روايات

رواية ديجور الهوى الفصل الأربعون 40 بقلم فاطمة طه سلطان

رواية ديجور الهوى الفصل الأربعون 40 بقلم فاطمة طه سلطان

رواية ديجور الهوى الجزء الأربعون

رواية ديجور الهوى البارت الأربعون

ديجور الهوى
ديجور الهوى

رواية ديجور الهوى الحلقة الأربعون

-شريف الحقني..
تحدث شريف بنبرة منفعلة:
-أنتِ فين؟!!! وهببتي ايه من ورايا..
جاءه الرد صادمًا:
-أنا قتلته، قتلت عبدة.
حاول شريف ان يستوعب كلماتها وهو يتحدث بعدم فهم:
-أنتِ بتقولي ايه قتلتي مين؟!.
جاءه صوتها يرتجف وهي تهذي بشكل مُريب:
-قتلت عبدة، قتلته، قتلته وايديا عليها دمه….
تمتم شريف بتوتر وقلق وهو ينهض من مكانه:
– شمس أنتِ فين؟!!.
كانت تجيب عليه في انهيار:
-أنا في البيت، ماما طلبت الإسعاف ليه بس هو مات، أنا عارفة أنه مات وهروح في داهية…
هتف شريف وهو يضع يده على مؤخرة رأسه بقلق كبير ينتابه:
-اهدي وابعتيلي العنوان بتاعكم، ابعتي العنوان او لوكيشن اي حاجة اعرف اوصلك…
تحدثت شمس بارتجاف:
-حاضر..
أغلق المكالمة مما جعل هلال يسأله بقلق:
-في ايه يا شريف؟!.
تمتم شريف بسرعة:
-انا لازم امشي اروح لشمس.
نهض هلال هو الاخر ممسكًا أياه من معصمة قائلا بنبرة منفعلة:
-تروح فين أنتَ اتجننت يا شريف ومبقاش عندك دماغ تفكر أنتَ ناقص مصايب؟!
قال شريف وهو يضغط على حروفه موضحًا الأمر:
-شمس في مصيبة ولازم اروح ليها يا هلال.
هدر هلال بعنف كبير:
-وأنتَ مش ناقصك مصايب، خليها تحل مشاكلها لوحدها أنتَ اللي فيك المفروض يكفيك متدورش على مصايب جديدة تدخلها حياتك، البت دي جننتك بجد، بتقولك قتلت واحد وأنتَ رايح لها؟!…
غمغم شريف بجدية وصدق وهو يسحب يده من قبضة هلال:
-ولو قالت ايه أنا مقدرش اسيبها حتى لو هحط نفسي في النار….
وسار بضعة خطوات ليسمع صوت هلال مجبورًا:
-لو في أي مشكلة اتصل بيا، وياريت يا شريف متوقعش نفسك في مصايب أكتر من اللي أنتَ فيه…
بعد تلك الكلمات غادر شريف الغرفة، مما جعل هلال ينظر في اللاشيء لا يصدق الجنون الذي وصل إليه صديقه، وماذا فعلت تلك المرأة به؟!…..
لم يكن شريف شخصًا عاطفيًا ذات يوم مع أي أمرأة غير نساء عائلته تقريبًا بل كانت أمور الحب والتضحية من هذا النوع تثير غضبه وسخريته…
_____________
-لا مش هتأكل الايس كريم.
قالت دعاء تلك الكلمات بنبرة صارمة إلى ابنتها التي تعاقبها..
غمغم بكر وريم تجلس على فخذيه تشتكي له منذ عودته من العمل، ريم تشعر بالألفة والسكينة مع بكر أكثر من والدها في بعض الأحيان…
-ما تسبيها يا دعاء، في أيه يعني ما تأكل الايس كريم؟!.
أردف دعاء بنبرة جادة:
-لا أنا بعاقبها علشان هي وفهد بيعملوا مشاكل كتيرة طول اليوم، ميغركش الوش الطيب اللي هي فيه ده، دي ضربت فهد راح هو فك الضفيرة بتاعتها وقال ليها يا حيوانة وعلشان أنا كنت عند الدكتورة مع ماما طلعت وفتحت الباب من غير ما تخبط على أفنان وداغر…
تذكرت حدثث الصبي الرزين مما جعلها تسترسل حديثها بسخرية:
-عيل صغير بيقولي علمي بنتك آداب الاستئذان..
ضحك بكر رغمًا عنه وهو يترك قُبلة على وجنتي ريم:
-يا ستي عيال صغيرة طبيعي يتخانقوا، وبعدين خلاص هي اتعاقبت وهتسمع الكلام مش كده يا ريم؟!.
غمز لها فأردفت ريم بحماس طفولي:
-ايوة خلاص هسمع الكلام ومش هعمل مشاكل تاني وهخبط على الباب قبل ما ادخل بس أكل الايس كريم دلوقتب…
تمتم بكر بهدوء وهو ينزلها من على فخذيه:
-انزلي روحي المطبخ وكلي انا جيبتلك علبة كبيرة وانا جاي خلي ام شيماء تديهالك..
ترك قُبلة على وجنتيه وركضت وغادرت الغرفة تحت صراخات دعاء وهي تقول:
-متكتريش علشان اللوز متلتهبش وترجعي تعيطي…
هتف بكر بنبرة جادة:
-متقعديش تقعدي للبت على الواحدة كده، في ايه يعني؟!.
أردفت دعاء بنبرة متهكمة:
-والله ما حد مدلعها غيرك أنتَ وامي يا بكر والله بضيعوا كل حاجة بعملها، هي اصلا كانت مستنياك من بدري علشان تشتكي ليك وكل شوية تروح تقعد في الجنينة تستناك لغايت ما جيت.
قال بكر بهدوء:
-عيلة صغيرة يا دعاء ده سنها تدلع وتعمل اللي هي عايزاه.
ثم غير الموضوع متحدثًا برفق:
-عملتي ايه عند الدكتور النهاردة؟! معلش معرفتش اجي معاكي.
رغم أنها أخبرته في الهاتف ولكنها عادت تقول:
-ولا يهمك يا حبيبي، ما أنتَ علطول بتروح معايا، مقالش حاجة يعني قال كل حاجة ماشية طبيعي الحمدلله…
-الحمدلله ان شاء الله تقومي بالسلامة.
سألته دعاء بلهفة:
-سألته ولد ولا بنت قالي لسه شوية عقبال ما نعرف ولد ولا بنت، أنتَ عايز ايه؟!.
غمغم بكر برضا:
-عايزك تقومي أنتِ وهو بالسلامة سواء ولد او بنت كل اللي يجيبه ربنا كويس.
أردفت دعاء بنبرة لينة:
-يارب الشهور تعدي هواء و ان شاء الله مرة واحدة وهنلاقيه بين ايدينا.
-ان شاء الله.
سألته دعاء بفضول:
-صحيح أنتَ كنت فين مع كمال؟!.
قال بكر بعفوية:
-كنا في بيت داليا…
ضيقت عيناها وهي تقول:
-بتعملوا ايه؟!.
تمتم بكر بنبرة ساخرة:
-مش هقولك علشان أنتِ هتروحي ناشرة الخبر…
أردفت دعاء بضيقٍ:
-والله عيب عليك؟! وأنا من امته يعني بتقولي حاجة وبطلعها برا، والله زعلتني.
-ده كل مرة بتعملي كده..
هزت رأسها بكبرياء وهي تقول:
-جربني المرة دي ومش هتخسر حاجة والله ما هتكلم أنتَ عارفني لما بحلف.
هتف بكر بتردد:
-داليا طالبة الطلاق، وروحنا نتكلم مع ابوها، والراجل مش موافق على كلام بنته بس هو مضطر يمشيه، ويعني خلاص هيمشوا في الإجراءات وهيروحوا للمأذون بكرا هي حتى مش عايزة مهلة ترجع في قراراها وتفكر كويس..
تحدثت دعاء باستغراب:
-طلاق ليه؟!.
غمغم بكر بوضوح:
-مش عارف يعني التفاصيل كل اللي اعرفه أنها شايفة أنهم مينفعش يكملوا وده اختصار كمال قاله ومزودش في الكلام فاحنا روحنا كأخر محاولة حتى لسه مقولتش لبابا، بس خلاص يعني كمال هيعرف الكل بمجرد ما يطلقها عند المأذون قولنا ليها تستنى وتراجع نفسها حتى لغايت الأربعين بس هي مش راضية.
ثم تحدث بنبرة محذرة:
-أياكِ تروحي تقولي لفردوس ولا لأي حد في البيت ساعتها متلوميش غير نفسك.
قالت دعاء بنبرة منزعجة:
-خلاص من غير تهديد مش هقول حاجة..
ثم أسترسلت حديثها بنبرة عاطفية:
-اصلا احسن حاجة تعرف منه ويعيشوا حياة طبيعية بقا عارف انا حاسة والله ان الدنيا بتتحسن ما بينهم.
تمتم بكر بنبرة جادة:
-انا المهم عندي ابن اخويا يكون كويس، ربنا يهديها ويهديه، ويعمله اللي فيه الخير كمال غلبان بيراضي الكل ومش لاقي اللي يراضيه حتى جوازته الدنيا مش عارف يفرح بيها..
ابتلع ريقه ثم قال بنبرة ساخرة:
-داليا خيبت املي كنت فاكر انها عاقلة بس هي رابطة جوازها من كمال بظروف معينة وده غلط.
-يمكن اللي حصل ده هو الخير..
______________
“أسندك بقلبي إذا كان كتفي مخلوع”
#مقتبسة
أعرف كيف أشقّ الطريق بإتجاهكِ وأنا في أوج التعب والتيه، لا شيء يمنع المرء عمّا يحب صدقيني…
#مقتبسة
أمام البناية التي تقطن بها شمس.
صعد شريف إلى الطابق المنشود التي أخبرته عنه في الهاتف ولحسن الحظ لم يجد حارس البناية، حتى لا يقوم بسؤاله إلى أين يصعد؟!….
دق الجرس وكان أتصل بها أخبرها بأنه بالأسفل وسوف يصعد لها، فتحت له الباب بهيئة شاحبة، تائهة..
ترتدي قميص بيتي أبيض طويل ذو أكتاف رفيعة ملطخ بالدماء، كحال ذرايعها وكفها، شعرها مشعث وشكلها عشوائي من الدرجة الاولى…
حينما وجد هيئتها تلك، دخل وأغلق الباب خلفه لتهتف وهي تبكي بأعين متورمة:
-قتلته يا ثائر، قتلته، قطع النفس خالص، ماما صممت توديه المستشفى بس هو مات، أنا ضعت أكتر ما كنت ضايعة، حياتي ضاعت وهتسجن…..
قال شريف بألم حقيقي يستشعره لا يريدها أبدًا أن تمر بما مر به هو وما سوف يمر به:
-بس يا شمس…
كانت تتحدث بفزع:
-قتلته غزيته بالسكينة في بطنه..
وضع رأسها بين يديها قائلا بنبرة صارمة وعالية:
-اهدي يا شمس اهدي علشان أفهم منك واقدر أساعدك….
أردفت شمس بنبرة جنونية:
-قتلته بقولك تساعدني في ايه؟!!…
كانت تهذي بشكل مريع مما جعله يأخذها من يديها قائلا بنبرة خالية من المشاعر رغم أنه قلق بشكل كبير عليها:
-الحمام فين؟!
أشارت بيديها إلى نهاية الرواق ليسحبها من يديها…..
وهي تسير معه وهي تهذي باستمرار..
“قتلته”
“قطع النفس”
“قتلته بايديا”.
بالقُرب من حوض الاستحمام كان يسندها فهو يشعر بأنها ستسقط في الحال إذا تركها..
فتح صنبور المياة، وامسك يدها وذراعيها وأخذ يقوم بغسلها وإزالة أثار الدماء، يضع سائل الاستحمام والصابون وأي شيء يجده أمامه منظرها يؤلمه بشكل مخيف…
خائف من أن يكن مصيرها كمصيره…
لن يتركها تعاني مثله أبدًا مهما كلفه الأمر….
امسك رأسها وجعلها تنحني على غفلة أسفل الصنبور ليغسل رأسها بأكملها بالماء البارد مع الحرارة المنخفضة شهقت ورغبت في أن تبعد رأسها ولكنه لم يمنحها الفرصة يرغبها في أن تستعيد وعيها أن تنتهي من الهذيان الذي يصيبها حتي يفهم ما حدث…..
حينما شعر بأن هذا يكفي جعلها تستقيم وسحب المنشفة المعلقة وأعطاها أياها وبدأ يشعر بأنها بدات تنتبه قليلًا…..
وضعت المنشفة على كتفها والآن استوعبت بأنه يقف معها في المرحاض بل رأها بقميصها البيتي لتصرخ في وجهه كمن لدغها عقرب وتخفي ذراعيها بالمنشفة…
-أنتَ ازاي تدخل معايا الحمام؟!
أردف شريف بسخرية:
-اخرسي، اخرسي خالص علشان مش وقتك وعلشان مقلش أدبي عليكي، خشي غيري هدومك دي والبسي حاجة عدلة وفهميني اللي حصل واحدة واحدة..
هزت رأسها في إيجاب…
وخرجت من المرحاض وتوجهت إلى غرفتها تبحث عن أي شيء يصلح أن ترتديه، فهي أخذت تقريبًا ملابسها الشتوية كلها وموجودة في الشقة الاخرى التي أتى بها من أجلها…
لم تجد هنا إلا ملابسها الصيفية وملابسها الخاصة بالرقص…
بحثت عن أي شيء ترتديه سريعًا وهي تبكي رغم أنها عادت إلى وعيها وتوقفت عن الهذيان ولكن الرعب والخوف مما فعلته لم يتغير…
بعد أن ارتدت ملابسها أرتدت فوقها العباءة السوداء التي أتت بها ليلة أمس وحجابها بطريقة ملائمة ومناسبة لا تدري لما لا تحب أن يراها بهيئة كتلك حتى في هذا الظرف، لا ترغب في أن يراها هو وحده بهيئة مخجلة….
ورُبما رغمًا عن أنفها هي أعتادت على الستر خلال الفترة الماضية……..
خرجت من الغرفة بأعين باكية وتغيرت لونها وكأنها عبارة عن كتلة دم…
جلست على الاريكة أمامه..
سألها شريف بتوتر وهو يجثو على ركبتيه أمامها ولكنه يحاول أن يتمالك نفسه قدر المستطاع:
-فهميني واحدة واحدة ايه اللي حصل.
أبتلعت شمس ريقها تحاول تذكر التفاصيل كاملة قلبها على وشك أن يتوقف من خوفها:
-امبارح اتصل بيا وقالي أن امي تعبانة وانا جيت علشان خوفت يحصل ليها حاجة خصوصًا أن قلبها مش مستحمل، جيت لقيته مكتفها ورابطها وضاربها وعرف أنها جاتلي ضربني فروحت ضربته واتخانقنا وحبسني في الاوضة وقفل عليا.
رغم شعوره بالغليان إلا أنه يشعر بيديها المرتعشة والخوف الذي يتواجد بها لذلك كان يعقب بهدوء محثًا أياها على الاستكمال، وهو يمسك كف يدها بين يديه معطيًا أياها القوة…
-وبعدين؟!.
تمتمت شمس بنبرة مرتجفة:
-الصبح هو نزل علشان رايح مشوار وكان واخد معاه المفتاح بتاع الاوضة بس امي كانت محتفظة بمفتاح تاني ودورت عليه وفتحت ليا الباب وهو جه على غفلة، فجه يضربني تاني امي اتصدرت ليه فراح ضاربها هي وكان بيخنقها لدرجة اني حسيت انها هتموت في ايده ملقتش نفسي غير اني بجيب سكينة وبدبها فيه علشان يبعد عنها…..
ابتلعت ريقها وقالت بألم كبير:
-خوفت عليها وكنت مغلولة منه أوي وافتكرت كل حاجة عملها معايا وانه استغل اني كنت عيلة صغيرة متعلقة بحاجة فيها شغفها وهو اللي دخلني في الطريق وفهمت متاخر ولما فهمت كان بيعرف يجيبني ازاي، ضربته بالسكينة مرتين…
عادت تهذي مرة أخرى وهي تضع يدها على ذراعه والدموع تنهمر منها:
-أنا قتلته يا ثائر قتلته، هو راح خالص وقطع النفس بس ماما مسكت السكينة بدالي وطلبت الإسعاف وانا مش هسمح ليها تشيل شيلتي…
أردف شريف بنبرة عقلانية وهو يضع وجهها بين يديه ويقوم بهز رأسها لتنتبه له وتتوقف عن جنونها:
-أنتم دافعتم عن نفسكم، واهدي كده هو مماتش لسه حتى لو قطع النفس مدام راح المستشفى ممكن يلحقوه…
قالت شمس ودموعها لا تتوقف:
-امي مش هتشيل شيلتي انا اللي عملت كده حتى لو كنت بدافع عنها…
-اسكتي يا شمس اسكتي مفيش حاجة؛ اهدي واعقلي واركزي علشان نعرف نلاقي حل أهم حاجة نروح ليهم المستشفى دلوقتي اتصلي بامك شوفيها في مستشفى ايه…
أردفت شمس وجسدها بأكمله يرتعش:
-مش عارفة مش عايزة اتكلم مش عارفة اقولها ايه، انا بردانة اوي وخايفة ملقتش غيرك اكلمه أنا مليش غيرك يا ثائر، مليش غيرك….
تحدث وهو يخلع سترته السميكة ويضعها على أكتافها:
-وانا مش هسيبك يا شمس هشوف حاجة سخنة تشربيها واهدي وانا هاجي أكلم امك اشوفها فين، مفيش حاجة هتصيبك متقلقيش أنتِ بس جمدي قلبك..
وأسترسل حديثه مطمئنًا أياها:
-أنا معاكي…
__________________
“ليس لديك فكرة كم أنا أهتم بك، أنت تعني لي أكثر مما ستعرفه أبدًا”
#مقتبسة
بين يديها شطيرة (فول) وعلى سور الشرفة يتواجد عدة شطائر أخرى….
أخذت فطارها وذهبت إلى الشرفة الخاصة بالمكتب بعيدًا عن الأنظار وعلى اذنيها تضع الهاتف بعد أن اتصلت بها بشرى أخيرًا مما جعل ملك تتفوه بنبرة جادة:
-أنتِ عملتي ايه يا بنتي؟!! ده كل اللي داخل واللي خارج في المكتب بيسأل عنك.
“معملتش حاجة، اصلا بابا قالي اني مش هيسيبني اجي القاهرة تاني ولا اني اشتغل في المكتب”.
سألتها ملك بعدم فهم:
-ليه يعني؟! حصل ايه مش فاهمة؟!.
“انا مش عارفة اصلا استوعب اللي حصل علشان اقولك عليه؟!”.
قالت ملك بفضول شديد:
-قولي وأنا هستوعب ملكيش فيه…
” اتقدم ليا”.
تمتمت ملك بعدم اكتراث وغباء:
-ايه جمال اتقدملك لتالت مرة ولا ايه هو مش بيزهق الراجل ده؟! هو كل شوية؟!
“لا مش جمال”.
قالت ملك بنبرة مرحة:
-اومال مين وجه جديد؟!!.
“المتر هلال”.
حتى الآن هي لا تستطيع سوى أن تقول اسمه مع لقبه…
قالت ملك بنبرة مرتفعة بعض الشيء:
-بتهزري يا بشرى، ازاي وامته؟! مش أنا قولتلك يا بنتي أنا أحساسي مبيخيبش.
“معرفش امبارح ولا اول تقريبا، وبابا اتعصب واتخانق معايا ومش هينزلني اشتغل تاني وقالب عليا اوي”.
-هاتي الموبايل.
كانت تلك نبرته الخافتة فهو استمع إلى أغلب حديثها فكان يأتي ليبحث عنها من أجل شيء خاص بالعمل ليخبره زميل لها بأنها بداخل الشرفة منذ وقت…
مدت ملك يدها بالهاتف دون أن تدري…
ليأخذ منها الهاتف متمتمًا وهو يوجه حديثه إلى بشرى التي شهقت من صدمتها:
-اوعي تقفلي.
ثم حمل الطبق المتواجد على السور ووضعه بيد ملك:
-خشي كملي فطارك في مكتبك.
وجدها مازالت في مكانها ليسألها:
-هتفضلي واقفة؟!..
أردفت ملك ببلاهة:
-موبايلي!!!.
-هكلمها واديهولك على مكتبك مش هاخده ليا يعني.
خرجت من الشرفة ليضع هلال الهاتف على اذنيه قائلا بنبرة قد تبدو هادئة ولكنها منزعجة:
-اعتقد من باب الذوق لما اكون باعتلك لازم نتكلم، متروحيش عاملة سين ومترديش وبترغي مع صحبتك عادي جدًا يعني فاضية.
قالت بشرى بنبرة مرتبكة الأمر مختلف كليًا الآن معها:
“مفيش حاجة نتكلم فيها وعلى فكرة أنا عندي ذوق”.
عقب هلال بنبرة ساخرة وفظاظة:
-مشفتوش.
ثم أسترسل حديثه بنبرة جادة:
-بعدين هو أنتِ أي وقت مش عايزة تيحي الشغل تروحي مش جاية عادي مش معنى اني اتساهلت معاكي قبل كده أن ده العادي..
“حصل ظروف وبعدين مضايقش نفسك أنا أساسًا مش هاجي تاني”.
عقب هلال باستنكار:
-ايه؟!
“زي ما حضرتك سمعت، أنا بابا قال مش هيرجعني القاهرة تاني”
غمغم هلال بنبرة مغتاظة:
-انا مش عارف العصبية دي كلها علشان طلبت ايدك وبعدين الشغل حاجة ودي حاجة تانية.
لم تعقب على حديثه هي تشعر بالخجل الرهيب…
فأسترسل هو حديقه بنبرة جادة:
-ابعتيلي رقمه.
هو يستطيع أن يأتي برقمه ولكنه يرغب في طلبه منها هي…
سألته بتردد:
“ليه؟!!”
حاول أن يرتب كلماته وألا يتحدث بجدية زائدة كما أعتاد:
-علشان بابا عايز يكلمه يصلح اللي عملته لاني جيت باندفاع شوية ويمكن الطريقة ضايقته ونأخد ميعاد ونيجي، وعلشان ترجعي الشغل مهما كان الشغل حاجة والمواضيع الشخصية حاجة مينفعش تقعدي من شغلك.
“تيجوا فين؟!”.
ردد هلال بثبات:
-عندكم علشان أطلب ايدك واجي مع أهلي أفضل من اللي حصل المرة اللي فاتت..
“نعم؟! حضرتك بتهزر صح”
عقب هلال ساخرًا على حديثها:
-وايه لازمتها حضرتك مع بتهزر؟!…
أتاه الرد سريعًا منها بنبرة مرتبكة:
“أسفة”.
تجاهل حماقتها وقال بجدية شديدة وهو يعي جيدًا ما يقول وما يرغب فيه:
-وبعدين معتقدش أن في رجالة بتدخل بيوت الناس تهزر ولو في يبقى مش أنا، أنا عايز اتقدملك يا بشرى وابعتي رقم والدك على الواتساب علشان بابا يكلمه بليل، سلام علشان مطولش على ملك علشان هي قلقانة على الموبايل ولا كأنها مدياه لواحد في الاتوبيس..
اتأه الرد بارتباك وسرعة فهي تريد أن تنهي تلك المكالمة بأسرع ما يمكن:
“سلام”.
وتم إنهاء المكالمة بين قلوب خافقة بقوة، واحساس جديد يدب في أوصالهم…
شيء مختلف وجديد يحدث…
خرج من الشرفة وتوجه صوب مكتب ملك ووضع الهاتف فوقه ووجدها مازالت منهكمة في شطائر الفول ليغمغم:
-هو أنتِ وصاحبتك مش بتعملوا حاجة غير أنكم بتاكلوا؟! وبتأكلي في المكتب…
قالت ملك بنبرة متأففة:
-يا حول ولا قوة إلا بالله كنت بأكل ومستخبية في أمان الله قولت اخلص من غير كا حد يشوفني لقيت حضرتك قدامي، واديني بأكل اهو على المكتب زي ما قولتلي خدي سندوتشاتك واخرجي ومش عاجب برضو.
تمتم هلال بجدية:
-في سؤال عايز أسأله ليكي يا ملك بأمانة وجاوبيني.
-اتفضل يا متر؟!.
هتف هلال بهدوء:
-أنتِ في حد جابرك على الشغل؟! اصلك بحسك بتيجي كأنك في دريم بارك ولما بتروحي المحكمة معايا كأني واخد بنت اختي.
قالت ملك مدافعة عن نفسها:
-لا محدش جابرني يا متر انا جاية عن اقتناع، او جاية وخلاص قولت يمكن الاقي نفسي بنفع وحاسة ان في أمل مني مش كده؟!.
-مش كده.
الحق يقال أنها جاءت من أجل مراد..
مراد التي تشتاق له وبشدة، جاءت وتتحمل هذا كله من أجل تكون بالقُرب منه، هي تحبه منذ أول مرة رأته في الجامعة ولكنه لا يكترث لها ولا يكن لها مشاعر هي ليست مميزة عنده بل يعاملها كما يعامل الجميع لا يكن لها شيئًا مختلفًا ولكنها لا تستطيع ان تمنع نفسها من حبه….
رحل هلال وبدأت هي تتناول الشطيرة قائلة بنبرة متهكمة:
-لا مهوا مش معقول محدش شايفني انفع كده……..
أخذت قطعة من الشطيرة ثم غمغمت بوعيد:
-والله لاوريكم كلكم مين هي ملك، بكرا اكون محامية كبيرة قد الدنيا.
وما ان انتهت من حديثها حتى فتحت الشطيرة تتفحص مكوناتها قائلة:
-والله ياعم بيومي لاوريك قولت عايزة واحد بالطحينة واتنين بالسلطة وده تالت سندوتش اكله ويكون بالطحينة.
_______________
في المستشفى..
كانت سوسن تجلس في مقاعد الاستقبال، أما شريف كان يسير في الرواق متجهًا إليها وخلفه تسير شمس بخطوات متوترة…
اقترب منها شريف سائلا سوسن بنبرة هادئة وعملية:
-حالته عاملة ايه دلوقتي؟!
رفعت سوسن بصرها إليهما لتجده أمامها وخلفه توجد ابنتها بهيئتها الجديدة التي تجعلها تشعر بالاستغراب….
-أنتَ أيه اللي جابك؟!.
تمتم شريف بانزعاج شديد هو لا يطيق تلك المرأة حقًا ولكنه مجبر على أن يتحملها:
-بصي مش وقت الكلام اللي بتقوليه ده أنا عايز أفهم أنتِ قولتي لحد حاجة؟!.
هزت سوسن رأسها نافية..ثم غمغمت بنبرة متوترة:
-هو دلوقتي في العناية المركزة…
وجه شريف حديثه إلى شمس قائلا بنبرة متهكمة:
-مش قولتلك لسه عايش في ناس ميتة على الدنيا وهو هيفضل مكلبش في الدنيا، المهم…
أسترسل الحديث إلى سوسن بنبرة جادة:
-متتكلميش في أي حاجة ولو أي حد سألك قوليله أنك متوترة وقلقانة ومش هتجاوبي على حد لغايت ما يفوق…
أردفت سوسن بنبرة مترددة:
-حالته صعبة اوي..
قال شربف بنبرة جادة:
-حالته صعبة أو سهلة دي مش مشكلتنا اهم حاجة تعملي اللي بقولك عليه متتكلميش في أي حاجة وأنا هودي شمس البيت وراجعلك….
لا تدري سوسن سوى أن شيء ما دفعها لتهز رأسها بإيجاب موافقة على حديثه…
سار بضعة خطوات ولم يجد شمس تتبعه فعاد يتحدث بنبرة صارمة:
-يلا يا شمس في حاجات كتير لازم نعملها……
أتبعته شمس حتى وصلت إلى سيارته وركبت بجواره ولا تدري كيف مر الوقت حتى أصبحت أسفل البناية..
غمغم شريف بنبرة هادئة:
-امك مهمة عندك يا شمس؟!.
هزت رأسها بإيجاب وهي تجيبه:
-اكتر ما كنت اتخيل، مكنتش متوقعة اني اكون بحبها كده حتى، أنا مش بتحمل عليها حاجة حتى لو هي اتحملت عليا كتير…
تمتم شريف بهدوء:
-اطلعي لمي هدومك وهدومها وكل حاجة ليها علاقة بيكم..
سألته شمس بدهشة:
-ليه؟!.
تمتم شريف بتوضيح مختصر:
-أنا هحل ليكي المشكلة دي وحتى عبدة هحل ليكي مشكلته كل واحد وله مفتاح وهو مفتاحه مش صعب معايا، المهم أنك تكوني أنتِ مرتاحة عندي، علشان الفترة الجاية مهمة وأحسن حل ميكنش عبدة في حياتك ولا في حياة امك.
هتفت شمس بتردد:
-انا مش فاهمة حاجة منك يا ثائر.
أردف شريف بنبرة هادئة:
-هتفهمي كل حاجة قريب يا شمس بس اسمعي كلامي مش أنتِ بتثقي فيا؟!.
هزت رأسها قائلة بثقة رهيبة:
-أكتر من أي حد في الدنيا.
-يبقى اسمعي كلامي ولو الموضوع اللي في خيالي تم هعرفك كل حاجة متقلقيش…
هزت رأسها بإيجاب وصعدت إلى الشقة بعد أن ودعته، ثم أتى بطعام من أجلها وأرسله مع زوجة حارس البناية الذي وجدها أمامه…
_____________
“بني سويف”
كانت تقوم بصنع الطعام مع المرأة التي تعمل في منزلهم….
تحاول أن تشغل نفسها حتى لا تتشاجر معه فهو منذ أن أتى هذا الرجل وشجاره مع بشرى وهو غاضب إلى أقصى درجة…
جاءت بشرى بتردد ووقفت بجانب والدتها التي سألتها باستغراب فبشرى ليست معتادة التواجد في المطبخ لأي سبب حتى المياة هناك من يأتي بها لأجلها هنا..
-في ايه يا بشرى؟!.
تمتمت بشرى بنبرة خافتة ولا تدري لما تحتاج تشجيعًا:
-كنت عايزة اتكلم معاكي لو فاضية..
توقفت نرمين عن تقطيع الخضار سائلة اياها بنبرة عادية:
-خير؟!.
قالت بشرى بنبرة خافتة أشبة بالهمس وهي تشعر بالخجل الشديد ولا تعرف لما هذا كله..
-المتر أتصل بيا..
غمغمت نرمين باهتمام شديد:
-وبعدين؟!.
تمتمت بشرى بتوتر:
-قالي ابعتله رقم بابا علشان والده يكلمه وانا مش عارفة ابعته ولا لا؟ أنا متلغبطة وكمان خايفة لو بعته بابا يعرف اني انا اللي بعته ليه.
هتفت نرمين بنبرة مرحة:
-اما راجل مضحك صحيح يعني جاب عنوان بيتنا ومش عارف يجيب رقمه..
استرسلت حديثها وهي تغمز لها بخفة:
-ده عايز منك إشارة على فكرة؛ فأنتِ حرة تبعتي ليه ولا لا..
صمتت لمدة دقيقة حينما استوعبت خجل ابنتها وشعرت بأنها لا تريد منها سوى التشجيع:
-ابعتيله، هو اكيد يعني ابوه مش هيقوله اخدنا الرقم من بشرى وبعدين يعني هو جه لغايت البيت مفيش حاجة هتعصب ابوكي يعني المكالمة.
قالت بشرى بتوضيح:
-انا فهمته ان بابا قعدني من الشغل فأنا هقوله يعني يوضح له اني مكنتش عارفة حاجة..
هزت نرمين رأسها بإيجاب وكأنها قد اقتنعت بحجتها تلك وأستكملت تقطيعها للخضار…
______________
للمرة الثانية بعد مرور ساعتين تقريبًا تجده أمامها…
جلس بجانبها على المقعد الحديدي، لتسبقه هي في القول:
-أنتَ أيه اللي جابك تاني؟!.
قال ثائر بنبرة ساخرة:
-ايه يا حجة عندك زهايمر ولا ايه؟! ما أنا قايلك هاجي وهتكلم معاكي بعد ما أوصل شمس، ولا حافظة الكلمة ومش عارفة تقولي غيرها؟!.
أردفت سوسن بضيقٍ:
-ابعد عني انا فيا اللي مكفيني.
تمتم شريف بهدوء شديد:
-قومي معايا نروح نقعد في أي حتة علشان في كلام مهم محتاجين نتكلم فيه، بس قبل كده في جديد في وضع ال*** اللي في الرعاية؟!.
هزت رأسها نافية وهي تقول:
-لا مفيش أي جديد الوضع زي ما هو..
أسترسلت حديثها تسأله بعجرفه:
-وبعدين أنتَ عايز تتكلم معايا في أيه؟!.
نهض شريف من مكانه متمتمًا بتهكم:
-هطلب ايد بنتك، ما يلا يا حجة علشان انا خلقي ضيق ومبحبش الاسئلة الكتير لما نقعد في أي حته نتكلم علشان أنا مصدع وعايز اشرب سيجارة وأشرب قهوة…
“بعد نصف ساعة”.
كانت تجلس أمامه في أحد المطاعم المفتوحة وطلب لها وجبة خفيفة وطلب له قهوة قائلا بنبرة هادئة بعد أن سحب نفس من سيجارته:
-كلي، انا جيبت اكل لشمس علشان تاكل الوضع صعب ولازم تقفي على حيلك.
أردفت سوسن بنبرة متوترة:
-صعب ولا مش صعب انا مش هخلي بنتي تشيل ذنب حاجة هي كانت بدافع عني كفايا عليها لغايت كده…
قال شريف بجدية:
-كويس أنك دخلتي في الموضوع علطول علشان توفري عليا مقدمات كتير، أنا هقدم ليكي فرصة، فرصة من دهب.
رفعت سوسن حاجبيها وهي ترد عليه بعدم استيعاب:
-مش فاهمة فرصة ايه دي؟!.
أجابها بنبرة خالية من المشاعر:
-تكوني أم لأول مرة في حياتك، تكوني أم كويسة، أنا عارف حكايتك كلها وعارف مين أبو شمس..
شعرت بالتوتر الرهيب ولكنها حاولت إدعاء العكس وهي تغمغم:
-أنتَ بتقول ايه؟!.
عقب شريف وهو يكرر الأمر:
-عارف ابو شمس، منير عبد الحكيم ابراهيم سند، وعارف كل حاجة عن حياتك اللي فاتت فخلينا نتكلم على المكشوف…
تمتمت سوسن بذهول:
-أنتَ عرفت كل ده منين؟!.
-مفيش حاجة تصعب عليا، المهم هتستغلي الفرصة ولا لا؟!..
أردفت سوسن بنبرة قلقة:
-فرصة ايه انا مش فهماك يا جدع أنتَ ولا فاهمة أنتَ عايز أيه مني ولا من بنتي؟!!.
هتف شريف بعدم اكتراث بعد أن أخذ نفس من سيجارته:
-ان جيتي للحق أنتِ متهمنيش ولا تفرقي معايا، بس تفرقي مع بنتك أكتر ما تتخيلي، بنتك اللي عملت كده علشانك، فعلشان كده أنا مضطر أتحملك، لاني عايز شمس انسانة نضيفة فأنتِ مجبرة تنضفي علشان هي تعرف تكمل في طريقها الجديد ومتشديهاش لتحت لأنها للأسف مرتبطة بيكي.
هو يقول الصدق..
لم تكن يومًا أم جيدة لها..
بل أخبرتها أكثر من مرة أنها فعلت الكثير والكثير وحاولت إجهاضها ولكنها لم تنجح، كما لم تقم برعايتها يومًا سوى في صغرها مجبرة ومنذ أن بدأت تستوعب الحياة هي تواجه كل شيء بمفردها حرمتها من أشياء كثيرة……
من تعليمها ومن كل شيء لأنها رغبت في انتقام أحمق…
غمغمت سوسن باستسلام:
-عايزني اعمل ايه يعني وقبل ما اعرف أنتَ عايزني أعمل ايه، شمس بالنسبالك ايه؟! وتهمك في ايه؟!.
أجابها شريف بنبرة هادئة:
-انا اكتر واحد مر في حياتها اهتم بيها او هي تعني له شيء، تهمني أكتر مما تخيلي، وانا مش راجل مراهق ولا راجل ميعرفش ربنا زي ما دماغك جايباكي مفيش حاجة بيني وبين بنتك غير اني بحبها ومش هسمح لحد تاني يقلل منها، لو حكمت هربيها من اول وجديد وأنتِ تتربي معاها معنديش مشكلة.
تمتمت سوسن باندهاش:
-مش ملاحظ أن لسانك طويل أعمل حساب اني في سن والدتك حتى…
قال شريف باستنكار:
-لحد ما تتعدلي أنصحك متقارنيش نفسك بيها، المهم خلينا في موضوعنا يا حجة سوسن، موافقة تتعدلي علشان خاطر بنتك ولا تأكلي وتقومي تتكلي على الله.
أردفت سوسن بنبرة صادقة:
-موافقة.
غمغم شريف بتحذير واضح:
-اللي هقوله مفيهوش راجعة وساعتها هتشوفه شري بجد لأني مش هستحمل أي انتكاسة تمر بيها شمس وكفايا أوي اللي مرت بيه لغايت دلوقتي..
-مش هرجع أنا هعمل اي حاجة علشان بنتي، هحاول ألحق اللي جاي.
قال شريف بابتسامة رُسمت على شفتيه وهو يقول:
-أولا الراجل اللي متلقح في المستشفى ده لو مات يبقى الحمدلله هنطلعك منها أنك بدافعي عن نفسك، وفي كل الاحوال الموضوع سهل احنا بس عايزين نثبت اللي على وشك ولو في كدمات في جسمك انك مضروبة تمام؟!.
أومأت براسها موافقة ليسترسل حديثه بهدوء شديد:
-لو الحظ حالفنا وربنا مد في عمره علشان شمس متعش بذنبه مع أنه يستاهل؛ هديله قرشين ويغور في داهية وهتطلقي منه لو طلع دكر واتمسك بيكي هنخلعه….
تمتمت سوسن بتردد:
-افرض لما يفوق يعترف على شمس..
غمغم شريف بسخرية:
-متقلقيش هو مش هيحب يطلع خسران شمس بالنسباله بقت كارت محروق عارف انه مش هيقدر يلعب بيه وهيتأكد اكتر لما يلاقيني في وشه، هو هيعوز يتراضى ويعمله مصلحة واعتقد هو عمل قبل كده كتير وكتير فمش هيجرى حاجة لو يقلب رزقه في حتة تانية….
سألته سوسن بنبرة قلقة وهي تنظر له:
-هنروح نقعد انا وشمس فين حتى البيت والبيوتي سنتر اللي في الحتة بتوعه.
تمتم شريف بجدية:
-يومين وهتكوني مأجرة شقة باسمك وهاخدك تمضي العقد بس اظبط الدنيا، وكل طلباتكم مجابة أهم حاجة تعيشوا عيشة محترمة وكويسة وعلشان لما ابوها يعرف بيها يكون الحكاية نامت ميعرفش ان بنته كانت رقاصة وامها كانت متجوزة واحد بيطبلها…
قالت سوسن بذعر:
-أنتَ هتقوله؟!.
-طبعا شمس من حقها تعيش حياة محترمة ومتخافش من أي حاجة ولا تدارى جنب الحيط لمجرد ان معهاش اثبات شخصية ومن حقها تعرف ابوها، هو كان يعرف انك حامل؟!
هزت رأسها وقالت بنبرة مرتبكة:
-مكنش يعرف حاجة، أنا أصلا…
توقفت عن الحديث ليسألها بفضول وقلق:
-أنتِ ايه؟ مش بنته ولا ايه انطقي.
قالت سوسن بنبرة منفعلة:
-أيه اللي بتقوله ده طبعا شمس بنت منير.
-ومدام هي بنت منير سكتي السنين دي كلها ليه؟! مروحتيش تعرفيه أصل يعني حب عبدة مش جنة عيشتي فيها علشان الهم ده..
قاطعته سوسن قائلة وهي تفجر القنبلة:
-أنا وعبدة سرقنا مطعمه، سرقته وكان الرجوع مستحيل، وهو عارف اني سرقته انا سيبت له ورقة وعرفته اني انا اللي عملتها..
يحاول استيعاب ما يسمعه..
صدمته بالفعل…
لكنه عقب بجمود:
-خيانته لمراته وقذارتكم ومشاكلكم وأي مصيبة عملتوها في بعض متفرقش معايا بتعريفه مدام هي بنته ومن صلبة يبقى هيعترف بيها برضاه او غصب عنه، المهم ان شمس مشاكلها تتحل….
_______________
في غرفة زينب..
دقت نرمين الباب…
أعطتها زينب أذن بالدخول..
ولجت نرمين وجلست على أحد المقاعد قِبالة زينب التي أغلقت مصحفها التي تقوم بالقراءة فيه..
تمتمت زينب بنبرة هادئة:
-خير يا نرمين في حاجة؟! دخولك الاوضة عندي ده شيء يعني غريب.
أردفت نرمين بتوضيح:
-بُصي انا عارفة ان علاقتنا من زمان وهي مش كويسة، زي ما علاقتي بابنك زفت معاكي كانت نفس الشيء، بس دلوقتي..
قاطعتها زينب قائلة بجدية شديدة وهي تنظر لها بلوم:
-انا عمري ما عاملتك غير أنك بنت ليا، أنتِ اللي مكنتيش شايفة ده، أنا كنت بعاملك زي بنتي وعايزاكي تحافظي على بيتك عارفة ان ابني غلط في حقك كتير بس كنت عايزاكي أنتِ اللي تحافظي على بيتك، وكنت بساعدك على ده بس شوفتيه أنانية مني انا مرضتش ان بيتك يتخرب.
غمغمت نرمين بسخرية من حالها:
-بيتي متخربش بس مشاعري اتخربت ونفسيتي ادمرت ألف مرة ومرة، حتى علاقتي مع ولادي مكنتش كويسة معاهم كفايا طول الوقت أعصابي مشدودة من كتر اللي كنت بشوفه…
نظرت لها زينب بأسى فقالت نرمين مسترسلة حديثها بهدوء:
-مش مهم الكلام ده دلوقتي انا سمعت منير تحت ابو هلال بيكلمه تقريبًا أنا عايزاكي تنزلي ليه وتخليه يدي الشاب فرصة علشان خاطر بشرى أول مرة بجد أحس انها مايلة لحد، ولو هي فعلا غالية عندك انزلي لمنير واتكلمي معاه أنتِ الوحيدة اللي بيسمع كلامك..
قالت زينب في استسلام:
-حاضر هنزل اتكلم معاه واقنعه واخليه يديهم ميعاد في أقرب وقت وكله علشان خاطر بشرى…
________________
ولج هلال إلى منزل والده…
وسار بضعة خطوات حتى أقترب من الأريكة المتواجدة في بهو المنزل الذي يجلس فوقها والده بينما والدته كانت في المطبخ تقوم بتحضير العشاء..
تمتم هلال بنبرة هادئة:
-مساء الخير.
-مساء النور يا ابني.
جلس خلال بجانبه قائلا بنبرة عملية:
-أنا بعتلك رقم أبوها على فكرة لو عايز تكلمه دلوقتي..
هتف عادل بنبرة جادة:
-اه ما انا شوفته واتصلت بيه كمان..
ردد هلال كلمات والده بدهشة:
-اتصلت بيه؟! وليه مستنش لما اجي؟!!.
أردف عادل ساخرًا:
-هو أنا عيل صغير هستناك وبعدين الوقت دلوقتي متاخر بالنسبة للناس دي، أنا كلمته وخلاص.
يبدو من نبرته بأن الرجل قد ازعجه…
لذلك تحدث هلال بنبرة مقتضبة:
-وقالك ايه بقا؟!.
ضحك عادل قائلا بلؤم:
-هيقولي ايه يعني؟!..
سأله هلال بقلق وخوف ظهر رغمًا عنه:
-رفض؟!..
قال عادل بثقة مداعبًا أياه:
-هيقولي لا ازاي؟! أنتَ مش عارف أبوك ولا ايه؟!! انا عمري ما بغلب في أي حاجة طبعا اخدت منه ميعاد هنروح يوم الجمعة….
_____________
وأحفظُ لك من الذكرياتِ ما يتأجّج في البال دوماً
‏وما يكونُ صدى لكلّ ما يعبر بي لا يسكنُ أبداً، ولا يموت”
#مقتبسة
لن أشفى منكِ
‏ففي كل يوم جديد
‏أعيش عشقك
‏وكأنني
‏أحبكِ لأول مرة
#مقتبسة
في اليوم التالي…
تقف فردوس أمام المرآة تقوم باختيار القرط المناسب لها اليوم، تشعر بالحيرة الشديدة كعادة كل يوم…
كعادتها تستعد للذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية الصباحية التي لا ترى فيها إيمان…
تحاول تجنبها ليست أنانينة أن ترغب في ألا تشعر بالازعاج تكفي أفكارها تلك الفترة
جاء من خلفها أمسك كف يدها التي يتواجد بها القرط، متمتمًا بنبرة هادئة:
-خليها عليا المهمة دي…
سألته فردوس بعدم فهم:
-مهمة ايه…
وجدته يقف خلفها ويخرج شيئًا ما من جيبه حلق ذهبي اللون بها وردة ذهبية بها فص ويتدلي منها نجمتين صغيرة جدًا تكاد لا ترى إلى حينما يكون شخص بالقرب منها…
لم يكن عليها التفكير طويلًا هذا القرط هو أحد الاقراط التي قامت ببيعها حينما رغبت في إنهاء المنزل، القرط يخص والدتها….
وضع القرط في كل أذن من أذنيها وقام بإغلاقه برفق شديد…
قالت فردوس بنبرة متضايقة رغمًا عنها:
-ده حلق ماما اللي بيعته عند ياسين ساعة حوار البيت.
ترك قُبلة في عنقها أسفل القرط محتضنًا خصرها ومغلقًا قبضته وتحدث مصصحًا الأمر:
-كان بتاعها انا اشتريتهم بعدك فدلوقتي انا اتصرف فيهم زي ما أنا عايز وادي منه هدايا زي ما يخطر على بالي..
غمغمت فردوس بنبرة جادة:
-يعني أنتَ كنت بتاخدني على قد عقلي يا كمال؟! وأنا اللي افتكرتك فعلا سايبني اعمل اللي انا عايزاه وصدقتك…
أردف كمال ببساطة شديدة وهو يستند بذقنه على كتفها:
-لو كنتي فكرتي بعقل أو تعرفيني كويس كنتي عرفتي اني استحالة اوافق على حاجة زي دي وأني كنت باخدك على قد عقلك فعلا…..
تنهدت ولم تجد تعقيب مناسب مما جعله يبادر هو متمتمًا:
-عارفة انا مشتاق لأيه؟! او نفسي في ايه؟!.
قالها وهو ينظر على تعابير وجهها في المرآة مما جعلها تسأله بفضول رغمًا عنها:
-ايه؟!..
-أنك تكوني معايا رايقة بعقل فاضي…
نظرت له بعدم فهم مما جعله يتحدث بنبرة موضحة:
-رغم انه واضح أنك بتتغيري وده شيء حلو ومريب في الوقت نفسه، بس عقلك مش رايق ولا قلبك، نفسي فيكي يا فردوس رايقة زي زمان كنت بحس أن مفيش حاجز بيني وبينك وانك معايا بكل حاجة فيكي..
عقبت فردوس بنبرة بدت سخرية رغمًا عنها:
-مبقاش ينفع..
-هينفع.
-تفتكر هينفع؟! تفتكر هيجي وقت زي ده؟! ولا خلاص فات الأوان على كل حاجة؟!.
هز رأسه نافيًا وهو يقول:
-الأوان عمره ما فات…
ضحكت فردوس رغمًا عنها متمتمة بيأس شديد وسخرية لم تستطع أن تخفيها:
-عارف يا كمال برغم كل حاجة حصلت مني ومنك ومن غيرك انا بستغرب من انك عندك أمل في علاقتنا.
قال كمال بنبرة أشبة بالهمس:
-يمكن علشان بحبك وعندي امل اشاركه معاكي مهما كنتي يائسة ومهما كنتي متخيلة أن حكايتنا خلصت، يمكن علشان مؤمن ان حياتي معاكي مش بس سبع سنين أو -ثمانية- سنين، الموضوع أكبر من كده…
-بس انا عمري ما هنسي..
تمتم كمال بنبرة ذات معنى:
-وأنا عمري ما هنسى والايام مش بتنسى حد زي ما الناس بتقول، بس اللي بيحب لازم يضحي علشان الحياة تمشي…
ولأول مرة كلماته تفكر بها..
تفكر بمعنى أخر لها…
توقف عن الحديث وهو يطبع قُبلات رقيقة على عنقها تذيب ما تبقي منها حقًا هو متهمل بشكل يهلك روحها…
ابتعد عنها بعد ثواني متمتمًا وهو يستقيم ويضع قُبلة على رأسها بحب:
-انا هتاخر النهاردة..
هنا دق جرس الخطر..
بعد تلك الأيام الذي شعرت بها أنها امرأته الوحيدة وهي تحاول نسيان داليا عمدًا، سيذهب لها..
بل من الممكن أن يفاجئها بأنه سوف يمكث معها..
فهو ليلة أمس تأخر أيضًا وعاد مع بكر وهنا شعرت بالاطمئنان قليلًا بانه تأخر في الشركة…
تطايرت الفراشات التي كانت تطير حولهما بل العفاريت ترقص أمام عيناها لذلك قالت في نبرة مقتضبة وهي تبتعد عنه تذهب لتأتي بحجابها:
-يلا علشان منتأخرش..
جذبها إليه لترتطم بصدره متمتمًا:
-مسموح بخمس دقايق تأخير.
____________
حَتىٰ الفراشات
لاتستطيع أن تصفَ
السعادة العارِمة
التي تحيطُ بجميع أحشائي
عند رُؤيتك
أشعر بكل مرة حين ألقيّك
“بأنني أتجدد”
واعودُ للحياة مرة اخرى بهيئة مفعمة بالأمل والطمأنينة !
#مقتبسة
بعد العصر.
استندت أفنان وسارت بصعوبة بعد أن عاونها فهد، ونهضت واخذت ملابسها وتوجهت صوب المرحاض، بعدها هبط فهد وتوجه إلى توفيق الذي رغب فيه ليجعله يراه وهو يهتم بالحديقة بنفسه رغم كبر سنه لا بتوقف عن تلك العادة…
خرجت من المرحاض لتجده جالسًا على الاريكة كما هو منذ الصباح لم يفكر في مساعدتها وكعادة كل صباح عكازيها ليسوا في المكان التي تركتهم به قبل نومها وهو بجانب فراشها…
استندت حتى وصلت إلى الفراش وجلست فوقه، هنا جاء بالفراشاة وأخذ يقوم بتمشيطه لها وسألته أفنان بخجل مازالت تخجل منه منذ ما حدث عند دخول الصغار ورغم أنها حذرت فهد بألا يهبط تاركًا أياها بمفردها معه ولكنه لبى نداء توفيق متناسيًا أمرها:
-هو العكازين فين؟!.
تمتم داغر بهدوء بعد أن انتهي من تصفيف خصلاتها:
-معرفش شوفي أنتِ حطتيهم فين؟!.
قالت أفنان بتردد وسخرية بعض الشيء:
-أنا اللي حطيتهم فين؟! أنا بسيبهم كل يوم جنب السرير وبصحى بقدرة قادر بلاقيهم مش موجودين..
قال داغر بنبرة متهكمة:
-يمكن العفريت خدهم متعرفيش أنتِ بيعملوا في الواحد ازاي…
تمتمت أفنان بخوف رغمًا عنها:
-داغر بلاش هزار في المواضيع دي علشان أنا بخاف بجد لما بتيجي سيرتهم حتى لو هزار…
ضحك رغمًا عنه هي لم تتخلى أبدًا عن عاداتها الطفولية كل يوم يكتشف بأنها مازالت محتفظة بكل شيء تقريبًا…
غمغم داغر وهو يترك قُبلة على وجنتيها:
-متخافيش، انا موجود معاكي…
عقبت بنبرة متوترة:
-والله ولما تكون مش موجود؟! ما أنا ساعات بكون لوحدي وأنتَ بقالك كذا يوم بتبقى سايبني أغلب اليوم…
ألتقط خصلة من خصلاتها وداعب بها أنفها مغمغمًا:
-ما أنا حسيت اني مليش لازمة من ساعة ما العكازين حلوا محلي..
نظرت له بعدم تصديق بأن رجل في عمره….
مازال يهتم بشيء هكذا ويستمر في التعليق عليه، هي فعلته لتسهيل الحركة كما أخبرها الطبيب..
لكنه منزعج ويبدو ذلك وبشدة كانت في بداية الأمر تظنه يمزح، لكن هذا الإصرار كله لا تجد أنه من باب المرح…..
غمغمت أفنان بعفوية:
-بس كان المفروض تقعد معايا أنا…
قاطعها داغر بنبرة هادئة:
-المفروض اقعد معاكي ليه؟!..
أجابته بتلقائية وبساطة:
-علشان وجودك بيفرق..
سألها داغر بصوت خافت:
-معاكي؟!.
هزت رأسها بإيجاب فسألها داغر بنبرة غامضة:
-بوحشك؟!.
هذا كان يكفي لتتلون وجنتيها وكأنها مراهقة حقًا..
ضربات قلبها تكون عنيفة بشكل مضطرب ولأول مرة معه في كل شيء وكأنها تقترب من نقاط لم تصل لها من قبل..
لم يجد منها رد فكرر سؤاله بصوت حاني وراغب في سماعها:
-بوحشك؟!!!.
أومأت له فأردف بنبرة مرحة ومحبة:
-هو أنتِ هتفضلي شغالة على الوضع الصامت؟! ما تنطقي يا أفنان وريحيني..
شعرت برجاء قلبه…
لذلك لم تمانع أن تشعره بمشاعرها التي كانت نستها وقررت بألا تشعر مجددًا لتعاقب نفسها بقية حياتها:
– ايوة بتـوحشني…
ضمها إلى أحضانه بشغف وحب كبير، احتواء لن تجد مثله هو ليس ماهرًا في الكلمات، لكن عيناه تقول الكثير ولمساته التي يراعيها به تخبرها الكثير والكثير….
عيناه قادرة على أن تجعلك من خلالها تقرأ الكثير من الأشعار وتخبرك الكثير من الحكايات عن حب ظننت بأنه غير موجود….
حاوطت عنقه مستمتعة بقُربه وسمعته يهمس لها في تلك اللحظة:
-وأنتِ بتوحشيني أكتر وفي بالي كل لحظة وأنا برا، بس أنا مشغول في البيت علشان انا هنا مش مرتاح..
ابتعدت عنه ليتسرسل حديثه بنبرة مغتاظة:
-ولا نفسيا ولا أي حاجة، كفايا ريم وفهد عليا فأنا عايز خصوصية علشان التتار دول تعبوا أعصابي..
ابتسمت على كلماته لتعيد سؤاله برفق وخجل كبير:
-هو العكازيين فين؟!.
-راحوا في سكة اللي يروح ميرجعش، عايزاهم ليه؟!.
تمتمت أفنان بنبرة جادة:
-عايزة انزل اقعد تحت او اروح اقعد مع ماما، اقعد في الجنينة أعمل اي حاجة أنا زهقت من قعدة الأوضة…
نهض من فوق الفراش وانحني ناحيتها ولم تفهم ما يريده حتى…
لكنها وجدته يضع يد أسفل ركبتيها واليد الأخرى أسفل ظهرها ويحملها وكأنها خفيفة كالريشة…
شهقت من فعلته وهي تجد نفسها بين يديه بالمعنى الحرفي:
-داغــــر!!!!..
سألتها وهو يداعب أنفه بأنفها قائلا بهدوء:
-قوليلي عايزة تروحي فين وأنا اوديكي؟!!.
تمتمت افنان بخجل واضح:
-نزلني يا داغر لو سمحت، انا مش هينفع أخرج بالوضع ده سندني حتى أحسن…
قال رافضًا اقتراحاتها:
-انا هشيلك لغايت تحت، ومش هينفع ليه؟!!.
تمتمت أفنان بارتباك:
-علشان مينفعش…
عقد حاجبيه بطريقة مرحة لتقول بجدية:
-علشان أنا مكسوفة وهتكسف أكتر سندني وخلاص..
أردف وهو يهز رأسه نافيًا:
-لا هنزلك لغايت تحت ياست المكسوفة وبعدين أنا شايلك شيلة بريئة جدا جدا علشان وضعك الصحي ورجلك المتجبسة محدش هيقول حاجة أنتِ مراتي لو ناسية..
-داغــــر!!!!..
كان اعتراضها في مهب الريح تحت ضحكاته وهو يخرج من الغرفة بها وجعلها تغلق بابها بيديها..
غمغمت أفنان بخجل:
– بلاش كسوفي، نزلني انا مش خفيفة والله ضهرك هيوجعك، انا مش ريشة.
-صح مش ريشة أنتِ فراشـــة..
تنهد وهو يسير بها قبل أن يهبط على الدرج وهي تراقب الارجاء…
أسترسل حديثه بنبرة لطيفة:
-وبعدين اسكتي ده مش مؤشر حلو انك زوجة نكدية ورغاية وأنا مبحبش الرغي..
انتهى الدرج…
وضعت كفيها على وجهها تغطيه بهما..
مجرد أن لمحت أحدى النساء التي تعمل في المنزل تقوم بترتيب المنزل والأماكن المخصصة للاستقبال……….
سألها داغر بثبات وهو يتأمل حركتها تلك:
-ها هتقعدي هنا ولا ايه؟!.
تمتمت أفنان برجاء:
-نزلني أبوس ايدك واسندني لغايت ما اروح عند جدو وفهد…
ضحك وهو يقول بنبرة ذات معنى:
-ده انا مش هنزل غير قدام جدك….
بالفعل خرج من الشرفة المفتوحة وتطل على الحديقة ليجد توفيق يقوم بتعليم فهد كيف يقوم بـ ري الحديقة….
تمتم توفيق ببشاشة حينما وجدهما يقبلا عليه:
-اخيرا يا افنان نزلتي من اوضتك…
أزالت يديها من على وجهها قائلة:
-اديني نزلت اهو خليه ينزلني..
ضحك توفيق وهو ينظر إلى داغر:
-ما تنزلها يا ابني أنتَ خاطفها؟!
تمتم داغر بنبرة مشرقة:
-لسه مخطفتهاش منكم بس هيحصل قريب حضر نفسك..
انهى حديثه تحت ضحكات توفيق ثم انزلها برفق لتستند عليه وهنا جاء فهد بمقعد خشبي بعد ان قام بجره فهو لا يستطيع أن يحمله…
وجلست فوقه أفنان وهي تتمنى أن تنشق الأرض وتبتلعها من الحرج الذي أصابها….
لكنها سعيدة، سعيدة بشكل لم تعهده ولم تصل له يومًا…
شعور جدبد يغزو بأوصالها…
شعور حقيقي وصادق….
_________________
في المساء..
-يعني اجيبه يوم الجمعة؟!.
كان هذا تعقيب فردوس وهي تقف في الغرفة ناحية النافذة وتتحدث في الهاتف مع الشاب الذي قابلته حينما ذهبت إلى مركز الصيانة..
جاءه الرد منه لتتحدث مؤكدة على حديثها:
-بس انا مش هسيب اللاب توب يعمله قدامي..
قال لها الشاب شيئًا مما جعله تتحدث:
-تمام سلام.
أنتهت المكالمة لتسمع صوته خلفها:
-لاب توب ايه ويعمل ايه قدامك أنتِ بتكلمي مين؟!!.
أستدارت له فردوس بقلق لا تعلم متى جاء وفتح الباب ولم تشعر به…
-بكلم مركز الصيانة *****.
-ليه ولاب توب ايه اللي بتتكلمي عليه؟!!
كانت تفكر في الكذب ولكنها قررت أن تخبره بصحة الأمر:
-لاب توب حسن لما روحت البيت لقيته هناك وأنا عايزة افتحه علشان اكيد عليه صوره وحاجته فاحتفظ بيها وهو مقفول بباسورد أنا معرفهوش…
تجمد وجه كمال…..
هل عليه شيء يخص شقيقته؟!!.
هل تغييرها خلفه شيء…..
الكثير من التساؤلات تدور في عقله….

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية ديجور الهوى)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى