رواية خلف قضبان العشق الفصل الثالث 3 بقلم سارة علي
رواية خلف قضبان العشق البارت الثالث
رواية خلف قضبان العشق الجزء الثالث
رواية خلف قضبان العشق الحلقة الثالثة
في منزل والدها …
كانت سلمى متكورة بجسدها فوق سريرها بملامح فقدت الحياة …
تشعر بانطفاء روحها تماما …
لم تكن تعلم إن فكرة زواجه من أخرى ستؤلمها إلى هذا الحد والأهم إنها لم تعتقد ولو مرة إن احتمالية خسارة خالد ستتبعها لهذه الدرجة …
ومجددا تتأكد إنها لا تريد خسارته ولا تستطيع تحملها …
خالد بات عالمها الذي لا تريد الإنفصال عنه …
تعلقت به رغم كل شيء وبات هو حصنها الآمن …
رغم عدم وجود مشاعر حب جارفة بينهما فهما تزوجا بشكل تقليدي تماما ..
زواج اعتيادي نتج عن اقتناع كلا منهما بالآخر …
ولكن مع مرور السنوات تعلقت هي به فهو لم يحرمها من دعمه ورعايته وحنوه الدائم …
كان مراعيا لها على أقصى حد …
يحنو عليها دائما …
يعاملها في كثير من الأوقات كطفلته التي تحتاج لمن يحتويها …
لم يمنحها خالد عشقا ولكنه منحها سندا ودعما ورعاية لم تجدها عند سواه …
منحها أبوة افتقدتها برحيل والدها ..
ارتجفت شفتيها بينما تشكلت الدموع في عينيها مجددا …
الحرمان منه سيكون صعبا … صعبا للغاية …
ولكن ماذا تفعل …؟!
هل تقف في طريقه …؟!
هل تحرمه من حقه في الأبوة …؟!
وحتى لو فعلت …
هل ستتجاهل صوت ضميرها الذي يجلدها دون توقف …؟!
ضميرها الذي يخبرها إنها خدعته ..
غشته بأسوأ طريقة ممكنة بينما هو لا يستحق ذلك …
ما كان عليها أن تفعل ذلك أبدا…
كان عليها أن تنسحب من حياته على الأقل طالما هي عاجزة عن إخباره الحقيقة …
لكنها لم تفعل أيا منهما …
لم تخبره بالحقيقة ولم تنسحب من حياته كذلك …
تمسكت به بكل أنانية ممكنة ولم تحاول حتى أن تخبره حقيقة مرضها الذي تدركه قبل زواجهما بأعوام …!
تأملت انعكاس صورتها بالمرآة …
ملامح وجهها البائسة …
الحزن الذي يكسو ملامحها …
تساقطت دموعها بغزارة …
بكاء صامت سرعان ما تحول إلى نحيب وهي تدفن رأسها في مخدتها …
بقيت تبكي لفترة لا تدركها حتى استسلمت للنوم بعدها كمهرب مؤقت من تعاسة أفكارها …
***
فتحت عينيها في صباح اليوم التالي على صوت زوجة والدها وهي تهمس بإسمها بحذر لتعتدل في جلستها بسرعة وهي تتسائل بقلق :-
” ماذا هناك ..؟!”
أجابتها بحذر :-
” حماك في الأسفل .. يريد رؤيتك …”
انتفضت من مكانها تصيح بعصبية :-
” مالذي أتى به ..؟! ماذا يريد مني بعد ..؟!”
تقدمت نحوها تهمس بتروي :-
” عزيزتي اهدئي … ربما يريد قول شيء مهم …”
قاطعتها بتهكم مرير :-
” نعم يريد قول شيء مهم ومهين …”
أخذت نفسا عميقا تحاول السيطرة على انفعالها بينما تخبرها بحسم :-
” أخبريه أن يغادر … لا أريد رؤيته …”
” هل جننت يا سلمى ..؟!”
نطقتها زوجة والدها بعدم تصديق وهي تضيف :-
” تعقلي يا فتاة … قابلي الرجل واسمعيه …”
” بعدما قاله البارحة …”
نطقتها بعدم تصديق لتهتف زوجة والدها بحزم :-
” هو أخطأ في حديثه ولكن تجاهل قدومه ليس حلا …”
هتفت بسرعة :-
” سأتطلق .. وليزوج هو ولده لمن يشاء … هذا أفضل حل للجميع ..”
سارت نحوها تقبض على كفها بقوة تخبرها بتحذير :-
” لن تسمحي له بأن يهدم زواجك بهذه البساطة … كوني قوية يا سلمى … ”
همست بإبتسامة مريرة :-
” ومالذي سأستفيده …؟! بكل الأحوال أنا عاجزة عن الإنجاب …”
قالت زوجة والدها بجدية :-
” ستنجبين باذن الله … سيأخذ العلاج مفعوله عاجلا أو آجلا …”
تسائلت سلمى بعدم تصديق :-
“متى ..؟! ومن قال إن خالد سينتظر ويصبر لأعوام أخرى بعد …؟! مالذي يجبره على ذلك أساسا ..؟!”
” خالد رفض أن يتزوجها …”
قالتها زوجة والدها بحكمة لتصيح سلمى باكية :-
” لكنه سيوافق .. في النهاية هو رجل ويريد طفلا من صلبه .. لن أخدع نفسي أكثر ولن أنتظر حتى يأتي اليوم الذي يتزوج منها رغما عني … لن أقلل من كرامتي .. سأنسحب من حياته وليهنأ هو معها …”
” لم أعهدك ضعيفة هكذا يا سلمى … تخشين حتى من مواجهة عمك …”
همست بها زوجة والدها بصدمة لتتساقط دموعها مجددا فتنحني بجسدها جالسة فوق السرير تاركة العنان لدموعها من جديد …
زفرت زوجة والدها أنفاسها بقهر وهي تجلس جانبها تحاوطها بعناية بينما تخبرها بحنو :-
” صدقيني أنا أقول هذا لأجلك .. لا أريدك أن تكوني ضعيفة ولا أريدك أن تستسلمي بهذه السرعة ..”
رفعت وجهها الباكي نحوها وهي تهمس بصعوبة :-
” ماذا أفعل يعني ..؟!”
” مبدئيا اغسلي وجهك جيدا واهبطي لتقابلي عمك وتسمعني ما عنده وإياك أن تجعليه يشعر بضعفك او استسلامك للأمر الواقع …”
قبضت على ذقنها تهمس بدعم وثقة :-
” لا أخبرك أن تتنازلي يا عزيزتي ولكن هذا لا يعني أن تنسحبي بسهولة وتتركي تلك الفتاة تهنأ بزوجك …حاربي قليلا بدلا من ندمك فيما بعد عندما تستوعبين إنك سلمتها زوجك ببساطة هكذا …”
***
هبطت سلمى درجات السلم وتقدمت نحو والد زوجها الذي ينتظرها في صالة الجلوس بتماسك تحسد عليها …
” صباح الخير …”
قالتها وهي تتقدم نحوه لينهض من مكانه مبتسما برزانة :-
” كيف حالك يا ابنتي ..؟!”
لم يغب عنه نظرتها الساخرة السريعة عندما ردت تحيته بجفاء :-
” بخير .. ”
ثم جلست قباله بعدما عاد هو جالسا فوق كرسيه ليهتف بصوت هادئ جاد :-
” أتيت للتحدث معك … ”
أخذ نفسا عميقا ثم قال :-
” التحدث مع سلمى العاقلة المتفهمة والتي سوف تستوعب حديثي جيدا …”
” مالذي ستقوله يا عمي …؟! أنت بالتأكيد تعلم إنني سمعت كل شيء …”
قالتها بجمود ليومأ برأسه وهو يردد :-
” ولهذا أتيت .. للتحدث بشأن ما سمعتيه …”
هتفت بإباء :-
” لا يوجد شيء نتحدث عنه .. أنت اتخذت قرارك لكنني أرفضه ….”
سألها بهدوء :-
” هل ترين قراري خاطئا يا سلمى ..؟!”
ردت على الفور :-
” نعم ، قرارك خاطئ وظالم أيضا …”
قال بجدية :-
” قراري بزواج ابني من ريم لأجل الإنجاب ظالم ولكن حرمان ولدي من الأطفال وحرماني من رؤية أحفادي أمام عيني قبل رحيلي ليس ظلما من وجهة نظرك …”
احتقنت ملامحها وهي تهمس :-
” أنا ظالمة إذا …”
” لا أقول هذا …”
نطقها بثبات لتلوي ثغرها بابتسامة متهكمة تخفي خلفها قهرها من الحديث والذي لم يحزنها فقط وإنما عاد يحفز عذاب ضميرها الذي لم يتوقف من الأساس …
هو يتحدث عن الظلم وهي بالفعل ظالمة …؟!
ظلمت خالد عندما أخفت عنه وضعها الصحي …
هذا شيء لا جدال فيه …
صدح صوت حماها يضيف بتعقل :-
” ابنتي … خالد ولدي الوحيد … وأنا أريد رؤية أطفاله … كنت أتمنى أن تنجبين هؤلاء الأطفال أنت ولكن هذا النصيب …”
تطلعت إليه بنظرات متألمة عندما تنهد مضيفا :-
” زواج خالد لأجل الإنجاب لن يقلل منك ولا يسيء لك إطلاقا …”
نطقت بعدم تصديق :-
” أنت تريد مني أن أشارك زوجي مع إمرأة أخرى وأتقبل هذا وأتعامل معه كشيء طبيعي … ! ”
” لستِ أول ولا آخر من يتزوج عليها زوجها لغرض الإنجاب …!”
قالها بقسوة تجاهلتها وهي تهمس بصعوبة :-
” لا تقلق يا عمي … أنا لست أنانية .. على العكس .. أنت معك حق … خالد يجب أن يحصل على أطفال من صلبه …”
ارتسمت ابتسامة مرتاحة فوق ثغره لتضيف هي على الفور :-
” ولكن اعذرني يا عمي … أنا سأتطلق منه .. هكذا أفضل … ليس لي فقط .. بل لخالد وكذلك ريم …”
نهضت من مكانها بسرعة وتلك المواجهة باتت ثقيلة للغاية على روحها عندما أنهت حديثها :-
” أبلغ خالد بقراري من فضلك … دعه يطلقني بهدوء …”
توقفت مكانها ما إن صدح صوته :-
” أنت تدركين إن خالد لن يطلقك … هو لن يتخلى عنك .. وبالتالي سيرفض الزواج مجددا … لأجلك …”
نهض من مكانه مضيفا بتجهم :-
” لكنها خطة جيدة … تطلبين الانسحاب من هذه الزيجة وأنت تدركين جيدا إن خالد لن يوافق على هذا …”
التفتت نحوه تصيح بعدم استيعاب :-
” ماذا تنتظر مني ..؟! هل تريد أن آخذه بنفسي وأجعله يتزوج منها ..؟!”
” وهل ترين إن ما تفعلينه شيء طبيعي ..؟! أنت أنانية وأنا لم أخطئ في حديثي هذا …”
تقدم نحوها يهتف بجمود كسا ملامحه :-
” ابني بقي رافضا الزواج لسنوات رغم ادراكه لصعوبة حملك بل ربما استحالته وأنت بدلا من أن تقدرين تصرفه هذا تستغلين نبله معك وتلعبين على وتر المشاعر والتعاطف كي لا يتزوج سواك .. ”
أنهى حديثه بقسوة غير مبالا بتهشم روحها بفعل حديثه :-
” تريدين ربطه جانبك يحيا دون ولد من صلبه يرثه ويرعاه في كبره … إنها قمة الأنانية يا سلمى .. ولا أرى لها معنى سوى ذلك …”
أنهى حديثه وتحرك مغادرا المكان تاركا إياها تعتصر قبضتي يديها بقوة تجاهد مع نفسه لعدم الانهيار مجددا بينما صدى حديثه يتردد في رأسها وقد ترك آثرا عميقا في روحها …
“تريدين ربطه جانبك يحيا دون ولد من صلبه يرثه ويرعاه في كبره … إنها قمة الأنانية يا سلمى .. ولا أرى لها معنى سوى ذلك …”
تكررت الجملة مرارا في رأسها وفي كل مرة تنجح في شطر قلبها إلى نصفين وإشعال ألم روحها وجروحها ..!
***
في مساء اليوم التالي ..
دلف خالد إلى الفيلا بعدما غادر تركيا سريعا عائدا البلاد …
ما إن أخبرته والدته بمغادرة سلمى بعد معرفتها بقرار والده بالزواج من ريم وهو سارع يحجز أول تذكرة عودة إلى البلاد وهاهو نجح في الوصول أخيرا ليجد والدته في استقباله تعانقه وهي تهمس :-
” ترددت في إخبارك لكنني وجدت ذلك أفضل …”
تنهد يخبرها :-
” كنت سأعلّم بكل الأحوال .. سلمى تتجاهل اتصالاتي وحتى رسائلي …”
هتفت والدته بأسف :-
” غادرت المنزل بعد رحيلك بقليل … سمعت كل شيء …”
أضافت بتردد :-
” والدك ذهب اليها صباح البارحة و …”
” ماذا حدث ..؟!”
سألها بوجوم لتهتف بضيق :-
” لا أعلم مالذي قاله لكنه عاد غاضبا للغاية …”
” لماذا يفعل هذا ..؟! لماذا يتدخل في حياتي ..؟!”
أضاف بغضب مكتوم :-
” ألا يكفي ما فعله وقراره بخطبة ريم دون علمي …؟!”
تنهد مضيفا باستياء :-
” لقد حذرته من التحدث مع سلمى …لا أفهم لماذا يفعل هذا … ”
هتفت والدته بأسى :-
” معك حق يا ولدي … صدقني لو كان بيدي لمنعته …”
زفر أنفاسه بضيق ثم همس بتعب :-
” سلمى لن تتحمل حديثه القاسي … أنت تعلمين ذلك .. هي أضعف من أن تتحمل ذلك منه …”
هزت رأسها بإيجاب قبل أن تهمس بجدية :-
” اذهب اليها .. تحدث معها وعد بها إلى المنزل …”
” سأفعل …”
قالها بصلابة وهو يضيف بحسم :-
” ولكن سأتحدث معه أولا …”
ثم اندفع حيث يجلس والده في صالة الجلوس ليجد والده يستقبله بابتسامة باردة وهو يخبره :-
” ها قد عدت من سفرك بسرعة لأجل الهانم …”
” لماذا فعلت هذا يا أبي ..؟!”
سأله بنرفزة ليجيب والده ببساطة :-
” فعلت ما لم تستطع فعله أنت رغم رغبتك الشديدة به … ”
تجهمت ملامح خالد بينما يضيف والده بجدية :-
” راعيت مشاعرها بما يكفي … أذا بقيت مراعيا لهذه الدرجة لن تصبح أبا طوال حياتك بينما ستبقى هي تستغل تعاطفك معها بهذه الطريقة …”
” ربما أنا لا أريد أن أصبح أبا ..”
قالها بغضب ليهتف والده ببرود :-
” كاذب …”
أضاف وهو ينهض من مكانه :-
” أنت تريد ذلك وبشدة … مهما حاولت بل تعمدت إخفاء ذلك …”
أشاح خالد وجهه بضيق بينما همس والده بثبات :-
” أنت تكبر خالد … وتحتاج لأطفال .. سلمى لن تمنحك هؤلاء الأطفال … وحتى لو استطاعت ذلك ليس قبل سنوات طويلة مع إنني أشك في إمكانية إنجابها يوما …”
أخذ نفسا عميقا ثم قال :-
” أنت تراني أنانيا أتدخل فيما لا يعنيني لكنني أحاول إفاقتك من هذه الحماقة التي تحيا بها لأعوام … أتفهم مراعاتك لسلمى وخوفك على مشاعرها ولكن ماذا عنك وعن مشاعرك وأنت ترى جميع من حولك لديه بدل الطفل ثلاثة وأربعة …”
أغمض خالد عينيه بيأس بينما يضيف والده بقهر :-
” وأنا يا خالد.. ألا يحق لي المطالبة برؤية أحفاد من ولدي الوحيد …؟! ”
” لا أستطيع أن أفعل بها هذا …”
قالها خالد وهو يترجاه أن يفهمه ليضغط والده على كتفه بقوة وهو ينهره :-
” لا تفعل يا خالد … تعقل يا بني …”
احتدت ملامح خالد وهو يهتف برفض :-
” لن أتزوج … ”
أخذ نفسا عميقا ثم قال موضحا :-
” اتركني على راحتي … أرجوك يا أبي …”
” ستتزوج يا خالد … أنا خطبت ريم … انتهى هذا الأمر …”
قالها والده بعناد عندما صاح خالد :-
” لن يحدث … لن أتزوج …”
أضاف معاندا :-
” لن أتزوج مجددا بناء على رغبتك يا أبي …”
أضاف بثبات :-
” وريم تحديدا لن أتزوجها … لا أريدها وأنت لا يمكنك إجباري عليها …”
توقف عن حديثه وهو يسمع صوت نداء والدته باسمه ليلتفت إلى الخلف فيجد ريم وراءه وهي التي هبطت لتضع حلا لهذه المهزلة وتخبر عمها برفضها هذه الزيجة لتتفاجئ بحديثه الجارح والمؤلم …
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية خلف قضبان العشق)