روايات

رواية ديجور الهوى الفصل الخامس والثلاثون 35 بقلم فاطمة طه سلطان

رواية ديجور الهوى الفصل الخامس والثلاثون 35 بقلم فاطمة طه سلطان

رواية ديجور الهوى الجزء الخامس والثلاثون

رواية ديجور الهوى البارت الخامس والثلاثون

ديجور الهوى
ديجور الهوى

رواية ديجور الهوى الحلقة الخامسة والثلاثون

وكم يليق بِك ان تظل حبيبيّ كل العُمر.
******
بعد مرور ثلاثة أيام..
ففي اليوم الأول بعد دفن والدة داليا التي انتقلت إلى رحمة الله، ذهبت فردوس لقضاء واجب العزاء -في اليوم الأول- وكانت وقتها نظرات بكر وتوفيق وحتى دعاء لها غريبة في رغبتها في قضاء الواجب، كانوا يشعرون أن وجودها شيء عجيب جدًا…
حتى هي حينما تسأل نفسها عن قيامها بهذا الفعل لا تعلم حقًا لماذا فعلت؟!.
هي والدة زوجة كمال الثانية التي تبغضها ليس لشخصها ولكنها تشاركها فيه وكانت تلك المشكلة حتى لو كانت هي سبب من الأسباب التي جعله يقدم على تلك الفعلة شعور الغيرة لن يتغير على أي حال.
ذهبت رغم معرفتها جيدًا بأن داليا في المستشفى يرافقها كمال، فهي لم تتحمل الصدمة أبدًا…..
قامت بتعزية زوجة عزت “جهاد”، ومن رأتهم من النساء من أقارب ومعارف، فهي لم تذهب إلا لقضاء الواجب هي تعلم جيدًا ما يعني فقدان الأهل اختبرت الأمر ثلاث مرات فهي خير من تعلم….
اليوم الثاني مر بصورة طبيعية وروتينية في تلك المواقف، اتبعه اليوم الثالث وكانت تلك هي الفاجعة الحقيقية حينما أتت دعاء إلى الغرفة تخبرها بأن داليا فقدت جنينها من شدة حزنها وانهيارها، هي لم ترى كمال منذ اليوم الأول كان مع داليا في المستشفى، لم تراه أبدًا…
أما بالنسبة إلى سماعها خبر فقدان الجنين كان مُربك…
وغريب…
شعرت بالحزن…
حقًا شعرت بالحزن الشديد…
رغم أن خبر حمل داليا منذ ثلاثة أيام قد ازعجها وجعلها تبكي طوال اليوم..
ها هو خبر إجهاضها يزعجها ويحزنها جدًا..
ماذا؟!!
لما شعرت بأن وجنتيها رطبة..
يبدو أنها لم تشعر بالدمعة الهاربة على وجنتيها…
التس هبطت بمجرد أن ألقت دعاء الخبر في وجهها…
مما جعل دعاء تسألها باستغراب:
-أنتِ زعلانة بجد؟!.
قالت فردوس بكل تلقائية:
-وده خبر ميزعلش أي بني ادم طبيعي؟! اكيد زعلانة، كمال يستحق يفرح.
كانت صادقة هي ترغب في أن يسعد، على الأقل ليمارس أحدهما حياته بشكل طبيعي، فهي ليست قادرة على ممارسة الحياة معه أو حتى بمفردها….
لينفصل عنها وتتحمل الألم وتنتهي القصة.
هتفت دعاء بجدية ولم تستطع كتم توقعاتها:
-كنت فاكرة أن بصراحة الخبر هيفرحك وكمان استغربت بصراحة لما روحتي عزيتي أول يوم.
هتفت فردوس بنبرة رزينة وهادئة نادرًا ما تخرج منها:
-اتربيت ان في المصايب الواحد بينسى الزعل وبينسى كل حاجة وانا عملت الواجب لا اكتر ولا اقل، وكمان أنتم للدرجة دي حاسين اني جاحدة علشان افرح في خبر زي ده؟!.
تمتمت دعاء بارتباك:
-مش القصد والله…
قاطعتها فردوس بلامبالاة:
-ولا قصدك مش فارقة، كمال اكيد مضايق دلوقتي.
هتفت دعاء باقتراح:
-كلميه في التليفون….
تحدثت فردوس بنبرة جادة ومتوترة بعض الشيء:
-انا كنت هكلمه أصلا علشان اقوله اني رايحة بيت اهلى هاخد المفاتيح من اللي كانوا شغالين فيها، وأنتِ جيتي صدمتيني بالخبر، مش عارفة اكلمه هيكون عامل ازاي او اقوله ايه؟!.
-قوليله اللي عايزة تقوليه وشوفيه عامل ايه بالمرة…
” بعد مرور ساعة “.
كانت فردوس تجلس على الفراش تضع الهاتف على أذنيها تتصل به وهي لا تعلم هل هي خطوة صحيحة أم لا؟!! ولكن لتجرب ما الذي ستخسره؟!.
هي خسرت الكثير والكثير فلا بأس..
أجاب عليها كمال بعد ثواني تقريبًا يبدو أنه متفرغًا فلقد ذهبت داليا إلى النوم منذ قليل وتجلس معها جهاد، وذهب هو ليقوم بشرب القهوة في الكافتيريا الخاصة
بالمستشفى..
“الو”.
تمتمت فردوس بارتباك:
-ازيك يا كمال، عامل ايه دلوقتي؟!.
أجابته كانت تلقائية، تخرج منه دومًا حتى في أسوء الظروف، وحتى لو أصابه ما لم يستطع تحمله..
“الحمدلله على كل شيء”.
هتفت فردوس بتردد:
-أنا عرفت اللي حصل من دعاء، متزعلش ربنا مش بيعمل حاجة وحشة وربنا يعوض عليكم ان شاء الله.
لا تعلم هل ما قالته كان جيدًا أم لا؟!.
ولكنها لا تعرف كيف تواسيه على أمر قد تشاجرت منذ ثلاثة أيام وطلبت الطلاق من أجله؟؟!.
“يعوض عليكم”.
لا تعلم كيف خرجت منها هل كانت عبارة عفوية يقولها اي شخص في تلك الظروف؟! أم أنها تتمنى لهم حياة سعيدة حقًا هي ليست فيها؟!..
لا تعلم شيء ولكنها قالتها على أية حال…
عاد كمال يكرر..
“الحمدلله على كل شيء”.
سألته قاصدة الحديث معه في أي شيء حتى ولو كانت ستسأل عن غريمتها المؤقتة لأنها سوف تنسحب من حياته:
-داليا عاملة ايه دلوقتي؟!.
“نايمة، ومرات اخوها عندها جوا”.
-ربنا يقومها بالسلامة، عايز حاجة انا هقفل بقا هبقى اكلمك وقت تاني.
“هو أنتِ كنتي متصلة علشان كده بس؟!”
قالت فردوس بصراحة:
-انا كنت هكلمك قبل ما اعرف الخبر علشان اقولك اني هروح مع طنط نجوى علشان اخد المفاتيح من اللي كانوا شغالين فيها واجيب حد يركب كالون جديد بس مش وقته..
سمعت صوته يقول بهدوء:
“روحي مدام هي هتكون معاكي، متروحيش لوحدك وعرفيني قبل ما تنزلي ولما ترجعي ولو في حاجة اتصلي، تخبي اقول لعمي يروح معاكم؟!”
هتفت فردوس بنبرة جادة:
-مش مستاهلة نتعبه.
___________________
حتى وإن كان مرورك خفيفًا مثل الغيوم، لا تمر بي إن كنت نهاية المطاف ستمطر في بلاد أخرى، أتوسل الى ذاك الجزء النبيل منك ان لا تذكرني بجفافي ولا تعلقني بأمل واهي..
#مقتبسة
‏أشعُر بأنكَ أصبحت رفيق لحظاتي وأنيس أوقاتي وعميق من يفهمني ويشعر بي دون الحاجة للحديث.
#مقتبسة
فهد تعلق كثيرًا بابنه دعاء (ريم) بات يقضى أغلب الوقت معها وأن كانت ليست موجودة فهو يلعب مع ابناء الخالة شيماء…
لم تتخيل أفنان يومًا ان يصبح ابنها مشغولا، لديه أصدقاء يلعب معهم، هو لم يتعلق إلا بها وبشريف، لم يكن ينفصل عنها حتى أثناء نومها لكن الآن تغير الأمر.
وهذا شيء جيد ومخيف في الوقت نفسه..
ترتدي منامتها وتضع شال من الصوف على كتفيها، الجو شديد البرودة، فقد ذهبت الممرضة منذ قليل التي تأتي وتطمئن على الجرح وتقوم بالتغيير عليه..
طلبت منها -بحضور داغر الذي لا يتركها إلا في الوقت الذي تتواجد فيه في المرحاض تقريبًا- أن تقوم بتصوير الجرح الخاص بها حتى تراه ولكن رفض داغر وبشدة..
ولم ترغب أفنان بالنقاش معه مطولًا حتى لا يعود داغر التي تعرفه ويحدث شجار بينهما أمام المرأة الغريبة، لكنها حقًا لم تفهم لما لم يرغب في ذلك؟!!..
تناولت الطعام كالعادة برفقته وهو يطعمها بنفسه على الرغم أنها بدأت تشعر بالتحسن من الألم تدريجيًا تحديدًا في يدها اليمنى، بعد أن كانت تشعر بالألم في كامل أنحاء جسدها…
وبعد أن أخذت حمامها اخذ يمشط خصلاتها برفق -كعادته كل يوم- وهو شديد الحذر بألا يقترب من موضع الجرح أو أي مكان قريب منه حتى تتألم…
حسنًا هي معجبه بهذا الاهتمام لن تنكر..
من الانثى التي تبغض الاهتمام؟!
كل أمرأة ترغب في رجل يهتم بكل شيء يخصها بل يسعى جاهدًا أن تشعر بالراحة..
لكنها خائفة في الوقت ذاته، هو تغير مرة واحدة حتى لو كان السبب يرجع إلى الحادثة التي مرت بها..
تفكر كثيرًا في أمره..
رُبما هو يشعر بالشفقة من أجلها لا تعلم حقًا..
تأوهت حينما أقتربت الفرشاة من موضع الجرح رغمًا عنه تألمت، فتمتم داغر بنبرة سريعة وهو يقف بجانب الفراش ممسك بالفرشاة يمشط خصلاتها:
-معلش ماخدتش بالي انا بعيد عن الجرح على فكرة مش عارفة اتوجعتي ليه..
هتفت أفنان بنبرة عادية:
-واضح ان دماغي وجعاني كلها…
صمت لتسترسل هي الحديث:
-ممكن أسألك سؤال!!.
جلس أمامها على الفراش بعد أن تحرك خطوتين متمتمًا بهدوء:
-أسالي يا أفنان..
هتفت أفنان بنبرة متوترة:
-انتَ ليه مش عايزني أصور الجرح؟!…
هتف داغر باندهاش:
-وتشوفيه ليه؟!؟
غمغمت أفنان بنبرة عادية:
-علشان عايزة اشوف هو قد ايه.
نظر لها عابسًا لا يفهم لما ترغب في هذا؟!.
أما هي كانت غاضبة رُبما اصبحت عادة عندها حينما يظهر لديها اي مشكلة أو تتعرض إلى أي أصابه تحب رؤيتها، لا تدري هل هذا نوع من أنواع الألم النفسي التي تقوم بتنفيذه على نفسها أم ماذا؟!
هتفت أفنان بنبرة خافتة:
-خلاص مش عايزني اشوفها ليه طيب؟! قولي وانا مش هطلب الطلب ده تاني لغايت ما اخف وارجع زي الأول…
امتنع عن الإجابة..
لتتحدث أفنان بتخمين:
-أنتَ خايف يعني اشوف الحتة اللي في شعري شالوها لما جم يخيطو؟
اندهش داغر من معرفتها للأمر…
هل هو من أظهر الأمر أم أنها هي التي كانت تمتلك من الذكاء ما جعلها تقوم بربط الأمور؟!
تحدثت أفنان في رقة وهي تتذكر ذلك الموقف الذي مر عليه سنوات عديدة:
-افتكرت لما كنت صغيرة وبنت عمو هاشم قصت شعري وأنا نايمة وساعتها مكنتش راضي تقول وفي الاخر شريف اللي قال، علشان كنت بتخاف على زعلي ولاني كنت بحب شعري اوي..
ابتلعت ريقها ثم قالت بعفوية:
-أغلب الخياطة لما بتكون في الرأس بيشيلوا الشعر وممكن يطلع او ميطلعش على حسب، أنا كنت قرأت عن الموضوع ده لأن شريف مراته الاولى حصل معاها حاجة شبة كده وكنا عايزين نعرف هيطلع ولا لا.
نظر لها بريبة لا يدري لما شعر بالاحراج من كون أفعاله مكشوفة إلى تلك الدرجة، هو ليس مراهقًا في النهاية هو رجل تجاوز الثلاثين عامًا…
هو بالفعل فعل هذا من أجل ألا تحزن هو يدرك أن أفنان منذ نعومة أظافرها تدرك أنها جميلة تحب شعرها، بشرتها كل شيء بها، كان جمالها يمنحها الثقة بنفسها بين أقرانها وكانت تعلم بأنها تلفت أي رجل أو شاب..
كان لديها ثقة بنفسها عالية لأنها أفنان أولا، وثانيا لأن معها عائلتها وثالثًا لأن الله أنعم عليها بملامح فاتنة، لكن تلك الثقة ذهبت في مهب الريح، كل شيء بها اختلف…
حتى حديثها الآن مع داغر ليست لأنها واثقة هي فقط تذكرت موقف جمعها به أثناء طفولتها…
ومن صمته أدركت أفنان بأنها كانت مندفعة في الحديث رُبما انزعج، فحاولت تغيير الموضوع:
-عايزة اشوف فهد فين احسن يكون راح وقعد مع فردوس…
قاطعها داغر متفهم موقفها من بعد تحذير كمال:
-انا لما كنت طالع ليكي كانت فردوس ماشية، وفهد تحت مع بنت دعاء، متقلقيش.
متى سوف تصل إلى تلك المرحلة؟!..
وهي ألا تقلق…
منذ سنوات وهي تعيش في رهبة وخوف من تهديدات حسن لها وبعدها فعلته الشنعاء بها، وبعدها إنجابها إلى فهد ثم إتيانها إلى هنا وخوفها بأن يتفوه بأي شيء…
هي أعتادت القلق..
تمتم داغر بنبرة هادئة مقاطعًا شرودها:
-ساكتة ليه؟!.
-أبدًا، عادي مفيش.
كلمات مزعجة للرد وملامح لا تعبر عنها…
وقبل أن يسألها ما بها حقًا كانت هي تبادر بالحديث.
-هو أنتَ هتسافر امته؟!
اندهش من سؤالها..
هل ترغب في رحيله؟!
لقد سئمت مثلا؟!..
-يعني لسه ممكن كمان شهرين على حسب، بتسألي ليه يعني؟!.
عقبت أفنان بنبرة بدت أنها تشاكسه بها:
-وايه المشكلة هو السؤال حرام؟!.
ابتسم وذلك شيء من النادر حدوثه:
-لا اكيد مش حرام بس يعني اكيد في سبب ورا السؤال، فحابب أعرف مش أكتر.
تنهدت ثم قالت بنبرة جادة بعض الشيء:
-يعني علشان ألاقي أجابة لما فهد يسأل، لأنه قلقان من فكرة أنك تسافر وميشوفكش تاني، أنتَ علقته بيك..
هتف داغر بنبرة حاول جعلها هادئة قدر المستطاع:
-فهد اتكتب على اسمي ودي حاجة مخترتهاش، ولا حد خد رأيي فيها، بس طريقة معاملتي ليه دي حاجة بتاعتي وهو لازم يحس اني ابوه وحتى لو سافرت انا مش هقطع اتصالات معاه، مهما كان مصيرنا في العلاقة دي..
ابتلع ريقه ليقول بصدق:
-انا قبلت ولغايت اخر دقيقة في عمري، فهد هيكون على اسمي.
رفعت يدها لتجد دمعة هبطت منها وفرت ولم تشعر بها من فرط المشاعر التي تشعر بها الآن..
تحدث أفنان بامتنان حقيقي:
-شكرا من كل قلبي يا داغر، شكرا.
رفع أنامله ليمسح دموعها قائلا برفق:
-العفو يا أفنان، وبعدين أنا مش عايزك تعيطي، ياريت تبطلي تنكدي على نفسك من هنا ورايح، ولا أنا هحاول افتح في القديم بأي حاجة ممكن تزعلك…
هتفت أفنان بتردد وهي كالطفلة تنتظر منه أن يبث الأمل فيها:
-ممكن ده يحصل؟! ممكن حياتي تكون طبيعية، ممكن أرجع أفنان بتاعت زمان؟!.
تحدث داغر بعد أن هز رأسه بإيجاب مسترسلًا حديثه:
-ممكن تكوني أحسن من الأول كمان طول ما أنتِ عاوزه ومصممة.
قالت أفنان بنبرة جادة:
-ازاي وشريف ناهي حياته بسببي، حتى كمال مش عارف يفرح مع الانسانة اللي بيحبها ويوم ما فكر يتجوز ومراته حامل يحصل كل ده.
لم يكن داغر شخص متفائل بالفطرة..
أو يستطيع بث الأمل في أحدهما..
ولكنه لن يجعلها تشعر باليأس…
-كل حاجة في الحياة بتحصل لينا، بتكون خير حتى لو شوفناها شر، فهي خير، مقاييس الخير والشر ساعات مش بيكون زي اللي عينا شايفاه، ساعات بنشوف الخير على أنه شر وساعات بنشوف الشر على أنه خير….
تلك الكلمات جعلتها تتذكر حسن؛ حسن التي ظنت بأنه الرجل المثالي وأنه لا خير من الممكن أن يحدث لفتاة مثلها أكثر من أن يقوم رجل مثله بحبها، كانت تظنه رجل صالح، أي رجل يتحمل مسؤولية شقيقته ويقوم بوقف حياته كما كان يخبرها حتى يطمئن عليها أولا وبعدها ليفكر في نفسه، لا يفعله إلا رجل شهم..
كانت تظنه الخير ولكنه لم يكن خيرًا أبدًا كان يمتلك شيطان يستطيع التحكم به فقط ويخرجه في الوقت الذي يريده..
شعر داغر بشرودها ليتمتم رغم انزعاجه فهو لا يحبها شاردة لأنه ينزعج من فكرة أنها تفكر فيما مضى، أو تفكر فيه:
-بطلي تحملي نفسك ذنب كل حاجة، حتى لو غلطتي، مينفعش تفضلي طول العمر شايلة الذنب وأنا كنت غلطان لما كنت عايز أحسن بندمك وبزعلك، كنت غلطان اني حبيت اوجعك زي ما اتوجعت، كنت غلطان لما عملت نفسي ميزان العدالة، وكنت غلطان اني رفعت ايدي عليكي…
تذكر تلك الليلة التي تم زواجهم بها وتلقت الصفعة منه..
وتذكر أيضًا منذ عدة أيام حينما سقطت على الدرج، ليتحدث داغر بنبرة رجولية خافتة ومجروحة:
-والحقيقة اني اصلا أضعف من اني اتحمل أذى فيكي او أنه يصيبك أي حاجة، أنا اضعف من كده بكتير.
سألته أفنان بتردد وفضول ورغبة في سماع المزيد:
-اتوجعت ليه؟!.
لما لا يحقق أمنيتها؟!
ويخبرها بما تتوق لسماعه..
-اتوجعت ألف مرة لما عرفت أنك كنتي بتقابليه وأنك حبتيه، واتوجعت مليون مرة أنه عمل فيكي كده، ولسه موجوع جرحي مبردش، ولا خف، ولا شكله هيخف، اتجوزت علشان اثبت لنفسي اني كنت متعلق بيكي او حب واحد كان مراهق شايفك طول عمره قدامه بس الحقيقة أني طلعت موهوم، موهوم جدًا…
هل هذا يعني أعتراف بالحب؟!
ام أنها هي التي تتوهم الآن…
هل أرتفعت حرارتها؟!
هل تهلوس؟!!!!
أم انها نائمة وما هذا إلا منام جميل رُبما؟!..
ان يخبرها الجميع بمشاعره شيء..
وأن يخبرها هو شيء أخر..
أسترسل داغر في الحديث..
إلى متى سوف يصمت..
فليختبر أمر جديد وهو الاعتراف وكسر خوفه من المواجهة…
-يمكن لو مكنتش اتجوزتك مكنتش هتسمعي الكلام ده عمرك مني، أنا حبيتك، وحبيتك جدًا لدرجة أن تقريبا اللي بيركز معايا كان بيشوفك في عيني طول الوقت، بس أنتِ قريبتي يعني عرضي، واخت كمال صاحب عمري والاخ اللي الأيام راضتني بيه فمكنش ينفع حتى أقول لاخته كلمه في ضهره…
تنظر له أفنان بذهول مذهولة وكأنها أمام شخص غير داغر…
بالفعل هو كان مبتعدًا عنها حينما ولجت إلى مرحلة المراهقة وتخطو أولى خطواتها بها وقتها بدأ في الابتعاد عنها فهي لم تعد طفلة لم تراه إلا في أوقات الطعام والمناسبات العائلية كانت دومًا تقدره وتعتبر بأنه بمثابة أخ ثالث لها، ومن كثرة اعتيادها على هذا الوصف منذ طفولتها كانت على وشك أن تتفوه به أثناء شكره عن تقبله فهد، لحسن الحظ أنها لم تفعل..
لم يكن لتسمع تلك الكلمات أو ستكون في وضع المرأة الحمقاء التي تقوم بشكر زوجها وهي تدعوه بالشقيق الثالث…
وجدته ينهض بكل هدوء وكأنه لم يكن يتحدث في أمر عاطفي واعتراف ليس من السهل أن تحصل عليه أي أمرأة، تحديدًا أمرأة يائسة في موضعها باتت تظن بأنه لا يتواجد شيء يُدعى حب…
بعد أن كانت أكثر فتاة عاطفية وحالمة قد تجدها..
تمتم داغر بنبرة هادئة:
-ريحي ضهرك ونامي شوية..
ظنت لوهلة أنها هي من طلبت منه أن تخلد إلى النوم ولكنها لم تفعل، فعقبت أفنان باعتراض عفوي:
-أنام ليه؟! أنا مش عايزة أنام…
تمتم داغر بابتسامة واسعة:
– بقولك ريحي ضهرك وافرضي رجلك، علشان أنا ماشي.
سألته أفنان باندهاش:
-ماشي رايح فين؟!.
كان يضع الغطاء فوقها وهي تستلقي مجبرة على تنفيذ الأوامر..
-رايح أتكلم مع جدك شوية، وجايلك اكيد مش هسيبك وامشي.
ولكنه يتركها بالفعل في منتصف الحديث…
لا تدري أنها يتركها لأن قدرته على الاعتراف وتلك الكلمات استهلكته هو ليس رجلًا من هذا النوع الذي قد يخبر امرأته بمشاعره ويشعر بالراحة بعدها تحديدًا في وضع كوضعهما..
ولأنه يدرك كل الإدراك أنها أحبت الاعتراف ولكنها ليست لديها القدرة على الإجابة…
لن يظل الحديث ناقصًا على أي حال سيتم أستكماله قريبًا جدًا…
قبل رحيله لم ينسى بأن يترك قُبلة على كف يدها وقبلة على جبهتها، ثم وضع وسادة أسفل رجلها المصابة وقام بتعديلها أسفل الغطاء ورحل.
____________
لا أجد في قلبي شيء أحلى من ذكراه ، لذا لا أنساه .
#مقتبسة
انها الاستراحة بعد الأغنية العاشرة التي تقوم بالرقص على أنغامها الخافتة والمنخفضة التي بالكاد تسمعها هي..
حتى لا تثير غضب الجيران أو شكوكهم فهي بالنسبة لهم الفتاة المنتقبة المحتشمة، التي توفت والدتها والتي تكون في عصمة رجل مثله….
يا ليتها كانت بالفعل في تلك الظروف التي قام ثائر بتأليفها، عدا امر والدتها فليحفظها الله وحتى ولو كانت على خير وفاق معها…
حسنًا لتعترف هي تشعر بالضيق الشديد لأنه لم يعد هناك شيء يشغلها لا مركز التجميل ولا الرقص…
ولا مكالماتها الغرامية معه، لا شيء يشغلها…
لا شيء يشغلها تحديدًا عن التفكير بوالدتها التي تشتاق لها مرغمة، وتشعر بتأنيب الضمير الطفيف تجاهها رغم إدراكها الكلي بما اقترفته تجاهها..
فهي لم تحنو عليها يومًا ولكن على الأقل تصنع طعامًا شهية فهي فاشلة تمامًا في صنعه…
ولم يقوم بالتقصير هو في شراء اللحوم والدجاج أكثر من المعلبات وهي حقًا نادرًا ما تصنع منهما شيء جيد…
ولكنها مجبرة على تناوله فهو يحذرها من طلب الطعام من الخارج أو فتح الباب كثيرًا وهي تشعر بالخجل أن تطلب منه اي شيء..
قررت أن تتصل به فهو منذ أربعة أيام لم يأتي لها منذ تركها في تلك البناية، أين وعده بأنه سيأتي؟!!.
يكتفي بإرسال ثلاث رسائل يوميًا واحدة في الصباح والاخرى في وسط اليوم والثالثة قبل نومه ومحتواها شيء واحد…
وهو كيف حالها؟!..
تجيب عليه بكلمات باردة لا تليق بها بأنها بخير ولا تحتاج شيء…
بالفعل اتصلت به ليأتيها صوته عبر الهاتف:
“ألو”.
-ايوة يا أستاذ، ايه سايبني يعني ولا بتسأل ولا غيره؟! لو مُت مش هتعرف.
سألها شريف باستغراب:
“وايه اللي جاب سيرة الموت، وبعدين يعني اللي رد عليا الصبح على الواتس ده عفريتك مش قولتي أنك كويسة لما سألتك؟!”
-ايوة قولت بس أنا من جوايا مش كويسة وزهقانة، وعايزة انزل وأنتَ مانعني أنزل..
تمتم شريف بنبرة عملية:
“انا مش مانعك بالمعنى الحرفي، انا بس بقولك تهلي بالك وبعدين أنتِ لو نزلتي، أنتِ اللي هتزعلي”.
كان يلمح بانتشار الفيديوهات لتتحدث هي بعنجهية:
-بنزل لابسة النقاب.
قهقه ساخرًا وهو يقول:
“اه اللي بتبقي نص الوقت رافعاه ده وبيبقى شكلك غريب ومثير للانتباه أكتر، الله يكرمك لما بشوفك لبساه دمي بيفور”.
عقبت بتسرع:
-يعني لما بتشوفني لابسة النقاب دمك بيفور اومال بدلة الرقص بيحصلك ايه، البسها وانزل يعني؟!
سمعت سيل من الشتائم لم تسمعه منه طوال معرفتها به وللحق هي تستحق…
ليتحدث بنبرة غاضبة أخترقت أذنيها:
“انا قصدي اني بتعصب لما بتلبسيه غلط وبتخلي صورته وحشة قدام الناس بتصرفك لأنك لما بتلبسي الحاجة الصح غلط بتكوني ملفتة اكتر وغير انك بتشوهي سمعتها”.
سألته شمس باستنكار:
-أنا عملت كل ده امته؟! أنتَ عايز تلبسني مصيبة وخلاص؛ أنا معملتش حاجة، أنا بلبسه بس علشان اريح دماغي ومش برفعه غير لما نكون بنأكل.
“طب يعني بذمتك اللي مش موجودة، عمرك شوفتي واحدة منقبة رافعة النقاب كله وهي بتأكل؟!!!!!”.
تمتمت شمس بنبرة هادئة وكأنها تنفي عليها التهمة هكذا:
-بس انا مش منقبة.
سمعت صوته وهو يصيح بجنون:
“حقك على اللي خلفوني اعتبريني مقولتش حاجة أنا بتناقش مع مين أساسًا؟!!”.
صاحت هي الاخرى بسخرية:
-أنتَ عمال تبيع وتشتري فيا كده ليه أنا مش جارية من جواريك لا فوق يا حبيبي وكلمني عدل ده أنا عرفت أنك قاتل ومزور وهربان ومعملتش فيك ربع اللي بتعمله فيا…
“اعملي اللي تعمليه”.
تنهدت وقالت بثبات وكأنها لم تكن تثور لأجل كرامتها منذ ثواني:
-فينك كده؟!
“هو أنا مش قولتلك إني مبحبش السؤال ده؟! موجود مكان ما موجود مدام مش عايزة حاجة مش لازم تسألي انا فين وبعمل ايه بقولك ايه علشان تريحي نفسك انا قاعد مع واحدة”.
رغم إدراكها بأنه يكذب إلا أنها قالت بثقة:
-وهي الواحدة دي بتعملك ايه انا مبعرفش أعمله يعني؟!
كان تعقيبه ساخر من الدرجة الأولى:
“بترقصلي”.
قالت شمس بضيقٍ:
-طب وأنا قصرت معاك في ايه وفيديوهاتي فين؟!.
“مهي بتعمل حاجة كمان مبتعرفيش تعمليها بتعرف تسكت وتبطل رغي وتحط لسانها جوا بقها عقبالك”
أسترسل حديثه منفعلًا:
“اقفلي يا شمس في ليلتك دي علشان والله ما هتبقي خطأ المرة دي، هلبس فيها اعدام”.
تمتمت شمس بعتاب ووعيد:
-براحتك علشان تبقى عارف انا هلبس النقاب يومًا ما وهلتزم دينيًا ولا هوريك وشي ولا غيره وهتتمني تكلمني ومش هتعرف.
” يوما ما ليه؟! ما تخليها دلوقتي وتخلصيني من وش أمك انا راضي التزمي وأنا راضي”.
أغلقت المكالمة في وجهه لم تتحمل سخافته أكثر من هذا وكان أمامها حلين لا ثالث لهما أما أن تبكي بسبب ما سببه بها أو تخرج طاقتها في أغنية جديدة….
__________
في المقهي..
أتى الشاب من المرحاض وجلس مرة أخرى بجانب شريف يعبث في الحاسوب المحمول تحت نظرات شريف الذي يشرب أرجيلته بشراهة وترقب مما جعلها يفقد أعصابه وهو يلقي بخرطوم الأرجيلة على المقعد المتواجد بجانبه قائلا بنبرة منفعلة:
-هو أنتَ هتفضل طول اليوم ماسك ليا اللاب توب ومش بتقول كلمة مفيدة، ما تخلصنا يا كابتن احنا مش بنهكر حساب البنك المركزي ولا بنهكر حتى حساب مدام عفاف للتعارف الجاد، انا عايز أعرف صحاب الصفحات مجهولة الاسم أو اي شيء يوصلني ليهم لأن اغلبهم صفحات باسامي وهمية مش بتاعت ناس بعينها….
هتف الشاب بنبرة موضحة:
-ما أنا بحاول اهو بعت ليهم ماسدجات، بس محدش منهم رد وسع خلقك معانا شوية دي مش مواضيع بتتحل في يوم وليلة وخصوصا أنهم بيكون مدفوع ليهم…
تمتم شريف وهو يكز على أسنانه:
-صحصح أنتَ معايا بس وأنا فدفع اللي ادفعه بس يجاوبوا على اسئلتي وتوصلني بيهم وأنا هتصرف شد حيلك معايا…
-خلاص عايز واحد عناب.
هتف شريف متهكمًا:
-ده خامس عناب تشربه، ده أنتَ رايح جاي على الحمام من الشرب مش مركز في اللي بنهببه، ده أنتَ هتسكر وهدروخ مني أو هيجيلك السكر
وعلى الرغم من اعتراضه إلى أنه نادى على الصبي ليأتي بكوب العناب السادس….
_____________
في غرفة توفيق..
كان يجلس على فراشه يقوم بالتسبيح، مرت ثلاث ليالي وهو يذهب يومًا إلى منزل عائلة داليا لقضاء واجب العزاء ويرافقه داغر وبكر..
كان اليوم الثالث هو الأكثر حزنًا حينما فقدت داليا جنينها، كان يظن بأن الأيام قد بدأت تعطي وجهها إلى كمال، يعرف بأنه لم يكن كمال فرحًا الفرحة التي كان يجب أن يشعر بها أي رجل في موضعه، ولكنه على الأقل كان يشعر بالأمل..
وكان توفيق يعلم بأن هذا كله سينتهي حينما يحمل طفله بين يديه..
الخبر ازعجه جدًا هو لا يرغب بأن يحمل كمال طفله في الأربعينات من عمره كما يحدث مع ابنه الحبيب بكر…
كان يرغب في رؤية أبناء احفاده سريعًا لذلك كان يرغب في تزويجهم مبكرًا، يتذكر منذ أن بلغ كمال الثامنة عشر كان يرغب في تزويجه، حتى أن كمال وقتها كان يمرح معه ويخبره بأنه مازال شابًا، لما يقوم بتوقيع نفسه في تلك المسؤوليات قبل أن ينهي جامعته ويعمل…
ووقتها كانت مقولة توفيق الشهيرة “بأنه ليس هناك شيء أجمل من أن يكن الفارق بينك وبين أبناءك ليس كبيرًا، حتى تستطيع تربيتهم والسير معهم في حياتهم وأنتَ في فترة شبابك”.
وأخبره كمال بأن لكل شيء وقته وحينما سيأتي نصيبه سوف يتزوج وحينما تأتي المرأة التي سيقع في عشقها وقتها ستسير كل الأمور وفقًا لما هو مكتوب، أما بالنسبة إلى شريف كان هذا الشيء الوحيد الذي يطيعه به، وكان مقررًا بأن يتزوج المرأة التي يختارها جده وتثني عليها أمه فلا داعي للحب وتلك المسميات الفارغة…
طرقات هادئة على الباب جعلته يخرج من شروده ويأذن للطارق بالدخول..
فولج داغر وأغلق الباب خلفه وتوجه ليقف امام الفراش متمتمًا بهدوء:
-فاضي نتكلم شوية؟.
تحدث توفيق بترحاب:
-فاضي طبعًا هيكون ورايا ايه اديني قاعد، اقعد يا ابني في ايه؟.
جلس داغر على الفراش وغمغم بتردد:
-يعني قولت يمكن متبقاش عايز تتكلم بسبب موضوع كمال.
قال توفيق بنبرة مسالمة:
-كل شيء قسمة ونصيب، وربنا يعوض عليه هو ومراته، هعمل ايه يعني؟!، الدنيا دار ابتلاء، وربنا يصبرهم…
ثم غير مجرى الحديث متحدثًا برفق:
-كنت عايز ايه؟!.
تمتم داغر محاولا شرح ما يريده باختصار حتر لا يطيل الحديث دون جدوى:
-كنت عايز مفاتيح بيت ابويا، انا كان معايا نسخة بس ميدالية مفاتيحي كلها ضاعت لما سافرت، وأنا عارف انه معاك..
ابتسم له توفيق وتحدث:
-معايا هجيبهولك بس أنتَ عايز تزوره يعني؟! نبعتلك حد ينضفه.
-انا عايز افتحه وأقعد فيه.
نظر له توفيق وتحولت ابتسامته إلى عبوس في ثواني متحدثًا بنبرة منزعجة:
-هو في حد زعلك يا ابني؟!..
هز داغر رأسه نافيًا متحدثًا بجدية:
-لا طبعا، محدش زعلني ولا حاجة.
وهنا الاحتمال الاسوء جاء في خاطر توفيق ليتحدث:
-اتفقت أنتَ وافنان على الطلاق علشان كده عايز تسيب البيت؟! ليه كده يا ابني ده من ساعة اللي حصل وأنا بقول أن علاقتكم بدأت تتظبط وشايفك مهتم بيها.
تمتم داغر بتوضيح:
-احنا مقررناش هنعمل ايه بس في كل الأحوال أنا حابب أقعد في بيت أهلي…
قاطعه توفيق بعتاب حنون وأبوي فهو يعتبره فرد من أفراد بيته:
-بيت أهلك؟! وهنا أيه يا ابني؟! ما أحنا أهلك…
قال داغر بنبرة خافتة:
-طبعا انتم أهلي وناسي، واللي عملته معايا انا عمري ما هنساه، بس أنا هكون مرتاح أكتر لو فتحت البيت وقعدت فيه قبل ما اسافر شوية لاني حابب ده، وفي نفس الوقت أنا مش متحمل أفضل هنا البيت ده بيفكرني باااي حصل وبيخليني اتخيل وبيوجعني كل يوم..
تحدث توفيق بتفهم لما يرغب في قوله:
-مبقاش في عمري قد اللي راح علشان تبعدوا عني، أنا كنت مبسوط انك اخيرًا نزلت، بس لو ده هيريحك يا حبيبي انا معنديش مانع..
ثم سأله باهتمام:
-افنان عرفت؟!.
هز رأسه ليقول بتفسير:
-لا مقولتش ليها وعلى كل حال أنا مش همشي قبل ما تفك الجبس بتاع رجلها على الاقل، وقتها حبت تيجي معايا هناك معنديش مشكلة، عايزة تفضل هنا وتطلق معنديش مشكلة أنا مش عايز أغصبها على حاجة واهو استغل الوقت ده لغايت ما تفك الجبس اظبط البيت واشوف ايه اللي ناقص واجيبه هو كان مقفول من سنين طويلة ومتفتحش خالص من ساعة ما سافرت..
___________
كانت ترغب في انتظار كمال..
رُبما كانت تلك رغبتها لأن يذهب معها أول مرة، وكان هذا قبل إعلان خبر حمل زوجته، وقبل ان تقوم بطلب الطلاق بكل جدية، ولذلك كانت تمهد له الأمر بأنها لا تستطيع دخول المنزل..
منزل طفولتها ومراهقتها..
الشيء الباقي من عائلتها…
قام حسن قبل موته بانهاء ما اتلفه الحريق ولكنه كان يحاول إنهاء غرفته او الأشياء التي يرغب في استخدامها المرحاض وغيره حتى ينتقل وكان بالفعل حزم امتعته وأغلب متعلقاته الشخصية ووضعها في غرفته المتواجدة في منزلهم…
على ان يستكمل تجهيز المنزل وهو يقيم به…
ومن وقتها أنغلق المنزل ولم يُفتح إلا عند قرار فردوس بإعادة استكمال التصلحيات والتشطيب..
ووقتها جاءت أمام المنزل وأعطت للرجل المسؤول المفتاح فقط دون أن تلج إلى داخله ووقتها قامت بتحذيره بألا يذهب أحد ناحية الغرفة الخاصة بحسن “بعد أن وصفت مكانها”.
أستلمت المفتاح وظلت واقفة على باب المنزل تتهرب من خوفها من الدخول وهي تقوم بدفع ما تبقى للرجل الذي أخذ يطلب منها الدخول حتى ترى ما فعله..
ولكنها اكتفت بأنها تثق بعمله، فهو الشخص الذي قام حسن بتوكيله لانهاء كل شيء لذلك لم تتردد للإتصال به ليستكمل عمله..
في تلك الأثناء كانت تتواجد نجوى في الطابق العلوي ترى ما فعله الرجل باهتمام حتى وصلت إلى غرفة حسن وتحاول فتحها ولكنها مغلقة…
مما جعلها تهبط وتخرج من البيت عند البوابة مكان وقوف فردوس والعم اسماعيل قائلة:
-كويس انك لسه هنا يا عم اسماعيل…
تحدث الرجل الخمسيني بنبرة مهذبة:
-موجود ياست الكل، ايه الاخبار الشغل وكل حاجة تمام؟!.
هزت رأسها بإيجاب وهي تقول بثناء على عمله:
-تسلم ايدك ياعم اسماعيل كل حاجة زي الفل، بس انا عايزة منك خدمة أوضة حسن الله يرحمه مقفولة بالمفتاح..
لم تكن فردوس تتخيل أنها مغلقة بالفعل لتتحدث بتلقائية:
-بس انا معيش مفتاح ليها..
تحدثت نجوى بهدوء:
-خلاص عم حسن يكسر لينا الباب ويفتحه.
قالت فردوس برفضٍ:
-يفتحه ليه؟!.
عقبت نجوى بنبرة عفوية:
-عادي ونسيبها مقفولة ليه؟!! ما نخليها تتفتح علشان على الأقل تتمسح وتتنضف مع باقي البيت قبل ما نحط العفش…
وقد كان…
بعد أن اقتنعت فردوس برأي نجوى جعلت الرجل يفتح الباب ثم رحل مودعًا أياهم…
وقررت نجوى بأن تذهب وتأتي ببعض الأشياء حتى تقوم بصنع الطعام هنا بعد ان انتهى المطبخ بالكامل وتم وضع بعض المعدات البسيطة فيه….
فحاولت أن تجعل فردوس أن تشعر ببيت العائلة وتفاصيله وأن تبث به الدفء رغم أنه يعتبر فارغ من الأثاث ومن أهله…
رغبت فردوس في ألا تذهب معها بل رغبت في الإنتظار هنا تستكشف المنزل بين دموعها….
لا تدري كم من الدموع التي ذرفتها…
هي ليس شيء يمكنك أن تحصيه وتعده ولكنه يؤلم روحك…
زارت وتفحص كل ركن في البيت وهي تجفف دموعها، تتذكر لحظاتها السعيدة والحزينة وكل شيء…
لم تستطع الدخول إلى غرفة حسن في بادئ الأمر ولكنها أصرت تلك المرة على أن تتجاوز مخاوفها…
وترى غرفته…
ولجت إليها تراقب الفراش المهترئ المغمور بالاتربة، وحقائب سفر يتواجد بها متعلقاته وملابسه كما هي…
كل شيء كما هو..
حتى الحقيبة السوداء الخاصة بالحاسوب المحمول (اللاب توب)، قد تغير لونها من الأسود إلى الرمادي من كثرة الأتربة وكثير من الأشياء موضوعة بعشوائية..
الدموع تهبط من عيناها..
الأمر مؤلم نفسيًا جدًا..
أقتربت من الطاولة الخشبية لتجد ساعة يده تتحسسها بأصابعها المرتعشة وبلمسات مترددة…
وجدت صندوق كرتوني خاص بالهدايا تقريبًا فتحته لتجد فيه ساعة أخرى ومحفظة جلدية، قنينة عطر رجالية…
ورق في أسفل الصندوق…
هكذا ظهر لها من بعيد ولكنها وضعت يدها بداخله بتردد ورغبة لاستكشاف ما تركه شقيقه رغم إدراكها أن الخطوة متأخرة جدًا..
أخرجت ما يتواجد بأسفل الصندوق وجدتهما ليس ورقًا كما كانت تظن بل صور فوتغرافية إلى شقيقها مبتسمًا وجميلا، كان شاب جميل، رائع وحسن المظهر قد يهلك بهيئته الكثير من الإناث التي تهتم بالشكل ويكون بالنسبة لها هو محض تقييم الرجل…
هناك صور يكون فيها مستعدًا لان يلتقط أحدهم الصورة وصور أخرى غير منتبهًا..
كل صورة تجد خلفها مكتوب رسالة بالقلم الجاف..
“ألتقطت بعيون من تحبك”
كانت تبتسم رغم الدموع التي لا تتوقف..
بالتأكيد تلك الهدية أهدتها له إيمان، حبيبة عمره كما أخبرها…
أخذت تقلب في الصور التي تجاوزت الخمس عشر صورة…
حتى وصلت إلى أخر صورتين وكانت هنا صدمة غير طبيعية، صورتان تجمعه بأفنان………..

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية ديجور الهوى)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى