رواية رحيل العاصي الفصل السابع عشر 17 بقلم ميار خالد
رواية رحيل العاصي البارت السابع عشر
رواية رحيل العاصي الجزء السابع عشر
رواية رحيل العاصي الحلقة السابعة عشر
وفي تلك اللحظة رفع جميع الرجال المحيطين بعاصي أسلحتهم عليه وهو يقف في المنتصف !!
قال عاصي بثبات:
– حسابك معايا أنا ياريت تتعامل معايا راجل لراجل وتخرجها هي من كل ده
– أنا مش غبي زيك .. أنت روحت اتصرفت من دماغك وقولت للبوليس كل حاجه خايف ليه دلوقتي
– أنت مين؟ مش فاهم أنا مضايقك أوي كده ليه عشان تعمل كل ده
– تقدر تقول إنه حساب قديم
– أنا بصفي كل حساباتي معتقدش إني ليا حساب معاك
ابتسم هذا الرجل بسخرية ثم تحرك من مكانه وقال:
– عارف أنا ممكن اقتلك أنت وهي في اللحظة دي وصدقني محدش هيعرف يوصلكم ولا يوصل للجثث بتاعتكم حتى لكن أنا مش هعمل كده
– جميل مش هتعمل كده ليه بقى؟
نظرت له رحيل وتعجبت من الثقة التي يتحدث بها للحظات وكذلك كل الموجودين، نظر له الرجل بأعجاب وقال:
– أنا سمعت عنك إنك مش بيفرق معاك حاجه .. بس مش لدرجه عمرك !
أبتسم عاصي بثقة وقال:
– صدقني لو في حد هيندم في اللحظة دي فهو أنت .. أنت عملت كل ده عشان الصفقة مش كده وخطفت رحيل عشان تخليها رهينه لحد ما الصفقة تتم تفكير ذكي اصقفلك عليه .. بس نسيت حاجه مهمه
نظر له هذا الرجل بتساؤل ودهشه فقال عاصي:
– نسيت إنك بتتعامل مع عاصي القاضي !
وفي تلك اللحظة هجمت قوات من الأمن على رأسهم عز ويوسف إلى المكان وامسكوا كل من في المكان بحركة سريعة، ترك الرجل يد رحيل عندما امسكه أحد العساكر، نظرت رحيل حولها بعيون متعبه واتجه إليها عاصي بسرعه، امسك وجهها بكفوفه وقال بقلق:
– أنتِ كويسة جرالك حاجه
نظرت له رحيل بعيون متعبه ولم تقدر على الكلام من شدة الدوار التي تشعر به فزاد قلقه عليها، نظر إلى وجهها وتفحصه ليجده شاحب للغاية وقبل أن يقول أي كلمة وجدها تغلق عيونها باستسلام وسقطت مكانها فالتقطها بين يديه بسرعة، أمسك يوسف بالرجل الذي كان يتحدث مع عاصي والذي كان يأمر كل الرجال، واتجه عز إلى عاصي بسرعة عندما وجده يحمل رحيل بين يديه، قال:
– جرالها حاجه؟
– مش عارف أنا هطلع على المستشفى بسرعه
أمسك عز معصم يدها وكان يشعر بنبضها فقال بعدها بسرعه:
– نبضعها ضعيف لازم نتحرك بسرعه .. أمسك ده مفتاح عربيتي هتلاقيها بره اتحرك أنت بسرعه
الكاتبة ميار خالد
أخذ منه المفاتيح ثم خرج من المكان وهي بين يديه وظل عز ويوسف في المكان، ثم تحرك عاصي برحيل إلى أقرب المستشفيات، وعلى بُعد مسافة منهم كان شريف وأحمد في السيارة يتابعون ما يحدث، قال أحمد بتوتر:
– طب ولما أنت متوقع أنه هيحصل كده خليت كل حاجه تمشي برضو ليه
– لأني عارف أنه عاصي مش بالغباء ده
– ولما أنت عارف ضحيت بالرجالة بتاعتنا ليه
– عشان يقتنعوا أن الخطر راح ويرجعوا يتعاملوا بحريه
– أنا مش فاهمك بجد
ابتسم الآخر بغموض وصمت..
في المستشفى..
كانت رحيل نائمة على السرير وتركتها الممرضة بعد أن علقت لها محلول، كان عاصي يجلس أمامها ويطالعها بصمت، يشعر وأخيراً أن قلبه قد عاد إلى صدره وأخيراً استطاع أن يتنفس بحريه، دق عز على الباب بخفه فنهض الاخر من مكانه وخرج له، قال عز:
– أخبارك إيه دلوقتي
– بخير طبعا الحمدلله كفاية أنها كويسة والأزمة دي مرت
– طب الحمدلله
وفي تلك اللحظة عادت الممرضة مرة أخرى ودلفت إلى رحيل التي قد بدأت في استعادة وعيها مرة أخرى، نظرت لها رحيل وقالت:
– أنا فين؟
– في المستشفى حمدالله على السلامة
قالت رحيل بتعب:
– الله يسلمك
قالت الممرضة:
– في نوع علاج معين بتاخديه؟
تحركت رحيل من مكانها بتعب وامسكت القلم والورقة الموجودين بجانبها وكتبت به نوع الأدوية التي تأخذها لصحتها وطلبت من الممرضة أن تأتي بهم حتى تتحسن بسرعه وبالفعل أخذت الممرضة الورقة وخرجت لتحضرهم، وفي تلك الأثناء أمام الغرفة..
ربط عاصي على ذراع عز بشكر وقال:
– أنا مش عارف من غيرك كان هيحصل إيه فينا .. لولاك كنت ممكن أكون ميت دلوقتي
– متقولش كده ده واجبي قبل ما تكون صاحبي
وصمت عاصي وهو يطالعه ثم تذكر ما حدث معهم..
الكاتبة ميار خالد
فلاش باك..
– خلي ده معاك فيه تتبع هعرف أوصل لمكانك تمام
– تمام
– وحاجه تانيه
– هي إيه ؟
– اخلع زرار من قميصك
نظر له عاصي بعدم فهم ولكنه خلع أحد الأزرار الموجودة بقميصه ثم أعطاه عز رز آخر مختلف عن البقية، نظر له عاصي بتساؤل فقال عز:
– ده فيه جهاز تتبع صغير لأسوء الظروف خليه في هدومك مكان الزرار اللي خلعته
– مش الموبايل فيه تتبع؟
– لأسوء الظروف أسمع مني
– تمام
باك..
قال عاصي:
– لولا حركة القميص دي مكنتش هتعرف توصلنا
– عشان كده لازم تكون عامل حسابك لكل حاجه
– أنت عارفني يا عز بس لما اتحطيت في الموقف وحسيت أن رحيل في خطر مخي وقف مبقتش قادر أفكر في أي حاجه
أبتسم عز وقال:
– إيه حكاية رحيل بقى
– ولا حاجه والله .. إحنا بس بينا شغل
– أيوة ما هي بتبدأ كده
وفي تلك الأثناء عادت الممرضة الى رحيل وأعطتها ادويتها ونامت الأخرى مرة أخرى لترتاح، نظر عاصي إلى عز للحظات ثم قال بنفي:
– لالا مستحيل اللي بتفكر فيه
– أيوة أنا قولت زيك كده برضو ومكنتش مصدق نفسي وقتها
– وقت إيه ؟
– وقت ما أدركت إني بحب ملك
– عز الله يخليك أنا مش فايق للهزار ده
ضحك عز ثم قال:
– خلاص حاضر المهم دلوقتي أنا سايب يوسف في المديرية بيحقق مع العيال دي هروح أعرف وصل لأيه وهبقى ابلغك
– أنا حاسس إني في حاجه تانيه ورا اللي حصلت
– بمعني؟
– بمعني إنك لما روحت ملقتش لا ورق ولا أي حاجه تدل على الموضوع اللي أنا كنت رايح عشانه أصلاً .. حتى الراجل اللي كان عامل فيها الكل فالكل مش داخل دماغي حاسس أنه مجرد صورة لحد تاني
– وأنا كمان حاسس كده عموماً في التحقيق كل حاجه هتبان المهم دلوقتي تطمن شوية وخليك جنب رحيل ولو احتاجت حاجه كلمني
– تسلم يا عز بجد
ابتسم له عز وقال:
– أنا هستأذن .. محتاج العربية ولا أخدها؟
– لا خدها خلاص
الكاتبة ميار خالد
ثم أعاد له المفاتيح و تحرك عز من مكانه وعاد عاصي إلى الغرفة فوجد رحيل قد استعادة وعيها مرة أخرى، جلس أمامها بترقب وانتظر منها أي رد فعل، كانت تنظر إلى سقف الغرفة حتى انتبهت له فنظرت له ثم ابتسمت له ابتسامة جميلة فضحك الآخر بحركة لا إرادية منه، قالت رحيل بتعب:
– مقدرتش تفرط فيا فعلاً
– أنتِ كويسة؟
– جعانه شوية بس عارف دي أطول مدة مكلتش فيها عايزه أكل فرخة مشوية لوحدي
ضحك عاصي وقال:
– حمدالله على السلامة .. قومي الأول وأنا هجبلك اللي أنتِ عايزاه
نظرت له رحيل بعيون ضيقة وقالت بشك:
– إيه الرضا ده كله مش مرتحالك
صمت الآخر وابتسم بهدوء، فقالت رحيل:
– شوف فضلت تقولي مش عايز أشوف وشك تاني لحد ما كنت مش هتشوفه فعلاً
نظر لها عاصي بضيق ثم قال:
– خلاص أنسي اللي أنا قولته لو حاسة إنك اتحسنتي ممكن نخرج عشان أهلك زمانهم قلقانين عليكِ جدًّا
حاولت أن تنهض من مكانها بتعب فساعدها عاصي حتى جلست مكانها، بدأت في استعادة قوتها مرة أخرى فقالت:
– بابا اتصل بيك صح؟
– أكيد وسألني عليكِ
– قولتله حاجه ؟
– لسه
– بلاش تعرفه أي حاجه أرجوك أنا عارفه بابا هيقلق اوي
– طبيعي يقلق ولازم يعرف يا رحيل هنخبي عنه إزاي يعني
– وهتقوله اتخطفت ليه؟
– مش لازم يعرف السبب بس لازم يفهم اللي حصل معاكي إحنا مش هنكدب عليه
تنهدت رحيل بضيق وصمتت، ساد الصمت للحظات حتى قال عاصي:
– هو أنتِ ليه بتقولي على عمك بابا ؟
– عشان متحرمش من إحساس الكلمة
نظر لها بصمت فأكملت:
– بابا وماما ماتوا وأنا عندي ١٥ سنه ومن وقتها وبابا بدر وماما أمينه هما حياتي كلها
– البقاء لله
ابتسمت رحيل بحزن وصمتت للحظات ثم قالت:
– وأنت باباك فين أقصد إني مشوفتهوش قبل كده
صمت عاصي ثم قال ببرود:
– مات
نظرت له رحيل بحزن وقبل أن تتكلم لاحظت نظرة البرود واللامبالاة التي ظهرت في عينيه فقالت:
– وبتقولها كده ليه المفروض تكون مضايق
– لو كنتِ تعرفيه مكنتيش هتزعلي عليه
– برضو يكفي إنك شايل دمه في عروقك في الآخر مهما كان حاصل مينفعش تحس بالبرود ده وأنت بتتكلم عليه
– ما علينا يلا عشان اوصلك
نظرت له للحظات ثم نهضت من مكانها وقد ساعدها هو وبعد فتره خرج الاثنان من المستشفى وطلب عاصي سيارة أجرة وذهب مع رحيل إلى بيتها..
***
الكاتبة ميار خالد
كان يجلس في مكتبه بتعب، لا يعرف ماذا يفعل فهو منذ أن فسخ خطوبته مع فاطمه والمشكلات لا تنتهي من جهة عائلته ومن جهة أخرى عائلة فاطمة ولكن ما كان يأخذ حيز كبير من تفكيره هي سلمى التي لم يستطيع الوصول إليها خلال هذا اليوم، خرج إلى شرفته بضيق وتتفس بهدوء عله يخمد النار التي تشتعل في صدره، وبالصدفة نظر لأسفل ليجدها جالسة في الجنينة وأخيراً، نظر لها مطولاً حتى يتأكد أنها هي سلمي! وعندما تأكد نزل من مكتبه بسرعه واتجه إليها ليجدها شارده كعادتها في الفراغ، جلس بجانبها بهدوء ثم قال:
– ينفع كده يعني
نظرت له سلمى بهدوء ثم أعادت نظرها إلى المجهول وقالت:
– يعني إيه
– ممكن أفهم أنتِ كنتِ فين وازاي تسمحي لفاطمة أنها تخفيكي كده
– أنا كنت هنا طول الوقت .. دكتور فاطمة نقلتني من الاوضة لاوضة تانية أحسن بس
– ومكنتيش بتخرجي ليه ؟
صمتت سلمى ولم ترد عليه، فصمت هو أيضًا وبعد لحظات قالت:
– عرفت مين اللي بيبعتلي الرسايل ؟
تغيرت ملامح شادي وهو يقول:
– لسه بس بدور على الشخص ده
– مش واخد بالك إني من ساعة ما قولتلك وحصل كل الأحداث دي أن الرسايل وقفت مره واحده بعد ما كانت بتوصلي باستمرار
– قصدك إيه؟
نظرت له سلمى بعيون متعبه وقالت:
– متأكد إنك متعرفش مين اللي بيبعتلي الرسايل دي
ظل يطالعها شادي بصمت فابتسمت الأخرى وقالت:
– أنت مش كده
ظل شادي صامت فأكملت الأخرى:
– صح إزاي مجتش في بالي لأنك أنت الوحيد اللي ممكن يعمل الحركة دي .. رسايل فجأة بلاقيها قدام باب الاوضة بتاعتي اشمعنا لما الاوضة بتاعتي اتغيرت الرسايل وقفت .. عشان أنت مكنتش تعرف مكاني صح
– أنا كان قصدي إني أفيدك أنا عمري ما فكرت أني أضرك
نظرت له سلمى وقالت بابتسامه:
– ومين قالك إني زعلانه منك بالعكس أنا عايزه اشكرك
طالعها شادي بدهشه فقالت هي:
– أنا عايزه أتغير عايزه أبدأ من جديد وأخرج من هنا مش عايزه أضيع خمس سنين من عمري تاني وأنا محبوسة هنا
نظر لها شادي بعيون تلمع وقال:
– أنتِ بتتكلمي بجد؟
قالت سلمى:
– عارف أنا بعد ما كنت زعلانه من عاصي دلوقتي الزعل ده راح لما اكتشفت أنه كان عنده حق وجودي هنا مكنش سجن بس أنا اللي كنت فاهمه كده .. عاصي حطني هنا عشان يكسر عنادي ودماغي الناشفة مع أنه لغى وجودي وشخصيتي إلا أنه عمل كده عشاني في الآخر آه طريقته كانت غلط بس..
وصمتت فجأة عندما وجدت شادي يطالعها بابتسامة واسعه، قالت:
– بتبصلي كده ليه؟
– ببصِلك كده لأنك دلوقتي قولتي الكلام اللي كنت بحاول اقنعك بيه كل السنين اللي فاتت
نظرت له بابتسامه ثم صمتت فقال الآخر:
– يعني أعتبر دي بداية جديدة ؟
أخذت نفساً عميقاً وهي تقول:
– اعتبرها
نظر لها شادي بابتسامه هادئة وعيون لامعه وصمت هو أيضًا واكتفى بالجلوس بجوارها، وكانت فاطمه تطالعهم من شرفتها بدموع وتنهيدات حارة متألمة..
***
يجلس على أعصابه وأمامه أمينه التي لم تكف عن البكاء وداليا التي كاد القلق أن يقتلها، جميعهم يشعرون وكأن أحداً ما قد اقتلع قطعة من روحهم، قالت أمينه بدموع:
– اتصل بعاصي كده يمكن يرد
أمسك بدر هاتفه وقبل أن يتصل به صدع جرس الباب رنيناً، قال لهم بدر:
– استنوا أنتم أنا هفتح
ثم نهض من مكانه واتجه إلى الباب بعدم تركيز فدق الباب بقوة لذلك قلقت كلاً من أمينه وداليا ونهضوا هم أيضًا، وعندما فتح بدر الباب طلت عليه رحيل وهي تقول بمزاحها المعتاد:
– إيه كل ده يا راجل حد يسيب ضيوفه على الباب كده
اتسعت عيون بدر فجأة وصاح بأسمها ثم اخذها بين أحضانه بسرعه ولم يتمكن من كبح دموعه فتركها تسقط منه بغزارة وما أن أبتعد عنها فأخذتها أمينه في أحضانها ثم داليا، كان عاصي يقف بأحراج عند باب الشقة حتى انتبه له بدر، مد عاصي يده لبدر ولكنه تفاجئ حين سحبه الاخر من يده وعانقه بقوة، تجمد للحظات ولم يعرف كيف يتصرف ابتعد عنه بدر بابتسامه ثم قال:
– اتفضل يا أبني أكيد مش هتفضل على الباب كده
دلف إلى الداخل ومعه رحيل وعندما ابتعد عنه بدر عانقته امينه بشدة أيضا فضحكت رحيل على مظهره المصدوم من تلك الأحداث، اقتربت منه رحيل وقالت بصوت خفيض:
– هي دي عيلتي
قال بعيون متسعه:
– مش متفاجئ بصراحه
وبعد اللقاء المؤثر هذا صاح بدر برحيل:
– أنتِ كنتِ فين ووشك أصفر كده ليه
ثم وجّه كلامه إلى عاصي وقال:
– وأنا مش كنت بتصل بيك مكنتش بترد عليا ليه
نظر عاصي إلى رحيل وصمت الاثنان للحظات حتى قالت رحيل:
– بابا أنا عايزاك تهدي وتسمعني
ثم أخذت نفساً عميقاً وقالت:
– أنا كنت مخطوفة
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية رحيل العاصي)