رواية ديجور الهوى الفصل العاشر 10 بقلم فاطمة طه سلطان
رواية ديجور الهوى الجزء العاشر
رواية ديجور الهوى البارت العاشر
رواية ديجور الهوى الحلقة العاشرة
الانتظار…
ستبقى اللحظات التي نقضيها في الانتظار والترقب هي أكثر ما تؤلمنا لذلك عُرف المثل الشهير “وقوع البلاء ولا انتظاره” الانتظار مؤلم جدًا حتى لو كنت تنتظر شيء قد يفرحك تظن تفكر ماذا لو حدث شيء وغير تلك النتيجة المرجوة؟!!…
الانتظار دومًا صعب مهما كان ما تنتظره..
كان هذا حال أفنان وهي تجول في المنزل بجسد وهيئة، وحتى وجه شاحب رغم جمالها الذي كان يتحاكى به الجميع بدأت تفقده…..
أو رُبما انطفاء روحها هو ما غطى على بياض بشرتها ووجهها المستدير وعيناها التي تشيه أعين الغزال، كل تلك الصفات التي كان ينبهر بها الجميع باتت منطفئة وبشدة، فالجمال ينبع من الروح…
ذهب طفلها إلى المدرسة وظلت هي في انتظار شريف أو ثائر باتت لا تعرف له اسم ولا هاوية والاغرب أنها هي السبب في كل ذلك…
تنتظر عودته حينما أخبرها بأنه سيذهب إلى داغر للحديث معه، والآن انفرج باب المنزل يعلن عن إتيانه وهنا أقتربت منه بلهفة وخوف شديد:
-شريف اتأخرت عليا ومش بترد قلقتني أوي بجد.
هتف شريف بنبرة ساخرة وهو يجلس على المقعد بعد أن أغلق الباب خلفه:
-رجعتي تقولي شريف، واضح ان مهما الواحد حاول مش هيعرف ينسى اللي فات والماضي هيفضل يلاحقه.
ارتبكت من كلماته حتى أنها امتنعت عن سؤاله رغم أن أسئلتها تظهر في عيناها للأعمى…
جلست أفنان على المقعد..
هنا أردف شريف مريحًا أياها:
-داغر مقالش حاجة مرواحي زي قلته، اتخانق معايا وقالي أنه مش عارف هيعمل ايه ولا المفروض هينصرف ازاي وحقه.
أبتلع ريقه ثم غمغم:
-أنا لو مكانه كنت ولعت فينا ده واحد جه من السفر لقى في طفل متسجل باسمه وهو مش ابنه عايزاه يعمل ايه يعني؟!!.
نكست أفنان رأسها انكسارًا…
مازالت تتذكر تلك الصفعة التي تلقتها منه ليلة زفافهم…
مازالت تشعر بها رغم مرور سنوات صداها ويده مازالت تاركة أثرًا في روحها..
وقتها لم تسأله عن السبب؟!.
كانت أجبن من أن تسأله لما فعلت ذلك..
أردفت أفنان بنبرة جادة:
-أنا لازم اتكلم معاه.
-كلامك مش هيفرق ولا كلام حد غيرك سبيه يفكر مع نفسه وأي حاجة هيقولها أحنا مش هنقدر نفتح بُقنا فيها أو نعترض حتى.
تمتمت أفنان بنبرة مهتزة:
-كان لازم نقول لكمال وجدو على الأقل منبقاش لوحدنا اللي اتحملنا الموضوع، أنتَ متخيل هيعملوا أيه لما يعرفوا هما كمان؟! أحنا غلطنا من الأول أننا خبينا عليهم كان لازم نقولهم.
رُبما هي محقة ولكن وقتها مرض والدته الذي أنشغل فيه الجميع غير علاقة فردوس وكمال التي كان في أشد مراحلها توترًا بعد الحادث بثلاثة أشهر لم يكن وقتها لديه الجراءة ليخبرهم بكارثة أخرى….
وبعد ولادة أفنان بفترة حينما قرر أخبارهم أنشغل بمرض فهد الذي هبط من رحم أمه ضعيفًا جدًا ومازال يعاني…
هتف شريف بنبرة مرهقة:
-أعتقد كلمة كان لازم وكان المفروض مش هتعمل حاجة محدش بيعرف يرجع بالزمن ويصحح غلطاته يا أفنان اللي حصل حصل، المهم دلوقتي اللي هيحصل أيه، أنا مبقتش عندي كلام أقوله لأن كلامي غير مرغوب للكل في الأساس، اللي داغر هيقول عليه هنعمله.
-أنا السبب في كل حاجة مستقبلك ضاع بسببي يا شريف.
قالت جملتها بانيهار وبكاء شديد…
غمغم شريف بنبرة جادة وحقيقية:
-الحاجة الوحيدة اللي متأكد أن لو رجع الزمن هعملها اني هقتل حسن برضو، لأنه كان يستحق ده، يمكن ساعتها كنا بنتخانق ومن الانفعال أنا خنقته بس المرة دي لو رجع بيا الزمن هقتله ألف مرة وأنا قاصد ومش ندمان…
كلماته تلك تؤلم قلبها بشكل كبير….
تشعر بالذنب العميق..
لقد ضاع شريف يومها، ضاع ولم يعد تدمر مستقبله….
حتى زيجاته وتصرفاته تلك هي دومًا تفسيرها سبب واحد هو يريد أن يتمتع بيومه ويفعل ما يحلو له لأنه يعلم بأن حياته تلك لن تطيل حبل المشنقة سيظل دومًا يطارده ويخنقه….
كالعادة وبسرعة ومهارة رهيبة غير شريف مجرى الحديث:
-خشي يلا شوفي هتغدينا أيه النهاردة وفُكي علشان الواد لما يجي من المدرسة ميلاقكيش بالمنظر ده، أنا ورايا مشوار هخلصه وهرجع علطول.
نهض وترك قُبلة دافئة على رأسها وربت على كتفها مطمئنًا أياها بأن شقيقها هنا..
لأخر نفس فيه هو هنا ليدافع عنها أمام الجميع وليحميها من أي شخص قد يُفكر أن يؤذيها، كان هذا عهده منذ أن كان في مقتبل عمره ووجد أفنان بين ذراعيه بعد أن وضعتها أمه ومن وقتها بات يشعر بأنها ابنته رغم الفارق الغير كبير بينهما…
أصبحت أفنان روحه وكأنها تؤامه، نصفه الآخر حينما كانت تمر عليها وعكه صحية بسيطة كان هو من يسهر بجانبها حتى والدته كانت أحيانًا قد تخلد للنوم بينما هو لا لم يكن يتركها أبدًا…
أفنان قطعة من قلبه، هي روحه ولن يقبل بأن يمسها أي أذى مهما فعلت…
____________
“في الشرقية”
طرقات خافتة على باب غرفتها حينما لم تجد فردوس رد خشيت أن يكن قد صار لها شيء…
لذلك فتحت الباب بهدوء لتجدها جالسة على الكرسي المتحرك الخاص بها وهي ترتدي خِمارها وتقوم بتأدية فرضها..
فولجت فردوس بعد أن تنفست الصعداء واطمأنت أنها بخير، أغلقت الباب خلفها ثم جلست على طرف الفراش في انتظار بأن تنتهي منى من صلاتها…
حينما أنتهت أدارت منى عجلات مقعدها المتحرك لتصبح في مواجهة فردوس قائلة بعتاب شديد:
-أخيرًا أفتكرتيني؟!.
منذ زواج كمال بداليا لم تحتك فردوس بمنى ولم تأتي لها لا تدري حقًا السبب في فعلها ذلك؟!..
رُبما لأن منى تجيد قرأتها وقراءة ما يدور بقلبها أما عقلها الجميع يعرف ما يدور به، تشعر أمام منى بأنها عارية المشاعر فهي تستطيع الشعور بها بشكل يخفيها أحيانًا، ولا تريد أن تظهر لها بوضع ضعيف حتى لا تخبر كمال عنه..
أردفت فردوس بنبرة هادئة:
-انشغلت شوية مع دعاء بسبب عمليتها..
تمتمت منى على الرغم من عددم اقتناعها بأن هذا هو السبب:
-ربنا معاها ويفرح قلبها هي وبكر ويعوضه بخلفته، وأنا هحاول بعد صلاة العشاء أروح أطمن عليها.
هزت فردوس رأسها بشرود وهي تعقد ساعديها، وتعلم جيدًا منى حينما ترغب فردوس بالصمت هذا يعني أنها لا تريد أن تتحدث في شيء…
لذلك قررت منى أن تقص هي ما ينتابها:
-أنا قلقانة على أفنان أوي، بقالي أسبوع مكلمتهاش، كمال هو اللي كان بيخليني أكلمها.
أبتلعت فردوس ريقها وتحدثت باهتمام:
-قلقانة علي ايه يعني؟! واحده متجوزة ومع جوزها مسافرين الحياة شغلاها مش أكتر ولا أقل وبعدين أنتِ مش بتكلميها من تليفونك ليه؟!.
أجابت عليها منى بالحجة والسبب التي يتحدث به كمال دومًا:
-الخط بتاعي مش دولي وأنا مليش في الفيس والحاجات دي.
ثم أسترسلت حديثها قائلة بهدوء:
-معرفش كلامك صح، بس هي مش بتحكي خالص حتى لما كانت بتنزل اجازة هنا ومش عارفة ليه داغر مكنش بينزل معاها ولو حتى مرة؟! مش هعرف أوصفلك أنا عايزة أقول أيه بس أنا دايما قلبي موجوع ومش مطمن من ناحيتها.
تمتمت فردوس بعفوية:
-متهايقلي مخاوفك دي علشان هي بعيدة عنك ثم أن داغر بيحب أفنان من زمان وأنا دايما كنت بشوف حبه ليها، يعني استحالة يضايقها وحتى لو بينهم مشاكل وخلافات أكيد مشاكل عادية.
-بس عمري ما حسيت أن علاقتهم طبيعية أو ان بنتي لما بتتنزل اجازة بتكون فرحانة، وبعدين بقالهم سبع سنين متجوزين ولغايت دلوقتي مخلفوش وكل ما أسالها تتهرب من الإجابة.
تنهدت فردوس وغمغمت بنبرة مقتضبة:
-يمكن في حد فيهم عنده مشاكل في الخلفة، ويمكن هو داغر علشان كده هي بتتهرب من الإجابة علشان متحرجهوش مثلا، بس مدام جوازهم مستمر السنين دي يبقى هما مبسوطين مع بعض وقلقك ده يمكن علشان مفيش علاقة شوفتيها قدامك طبيعية..
قالت كلماتها الاخيرة بسخرية ممتزجة بألم…
هتفت منى بحنان:
-كل حاجة هتتصلح يا بنتي.
-اللي فات أصعب من أنه يتصلح.
-الحب والحنان والتسامح قادر أنه يعمل كل حاجة في الدنيا.
هنا تغيرت ملامح فردوس وهي تسألها بضيقٍ:
-عايزاني أسامح في حق أخويا؟!.
-لا بس متعاقبيش حد ملهوش ذنب.
أخذت فردوس نفس طويل وهي تقول:
-بقى في بينا ألف حيطة وحيطة، وخلاص هو أتجوز لا أنا هصفى ولا هو هيصفى، الحب لوحده مش كفايا، فات الأوان و هو فايتنا من زمان.
-استحالة الحب اللي ما بينكم يفوت عليه الأوان أنه يصلح كل حاجة.
كادت فردوس أن ترد عليها ولكن طرقات خافتة ورزينة كصاحبها كانت تلح عليهما فأذنت له منى بالدخول…
فولج كمال بابتسامة هادئة وحقيقية تظهر فقط عند رؤيته إلى أمه فهي ملاذه الأمن…
-مساء الخير على أجمل واحدة في الدنيا كلها.
عقبت منى بجنان بالغ:
-أهلا يا كمال يا ابني وحشتني.
دخل كمال ليتفاجئ من وجودها ولكنه أقترب من أمه وترك قُبلة على رأسها ثم قبل يديها…
وهنا نهضت فردوس مقرره الرحيل فهي لا تتحمل رؤيته…
-عن أذنك يا طنط.
هزت منى رأسها بتفهم ولم ترغب في أن تضغط عليها وبالفعل رحلت فردوس وأغلقت الباب خلفها تحت نظرات كمال المفعمة بالعتاب فحتى النظر إليها سيصبح محرومًا منه وتحرمه عليه…
جثى على ركبتيه أمام مقعد والدته يمسك يديها بجنان يقوم بتقبيلهما قائلا:
-وحشتيني.
-وأنتَ كمان يا حبيبي رغم أنهم كانوا كام يوم بس إلا أن البيت وحش من غيرك أوي يا ابني.
هتف كمال بنبرة هادئة:
-أنتِ عاملة أيه وصحتك عاملة أيه يا حبيبتي؟!.
-أهو بخير الحمدلله زي ما أنتَ شايف يا ابني.
أنهت حديثها وأخذت تتفحص ملامحه بعناية، فهي تجيد قراءة من يتواجد أمامها وتجديدًا أولادها لذلك رُبما لم تقتنع يومًا بحديث أفنان التي تحاول اقناعها بأن حياتها جيدة…
نظرت إلى كمال لا يتواجد في عينه فرحة أو رغبة، أي شيء قد تلمحه في عين رجل قد تزوج حديثًا ومر على زفافه بضعة أيام قليلة، لا يتواجد إشراقة ولا بهجة ولا أي شيء مميز قد تستطيع الشعور به في صوته.
سألته منى بنبرة عادية:
-المهم العريس عامل أيه مع مراته؟!.
عقب كمال بنبرة هادئة:
-كل الأمور بخير الحمدلله.
حينما قالها لم تستشعر خفقان قلبه، لم تشعر بالرضا الحقيقي في نبرته التي قد تستشعره تحديدًا في نبرة رجل تزوج بعد سنوات من الحرمان العاطفي والمادي والمعنوي…
هتفت منى بتمني:
-ربنا يهدي سرك ويفرح قلبك يا حبيبي ويرزقك بالذرية الصالحة.
كيف يفرح قلبه بالله؟!..
هي أنهت مشاعره كلها…
افرغته داخليًا دون أن تدري…
عقب بشرود:
-أمين يا ست الكل.
سألته منى بقلقٍ:
-كلم ليا البت أفنان وحشتني اوي، وأنتَ دايما اللي بتخليني أكلمها.
حاول كمال أن يخلق أي حجة قد تبدو منطقية:
-هو تليفونها باظ للأسف ودلوقتي داغر في الشغل بس هي كويسة جدًا وكمان في خبر حلو هي وداغر نازلين مصر قريب جدا جدا.
تحدثت منى بفرحة لم تستطع كتمها:
-بجد يا ابني؟!.
حاول كمال أن يطمئن قلبها:
-بجد يا امي كلها أيام بسيطة وتلاقيها هنا ان شاء الله.
نظرت له منى بسعادة ثم قالت بخبثٍ:
-صحيح أنا بس اللي وحشتك؟!.
أردف كمال بتلقائية:
-كلكم وحشتوني والبيت نفسه وحشني، بعد ما بقا عندي خمسة وتلاتين سنة دي أول مرة أقعد كام يوم كده في بيت تاني، بس هتعود ان شاء الله.
سألته منى بجدية:
-أنتَ اتجوزت تاني بس متنساش فردوس يا ابني وخلي بالك أنتَ لازم تكون عادل ما بين الاتنين.
هي مشكلته كلها منذ سنوات أنه لا يستطيع نسيانها ولم تساعده هي على فعل ذلك…
غمغم كمال بنبرة ساخرة وهو ينظر إلى والدته بعدم تصديق:
-واعدل ازاي مع واحدة رافضة حتى الكلام ولو اتكلمنا بنتكلم على خناقة…
كان يود ولو يخبرها بأنه يحتاج العدل مع داليا ليس مع فردوس التي تمتلك فؤاده ولا تسمح لأي شخص أن يدخل معها أو يشاركها فيه..
هتفت والدته بجدية وهي تسترسل حديثها:
-لازم تعدل في كل حاجة في الانفاق، في المبيت، في المشاعر، في كل حاجة حرفيا تتخيلها ومتتخيلهاش مهما كانت بسيطة، الجواز من اتنين مش شيء سهل زي ما كل راجل بيتخيل..
قهقه كمال متهكمًا وهو يقول بمرح يشوبه الحسرة:
-أعدل في الإنفاق في واحدة أصلا رافضة اني اصرف عليها وبتبيع دهب امها وأنا بلف وراها علشان اشتريه، وفي المبيت وهي في اوضة وأنا في اوضة؟!!! هو أنتِ بتتكلمي عن واحده تاني غير فردوس؟!!.
هزت والدته كتفها بلا مبالاة ثم أردفت:
-أنا بنصحك باللي لازم تعمله يا ابني، وبعدين قوم روح شوف فردوس فين وروح أتكلم معاها شوية وطايب بخاطرها هي موجوعة أكيد مهما أدعت عكس ده هي كدابة.
وهو أيضًا بكاذب…
لا يعلم متى تكون نهاية تلك القصة بينهما؟!
وكيف تنتهي؟!!!…
وهل هو ينتظر إشارة من أحد حتى يذهب لها؟!..
_______________
“القاهرة”
في منزل صديقة بشرى التي تدعى (ملك) رفيقتها في الجامعة التي توطت علاقتها بها في السنة الأخيرة حتى أن علاقتهما أصبحت أقوى من علاقتها بسمر التي تقريبًا قد أنهت علاقتها بالجميع بعد التخرج حينما تزوجت…
لا تدري هل حقًا قطعت علاقتها مع جميع رفيقاتها قاصدة أم أن الحياة تجعل الجميع يسير وفق طرق ومسارات أخرى تجعلك تنهي بعض العلاقات القديمة………
ملك هي فتاة جميلة ومهذبة تقطن في شقة العائلة أو شقة عائلتها قبل وفاة والدتها منذ عدة سنوات وبعدها قام والدها بالزواج ولأنها لا تشعر بالراحة مع زوجته رغم أنه لم يصدر منها أي شيء قد يزعجها ولكنها فضلت العيش هنا وأحيانًا يأتي والدتها للمبيت معها.
ولكنها على أي حال لم تنقطع علاقتهما معه ولم تنزعج منه فهي تدرك أنه من حقه الاستمرارية وأن يتزوج بامرأة قد تصبح له ونيس وجليس في أيامه الأخيرة من عمره كما أخبرها في هذا اليوم رغبته في الزواج وقتها أعطته الحرية والحق ولكن لم يتقبل عقلها الأمر لذلك فضلت الجلوس هنا وعلى أي حال هي تذهب لزياراته في متجره الخاص ببيع الحلوى يوميًا وهو يقطن بالقُرب من هنا……
وعلى الرغم من رفضها في السابق كحال المعظم التدريب في مكتب محاماة إلا أنها وجدت بعد تخرجها بأنها لا تجد شيء تفعله، لذلك قررت الاستفادة بوقتها وكانت هي أول من أقترحت على بشرى بالمكوث معها فهي تعيش بمفردها وسوف يذهبا الاثنان معًا إلى العمل كل يوم وتذهب بشرى في نهاية الاسبوع إلى عائلتها وكذلك هي يأتي والدها ويبقى معها إلى حين عودة صديقتها من السفر…
فهي سوف تدرب مع صديقتها من أجل اشغال وقتها ورُبما هذا الخير لها وهي لا تدري، ولرغبة أخرى لا تود الافصاح عنها أمام أحد…
أنتهت بشرى لتوها من تفريغ حقائبها ووضعها في الخزانة بمساعدة صديقتها، وها هم يأخذا قسطًا من الراحة قبل أن ينهضا ويحضرا العشاء..
تمتمت ملك بسعادة وحب:
-أنا بجد فرحانة أوي أن باباكِ وافق أخيرًا لأنك فضلتي تخوفيني أنه يرفض.
ضحكت بشرى ثم قالت بعفوية شديدة وهي تنظر لها:
-أنا لغايت دلوقتي والله ما مصدقة أنه وافق بالسهولة دي بس طبعًا كلمة السر في الأول والأخر ترجع لستو.
أنهت كلماتها الأخيرة بعفوية ولكنها لم تخرج منها مرحة كما أعتادت…
بل أخذت تفكر في الأمر في عقلها..
لما دومًا يسمع والدها إلى حديث جدتها؟!…
لذلك خرجت منها الكلمات منطوقة دون أن تنتبه أو تدرك هذا:
-دايما بيسمع كلامها وبيعمل اللي عايزاه وساعتها يوافق على اللي أنا عايزة أعمله.
ضحكت ملك قائلة بعدم فهم:
-ودي حاجة تزعل يا عبيطة؟! ده بالعكس أنتِ عرفتي نقطة ضعفه وعرفتي مين اللي ينفذ ليكي رغباتك ياريتني كنت أنا…
لا أحد يتمنى أب ضعيف الشخصية لا يتخذ قراراته دومًا بمفرده أو يستمر في الرفض الدائم أو القبول الحقيقي، جدتها لديها سُلطة رهيبة ولا تعلم هل هكذا الأمر مع الجميع؟..
أم أن والدها وجدتها حالة خاصة..
سألتها صديقتها بعفوية شديدة:
-عماله تتكلمي دايما عن باباكِ وجدتك، ومش بتتكلمي كتير عن مامتك لدرجة إني لما عرفتك بصراحة في الأول أفتكرتها متوفية يعني بعد الشر عليها أو منفصلة عن باباكي لأن عدم كلامك عنها في أي موقف شيء غريب بصراحة.
صحيح ما كان رأي والدتها الحقيقي؟!…
هي حينما أخبرتها بالأمر سألتها السؤال التي كانت تتوقعه دومًا هو ما رأي والدها؟!!
حتى تتخذ القرار المعاكس له..
وهي قامت بتشجيعها كما فعلت جدتها وأبدت موافقتها وإصرارها الغريب من نوعه كما تصر على أي شيء قد يخالف رغبة منير..
فهي لا يهمها أي شيء أو ما الأفضل لابنتها المهم هو اتخاذ رد فعل معاكس لأفعاله.
أبتلعت بشرى ريقها بشرود وقد نست تمامًا السؤال الموجة لها أو بمعنى أدق هي لا ترغب في الإجابة لأنها لا تجد تعقيب مناسب…
لذلك غيرت بشرى مجرى الحديث متمتمة:
-يلا نقوم نعمل العشاء أحسن لاني جعانة جدًا.
تهربت من السؤال ببراعة شديدة ومهارة أمام صديقتها ولكن ظل السؤال يدور في رأسها…
لما؟!
_____________
“في الشرقية”
كانت فردوس في غرفتها تقف بجانب النافذة تداعب نسمات الهواء وجهها، الليالي الماضية لم تكن هينة أبدًا عليها…
كان عليها إعادة حساباتها لكل القرارات الماضية، تعتقد أنها كان يجب عليها الانفصال والطلاق من كمال من بعد الحادثة لم تكن تنتظر كل تلك السنوات، عذبت نفسها وعذبته معها دون هدف حتى لو كان يحمل الذنب باخفاءه شقيقه كانت تركته..
تسأل نفسها كل يوم منذ أن تزوج بداليا..
ما الفائدة؟!!
ماذا أستفادت؟!!.
هل حصلت على مكان شريف ووصلت له؟!، هل نال عقابه؟!
كلا لم تفعل ولم تنتقم ولم ينل……
لم تسعد ولم تشعر بالراحة..
حقًا ما الفائدة يا فردوس؟!..
تزامنًا مع سؤالها الأخير ولج كمال إلى الغرفة وأغلق الباب خلفه وهنا أستدارت برأسها لتتأكد أنه هو رغم توقعها..
ثم عادت تنظر ناحية النافذة قائلة:
-هو خلاص مبقاش في حاجة اسمها نخبط الباب.
تجاهل نبرتها الاستفزازية تلك وأقترب ليقف بجانبها سائلا أياها بنبرة هادئة:
-عاملة أيه؟!.
هذا السؤال المستفز على الإطلاق يسأله الكثير لك يوميًا ولا تستطيع الإجابة سوى ببضعة كلمات تقليدية تصف الحال الجيد، تقولها وأنتَ أبعد ما يكون عنه…
كانت تود لو تصرخ وتخبره بأنها ليست بخير..
ليست بخير أبدًا…
يوميًا تتناول (المنوم) من زواجه تقريبًا حتى لا تفكر بأنه في أحضان في أمرأة أخرى غيرها، كلما تظن بأنها قد تخلصت من حبه يأتي شيء يجعلها تفسم بأنها أصبحت عاشقه له بشكل أكبر.
تجاهلت أصواتها الداخلية وهي تلتفت له وتعقد ساعديها متمتمة ساخرة من حالهما كالعادة:
-أنا حياتي زي ما هي مفيهاش جديد، لو هنسأل حد عامل ايه المفروض نسألك أنتَ يا عريس المفروض يكون عندك الجديد كله.
نبرتها لم تكن ساخرة بقدر ما لمح فيها عتاب رهيب ولذلك عقب على حديثها:
-اللي يشوفك وانتِ مكشرة كده بتتكلمي من طرف مناخيرك ميشوفش زغروطتك اللي خرمت سقف البيت يوم ما عرفتي اني بفكر أتجوز.
شعرت بأن عباءة كبريائها على وشك السقوط لذلك قررت الحديث بعجرفة وكأنها لا تهتم على الرغم من أنها تحترق من الداخل:
– أنا مش مكشرة وحتى لو مكشرة، هو لازم اكون مضايقة علشانك مفيش حاجة في حياتي غيرك؟!.
سألها كمال ساخرًا:
-ازاي محدش اكتشف موهبتك دي لازم تبقى جراحة قد الدنيا تقعدي تشردي وتجرحي في اللي قدامك.
-الفضل كله يرجع ليك اللي اكتشفتها وياريت بلاش كلام ملهوش لازمة شوف نفسك رايح فين.
تجاهل حديثها كله وغمغم بنبرة جادة:
-تعرفي أكتر حاجة وجعتني منك ايه؟!….
-مش أكتر ما أنتَ وجعتني خلينا متعادلين.
تمتم كمال معاتبًا:
-أنتِ كنتي هتدفعي فلوس لواحد علشان يتجسس عليا وعلى حسابي واتواصلتي مع اللي اسمه مراد رغم اني قولتلك ألف مرة لا، أنتِ روحتي وجيبتي سلاح غير مرخص الله أعلم جبتيه ازاي وخليتيني زي اللي ملهوش لازمة، وحاجات كتير اوي كسرتيني فيها، كسرتي فيا بدل المرة ألف فأوعي تقولي أننا متعادلين أنا عمري ما فكرت أوجعك، ولا أخدتك بذنب حد…
لم تفهم جملته الأخيرة ولم تهتم لفهمها…
أردفت فردوس وهي تنظر له بحيرة:
-أنتَ عمال تتكلم كده ليه؟! مش خلاص اتجوزت ولقيت العقاب المناسب ليا؟! بتبرر ليه؟!! مش مقتنع بقرارك فحبيت تبرر ليا؟!!..
تمتم كمال في تهكم:
-حتى اني اخرج اللي جوايا مش مسموح؟!.
-لا مسموح براحتك خرج اللي جواك، بس اللي قدامك مبقتش تحس ومبقاش ينفع، أنا بحسدك يا كمال…
تحدث كمال بعدم فهم:
-بتحسديني على أيه؟!..
-أنك تقدر تكلم أخوك براحتك واختك براحتك، بحسدك حتى أنك عرفت تتخطى لا وروحت اتجوزت وبتعيش حياتك، أنا بحسدك بصراحة، وبحسد أي حد عارف يكمل حياته وأنا اللي حياتي واقفه بقالها أكتر من سبع سنين مش عارفة اتحرك لسه واقفة مكاني.
لا يستطيع أن يتخطاها، لا يستطيع أن يشعر بالسعادة، تزوج أمرأة جميلة ورائعة، أستطاع أن يشعر برجولته ويشعر بنفسه كزوج لأمراة ورُبما قد تنجب له، ولكنه ليس سعيدًا ولا يشعر أبدًا بأن هناك من داخله سعادة حقيقية، هو فارغ….
فارغ جدًا، يبدو أنها هي السم وترياقه، هي من تستطع تجريده من كل المشاعر ولو أرادات تستطيع أن تجعله مفعم بها…
كانت أعينهم تعكس مشاعر متباينة تمامًا غير التي تخرج منهما، فأذا أردت معرفة شعور الشخص الذي يقف أمامك أنظر في عينه، لسانه قد يكذب لكن عين العاشق لا تكذب بل تفضحه…
لكن للأسف هناك بعض المواقف قد تستطيع مُجبرًا تصديق ما يقال باللسان…….
تمتم كمال بنبرة هادئة:
-لو أنتِ شايفة أني قادر اعيش حياتي وان حياتي تمام فبراحتك مش هجادلك أنتِ عامية عني من زمان، كلها يومين وهرجع تاني والاسبوع هيتقسم…
قاطعته فردوس في غضب:
-لا متقسمش شوف راحتك فين واقعد هناك.
أبتعد عنها بضعة خطوات فهو يريد الذهاب للحديث مع جده في هذا الأمر المُريب الذي يحدث في القاهرة:
-راحتي عمرها ما كانت في أي حتة غير معاكي بس مدام أنتِ بعيدة عني دايما فعمري ما هكون مرتاح.
أنهى حديثه وغادر الغرفة ولم يبقى أي شيء في الغرفة سوى رائحة عطره النفاذة…
لتشهق باكية….
____________
في اليوم التالي….
أصبحت دعاء ونس فردوس لا تدري متى وكيف؟!..
أصبحت دعاء هي ثاني فرد في هذا المنزل قد تشعر بصدقه، رُبما لأن دعاء ليس لها علاقة بشيء بل هي ولجت إلى تلك العائلة بعد موت شقيقها بعامين تقريبًا فهي أكثرهم براءة وصدقًا ولا تشترك فيما يفعلوه..
أو رُبما لأنها لم تنسى أن حضنها ودفئها كان كفيل بأن يجعلها تتخطى ليلتها الصعبة، ليلة زفاف حبيب عمرها، والتي دومًا عشقها له يقف حائل أمامها..
عشقها له كبير لدرجة بأنه ينافس رغبتها في الانتقام لشقيقها…
مازالت تتذكر حديثه ليلة أمس..
لم تتوقع أن يخرج منه أبدًا بعد أيام من زفافه.
تجلس فردوس مع دعاء في غرفتها لتقوم بتسليتها أو رُبما تتخلص من أفكارها التي تتواجد في عقلها خصيصًا اليوم…
لن يتذكر…
لن يتذكر أبدًا تلك المرة رغم حرسه في السنوات الماضية على تذكر هذا اليوم لكن من سوف يتذكر وهو الان في أحضان أمرأة أخرى، وتحديدًا بعد حماقتها معه ليلة أمس
الفكرة نفسها تمزق قلبها ألف مرة ومرة..
أه لو يعلم!!
هو حتى لو كانت تستطيع البوح له..
تمتمت دعاء من بين ثرثرتها كالعادة فهي تحب الثرثرة والحديث في كل شيء والآن قد تضاعف الأمر لأنها في فترة راحة يتوجب عليها الراحة حتى اليوم المخصص لمعرفة النتيجة، فلا شيء قد تفعله سوى الثرثرة..
-في أيه يا فردوس الاسم قاعدة معايا؟! بس دماغك في حته تانية؟!.
قالت فردوس بنبرة هادئة:
-ما أنا معاكي أهو يا دعاء سمعاكي والله.
أردفت دعاء بخبثٍ:
-واحشك صح؟!.
سألتها بدهشة رهيبة وكأنها تعرف رجلا غيره:
-هو مين ده اللي وحشني؟!.
عجرفتها تلك تجعل دعاء في بعض الأحيان ترغب في كسر عنقها لذلك أجابت في نبرة ساخرة:
-أبويا طبعا هو مين هيوحشك غير أبويا؟!!..
ثم ابتلعت ريقها وتحدثت في نبرة جادة:
-كمال، شوقك ليه باين في عينك؛ مهما حاولتي تخبي، أنا أول مرة ألمح النظرات دي في عيونك.
عقبت فردوس كاذبة:
-وأنا هيوحشني ليه واحد أصلا اتجوز عليا وشاف حياته وبعدين ده كان هنا امبارح يعني.
تمتمت دعاء بتهكم واعتراض:
-هو مشافش حياته بعد أسبوع ده شاف حياته يعد سبع سنين يوميًا بيحاول فيهم، بيحاول أنك بس تليني دماغك شوية، وأنتِ دماغك حجر صوان.
لم تكن فردوس لديها القدرة أو الطاقة للدفاع عن نفسها هي ترغب في ثرثرتها وسماع صوتها، لا أن تقوم بسرد مبررات وأسباب أحيانا تكون في ذورة منطقها وأحيانا أخرى تصبح في عيناها هي نفسها ليست منطقية أبدًا…….
أنتشلها من أفكارها مع نفسها صوت دعاء التي سألتها:
-هو بس في حاجة هموت وأسالك عليها.
-بعد الشر عليكي يا ستي، قولي وريحي نفسك.
كالمسكينة باتت ترغب في ثرثرة أحدهم لعل صوتهما وأفكارهما قد تغطي على صوت عقلها وأفكارها الداخلية..
تمتمت دعاء بفضول:
-بصراحة مستغربة يعني معقول حركة كمال دي تمرد على الوضع اللي بقاله سنين، وزهق من المحاولات ولا أيه مع ان استحالة واحد بيحبك زي كمال يزهق مرة واحدة كده…
كيف تخبرها بأنها السبب؟!!..
بأنها أفقدته عقله بسبب أخر النزاعات بينهما حينما أرتكبت بعض الأفعال التي يبدو أنها ثارت جنونه…
وبالرغم من أنها كانت على وشك الحديث لكن قاطعها طرقات الخادمة وبعد أن قامت دعاء بالسماح لها بالدخول، ولجت وهي تحمل باقة من الأزهار البيضاء والوردية ألوان “فردوس” المفضلة….
هنا انتفض قلبها وبقوة…
تكذب عينيها هل تذكر؟!!…
تمتمت الخادمة بنبرة عملية:
– الورد ده لمدام فردوس.
رغم غرابة الموقف بالنسبة إلى دعاء والتي فقدت النطق حينما وجدت فردوس تنهض من مكانها وتذهب ناحية المرأة تأخذ الباقة من يديها لتنصرف بعدها فورًا..
وجدت فردوس في وسط الباقة كارت ألتقطته رغم أن البعض توقف عن تلك العادة حينما يأتي بباقة ورد إلا أنه مازال يذكرها بالعادات التي لم ينساها من سنوات…..
منذ أن كانت هي مراهقة وهو يبدأ في دخول مرحلة الشباب…
لم يتوقف ولو لعام واحد عن إرسال باقة زهور لها في يوم مولدها، بينما هي ظنت أنه لن يفعل هذا العام لغضبه منها…
ولأنه قد تزوج بأخرى…
أبتسمت فردوس إبتسامة جميلة ولطيفة جدًا وهي تجد الكارت مدون عليه بخطه المميز التي كانت دومًا تُعجب به وكان يرسل لها في فترة خطبتهما رسائل ورقية كما كانت تحب مدونه بخطه…
لأنها كانت تحب أن يحبها بطريقة كل العصور والأزمان القديمة والعتيقة…
“كل عام وأنتِ بخير يا فردوس، أتمنى أن يزال في قلبك ربيع الورود وأن يكن لكِ نصيب من اسمك دومًا”
أمضاء: من ملكتي فؤاده ولم يسترده منكِ حتى الآن (كمال)
تهللت أساريرها…
شعرت بالسعادة تدب بأوصالها وكأن هذا قد أنساها أفعالها وأفعاله وكل شيء، لم يكن هذا الكارت أول كارت يكتب عليه الكلمات نفسها بل هو يكررها في كل عام، وكانت تتشاجر معه في السنوات السابقة بأنه لن يشفع له شيء عندها، ولا ترغب في معايدته لها بباقة زهور؛ أو هدية قد يأتي بها…
لكنه لم يكف عن تلك العادة..
ولم تكن تفرح بها كثيرًا لأنها أعتادت محاولاته..
لكن تلك المرة ظنت بأنه لن يفعل ولكنه خيب ظنها…
هتفت دعاء بفضول:
-أيه يا فردوس أنتِ سافرتي ولا أيه في حتة تانية؟!.
بفرحة طفلة لم تشعر بها منذ زمن بعيد كانت تجيبها:
-كمال جايب ليا ورد النهاردة عيد ميلادي الثلاثين، من لما كان عندي ستة عشر سنة وأنا كل سنة لازم يجيب ليا ورد، كنت فاكرة أنه السنادي مش هيعملها…
ابتسمت دعاء ببلاهة واستغراب…
ومن لا يستغرب وهو يرى تلك العلاقة الغريبة ؟!!
حقًا هي لا تفهم شيء ولكنها تقسم بأنها علاقة فريدة من نوعها..
علاقة تجعلك تموت مجنونًا ولن تفهم ما الذي يحدث بينهما أو معهما؟!.
______________
“في القاهرة”
هل هي تقف الآن أمام منزله؟!.
لا تدري هل تلك الخطوة صحيحة أم لا؟! ولكنه قطع كل السُبل بينهما وقام بحظرها من كل شيء…
هي تريد الاطمئنان عليه، منذ ذلك اليوم التي رأته فيه وتلك الكدمات على وجهه وهي تشعر بالقلق عليه ولا تستطيع الصمود أكثر من ذلك، ولأجل هذا قررت الاتيان إلى أفنان لمعرفة ما يحدث وبعد تأكدها التام بأنه قد ذهب حينما لم تجد سيارته في المكان الذي يصطف به.
قرعت الجرس وبعد ثواني كانت أفنان تفتح الباب بخمارها المنزلي بأعين متورمة وحزينة فهي لم تتوقف عن البكاء ولا الشعور المميت بالذنب والقلق…
نظرت لها أفنان قائلة لدهشة:
-شمس!.
أردفت شمس بتوتر وبدأت تدرك خطئها في الاتيان:
-أنا جيت علشان عايزة اتكلم معاكي لو ينفع.
قالتها بشيء من التردد لا تدري لما قد خشيت من أن يكون ثائر قد أخبر شقيقته بما حدث بينهما وأخبرها بأنها راقصة، لم تضع حد لتلك الاعتبارات هي تريد الاطمئنان عليه فحسب ولا ترغب في أي شيء أخر…………
هتفت أفنان بترحيب وهي تشير لها بأن تلج إلى فناء المنزل فلا يصح أن تظل في أمام البوابة، وبالفعل استجابت شمس لها ودخلت ولكنها رفضت تدخل إلى داخل الشقة متمتمة:
-ملهوش لزوم أنا جاية أتكلم معاكي كلمتين وامشي ومش هطول عليكي، بصراحة أنا قلقانة أوي على ثائر ومن كام يوم شوفته زي كأنه مضروب ومش فاهمة ماله.
أبتلعت أفنان ريقها ثم أجابت بتوتر:
-يعني في شوية مشاكل عائلية مش أكتر….
ثم سألتها أفنان بابتسامة هادئة:
-هو أنتم ليه مرة واحدة سيبتوا بعض كده؟!.
لم تلمح في نبرتها خبث أو سخرية كانت تسألها بحنان وبنبرة جادة وهنا تأكدت من أن ثائر لم يخبرها بحقيقة الأمر……
ما أن كانت شمس تحاول إيجاد أجابة منطقية أو رد كان باب البوابة يُفتح بواسطة ثائر………
الذي طالعها بصدمة سائلا أياها بانفعال:
-أيه اللي جابك هنا؟!.
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية ديجور الهوى)