روايات

رواية روحي تعاني 4 (لتطيب نفسي) الفصل الثاني 2 بقلم آية شاكر

موقع كتابك في سطور

رواية روحي تعاني 4 (لتطيب نفسي) الفصل الثاني 2 بقلم آية شاكر

رواية روحي تعاني 4 (لتطيب نفسي) الجزء الثاني

رواية روحي تعاني 4 (لتطيب نفسي) البارت الثاني

روحي تعاني 4 (لتطيب نفسي)
روحي تعاني 4 (لتطيب نفسي)

رواية روحي تعاني 4 (لتطيب نفسي) الحلقة الثانية

-والله عريس لُقطه أنا مستخسراه… لعلمك لو موافقتيش عليه، هجيبله عروسه بنفسي… يا بنتي دا دكتور!!
-يادي دكتور!
قلتها لخالتي بنفاذ صبر، فقد بتُ أنزعج من تكرار تلك الكلمة، تنهدتُ بعمق وسلطت بصري على خالتي التي لازالت تُطالع أثر حاتم والإعجاب يُطل من نظراتها، ثم حدجتني بنظراتٍ ساخطة، فأردتُ أن أقلبُ دفة الحوار لصالحي، قلت:
-إنتِ متفقه معاه صح؟!
-آآ… أكيد لأ! هو أنا هتفق معاه على ايه! وليه!
قالتها خالتي بنبرة مرتعشة فضـ ـحت سريرتها، ابتسمت وقلت ساخرة:
-واضح! ما هي مش معقوله تكون صدفه برده! وبعدين هو جاي الملاهي ليه ومش معاه أي أطفال؟ جاي يركب المرجيحه مثلًا! واضح جدًا إنها مؤامرة عليا!
ازدردت خالتي لعابها، وتذبذبت نظراتها وارتعشت نبرتها وهي تقول:
-آآ… أنا رايحه لعمك أشرف عشان العيال…
قالتها خالتي وهي تشير نحو زوجها الذي يلعب مع أبناءه الثلاث، فقبضت على ذراعها برفق، وقلت بعدما أطلقت ضحكة ساخرة:
-أحب أبشرك… باءت خطتكم بفشلٍ ذريع.
-ذريع!!
قالتها خالتي ورشقتتي بنظرة إحباط ثم هزت رأسها باستهانة وزمت شفتيها وهي ترنو نحو أسرتها وتغمغم، بالطبع تمدحني فأنا خفيفة الظل طيبة القلب ولدي أنف أنيق!
وقفتُ أُطالع مكان حاتم الفارغ وأتذكر كلامه ونظراته، وتصميمه العجيب! تنهدت بعمق ثم زحفت بنظراتي نحو خالتي كي لا تتوه منى مجددًا، عفوًا كي لا أتوه أنا!
ارتبكت عندما لم أجدهم بمكانهم، التفتت يمنة ويسرة في اضطراب حتى وجدتهم خلفي يلتفون حول إحدى الطاولات، فتنهدت بارتياح، وأقبلت نحوهم وأنا أُحذر نفسي ألا أغفل أو أشرد مرة أخرى فهل سينتبهون لصغارهم أم لي!
جلستُ معهم، كان زوج خالتي يرمقني بنظرة لم أفهم كُنهها إلا حين قال:
-حتى يرفض دكتور زي القمر كده!
أشرتُ إلى نفسي وقلت:
-أنا، أنا برفض عادي، يا عمو أشرف أنا فارس أحلامي لازم يكون…
-حداد أو نجار أو سباك.
قالتها خالتي بتهكم وهي تشيح بصرها عني، فحركت عنقي بالنفي وقلت بجدية:
-لأ، فارس أحلامي لازم يكون حافظ القرآن… هل دكتور حاتم حافظ القرآن؟
علقت خالتي بانفعال:
-وهو يعني إنتِ اللي حافظه! دا إنتِ فاشلة.
أطرق عمي أشرف للحظات وهو يبتسم ويفكر، ثم قال:
-نسأله يمكن يطلع حافظ! ولو مش حافظ نحفظه.
ران علينا الصمت لبرهة وقطعته أنا بقولي:
-طيب يرضيك يا عمو أشرف خالتو تتفق معاه و…
قاطعني بضحك:
-لا أنا متأكد إن خالتك متفقتش معاه.
-وليه بقا متأكد؟
قال بابتسامة وزهو:
-عشان أنا اللي اتفقت معاه، أصله صعب عليا… فقلت أوفق راسين في الحلال.
تلجم لساني، وأنا أردد في نفسي، حتى أنت أيها العم أشرف، بينما كانت خالتي تتابع حوارنا وتضحك، وأنا أقول في سريرة نفسي ما هذه العائلة!
خاطبتني خالتي بغلظة:
-حاتم اتقدملك أكتر من خمس مرات لحد دلوقتي ولسه مستني…
-ما هو العيب مش على حاتم العيب على ماما وبابا هما اللي فاتحينله الباب.
قلتها ببعض الإنفعال، فعلق زوج خالتي وهو يرتشف من عصيره:
-المثل بيقول البنت تاخد اللي يحبها مش اللي تحبه صدقيني بكره تندمي يا ايمان…
-مش هندم.
قلتها بثقة، فمالت خالتي نحو أذني كي لا يسمع زوجها وهمست:
-إنتِ متخيله إن هيجيلك حد أحسن من حاتم بمناخيرك اللي مخبياها تحت النقاب دي! دي أمك بتشتكي من نقص الأكسجين في البيت بسببك.
قالت جملتها الأخيرة ساخرة، فأطرقت وصمتت، أنا لستُ ذميمة بل إن ملامحي حَسنه لم يتنمرون عليّ دائمًا، ورغم أنني اعتدت مثل تلك الكلمات من خالتي وأمي لكنني تجهمت ولأول مرة أشعر أن تلك الكلمات أثرت في نفسي.
مر يوم والأخر
وفي خلالهما كان حاتم يتردد على أماكن تواجدنا يقف مع زوج خالتي، يُحيه، ويتحدث معه قليلًا، ثم يرمقني بنظرة خاطفة ويمضي تاركًا سهم نظرته في قلبي، فقد بات وجوده يُربكني.
وفي عصر اليوم الثالث
قابلنا حاتم وعائلته على شاطئ البحر، صدفة! حقًا!!! كل يوم نقابل هذا الحاتم صدفة!
كنتُ بثوبي الواسع الفضفاض الخاص بالسباحة وأنا على أتم استعداد أن أنزل البحر لأول مرة بحياتي، وقفتُ أمام البحر بتردد أُطالع مياهه بتوجس بينما تشير لي خالتي لأنزل، لكني كنت أتذكر تلك الجملة التي رمتها خالتي بوجهي قبل أن تنزل للبحر، حين قالت:
-اخلعي يابنتي النقاب ده… عيشي حياتك وسنك مش عارفه مكتفه نفسك ليه!!
التفتت لأرى الفتيات من حولي وملابسهن، لم أرَ فتاة واحدة ترتدي نقاب غيري.
تراجعت عن فكرة نزول البحر وأخذت أتمشى بمفردي وأبلل قدمي على الشاطئ، وأنا أسمع صوت الأمواج المتلاطمة وأتأمل الناس من حولي، خاصةً الحربائتان «أسماء وشروق» اللتان تجلسان جوار بعضهما وتبتسمان.
تخيلت نفسي أخبر حاتم عن زوجة أخيه أسماء! وعما فعلته لكني تراجعت فقد وعدت نجمه ألا أبوح أبدًا.
حدجتني شروق بنظرة متهكمة وأشاحت وجهها، فلم تُحدثني لأكثر من عامين!
وحين التقط حاتم نظراتي وليته ظهري بعد أن رمقته بحدة، وكدت أفر من أمامه، لولا صوت أسماء التي هرعت نحوي تناديني:
-إيمان… استني هتمشى معاكِ.
سارت جواري وران علينا صمتٌ ثقيل، حتى قالت:
-أنا عايزه أتكلم معاكِ.
-كلامنا خلص من زمان يا أسماء.
قلتها باقتضاب، فالتفتت أسماء خلفها لتتأكد من انشغال الجميع عنا، ورشقتني بنظرة حادة قبل أن تنطق:
-إياكِ تقربي من حاتم ولا تقربي من عيلتي أصلًا!
ابتسمتُ ساخرة وقلت:
-يابنتي إنتِ المفروض كل ما تشوفيني تبوسي إيدي عشان متستره عليكِ.
-لا والله! ما إنتِ روحتِ حكيتِ لنجمه كل حاجه… أنا عمري ما هسامحك يا إيمان.
ضحكت وأنا أتذكر ما فعلته أسماء بـ نجمه، وكيف كنت شاهدة على اعترافها لأخيها أكرم.
فقد كانت تنشر صور _صنعتها لنجمه_ على الإنترنت وكان عذرها الغير مقنع أنها غارت على زوجها «حازم» حين شعرت بمشاعره لنجمه، فهل هذا مبرر لتشويه سمعة فتاة كنجمه، قلت ساخرة:
-عارفه يوم ما جيتيلي البيت واتحايلتِ عليا أسكت… وإنك اتغيرتي وندمتي وتوبتي إلى الله، سبحان الله أنا مدخلش عليا حركاتك وكنت مقتنعه جدًا إني أفضحك، لكن نجمه بقا وقلبها الطيب رحمتك مني.
-فات كتير أوي على الموضوع وأظن صاحبة الشأن سامحت فملكيش دعوه… وهقولهالك تاني يا إيمان… متقريش من عيلتي وابعدي عن حاتم.
لم أعقب بل تركتها وسرت وحدي وأنا أقول في نفسي لن تتغير أسماء، أشعر أنني على وشك الإنفـ ـجار، ليتني أخبرت حازم بكل شيء بدلًا عن نجمه.
وقفت أشكو للبحر ما يجول بخاطري، حتى سمعت صوت حاتم:
-مش هتقوليلي برده مين اللي فبرك صور نجمه يا إيمان؟
نفخت بضيق والتفت إليه بكامل جسدي كنت في قمة انفعال من أسماء فأفرغت شحنة إنفعالي به بقولي بنبرة حادة:
-هو إنت مبتزهقش! قولتلك روح اسأل نجمه! وسيبني في حالي بقا.
-حاولت أسيبك معرفتش، مقدرتش، أنا مش هسيبك يا ايمان.
استفزتني كلماته فقلت بحزم:
-وأنا مستحيل أوافق عليك.
-أحيانًا المستحيل بيتحقق مع الإصرار والصبر… أنا عايز سبب مقنع عشان ترفضيني؟
-مش غير أسباب إنت مش عاجبني.
-مش عاجبك!
احتدم الحوار بيننا، فصمتتُ وفكرت لبرهة، لا أدري لمَ أبغض حاتم لتلك الدرجة! لأ أستطيع أن أعطيه ولو فرصة واحدة! حتى أنني أُمقت اسمه.
شعرت بتأنيب ضمير فقلت بتلعثم:
-إنت شخص كويس لكن مش هينفع، وأنا مش هوافق عليك.
قلتها، تزامنًا مع إشارة خالتي اليّ لنعود للبيت، كنت أستشيط غضبًا وبداخلي يدوي صوت لن أتزوجه ولن أدخل بقدمي وبكامل إرادتي عائلة الحرابي تلك.
وما أن وليته ظهري وقبل أن أخطو خطوة واحدة سمعت صوته وهو يقول بثقة:
-هينفع وهتوافقي.
لم ألتفت وأكملت طريقي وحوارنا يدور برأسي.
عدنا للبيت ولم أخرج من غرفتي باقي اليوم كي لا أُصادفه مرة أخرى.
وفي المساء في وقت النوم
ركبا أولاد خالتي سريرهما ليناما إلا الصغير «بودي»؛ الذي وقف قبالة فراشي، واضعًا كلتا يديه خلف ظهره، وهو يهتز يمنة ويسرة بوجه طفولي بريء مبتسم، وحين سألته عما يريد أجاب:
-أنام معاكِ.
كانت جملة خبرية، لكني قلت معترضة:
-روح نام جنب أمك يا بودي.
-ماما نامت وبابا… أنا نام معاكِ.
قالها ببكاء مصطنع، فأشرت لفراشي وقلت بقلة حيلة:
-اتفضل.
ابتهج وابتسم، وصعد جواري وأخذ يُقبلني فقلت بابتسامة:
-خلاص بقا… بس روح هات بامبرز الأول.
صاح معترضًا:
-لأ مش ألبس… مفيش… بح.
-مينفعش لازم تلبس.
-لأ… بح، خلص… أنا نام كده.
رفع أخوه الأكبر رأسه وقال:
-مبقاش يلبسه بينام كده.
قالها ثم أغلق عينيه، ونظرت لبودي الذي تظاهر بالنوم، مسحت وجهي بغيظ وربتت عليه لينام، وسُرعان ما جذبه النوم.
نهضت عن الفراش بقلة حيلة واستلقيت على الأرض، خشية أن يتبول عليّ.
رأيت في منامي ظلامٌ دامس وفجأة سطع ضوء النهار، كنتُ تائهة بصحراء جرداء، عطشى وجوعى، فربطت حجرًا على بطني من شدة الجوع، وفجأة ظهر ابن أختي الصغير بابتسامته البريئة ووجهه البشوش وبيده كوب ماء، ازدردت لعابي وبسطت يدي لالتقط الكوب، لكن سكبه «بودي» على ملابسي وفر راكضًا حتى اختفى عن مد بصري وانطفئ الضوء فجأة وبقيت وحدي في الصحراء.
استيقظت ولازلت أشعر بثقل الصخرة على بطني، وهناك ماء دافئ أيضًا أحُس به.
وحين رأيت الصغير ينام عليّ وأنا مستلقية على ظهري على الأرض، أدركت أنها كانت رؤية وقد تحققت الآن بالفعل.
-لا! كده كتير بجد! حرام عليك يا بودي… إنت نزلت من على السرير تنام على بطني وكمان عملت حمام عليا!!
قلتها بصوت خافت يميل للبكاء، وأزحت الصغير عني برفق، وأنا أكظم غيظي وغضبي، ففتح جفونه وارتفع نشيجه، ربتتُ عليه وأنا أهمس:
-خلاص يا بودي متزعلش محصلش حاجه… عادي مش زعلانه.
هدر بي بصوته الطفولي:
-إنت عملتِ بيبي على نفسك وعليا.
-أنا اللي عملت؟!
قلتها وأنا أشير لنفسي بصدمة، فباغتني بصفعة على وجهي، وفر راكضًا للخارج وهو يردد ببكاء:
-عملت بيبي عليا!
قلت وأنا أتحسس مكان الصفعة:
-صحيح اللي يخرج من داره يتقل مقداره.
كنا في وقت السحر فقمتُ لأنظف ثيابي وأصلي ركعتين قيام ليل، وأدعو الله أن يصرف حاتم عني.
وبعدما انتهيت حملت هاتفي وتذكرت أصدقائي «جروب م» نجمه ونسمه وهمسه وسمر وأنا إيمان، اشتقت لهن فقد غفلت عنهن لعدة أيام، والآن! لا انترنت بهذا المكان! كما أن شحن بطاقتي نفذ فقررت الخلود للنوم ولكن داهمتني الأفكار والتساؤلات.
وانتشلني من أفكاري صوت استلام هاتفي لرسالة ففتحت عيني وحملته، اعتقدت أنها ربما من شركة الاتصالات وقد يمنحوني بعض الميجابيت المجانية فأتصفح الفيسبوك، فتحتها مسرعة لأتفاجئ برسالة من رقم مجهول محتواها:
-نسيت أقولك إن أنا حافظ نص القرآن وبكمل.
نفختُ الهواء من فمي بضجر، بالطبع هو حاتم! وجحظت عيناي حين وصلتني رسالة أخرى:
-أنا عرفت مين اللي فبرك صور نجمه وكريم ولا الحوجه ليكِ.

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية روحي تعاني 4 (لتطيب نفسي))

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى