجري تضيء شرفتك بتلاوة الآيات؟ أيأست من حاجتك أم أتممت؟»
أطبقت يدي على فمي، فقد أدركت فداحة ما فعلت! لقد أخبرته أنني كنت أتابعه فجر كل يوم وهو يحفظ! حمقاء أليس كذلك؟!
قلت بحسرة:
-أنا جيت أكحلها عميتها!
-ليه؟!
انتفضت وصرخت حين قالتها خالتي التي كانت تستلقي على فراشي خلف ظهري ولم ألحظها، قلت باضطراب:
-آآ… إنتِ دخلتِ هنا إمته يا خالتو؟
-دخلت وإنتِ بتنزلي السبت لحاتم.
قالتها خالتي بغمزة ماكرة، فقلت:
-دا، دا، دا كان عايز نعناع… والله.
عقدت خالتي جبهتها وقالت متخابثة:
-والله؟!
عقدت يداي خلف ظهري لأخفي الورقة، وحاولت تغير الحوار، قلت بتلعثم:
-آآ… إ… إنتوا… إنتوا هتمشوا إمته؟!
-احنا هنبات هنا.
صمتت ونظراتي تتقلب بالغرفة في اضطراب، وحين وقع بصري على خالتي وجدتها تحدق بي وتبتسم، قالت:
-احكي يا ايمان.
-أحكي ايه؟
اعتدلت في جلستها وقالت:
-حاتم كان عايز ايه؟
-مـ… ما قولتلك نعناع…
قلتها بضجر، ونهضت واقفة، فقالت:
-طيب إنتِ عارفه أنا بايته هنا ليه؟
جلست مجددًا وأنا أقول:
-إوعي تكوني متخانقه مع جوزك بعد العمر دا كله.
حركت سبابتها نافية، وقالت ببسمة:
-لأ بعد الشر علينا، إحنا هنا عشان أساعد أمك في تحضير عزومة بكره… الظاهر كده فيه عريس ليكِ.
-نعم!! عريس! أنا مش قاعده مع حد.
-مش تسألي الأول مين العريس؟ ومين اللي معزوم هنا!
-أيًا يكن! أنا مش جاهزه حاليًا.
-العريس ابن عمك وأهو شغال حداد الصبح ونجار بعد الظهر وباقي اليوم سباك… مش ده نوعك المفضل؟
قالتها بضحكة ساخرة، فقلت:
-إنتِ بتتكلمي جد ولا بتهزري يا خالتو…
قالت:
-بجد والله عمك معزوم هنا هو وابنه ومراته بكره.
قالتها خالتي بضحك وسخرية، وتجهمت وأنا أفكر في حل لتلك الورطة، هل أذهب وأخبر حاتم؟ وهذا سؤال غير منطقي بالمرة! بالطبع إجابته لا…
أطلقت تنهيدة طويلة وقلت:
-بس ازاي محدش ياخد رأيي؟ دا حتى ماما مقالتليش؟
استلقت خالتي لتنام وهي تقول بتثائب:
-روحي اسأليهم لو تقدري.
صمتتُ هنيهة وقلت بهمس لم تسمعه خالتي:
-والله لأهرب أنا لا يمكن أقابل حد…
أخذت أقرض أظافري بارتباك، وقضيت ليلة طويلة مؤرقة في شد وجذب للأفكار داخل رأسي، حتى إشراقة الصباح…
أخبرتني والدتي أن أتهيأ لأن عمي وزوجته وابنه سيتناولون الغداء معنا، فلم أعترض ولم أوافق ولُذت بصمتي حتى سمعت أبي يقول:
-الجماعه في الطريق يلا جهزوا الغداء، خمس دقايق وهيكونوا هنا.
أخذت أصك وجهي وأنا أتحرك بغرفتي جيئة وذهابًا…
دخل أيمن للغرفة ثم للشرفة وقطف نعناع، فسألته:
-بتعمل ايه إنت كمان؟
-حاتم عاوز نعناع.
خرج أيمن مسرعًا فنفخت بضجر وأخذت أرتدي ملابسي السوداء ونقابي، استعدادًا للخروج من البيت قبل وصولهم…
وعندما تأكدت من انشغال الجميع تسللت وخرجت من الشقة، فسمعت صوت والدتي تسأل:
-مين اللي فتح الباب يا ولاد؟
قالت خالتي:
-تلاقيه أيمن.
نزلت الدرج ودقات قلبي تتواثب تزامنًا مع سماع صوت ابن عمي يتحدث مع والدته بالأسفل فتصنمت مكاني لبرهة وأخذت ألتفت حولي، وأنا اسأل نفسي أأصعد مجددًا أم ماذا أفعل؟ فجذب انتباهي مفتاح شقة حاتم بالباب، فتحت ودخلت ثم أغلقت خلفي بهدوء، وتنفست بارتياح عندما لم يرني حاتم، فاختبئت بأول غرفة قابلتني وأنا أنوي أن أخرج قبل أن يراني، فسمعت صوت أيمن يتحدث معه بالشرفة، يقول:
-انا سمعت بابا بيقول إنه هيجوز إيمان لإبن أخوه هو طلبها من زمان بس بابا رفض لكن هو اللي هيكلم عمي لأنه بيقول إنها بايره ومش متربية ومتستاهلش واحد زي حضرتك.
-يعني إيمان جايلها عريس النهارده؟
قالها حاتم بقلق، فرد أيمن:
-هو أنا قولت كده؟! خلي بالك إنت اللي بتجرجرني في الكلام والموضوع ده سري جدًا.
طال صمت حاتم فسأل أيمن:
-سكتت ليه يا دكتور؟
تنهد حاتم وقال بنبرة مختنقة:
-مفيش حاجه.
ورغم أنني اطمئننت لكون أخي بالشقة إلا أنني صُدمت، فهذا الصبي يحكي لحاتم كل ما يجول ويدور ببيتنا دون أن يتكلف حاتم عناء السؤال…
وقفت أستمع لباقي حوارهما، قال حاتم:
-مش عارف المفتاح راح فين؟
-قصدك على المفتاح اللي في الباب، أنا شوفته وأنا داخل.
-يا الله! نسيته في الباب تاني.
نهض حاتم في صمت وأخذ المفتاح من الباب وخلفه أيمن يقول بمكر:
-بيقولوا إن اللي بينسى كتير بيكون بيحب وباله مشغول، تعرف إن إيمان بتنسى كتير برده دي مره صلت العصر أربع مرات…
ضغطت على شفتي وأنا أتوعد أيمن بداخلي…
عاد إليه حاتم وسأل بتجهم:
-وهي إيمان موافقه على العريس ده؟
-أعتقد إنها موافقه لأنه بيشتغل نجار وحداد وسباك مش زيك حتة دكتور.
قالها أيمن بضحك، فصمت حاتم هنيهة ثم قال:
-طيب يلا امشي يا أيمن عشان أنا هنام.
قال أيمن:
-نوم العصر وحش يا دكتور.
-يا سيدي عايز أقعد مع نفسي شويه.
قالها حاتم بضجر وقال أيمن متخابثًا:
-خلي بالك متقعدش لوحدك كتير عشان سمعت إن اللي بيعيش لوحده بيتلبس دا فيه رجاله مبيتجوزوش خالص بسبب الموضوع ده.
-مش فاهم؟!
قال أيمن بنبرة منخفضة يتجلى بها الارتباك:
-لأنهم بيتجوزوا بسم الله الرحمن الرحيم يجعل كلامنا خفيف عليهم…
-أنا مش فاهمك أتكلم مباشر يابني.
نفخ أيمن بضجر وقال:
-يعني بيطلعلهم عفريته خصوصاً وقت ما يبقوا غضبانين لأنهم بيبقوا في أضعف حالاتهم، وتتجوزهم بقا بالغصب وميعرفوش يتجوزوا إنس خالص…
-لا والله! طيب يلا يا أيمن مامتك بتنادي عليك يا حبيبي.
-بتوزعني! ماشي… أيوه أخدت اللي إنت عايزه مني…
قال حاتم وهو يكظم غيظه:
-إمشي يا ايمن الله يكرمك عشان أنا مش طايق نفسي الساعه دي.
خرج أيمن وأغلق باب الشقة، فأخذت أصك وجهي، فالآن نحن وحدنا! وتلك خلوة محرمة، يجب أن أخرج الآن، وقبل أن أبادر بأي خطوة سمعت صوت شيء يُكـ ـسر، فنظرت من فوهة الباب لأجده قد قذف الكأس أرضًا فتهشم، ويُلقي بقلمٍ ليرتطم بالجدار بغضب عارم وهو يقول:
-لــــيـــه يـــــا إيـــمـــان؟!
ثم قذف دفتره أرضًا ووقف لبرهة يلتفت حوله ثم دفع المقعد البلاستيكي فارتطم بالأرض، ووقف يمسح وجهه بأنفاس متسارعة…
كنت أراه هكذا للمرة الأولى بحياتي فخفت منه وأطبقت يدي على فمي أكتم أنفاسي زاعمةً أنه وإن رآني الآن سيدفنني مكاني ويرتاح مني.
ظللت واقفة مكاني حتى رأيته وقد هدأ حين عدل المقعد وجلس عليه، يستغفر الله…
قلت بهمس:
-ادخل الحمام بقا اغسل وشك عشان تهدى وعشان أخرج.
نهض واقفًا فابتسمت وظننت أنه سيدخل المرحاض لكنه توجه للغرفة التي أقف بها، فأجفلت، ولأن الغرفة فارغة إلا من مكتب صغير وقفت خلف الباب وأغلقت جفوني ولم أفتحها إلا حين سمعت حاتم يقول:
-بسم الله الرحمن الرحيم…
ثم أخذ يردد آية الكرسي وهو يوليني ظهره.
ظل يردد آيات من القرآن في وجل، وكأنه اقتنع بما قاله أخي قبل قليل! وظنني عفريته! كبحت ضحكاتي وقررت استغلال الموقف لأخرج من الشقة، وأنا أردد بهمس:
-خلاص أنا هنصرف.
كدت أفتح باب الشقة ولكن قرع جرس الباب فدخلت غرفة أخرى وقلبي يقرع خجلًا من حاتم وقلقًا من القادم واضطرابًا مما حدث.
اتجه حاتم صوب الباب وهو يسأل بنبرة مرتعشة:
-مـ… مين؟
-أنا أيمن.
فتح حاتم الباب، ودخل، قال حاتم:
-نعم!
قال أيمن بهمس:
-إيمان هربت والدنيا مقلوبه فوق… بس بابا قال جدتها تعبانه وراحتلها وحلف علينا محدش يرن عليها ولا يكلمها لكن خالتي بتحاول ترن عليها وهي مش بترد.
-مـ… ماشي…
قالها حاتم بشدوه، ثم التفت حوله بتوتر، أخذ مفتاحه وهاتفه وأيمن يتابعه بترقب، حتى قال حاتم بارتباك:
-يلا عشان أنا خارج…
قال أيمن:
-هو حضرتك كويس؟
-أيوه الحمد لله… يلا…
قالها حاتم وخرج من الشقة، اتجهت نحو الباب وأنا أخاطب نفسي بنبرة هامسة:
-والله انسان محترم، إنسان في قمة الذوق… خرج من الشقه لحد ما أنا أخرج… يــــاه على الأخلاق روح يا شيخ إلهي ربنا يحققلك اللي بتتمناه وتتجوزني يارب في القريب العاجل.
أنهيت دعوتي وهممت أن أفتح باب الشقة، وجحظت عيناي صدمةً حين تبين أنه أوصده بالمفتاح، قلت بحسرة:
-إيه قلة الذوق دي! دا حبسني، روح يا شيخ منك لله.
فكرت هنيهة فيما يجب فعله هل أطرق الباب؟
سرعان ما أخذت قراري وعدت خطوات للخلف حين تخيلت رد فعل والدي غقد يضـ ـربني بالعصا! وربما يصفعني؟ وضعت يدي على وجهي نادمةً على فعلتي تلك! ليتني لم أخرج من بيتي؟ وليتني لم أدخل لشقة حاتم تلك؟ وبعد فترة من التفكير قررت أن أصلي العصر لحين عودة حاتم…
وبعد الصلاة
أضاء هاتفي برقم خالتي للمرة العاشرة، فأجبت، سمعت قول والدي:
-قولولها بقا متجيليش البيت عشان لو شوفتها هكـ ـسر عظمها.
-ماشي مش جايه…
قلتها، فقالت خالتي بلهفة:
-إنتِ فين يا إيمان؟!
-عند واحده صاحبتي.
-تصدقي بالله إنتِ بتستعبطي.
سمعت صوت والدتي:
-هي المحروسه ردت!
ثم أخذت الهاتف من خالتي وهدرت بي:
-والله يا إيمان ما هحوش أبوكي عنك المره دي عشان تخرجي من البيت من غير إذن! هو إنتِ عيله صغيره يا بت عشان تتصرفي كده؟
-لا أنا مش عيله صغيره عشان كده مش هتجوز بالطريقه دي.
-أومال بقا هتتجوزي بأي طريقة إن شاء الله؟!
صمتتُ وأخذت أمي تسخر مني كالعادة وتعاتبني كما فعلت خالتي وانتهت المكالمة بعدما أمرتني خالتي أن أعود في سرعة ورفضت بتاتًا العودة.
جلست أبكي حزنًا على حالتي، أعلم أن هروبي من والداي عقوق لهما لكنني أُكابر وأستمر بالعناد.
جففت دموعي ونهضت اتجول بالشقة الشبه خالية من الأثاث، إلا من فراش في غرفة ومكتب في أخرى وعدة مقاعد في الردهة، فتحت أدراج المكتب، علني أجد مفتاح أخر للشقة لكنني لم أجد شيئًا…
جلست على المقعد لفترة أفكر وأطرق قدمي بالأرض في اضطراب وأنا أنتظره أن يأتي حتى أذن المغرب وأسدل الليل ستاره المظلم، وسمعت صوت عمي وأسرته يغادرون، فتتفست بارتياح…
حملت هاتفي وطلبت رقم حاتم وأنا أختلس النظر من النافذة وأرى والدي يتصنع الإبتسامة ويصافح عمي، وفي تلك اللحظة ظهر أن حاتم ضغط زر الإجابه فقلت بلهفة مغلفة ببعض الحدة:
-إنت فين؟
-مين معايا؟
-هكون مين يعني! إيمان اللي حبستها في الشقه.
-وإنتِ إيه اللي دخلك الشقه أصلًا؟
-ظروف بقا! ممكن تيجي تفتحلي؟
-لأ!
-أنا عايزه أخرج.
-طيب ما تخرجي هو أنا ماسكك.
-إزاي وإنت قافل عليا الباب!
-باب شقتي! اااه اصبري بقا لما أجي أفتحلك إن شاء الله أنا وباباكي.
وحين قال جملته رأيته يظهر وهو يقبل نحو والدي وعمي، فقلت:
-لأ بالله عليك متقولش لبابا إني هنا.
-لا هقوله لأنك لازم تتعاقبي دا أنا قطعت الخلف من الخضه.
-أنا معترفه إني غلطانه والله بس بابا لو عرف هيضـ ـربني.
وقف مكانه وأطلق تنهيدة طويلة وقال:
-ماشي بس لازم توافقي تتجوزيني لأني مش هلاقي واحده ترضى بيا لأسباب كتير أولهم إني قطعت الخلف وثانيهم إن مفيش واحده هترضى بواحد قلبه بيدق لواحده تانيه.
صمتت لأفكر بكلامه، فسار خطوتين نحو والدي بعدما رحل عمي وقال:
-قولتي إيه؟ هتوافقي ولا أقول لباباكي.
-لعلمك بقا أنا مبتهددش وروح قول لبابا أنا مش…
وقبل أن أكمل جملتي، أغلق هاتفه ووضعه في جيبه بعدما وقف قبالة والدي وأخذ يتحدث معه فتسارعت دقات قلبي وأنا أرى إشارته لوالدي نحو نافذة شقته فظننته رآني لذا جلست أرضًا وابتلعت ريقي في توتر، وأنا أردد:
-حسبي الله ونعم الوكيل! إيه اللي أنا عملته في نفسي ده…
استغفروا♥️
بقلم آيه شاكر
★★★★★
«للظالم نصيب من الظلام، فمهما جاهد لاختيار طرق مضيئة، لابد وأن تنحرف قدماه حتى يمر بنفس الطريق المظلم الذي دفع غيره إليه.»
وفي مكان أخر
جلست أسماء في غرفتها تبكي فكل ساعة تمر عليها أسوأ مما مضت…
أصبحت متجهمة الوجه قليلة الكلام، وحازم يتابعها بعينه دون أن يسألها عما بها لأنه يعلم إجابتها التي تنطق بها كلما سألها، فدومًا تقول لا شيء على الإطلاق فقط بعض ألم ببطنها…
وأما ذلك المجهول فلم يتركها وشأنها بل ظل يُرسل إليها صور فرسائل حتى أصبحت لا تترك الهاتف من يدها خشية أن يقع في يد حازم فيقرأ أو يرى ما به…
-أســـمـــاء!
أغلقت هاتفها في سرعة حين سمعت زوجها يناديها بعدما عاد من عمله، وخرجت إليه وهي تحاول رسم البسمة على وجهها لكنه يعلم أن هناك أمر ما يشغلها، وقفت قبالته فتنهد حازم بعدما تأمل وجهها وقال حازم:
-مش هتحكيلي برده مالك؟!
-مـ… مالي؟ مفيش حاجه يا حبيبي!
قالتها بارتباك وهي تتصنع الابتسامة، فاقترب منها وقال:
-بصيلي في عيني وقوليلي إن مفيش حاجه.
ابتلعت ريقها بتوتر، وعيناها تجوسان في قلق، وقبل أن ترفع بصرها به، طُرق باب الشقة، فهرولت تفتح، نظر حازم لأثرها وأقسم أن هناك أمر جلل أصاب زوجته…
من ناحية أخرى ظهرت شروق خلف الباب تمسك بيد ابنهما الصغير، قالت شروق:
-إبنك بهدل هدومه خدي غيريله.
-بهدل هدومه تاني؟ إنت بهدلت هدومك تاني!
قالتها أسماء بغلظة فخاف الطفل ومسك بساق عمته شروق، التي قالت:
-ايه يا أسماء براحه على الولد.
رشقتها أسماء بنظرة حادة قبل أن تنحني وتصفع طفلها بغضب، فانفـ ـجر باكيًا، وهدرت بها شروق:
-إنتِ اتجننتِ! بتضـ ـربي طفل زي ده على وشه؟!
-وإنتِ مالك؟ ابني وأنا حره فيه!
-لا إنتِ مش حره، لأنه ابننا قبل ما يكون ابنك فاهمه؟!
حملت شروق الطفل الذي يبكي بحرقة، فحاولت أسماء أخذه من يدها وهي بقمة غضبها وشروق تقسم ألا تترك الطفل لها، ركض إليهم حازم اثر صوتهما المرتفع وحمل الطفل من يد شروق، فقالت أسماء لشروق:
-من النهارده إنتِ ملكيش علاقه بابني نهائي وإن قربتي منه يا شروق همـ ـوتك بايدي.
قالت شروق بغيظ:
-إنتِ مش ممكن تكوني انسانه طبيعية.
-كفايه بقا إنتِ وهي.
قالها حازم بعصبية، فقالت شروق:
-أدب مراتك يا حازم.
ردت اسماء بتهكم:
-يأدبني ليه انا متربية في بيت أبويا أحسن تربية، الدور والباقي على اللي أبوها مات بسببها.
أثارت جملتها غضب شروق حتى بلغ ذروته وصاحت:
-والله العظيم ما هسيبك.
جذبتها شروق من حجابها، فصرخت أسماء ودافعت عن نفسها واشتبكتا…
وحازم يهدأ طفله ويصرخ بهما أن يتوقفا، خرجت والدتهما أثر أصواتهما المرتفعة، وترك حازم الطفل من يده ليفك نزاعهما، لكن تعرقلتا أثناء شجارهما وسقط الإثنتان على درجات السلم صارختان.
بقلم آيه شاكر
لا تغفلوا عن الدعاء لإخواننا في فلسـ ❤️ ـطين.
★★★★★
دقائق مرت على إيمان في قلق تختبى خلف باب الغرفة بعدما دخل حاتم برفقة والدها للبناية، وأخذت تقرأ سورة يسٓ حتى سمعت باب الشقة يفتح ويدخل حاتم مع والدها وهو يرفع صوته ترحيبًا به كأنه يخبرها ألا تخرج من مخبأها لكنها لم تفهم وظنت أنه سيناديها لكنه لم يفعل بل جلس قبالة والدها على المقعد وقال بارتباك:
-منور يا عمي.
-بنورك يا غالي.
فقد أصر والد إيمان أن يتكلما داخل الشقة ولم يكن حاتم ليخاطر ويدخله إلا بعد اصراره…
أرهفت إيمان السمع ونظرت من فوهة الباب، لتتابع ما يقولان، قال حاتم:
-والله يا عمي حضرتك إنسان محترم والطيبه باينه على وشك السِمح، وأنا اللي مخليني متمسك بإيمان هو حبي لحضرتك وغلاوتك عندي.
ضحك والدها وقال ساخرًا:
-يا راجل حبك ليا أنا! وغلاوتي أنا!
ضحك حاتم بخفوت وحرج، فقال والدها:
-وأنا هقولهالك تاني بابني أنا لو لفيت الدنيا كلها مش هلاقي لبنتي زوج زيك بس أعمل ايه! أجوزهالك غصب عنها؟
-لأ غصب ايه ربنا ما يجيب غصب! بس اسمحلي أقعد معاها لأخر مره…
-ماشي يا غالي اقعد معاها وأنا من ناحيتي هضغط عليها المره دي.
-متحرمش منك يا عمي ربنا يبارك في عمرك يارب… آآ… بكره بعد صلاة المغرب ميعاد مناسب مع حضرتك؟
-مناسب على بركة الله… استأذن أنا بقا عشان أروح أجيب إيمان من عند جدتها.
قالها والدها ونهض، وبينما كان حاتم يحك أنفه تارة وهو يحمحم ثم رأسه تارة أخرى وعيناه تدور بالشقة بحثًا عن مخبأ إيمان خشية أن يراها والدها، وهما يقبلان نحو باب الشقة…
ومن ناحية أخرى
ابتسمت إيمان ودق قلبها فرحًا، ورضًا عن تلك الزيجة…
تنفست بارتياح وهي تتأمل الغرفة من حولها، وباغتها سقوط شيء على رأسها وأجفلت حين فر مسرعًا إلى الأرض فظهر أنه برص كبير، لم تستطع كتم صرختها وفتحت باب الغرفة وخرجت تزامنًا مع وقوف والدها عند باب الشقة وجواره حاتم…
التفت إليها والدها بأعين جاحظة ثم نظر لحاتم، وعاد ببصره إليها حين قالت وهو تلهث:
-فيه برص وقع عليا يا بابا.
أطبق حاتم يده على فمه وأطرق، وصمت والدها وهو ينظر صوبها بصدمة، فأضافت:
-أنا كنت واقفه ساكته والله بس البرص وقع عليا عشان كده خرجت…
نظر والدها لحاتم الذي رفع بصره وحك عنقه بارتباك وهو يقول:
-حضرتك أنا مكنتش أعرف والله… آآ… أنا أول أعرف إن الشقه فيها أبراص والله
عاد والدها يجلس على المقعد في هدوء أو ربما صدمة…
فقالا في آنٍ واحد:
-أنا هفهمك.

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية روحي تعاني 4 (لتطيب نفسي))

‫2 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى