روايات

رواية دموع ممنوعة الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم هناء النمر

رواية دموع ممنوعة الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم هناء النمر

رواية دموع ممنوعة الجزء الثالث والعشرون

رواية دموع ممنوعة البارت الثالث والعشرون

دموع ممنوعة
دموع ممنوعة

رواية دموع ممنوعة الحلقة الثالثة والعشرون

وقفت لبرهة تتابع باب الغرفة التى يخرج منها الصراخ ، وحضور الخدم مهرولين واحدا تلو الآخر ، ثم ارخت عينيها للأرض لثانية ورفعتها
سحبت نفسا طويلا كتنهيدة حارقة ، وألقت آخر نظرة من بعيد ثم خرجت ،
كل هذا كان تشبع لعينيها وانفاسها وعقلها وقلبها بآخر مشهد بعدما اعتقدت إنها قد أنهت انتقامها من جدها وعائلة المصرى كلها ،
وحان موعد الابتعاد والرحيل عنهم للأبد .

خرجت من باب الفيلا بخطوات بطيئة جدا ، كأنها تتريض فى الحديقة حتى وصلت لسياراها ، فتحت الباب وألقت آخر نظرة على مبنى الفيلا ، ثم استقلت السيارة وابتعدت بأقصى سرعة استطاعتها .

بالطبع فكرة الاتجاه لبيت والدها هذه بعيدة تماما عن عقلها ، فلم تكن بحاجة ابدا لأى أسئلة من أى شخص عما حدث ، كل ما أرادته الإنفراد بنفسها لبعض الوقت ، وكانت شقتها التى تجاور المكتب هى الحل الأمثل .

خلعت حزائها زو الكعب العالى وألقته خلف الباب ، ودخلت بخطوات متباطئة وهنة وهى تخلع الجاكت القصير الذى ترتديه وتلقيه على أحد الكراسى ،ألقت بنفسها على الكنبة العريضة زات الثلاث مواضع ،
مدت يدها لحقيبتها تجذبها من على الأرض ، فتحتها واخرجت الهاتف واتصلت بريهام ، اخبرتها أنها تحتاج للحديث معها ، فإن استطاعت فلتأتى لشقتها .
بالطبع استحست ما يقلقها فى صوت فريدة ، وقررت موافاتها فى شقتها لتطمئن عليها .

اغمضت عينيها ، ومر لقائها بهم كشريط فيديوا فى عقلها ، موقف تلو الآخر ، كل رد فعل من كل شخص ، هل أجادت الحديث أم لا ، تمالكت نفسها أم فقدت رباطة جأشها مع رد أحدهم ، حتى وصلت للموقف الذى دافع فيه عنها ، وإعلانه أمام الجميع بصوت عالى أنها زوجته ، واستمرت الجملة تتردد مرارا داخل عقلها .. متنساش أنها مراتى ..

رضيت تماما عن ما قامت به ، إلى أن وصلت لموقفها الأخير مع عادل ، وبحركة لا إرادية منها رفعت يدها تتلمس شفتيها مكان قبلته ، ابتسمت ابتسامة خفيفة ظهرت على وجهها وهى مغمضة العينين ، سرعان ما انمحت فور تذكرها ما قررته وهى فى الطريق إليهم ،
قررت بأن لا تترك للضعف طريق لقلبها حتى تنتهى من لقائها بهم بنجاح.
وما فعلته مع عادل كان قمة الضعف نفسه ، صحيح أنها قد انتهت وقد كانت فى طريقها للخارج آنذاك ، إلا أنها لم ترد أن يحدث هذا فى ذلك الوقت بالذات .

انتفضت وفتحت عينيها على طرقات متلاحقة على باب مكتبها . صوت الطرق مع رنين الجرس عالى ، قد وصل إليها بسهولة ،

وقفت خلف الباب تنظر من الحلقة الخفية أو العين السحرية كما يسمونها ، ثم عادت للخلف من دهشتها وألقت نظرة ثانية لتتأكد ،

وقالت بصوت منخفض …بيعمل ايه هنا ده دلوقتى …

ويبدوا انه مصمم ، فيده لم ترتفع من على زر الجرس والاخرى على الباب تطرقه بتواصل .

أحضرت الجاكت الذى كانت ترتديه وارتدته وعدلت جزائها وارتدته ،
فتحت الباب ووقفت أمامه مربعة زراعيها أمام صدرها وعلى وجهها علامات الغضب ،

فوجئ محمود بها أمام الباب المقابل ، ويبدوا أن الأمر لم يتضح له ،

قالت بغضب … فى ايه ياأستاذ محمود ، انت مش عارف ان المكتب آخره الساعة 6 …

قال بتردد واضح .. انا ، انا اسف اوى ، انا بس ، اصلى …

… بس ايه واصل ايه ، مالك كدة ، انت سكران …

.. لا ابدا ، مش سكران ولا حاجة ..

.. أستاذ محمود ..

قال وعينيه فى الأرض .. هم كاسين بس مش اكتر …

انتقلت بعينيها بين شعره المبعثر وملابسه الغير منظمة ، لم تره بهذه الهيئة من قبل ،فقد كان دائما أنيقا ، مهتما بشكله ويعلم قيمة جسده الممشوق ويتعامل على هذا الاثاث ، رأفت بحاله ، ففى يوم من الأيام قد تعهدت لنفسها أنها سترد جميل أبيه فيه هو شخصيا ، خاصة بعدما قال

… أرجوكى ، انا بس كنت محتاج أتكلم معاكى ، محدش يعرف إللى انا فيه غيرك انتى وبس ، وانتى بنفسك طلبتى منى مقولش لحد ،
أرجوكى ياأستاذة ، خمس دقايق وبس …

كلامه كان بطريقة محزنة أثرت فيها وجعلتها ترأف بحاله ، دخلت الشقة وعادت وفى يدها المفتاح ، تقدمت من باب المكتب وفتحته ،
دخلت ودخل خلفها ،
… سيب الباب مفتوح … قالتها له عندما وجدته يغلق الباب من خلفه ، فتركه كما هو ،
أشارت ناحية الحمام وهى تقول … ده الحمام ، اغسل وشك وفوق كدة وتعالى …

أزعن لطلبها بخجل واضح ، وبالفعل دخل الحمام ،
لم تدخل لمكتبها بل اتجهت هى لقاعة الانتظار المقابل لمكتب ريهام وانتظرته هناك بعدما صنعت كوبين من النسكافيه فى بوفيه المكتب ،

كان شكله أفضل بعض الشئ بعدما خرج من الحمام ، رأاها من بعيد تجلس وأمامها الأكواب على الطاولة الصغيرة المتوسطة للغرفة .

جلس فى خجل ، أعطته الكوب ولم تتح له الفرصة حتى ليشرب

قالت … انت عامل فى نفسك كدة ليه ؟ ده اللى اتفقنا عليه …

… انا تعبان اوى ، ومش عارف اعمل ايه ، انا تقريباً بضيع ، مش متخيل فكرة أن تعب ابويا وتعبى يضيع بالشكل ده ، أرجوكى ساعدينى ، انتى الأمل الوحيد اللى قدامى ده …

… أنا فعلا وعدتك انى هساعدك ، بس انا مجرد عامل مساعد ، انت الأساس ، انت اللى هتعمل كل حاجة ، واديتك الأساس اللى هتبدأ عليه …

…أنا بدأت بالفعل و درست الملف اللى اديتيهولى كله ، ورقة ورقة و اسم اسم ، وفعلا بحاول أنهى بعض التعاملات من غير ما يعرف ، ومبالغ كبيرة شيلتها وخفيت تماما أثرها من على الأوراق ، دى شركتى برده ، أعرف خفاياها كويس اوى …

… كويس اوى ، ايه المشكلة بقى …

… المشكلة انى خايف ، خايف اوى أن كل اللى بعمله يضيع فى الفاضى ، انا عندى استعداد ادفعلك اللى انتى عايزاه بس تبقى معايا خطوة خطوة ، لحد ما أبعد مازن عن الشركة وأقدر ارجعها زى ما كانت ،
أرجوكى يافريدة ، انا مش بثق غير فيكى …

فكرت لثوانى وعينيها متعلقة به ثم قالت

… اسمعنى كويس ، عشان اقدر أساعدك وأقدر ادخل فى موضوع زى ده ، محتاجة زهنى يكون صافى ، وأنا عندى شوية مشاكل بخلص فيها ، انا ناوية أسافر يومين وبعدها …

لم يعطها فرصة لتكمل كلامها ، فعندما سمع كلمة سفر ، انتفض من مكانه بحركة مفاجأة وجلس بجانبها وامسك بيدها وهو يقول

… لالا ،، سفر لا ، لو سمحتى خليكى هنا ، خلصى مشاكلك وانتى هنا وفى نفس الوقت تساعدينى ….

قالت فريدة بغضب لكن بصوت متمالك وهى تنظر ليديه التى تحتضن يدها بقوة … أستاذ محمود ، مينفعش كدة …

انتبه لوضعه منها ، ابتعد عنها بخجل واضح وهو يقول
… انا اسف اوى ، سامحينى …

استقامت واقفة وهى تقول … تقدر تتفضل دلوقتى ، وأنا هفكر فى كلامك كويس وارد عليك …

قال بلهفة … بكرة ، هتردى عليا بكرة …

ابتسمت من لهفته هذه وقالت

… بكرة ، بس بشرط …

… أنتى تؤمرى …

أمسكت بالكوب الخاص به ووضعته فى يده وهى تقول
… تشرب وانت مروح ،تاخد دش دافى وتنام كويس اوى عشان ترتاح ، بكرة الصبح تروح عادى جدا شغلك وتكمل اللى كنت بتعمله ، وعلى الساعة 3 تكون عندى هنا فى المكتب ، أوكى …

ابتسم من بساطة ما قالت رغم تشبعه بمعانى قوية ، وقال

… اوكى …

غادر المكتب وهى مازالت على وضعها فى صالة الانتظار ، دخلت ريهام وهى تسلم على فريدة ، وتتأكد منها أن من رأته فى الأسفل هو محمود سرحان بنفسه ،
قصت عليها ما تم بينها وبينه ،
ثم قصت عليها ما تم فى بيت عائلة المصرى ،

… كدة كويس ، الحمد لله أنك انتهيتى من الموضوع ده ،
إنما عادل بقى ، الموضوع بينكم مش هيبقى سهل ابدا ..

.. عارفة ، و ناوية اسيب كل حاجة على وضعها لحد ما اشوف ايه اللى هيحصل …

… وبرده مينفعش سفر دلوقتى …

… تعبانة ومحتاجة ارتاح شوية ياريهام …

.. مينفعش يافريدة ، ده احنا عندما اكتر من 25 ملف متعلقين غير اللى احنا شغالين عليهم ، فترة جوازك دى عطلت ملفات كتير اوى ، وانتى عارفة أن أن انتى اللى بترسمى والكل بينفذ ، يعنى سفرك هيبوظلنا الدنيا اكتر …

سكتت فريدة ولم ترد
تابعت ريهام قائلة … لازم تلغى حكاية السفر دى دلوقتى ، نركز فى المكتب شوية ونخلص الشغل اللى فيه وبعدين سافرى براحتك …

رفعت فريدة رأسها لترد عليها ففوجئت بالواقف على الباب ،
تصلب جسدها تماما وانتصبت واقفة وعينيها متعلقة به لا تحيد عنه ،
التفتت ريهام لترى من كان لرؤيته مثل هذا التأثير على فريدة ،

… دكتور عادل ، اتفضل حضرتك ، واقف على الباب كدة ليه …

دخل وعلى ملامحه الجمود الواضح ووقف قبالة فريدة وقال لها

.. انا اسف ، بس حاولت ارن على تيليفونك ، لقيته مقفول ..

… خير ياعادل …

…جدى تعب اوى وراح المستشفى ، ومصمم يشوفك …

سكتت لبرهة ثم قالت … آسفة ، مش هقدر اروح ..

أصابته الصاعقة من ردها … فريدة ، بقولك ، جدى بيموت وعايز يشوفك …

… ليه ، ناوى يطلب منى انى اسامحه ، مش هسامحه ، ليه بقى المشوار والتعب ، بلغه انت بس …

… فريدة ، الموضوع مش هزار …

… والله ، وحد قالك انى بهزر ، مش هروح لحد …

… ايه ، انتى ايه ، قلبك حجر ، بقولك بيموت …

… انا مش هجادلك كتير ، انت ملكش فيه تبلغه وبس ، قوله فريدة قالت لا …

استشاط غضبا حتى ظهر عرقى رقبته جليا واحمر وجهه ،
وفى حركة واحدة اقترب منها وامسكها من زراعها بكامل قوته وقربها منه
وقال
… هتيجى معايا ودلوقتى حالا …

لم يكن يعلم أنه قد أيقظ الغضب الكامن داخلها بما أقدم عليه بفعلته هذه ، إلا العنف مع هذه المرأة ،

قالت بثقة كاملة و وغضبها اضعاف اضعاف ما يحمله هو

… لأ ، مش هروح ، وسيب ايدى ياعادل احسنلك ….

ترك يدها وعاد خطوتين للخلف ثم قال بحزن
… انا مكنتش فاكر انك كدة …

احابت بضحكة ساخرة وهى تتحسس زراعها مكان قبضة يده

… روح بس قوله فريدة مرضيتش تيجى وبتقولك داين تدان ، وهو هيفهم …..

تركها وخرج وهو آسف ومصدوم من ردها ، فطوال الطريق وهو يتخيل أنها ستأتى معه وتسامح جده ويسامحها وتعود له وينتهى الأمر ،

يتبع…..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية دموع ممنوعة)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى