رواية ديجور الهوى الفصل الثامن والعشرون 28 بقلم فاطمة طه سلطان
رواية ديجور الهوى الجزء الثامن والعشرون
رواية ديجور الهوى البارت الثامن والعشرون
رواية ديجور الهوى الحلقة الثامنة والعشرون
لو كانت هناك عبارة تقتل المرأة كل ليلة ستكون هي:
‘ لَو كانَّ مُشتَّاقاً لأَتَّى، لَو كانَّ مُحِباً لَحكَّى’
_____________
اذكروا الله.
دعواتكم لأهلكم في فلسطين الحبيبة🩷.
_____________
قل شيء ربما كنت في انتظارك.
#مقتبسة
تفصلني عنه مسافة شوق وألف تنهيدة.
#مقتبسة
_______________________
في المساء…
كانت تنتظر…
جالسة تنتظره في الغرفة بعد اليوم الثاني على التوالي يرغب طفلها في النوم مع جدته “منى”..
يعجبها تعلقه بأهل المنزل فهو بدأ تدريجيًا يجد من يشغله عوضًا عن شريف أو ثائر كما هو يعرف..
لم ينشغل عنه بشكل كلي…
فهو مازال يتذكره ويلح على الذهاب له ولكن رُبما الأمر هذا يكون في بداية اليوم ونهاية اليوم، لكن طوال اليوم يكون مشغولًا في اللعب.
وقُرب الحادية عشر قبل منتصف الليل كان داغر يلج إلى الغرفة بخطوات هادئة، لم يتأخر وكأنه كان يشعر بأنها في انتظاره، أو رُبما رغبته في الهروب باتت أضعف من رغبته في المكوث برفقتها، حتى ولو صامتًا…
أو غاضبًا.
ولج إلى الحجرة وأغلق الباب خلفه ثم ذهب وأخرج ملابسه من الخزانة وبعدها أخذها وذهب إلى المرحاض ليبدل ملابسه وما أن خرج من الداخل كانت هي تقف في منتصف الغرفة عاقدة ساعديها تنظر له بضيقٍ لتقول بعد أن استطاعت تشجيع ذاتها:
-ممكن نتكلم علشان أنتَ ناوي تتجاهلني النهاردة واضح ان اللي مستلم الشيفت النهاردة قالبة معاه بتجاهل.
نظر لها داغر بعدم فهم ولكن نظراته كانت حادة بعض الشيء، ليحاول الحديث بهدوء لا يمتلكه في الواقع، فهو تحول خلال تلك السنوات إلى شخصية عصبية، غاضبة على أتفه سبب، وزاد الأمر بعد معرفته بعلته في الانجاب وما فعلته عائلة منال به…
-مين قال اني بتجاهلك؟!.
أجابته أفنان بثقة لا تدري من أين أتت:
-تصرفاتك اللي قالت، أحنا داخلين على أكتر من خمسة عشر يوم هنا، ولغايت دلوقتي احنا متكلمناش.
عقد ساعديها وهو يتحدث بنفاذ صبر:
-طيب عايزة تتكلمي في ايه؟! قولي أنا سامعك.
تمتمت أفنان بوضوح:
-في اللي احنا فيه، مش شايف أنها طولت ولازم نطلق أنتَ تشوف حياتك…
قاطعها داغر بسؤال غريب مانعها من أن تسترسل حديثها:
-وأنتِ هتعملي ايه؟!.
شعرت بالصدمة من سؤاله ولكنها حاولت التعقيب بهدوء:
-هعيش مع ابني، وهعيش حياتي، طلقني علشان تكمل حياتك بهدوء وكتر خيرك لكده، مش شايفة يعني أننا نفضل مستنين اكتر من كده ده مش حلو علشانك وأكيد أنتَ اجازتك مش طويلة فلازم نخلص الموضوع ده قبلها، قبل ما تسافر يعني.
سألها داغر بعصبية:
-وأنتِ مستعجلة أوي كده ليه على الطلاق وراكي أيه يعني؟! مدام كده كده هتعيشي حياتك لابنك ومفيش جديد؟!.
دومًا نبرته تحمل جزء من الاتهام وهذا ما لا تتحمله!!.
-قالت أفنان بضيقٍ:
هو أيه اللي مستعجلة ليه؟!! احنا بقالنا اكتر من سبع سنين في الموضوع ده وأنتَ بتماطل فيه بالعكس المفروض أنتَ اللي تكون عايز تخلص مني، خصوصًا يعني أنك اتجوزت وطلقت وعيشت حياتك.
ردد كلمتها الاخيرة مستنكرًا:
-اه عيشت حياتي فعلا معاكي حق..
هتفت أفنان بنبرة خافتة:
-داغر هو أنا ليه كل ما بتكلم معاك بطريقة طبيعية وبحاول أحل الوضع اللي أحنا فيه، لازم تطلعني غلطانة؟!! انا مقصدش أقول حاجة، ومن حقك تتجوز وتعمل اللي أنتَ عايزه، بس مش من العدل أننا نفضل مربوطين بعض….
قاطعها داغر بغضب:
– وياترى كان من العدل اللي أنتِ واخوكي عملتوه؟!.
استغفرت أفنان ربها ثم قالت:
-مش من العدل وأنا قولتلك بدل المرة ألف ناقص أبوس رجلك علشان تسامح، واخر مرة كان واضح يعني أنك بدأت تفهم احنا عملنا كده ليه، ليه رجعت لنفس النقطة تاني؟!
تنهد داغر ثم تحدث بجدية:
-أنا مشكلتي فعلا اني برجع لنفس النقطة دايما.
شعرت بالخزي…
فهمت هي شيء وكان هو قصده شيء أخر، هو لم يتخطى ليلة الزفاف…
لم يتم تدمير قلب فردوس ولا كمال بمفردهما بل كان هناك قلب ثالث، كان يسعى للعمل والسفر حتى يستطع التقدم لخطبتها رسميًا، كان يراها وقتها مازالت صغيرة لم تستكمل عامها العشرون بعد!!!..
ظن بأنه سيكون له فرصة يومًا ما…
هتفت أفنان بوجع:
-حقك عليا، أنا غلطت في حقك في موضوع فهد وانا مش عارفة اعالج الموضوع ازاي بس الاكيد انه مش الحل اننا نفضل مكملين مع بعض….
اختصر داغر الحديث حينما قاطعها بنبرة صارمة:
-بس انا مش هطلقك.
تحدثت أفنان في استياء واضح:
-يعني ايه مش هطلقني؟!.
ببساطة كان داغر يجيب عليها:
-شايف أن كده احسن؛ وعلى الأقل لما أسافر تكوني في القاهرة لو طلقتك مش هتعرفي تكوني جنبه، وهتفضلي هنا اعتقد أنتِ مدركة حاجة زي دي.
تنظر له ببلاهة حقًا!!
ما الذي يتفوه به أو يقوله…
هل هذا مُبرر؟!..
كان يحاول إيجاد أبشع وأسخف الأسباب لقولها، حتى يمنع نفسك من الاعتراف، الاعتراف بالحب…
الحب الذي ارتبط مفهومة في أغلب الأوقات في معظم الاذهان بالضعف…
ولأنه يعلم بأنها لا تكن له شيء، وهو لم يتخطى ما حدث!!..
تمتمت أفنان محتجة:
-بس ده مش مبرر يعني.
هتف داغر بنبرة ساخرة:
-ومبرراتك أنتِ برضو دايما مبتدخلش دماغي ولا مبرراتك أنتِ واخوكي وبعديها فمرة من نفسي.
هتفت أفنان بانزعاج:
-دي مش زي دي، وبعدين أنتَ ازاي عايز تربط نفسك بيا، ولا علشان أنتَ بتسافر وبتعيش حياتك وبتعمل اللي أنتَ عايزه وناسي اللي موجودة هنا، بالنسبالك مش فارقة؟!!.
ياليته ينسى حقًا!!
في الغالب الرجل لا ينسى حُبه الأول..
تحديدًا لو كان صادقًا ولم يأتي حب حقيقي يتفوق عليه ويثبت له أنه لم يكن حبًا، والكارثة هي حينما تشعر بأن حبك الأول هو حبك الحقيقي…
أسترسلت أفنان حديثها تلك المرة ولم تخف من مواجهته بالحقيقة التي تكونت في عقلها:
-عارف مشكلتك أيه يا داغر؟! مشكلتك أنك جلاد، جلاد عايز تعاقبني طول العمر على غلطة عيلة صغيرة، مستمر أنك تعاقبني وشايفني حق مكتسب المفروض أرضى بأي حاجة تقولها، لأن مليش حق أتكلم في النهاية أنتَ كاسر عينا….
الانفجار شيء مؤذي على صاحبه وعلى من يُطلق عليه أيضًا…..
لا يتحمل أحد نتائجه…
تمتم داغر وهو يضع يده على فمها مانعًا أياها من الحديث:
-اسكتي يا أفنان.
قالت أفنان بعند بعد أن ابعدت يده عن فمها بجنون:
-مش هسكت يا داغر هي دي الحقيقة، أنتَ مستبد بشكل بشع، معملتش فيا جميل زي ما كنت فاكرة، حتى لو بتعمل فيا جميل قصاد جدو وكمال أنتَ بتكسرني بعينك ألف مرة ومرة بيني وبينك، يوم ما كتبت كتابك عليا ضربتني بالقلم يا داغر وقولت كلام يوجع بشكل أنا مش ناسياه لغايت دلوقتي، حسن اغتصبني بس الحقيقة أنك بتكمل عليا…
صرخ داغر بها بصوت جهوري لا يتحمل حقًا ما تقوله ويخشى عليها من بطشه:
-اسكتي…
تمتمت أفنان وهي مستمرة فيما تفعله:
-لا مش هسكت حتى لو اللي معرفش يعرف يا داغر، يمكن ساعتها تقدر تقول اللي أنتَ شايله قدام الكل..
تحدثت داغر مقاطعًا أياها بغضب:
-اخرسي يا أفنان، أنتِ مش عارفة أنتِ بتقولي ايه…..
لا تستطيع أن تتوقف حتى ولو أرادات يجب عليها أن تخرج كل ما يتواجد بداخلها….
-لا أنا أول مرة أعرف أنا بقول ايه، جدي شايف أنك كنت بتحبني زمان بس أنا مش شايفة ده هو اللي فاهم غلط….
حسنًا هي ضغطت على الزر فعليها تحمل النتائج، ليتحدث بصوت رجولي ساخر ودون وعي منه او سيطرة هبطت دمعة على خده وهو يتحدث:
-شاطرة، كويس أنك عارفة أنا مبحبكيش ولا في يوم هحب واحدة استغفلت اخواتها وكانت بتكلم واحد وتقابله من وراهم، كل اللي بيني وبينك صلة قرابة لا أكتر ولا أقل يا أفنان…
بصوت بارد أجابت عليه أفنان:
-ده داغر اللي أنا اعرفه ودي نظرته ليا اللي مش هتتغير وانا هتكلم مع كمال وجدي يشوفوا حل لان كلامنا مع بعض مش نافع.
نظر لها باستنكار وهو يقهقه بألم…
يا ليتها تفهمه حقًا هي فهمت ما أرادت هي فهمه….
لم تفهمه ولم تشعر به ولو يوم واحد….
وهو أخرج حديث نفسه التي تلومه على أنه مازال يهتم لأمرها…
عقب داغر على حديثها بنبرة جامدة:
-شاطرة، برافو عليكي، يلا روحي شوفي هتنامي فين، وابعدي عن خلقتي لو عايزة الليلة دي تعدي على خير.
قالت أفنان بعند:
-هنام هنا على الكنبة.
تحدث بصوت ساخرة:
-لا نامي على السرير واشبعي بالاوضة، بالبيت وبكله يا أفنان، أنا سايبهالك مخدره…
____________________
في اليوم التالي.
اختفت!!
ابنتها اختفت، بحثت عند كل الاشخاص التي من الممكن أن تتواجد شمس عندهم ولم تكن الاحتمالات كثيرة على أية حال، فلم تكن شمس لديها الكثير من المعارف والأصدقاء..
وكأنها تبحث عن سراب لا تجدها بالفعل!!
كيف تفعل هذا؟!…
لن تسامحها أبدًا إذا لم تعد، وعبدة لن يصمت أكثر من ذلك فهو يكاد يموت رعبًا بسبب الأموال الذي أخذها كعربون للحفلات والأفراح التي ستقوم بالرقص بها…..
تجلس على الأريكة في صمت، لا تدري ما الذي يجب عليها فعله، ولقد اتصلت بها ألف مرة لكن هاتفها مغلق، قامت بغلق كل الطرق التي من الممكن أن تجعلها تصل إليها من خلالها….
ليس لديها سوى شمس وعبدة، فكيف هانت عليه ترك والدتها؟!!!!
كل ما يحدث في حياتها بسبب هذا الرجل التي عشقته وفي النهاية كان هي أول من دعس عليها حينما تعلق الأمر بالعائلة…..
….عودة إلى الماضي…..
في الإسكندرية عروس البحر المتوسط، كانت تجلس بجانبه على الأريكة تحاول تصديق ما تسمعه او تستوعبه، تحاول تصنيفه أنه يمرح معها، رُبما يمزح..
لكنه لا يتحدث بجدية بكل تأكيد ليس بعد هذا كله..
مما جعلها تسأله بانكسار رهيب، وكبرياء محطم:
-أنتَ بتقول ايه يا منير؟!!.
تحدثت منير بتردد:
-اللي سمعتيه يا سوسن أنا مفيش حاجة بايدي اعملها، ابويا حالف عليا وامي، واهل مراتي اتخانقوا معايا، وكلهم اشترطوا عليا أطلقك.
رددت سوسن كلمته الأخيرة باستنكار شديد لا تصدق أنه يتخلى عنها بعد هذا كله، بعد احاديثه المعسولة عن الحب والهوى:
-تطلقني؟!.
هز رأسه ثم تحدث بصوت هزيل:
-صدقيني أنا حبيتك يا سوسن، والله العظيم ما بأيدي بس أنا مش قد أن اهلي يقاطعوني، لو على مراتي عادي واهلها، بس اهلي مصعبين الموضوع جدًا.
قالت سوسن بضعف رهيب:
-أنتَ..مراتك..أهلك…اهل مراتك…
ابتلعت ريقها ثم سألته مستنكرة لكل ما يحدث:
-عمال تتكلم عنك وعنهم بس متكلمتش عني، طب مفكرتش فيا؟! أنا سوسن يا منير، سوسن حبيبتك زي ما كنت بتقول، أنا سوسن يا منير اللي قولت هتعوضها عن كل المرار اللي شافته في حياته، هتتخلى عني بالسهولة دي؟!.
هتف منير بعفوية:
-أنا كان عندي استعداد أحارب الدنيا كلها يا سوسن علشانك، بس أنا مش يوم ما احارب هحارب أول ناس أهلي، صدقيني الموضوع مش سهل، مش بس بيتي هيتخرب ولا عيالي هيبعدوا عني، لا اهلي هيتبروا مني كمان.
كان حديثه صادق فهو عاد ليلة أمس من بني سويف بعد أيام طويلة قضاها في الشجار؛ لم تتقبل عائلته ارتباطه وزواجه من أمرأة أخرى في حين مصالحهم مع عائلة زوجته الأولى المهددة بالانقطاع والخسارة، غير عدم تقبلهم بأن أمرأة لا تمتلك أي اصل ومن هذا المستوى المتدني أن تكون زوجة لابنهم الوحيد والبكر……
لم يتقبل والده فعلته في الخفاء، ولا يظن بأن هناك أمرأة تقبل بهذا الشيء إلا ولو كانت لا تمتلك عائلة أو أصل وهو لا يقبل بأن تكون جزء من عائلته…
استرسل منير حديثه محاولًا قول أي شيء قد يُجدي نفعًا:
-أنا هسيبلك الشقة تقعدي فيها براحتك، وشوفي اي حاجة تعوزيها أنا مستعد اعملها ليكي واعوضك.
هبطت دموعها ملتقيها وهي تقول بجدية:
-أنا مش عايزة غيرك يا منير، أنا مليش غيرك يا حبيبي، وعايزاك أنتَ وبس ولا عايزة فلوس ولا غيره.
هتف منير وهو يحك مؤخرة رأسه:
-للاسف هما طالبين اني اطلقك ويشوفوا قسيمة الجواز واني انزل على بني سويف أقعد هناك الفترة الجاية؛ واسيب محمد يدير المطعم هنا…
ابتلع ريقه ثم حاول أن يفعل اي شيء أو يقول اي شيء:
-أنا هعوضك، بالشقة والفلوس وكل اللي تحتاجيه وكل حقوقك هتاخديها كاملة.
نهضت وهي تصرخ في وجهه متحدثة بجنون:
-حقوق أيه اللي اخدها كاملة يا منير؟!! حقوق ايه؟!!! بعد ما قعدت اكتر من سنة بتزن عليا تتجوزني ووافقت علشان بحبك، وافقت اكون في السر لمجرد اني حبيتك بجد، وقولت مش مشكلة، وافقت اكون نمرة تانية وبعد ما قضيت كام شهر معايا واتمتعت فيهم جاي تقولي خلاص؟!!.
نهض هو الآخر ليحاول قول أي شيء ولكنها كانت تصرخ بهستيرية في وجهه مانعة أياه من أن يتحدث………
-لما لقيت سكتي مش نافعة، قولت تجيبني بالطريقة دي ولا هتلاقي اهلك عرفوا ولا حاجة؛ ولو فعلا كنت بتحبني كنت قولت كده قصادهم ومكنتش اتخليت عني، لكن أنتَ ضحكت عليا، ضحكت عليا رغم اني وثقت فيك أنتَ الشخص الوحيد اللي أمنت ليه في الدنيا دي، خليتني لعبة في ايدك يا منير، استغلتني زي ما كل الناس استغلتني لمجرد اني لوحدي لكن المرة دي باسم الحب ياريتك حتى كنت صريح معايا.
تمتم منير وهو يضع يده على كتفها قائلا بجدية وصدق:
-والله ما لعبت بيكي يا سوسن ولا اقدر اعيش من غيرك اصلا؛ بس دول اهلي، والله ما كدبت عليكي في حرف هما شارطين عليا يشوفوا القسيمة وعلشان يضمنوا اني مش بضحك عليهم ارجع بني سويف…
نفضت يده وابعدتها عنها قائلة:
-اياك تلمسني أنتَ سامع؛ أنتَ دبحتني، عيشتني في الحلم وخليتني اصدق حبك ليا، خليتني احس اني ممكن اتحب، وممكن يكون ليا بيت وراجل يحبني ويخاف عليا، بس زي ما رفعتني وخليتني احلم، نزلتني على جدور رقبتي يا منير، ومش هسامحك.
أسترسلت حديثها متمتمة بنبرة شبة صارخة:
-مش هسامحك، ولا هسامحك عمري كلي يا منير، وهخليك تندم، هندمك عمرك كله على اللي عملته فيا.
-والله انا بحبك يا سوسن.
صرخت بجنون وهي تدفعه بكفيها:
-كداب، متقولش بحبك؛ متقولش كفايا كدب لغايت كده، منك لله يا منير.
دموعها كانت تهبط بلا توقف….
مما جعله يحاول أن يتحدث معها بنبرة خافتة هادئة لعلها تسمع منه:
-اهدي طيب يا سوسن، اهدي علشان نعرف نتكلم، والله ما كان قصدي اننا نوصل لهنا، ولا كنت عمري هتخلى عنك وكنت ناوي امهد لاهلي الموضوع واصلا انا مش عارف نرمين عرفت ازاي ومنين..
خرجت منها ضحكة ساخرة وبعدها قالت:
-هو ده كل اللي همك؟!
تحدث منير بنبرة جادة:
-ممكن نقعد ونتكلم بالعقل، صدقيني مكنتش عايز نوصل لهنا…
…عودة إلى الحاضر…
لم تخرج من ذكرياتها إلا على صوت عبدة الذي أتى من الخارج حديثًا بعد جولة أرهقته فهو يحاول البحث عنها من جهة هو الآخر…
-سارحة في ايه ياست هانم، وصلتي لحاجة؟!.
انتبهت له سوسن لتقول:
-موصلتش لحاجة يا عبدة، روحت لكذا حد قالولي انهم ميعرفوش عنها حاجة، وكل ما اروح لحد يعوجلي وشه علشان الفيديوهات.
تحدث عبدة باقتراح:
-أنا شاكك في حد.
سألته سوسن بجدية ولهفة:
-مين يا عبدة اللي شاكك فيه؟!.
قال عبدة بنبرة هادئة:
-البت مريم اللي اتخانقت معاها قبلها بيومين اصل الموضوع اللي حصل ده مدخلش دماغي رغم انهم كانوا سمنة على عسل، فتعرفي عنوان البت دي او رقمها؟.
هزت سوسن رأسها نافية لتعقب:
-لا معرفش، شمس هي اللي كانت بتكلمها وبتتواصل معاها وأنا البت دي مش بتنزل ليا من زور أصلا، وبعدين مستبعدة بصراحة انها تكون راحت ليها.
قهقه عبدة ساخرًا ثم قال بغيظ:
-مستبعدة علشان غبية ومبتشغليش مخك ياست سوسن وخليتي البت تقرسطنا؛ قومي شوفلنا حاجة نطفحها، والله لاطفح بنتك المر.
-براحة على نفسك ياخويا مالها بنتي؟! هي غلطت اه بس برضو…
تحدث عبدة متهكمًا مقاطعًا اياها:
-بقولك ايه يا ولية أنتِ دور الأم المثالية بتاع فيفي عبدة ده تركنيه على جنب حاكم أنا ولا طايقك ولا طايق بنتك، روحي اعملي لينا لقمة نطفحها واتقي شري الايام دي….
______________
انتهت فردوس من ارتداء ملابسها..
كان يوم شاق حينما عادت مرة أخرى إلى صالة الألعاب الرياضية برفقة إيمان.
وكانت على وشك أن تقوم بوضع حجابها على رأسها بعد ان بدلت ملابسها ولكن استوقفها تعقيب إيمان التي تقف خلفها والتي على ما يبدو هي الأخرى قد انتهت من تغيير ملابسها…
-فردوس أنا في فكرة جت في بالي.
استدارت لها فردوس متحدثة باهتمام:
-فكرة ايه دي؟!.
أردفت إيمان بنبرة جادة:
-فكرة بخصوص شريف، ومستغربة أصلا ازاي الموضوع ده مجاش في بالنا السنين دي كلها..
ضيقت فردوس عيناها وتحدثت بعدم فهم وفضول رهيب:
-فكرة ايه دي اللي مجتش في بالنا دي ؟! ده احنا علمنا كل المحاولات اللي ممكن تتعمل وموصلناش لحاجة.
تمتمت إيمان بنبرة واضحة:
-ننشر عن شريف على الفيس وعلى كل المواقع ننشر عنه ان اي حد يشوفه يبلغنا او يبلغ البوليس.
أردفت فردوس ساخرة:
-محسساني ان حد يعرفك على الفيس بوك او في اي حته او عندك متابعين بالملايين علشان تلاقي اللي يدلك.
تحدثت ايمان بحنق:
-يا غبية اكيد مش هنزل لا عندي ولا عندك؛ لا نشوف الجروبات المعروفة والصفحات اللي عليها عدد كبير وندفع ليهم وينزلوا عن الموضوع، وكله بالفلوس بيمشي.
لا تدري فردوس رغم ان الفكرة جيدة إلا أنها لم تشعر بالراحة لذلك قالت بنبرة مترددة:
-وهتفيد بأية الطريقة دي أما أنتِ بنفسك قولتي ممكن يكون سافر؛ وبعدين احنا عملنا ألف محاولة ومحاولة طول السنين دي كلها، ليه متخيلة ان دي اللي هتعمل فرق؟!.
تحدثت إيمان بوضوح:
-حاسة ان الطريقة دي اسرع حاجة واهو لو لسه في مصر يمكن نقدر نوصله عن طريق البوستات اللي هنزلها دي، مش هنخسر حاجة.
أردفت فردوس بشرود:
-معرفش يا ايمان، وبعدين انا مش عارفة أنتِ بقالك كام يوم رجعتي تفوقي مرة واحدة كده ليه تاني؟!.
قالت ايمان في دفاع عن ذاتها:
-انا فايقة من زمان يا فردوس مفيش يوم واحد بنسى فيه حسن، ولا عارفة اكمل حياتي.
كانت صادقة، كان هو السم وترياقه، الاعتياد عليه وحبها المجنون له جعلها لا تستطيع رؤية أي رجل غيره، استهلكت مشاعرها كلها معه هو وحده حتى أصبحت تظن أنها لا تصلح لأي رجل غيره، حتى ولو كان شيطانًا…..
العلاقة بينهما كانت مؤذية بشكل كبير ولكنها لم تتخطاها على أية حال…
ولا تقبل بأن تنتهي.
غير أنها تدرك بأن الخطأ كله يقع على تلك الفتاة التي تدعى أفنان…
وبالفعل جزء منها مقتنع بفكرة بأنه لم يكن اغتصابًا كما أخبرها هو بنفسه، كانت مجرد علاقة عابرة ليس عليه أن يدفع ثمنها هو وحده…..
وأن يموت…..
تحدثت ايمان مقاطعة هذا الصمت الذي حل عليها:
-ايه يا فردوس قولتي ايه؟!.
هتفت فردوس بعدم اقتناع وعدم ارتياح في الوقت ذاته:
-بصراحة مش حاسة ان دي حاجة هتعمل فرق زي ما أنتِ متخيلة.
قالت ايمان حانقة:
-ده علشان أنتِ مش عارفة قوة السوشيال ميديا دلوقتي عاملة ازاي.
تحدثت فردوس بنبرة مختنقة فهي لا تترك لها الفرصة للاستجمام حتى، تحاول ازعاجها تلك الفترة بشكل هي لا تتحمله تحديدًا بعد زواج كمال، فهي تشعر بالتشتت الكبير:
-خلاص يا ايمان سبيني افكر وبعدين انا دلوقتي كل اللي بفكر بيه اخلص البيت الأول ومش بفكر في حاجة تانية دلوقتي وصدقيني لو الموضوع سهل كده كنا وصلنا ليه من زمان.
أردفت ايمان بانفعال ملحوظ:
-بصراحة بقا يا فردوس أنا الفترة دي ملاحظة أنك بقيتي مطنشة جدًا في الموضوع عن الأول، وانا عارفة أنك بتعملي كده علشان حبك لكمال بس…
قاطعها فردوس بانزعاج:
-ياريت يا ايمان متكمليش علشان متقفلش منك اكتر، انا ولا مطنشة ولا غيره انا بفكر بالعقل، وبعدين انا لغايت دلوقتي عايزة اعرف شريف وحسن كانوا بيتخانقوا ليه، ايه اللي بينهم؟! ولا كان ليهم علاقة ببعض أصلا، وكل ما اسأل أي حد يقولي مش عارف…
قاطعها ايمان بنبرة صارمة:
-مهما حصل مفيش حاجة او سبب خناقة يخلي واحد يقتل التاني، مفيش سبب مقنع ولا السبب هيفرق.
تمتمت فردوس بنبرة متعبة:
-فعلا، بس في حاجة ناقصة…
كادت ايمان ان تتحدث بنبرة هجومية، رأت فردوس هذا في عيناها فأردفت سابقة أياها:
-يلا نمشي انا تعبت وعايزة اروح وكفاية كلام بقا…
______________
بجلس كمال أمام والدته في غرفتها بعد أن اخبرها بقصة الطبيب وبالفعل كانت تلك نصف الحقيقة…
أردفت منى برفض كبير:
-لا يا كمال يا ابني أنا مش هروح لدكتور ولا غيره، ايه اللي يوديني القاهرة واللف ده كله؟!.
تمتم كمال بنبرة هادئة:
-يا ماما مفيش مشكلة لما الناس تشكر في دكتور ونروح نشوفه يعني، ونشوف رأيه يمكن عنده حل او علاج أحسن.
هتفت منى برفض واستنكار:
-لا أنا مش موافقة يا ابني.
-علشان خاطري يا امي ولو لمرة واحدة اسمعي كلامي ومش هتندمي.
تمتمت منى بضيقٍ:
-مبحبش احس بالأمل وبعدين يتسحب مني وبعدين أنا رضيت بنصيبي من الدنيا دي، وبعدين العلة في القلب عمرها ما كانت في الجسم يا ابني، انا مش هرتاح وأنتَ عارف كده.
هتف كمال بنبرة واضحة:
-بعد السفرية دي اوعدك انك هترتاحي عن الأول كتير.
سألته منى وهي تضيق عيناها تحاول فهم ما يسعى إليه ولدها:
-أنتَ عايز ايه يا كمال؟!.
-عايز اريحك يا ام كمال، عايزك كويسة لا اكتر ولا أقل وطاوعيني لمرة واحدة.
تنهدت منى ثم قالت بقلة حيلة:
-ماشي يا ابني خليني وراك لغايت ما اشوف أنتَ ناوي على أيه واخرتها ايه.
ثم سألته بقلق:
-وبعدين أنا في موضوع كده شاغلني.
عقب كمال بجدية واهتمام:
-موضوع ايه ده يا حجة؟!.
تحدثت منى بوضوح:
-اختك وجوزها، اختك فيها حاجة غلط واوعى تفتكر ان موضوعها هي وداغر وفهد خال عليا من ساعة ما جم.
قال كمال بنبرة غامضة:
-كله هيتفهم وهيتوضح قريب جدًا اوعدك.
أخذت تحاول تحليل ما يتواجد في عقل ولدها ولكنها لم تفهم…
لكن قلبها شعر بأن هناك أمر أخر يحمله بداخله غير الحديث الذي قاله منذ دقائق وهو رغبته في ذهابها إلى القاهرة…
ولم يخب ظنها حينما وجدته يتحدث بنبرة مقتضبة:
-داليا حامل يا ماما.
حاولت منى استيعاب الخبر..
وسرعته، فلم يمر سوى شهر تقريبًا على زواجه…
فقالت منى بنبرة حنونة:
-مبروك يا ابني.
ثم حاولت استيعاب ملامحه الجامدة التي لا تعبر عن فرحة أو عن حزن :
-وبعدين مالك بتقولها من تحت ضرسك كده ليه؟!.
تحدث كمال باختناق:
-معرفش، انا زعلان ومخنوق اني مش حاسس بالفرحة اللي المفروض يحسها أي واحد مكاني، وبدل ما افرح عمال افكر في رد فعل فردوس لو عرفت، ومش عارف مالي، بس انا مش عايز نقول لحد دلوقتي بس مقدرتش مقولش ليكي.
هتفت منى بحنان:
-بطل يا ابني تشيل نفسك هموم…
قاطعها كمال يحاول شرح ما يتواجد بداخله:
-معرفش يا امي، معرفش ايه اللي بيحصلي، مبقتش فاهم نفسي، مخنوق في كل الاوقات، مش حاسس بالفرحة ولا بلذة وفرحة اي حاجة حلوة، لدرجة ان ساعات بحس اني ظلمت، يمكن كان المفروض أحاول اكتر من كده مع فردوس؟!.
قالت منى بوضوح:
-عدم فرحتك ده علشان عقلك شاغلك، ومانعك انك تفرح وشيطانك برضو، اما مين ظالم ومين مظلوم ده سؤال طبيعي يجي على عقل أي حد بس كتر الكلام فيه ملهوش لازمة، الماضي ملهوش لازمة المهم الجاي…
خرجت منه ضحكة ساخرة وهو يقول:
-لا يا امي الماضي له ألف لازمة، الماضي ده اللي مأثر على واحد واحد فينا من سنين، محدش عارف يتخطى حتى لو بيتصنع ده، محدش عارف يبص لقدام كلنا، حتى حضرتك مش عارفة تبصي لقدام….
هتفت منى بنبرة لينة:
-حتى لو كلنا كده، لازم نحاول منبقاش كده، وبعدين متقارنش نفسك بيا يا ابني، انا خلاص كبرت، لكن أنتَ في عز شبابك وفي أهم سنين عمرك، وصدقني أنتَ مظلمتش فردوس ولا فردوس ظلمتك بالعكس الزمن اللي ظلمكم ومتأكدة أنه هينصركم…
حديث والدته يريح جزء بداخله..
ولكن الجزء الآخر لا، يخبره بأنها تتحدث بتلك الطريقة رُبما لأنها لا تعرف الحقيقة كاملة، هل كان يجب عليه أن يخبر فردوس بالحقيقة كاملة بالرغم من رفض جده وشريف؟!!..
ولأنه أكثر شخص يعرف فردوس يعلم جيدًا أنها لن تصدق أبدًا…
اه من الحيرة واللوم!!
الذي يلاحقه…
تمتمت منى بنبرة هادئة:
-ريح قلبك يا كمال وافرح بحمل مراتك، اجبر نفسك تفرح واخرج من قوقعة أفكارك وهواجسك يمكن لما فعلا تكون انسان فرحان بحياته وترضى بيها تعرف تخلي فردوس نفسها تبدأ تحس بالحياة، مفيش راجل الخنقة والعتاب متملكبم منه هيعرف يفرح الست اللي بيحبها مهما كان بيحبها، مش هيعرف يعمل كده إلا من جواه الرضا….
_______________
بعد اتصال جاءها في الصباح من داليا تخبرها بأن تأتي لها، بالفعل أتت لها ولم تنتظر بل في وقتها تركت كل شيء وأتت…
وها هي جهاد تجلس على الأريكة بجانب داليا في منزل الزوجية الخاص بها هي وكمال..
وبمجرد أن أتت أخذت تصيح بقلق وفضول في الوقت نفسه بمعرفة ماذا يحدث فهي طلبت منها أن تأتي وبمفردها وهذا جعلها تشعر بأن هناك خطبٍ ما تحديدًا أنها لم ترسل لها اي رسالة بعد ذهابها عند الطبيب..
كانت الإجابة من داليا جملة بسيطة جدًا..
‘ أنا حامل ‘
ظهرت معالم الصدمة وقتها على وجه جهاد ولكنها قالت بملامح هادئة في النهاية:
-مبروك يا حبيبتي..
“مبروك”.
لم تسمعها من كمال حتى!!
عقبت داليا بنبرة باهتة:
-الله يبارك فيكي يا جهاد، بس مكنتش متوقعة ان ده ردك يعني؟.
قالت جهاد بجدية وهدوء:
-يعني منتظرة اقول ايه يا داليا غير مبروك؟! اه مكنتش عايزاكي تحملي بالسرعة دي بس خلاص الموضوع حصل والحمدلله على كل شيء يمكن ده يكون الخير ليكي، عرفتي لما روحتي عند الدكتورة؟!.
هزت داليا رأسها بايجاب ثم غمغمت:
-اه عرفت بس هي قالت اني محتاجة راحة ولا اتحرك ولا اروح حتة؛ فأنا قولت لكمال أقضي الفترة الأولى عندنا في البيت افضل.
سألتها جهاد باستغراب:
-وهو هيقعد معاكي يعني هناك؟
أجابت داليا على سؤالها بهدوء وهي تكرر إجابته:
-لا قالي انه هيجي يشوفني كل يوم لكن هو مش بيبات عند حد.
تمتمت جهاد برفض لتلك الفكرة:
-طب ما تخليكي في بيتك عادي وانا اجيلك وهو يشوف حد يقضي طلباتك.
هتفت داليا بنبرة واضحة:
-انا مش هقدر اقعد مشوفش ماما ولا اطمن عليها بنفسي ولا هحس اني مرتاحة وانا قاعدة هنا..
هتفت جهاد بنبرة هادئة:
-طب ما انا معاها لغايت ما بتنام واخوكي كمان.
قاطعتها داليا بوضوح:
-لو الناس كلها والدنيا كلها معاها انا مش هرتاح غير لما اشوفها بنفسي وانا شايفة ان ده افضل حل.
تمتمت جهاد بنبرة ذات معنى:
-بس أنا مش شايفة أنك تسيبي جوزك يبات لوحده او مع مراته دي حاجة كويسة.
-انا مش هغير قراري يا جهاد وبعدين أنا مش هسيبه هشوفه يوميا زي ما قال مفرقتش هينام فين.
قاطعتها جهاد بنبرة عميقة:
-لا هتفرق يا حبيبتي هتفضلي أنتِ كده، خايبة.
صمتت داليا ولم تعلق على حديث جهاد المستفز بالنسبة لها فهي تصيبها بالتشوش…
فوجدت جهاد تسألها بهدوء:
– وكمال عمل ايه بقا لما عرف؟!.
هتفت داليا بسخرية وتهكم من حالها:
-معملش حاجة فرح عادي بس مش الفرحة اللي المفروض تكون على حد في ظروفه.
-ازاي يعني؟! مش كان متعصب اوي لما قولتي هأجل؟! أقل واجب يكون طاير من الفرحة.
تنهدت داليا ثم قالت بعدم فهم:
-معرفش يا جهاد، معرفش، انا متلخبطة اوي من ساعة ما عرفت برضو رد فعله غريب، حاسة اني اتسرعت يمكن لما فكرت اني اتجوز ووافقت عليه؟!.
تمتمت جهاد باستغراب:
-ليه بتقولي كده انتِ كنتي مقتنعة وشايفة ان الموضوع عادي، وبعدين مبقاش في وقت انا اتسرعت ومتسرعتش أنتِ مراته وحامل منه؛ الكلام ده فات أوانه، دلوقتي المفروض تثبتي نفسك ووجودك، ولا تفكري في اللي حصل…
_______________
عادت فردوس إلى المنزل لتجده يغادر من بوابة المنزل الداخلية…
تلك الأيام يقضيها مع تلك المرأة التي تحاول نسيان لو لمدة دقائق خلال اليوم أنه متزوج ولكن لا تستطيع..
تحدثت فردوس باستغراب وهي تعقد ساعديها بعد أن وضعت حقيبة ظهرها أرضًا:
-اهلا، غريبة مقولتش يعني انك جاي؟!.
يسعد برؤيتها وكأنها جزء من حياته لا يستطيع التخلي عنه أو بتره، وجزء اخر لم يكن يراها تحديدًا ان عقله متوقف من سماعه خبر حمل داليا، وكأنه بات يدرك الأمر ويستوعبه….
-اقول ليه؟! اخد الاذن منك ولا ايه؟.
خرجت منها ضحكة ساخرة وهي تقول:
-لا مش للدرجاتي، بس يعني كمال اللي أنا اعرفه كان هيتصل بيا هيسألني هروح امته ويعدي عليا ويوصلني للبيت..
تحدث كمال بنبرة هادئة:
-معاكي حق، حقك عليا، بس أنا كنت جاي علشان ماما ومكنتش مركز، اصلي لقيت دكتور كويس في القاهرة واحد صاحبي شكر فيه جدًا، وحاسس انه ممكن يفيدها اكتر من الدكتور اللي بتابع عنده فجيت اقولها.
أردفت فردوس باستغراب:
-دكتور في القاهرة؟! وهو هيعمل ايه اكتر من الدكاترة هنا؟!.
تمتم كمال بلا مبالاة:
-يمكن عنده حلول تحسن من حالتها.
قالت فردوس بجدية شديدة:
-طنط منى حالتها نفسية اكتر منها عضوية وده كلام كل الدكاترة اللي راحت ليهم تقريبًا.
ثم استرسلت حديثها بنبرة ذات معنى:
-لانها الوحيدة اللي حقانية في البيت ده والوحيدة اللي معرفتش تعديها ولا تداري على حد زي ما ناس عملت ولا عرفت تكمل حياتها.
هتف كمال بسخرية:
– يمكن معاكي حق انا اللي ضميري ميت.
أردفت فردوس بنبرة مسرحية:
-ده مش يمكن ده أكيد يا كمال.
-ربنا يهديكي يا فردوس.
عقبت فردوس ساخرة:
-ربنا يهدينا جميعًا يا عم الواعظ، يا شيخ كمال، يا بتاع التعدد.
-شرع ربنا.
ثم تحدث كمال بتهكم صريح:
– حلوة شيخ كمال دي، وبعدين يعني من بعض ما عندكم يا أستاذة فردوس ياللي زغروطتك رنت في البيت لما عرفتي أني هتجوز، ده ونعم الزوجة الصالحة اللي يتمناها أي راجل أنتِ، أصل أنا كنت بدعي بضمير برضو.
هتفت فردوس بانفعال طفيف ونبرة تتحكم في مستواها:
-شرع ربنا ده قالك تبقى عارف مكان القاتل وبتحميه؟!….
هتف كمال سائلا أياها بجدية:
-لو أنتِ مكاني كنتي هتعملي ايه؟! ما تيجي نبدل الأدوار شوية.
تحدثت فردوس بصدقٍ:
-أنا لو مكانك معرفش كنت هعمل ايه، بس اللي متأكدة منه أنك لو كنت أنتَ اللي مكاني كنت عملت ما بوسعك علشان تلف حبل المشنقة على اللي قتل اخوك، ومكنتش قعدت معايا يوم واحد، بس أنتَ اللي مستنكر ده عليا وشايفه غريب، عارف يا كمال أحنا شبه بعض اوي بس أنتَ مش مدرك ده.
هز كمال رأسه في إيجاب وهو يقول:
-فعلا كنت هعمل ما بوسعي، بس الحاجة الوحيدة اللي تأكدي منها اني هختارك مهما غيرك عمل ومهما اللي من دمك عمل، علشان أنتِ عندي حاجة مختلفة، وعمري ما هعاقبك على اللي غيرك عمله، يمكن ده الفرق الوحيد اللي ما بينا اللي هفضل أفكرك بيه بدل المرة ألف.
لا تفهم حديثه!!
هو يتحدث بنبرة غريبة..
وكأنه كان قد قرأ أفكارها ليتحدث:
-هيجي وقت وهتفهمي، أنك بضيعي واحد حبك لدرجة انه استهلك مشاعره كلها فيكي وعليكي، ويمكن بقا فاضي انه يدي حد غيرك حاجة، بس ياريت ساعتها يكون ينفع الأمور تتصلح او ترجع.
لم تفهم حديثه حقًا!!
ولكنها تظن أنه يتلاعب بعقلها، يتلاعب بقلبها بحديثه المُريب هذا..
-مفيش حاجة هترجع احسن حاجة أنك تطلقني، العمر اللي راح مش بيرجع يا كمال.
تحدث كمال بنبرة واضحة ورفض صريح:
-لا يا فردوس مش هطلقك أنا مش تحت أمرك، بترجعي تفتحي نفس الموضوع تاني ليه؟! وأنتِ عارفة ردي كويس عليه.
قالت فردوس بحدة:
-دي أنانية أنتَ عايز تفضل مقعدني جنبك وخلاص تضيع سنين عمري؟!.
تمتم كمال بنبرة جادة وهو يضع يده على ذراعها:
-لو أنتِ شايفاها أنانية أنا معنديش مشكلة شوفيها كده، زي ما أنتِ زمان لما طلبت منك أطلقك مدام مش عايزاني وقعدتي معايا سبع سنين حرماني منك، قدامي ولا منك معايا ولا مني طايلك، سبع سنين كنتي أنانية فيهم ممشياني وراكي اشوفك بتقابلي مين وبتعملي ايه، فلو أنا أناني وبضيع سنين عمرك زي ما بتقولي فأنتِ اللي بدأتي.
أردفت فردوس بارتباك من نظرات عينه التي تخترقها كحال كلماته:
-أنا مش مكسورة الضهر يا كمال، علشان تفتكر اني هقعد معاك غصب عني، وبلاش تعيش دور الضحية، انا لو عايزة اروح ارفع عليك قضية وتطلقني غصب عنك هعملها وأنتَ عارف.
ألقى الكرة بملعبها وهو يقول بكل برود وتسلية:
-جربي، لو حاسة انك عايشة معايا غصب ومش عايزاني روحي انا مش ماسكك…
انهى حديثه ثم ترك ذراعها وأبتعد عنها خطوتين ثم أردف بهدوء:
-المهم فضي حاجتي في الاوضة عندك اللي كانوا باعتينها من أوضة الضيوف علشان انا زهقت من المكتب، ومن نومتي فيه، فلما اجي الاقي مكان في الاوضة ليا، مع السلامة.
_______________
في منزل مريم.
التي هبطت لشراء احتياجات المنزل منذ ساعة تقريبًا وكانت قد تركت شمس بمفردها…
وأثناء متابعتها للتلفاز سمعت صوت رنين الجرس، فظنت أن مريم قد أتت ورُبما تشعر بالكسل من اخراج الهاتف من حقيبتها وتحمل الكثير من الأكياس البلاستيكية فنهضت بكل عفوية فتحت باب الشقة………..
لتجد أمامها شاب في الثلاثينات من عمره ينظر لها بغرابة سائلا اياها باستغراب:
-حضرتك مين؟!.
تحدثت شمس بفظاظة:
-أنا اللي مين؟! ولا أنتَ اللي جاب وبترن الجرس، أنتَ اللي مين؟!.
هتف الشاب بصوت لاذع وهو ينظر لها بغرابة فهو يشعر بأنه يعرفها ويحاول استجماع ذاكرته:
-والله ده بيت امي وابويا وشقة اختي، أنتِ اللي من واختي فين؟!!!…
ثم استرسل حديثه بدهشة:
-أنا عارفك، أنتِ……
علمت من نظرته ما يقصد مما جعلها تتحدث ببلاهة وسرعة:
-لا مش أنا…
ولكن تحدث بصوت جهوري:
-لا أنتِ الرقاصة…
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية ديجور الهوى)