رواية رحيل العاصي الفصل السابع 7 بقلم ميار خالد
رواية رحيل العاصي البارت السابع
رواية رحيل العاصي الجزء السابع
رواية رحيل العاصي الحلقة السابعة
أمسكت ليلي بيدها وقالت:
– مستحيل أنتِ كمان هتيجي معانا
قالت رحيل وعاصي في نفس الوقت:
– نعم؟!!
– أيوة مالكم؟ يلا يا خالوا أنا جوعت بقى
نظر عاصي إلى رحيل وقال:
– هي متقدرش تيجي معانا عندها شغل كتير
قالت رحيل بسرعه:
– بالظبط كده فعلاً عندي شغل كتير
قالت ليلي بضيق طفولي:
– أنا مليش دعوة أنا عايزه رحيل معانا مش هتحرك من مكاني
زفر عاصي بضيق ثم حمل ليلي وتحرك بها وقال:
– أنا مش فاضي للعب العيال ده يلا
ثم سحب ليلي خلفه وظلت رحيل واقفه مكانها بحزن على منظر تلك الفتاه الصغيرة، وصل عاصي إلى سيارته فأنزل ليلي وصعدت على المقعد المجاور له وقد صمتت من بكائها ولكنها لم تتحدث بأي كلمه، تنهد عاصي وصعد بجوارها وقبل أن يتحرك بسيارته تسمر مكانه حين قالت:
– أنا مش بحبك .. أنت زي ماما بالظبط
نظر لها عاصي بعيون متسعه وقال:
– طيب ليه الكلام ده دلوقتي
– مش عايزه أتكلم معاك .. أنا عايزه أروح مش عايزه أخرج ولا أروح في حته
– كل ده عشان موافقتش رحيل تيجي معانا!! ده أنتِ لسه عرفاها النهاردة
نظرت له الفتاه الصغيرة ذات الخمسة أعوام بعيون تكسوها الدموع وقالت:
– رحيل لما حضنتني قبل ما أقع حسيت أن ماما هي اللي بتحضني .. أنت ليه جيت شيلتني من حضنها كنت خليني شوية
الكاتبة ميار خالد
نظر لها عاصي بصدمه من كلماتها تلك، هل تفهم مدى عمق تلك الكلمات التي تفوهت بها، ولما لا تعرف قيمتها فقد عاشت كل لحظاتها منذ أن جاءت إلى الحياة، لم تعرف ما هو شعور الأم في حياتها كانت تسمع أصدقائها في الروضة وهم يحكون عن أمهاتهم ولكنها لم تعرف هذا الشعور برغم وجود جدتها في حياتها ولكنها لم تملأ هذا الفراغ، لم تشعر بهذا الدفء والسكون إلا عندما عانقتها رحيل بخوف، ظلت تنظر إلى عاصي بدموع ثم أبعدت بصرها عنه، أحس الآخر بألم في قلبه بسبب نظراتها تلك، ثم ترجل من سيارته بدون أن يتحدث وعاد إلى الشركة ولاحظ أن رحيل كانت تتابعهم من نافذة مكتبه فصعد إليها، فتح مكتبه ودلف إليه فاتجهت إليه رحيل وقالت:
– لسه بتعيط؟
– ممكن بعد أذنك تيجي معانا .. ليلي هتكون مبسوطة لو أنتِ موجوده .. أنا عارف إن الشرط اللي بينا مش بيجبرك على كده بس..
قاطعته رحيل بابتسامه واسعه وقالت:
– مش محتاج تقول كل ده طبعا مفيش مشكله .. يلا
ثم تحركت أمامه فنظر الآخر لها بدهشه كبيره، كان يظن أنها سوف تستغل الوضع وتقول له أنها سوف تأتي معهم فقط إذا وافق على الصفقة! حسنا ليس كل الناس تفكر برأسه لذلك أبتسم بهدوء وتحرك معها وخرج الاثنان من الشركة، كانت ليلي تبكي بصمت حتى اقتحمت رحيل السيارة وجلست على المقعد الخلفي وقالت بصوتٍ مرتفع:
– أنتِ لسه بتعيطي دموعك هتخلص كده
نظرت لها ليلي بصدمه ثم نظرت لعاصي الذي استقل السيارة بجوارها وقالت:
– بجد .. رحيل جايه معانا!!
قالت رحيل:
– أيوه معقول صدقتي المقلب اللي حصل ده عاصي كان بيهزر معاكي
– بجد ده كان مقلب !!
قال عاصي في محاولة منه ليؤكد على كلام رحيل:
– اومال أنتِ الوحيدة اللي مسموحلك تعملي فيا مقالب
ضحكت ليلي بقوة وقالت:
– يعني أنتم ضحكتوا عليا وأنا صدقت
ثم اختفت تلك الابتسامة عن وجهها وقالت:
– أنا أسفه أوي يا خالوا على كلامي من شوية ده كان كلام وقت عصبية
قالت رحيل:
– كلام وقت عصبية؟؟ أنتِ لسه صغيره على المرحلة دي يا بنتي غير كده جبتي الكلمه دي منين
أشارت بيدها على عاصي وقالت:
– من خالوا عاصي .. كل ما يتعصب عليا وازعل يقولي كده
– شوفت علمت البنت إيه
قالتها رحيل بعتاب ثم ضحكت هي وليلي، ابتسم عاصي ابتسامه صغيره ثم انطلق بسيارته ومعه الاثنان..
***
في منزل بدر..
حاول بدر أن يفتح الباب ولكن كان هناك مفتاح آخر في الجهة المقابلة فلم يستطيع أن يدخل، قالت أمينه:
– تلاقي داليا هي اللي حطته في الباب لما قفلت على نفسها ونست اتصل بيها طب ولا خبط بجامد
الكاتبة ميار خالد
حاولت أمينه أن تتصل بها والآخر دق على الباب بقوة، كان الاثنان بالداخل يلتفتون حول أنفسهم لا يعرفون ماذا يفعلون حتى أخذته داليا بسرعه إلى غرفتها حتي يختبأ بها، ثم اتجهت إلى الباب بسرعه وفتحته فدخلت امينه بعصبية وقالت:
– إيه كل ده!! أنتِ كنتِ بتعملي إيه؟
– أنا أسفه راحت عليا نومه
– طب واللي يروح عليه نومه ده ولا اللي داخل ينام أصلاً مش يشيل المفاتيح اللي في الباب ولا يولع الناس اللي برا
– لا والله مش قصدي أنا نسيت أنا أسفه والله
قال بدر وهو يربط على كتف أمينه:
– خلاص يا ستي حصل خير ما هي بتقولك كانت نايمه أهي .. أنا مصدع معلش هخش أرتاح شوية ولو ينفع تعمليلي كباية أعشاب ياريت
– حاضر أدخل أنت
ثم نظرت إلى داليا وقالت بغضب:
– حسابي معاكي بعدين روحي جهزي معايا الغدا عقبال ما أعمل لابوكي حاجه يشربها
– حاضر
وقبل أن تتحرك قالت أمينه:
– استني كده .. أنتِ لابسه طقم خروج ليه أنتِ كنتِ رايحه في حته؟؟
نظرت لها داليا بصدمه وتلعثمت في الحديث ثم قالت:
– اا أنا أصل
– متتكلمي في إيه؟!!
– لا أنا كنت بتصور .. أكيد مش هتصور بهدوم البيت يعني لقيت نفسي فاضيه لبست وقعدت أتصور
– والله .. مش كنتِ نايمه من شوية
– إيه ده بابا بينادي صح .. أنا هروح أشوفه
ثم تحركت بسرعه من أمامها، قالت أمينه بغضب مكتوم:
– أكيد كانت خارجه تشوف الزفت اللي تعرفه ده .. مع أني قولتلها تبعد عنه مفيش فايدة ياربي .. أنا هوريكي يا داليا
ذهبت داليا من أمامها بسرعه ودخلت إلى غرفتها لتجد حازم يقف أمامها بغضب عارم، قالت:
– في إيه أنت كمان
– في إيه ؟؟ عاجبك الوضع ده أنتِ
– طيب وطي صوتك أحسن ماما تسمع
– مش فارقه تسمع بقا ولا لا .. خليني أتكلم معاهم دلوقتي طب
– مستحيل .. دلوقتي أنت لازم تمشي
زفر حازم بضيق فقالت الأخرى:
– اطلع ورايا دلوقتي ماما في المطبخ
– ماشي يا داليا
خرجت داليا من الغرفة وحازم خلفها وكانت تنظر حولها بخوف أن تخرج والدتها من المطبخ أو يخرج أبيها من غرفته، وبحركاتهم السريعة كانوا قد وصلوا إلى باب الشقة بسرعه، فتحت داليا الباب وخرج حازم ثم أغلقت الباب بسرعه والتفتت لتجد والدتها أمامها تنظر لها بتفحص مرعب!!
***
الكاتبة ميار خالد
وصل عاصي بسيارته أمام أحد المولات ونزلت ليلي بحماس وامسكت بيد رحيل قبل أن تتحرك، نظرت لها رحيل بتعجب ولكنها ضحكت ثم نزلت إلى قامة ليلى واخذتها بين يديها وكانت الفتاه نحيله وصغيره فلم تكن ثقيلة على رحيل بالمرة، أحاطت ليلي رقبة رحيل بذراعيها وعندما ترجل عاصي من السيارة وشاهد هذا المنظر انتابه شعور غريب نوعاً ما، اقترب منهم وقال:
– تحبي نعمل إيه الأول اليوم بتاعك
نظرت له ليلى بعيون تلمع من السعادة وقالت:
– ناكل الأول بعدين نروح الملاهي بعدين نروح نتفرج على فيلم في السينما
– كل ده ! لا يا إما ملاهي يا إما سينما
– أنت مش قولت اليوم بتاعك
نظر عاصي إلى رحيل واتسعت عيونه في إشارة منه لتحل هذا الموقف، قالت الأخرى:
– وبعدين هنفضل نتكلم كتير ممكن نبدأ اليوم بقى بعدين نشوف موضوع السينما ده
– ايوه بس هنروح
– بس أنا كده هتعب يا ليلي يا إما سينما يا إما ملاهي
– لا مليش دعوة أنا عايزه أروح الاتنين
– وبعدين في الدلع ده!! كده هتخليني أزعل منك
قالتها رحيل بصرامه فنظر لها عاصي بغضب وقبل أن ينطق قالت ليلي:
– لا خلاص متزعليش .. خلاص يا خالوا أنا اختارت الملاهي خلي السينما يوم تاني
ضحكت لها وقالت:
– أيوة كده شطوره
ثم تحركت رحيل وليلى بين يديها نحو المول، قال عاصي في نفسه قبل أن يتحرك:
– الحمدلله طلع فيها شوية عقل
ثم دخل الثلاثة وبدأوا رحلتهم، دلف بهم عاصي إلى أحد المطاعم الذي اعتاد أن يأكل فيها وعندما جاء إليه العامل قال بفرحه:
– أول مره حضرتك تشرفنا مع عيلتك .. ربنا يخليكم لبعض
قال عاصي ورحيل في نفس الوقت:
– لا!!
نظر لهم العامل بفزع من صراخهم هذا، قال عاصي :
– إحنا مش عيله دي بنت أختي ودي المساعدة بتاعتي
نظرت له رحيل بضيق فابتسم العامل وأخذ طلبهم وذهب من مكانه، قالت رحيل:
– إيه المساعدة بتاعتي دي أنا مش بشتغل عند حد
– ياريت تسكتي أنتِ وتخلي اليوم يعدي بهدوء
– أسكتي أنتِ!! يعني إيه أسكتي أنتِ
– أهو قولت أسكتي وخلاص بقى
– لا مش فاهمه يعني إيه أسكتي أنتِ شايف شخصيتي ضعيفة للدرجادي يعني
وقبل أن يرد عاصي انفجرت ليلي من الضحك، ضحكت حتى أدمعت عيونها وكان الاثنان ينظرون لها بدهشه، قالت ليلي من بين ضحكاتها:
– فكرتوني بحاجه بس ينفع تمثلوا سوا
نظرت لها رحيل وضحكت على ضحكاتها رغماً عنها، وبعد لحظات جاء الطعام لهم وتناولوه وسط حديث ليلي عن مغامراتها في الروضة وفي البيت وكانت رحيل تسمعها باهتمام بالغ وقد أعجب هذا ليلي بشده..
***
والتفتت لتجد والدتها أمامها تنظر لها بتفحص مرعب!! قالت داليا:
– في إيه؟
– كنتِ بتكلمي مين على الباب؟
– محدش كنت فاكره الجرس بيرن بس ملقتش حد
الكاتبة ميار خالد
– أنتِ بس اللي سمعتي الجرس اللي رن يعني
– يا ماما في إيه مالك من الصبح
صمتت أمينه للحظات ثم قالت:
– عارفه يا داليا أنا لو عرفت إنك بتعملي حاجه من ورانا هعمل فيكي إيه بلاش تخليني أقلب عليكِ أنتِ عارفه قلبتي وحشه
– مفيش حاجه صدقيني خلصتي لبابا اللي كان عايزُه ولا لا ؟
– ماشي أما نشوف
قالتها بتوعد ثم عادت إلى المطبخ مرة أخرى وتنفست داليا براحه وأخيراً.
***
كانت رحيل تتصرف بعفوية وتنظر إلى ليلي بابتسامه جميلة فلم تلاحظ نظرات عاصي المعلقة بها، لم تكن نظرات إعجاب بل تعجب ودهشه، يحاول أن يفهم شخصية تلك الفتاه ولكنه لا يعرف كيف تفكر حتى، منذ اللحظة الأولى التي وقع بصره عليها فيها ومئات الأسئلة تدور برأسه عنها، هل هي عفوية بالفعل أم تفتعل كل هذا، هل هي بريئة كما يظهر عليها أم تصطنع كل هذا، قالت ليلي:
– خالوا أنت مش معانا ولا إيه
قالت رحيل:
– تلاقيه بيفكر في صفقه ده شبه جهاز كومبيوتر لو فتحتي دماغه هتلاقي أسلاك كتير .. مش كده برضو
– كلي وأنتِ ساكته
نظرت له رحيل بضيق ثم أكملت طعامها، وبعد قليل نهضت ليلي من مكانها وذهبت إلى الجانب المخصص للأطفال في المكان ولعبت فيه مع الأطفال فلم يتبقى على الطاولة سوى رحيل وعاصي، قالت رحيل:
– ممكن سؤال
– لا
– هي فين مامت ليلي؟ اللي هي أختك
– أعتقد دي أمور عائلية مش من اختصاصك
نظرت له رحيل بضيق شديد، يتحدث عن الأمور العائلية وهو من طلب منها أن تأتي، لِما جاءت إذا حتى يعاملها بهذه الطريقة مجدداً، أحس عاصي أن طريقته كانت سيئة نوعاً ما معها، إنه غاضب منها في كل الأحوال بسبب تصرفاتها العفوية ولكن لا يصح أن يتحدث معها هكذا، نظر إليها ليجد وجهها لا يفسر وتوقفت عن الأكل، تنهد بضيق وقال:
– مسافره برا مصر
نظرت له رحيل ونست طريقته منذ قليل وقالت:
– طيب وليلي مش معاها ليه .. مسافره في شغل يعني
– أيوه
– هي عندها أولاد غير ليلي ؟
– لا ليلي بنتها الوحيدة
– وبابا ليلي فين؟
نظر لها عاصي بصمت فأحست هي أن سؤالها هذا لم يكن في محله، قالت:
– أنا أسفه .. هو متوفي ولا إيه؟
– ممكن تقفلي السيرة دي بعد اذنك
وقبل أن ترد عليه رحيل أوقفها صوت صراخ ليلي التي وقعت من أعلى اللعبة التي كانت عليها، انتفضت رحيل من مكانها ومعها عاصي وهرولوا إليها بسرعه!
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية رحيل العاصي)