رواية خطيئة ميريام الفصل السابع 7 بقلم سارة علي
رواية خطيئة ميريام الجزء السابع
رواية خطيئة ميريام البارت السابع
رواية خطيئة ميريام الحلقة السابعة
منذ أن عادت الى منزلها وعقلها لا يتوقف عن التفكير …
لا يمكن أن يكون ما شعرت به صحيحا …
لقد رأت نظراته الشاردة بها وقتها ….
نهرت نفسها بقوة … هذا مستحيل … هي تتوهم ..
من هي لينظر فارس الصواف لها ..
هي شهد ابنة الخادمة وهو فارس بك ابن العائلة التي تعمل لديهم …
نعم هي تتوهم … هذا أكيد ..
أقنعت نفسها بذلك وهي تنهض من فوق سريرها تتحرك داخل غرفتها الصغيرة حيث تخرج كتبها وملازمها وتبدأ المذاكرة كالعادة ….
كان عالمها مقتصرا على دراستها فقط ….
لكن الآن بات لديها العمل ايضا ..
عملها في شركة السيدة منى والتي سوف تسعى بكل قوتها لاثبات وجودها به …
هي تحتاج لذلك بقوة …
تحتاج لأن تثبت نفسها وتنجح في عملها ليس لأجلها فقط بل لأجل والدتها …
والدتها التي تحتاج الى الراحة بعد سنوات طويلة عملت فيها خادمة لأجلها …
لأجل توفير حياة مريحة لها فوالدها توفي وهي لم تتجاوز العاشرة من عمرها وبالتالي تحملت والدتها المسؤولية كاملة لوحدها …
تنهدت بتعب وهي تنهي مذاكرة احدى محاضراتها قبل أن تقرر اعداد عشاء خفيف لها ..
لملمت كتبها وأغراضها سريعا قبل أن تخرج من غرفتها متجهة الى المطبخ في ذلك الملحق الصغير بالقصر والذي تسكن فيه هي ووالدتها …
أعدت الشاي لها وصنعت سندويش من الجبن لتحملهما وتتجه بهما الى صالة الجلوس الصغيرة فتجلس امام التلفاز وتبدأ بتناول طعامها …
لحظات ودلفت والدتها بملامح مرهقة كالعادة ملقية السلام عليها قبل أن تقول بأسف :-
” تأخرت عليك حبيبتي ولم أعد لك العشاء ….”
ابتسمت شهد وهي تتمتم :-
” لا عليك … ها أنا أتناول طعامي مع الشاي …”
تقدمت نوال نحوها ووقفت قبالها تسألها باهتمام :-
” هل أجهز لك طعاما الآن .. يمكنني اعداد ما تشتهينه …”
قاطعتها شهد بسرعة وجدية :-
” لا داعي لذلك … اساسا شبعت والطعام الخفيف مساءا افضل …”
ابتسمت نوال بينما نهضت شهد وهي تحمل معها كوب الشاي متجهة نحو المطبخ كي تغسله عندما لحقت بها والدتها وهي تخبرها بنفس الابتسامة :-
” اليوم أتى شاب الى القصر يسأل عنك ….”
التفتت شهد مرددة بسرعة :-
” من تقصدين …؟!”
تقدمت والدتها نحوها تخبرها وهي تجذب الكوب منها وتبدأ بغسله :-
” اسمه أياد…”
قالت شهد بسرعة :-
” صحيح .. انه زميلي في الدفعة …”
تمتمت نوال :-
” يبدو شابا محترما وطيبا ….”
فتحت شهد الثلاجة واخرجت منها المياه بينما تؤكد حديث والدتها :-
” نعم هو كذلك …”
ثم أضافت وقد شعرت بما ترمي اليه والدتها :-
” أياد شاب محترم حقا وأنا أعتبره بمثابة أخ لي …”
ظهر الوجوم على ملامح نوال ما ان نطقت شهد بكلمة أخ لتبتسم شهد داخلها على مظهر والدتها قبل أن تخبرها وهي تتجه عائدة الى غرفتها :-
” انا سأنام فغدا لدي يوم طويل بين الجامعة والشركة …”
……………………………..
يجلس في حديقه قصر عائلته على الارجوحة شاردا بها …
لا يفهم كيف جذبته اليها …
كيف باتت تحتل أفكاره …؟!
كيف تشغل باله منذ ظهر اليوم عندما رآها في مكتب خالته …؟!
تنهد بصمت متذكرا ملامحها الهادئة البريئة ..
عيناها الواسعتان الشفافتان …
بشرتها ناصعة البياض وشعرها بخصلاته العسلية الحريرية …
ابتسامتها الناعمة الدافئة …
لم تكن فاتنة الجمال لكن ملامحها اللطيفة كانت تجذبه نحوها كليا لدرجة تجعله راغبا بعدم النظر لسواها …
يريد أن يراها ولا يكتفي من رؤيتها …
صدح صوت شقيقه وهو يتسائل بمرح :-
” مالذي يشغل بالك لهذه الدرجة ..؟؟”
منحه فارس نظرة صامتة ليجلس محمد جانبه وهو يسأله بمكر :-
” هل هناك قصة حب جديدة تلوح في الأفق …؟!”
ابتسم لا إراديا ليضيف محمد بحماس :-
” هذا صحيح إذا …”
تمتم فارس بتحذير :-
” كف عن سخافتك يا محمد … لا مزاج لدي لذلك …”
هتف محمد بجدية :-
” سأتركك على راحتك لإنني متأكد إنه سيأتي يوم وتتحدث إلي من تلقاء نفسك …”
نظر له فارس بطرف عينيه دون رد عندما أضاف محمد بصدق :-
” أتمنى فقط أن يكون اختيارك موفق فأنت تستحق كل خير ….”
شرد فارس لا إراديا في كلماته مفكرا ان وضع شهد يجعلها اختيار غير موفق في نظر الجميع …
ثم سارع يفكر انه لا يعرف عن شهد أي شيء عدا اسمها ومجال دراستها …
تجاهل افكاره الاولى فهو اذا وجدها مناسبة له لن يهتم بآراء من حوله …
نعم سيكون الأمر صعب خاصة على والدته التي تلمح له دائما إنها تبحث عن عروس بمواصفات متكاملة …
والدته التي ترجته عدة مرات ان يخطب حوراء ابنة خاله وهي تعلن دعمها الصريح لها ولرغبتها بالارتباط به …
لكن رغم هذا هو لا يهتم فهو منذ سنوات بات سيد قراره ولا يسمح لأي شخص أن يتدخل في حياته …
إذاً لم يتبقَ له سوى أن يتعرف عليها بشكل كامل ويعرف عنها جميع ما يجهله وحينها سيقرر اذا ما كانت تناسبه بحق والأهم سيرى اذا ما سيحبها بحق أم ما يشعره نحوها مجرد اعجاب ليس إلا …
أفاق من شرودها على صوت شقيقه يردد مازحا :-
” حوراء حتما سوف تقتلك اذا علمت بما يدور معك …”
هتف فارس بانزعاج جلي :-
” ما هذه السيرة الآن ..؟!”
تسائل محمد بجدية :-
” أنت حقا لم تنجذب لها أبدًا …؟! يعني ألم يتحرك شيئا داخلك نحوها ..؟؟ اعجاب على الاقل …”
أجاب فارس بصدق :-
” أبدا … انا لم أهتم بها يوما ولم أنظر لها بتلك الطريقة أبدًا ولن أفعل …”
قال محمد بتردد :-
” ولكنها جميلة جدا و ..”
توقف يلاحظ نظرات شقيقه المتعجبة ليسأل بحيرة :-
” لماذا تنظر إلي هكذا …؟؟”
سأله فارس :-
” هل أنت معجب بها يا محمد …؟!”
لاحظ فارس توتر شقيقه الذي سارع يخفيه وهو يجيبه :-
” أنا !! بالطبع لا .. الفكرة فقط انها جميلة بل فاتنة والجميع يعرف هذا … لذا أستغرب عدم انجذابك ولو قليلا خاصة وهي تحاول بكل الطرق لفت انتباهك …”
تنهد فارس يخبره :-
” ولكن هذا ما حدث .. كون الكثير ينجذبون لها فليس من الضروري أن أكون واحدا منهم …”
هز محمد رأسه مرددا بخفوت :-
” معك حق …”
قال فارس بجدية :-
” كما إن الجمال وحده ليس كافيا .. ما فائدة أن تكون جميلة ولكنها ذات عقل فارغ …؟! ”
منحه فارس نظرة أخيرة محذرة فهو لا يريد لشقيقه ذلك قبل أن ينهض من مكانه متجها الى غرفته تاركا شقيقه لوحده يفكر رغما عنها في كلامه …
………………………………………….
بعد مرور ثلاثة أيام …
كانت شهد تجلس على الكرسي المجاور لمكتب منى تتحدث عن احد المشاريع التي باتت مسؤولية هي ومهندس آخر عنها بينما تستمع منى لها بتركيز شديد وهي تدون بعض الملاحظات المهمة ….
هتفت منى بجدية بعدما أغلقت الملف الخاص بالمشروع :-
” هذا رائع … يمكنك الاتفاق مع المهندس سامر كي تنهيان المخطط الأخير قبل إرساله للمسؤولين …”
” حسنا ..”
قالتها شهد وهي تنهض من مكانها عندما فوجئت كلتاهما بعمر يندفع الى داخل المكتب متجاهلا محاولات السكرتيرة لايقافه ..
صاحت منى بحدة :-
” ماذا يحدث هنا …؟؟”
تحدث عمر بحزم :-
” يجب أن نتحدث وحالا ….”
ثم نظر الى شهد بحيرة وهو يتسائل :-
” أنت تعملين هنا يا شهد ..،؟!”
أجابت منى نيابة عنها :-
” نعم ، شهد طالبة متميزة للغاية … متفوقة في دراستها والآن تثبت نفسها بقوة في مجال العمل …”
تمتم عمر بصدق :-
” هذا رائع .. بالتوفيق يا شهد …”
همست شهد بخفوت :-
” أشكرك يا بك …”
ثم سألت منى بتردد :-
” هل يمكنني المغادرة …؟!”
أومأت منى برأسها دون رد عندما تحركت شهد تخرج من المكتب بسرعة تتبعها السكرتيرة لتعقد منى ذراعيها امام شقيقها وهي تسأله :-
” نعم ..؟! ماذا تريد ..؟! وكيف تقتحم مكتبي بهذه الطريقة الهمجية ..؟!”
هتف عمار بغلظة :-
” لماذا ترفضين مشروعي الأخير يا منى …؟! إلامَ تريدين أن تصلي بتصرفاتك هذه ..؟!”
ردت منى ببرود :-
” انا لا أريد الوصول الى أي شيء … انا فقط لا أريد مشاركتك …”
ضرب على سطح المكتب بكفيه :-
” انا شقيقك يا هذه …”
اندفعت تصيح بغضب :-
” كنت شقيقي … لكن الآن أنت لست كذلك …”
هتف بعدم استيعاب :-
” منذ متى وأنت تحملين كل هذه القسوة داخلك ..؟! منذ متى وأنتِ تكرهيني الى هذا الحد ..؟!”
تمتمت بجمود :-
” من الأفضل لك ألا نفتح دفاترك القديمة يا عمر .. انت تسأل عن شيءٍ تعرف جوابه مسبقا …”
” متى سوف تغفرين لي خطئا لم يكن مقصودا ..؟!”
سألها بضيق لتضحك بعدم تصديق قبل أن تهتف :-
” خطئا غير مقصودا … هل تعتبره هكذا حقا …؟!”
” نعم .. انت تحاسبيني على ما حدث رغم انه لم يكن ذنبي لوحدي بل ذنبها هي ايضا …”
اندفعت خارج مكتبها تتقدم نحوه تهمس بحزم :-
” اسمعني جيدا .. انا لست مثل البقية وانت تعلم .. انا لا أجيد النفاق … ولا أمشي بمبدأ التجاهل والنسيان … انا انسانة أمنح كل شخص ما يستحقه وانت بفعلتك تلك لا تستحق أي شيء منى غير الكره والرفض …”
” هل تستوعبين ما تقولينه ..؟! انا شقيقك …”
قالها بعصبية وهو يضيف بنفاذ صبر :-
” ألا يكفي طريقة تعاملك مع حوراء التي أتجاهلها مجبرا ليس إلا …؟!”
عادت تعقد ذراعيها أمام صدرها وهي تهتف ببرود :-
” ابنتك تستحق ذلك لانها غير محترمة …”
” لا تتحدثي عن ابنتي بهذه الطريقة …”
قالها بحزم لتبتسم ببرود مرددة :-
” ابنتك … ابنتك تلك والتي تتباهى بها طوال الوقت ليست سوى فتاة رعناء تافهة … يكفي ما تفعله مع فارس وتتجاهله انت بكل برود .. ولكنني لن أستغرب هذا .. من أين سترث الأخلاق مثلا ..؟! منك أم من والدتها …؟!”
اندفع نحوها يصيح بها بغضب بلغ ذروته :-
” قلت اخرسي … ألا تفهمين …؟!”
ثم هم برفع يده عليها لتصيح بتحدي :-
” إياك أن تفعلها لإنني لن أرحمك حينها …”
اعتصر قبضة كفه داخله وهو يردد :-
” انا ما زلت حتى هذه اللحظة أضع اعتبار لرابط الأخوة التي بيننا …”
همست ساخرة :-
” رباط الأخوة أنا قطعته بنفسي منذ زمن …”
ثم نظرت اليه مرددة ببرود :-
” دعك مني يا عمر واهتم بأولادك .. اولادك الذين يعيشون بطريقة لا ترضي أحدًا …”
” ما بهم أولادي .. ثلاثتهم بخير …”
ابتسمت بتهكم قبل أن تقول :-
” أي خير بالله عليك …؟! الكبير غارقا كليا في عمله ولا يفكر بشيء سواه … يهمل كل شيء واولهم طفله الوحيد … وكأنه لا يكفي ان والدته تخلت عنه بعد طلاقها .. وأحمد ماشاءالله عليه لا يتوقف عن مصاحبة الفتيات ناهيك عن علاقته السيئة بك و بشقيقته … اما حوراء هانم فهي مستهترة كليا ولا تفعل شيئا مفيدا في حياته .. بعد كل هذا ما زلت ترى إنهم بخير …”
منحها نظرة جامدة اخيرة قبل أن يندفع خارج المكان تاركا إياها تتابعه بنظرات متأسفة …
………………………………..
اندفع الى داخل شركة خالته …
تجاهل ترحيب موظفة الاستقبال به وهو يتجه نحو المصعد ومنه الى المكتب الذي تعمل به …
توقف في منتصف الطريق متنهدا بصمت …
يسأل نفسه اذا ما كانت الحجة التي سيتخذها سببا لمجيئه اليها منطقية أم لا …؟!
تجاهل افكاره وهو يسير متقدما نحوها وكل ما يريده في هذه اللحظة هو رؤيتها وليحدث بعدها ما يحدث …
دلف الى المكتب فلم يجدها …
سأل عنها ليرى احد الموجودين يتقدم نحوه متسائلا :-
” عفوا .. مالذي تريده من شهد ..؟! هل أنت قريبها ..؟!”
رفع فارس حاجبه متسائلا بتهكم :-
” عفوا .. وهل أنت مدير اعمالها …؟!”
وجمت ملامح سامر عندما هتفت احدى الموظفات بجدية :-
” شهد في جامعتها الآن …”
سأل بإهتمام :-
” أين هي جامعتها ..؟!”
أخبرته الموظفة باسم الجامعة ليشكرها بسرعة وهو يتجه خارج المكان حيث جامعتها …
اوقف سيارته في كراج الجامعة وتحرك الى الداخل مبتسما داخله وقد وجد حجة اثر اقناعا ..
هو أتى الى الجامعة التي يعمل بها صديقه المقرب معيدا وسيراها بالصدفة فيلقي التحية عليها …
شعر بنفسه لوهلة مراهقا صغيرا يخطو اولى خطواته في دنيا العاشق لكنه تجاهل افكاره حينها …
أخذ يبحث عنها بعينيه في الحرم الجامعي عندما تجمد في مكانه وهو يرى حوراء امامه تنظر له بدهشة سرعان ما تحولت الى فرحة شديدة وهي تتجه نحو بلهفة …
الآن فقط استوعب أي حماقة ارتكبها فهو نسي إن هذه الجامعة نفسها جامعة حوراء ….!!
وقفت حوراء امامه تهتف بسعادة شديدة :-
” فارس … اهلا بك … مالذي أتى بك الى جامعتي …؟!”
بينما اتجه هو ببصره نحو شهد التي كانت تسير وسط مجموعة من صديقاتها تتحدث معهم بحماس لا يخلو من الابتسامة لتلتقي عيناها بعينيه فتتجمد مكانها هي الأخرى بينما وقف هو حائرا ما بين رغبته الشديدة في التقدم نحوها ووجود حوراء أمامه تنظر له بفرحة وهيام كعادتها …
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية خطيئة ميريام)