رواية رحيل العاصي الفصل الاول 1 بقلم ميار خالد
رواية رحيل العاصي البارت الاول
رواية رحيل العاصي الجزء الاول
رواية رحيل العاصي الحلقة الاولى
صدع صوت صرخات عالية من إحدى الغرف في المصحات النفسية جاء على أثره كل من في المستشفى من أطباء وممرضين..
كانت تصرخ بصوتها المبحوح وتمسك بيدها قطعه حاده من الزجاج وتهدد بها كل من يقترب منها في زعر وخوف، صرخت بهم:
– ابعدوا عني مش عايزه حد هنا!! اطلعوا برا
أقترب منها أحد الأطباء وقال:
– أهدي .. صدقيني محدش هيقرب منك بس أبعدي اللي أنتِ ماسكاه ده!
قالت بغضب عارم:
– مستحيل المره دي محدش هيقدر ينقذني .. خلاص كل حاجه انتهت
وفي تلك اللحظة جاء صوت من خلفهم يقول:
– هيهون عليكِ تسبيني وتمشي؟
تغيرت نظراتها فجأة ونظرت نحو مصدر الصوت لتجده أمامها، ابتسمت بفرحه وأمل وتركت قطعة الزجاج من يدها ثم ركضت نحوه بسرعه وارتمت في أحضانه وكأن شيئاً لم يكن! قالت:
– كويس أنك جيت .. خرجني من هنا خليني أمشي
– طبعًا
ثم نظر إلى أحد الأطباء فجاء بسرعه وحقنها بحقنة مهدأ فارتخت بين يديه ولكنها ظلت تنظر إليه بعيون غارقة بالدموع، حملها بين يديه ووضعها على سريرها وجلس بجوارها للحظات ولم تزاح عيونها عنه حتى همست له قبل ان تغمض عيونها:
– عاصي
***
في مكان آخر، تململت في سريرها بملل وفتحت عيونها بعد محاولات كثيرة لتغط في النوم ولكن بدون فائدة، زفرت بضيق ثم نهضت من مكانها وجلست على سريرها للحظات ثم اتجهت إلى مرآتها ونظرت إلى انعكاسها لوهله وتأملت ملامحها، عيونها الواسعة ذو اللون العسلي المائل للون الزيتون الأخضر والرموش الكثيفة وبشرتها البيضاء الصافية وانفها الحاد الصغير وشفتيها الرقيقة والمميزة جدًّا للونها الوردي الطبيعي، كان وجهها ليس بالممتلئ أو الرفيع كان رقيق كما يحوي به من ملامح ذات جمال هادئ، اطالت النظر إلى نفسها حتى قالت:
– لازم أنفذ كل حاجه النهاردة!
ومع تلك الجملة ظهر إصرار كبير في نظراتها، خرجت من غرفتها بهدوء واتجهت إلى غرفة أختها وفتحتها بهدوء ثم اقتربت منها وهي نائمة، ظلت تطالعها للحظات حتى أخرجت عود كبريت من جيبها واشعلته!! تململت أختها في سريرها وفتحت عيونها لتجد هذا المشهد أمامها فانتفضت مكانها بخوف وقالت:
– رحيل! أنتِ بتعملي إيه
– يا ترى النار دي لو وقعت على الأرض .. إيه اللي هيحصل؟
– أنتِ اتجننتي! اطفي الكبريت بسرعه قبل ما يقع على حاجه!
– ولو معملتش كده يا داليا؟
نظرت لها داليا بخوف وظلت تصرخ ببكاء وخوف حتى جاء على صوتها والدها ووالدتها وعندما دلفوا إلى الغرفة وضغطوا على رز الضوء انتشر النور في المكان وظهر هذا المشهد ولكن على غير المتوقع نظر الاثنان إليها بملل وتهكم، صرخت أختها:
– واقفين كده ليه حد يعمل حاجه
أبتسم الأب ابتسامة هادئة وقال:
– مش هتبطلي المقالب بتاعتك دي
نظرت له رحيل بجمود ثم شقت الإبتسامة وجهها ولمعت عيونها بشدة وضحكت بصوتٍ عالي وضحك معها والدها ووالدتها، قالت أمينه والدتها:
– حرام عليكِ كده يا رحيل تخوفي أختك بالشكل ده أنتِ عارفه أنها مش بتحب المقالب بتاعتك
تحركت رحيل في الغرفة بمرح وقالت:
– مهما تقولي هفضل أعمل مقالب فيها هي بالذات
صاحت بها داليا:
– وهو ده إسمه مقلب برضو!! كنتِ هتولعي فيا وتقولي مقلب
– لما يجرالك حاجه أبقي اتكلمي يلا أنا هروح أنام
قالت تلك الجملة بابتسامه ثم ذهبت إلى غرفتها والابتسامة لم تفارق وجهها، زفرت داليا بضيق وقالت:
– كده بقى كتير بجد نفسي أفهم أنتم ليه ساكتين لها على عمايلها دي
قال بدر والدها:
– أنتِ عارفه إن رحيل مش قصدها حاجه جد هي بتهزر
– بس الهزار ليه حدود مش بالشكل ده!
قالت أمينه:
– خلاص يا داليا أنتِ عارفه أن بابا مش بيحب يزعل رحيل بالذات معلش يا حبيبتي عدي المره دي عشاني
نظرت لهم داليا بضيق ثم عادت إلى فراشها ونامت وعندما وصلت رحيل إلى غرفتها دلف إليها بابتسامه ونامت في فراشها براحه بعد أن أنهت تلك المهمة وغطت في نومٍ عميق لدرجة..
وفي اليوم التالي..
وخصوصًا على طاولة الفطور الذي كان يجلس عليها بدر وأمينه وكانوا في إنتظار رحيل لأن داليا لا تستيقظ باكرًا، زفرت أمينه وقالت:
– عاجبك عمايل رحيل دي
– أمينه بعد أذنك مش عايز أتكلم في الموضوع ده تاني
– لا لازم تتكلم فيه مينفعش نظام حياتها ده
– شايفه إيه في أيدي ممكن اعمله طب لو الهزار والمقالب اللي بتعملها دي هتخليها مبسوطة خلاص مش مشكلة
– بس هي مبقتش صغيرة على كده سابت إيه للمراهقين
الكاتبة ميار خالد
– أنتِ أكتر واحده عارفه رحيل مرت بأيه بلاش تقسي عليها أنتِ كمان
تنهدت أمينة بحرارة وقالت:
– عارفه يا بدر بس أنت كده بتأذيها مش بتفيدها ده مش حل
– عارف أنه مش حل بس أنا كل اللي فارق معايا أنها تكون مبسوطة وبس
– أنا كمان كده أنت عارف أني بحب رحيل جدًّا مع أنها مش بنتي! بس لازم تغير طريقة حياتها لازم تتحمل المسؤولية شوية
– عارف .. وأنا فكرت في الموضوع ده من فتره
نظرت له أمينه بعيون متسعة ثم قالت بسرعه:
– بجد! ووصلت لحاجه طيب
– أيوه متقلقيش
– هتعمل إيه طيب؟
– هتعرفي كل حاجه في الوقت المناسب .. كل إللي عايزك تعرفيه أن كلها فتره ورحيل هتتغير تمامًا أنا واثق من كده!
***
– تفتكر هينجح وهياخد الصفقة؟؟
كانت تلك الكلمات التي يتهامس بها الصحفيين خارج إحدى الشركات الهامه للاستثمارات ، قال أحد الصحفيين:
– أفتكر؟ طبعًا
– ومتأكد ليه أوي كده .. ما يمكن يفشل المره دي
– مستحيل يفشل مفيش حد يقدر يرفض عرض شراكة مع أستاذ عاصي هو شاطر جدًّا في شغله
ولم تمر ثواني حتى تحولت تلك الهمسات إلى أصوات عالية عندما هلّ عليهم سيد حديثهم هذا.. عاصي القاضي، قالت إحدى الصحفيات:
– أستاذ عاصي هل شراكتك مع شركة الرحاب نجحت ولا لا؟
كان سيمضي في طريقه ولكنه توقف فجأة، ألتفت إليها ببطيء وقال:
– أعتقد دي فرصة كويسة جدًّا وصعب أوي تيجي لأي حد واللي عنده عقل وبيفكر صح أكيد مش هيضيعها
– تفتكر إيه سبب نجاحك .. ثقتك الزايده بنفسك ولا شركتك واسمها المعروف
نظر لها عاصي بملامح خاوية وعدم اهتمام ثم أرتدي نظارته الشمسية وتحرك من مكانه وظلت هي تطالعه بصدمه من رد فعله هذا ورحل هو من المكان، قال أحد زملائها:
– أنتِ محظوظه أنه رد عليكِ أصلًا
أستقل الآخر سيارته ثم تحركت بها إلى شركته وعندما وصل إليها رأي تجمع كبير من الموظفين وسمع العديد من المباركات لإتمام تلك الصفقة ولكنه لم يهتم ودلف إلى مكتبه ثم اتجه إلى الحمام المرفق به وغسل وجهه ثم نظر إلى انعكاسه في المرآة، كان حاد الملامح نوعًا ما ولكن يوجد شيء بعيونه يبعث الأمان، كان يمتلك بشرة قمحاوية مميزه مع لحيه خفيفه وشعر ناعم بني اللون يميل للسواد، كانت ملامحه هادئه وعاديه وكانت تخفي ما يجول في رأسه بمهارة كبيرة، وقد تلونت عيونه باللون العسلي لتُكمل جماله الهادئ..
خرج من الحمام وجلس على مكتبه وفي تلك اللحظة دلف إليه رامي مساعده الشخصي الذي قال:
– أنا آسف جدًّا أني بزعج حضرتك بس في حاجه مهمه
– في إيه
– أستاذ بدر وافق على مشروع المول
قال عاصي بعدم تركيز:
– أستاذ بدر مين؟
– صاحب سلسلة مطاعم البدر للحلويات .. طبعًا حضرتك عارف أن ليه إسم واسع في السوق فكون أنك تشتري أسمه التجاري وتحطه في المول اللي حضرتك هتفتتحه ده هيبقى خطوة مهمه في نجاحه
– آه افتكرت تمام حدد معاه مقابلة
– حددت يا فندم وهو بكره هيبعت بنت…
ولم يكمل جملته لأن هاتف عاصي صدع رنينًا، أمسك هاتفه ورد على المتصل وعيونه لم تزاح عن الاوراق أمامه ولكنه بعد لحظات وعندما سمع كلمات المتصل نظر أمامه بعيون متسعة وانتفض من مكانه بفزع!! حاول رامي أن يفهم منه أي شيء فركض خلفه وقال:
– في إيه حضرتك خير؟!!
قال عاصي:
– ليلى في المستشفى
شهق رامي وتوقف مكانه واستقل عاصي سيارته بسرعه وانطلق بها نحو المستشفى..
***
خرجت رحيل من غرفتها واتجهت إليهم بابتسامتها المعتادة التي لا تفارق وجهها، قالت:
– صباح الخير
قالت أمينه بابتسامه:
– صباح النور يلا اقعدي افطري عشان بابا عايزك في موضوع مهم
قالت رحيل بتساؤل:
– موضوع مهم؟ إيه هو
قال بدر:
– هتعرفي كل حاجه كمان شوية كلي دلوقتي
وعندما أنهي جملته تلك تناولت رحيل طعامها بسرعه وشربت بعض المياه ولم تمر بضع دقائق حتى انتهت ووقفت مكانها بسرعه ثم قالت:
– أكلت أهو موضوع إيه بقى؟
الكاتبة ميار خالد
أبتسم بدر بهدوء ثم قال:
– طيب روحي المكتب استنيني هناك
ذهبت رحيل إلى مكتبه وجلست به حتى جاء إليها بعد لحظات، جلس أمامها وظلت هي تطالعه بفضول وعندما طال الصمت قالت:
– سمعاك قول
– بصي يا رحيل طبعًا أنتِ عارفه أني بحبك جدًّا وإن محدش يقدر ياخد مكانك جوه قلبي صح
ابتسمت رحيل وقالت:
– أكيد عارفه
– مش عايزك تزعلي من كلامي بس أنا شايف أنك لازم تغيري نظام حياتك شوية
نظرت له رحيل بتساؤل وقالت:
– اغيره إزاي مش فاهمه؟ أنا حياتي كويسة
– مش قصدي يا بنتي بس أنتِ لازم تتحملي المسؤولية شوية أكتر من كده الحياه مش كلها هزار وضحك ولا أنتِ إيه رأيك
– أنتم ليه اخدين فكره عني إني مش بعرف أشيل المسؤولية .. بابا أنت أكتر واحد المفروض ميقولش الكلام ده لأنك عارف أنا مريت بأيه
– وعشان كده أنا مستغرب يا بنتي حد تاني مكانك كان هيبقى غير كده
– أنا قد المسؤولية في أي حاجه .. بس أنا مش عارفه ليه حظي كده كل حاجه بحاول أعملها صح بتبوظ .. كل ما بمشي خطوة بعمل مصيبه
ثم زفرت بضيق وقالت:
– حظي هو اللي وحش لكن أنا .. أنا كويسة
ضحك بدر وقال:
– أنا عارف أنك كويسة يا حبيبتي بس لازم تتغيري أنتِ عايزه تقنعيني يعني أن قرار التغيير ده مش في أيدك
– لا في أيدي .. بس أنا مش عايزه أفكر في بكره أنا عايزه أعيش النهاردة وبس
– عايزه تعيشي النهاردة وبس ولا بتحاولي تنسي اللي حصل في الماضي؟
نظرت له رحيل وقد تكونت بعض الدموع في عيونها وقالت:
– أنا مش هقدر أهرب من الماضي لأن خيوطه بتربط الواقع اللي أنا عايشه فيه .. أنا بس خايفه يجي يوم وتزهق مني وتمشي أنت كمان
تفاجئ بدر من كلماتها تلك فأمسك يدها وقال بحنان:
– إيه الكلام ده أنا وعدتك من زمان أني عمري ما همشي أنتِ بنتي يا رحيل
– لا .. أنا مش بنتك! وأنا مش قادرة أنسى الفكرة دي عايشه في رعب أني هرجع للعالم اللي كنت عايشه فيه قبل عشر سنين
الكاتبة ميار خالد
– أنتِ من دمي وربنا يعلم إني مش بفرق بينك وبين داليا .. هتفرق يعني ولاد عم من أخوات؟
– بنسبالي هتفرق
وصمتت للحظات ثم قالت بحرج:
– خصوصًا اللي بابا عمله قبل ما يتوفى..
قال بدر:
– مش وقت الكلام ده .. أنا عايزك تنسي كل ده أنتِ بنتي يا رحيل ودي عيلتك الوحيدة أوعي تفكري بس إنك ملكيش مكان بينا ومش عايزك تاخدي أي نصيحه مني ليكي أني كده بعاقبك أو قصدي أني اجرحك
ابتسمت رحيل وقالت:
– أنا أسفه
أبتسم بدر وقال:
– شوفتي خليتي الكلام ياخدنا ونسيت أقولك على الموضوع اللي عايزك فيه
اعتدلت رحيل في جلستها وقالت:
– موضوع إيه؟
– بصي يا ستي .. طبعًا أنتِ عارفه أن الحمدلله أحنا لينا أسم كويس جدًّا في السوق ولينا فروع في كل مكان في مصر
– طبعًا الحمدلله
– في خطوة مهمه جدًّا في شغلنا الفترة اللي جايه وأنا هعتمد عليكِ فيها
– خطوة إيه؟
– شركة القاضي قررت أنها تبني مول تجاري جديد وهيضم أسامي تجارية وماركات عالميه كتير وطبعًا بسبب مجالنا الواسع في الحلويات عمومًا واسمنا المعروف شركة القاضي عرضت علينا شراكه
– بجد! طب ده كويس جدًّا
– بالظبط .. أنا مش هقولك أد إيه المشروع ده مهم بنسبالي وعشان أنا بثق فيكي قررت أنك أنتِ اللي هتروحي بكره وتتمي الصفقة دي
– أنا!! اشمعنا أنا
– تقدري تعتبريه اختبار صغير عايز أعرف أنتِ أد المسؤولية فعلًا زي ما بتقولي ولا لا
نظرت له رحيل بقلق نوعاً ما ثم قالت بابتسامة:
– طبعًا مش عايزاك تشيل هم خالص سيب الموضوع ده عليا
– متأكدة؟ أقدر أعتمد عليكِ يعني
لوحت رحيل بيدها وقالت بثقة كاذبة:
– طبعًا أعتبر أن الصفقة دي تمت خلاص
تنهد بدر براحه وقال:
– إذا كان كده ماشي هسيبك ترتبي حياتك لبكره
ثم أبتسم لها وخرج من المكتب وظلت رحيل بمفردها، وضعت إصبعها تحت أسنانها وقالت بخوف:
– خلاص متخافيش من حاجه .. دي صفقة صغيره يعني أنتِ قدها .. يارب بكره بالذات حظي يكون حلو لأني مع كل خطوة بعمل مصيبة مش عايزه بكره يحصل أي حاجه!
يا ترا إيه اللي هيحصل مع رحيل وهل هتنجح في مهمة أبوها ولا لا؟؟
يا ترا مين هي ليلي؟
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية رحيل العاصي)
بداية مميزة