رواية خطايا بريئة الفصل الثاني والعشرون 22 بقلم ميرا كرم
رواية خطايا بريئة الجزء الثاني والعشرون
رواية خطايا بريئة البارت الثاني والعشرون
رواية خطايا بريئة الحلقة الثانية والعشرون
المرأة التي تسرق عقل الرجل أذكى من التي تسرق قلبه لأن الرجل لديه ألف قلب وعقل واحد
ديستوفيسكي.
—————–
بعد مرور اسبوعين
كان هو بحالة يرثى لها فبعد ذلك اليوم المشؤوم الذي باته بالحبس وهو يتوافد عليه الكوابيس المرعبة كل ليلة وقد ساءت نفسيته لدرجة كبيرة وخاصًة كونه لم يستطيع بشتى الطرق أن يجدها بعد ما حدث ولا يعلم شيء عن ابنائه مما جعله يكاد يفقد صوابه ويشعر أن شيء كبير ينقصه، ورغم أن الأخرى تحاول أن تحتل تركيزه بشتى الطرق إلا انه يشعر بفتور غريب نحوها، حقًا يستغرب ذاته فمن كانت سابقًا لا يلقِ لها بال ولم يهتم بها يوم؛ أصبحت هي محور أفكاره الآن فقد أصبح لايفعل شيء سوى التفكير بها وكيف أصبحت بعد خسارتها، ورغم أنه يحمل سخط عظيم تجاهها كونها صَعدت الأمر ولكنه يكاد يجن ويطمئن عليها وعلى أطفاله، ولكن كعادته تدخل شيطانه وبرر له انها تثير أعصابه وتثأر لكبريائها لا أكثر بفعلتها وسوف تعود وحينها سيتمكن من التأثير عليها فمازال يكمن بداخله هاجس كونها لا تستطيع العيش دونه وسوف تتفهم اعذاره ككل مرة وتعود إليه وحتى أنه توقع انها ستتنازل عن ذلك البلاغ اللعين الذي سيتسبب في مقاضاته. حقًا التفكير كان ينهكه بشدة لدرجة انه أهمل عمله و جعل أحد العاملين ينوب عنه في كل شيء على أمل أن يجدها ويضع حل لمعضتله معها
ولكن إلى الآن لم يحدث ذلك مما جعله في مزاج عكر طوال الوقت وتثور ثائرته من أقل شيء وبالطبع الأمر لم يعجبها بتاتًا لذلك اعترضت قائلة وهي تقف أمامه وتتخصر بجسدها:
-هو أنت هتفضل في الحال ده لأمتى إن شاء الله أنا زهقت
أجابها بنفاذ صبر وهو يطفأ سيجارته التي لا يعلم عددها لليوم بالمنفضة:
-ابعدي عني يا “منار” أنا مش ناقصك
لوحت بيدها وردت متهكمة:
-كل ده بسبب المسهوكة بتاعتك أيه يعني لما أختفت شوية هي بتعمل كده علشان تغيظك شوية وهترجع دي حركات ستات بايخة وأنا عارفاها
تنهد بضيق وأجابها بثبات حاول أن يتقمصه وثقة ليست ابدًا بمحلها:
-عارف أنها هترجع هي أَجبن من أنها تهرب بولادي…هي بس بتكدني علشان كنت سبب في خسارة اللي في بطنها بس ملحوقة هتروح مني فين مسيرها ترجع
لوحت بيدها وقالت باستخفاف مقيت:
-يوووه بقى خلاص اللي حصل حصل وبعدين مراتك دي مملة أوي ومكبرة الموضوع وعطياه فوق حجمه…وبعدين دي المفروض تحمد ربنا علشان البيبي نزل بدل ما يبوظ جسمها و تعاني مع الوَش والزن والمسؤولية و وجع دماغ
ظل لثوان قتامة بُنيتاه متعلقة بها بملامح جليديدة لا تنم عن شيء، ولكن بداخله كانت المقارنات تطرح لتنهكه أكثر فأكثر فكل مدى ويكتشف أن شتان بينهما، يعلم أن ذلك سر اعجابه بها في بادئة الأمر فكان يظن أنه سيرضي غرور ذاته ويجد الكمال الذي طالما طمع به ولا ينكر كونها ارضت ذلك الذكر الذي بداخله واشبعت رغباته ولكن لمَ يشعر بالفتور الأن تجاهها فهل فعلًا احبها كما ادعى وأخبر الجميع، حقًا لايعلم اجابة لسؤاله فكل ما يشعر به هو الخواء.
طال شروده ولم يعجبها الأمر فهي تعلم انه يفكر في الأخرى لذلك حرضته بنبرة تقطر بالخبث:
-إنت هتفضل ساكت كده المفروض تلاقيها و تخرب الدنيا على دماغها علشان البلاغ الزفت اللي قدمته ضدك
زفر بضيق ورد وهو يمرر يده بين خصلاته الفحمية:
-أنتِ ناسية أنهم مضوني في القسم على عدم تعرض وبعدين هلاقيها فين دي من يوم اللي حصل وهي فص ملح وداب ومش عارف اوصلها لا هي ولا بنت عمها حتى الولاد مش بتوديهم مدرستهم ومسبتش حد غير وسألته عليهم وسبت رقمي مع كل المحلات اللي حولين البيت علشان لو ظهرت يكلموني وبرضو مفيش فايدة
قلبت “منار” عيناها من سيرة تلك الخبيثة التي خربت عليها مخططها وعكرت صفو حياتها التي كانت تتخيلها ستكون أكثر رغدًا عن ذلك الوضع المقيت الذي سئمت منه ومن مماطلته واعذاره الواهية لها فهي تشعر بسر خطير خلف تصرفاته تلك لذلك قررت أن تستغل أسلحتها كي تسبر أغواره وها هي تجلس على ساقيه وتتعلق بعنقه قائلة بنبرة مغوية ماكرة:
-متقلقش يا “سُونة” هترجع هتروح فين يعني أنت بتقول أن ملهاش حد، وبعدين سيبك منها بقى وخليك معايا أنا ذنبي أيه تنكد عليا
أنا زهقت يا “سُونة” أنت طول الوقت سرحان وقاعد لوحدك ومش معايا خالص وكل ما أطلب منك حاجة تقولي بعدين وأنا مش متعودة منك على كده أنا كنت اللي بشاور عليه بتجبهولي أيه اللي حصلك!
زفر بسأم من محاولاتها الشتى التي أصبحت تصيبه بالضجر في بعض الأحيان وقال بمسايرة:
-حاضر يا “منار” أوعدك هنفذلك كل طلباتك بس اديني شوية وقت اشوف حل للمصيبه اللي الهانم التانية وقعتني فيها
عقدت حاجبيها وهبت واقفة تربع يدها اعلى صدرها قائلة بعتاب يغلفه بعض الإنفعال:
-نعم وأنا مالي … وبعدين أنت بتحجج بس علشان مش عايز تجبلي حاجة… انا بجد مصدومة فيك مكنتش فاكرة انك هتبقى بخيل كده، ده من ساعة ما حطتلي المبلغ التافه ده في الفيزا بتاعتي قبل ما نتجوز مطلبتش منك أي حاجة
حانت منه بسمة ساخرة على تبسيطها للأمور فذلك المبلغ التافه التي ذكرته الأن يعد ثروة لأحدهم، ولكن ماذا يفعل كان مغيب تحت وطأة رغبته فتبًا لذلك الشيطان اللعين الذي عبث برأسه حينها
-يووووه انت هتفضل ساكت كده أنا متأكدة إن في حاجة وأنت مش عايز تقولها، ده حتى الشغالة أنا اللي عطيتها مرتبها ومصروف البيت كمان…وحتى شغلك الموظفين قالبين عليك الدنيا ومسؤول الشئون المالية اتصل اكتر من مرة
زفر حانقًا من إلحاحها المقيت الذي لا ينقصه بتاتًا وقال:
-مفيش زفت مخبيه عنك وياريت تحلي عن دماغي أنا مش فايقلك
قالها بنفاذ صبر و بملامح صارمة اغاظتها وجعلتها تتأفف قائلة:
-أفففف بقى انا زهقت منك ومن طريقتك دي، مش دي الحياة اللي كنت متخيلاها معاك
هب واقفًا بعدما ثارت ثائرته وقبض على رسغها قائلًا من بين أسنانه:
-بقولك ايه ده اللي عندي وبلاش تستفزيني علشان انا مش طايق نفسي ومضمنش ممكن اعمل ايه
نظرت له نظرة قوية غير خاضعة وردت وهي تجذب يدها من بين قبضته بكل ثقة:
-هتعمل ايه يعني أنت متقدرليش على حاجة…ولو فاكرني شبه المسهوكة بتاعتك هسكتلك واحط كرامتي تحت رجلك تبقى غلطان
زمجر غاضبًا من تصديها له ومجابهتها له كلمة بكلمة:
-اخرسي و مترديش عليا و متجبيش سيرتها وابعدي عن وشي
رشقته بنظرات متوعدة وقالت قبل أن تكف عن المجادلة:
-هبعد يا “سُونة” بس صدقني أنت اللي هتخسر
لم يكن يريد أن يحتد بينهم الحوار لهذا الحد ولكنها من تستفزه بفضولها وتلك الأسئلة اللعينة التي لا يود أن يخوض بها
فهو على يقين تام إن علمت بشأن أخذ “رهف” لماله لن تصمت وسوف تهزأ منه وتقيم قيامته لذلك كان يتعمد أن يخفي عنها إلى الأن، فقد تجاهل ما قالته كعادته وأخذ يفكر في تلك الألتزامات التي تثقل كاهله فكيف سيتمكن من الإيفاء بها وهو صفر اليدين لا يملك قِرش واحد في حسابه المصرفي فلولا انه وجد مبلغ بسيط في خزنة شركته لم يكن يعلم كيف كانت ستمر تلك الأيام القليلة عليه، فكان يشعر أن رأسه تكاد تنفجر من كثرة التفكير يحاول جاهدًا إيجاد حل وفي أسرع وقت قبل أن يسوء الأمر أكثر
طرقات على باب غرفتهم قطعت تفكيره ليسمح للخادمة بالدخول وفور دلوفها للغرفة قالت:
-في واحد مُحضر من المحكمة عايز حضرتك يا بيه
شحب وجهه وهرول إلى الأسفل وقد تبعته “منار”وما أن قابله قال ذلك الشخص برسمية شديدة:
-استاذ “حسن طايل” ياريت توقع على استلام الاعلان ده
نابت هي عنه السؤال:
-إعلان إيه ده؟
أجابها وهو يناوله القلم كي يوقع بالاستلام:
-قضية طلاق للضرر من قِبل السيدة “رهف حسين”
لاحت على ثغرها بسمة متخابثة أخفتها سريعًا، بينما هو كانت الصدمة حليفته فقد شحب وجهه أكثر وزاغت نظراته وشعر بالصقيع يداهم اطرافه التي تحكم بها بصعوبة كي يضع توقيعه على الورق فكان يشعر بالأرض تميد به ولا يستوعب كونها مقتته لهذا الحد الذي يجعلها تريد مقاضاته والطلاق منه في آن واحد، فيقسم أن آخر شيء كان يريد أن يتوصل له هو خسارتها!
أما عن “رهف” فيبدو أنها لا تشاركه تلك الرغبات الساذجة بل اتخذت قرار قاطع لا رجعة فيه وكيف يكون؛ وقرارها نابع من مستنقع الأفعال المشينة و الخذلان الذي أغدقها به تحت وطأة تلك الخطايا التابعة لفعلته.
——————
-هو مش انا قولتلك متجيش واقعدي في البيت ذاكري امتحاناتك قربت
قالها “محمد” معاتبًا بعدما باغتته ككل يوم وصعدت إلى سيارة الأجرة التي يعمل عليها قبل أن ينطلق بها من منطقتهم
لترد هي عليه ببسمة مشاغبة مفعمة بالحياة:
-حاولت ومعرفتش وبعدين اعمل ايه يعني وحشتني يا “حمود”
-مجنونة اقسم بالله
-طيب وايه الجديد ما أنا عارفة وبعدين متحاولش تنكر أن جناني ده بيعجبك
حانت منه بسمة واسعة وعقب على مشاكستها ومنغاشتها اللطيفة:
-للأسف ما باليد حيلة
اتسعت بسمتها ثم طلبت بحماس:
-طيب يلا بينا انا جعانة وعايزة أفطر فول من على العربية
رفع أحد حاجبيه وقال مشاكسًا:
-أنتِ داخلة على طمع بقى وشكلك هتضربيلي اليوم ومش هشتغل بالتاكس
مطت فمها وتسائلت بترقب:
-هو أنت زهقت مني يا “محمد”
زفر بقوة وأجابها وهو يشملها ببندقيتاه:
-“ميرال” أنا عمري ما اقدر ازهق منك بس ده أكل عيشي ولازم احترم الراجل اللي أمني عليه واديله حقه
تنهدت بضيق واعتدلت بجلستها ثم قالت بعدم رضا:
-أنا مقولتش حاجة بس بصراحة الشغل ده مش عاجبني وأنا كتير قولتلك أكلم حد من معارف بابي يشوفلك شغل غيره وأنت بترفض
مسد جبهته بأبهامه وسبابته وطفر بواحدة من تلك القناعات التي يرفض أن يتنحى عنها:
-أنتِ عارفة أنا برفض ليه…واظن قبل كده وعدتيني أنك مش هتفرضي حاجة عليا
اعترضت وهي تجلس بزاوية المقعد كي تراه بوضوح:
-يا “حمود “ما أنت دايخ على شغل غيره ومش لاقي، فيها أيه لما اساعدك!
-“ميرال” خلاص قولتلك مش هقبل بأي مساعدة منك وياريت تقفلي الموضوع ده نهائي
قالها بعزة نفس أبية و بكامل صوته الأجش ولم يعي أنه أجفلها وجعلها تنظر له نظرات معاتبة ألمت قلبه و جعلته يلعن ذاته ويدرك الموقف معتذرًا بسرعة متناهية:
-آسف… والله آسف مكنش قصدي اتعصب عليكِ بس أنتِ عارفة رأي في الموضوع ده علشان خاطري يا “ميرال” بلاش نتكلم فيه تاني انا قدمت الsv في كذا شركة ولغاية دلوقتي محدش رد عليا بس أنا مش هيأس وهدور تاني وتالت ورابع على شغل وإن شاء الله هلاقي
لامس صدق أسفه شغاف قلبها وكونها تشعر بتلك الحرب الضارية المقامة داخله ألتمست له الأعذار ولكن ليته يصدق أنها لا تكترث لدوافع حربه بل كل ما تكترث له، هو؛ لذلك تفهمته وردت بنبرة هادئة وهي تضع يدها على يده المسنودة بجانبه:
-إن شاء الله يا “حمود” واوعدك طالما بيضايقك الموضوع ده مش هتكلم فيه تاني وخليك متأكد إني هفضل معاك لو لأخر العمر
تعلقت عينه بموضع يدها وكم اراد أن يعانق أناملها الآن ويخبرها أنه ايضًا لن يفلتها، ولكن ليتها هي ايضًا تستوعب أن تلك القناعات الراسخة بداخله لاتجيز هذا، ولذلك يقسم أنه سيفعل المستحيل ليكون جدير بها وحينها لن يسمح لشيء أن يكبح تلك المشاعر المتأججة والمكبوتة بصدره عنها، يأست أن يجيبها ومن نظراته لموضع يدها تفهمت ما يدور برأسه لذلك ربتت على ظهر يده بحركة حثية مطمئنة جعلته يرفع نظراته ويغوص في بحر عيناها بنظرات تعلم ما يفيض منها رغم صموده وعدم بوحه بها ولكنها كانت كفيلة أن تجعلها تنعم بذلك الآمان التي لطالما كانت تبحث عنه، طال تشابك نظراتهم لبضع ثوانٍ قبل أن يتدارك هو ذاته ويزيح عيناه عنها بقليل من الارتباك وحينها زفرت هي واعتدلت من جديد بجلستها قائلة بنبرة مشاكسة كي تلهيه عن تلك الأفكار الطاحنة برأسه:
-طيب يلا بقى انا ميتة من الجوع يا “حمود” متبقاش بخيل وكمل جميلك
تنهد تنهيدة مُسهدة بضجيج قلبه وحانت منه بسمة هادئة اختطفت قلبها حين قال:
-حاضرأمري لله لما أشوف أخرتها معاك يا حلو
لملمت خصلاتها ببسمة خجولة بفضل ذلك الإطراء المحسوس منه بينما هو أنطلق بها كي يلبي رغبتها، غافلين عن تلك السيارة التي تتبع خطاهم منذ عدة أيام وذلك الشخص بداخلها الذي رفع هاتفه للتو ونقر رقم من وكلته بذلك يخبرها بكل التفاصيل ويؤكد لها أن كافة ظنونها بمحلها تمامًا
————–
أيام مرت عليها بصعوبة بالغة بعد خسارتها فكانت صبح وليل تنعي حظها وتلعن حياتها حتى كادت تجف دمعاتها ولكن مع مرور بضع أيام استعادت رباط جأشها و استوعبت تدريجيًا أن تلك ارادة الله وحتمًا أن هناك حكمة خَفية وراء خسارتها؛ لذلك رضت بما كتب لها واحتسبته عند الله. فربما حدث ذلك لينتشلها من سباتها ويجعلها تثور لكبريائها قبل أن تهدر سنوات أخرى مغيبة تحت وطأة رجل مثله.
-“رهف” وبعدين معاكِ هتفضلي سرحانة كده كتير
قالتها “سعاد” كي تحفز “رهف” التي كانت ساهمة طوال الوقت بعد ما حدث وكأنها بعالم منعزل لا يمت لعالمهم بشيء، تنهدت “رهف” ببسمة باهتة و طمأنتها:
-هبقى كويسة يا “سعاد” متقلقيش عليا ومتستهونيش باللي مريت بيه ولسة أثره فيا
نفت “سعاد” برأسها و واستها وهي تجلس بجوارها وتربت على يدها:
-والله مش مستهونة بيه … أنا عارفة أن اللي حصل صعب عليكِ بس لازم تقوي نفسك علشان تعرفي تاخدي حقك وتقفي على رجلك من تاني
أومأت “رهف” بعيون أصبحت فارغة لا شيء يسكنها سوى الحزن ثم اجابتها:
-متقلقيش مبقاش ينفع أضعف تاني واتهاون في حق نفسي أصل الضربة اللي مبتموتش بتقوي يا “سعاد” وأنا لازم ابقى قوية علشان خاطر ولادي
تنهدت “سعاد” وقالت بتشجيع:
-طب يلا قومي ألبسي علشان نخرج الولاد انا لما صدقت ولادي الاندال رجعوا من عند حماتي وعايزة اخرج معاهم قبل ما الاجازة تخلص
نكست “رهف” رأسها وهمهمت معتذرة:
-آسفة يا “سعاد “بوظتلك أجازتك ولخمتك معايا في مشاكلي وخليتك انشغلتي عن ولادك.
زفرت” سعاد “ونهرتها قائلة:
-أنتِ بتقولي أيه احنا أخوات يعني مفيش بينا الكلام ده…ده انا بحمد ربنا اني نزلت في التوقيت ده علشان ابقى موجودة معاكِ… وإذا كان على الولاد فمتقلقيش عماتهم وجدتهم غرقوهم فُسح وخروجات
أبتسمت “رهف” بإمتنان عظيم لها بينما هي استأنفت قائلة:
-يلا بقى الله يخليكِ قبل ما صاحبتك الزنانة ما تيجي وتوجع دماغنا وتستعجلنا
همهمت هي بدفاع:
-هي”سارة” زنانة بس جدعة كفاية أنها عطتنا مفتاح الشاليه بتاعها وخلتنا نقعد فيه طول الفترة اللي فاتت وجوزها هو اللي قام بكل إجراءات القضية
أيدتها “سعاد”:
-الحمد لله أن جوزك ما يعرفهاش أوي ولا يعرف تفاصيل عنها وبعدين أنا معاكِ هي جدعة بس ده ميمنعش انها زنانة يا “رهف” ده أنا دماغي بتورم لما بشوفها
ابتسمت “رهف” بينما استأنفت “سعاد” وهي تنهض تفتح خزانة الملابس تنتقي بعض الملابس لها:
-بس عايزة الحق أنا شايفة أنها صح…يعني لو سمعتي كلامها ونزلتي اشتغلتي معاها في المكتب بتاعها الشغل هيساعدك تتخطي المرحلة دي من حياتك وهيرجع حماسك وثقتك في نفسك
تنهدت “رهف” تنهيدة مثقلة وأجابتها:
-“سارة” كتير كانت بتلح عليا زمان بس أنا كان عندي أولاويات تانية …أنا وعدتها بس الأول أنا محتاجة شوية وقت أرتب حياتي من أول وجديد
عقدت “سعاد” حاجبيها وتساءلت وهي تقترب و تجاورها من جديد:
-بتفكري في أيه؟
زفرت هي نفس ثقيل من على صدرها وقالت بصمود قوي رغم هشيم دواخلها:
-لازم أرجع مش هفضل هربانة منه ولازم اواجهه ده غير أن الولاد لازم يرجعوا للدراسة كفاية الوقت اللي ضاع
نفت “سعاد” بعدم اقتناع:
-إزاي بس يا “رهف” وافرضي اتعرضلك و أذاكِ تاني ده انا كنت شايلة هم حضورك جلسات المحكمة تقوليلي هرجع وأوجهه انا مش موافقاكِ ابدًا
حانت من “رهف” عابرة وأخبرتها بقوة نشبت بداخلها بعد نكبتها:
– متقلقيش عليا مفيش حاجة ممكن تأذيني اكتر من اللي عمله فيا…وبعدين انا اخدت حذري منه وهو مش غبي علشان يورط نفسه تاني معايا
هزت “سعاد” رأسها واقترحت:
-خلاص نبقى نشوف شقة بعيد ويكون هو ميعرفش عنوانها أَأمن
نفت “رهف” برأسها وأخبرتها بصمود غريب وإصرار أغرب:
-لأ انا هرجع البيت اللي اتربيت فيه واعيش هناك أنا والولاد أنتِ عارفة إني بحب الشقة وبرتاح فيها…ده يعني لو معندكيش مانع
-لأ طبعًا ده بيتك…لتتنهد وتضيف وهي تربت على كتفها:
-رغم خوفي عليكِ بس مفيش قدامي غير إني ادعيلك…دي حياتك أنتِ وليكِ مطلق الحرية فيها وأنا بثق فيكِ ومتأكدة انك هتعرفي تتصرفي وتاخدي قرارات صح وهتقدري تتخطي كل اللي فات
أبتسمت “رهف” وأخبرتها بإمتنان وهي تحتضنها:
-مش عارفة من غيرك كنت عملت أيه يا “سعاد” ربنا يخليكِ ليا
———————
أما عنها فقد اندثرت هواجسها وقناعاتها تمامًا ولم يتبقى شيء منها سوى ذلك الندم الذي يفتك بها وتحاول جاهدة التكفير عن أخطاءها تجاهه وتجاه والدته وكم لامت نفسها كونها كانت غافلة عن كل تلك السعادة والدفء التي تنعم به الأن، فبعد تلك الليلة الحالمة التي طبعت بذاكرتهم للأبد تغيرت معاملتها له بنسبة كبيرة فقد اصبحت تطيعه بكل شيء بلا نقاش، وتتفهم خوفه عليها بكل طواعية، حتى أنها اعتذرت من “ثريا” وأبدت ندمها فما كان من “ثريا” غير أن تتفهمها وتلتمس لها الأعذار وترشدها إلى الصواب وتؤكد لها أنها مهما فعلت ستظل ابنتها التي تربت على يدها، فكان الأهتمام والحنو الذي يغدقوها به جعلها تلعن ذاتها في اليوم ألف مرة كونها اهدرت كل ذلك الوقت وهي مغيبة تحت وطأة انتقام واهي وشكوك بالية ليس لها أي اساس من الصحة إلا برأسها.
أما عن صاحب الناعستين الدافئة فقد أصبحت بسمته لا تفارق وجهه بتاتًا من حينها وكأنه وجد ضالته بعد سنوات شقاء فكان في أوج سعادته وهو يلحظ تغيرها الجذري معه ومع والدته فذلك المنزل الذي كان يضج دائمًا بالمشاحنات والضجيج أحتله السلام أخيرًا واصبح الحب هو من يسوده.
فحتى هو كان له مبادرة في ذلك التغير حين غير سياسته السابقة معها بعد أن أخذ عهد على ذاته أنه لن يرهبها مرة أخرى فبعد اعترافها الصريح له أطمئن قلبه وسَكن بين أضلعه ولم يعد بحاجة لهذا، فقد أصبح يشاركها تفاصيل يومه ويتلهف لردود أفعالها، يتحين الفرص كي يشاكسها و يستمتع بخجلها، وكما وعدها لم يفرض عليها أمر فقد سمح لها ان تذهب لجامعتها وقد أعاد لها هاتفها وابتاع لها جهاز لوحي أخر حتى أنه أهداها سيارة أخرى احدث موديل بنفس لونها المفضل ولكنها فاجأته عندما قالت له انها لاتريد أي شيء سواه، فلم تجربها حتى بل كانت لا تخطوا خارج باب البيت إلا برفقته هو، فحتى جامعتها أعرضت عن الذهاب لها وهاتفها لم تقم بفتحه إلى الآن، لاينكر أن الأمر اشعره بالغرابةقليلًا كونه مخالف لطبيعتها ولكنها كانت تؤكد له أنها لاتريد شيء أن يشغلها عنه وتريد أن تعوض كل ما فاتها معه وبقربه.
-فهمتي يا مغلباني ولا في حاجة تانية واقفة معاكِ
قالها هو حين انتهى من شرح أحد المواد التي تطوع بتدريسها لها. بينما هي كانت بعالم موازي تهيم به قائلة:
-فهمت يا حبيبي
ابتلع ريقه وزاد وجيب قلبه من ذلك اللقب التي اصبحت تمنحه اياه وقال وهو يهيم بليل عيناها:
-يالهوي عليا وعلى حبيبي اللي بتطلع منك أنتِ عايزة تجيبي أجلي يا “نادين” مش كده
نفت برأسها مستنكرة وقالت وهي تضع يدها على وجنته تتلمسها ببطء مميت:
-بعد الشر عليك يا قلب يا “نادين” بلاش علشان خاطري تقول كده تاني
أبتلع ريقه ببطء تحت وطأة اناملها التي تكاد تفقده ثباته وأومأ لها بهزة صغيرة من رأسه، ثم رد ببحة صوته المميزة التي تعشقها:
-أنتِ أزاي كده أنا مش مصدق أنك هي!
حانت منها تلك البسمة المهلكة خاصتها التى لطالما اوقعته بها وأخبرته بقناعات جديدة اكتسبتها بفضل أخطائها السابقة:
-لأ أنا هي يا حبيبي بس الأول كنت بتحاما بعقلي ومفكرة إني قوية ومفيش حاجة تغلبني لكن دلوقتي أنا لغيت عقلي علشان اكتشفت ان كل اللي كان بيسيطر عليا بيه ملهوش اساس وأن القوة اللي كنت بتقمصها دي مكنتش غير إني بعاند نفسي علشان معترفش بضعفي قدامك وتأثيرك عليا انا بجد ندمانة على الوقت اللي ضاع مننا بسببي بس اوعدك هنعوض كل حاجة مع بعض من تاني ومش هخلي دقيقة تفوت إلا وأنا جنبك.
حديثها جعل قلبه يتراقص بين أضلعه فلم يمنحها حتى فرصة لتتفاجأ حين جذبها لتجلس على ساقه ودثرها بحضنه هامسًا بعشق خالص لها:
-أنا حاسس إني أسعد واحد في الدنيا صدقيني مش عايز حاجة تانية غيرك أنتِ كل احلامي يا “نادين “
وضعت قبلة اعلى كتفه التي تسند رأسها عليه ثم همست بنبرة صادقة لأبعد حد:
-وأنت حياتي كلها يا “يامن” أنا مليش غيرك اوعى تبعدني عنك.
-أبعدك! ده أنا نفسي أزرعك جوة قلبي واخبيكِ عن الدنيا كلها … قولتلك ألف مرة أنتِ الروح لروحي يعني لو بعدتي أموت
تنهدت براحة لا مثيل لها وهي تضيق حصار ذراعيها حول عنقه بطريقة حميمية أكثر بثت بداخله ذبذبات لذيذة وجعلته
يشدد يده حول خصرها ويدفن أنفه بين خصلاتها يتناول عدة أنفاس مطولة من أريجها المميز بإنتشاء تام وبعيون مغلقة مستمتعة فقد لامست كلماتها الصادقة شغاف قلبه وجعلت تلك المشاعر تتأجج بداخله أكثر فأكثر فهو يعلم أنه اصبح يستغل الفرص ليكون قريب منها لذلك الحد ولكن ماذا يفعل فعزيمة ثباته تقل يومٍ عن يوم وخاصةً أمام تصريحها الصادق لمشاعرها و تغيرها الجذري معه وطاعتها التي يعشقها منها وتجعله يصبح مهوس بها .
شعرت أن العناق سيأخذ منحنى أخر لذلك حاولت فصله ولكنه كان متشبث بها بقوة وكأنه يخشى فقدانها لتهمس هي بنعومة وبنبرة راجية راقته بشدة وجعلته يود مشاكستها أكثر:
-“يامن”…وبعدين معاك ابعد وبلاش تحرجني مامتك هتشوفنا
دفن وجهه أكثر بين ثنايا عنقها وكأنه مغيب و لم يستمع لها من الاساس …دفعته بقوة أكبر ولكن هو كسد منيع لايحيد عن موضعه…فقد كان يمرغ وجهه بعنقها دون أن يلثمه يكتفي فقط بان يمرغ وحهه بعنقها مما جعل القشعريرة تدب بكافة جسدها ورغم ذلك قاومت مرة آخرى قائلة بتقطع وبعيون مسبلة وهي تستند براحتها على صدره الذي يعج بضجيج قلبه:
-“يامن”…ابعد
لم يكترث برجائها بل صعد بشفاهه لوجهها وأخذ يقبله قبلات متفرقة هامسًا من بين كل واحدة وأخرى:
-قلب “يامن”… وروحه…وعقله أنتِ
همسه الخطير شتتها حين أقترب من ثغرها ينوي تقبيلها، لا تعلم ما أصابها كل ما تعلمه أنها أغمضت عيناها تترقب قُبلته، راقه استسلامها كثيرًا لرغبته وإن هم وكادت شفاههم تتلاقى نفضهم صوت “ثريا”:
– انتو فين يا ولاد؟
نهضت عن ساقه وأبتعدت عدة خطوات عن موضع جلسته وهي تشعر أن ساقيها كالهلام لايستطيعوا حملها أَما هو أعتدل في جلسته وهندم قميصه وتناول الأوراق وتصنع انشغاله بها وكأنه لم يفعل شيء
لتدخل “ثريا” وبيدها كوبين من العصير الطازج قائلة وهي تضعهم على الطاولة :
-لسة بتذاكرو…ما كفاية بقى يا ولاد وتعالوا اقعدوا معايا
لتزجر “يامن” وتقول:
-سيبها تشم نفسها شوية يا ابني
أيدتها وهي تحرك يدها امام وجهها تستجدي الهواء فقد أصبح وجهها يشتعل من شدة خجلها:
– اه قوليله يا ماما “ثريا” أحسن هيحصلي حاجة
عقبت “ثريا “بمحبة خالصة لها:
-بعد الشر عليكِ يا بنتي إن شاء الله اللي يكرهك
لاحت على ثغره بسمة عابثة ورفع حاجبيه وأجابها بِمغزى تعلمه هي تمام المعرفة:
-عندي حاجات مش بتهاون فيها يا أمي وأظن هي لازم تبقي عارفة كده كويس من دلوقتي
قال جملته الأخيرة وهو يغمز لها بتسلية مما جعل سوداويتها تتسع وتبتلع ريقها بتوتر اكبر فكانت تكاد تموت من الخجل وهي ترى نظرات “ثريا” لها وتلك البسمة التي تعلو وجهها وتدل أنها تتفهم ماذا يعني لذلك تلعثمت قائلة وهي تؤشر له بحركة متوعدة دون أن تلتقطها عيون “ثريا”:
-هاااا…اه…وماله
أبتسم هو بعبثية تامة بينما “ثريا” تناوبت النظرات بينهم ثم تنهدت بأرتياح وهي تراهم بتلك السعادة التي طالما تمنتها لهم فقد لاحظت تغير “نادين” بنفسها من انسجامهم و معاملتها لها في الآونة الأخيرة؛ لذلك تشجعت قائلة وهي تتجه لأحد المقاعد القريبة وتجلس عليها:
-طيب مش ناوين تفرحوا قلبي بقى يا ولاد
تركزت نظراتهم عليها ولم يجرأ احد أن يبادر بالرد ولكن “ثريا” حاصرتهم بحديثها قائلة:
-قصدي يعني الحمد لله الأمور اتصلحت بينكم ومفيش داعي للأنتظار اكتر من كده انا نفسي اشوف ولادكم قبل ما أموت
هرول إليها وانحنى على يدها يقبلها قائلًا بعتاب:
-بعد الشر عليكِ يا أمي بلاش سيرة الموت الله يخليكِ أنتِ عارفة مبحبهاش
-ده قدر ومكتوب يا ابني ومحدش هيخلد فيها أنا بس نفسي تفرحوا قلبي واطمن عليكم واشوف ولادكم ومش عايزة حاجة تانية من الدنيا
بينما هي اقتربت من موضعهم وقالت وهي تضع قبلة على رأس “ثريا”:
-بعد الشر عليكِ يا ماما “ثريا” ربنا يخليكِ لينا
حانت من “ثريا” بسمة حانية شملتهم الاثنين بها ثم قالت بتحفيز:
-يبقى تسمعوا كلامي وتفرحوا قلبي
توردت هي واعتلت البسمة وجهها وأخذت تفرك بأناملها بينما هو كان ينظر لها نظرات مفعمة بلهفة قلبه التي جعلت “ثريا” تباغتهم قائلة:
-البيت ده من ساعة ما مات “عادل” ومدخلتهوش الفرحة وأنا عايزة فرح كبير يتحاكى بيه البلد كلها
تنهد تنهيدة مثقلة بضجيج قلبه ثم قال ببسمة هادئة:
-أنا معنديش مانع بس المهم رأي العروسة
اتسعت بسمتها ونكست رأسها لتؤكد “ثريا”:
-السكوت علامة الرضا مش كده يا “نادين”
زاغت نظراتها بينهم وقطمت شفاهها وأومأت برأسها بنعم لتتهلل اساريره وينهض يتمسك بيدها قائلًا بلهفة لامثيل لها:
-بجد موافقة
تحمحمت هي بخجل وأكدت:
-اه موافقة بس..
كادت تستأنف ولكنه قاطعها بتفهم:
-عارف … هيبقى بعد امتحاناتك و بعد عيد ميلادك يعني كمان شهرين
وافقته ببسمة واسعة ولكنها بعد وهلة اندثرت تدريجيًا حين تذكرت واحدة من مخاوفها وطفرت بها:
-بس أنت ناسي خالي هنعمل فرح كبير أزاي واحنا مفهمينوا أن جوازنا طبيعي
دلك مؤخرة عنقه وكأنه تذكر أمره الآن ولكنه أصر قائلًا بعدم اكتراث وبكل ثقة:
-محدش ليه حاجة عندنا أحنا هنعمل اللي عايزينه وهو يخبط دماغه في الحيط إنتِ مراتي بفرح او من غير فرح وكل الدنيا عارفة كده
إصراره وتلك الثقة التي يتحدث بها طمئنتها فطالما كان هو جدير بثقتها لذلك هزت رأسها بموافقة جعلت أساريره تفرج بشدة وجعلت “ثريا” تطلق زغروتة تنم عن مدى سعادتها ومباركتها لهم بينما هي كانت تنظر لفرحته ببسمة باهتة لم تصل لعيناها بسبب ذلك الخوف الذي يسكن قلبها من شيء لطالما ندمت عليه وتهربت منه فهي تعلم إنه إن علم به لن يغفر لها بتاتًا وعند تلك الفكرة شعرت بوخزة قوية بقلبها فحقًا أخر شيء تريده هو خسارته لذلك حاولت طمئنت ذاتها أنها ستحل الأمر ومن المؤكد أن “طارق” سيتفهم رغبتها فلابد أن تغلق كافة صفحات الماضي وتبدأ من جديد ولكن هل ياترى ستسير الأمور كما تأمل هي أم سيكون للقدر رأي أخر.
——————
-يعني أيه فهمني أنا مش مستوعب ولا كلمة من الهري ده أنا بقولك مكنش قصدي ودي أول مرة اتهور وأمد ايدي عليها وبعدين ما كل الرجالة بتضرب مراتتهم إشمعنا أنا اللي هتحبس
قالها “حسن” بغيظ شديد للمحامي وهو يدور حول نفسه كالثور الهائج، مما جعل المحامي يستأنف قائلًا:
– قانون الأحوال الشخصية بيأكد أن ميشترطش أن يكون الضرر متكرر بيكفى أنه يقع الضرر من الزوج ولو مرة واحدة.
وبعدين للأسف موقفك ضعيف جدًا لأن مرفق بالتقرير الطبي محضر إثبات حالة بالواقعة
زمجر غاضبًا وقال وهو يشوح بيده ساخطًا:
-وأنت لازمتك ايه إن شاء الله اتصرف شكك في التقرير او شوف أي ثغرة واستغلها
تنهد المحامي الخاص به بضجر من فظاظة اسلوبه وقال موضحًا:
-الموضوع مش عند يا استاذ “حسن” القانون في صفها دي جنحة والمفروض هيتنظر فيها كمان ١٥ يوم فعايزك تهدى علشان نحاول نلاقي حل وياريت تتحكم في اعصابك
مرر يده بين خصلاته وهو يشعر أن الحصار يضيق عليه ثم قال بعدما هدأ من حدة نبرته وتساءل متوجسًا:
-ايه اللي مفروض يحصل؟
أجابه المحامي بعملية تامة:
-في جنح مشابهة بتكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد عن سنة أو دفع غرامة مالية بس احنا ممكن نطعن في الحكم بعديها أما بقى بالنسبة لقضية الطلاق فإذا تضررت الزوجة من عشرة زوجها بأن آذاها بالضرب أو بالسب او بالهجر او وإكراهها و إجبارها على فعل محرم شرعا فإنها بتستحق التطليق للضرر وعلشان ده يحصل لازم تتوافر عدة شروط
تأهب بنظراته وأشار له بيده أن يستأنف حديثه ل يضيف الأخر:
-يشترط في إيقاع الطلاق للضررتقرير طبي بنفس تاريخ وقوع التعدي وقبل أن يمر عليها 12 ساعة .
ولازم يكون التقرير الطبي مطابق لما ورد في المحضر اللي تم تحريره من حيث نوعية أثار الضرب وللأسف كل ده مستوفي ومفيش ثغرة ممكن نشكك فيها، وحتى لو كنا قدرنا نعمل ده متنساش أن كان في شهود على الواقعة. ليتوجس المحامي من رد فعله وهو يستأنف: -الوضع للأسف مش لصالحنا وطبعًا بعد عدة جلسات القضية هتاخد مجراها المحكمة بتحكم ليها بكافة حقوقها الشرعية والمادية.
كان يكاد يجن وهو يستمع له وعند تلك النقطة التي ذكرها ثارت ثائرته وضرب على سطح المكتب قائلًا:
-حقوق أيه! دي هي اللي طالبة الطلاق.
-ده مش خُلع يا استاذ “حسن” الفرق بينهم كبير…
حانت منه بسمة هازئة مستخفة ليست بمحلها تمامًا وهدر بعدم اتزان وهو يمرر يده بخصلاته يشعر بفوران رأسه :
-على أي وضع مش هيحصل انا مش هطلق لو وقفت على شعر راسها
زفر المحامي وأخبره بتروي ناصحًا:
-استاذ “حسن” انا شايف أنك تحاول تحل الموضوع بشكل ودي وتحاول تقنعها تتنازل قبل ما الموضوع يتصعد اكتر من كده
زفر “حسن” حانقًا ثم أومأ له بتفهم وغادر مكتبه بخطوات واسعة يتأكلها الغضب وهو ينوي أنه سيبحث عنها ويجدها مهما كلفه الأمر قبل موعد المحاكمة غافل كونها قررت أن لا تختبأ منه بعد اليوم وبكامل إرادتها ستواجهه وتتصدى له.
—————–
مر يومين لا غير بعد حديثها مع “سعاد” بشأن عودتها وها هي قد عادت لذلك المنزل الذي لطالما تشعر به بالراحة فقد كانت تحضر أطفالها للذهاب لمدرستهم بعد أيام من الانقطاع… فقد قررت أنها ستعتمد على ذاتها وتقوي عزيمتها دون خوف أو رهبة فلم يعد شيء يرهبها كسابق عهدها
حانت منها بسمة هادئة مليئة بالفخر وهي ترى ابنائها يتناولون الفطور بكل طواعية دون أي ضجر او شغب على غير عادتهم مما جعلها تقول وهي تجاور “شريف”:
-ساكتين ليه يا ولاد مالكم انتو كويسين؟
أومأو لها، وبادر “شريف”بإندفاع كعادته:
-أحنا كويسين علشان أنتِ بقيتِ كويسة يا مامي وبطلتي تعطيتي
وقررنا أننا عمرنا ما هنزعلك ولا هنتخانق تاني علشان متزعليش
لتؤيده شقيقته:
-ايوة أحنا كنا زعلنين عليكِ وكنت انا و”شريف” بنقعد نعيط قبل ما نام
غامت عيناها التي يسكنها الحزن وقد جذبتهم لأحضانها فتلك الفترة التي تعافت بها أدركت أنها كانت تؤثر بالسلب عليهم دون قصد منها لذلك قالت بحنو وبصوت متحشرج على حافة البكاء وهي تقبل قمم رأسهم بالتناوب:
-حقكم عليا…الفترة اللي فاتت كانت صعبة عليا اوي وبعدين أنا عمري ما أزعل منكم أنتو كل حياتي ياولاد ومليش غيركم
قبلتها “شيري” من وجنتها وقالت ببراءة متناهية:
-واحنا بنحبك يا مامي ومش عايزينك تزعلي تاني ولما يرجع بابي من السفر هنخاصمه علشان هو اللي علطول بيزعلك
نفت “رهف” برأسها وقالت بدافع أمومي بحت كي لاتشوش تفكير ابنائها:
-لأ يا “شيري” بابي مش هو السبب أنا كنت تعبانة شوية وعلشان كده كنت بعيط لكن بابي بيحبكم وهيجبلكم حاجات حلوة كتير لما يرجع من السفر
صفقوا بحماس طفولي واتسعت بسماتهم لتستأنف هي:
-يلا بقى علشان منتأخرش كملوا فطار
إنصاعوا لها وباشروا تناول طعامهم بحماس بينما هي اندثرت بسمتها تدريجيًا وانفلتت دمعة من عيناها أخفتها سريعًا وأخذت تنعي بسرها حظها وحظ ابنائها
فنعم كذبت، ولكن ليس من أجله هو، هي على يقين تام أنه لا يستحق أي شيء ولكنها فعلت ذلك من أجل ابنائها فلن تزرع ضغينة بقلوبهم لأبيهم وتشوش تفكيرهم بذلك السن الصغير بل كانت تفضل أن تمهد لهم أمر رغبتها في الأنفصال عنه تدريجيًا كي لا يؤثر بالسلب على نفسيتهم .
———————
كانت تصحبهم وهي تقبض على كفوفهم الصغيرة براحة عارمة كأنها تحتضن العالم بما فيه بين يديها، خطوة خطوتان بعيدة عن مدخل البناية وتيبست قدميها عندما وجدته أمامها
لوهلة شعرت بإنقباض قلبها ولكن كفوف صغارها وتمسكهم بها جعلها تصمد و تطالعه بنظرات باردة جوفاء خالية من كل شيء.
اختصر المسافة بينهم بخطوتان حين لاحظوا ابنائه تواجده وهرولو إليه هاتفين بفرحة:
-بابي وحشتنا
جثى “حسن” على ركبتيه وشملهم بين ذراعيه يضمهم لصدره بإشتياق عارم هاتفًا:
-وحشتوني اوي يا ولاد عاملين أيه كنت هتجنن عليكم؟
رد عليه” شريف” ببسمة واسعة:
-أحنا كويسين أنت رجعت من السفر امتى؟
لتشاركه “شيري” ايضًا :
-وياترى جبتلنا ألعاب حلوة زي ما ماما قالتلنا
اخرجهم من بين ذراعيه و
جعد حاجبيه مستغربًا ولكنها أرسلت له نظرة ثابتة تحثه بها على مسايرتهم فما كان منه غير أن يقول:
-لسة راجع …واه جبتلكم العاب بس في البيت نسيت اجيبها معايا لما نرجع مع بعض هتشفوها
قال أخر جملة وهو ينظر لها نظرة مترقبة جعلت جانب فمها يعتلي ساخرًا ثم قالت دون أن تعيره أي اهمية أو توجه له حديث:
-يلا يا ولاد عربية المدرسة وصلت.
أومأو لها بطاعة، ليضع هو قبلة على جبهة كل منهم ثم يودعهم لتصحبهم هي إلى عربة المدرسة وما أن اطمأنت عليهم عادت ادراجها تحت نظراته، فكاد يجن حين وجدها لم تعطيه أي اهمية وتتخطاه وفي طريقها لساحة البناية ليهرول قابض على ذراعيها قائلًا بنبرة رغم حدتها إلا انها كانت تحمل العتاب بين طياتها:
-كنتِ فين انتِ والولاد أنا دورت عليكِ هو للدرجة دي وصلت بيكِ يا “رهف”؟
نفضت ذراعه بشراسة هجومية لم تكن ابدًا من طباعها وقالت وهي تدفعه بصدره كي تبعده عنها بكل ما اوتيت من قوة:
-إِياك تفكر تلمسني تاني ولا تقرب مني
أنت فاهم…
ثارت أنفاسه واحتدت نظراته وتراجع خطوتين بعيد عنها يستغرب تلك الشراسة التي اصبحت عليها، و رفع يده بأستسلام قائلًا بنبرة تحمل سخط عظيم:
-مش هقرب بس احنا لازم نتكلم تعالي نطلع فوق ومنفرجش الناس علينا
تقلصت معالم وجهها وردت برفض قاطع:
-مستحيل يجمعني بيك مكان واحد من تاني …
زفر انفاسه دفعة واحدة واحتدت نظراته حين برر بكل تبجح :
– أنا عارف أنك زعلانة على البيبي بس أنا مكنش قصدي تخسريه…
وبعدين انتِ اللي استفزتيني و خلتيني معرفش اسيطر على اعصابي
حانت منها بسمة تحمل بين طياتها سخرية مريرة فهو كعاهدته يعشق أن يتقمص دور الضحية ويضع اللوم عليها، لذلك قررت ترد عليه رد يليق عليه ويناسبه أكثر حين وقفت في مواجهته قائلة بثقة وبقوة اكتسبتها بعد نكبتها:
-وفر اعذارك يا باش مهندس أصلها احتمال تنفعك قدام النيابة
تفاجئ من حديثها كثيرًا فكانت واثقة بشكل أثار ريبته ولكن كعادته هدر متعجرفًا:
-انتِ أزاي طلعتِ خبيثة و قليلة الأصل كده وعايزة تسجنيني وتطلقي مني علشان غلطة مش مقصودة
هل هذا المسمى الصحيح لكم الخذلان الذي اغدقها به، هل من المفترض أن تتعاطف مع حديثه وتصدق على نواياه، ألهذا الحد يظنها ساذجة!
-انت جاي عايز ايه؟
قالتها وهي تربع يدها أعلى صدرها و ترشقه بنظرات قاتلة استفزته وجعلته يهدر متبجحًا:
-أنتِ مراتي وجيت علشان أخليكِ ترجعي عن اللي في دماغك وانا مسامحك بس خلينا نرجع زي الأول
اصدرت صوت متهكم من فمها يشبه ذلك الذي كان يستفزها به حين يستخف بها و قالت بعدها ببسمة ساخرة وبنبرة لا تحمل لمحة ضعف واحدة:
-زي الأول …وكمان أنت اللي مفروض تسامحني… تصدق ضحكتني
هو أنت فاكرني ساذجة للدرجادي علشان مقدرش اميز واغلط نفس الغلطة مرتين، انا ربنا بيحبني علشان شال الغشاوة من على عيني وعرفتك على حقيقتك لتندثر بسمتها تدريجيًا وتستبدلها بأخري نافرة وتستأنف حديثها:
-أنت اللي جابك هو أنك خايف تتحبس يا باش مهندس
لتتهكم قاصدة اثارت أعصابه كما يفعل معها:
-بس أنا عذراك أصل وصلني أن قاعدة الحجز معجبتكش ومعدتك يا حرام ما اتحملتهاش.
أحتدت نظراته وجز على نواجزه بقوة، يلعن ذلك اليوم بكل مافيه وهو يستغرب من أين علمت بتلك التفاصيل وكيف لها أن تتشفى به بتلك الطريقة فذلك منافي تمامًا لطباعها لذلك قال بنبرة تقطر غيظًا:
-كله بسببك… وبعدين أنتِ أزاي شمتانة فيا كده…يا خسارة يا “رهف” لأول مرة من يوم ما اتجوزتك تخلفي ظنوني أنا كنت فاكر أنك عمرك ماهتخلي الأمور تتفاقم بينا لغاية كده كنت فاكر أنك عاقلة وأصيلة ومش هيهون عليكِ تسجني ابو ولادك
ظلت على ثباتها ولم تؤثر بها تلك المسرحية الهزلية خاصته فقد طفر بنواياه الحقيقية دون ان يقصد؛ لذلك أجابته بكل ثبات وبنظرات متحدية شامخة:
-“رهف “القديمة مبقلهاش وجود فمتحاولش تستعطفها علشان مش هرجع في اللي عملته وانت لازم تاخد جزاتك ومن هنا ورايح إياك تتعرضلي وإلا هبلغ عنك ولو فاكر انك ممكن تلوي دراعي بالولاد فالحضانة وفقا للقانون ليا لغاية سن الحضانة يعني مش هتعرف تضغط عليا بيهم وخصوصًا إني اقدر أثبت أنك مكنتش أمين عليا وبالتالي عمرك ما هتكون أمين عليهم
اللي بيني وبينك المحاكم واظن انت فاكر إني طلبت منك الطلاق قبل كده وأنت رفضت فمتلمش غير نفسك أنت اللي اضطرتني لكده علشان اعرف أخلص منك
لطالما كان يثق في قلة حيلتها ويظنها ستتفهم وتسامح كعادتها بلين قلبها ولكن حقًا افحمته بتلك الثقة والقوة التي تقطر من حديثها حتى أنه استغرب أين اندثرت تلك الهادئة المتفهمة قليلة الحيلة التي كانت لا تتحامل عليه مهما فعل، فكيف تبدلت هكذا في غضون أيام واين ذهب لين قلبها، فكان الأمر يصعب عليه استيعابه فأخر شيء كان يريده هو خسارتها لذلك وجد ذاته بدلًا أن يثور عليها يعاتبها قائلًا:
-تخلصي مني يا “رهف” لدرجة دي أنا وِحش ومتعاشرش ومشفتيش مني حاجة حلوة
لمعت عيناها بنظرة كارهة، مستنفرة وأخبرته بلا اكتراث يشابه ذلك الذي لطالما اغدقها به:
-مبقاش فاضل شيء جوايا يتشفعلك ولا باقي عليك، أنا اكتشفت إن لو في جوايا طاقة للحب فنفسي و ولادي اولآ بيها
(ميراكريم)
لا يعلم لمَ شعر بوخزة مؤلمة بقلبه حين وجد تلك النظرة بعيناها التي تنم انها بالفعل مقتته، هي من كانت تستجدي حبه وأهتمامه من كانت يمثل العالم بعيناها أصبحت الأن تمقته لدرجة أنها ستتخلى عنه وتخرج من حياته للأبد، وعند تلك الفكرة وجد عقله يصرخ مستنكرًا ودفعه كي يقترب بضع خطوات منها يحاول أن يؤثر عليها ولكنها تراجعت مثلهم واشارت له بيدها هادرة بتحذير قوي:
-إياك تقرب…
رد بنبرة تلاشت منها الحدة تمامًا وحل محلها الخوف وكأنه أدرك للتو كونها جادة في قرارها:
-أنتِ لسة مراتي يا “رهف” بلاش تعملي كده فينا بلاش تخربي بيتنا علشان خاطر ولادنا
نفت برأسها بعدم اقتناع وردت متهكمة:
-غريبة دلوقتي فكرت في ولادك وفي خراب بيتك…أنا عشت سنين بعافر لوحدي علشان أحافظ على بيتك بس أنت عمرك ما قدرت ده، الذنب ذنبك لوحدك واللي زرعته بأيدك هتحصده
رمش بعينه يحاول ان يستوعب الأمر فهي محقة وهو كان على دراية تامة بذلك ولكنه كان يبرر تغاضيها وتحاملها كونه فرض عليها وحق مكتسب له، لعن ذاته بسره ولعن غبائه واستهتاره بها وهدر بترقب وبعيون غامت بالحزن لتوها:
-خلينا نبدأ من جديد أنا مقدرش اتخيل حياتي من غيرك
رفعت منكبيها بعدم إكتراث وأخبرته دون ذرة تردد وكأنها تبدلت لآخرى غريبة عليه:
-مش مشكلتي…علشان أنا من هنا ورايح مش هقدم تنازلات و هعيش لولادي و لنفسي وبس
غامت عينه وهو يشعر بشعور لأول مرة يداهمه وقال بنبرة متقطعة غير مستوعبة:
-أنت بتقولي كده علشان واخدة على خاطرك صح… طب خلينا نقعد ونتفاهم ونوصل لحل تاني أنا متأكد أنك لسة بتحبيني وتقدري تسامحيني
-مستحيل اللي كسرته جوايا مستحيل يتصلح الطلاق احسن ليا وليك بدل ما نأذي بعض اكتر من كده
ذلك اخر ما تفوهت به قبل أن تتركه وتسير لداخل البناية تاركته مشدوه ينظر لآثارها بعيون غائمة وبقلب ثائر أدرك الأن فقط أن يقينه بشأنها لم يكن بمحله فثورتها تلك لم تكن سوى لتراكمات عديدة كانت تتغاضى عنها وتتهاون من أجل ان تحيا بسلام وتحافظ على كيانها ولكن هو لم يقدر ذلك يوم بل تمادي في طغيانه. ويبدو أن قد حان الوقت كي ينال جزائه.
(ميراكريم)
———————-
طرقات منتظمة على باب الشقة جعلت الصغيرة تهرول تفتح الباب لتجد سيدة تقول من طرف أنفها:
-ماما موجودة يا شاطرة
أجابتها “طمطم” وهي تتطلع لذلك الفراء الثمين التي تضعه على ذراعيها بأنبهار تام:
-ايوة ثوانِ وانديهالك… هو ده فرو أيه ده حلو اوي
صدر سؤالها عفوي للغاية وببراءة كانت تتلمس بأناملها الصغيرة ملمسه مما جعل الأخرى تنفض يدها بقرف وتأمرها بشمئزاز:
-أففف ابعدي ايدك هتوسخيه وروحي نادي امك وخلصيني
-مين يا “طمطم” على الباب
قالتها “شهد” وهي تخرج من المطبخ وتحمل بيدها مغرفة الطعام التي كانت تعده لتوها وما أن اقتربت فغر فاهها واتسعت عيناها عندما علمت هويتها وهمست بشدوه:
-“دعاء”
حانت من الأخرى بسمة متعجرفة وهي ترشقها بتدني واضح وقالت بنبرة تحمل التحذير بين طياتها:
-أه “دعاء ” مش هتقوليلي اتفضلي يا “شهد” متهيئلي في عندي كلام مهم لازم تسمعيه… ده لو عايزة مصلحة أخوكِ.
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية خطايا بريئة)