رواية خلف قضبان العشق الفصل الثاني 2 بقلم سارة علي
رواية خلف قضبان العشق البارت الثاني
رواية خلف قضبان العشق الجزء الثاني
رواية خلف قضبان العشق الحلقة الثانية
” عمك خطبك مني … لخالد ابنه … وأنا موافقة … ”
تأملت والدتها الصدمة التي أحتلت وجهها بقلق عندما نطقت ريم أخيرا بذهول ما زال مسيطرا عليها :-
” كيف تفعلين شيء كهذا …؟! كيف توافقين على هذا الهراء ..؟؟”
هتفت والدتها مدافعة عن نفسها :-
” ما المشكلة في ذلك ..؟! خالد ابن عمك … ”
قاطعتها بعدم استيعاب :-
” متزوج ، انه متزوج يا ماما …”
هتفت والدتها بتروي:-
” زوجته لا تستطيع الانجاب … ما المشكلة في زواجك منه ..؟!”
” لا يمكن … هذا مستحيل …”
نطقتها ريم برفض لتهتف والدتها وهي تتقدم نحوها :-
” عزيزتي افهمي … خالد سيتزوج … خالد يحتاج إلى طفل … وزوجته لا تستطيع انجاب ذلك الطفل له … ”
تنهدت بصوت مسموع ثم اضافت :-
” وأنت أرملة .. ولديك طفلة …”
” أستطيع تدبر أمري بنفسي ..”
قالتها ريم بإباء لتهتف والدتها برفض :-
” تتوهمين ذلك … أنت مهما حدث ستبقين بحاجة رجل جانبك وأب لطفلتك اليتيمة ولن يكون هناك أفضل من خالد … خالد ابن عمك الذي نعرفه جيدا وهو الوحيد الذي يمكنك أن تأتمنيه على رعاية طفلتك …”
صاحت ريم :-
” أفيقي يا ماما .. خالد متزوج .. لديه زوجة …”
هتفت والدتها بثبات :-
” سأكررها مجددا … زوجته لا تنجب … وهو سيتزوج عاجلا أم آجلا … أنت أو غيرك … لذا فأنتِ أولى به من غيرك …”
تنهدت ثم هتفت بعدها :-
” حكمي عقلك يا ريم … أنت تحتاجينه مثلما هو يحتاجك … أنت ستمنحينه الطفل الذي يتمناه منذ سنوات وهو بدوره سيمنح ريتاج أبوتها المفقودة .. لا تنسي إن ريتاج ما زالت صغيرة وما زالت بحاجة لأب يرعاها ويهتم بها … وأنت بحاجة لمن يساعدك في تربيتها …”
أضافت وهي تربت على وجهها بحنو :-
” كما إنك ما زلت شابة صغيرة .. من الظلم أن تعيشي طوال حياتك عزباء دون رجل يعتني بك ويبدد ظلمة وحدتك …”
همست ريم بصوت متحشرج :-
” لا أستطيع .. أنا أساسا لا أفكر بالزواج .. كيف تطلبين مني الزواج مجددا ومن رجل متزوج …؟!”
” هذا الرجل خالد … إنه خالد يا ريم … الرجل الذي أحببته يوما ولا أعتقد إنك توفقتِ عن حبه أبدا…”
أنهت والدتها كلماتها وتركتها بعدما قالت ما تحتاجه وداخلها يتمنى أن يترك كلامها آثرا في نفس ابنتها ..
***
فتحت عينيها على صوت حركته في الجناح …
اعتدلت في جلستها وهي تتأمله يتحرك حاملا بيده بعض الملفات …
زفرت أنفاسها بصمت مفكرة في ليلة البارحة وحديثه الصارم معها وهو يخبرها بعدم التطرق لهذا الموضوع مجددا …
ورغما عنها شعرت بتأنيب طفيف في ضميرها ولامت نفسها لإنها بدلا من تجاوبها معه في رغبته الواضحة بها وبقربها اختارت أن تتطرق لهذا الموضوع وتفسد الليلة بأكملها ..
لم تكن هذه المرة الأولى …
في الواقع هذا كان حالها أغلب الوقت خاصة بعد كل زيارة لطبيبتها …
عودتها بعد كل زيارة وهي تدرك شبه استحالة حصولها على طفل …!
آلمها الذي تفشل في إخفاؤه ..
تباعدها عنه بل عن الجميع …
أحيانا تلوم نفسها فهي في آخر عامين باتت لا تفكر سوى بأمر الإنجاب وقد انعكس هذا الأمر كليا عليها وعلى حياتها وعلاقتها مع زوجها بل و جميع من حولها …
” صباح الخير …”
تمتمت بها بخفوت وهي تتجاهل أفكارها هذه ليرد تحيتها قبل أن يهتف بجدية وهو يتوقف أمامها :-
” أنا سأسافر مساء اليوم يا سلمى …”
طالعته بدهشة ؛-
” تسافر …”
أومأ برأسه وهو يضيف بإيضاح :-
” هناك عمل طارئ في تركيا يحتاج لوجودي …”
” متى ستعود …؟!”
سألته بوجوم ليجيب :-
” ليس قبل إسبوعين ….”
أضاف مبررا :-
” هناك عدة أعمال أحتاج لإنجازها قبل عودتي حتى لا أضطر للسفر هناك مجددا قبل عدة أشهر …”
” متى ظهر هذا السفر …؟!”
سألته بضيق خفي ليهتف بهدوء :-
” حدثت مشكلة صباح البارحة في موقع الشركة .. انتظرت أن يتم حلها دون حاجة لوجودي لكنهم لم يستطيعوا ذلك …”
أنهى كلماته قائلا :-
” جهزي لي حقيبة سفري فأنا لا وقت لدي لذلك …”
ثم تحرك يغادر الجناح بينما بقيت هي ساكنة مكانها تتسائل عن سبب سفره المفاجئ وهي تدرك إنه لا يكذب وإن ما يقوله مجرد حجج واهية لن تنطلي عليها …
***
مساءا …
وقفت تتأمله بينما ينهي ارتداء ملابسه قبل أن يستدير نحوها يهتف بجدية :-
” يمكنني تأجيل السفر إلى صباح الغد كي أرتب حجزا لك لتأتي معي …”
” لا داعي لذلك …”
تمتمت بها بخفوت ليتقدم نحوها محتويا وجهها بين كفيه متسائلا بحنو :-
” متأكدة إنك لا تريدين السفر معي …”
هزت رأسها نفيا بينما تتأمله بعينين لامعتين لينحني نحوها مقبلا جبينها ببطأ قبل أن يهمس وهو يبتسم لها بلطف :-
” اعتني بنفسك .. وإذا حدث وغيرت رأيكِ تواصلي معي وأنا سأحجز لك أول طائرة قادمة إلى هناك …”
ابتسمت بتصنع وهي تهمس :-
” لا تقلق علي .. أنا بخير …”
تنهد قائلا :-
” يسعدني ذلك … ”
أضاف بجدية شعت من ملامحه الوسيمة :-
” دائما كوني بخير يا سلمى … من فضلك …”
نهضت من مكانها فجأة وعانقته بطريقة أثارت دهشته قبل أن يبادلها عناقها مستغربا من مبادرتها هذه …
كانت أول مرة تبادر فيها وتعانقه والغريب إنه لم يكن عناقا عاديا ..
كان عناقا متطلبا …
عناقها ترجم رغبتها في حنوه ورعايته وربما طمأنته لها ولقلبها المذعور من القادم …
أغمض عينيه وهو يشدد من عناقها ويمنحها ما تحتاجه …
رغم كل شيء هو يفهم عليها …
يفهم ضياعها .. مخاوفها و تخبطاتها ..
ابتعد عنها محتضنا وجهها بين كفيه قبل أن يهمس مشاغبا :-
” أين كان هذا العناق ليلة البارحة …؟! ”
ابتسمت بخجل عندما مال نحوها يطبع قبلة بطيئة على شفتيها ثم يهمس من بين أنفاسه الدافئة :-
” ما زلت لا تريدين السفر معي …”
نطقت بسرعة :-
” سافر أنت الآن وأنا سألحق بك بعد يومين …”
أضافت مبررة :-
” سأذهب لزيارة ماما غدا فأنا لم أزرها طوال هذا الأسبوع …”
مد كفه يتخلل خصلات شعرها الناعمة بأنامله هامسا بجدية :-
” سأحجز لك تذكرة للسفر حالما أصل وأخبرك بالموعد حسنا …”
اومأت برأسها عندما تحرك بعدها يغادر المكان تتابعه هي بعينيها …
دقيقتان وتحركت بعدها خلفه بتردد سرعان ما كبحته وهي تهبط إلى الطابق السفلي حيث دلف هو إلى صالة الجلوس ليودع والديه ..
وقفت بالقرب من صالة الجلوس تسترق السمع الحديث الدائر بينهما بحذر …
***
تقدم خالد من والديه مرددا بجدية :-
” أنا يجب أن أسافر إلى تركيا .. لدي عمل هام يجب أن أنتهي منه …”
هتف والده مدهوشا :-
” من أين ظهر هذا العمل الآن ..؟!”
أجاب خالد بهدوء :-
” عمل طارئ يا أبي …”
هتفت والدته بابتسامة حانية :-
“تصل سالما باذن الله …”
” لحظة …”
قالها والده موقفا اياها بينما يضيف بتجهم :-
” لا يوجد عمل أو ما شابه .. أنت تتعمد السفر … ”
” بلى ، يوجد عمل …”
قالها خالد بثبات ليهتف والده بسخرية مقصودة :-
” لم أعهدك كاذبا …”
” حسنا …”
توقف خالد لوهلة ثم أضاف بجدية :-
” سفري حاليا أفضل …”
سأله والده بغضب :-
” أنت تهرب من ابنة عمك .. أليس كذلك ..؟!”
احتقنت ملامح سلمى بغضب وآلم في آن واحد بينما تستمع لحديث والد زوجها والذي لم يكن يختلف عن افكارها عندما سمعت خالد يجيب :-
” ليس تماما .. أنا فقط أحاول تفادي المشاكل …”
” آية مشاكل …؟!”
هتف والده بضيق ليهتف خالد بحكمة :-
” وجودي هنا مع ريم في نفس المنزل لن يكون مقبولا ولا جيدا …”
” لمن ..؟! لك ..؟! لريم ..؟! أم لزوجتك …؟!”
سأله والده بتهكم ليجيب خالد بثبات :-
” لي ولزوجتي …”
” هي من طلبت من السفر إذا …”
قالها والده بغضب وتحامل ليهتف خالد بجدية :-
” هي لا دخل لها بهذا .. أنا من أردت ذلك .. ”
” أنت تراعيها بشكل مبالغ بها …”
قالها والده بتهكم ليهتف خالد غير مصدقا :-
” لم كل هذا التحامل على سلمى ..؟! حقا لا أفهم …”
” لست متحاملا …”
قالها والده بتجهم وهو يضيف بثبات :-
” أنا فقط لست راضيا عن هذا الوضع … إطلاقا يا خالد …”
” ولكنني راضي …”
قالها خالد بثبات ليصيح والده به :-
” لإنك لا تفهم ولا تدرك مصلحتك ..”
أضاف وهو ينهض من مكانه يخبره بحزم :-
” اسمعني جيدا … أنت ستتزوج ريم …”
ارتجف جسد سلمى كليا بينما ملأت عينيها العبرات عندما هتف خالد برفض قاطع :-
” مستحيل … لن يحدث هذا … أنا لن أتزوج …”
” ستتزوجها يا خالد …”
قالها والده بثبات وهو يضيف :-
” أنا أريد أحفاد .. وأنت تحتاج لأطفال من صلبك …”
” وسلمى ، ألم تفكر بها ..؟!”
سأله بعدم تصديق ليهتف والده ببساطة بينما دموع سلمى شقت طريقها فوق وجنتيها :-
” سلمى ستبقى زوجتك .. معززة مكرمة …”
” سلمى لا يمكن أن توافق …”
قالها خالد بجدية ليقول والده :-
” إذا كانت تحبك ستوافق … وإذا لم تفعل … فهي لا تحبك وأنانية لا تفكر سوى بنفسها …”
” لا أصدق ما تقوله …”
قالها خالد بعدم استيعاب بينما يضيف :-
” أنت كنت تحب سلمى وتراعيها للغاية و …”
” وما زلت أحبها … والدليل إنني إخترتها زوجة لك …”
تنهد والده ثم اضاف :-
” سلمى ابنة صديق عمري … ”
” من الجيد إنك ما زلت تتذكر ذلك …”
قالها خالد بتهكم ليمنحه والدته نظرات محتدة عندما أضاف خالد بهدوء :-
” لا تنظر إلي هكذا يا أبي.. منذ أن ظهرت مشاكل سلمى في الانجاب وانت تغيرت معها … ”
تنهد مضيفا :-
” أنا لا يمكنني إيلامها بهذه الطريقة …”
” ستتزوج ريم يا خالد…”
” لن أفعل …”
قالها خالد بثبات لتتسع عينا والده وهو يهتف :-
” تعاندني يا خالد …”
” لم أفعلها مسبقا .. لا عندما طلبت مني فسخ خطبتي من ريم ولا حتى عندما طلبت مني الزواج من سلمى … ”
أخذ نفسا عميقا ثم أنهى حديثه بحسم :-
” لن أتزوج على سلمى …”
أغمضت سلمى عينيها بألم عندما صدح صوت والده يهتف بجدية :-
” لا يمكنك الرفض .. أنا خطبت ريم وهي وافقت …”
كتمت سلمى شهقة كادت أن تصدر منها ما إن سمعت حديث والد زوجها لتتجه بسرعة عائدة إلى جناحها بينما تطلع خالد اليه بصدمة قبل أن يهمس بغضب :-
” اسمعني يا أبي .. أنا لن أتزوج بهذه الطريقة .. أبدا…”
أخذ نفسا عميقا قبل أن يضيف :-
” أنا مضطر للمغادرة حاليا بسبب موعد طيارتي …”
” غادر وعندما تعود سنتحدث مجددا ولا تنسى إن ريم وافقت ومن غير المعقول أن تتراجع عن خطبتها بعد هذا …”
نقل خالد بصره بينه وبين والدته بعدم تصديق عندما هتفت والدته بسرعة :-
” غادر انت الآن يا عزيزي …”
أضافت تهمس له :-
” لا تعاند والدك أكثر .. سافر وأنا سأتحدث مع ريم وأفهم ما حدث …”
ثم منحته نظرة مطمأنة ليهز رأسه بخيبة وهو يتحرك خارج المكان وعقله يتخبط في أفكاره ولا يعرف كيف يتخلص من هذه الدوامة التي أدخله به والده دون معرفته …
***
سارعت تجمع أغراضها سريعا …
وضعت كل ما تراه أمامها بعدم تركيز…
تحركت بعدها تغير ملابسها سريعا ثم سحبت حقيبتها وتحركت مغادرة الجناح …
هبطت درجات السلم عندما رأت حماتها التي نظرت لها بدهشة قبل أن تسألها :-
” أين ستذهبين يا سلمى …؟!”
همست بعينين دامعتين :-
” سأترك المنزل …”
” ماذا ..؟!”
هتفت بها حماتها مصدومة عندما همست هي بإبتسامة يائسة :-
” هنيئا لخالد بزواجه من ريم … بلغي له مباركتي عندما يعود …”
” سلمى ابنتي .. افهمي اولا .. خالد لن يتزوج …”
قاطعتها بثبات :-
” من فضلك يا خالتي … لا داعي لآية مبررات … لقد سمعت كل شيء … وأنت بالتأكيد لا تنتظري مني البقاء هنا حتى أرى زوجي يعقد قرانه على أخرى غيري …”
ثم اندفعت تغادر المكان دون أن تمنح فرصة لحماتها بقول المزيد …
…
تحركت في سيارتها بعينين باكيتين عندما إضطرت بعد دقائق أن تركن السيارة على جانب الطريق وقد أغرقت الدموع عينيها وجعلتها غير قادرة على رؤية المزيد …
إلى متى ستتحمل هذا الوضع …؟!
إلى متى ستدفع ثمن عدم قدرتها على الإنجاب ..؟!
تذكرت قبل أعوام عندما أدركت صعوبة إنجابها …
صدمتها وقتها …
والأسوء صدمة حبيبها الذي تخلى عنها بعدما علم بذلك …
تخلى عنها بكل بساطة …
ما كان عليها أن تتزوج بعدها ..؟!
ما كان عليها أن تثق بأي رجل من بعده ..؟!
ابتسمت ساخرة وهي تمسح عبراتها متذكرة ما حدث …
كيف اقتنعت بحديث والدها الذي نصحها بقبول عرض خالد للزواج منها …؟!
والأسوء إنها لم تخبره بمشكلتها الصحية …
نعم هي أخفت عنه مشكلتها …
تعمدت اخفاء ذلك ..
أين كان عقلها وقتها ..؟!
ماذا كانت تنتظر ..؟!
هي فقط كانت تأمل أن تتعالج وتحمل بعدها ولكن أتت الرياح عكس توقعاتها وهاهي تحتاج في هذا الجحيم منذ أعوام …
ربما هي تدفع ثمن خداعها له …
ربما كان عليها أن تصارحه ..
ولكن ماذا تفعل ..؟!
لو كانت أخبرته لما تزوجها …
لرفضها كما فعل حبيبها ..
لم يكن أمامها حل سوى الصمت …
وهاهي تدفع ثمن صمتها وخداعها …!
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية خلف قضبان العشق)