رواية حي البنفسج الفصل الرابع عشر 14 بقلم نور بشير
رواية حي البنفسج الجزء الرابع عشر
رواية حي البنفسج البارت الرابع عشر
رواية حي البنفسج الحلقة الرابعة عشر
” ١٤ رمضان “.
تابع اليوم الخامس:
وفى المسجد حيث تُـقـام صلاة التراويح، تجلس ” صفية ” وإلى جوارها يجلس كل من ” صبا “، و ” زينب “، و ” زينة ” يستمعون إلى خطبة العشاء حتى يقيم الشيخ الصلاة ويبدءون فى الصلاة مباشرةٍ، وإذا فجأةٍ تدلف ” أم لطفى ” أو كما يقال عنها ” ثرثارة الحى ” فهى تعلم كل كبيرة وصغيرة تحدث بذلك الحى وهى أيضاً من تقوم بتولى مهمة الجمعيات التى تُـقـام بين أهل الحى بعضهم البعض.
” أم لطفى ” بود وهى توجه حديثها إلى ” صبا ” أخذه إياها إلى أحضانها تقبلها قبلات ذات مغزى.
– يا أختى كل سنة وأنتى طيبة يا بت يا ” صبا “..
كبرتى وأحلويتى يا بت والطرحه لايقه فيكى..
” صبا ” بإبتسامة صافية.
– تسلمى يا طنط يارب..
ربنا يخليكى..
” أم لطفى ” وهى توجهه حديثها إلى ” صفية ” بألفة.
– أزيك يا ” صفية ” إيه يا خالتى مش بتظهرى ليه…؟
ثم وجهت حديثها إلى الفتيات.
– أزيكم يا بنات، كل سنة وأنتم طيبين..
” البنات ” بنبرة واحدة.
– وأنتى طيبة يا خالتى..
” صفية ” بمحبة.
– واللّٰه يا خالتى شغل البيت أنتى عارفة ونهار رمضان الواحد مش بيبقا عارف يعمل فيه إيه ولا إيه..
” أم لطفى ” بلطف.
– يا أختى ربنا يقويكى ويعينك يارب على اللى أنتى فيه..
ثم تابعت وهى توجهه حديثها إلى ” صبا ” بفضول.
– إيه يا بت يا ” صبا ” مفيش حاجة كده ولا كده..
” صبا ” بعدم فهم.
– حاجة إيه يا خالتى دى…؟!
فوكزت ” زينة ” ” زينب ” بذراعها بخفة دون أن يلاحظها أحد ثم تابعت ” أم لطفى ” على نفس نبرتها السابقة وهى تضحك بخفة.
– عريس يا بت اللّٰه..
عايزين نفرح بيكى يا زينة بنات الحتة كلها..
” صبا ” بإقتضاب.
– ده نصيب يا طنط ومفيش حد بياخد أكتر من قسمته وبخته اللى ربنا قسمله بيه.
” أم لطفى ” بإبتسامة ذات مغزى وهى تضربها على يديها بخفة.
– أنا بقا جاية وجيبالك الخير كله بعد ربنا سبحانه وتعالى..
أمااا عندى ليكى حتة عريس يا بت يا ” صبا ” أنما إيه هيعيشك ويستتك ويهننك وساعتها هيبقا ليا الحلاوة ومش أى حلاوة دى حلاوة الست ” عزيزة ” ست الحارة كلها.
ده ضكتور كبير فى ” القصر العينى ” يا بت وله شقة ٤ مطارح وصالة كبيرة أنما إيه هايلة..
” صبا ” بإقتضاب من تلك المرأة الحشرية كما لقبتها مسبقاً.
– ايوووه يا خالتى بـ…! فقاطعتها ” زينة ” بلهفة وهى تردد بنبرة ملطفة حتى لا تترك صلب الحديث منصباً على ” صبا ” حتى لا ترفض الموضوع رفضاً قاطعياً قبل أن ينفتح من الأساس.
– بصى يا خالتى الموضوع ده تكلمى فيه ستى وأمى أنتى عارفة أحنا البنات أزاى بنتكسف نتكلم فى المواضيع دى والأحسن تكلمى ستى..
” أم لطفى ” بإستحسان.
– عندك حق يا بت يا ” زينة “..
خلاص أنا هفوت عليكم بكرا فى الـصـُـبـحـيـة أجيب لستك العيش وأفاتحها فى الموضوع..
” زينة ” بحماس.
– عملتى طيب يا خالتى تسلمى يارب..
” أم لطفى ” وهى تهم بالرحيل.
– يلاااا يا بنات العواف..
تقعدى بالعافية يا ” صفية ” يا أختى..
” صفية ” بإبتسامة صافية.
– اللّٰه يعافيكى يا ” أم لطفى ” يارب..
” صبا ” بحدة وهى توجه حديثها إلى شقيقتها بعد رحيل ” أم لطفى “.
– إيه اللى أنتى قولتيه ده…؟!
حد قالك أنى عايزه أتجوز ولا عايزه أتنيل على عينى…؟!
ليه تخليها تروح تقول لتيتة والموضوع يكبر…؟ ليه أصلاً تقررى عنى…؟
” زينة ” بغضب من حديث شقيقتها.
– أقرر عنك إيه يا بنتى وأنتى شوفتينى أخدتك من أيدك وروحت للعريس اللى أحنا لسه منعرفش عنه حاجة وأقوله والنبى لأنت متجوزها..
” صبا ” بحدة.
– تعرفى متدخليش فى اللى مالكيش فيه تانى..
أهو دلوقتى هتروح تقول لتيتة وبعدين تيتة هتقول لجدو والبيت كله ويبدءوا بقا يتكلموا فى الرايحة والجاية ولازم توفقى يا ” صبا “..
أنتى كبرتى يا ” صبا “..
عايزين نفرح بيكى يا ” صبا “…! قالتها وهى تقلد عائلتها فى طلبهم الـمُـلـح لها بالزواج وتأسيس عائلة وكأن الأمر بيديها هى وليس نصيب وقدر مقدره اللّٰه لنا من قبل.
” زينة ” بإستهزاء.
– خلاص يا أختى ابقى أرفضى ومتوجعيش دماغنا..
قال يعنى فى حد بيعرف يكلمك فى البيت ولا حتى يغصبك على حاجة..
” صفية ” وهى تحاول تلطيف الجو بينهم.
– خلاص يا بنات بقا متنسوش أننا فى الجامع..
وأنتى يا ” صبا ” مفيش حد هيغصبك تأكلى لقمة مش على هواكى يا حبيبتى، ده الجواز عرض وطلب وبعدين البيت اللى فيه بنات دايماً بابه موارب ويا توافق يا ترفض وفى كلتا الأحوال أحنا مش خسرانين حاجة..
ولا أنتى إيه رائيك يا ” زينب “…؟!
” زينب ” بتلطيف للأجواء.
– صح طبعاً يا أبلة أحنا مش خسرانين حاجة ولا حتى تيتة أو جدو هيقبلوا أنهم يغصبوها على حاجة خصوصاً بعد اللى عمله ” سليم ” و…! وما كادت أن تكمل حديثها حتى ألتفتت لها ” صبا ” ونظرت لها نظرات حارقة فشعرت ” زينب ” بالإرتباك وأنها قد أرتكبت خطأ بحديثها هذا للتو فتابعت موبخه حالها بهمس.
– اللّٰه يخرب بيتك يا ” زينب ” باااااس.
ثم تابعت بتبرطم.
– بس هيخربه إيه أكتر ما أهو مخروب..
” صفية ” ملطفة للأجواء من جديد.
– خلاص بقا يا ” صبا ” متبقيش عنيدة أومال وأدى نفسك فرصة يا أختى خلينا نفرح يا بت..
” صبا ” بإقتضاب.
– ربك كريم يا أبلة واللى ربنا رايده هيكون..
وبعد إنتهاء الصلاة بداخل مخبز ” الحاج عمران ” وولده ” كريم ” حيث يجلسان سوياً يحاول ” الحاج عمران ” ملاطفه صغيره حتى يثنيه عن قراره هذا وإرشاده إلى الطريق الصواب مردداً بحكمته المعتادة.
– يا أبنى أستغفر ربك وأغزى شيطانك وبلاش كلام مالهوش لازمه..
” كريم ” بقلة حيلة.
– يا حاج ما أنا أكيد مش هغضب ربنا ولا هرتكب ذنب كبير زى ده على أخر عمرى أنا بس كنت بقرص ودنها عشان تراجع نفسها ومتفكرش فى الموضوع ده تانى سواء اللى جه ده كان واد ولا بت، أصل أنا عارف مراتى يا حاج مش هتهدى ولا هيرتاح لها بال غير لما تجيب الواد..
قال يعنى الواد هيفتحلها قبرها بقدوم دهب..
” الحاج عمران ” بتعقل.
– اللّٰه يريح قلبك زى ما ريحت قلب أبوك يا ” كريم ” يا أبنى..
ثم أضاف بعتاب.
– بس برضو مكانش ليك حق تقولها وقعة سودا يا أبنى دى برضو بت خالتك وعمك فى الأول والأخر وأم بناتك وبقالكم سنين متجوزين مش هتيجى عالأخر وتخيب يا ” كريم “..
مينفعش يا أبنى تهين مراتك بالشكل ده وتسيبها دمعتها على خدها وتنزل تبات معانا، أنت كده بتكبر الفجوة اللى بينكم يا حبيبى..
فتابع بلطف.
– أنت عارف أنا وأمك بقالنا فوق الــ ٦٠ سنة متجوزين وعمرنا مابيتنا خلاف بينا، حتى لو حصل كنا مسافة ما نقوم الصبح ننسى اللى حصل أمبارح وتحضرلى الفطار بكل حب وساعتها أبتسم لها فتبتسملى وخلاص كل الخلاف اللى بينا يدوب..
أوعى يا أبنى تعود قلبك عالجفا من ناحية مراتك لأن هى اللى باقية ليك وأنت اللى باقى ليها..
بكرا أنا وأمك هنروح والعيال كل واحد هيتلهى فى حياته والدنيا هتاخدهم ومش هيبقا فاضل ليكم غير بعض يا أبنى، والجفا لو فات بينكم صدقنى هيعشش ومش هيسلاكم وهيبقا عالدنيا السلام ..
” كريم ” بتهذب.
– ربنا يديك الصحة يا أبااا ويخليك لينا أنت وأمى ده أحنا من غيركم منساويش واللّٰه..
” عمران ” برزانة.
– وبرضو يا أبنى الدنيا من غير مراتك ماتساويش..
أطلع يا أبنى طيب بخاطرها بكلمتين دى الولية حبلة ومينفعهاش الزعل أبداً..
” كريم ” وهو يهم بالوقوف.
– حاضر يا حاج هقوم عشان خاطرك أنت بس وعشان خاطر زعلها ميهونش عليا دى برضو مراتى وأم عيالى وبحبها..
” عمران ” بإبتسامة صافية وهو يهز رأسه بتقدير.
– عين العقل يا أبنى..
ربنا يديم المودة والرحمة بينكم يارب…! وما أن رحل حتى جاء كل من ” صبا ” برفقه شقيقتها ” زينة ” وزوجه أبن عمتها ” زينب “، فأبتسم لهم الجد بحنان ومن ثم تابع حديثه بمحبة.
– تقبل اللّٰه منكم يا بنات..
جيتم فى وقتكم واللّٰه..
تعالى يا ” صبا ” أقعدى مكانى عشان أنا رايح لجدك ” عسران ” عند عمك ” إسحاق ” لأحسن مستنينى من بعد صلاة العشا وأنا إتأحرت عليهم عشان ماسبش المخبز لحاله..
” صبا ” بمحبة.
– أتفضل يا جدو وأنا هنا متقلقش..
” عمران ” بحنان وهو يهم بالرحيل.
– اللّٰه يباركلك يا بتى..
ثم تابع وكأنه تذكر شيئاً للتو وهو يستدير بجسده لها.
– صحيح يا ” صبا ” هيفوت عليكى عمك ” فتوح ” كمان ساعة هتلاقى ٥٠٠ج فى الدرج أديهمله للمائدة..
” زينة ” بهدوء فهى تستخسر صرف الأموال فيما ليس له داعٍ.
– يا جدى مالوش لزمه حوار المائدة كل سنة ده..
كده كده اللى بيفطر عليها أهل الحارة مش حد غريب والفلوس دى حضرتك أولى بيها أنت وتيتة..
” عمران ” بلطف.
– يا بتى دى لوجه اللّٰه تعالى وعمرها ما كانت للعبد أبداً..
أنتى عارفة ثواب إفطار صائم إيه عند ربك أياً كان قريب ولا غريب..
وبعدين دى عادة يا ولاد ومتنسوش أن اللقمة بتزيح النقمة، يمكن تزيح عننا البلاء والوباء اللى أحنا فيه ده..
” زينة ” بحنان وهى تربت على كتف جدها.
– ربنا يتقبل منك يا جدى وما يقطع ليك عادة أبداً..
” عمران ” متمتماً بتمنى.
– آمين يارب..
يلااااا بالإذن يا ولاد..
الجميع فى صوت واحد.
– إذنك معاك يا جدى..
” زينة ” بعد رحيل الجد.
– أنا هطلع أشوف العيال يا ” صبا ” عايزه حاجة…؟
” صبا ” وهى تجلس على المكتب مكان جدها.
– عايزه سلامتك..
” زينب ” وهى تذهب خلفها.
– أستنى خدينى معاك يا ” زينة “…! قالتها وهى تلحق بها تاركه ” صبا ” تقوم بأعمالها التى كلفها بها جدها بكل حب، وأثناء عملها جاء إليها ” سليم ” بعدما أنهى صلاته للتو مردداً بأبتسامة ساحرة.
– أزيك يا ” صبا “…؟!
فرفعت ” صبا ” عيناها ناظره إليه بحب شديد ومن ثم إستفاقت على حالتها وهتفت وهى تغض بصرها بعيداً عنه.
– أهلاً يا بشمهندس أتفضل..
” سليم ” بأبتسامة ملطفه على شفاه وهو يجلس قبالها على الجانب الآخر من المكتب.
– جدى مش هنا ولا إيه…؟!
” صبا ” وهى تذهب لوضع القطايف فى الأرفف الخاصة بها.
– جدو راح لجدو ” عسران ” عند ” عم إسحاق “..
لو محتاجه فى حاجة ضرورى ممكن تروحله أو تبعتله ” ريم ” ولا ” ليلى ” يندهوه..
” سليم ” بأبتسامة وهو ينظر إليها وكأنه ينظر لها ولأول مرة متجاهلاً حديثها السابق.
– تعرفى أن الحجاب حلو فيكى جداً..
أنا أول مرة أحب الحجاب على حد كده..
” صبا ” وهى تـُـشـيـح بنظرها بعيداً عنه فى حرج وخجل واضح.
– شكراً لذوقك..
ميرسى على الــ compliment اللطيفة دى يا بشمهندس..
” سليم ” بأبتسامة صافية.
– ده حقيقى يا ” صبا ” مش compliment أنا شايف الحجاب عليكى يهبل بجد..
” صبا ” بمرح مغيره مجرى الحديث.
– اللّٰه يكرمك يا بشمهندس ده بس عشان مش متعود عليا بالحجاب ما أنا مش بلبسة غير وأنا بصلى بس..
” سليم ” بأبتسامة خاطفة.
– أنتى مختلفة أوى يا ” صبا ” كل ما بصلك بحس بحيرة كبيرة أوى..
” صبا ” بغرابة من حديثه هذا.
– مش فاهمة قصدك يا بشمهندس…؟!
وهو إيه اللى فيا مختلف..
” سليم ” بنظرات باسمة.
نعم فالنظرات أيضاً لها إبتسامات تُُسحر، وتُـهـلك، وتُـغرق، فكانت تلك هى نظراته بالتمام والكمال المصوبه لها.
– كلك على بعضك يا ” صبا ” تركيبة مختلفة ملقتهاش ولا هلاقيها فى حد..
اللى يبصلك يقول أنك بنت بلد بجد وبـ ١٠٠ راجل واللى يعاشرك يعرف قد إيه قلبك جميل وحنينة على الكل..
اللى يشوفك يشوف فيكى lady وكأنها جاية من التجمع ولا مارسيليا ميقولش خالص أنك من حارة ” البنفسج “..
” صبا ” وهى تضع أعينها بالأرض خجلاً.
– مش معنى أنى من حارة شعبية يا بشمهندس أنى أكون وحشة أو مبهدلة ولا حتى بلدى زى ما السينما والتليفزيون دايما مصورنا، أنا فى الأول وفى الأخر بنى آدمه وإنسانة عايشة زى ما ملايين غيرى عايشين من الستات والبنات..
ثم تابع وهى ترفع نظرها لمواجهه أنظاره وهى تردد بغرابة.
– أنت عارف إيه الغريب بجد يا بشمهندس ومختلف فعلاً…؟!
” سليم ” بتساؤل وهو يضيق عيناه بغرابة.
– إيه…؟!
فتابعت ” صبا ” حديثها بثقة ورزانة قد إكتسابتهم جيداً من جدها.
– الغريب أنك برغم أنك أتولدت وعشت فترة كويسة من عمرك فى الحى هنا إلا أنك راجع ناسى كل حاجة وناسى أزاى الناس عايشة هنا..
مش دايما الشكل أو الهيئة بيكونوا صادقين يا بشمهندس ساعات كتير أوى الدنيا بتخدعنا بمظاهرها الكدابة وأحنا بنتخدع فعلاً بس بنفوق متأخر أوى فى وقت مش مسموح فيه بالندم أو حتى الآسف…! أنهت حديثها وهى ترجع بظهرها إلى الخلف ناظره إليه تحاول إستشفاف ما يدور بداخله ولكنها فشلت فشلاً ذريع.
ظل ” سليم ” ينظر إليها نظرات مبهمة شارده فى كل كلمة تفوهت به، يشعر وكأن حديثها هذا بمثابة رسالة خفية من المولى عز وجل له وكأنه ينطبق وبشدة على حالته ووضعه هذا فنطق دون وعى منه وهو ينظر إلى اللاشئ يهز رأسه فى شرود.
– عندك حق يا ” صبا ” المظاهر ياما بتخدعنا..
ثم أضاف بعدما إستفاق من حالته التى هو عليها الآن.
– عن إذنك هطلع أشوف تيتة..
فأبتسمت له ” صبا ” إبتسامة مهزوزة لم تصل إلى عيناها ومن ثم رحل فى صمتاً تاركاً إياها تشعر بنزيف قلبها وكأنه عاد ينزف من جديد..
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
الرواية كاملة اضغط على : (رواية حي البنفسج)