روايات

رواية حي البنفسج الفصل الثلاثون 30 بقلم نور بشير

رواية حي البنفسج الفصل الثلاثون 30 بقلم نور بشير

رواية حي البنفسج الجزء الثلاثون

رواية حي البنفسج البارت الثلاثون

رواية حي البنفسج
رواية حي البنفسج

رواية حي البنفسج الحلقة الثلاثون

” ٣٠ رمضان “.
أول أيام عيد الفطر المبارك:
فى منزل ” آل نصار ” وتحديداً بداخل غرفة ” فريدة ” حيث تجلس أعلى فراشها الوثير تضم ساقيها إلى صدرها وتبكى بشدة بكاءٍ مرير وإذا بها تجد والدتها تدلف إليها وهى تحمل صينية الطعام لها مردده بتهكم.
– أنتى إيه اللى بتعمليه فى نفسك ده…؟
على رأى المثل جنازة حارة والميت كلب..
ده بركة أنه غار ده لا كان من مستوانا ولا من قيمتك، بكرا يجيلك سيد سيده..
قومى..قومى كلى وبلاش هبل..
” فريدة ” بصريخ.
– أنتى اللى تقومى..
أطلعى بره سبينى فى حالى بقاااا عايزه منى إيه تانى بعد ما خربتى بيتى…؟!
” سهير ” بتهكم.
– بقا أنا اللى خربت بيتك..؟ أنتى بتقوليلى أنا الكلام ده..؟
هو أنا اللى قولتلك خليكى غبية وأفضحى نفسك..
” فريدة ” بهستيريه.
– أنتى السبب..

 

 

أنتى اللى فضلتى تزنى عليا عشان أنفذ خطتك الدنيئة دى وأنا كنت زى العامية بطيعك والغل والحقد عامينى..
أنت السبب..
أنتى اللى خلتينى أضيع حب عمرى من أيدى، وعمرى ما هسامحك أبداً..
” سهير ” بغضب وشر.
– أنا برضو السبب..
مش أنتى اللى مكانش عاجبك عيشتك مع الكحيان ده..
مش أنتى اللى مكنتيش طايقة اللى أسمها ” صبا ” دى وعايزه تكسرى مناخيرها بأى طريقه..
” فريدة ” بغضب وبكاء يقطع له نياط القلب.
– كنت غبية..
كنت غبية ومكنتش مقدره قيمة جوزى وبدل ما أحكيلك وتوعينى وتقوليلى أزاى أحافظ على بيتى وتصحينى من غفوتى جيتى أنتى بوظتى كل حاجة..
أنا بكره نفسى وبكرهك وبكره اللحظة اللى سمعت كلامك فيها..
” سهير ” بغضب.
– أنتى قليلة الأدب وأنا معرفتش أربيكى..
هو فى بنت محترمة تقول لأمها كده..
” فريدة ” بغضب.
– أنتى فعلاً معرفتيش تربينى وفشلتى فأنك تكونى أم..
أنا مكسوفة أنك أمى، ومكسوفة من نفسى..
أنا لو كان عندى حق إختيار أم مناسبة عمرى ما كنت هختارك..
بس أنتى عارفة أنا مش هلوم عليكى، أنا هلوم نفسى بس لأن فى غيرى كتير أوى أتولدوا وعاشوا من غير أم وكانوا متربين أحسن منى مليون مرة..
أنا السبب..

 

 

أنا السبب اللى سمعت لشيطانى وعطيته الفرصة يوسوس ليا..
” سهير ” وكأن أحدهم قد صعقها بصاعق كهربائى على أثر إستماعها لحديث إبنتها الذى كان كالسكين الحاد الذى يمزق قلبها إلى أشلاء وهى تردد دون وعى من شدة صدمتها.
– للدرجة دى بتكرهينى..
للدرجة دى بتكرهى أمك اللى كل مناها فى الدنيا أنها تشوفك سعيدة ومبسوطة..
أنا كان كل همى أنى أشوفك مرتاحة فى حياتك ومع الشخص اللى يستهلك واللى يعيشك عيشة مرتاحة..
كان كل همى أنك متعشيش اللى أنا عيشته أنا وأبوكى فى الغربة والمرمطة لحد ما وصلنا للى أحنا فى ده..
أنا كان بيعدى عليا أيام أنا وأبوكى مش لاقين اللقمة نأكلها وكنت من كتر الدين اللى علينا بشيل طاقية ده ألبسها لده..
أنا شوفت أنا وأبوكى الويل لحد ما وصلنا للى أحنا فى ده عشان كده كان كل همى أشوفك مبسوطة وعايشة عيشة مرتاحة..
مكنتش عيزاكى تدوقى الفقر والويل اللى أنا دوقتهم أنا وأبوكى يا بنتى..
” فريدة ” بغضب وتنفسها يعلو ويهبط من فرط غضبها.
– أنتى عمرك ما سبتى بابا ولا عمرك إتنازلتى عن حبك له عشان الفقر اللى كنتم عايشين فيه بل بالعكس فضلتى واقفة جمبه وفضلتى حبك على الفقر اللى كنتى عايشة فيه لحد ما ربنا كرم بابا وسافر وأشتغل وكبر وخلفتينى وقتها..
ثم تابعت بمرارة.
– أنما بقا حالة ” سليم ” كانت أحسن مليون مرة من حالة بابا وهو صغير..
بابى كان قاعد فى شقة إيجار قديم أما ” سليم ” فكان عنده شقته اللى تشوفيها تقولى أنها من الزمالك ولا التجمع مش فى حتة حى شعبى مغمور..
بابى سافر وهو عنده ٤٠ سنة عشان يشتغل ويبدء حياته لكن ” سليم ” سافر وهو عنده ٢٠ سنة وبدء حياته وكون نفسه ورجع معاه فلوس ومعاه شقة ومتجوز وكان بيتمنى أنى أخلف له بيبى يشيل أسمه..
” سليم ” عنده عيلة وعزومة وناس كتير بيحبوه وبيحبهم كان ممكن أوى أحبهم أنا كمان وأعتبرهم أهلى وعزوتى اللى أنا محرومة منهم بس أنا السواد والحقد ملى قلبى..
السواد والحقد خلونى ما أشوفش كل الحلو ده ولا أقدر حب ” سليم ” وتفضليه ليا على بنت عمه..
السواد والحقد خلونى بنى آدمه أنانية ولا بتفهم ولا بتقدر قيمة حاجات كتير كانت حلوة وضيعتها من بين أيديها..
وأنتى بدل ما تفوقينى وتدينى قلم يردنى للطريق الصح وتقوليلى أن غيرى مش لاقى ربع العيشة اللى أنا عيشاها خلتينى أتبطر أكتر على عيشتى وأشوف أنها عيشة متتعاش ومتلقش بيا..

 

 

خلتينى أكره ” صبا ” أكتر رغم أنها عمرها ما أذتنى ولا جرحتنى بكلمة وبتتعامل بكل ذوق حتى أنتى شوفتى بعينك ده رغم أنى أنا اللى واخده منها حبيبها وخطيبها..
أنا مش عارفة ألومك ولا ألوم نفسى بس الغلط مش غلطك الغلط غلطى أنا اللى سبت شيطانى يتحكم فيا ويضيع حبيبى من بين إيديا..
” سهير ” ببكاء على حالة إبنتها تلك.
– يا بنتى ربنا يعلم أنا كان كل غرضى أشوفك مرتاحة ومبسوطة..
كان كل همى أنى أضمنلك حياة ومستقبل أحسن منى أنا وأبوكى وده مش عيب يا حبيبتى ولا غلط..
” فريدة “” بوجع.
– فعلاً مش عيب ولا غلط يا ماما..
بس الغلط كان فى طريقة تفكيرنا وتصرفنا..
ياريتنى سمعت كلام بابى..
ياريتنى رضيت ووافقت بعيشتى ومفكرش فى أذية حد ما أذانيش..
ياريتى ما عملت اللى عملته وفضلت جمب ” سليم ” لآخر عمرى..
” سهير ” بخجل من نفسها.
– أنا أسفة يا ” فريدة “..
أسفة يا بنتى، أنتى عندك حق أنا غلطت فى حقك من غير ما أدرى وكنت فاكره أنى كده بعمل الصح..
ثم أضافت بحزن.
– روحى لجوزك يا بنتى وأعتذريله..
روحى وأعتذرى لـ ” صبا ” كمان يمكن يسامح ويردك لعصمته تانى..
” فريدة ” بحزن.
– خلاص يا ماما معدش ينفع..
أنا أهانت رجولة ” سليم ” قصاد عيلته وأهل المنطقة كلها ومعتقدش أنه هيسامح فى ده أبداً ولا حتى هيسامح فى حق ” صبا ” اللى قالى وأعترفلى بحبه ليها وأنه محبش ولا هيحب غيرها..
أنا ضعت وضيعت كل حاجة يا ماما خلااااص..
” سهير ” بحزن ونبرة حانية.
– بس أنتى بتحبيه ولازم تحاربى عشان حبك ده..
” فريدة ” بحزن ومرارة.
– الحرب أنا خسرتها من زمان أوى ونتيجتها مش لصالحى..
” سهير ” وهى تسحب أبنتها من يديها ساحبة إياها إليها بحنان.

 

 

– الحرب لسه مخلصتش والحب لسه فى قلبك لجوزك يبقا تروحى له وتعتذرى منه ومن العيلة كلها وأنا هصالح أبوكى لأحسن مقاطعنى من ساعة اللى حصل ولا بيأكل ولا بيشرب معايا ولا حتى بينام فى أوضتنا وبينام فى أوضة الضيوف..
هصالحه وهعتذرله أنا كمان وهجيبه وهحصلك على بيت أهل جوزك وهعتذرلهم بنفسى وهصلح غلطى يا بنتى..
” فريدة ” والأمل بدء ينتعش بداخل صدرها من جديد.
– بجد يا مامى..
يعنى لسه فى وقت أقدر أكفر بيه عن غلطى..
” سهير ” بحنان.
– ” سليم ” طيب وبيحبك ولو مكانش بيحبك مكانش ساب بنت عمه وأتجوزك..
جوزك حنين وهيسامحك يا ” فريدة ” المهم ترديله كرامته اللى أنتى أهانتيها قصاد عيلته وهيسامحك..
ومتنسيش تعتذرى لـ ” صبا ” هى كمان ملهاش ذنب فى كل اللى حصل ده وحقها عليكى أنك تعتذرى ليها..
ثم تابعت بحماس محاولة بث إبنتها الأمل.
– يلاااا..
يلااا قومى أتزوقى وألبسى أحسن حاجة عندك وروحى راضى جوزك وعيشى يا حبيبتى..
فأبتسمت لها ” فريدة ” بحماس ومن ثم أرتمت بين أحضانها مردده بإمتنان.
– ميرسى أوى يا مامى بجد، ربنا يخليكى ليا..
فربتت ” سهير ” عليها بحنان وهى تردد بندم حقيقى.
– ربنا يقدرنا على تصليح كل اللى بوظناه ويحنن قلب جوزك عليكى..
وبالفعل ذهبت ” فريدة ” لتتجهز وأرتدت أرقى ملابس لديها وتزينت فى أبهى زينتها ومن ثم ذهبت إلى حيث منزل ” آل عمران ” بذلك الحى الشعبى..
وفى منزل ” آل عمران ” بعد صلاة العيد مباشرةٍ يجلس الجميع يتناولون الفطور الرسمى لهذا اليوم وهو ” الكعك والبسكويت ومعه أكواب الشاى بحليب ” الذى يعتبر موروث وتراث منذ آلاف السنين ملازماً لأيام العيد والفطور الأول لعيد الفطر..
وكان المشهد كالأتى:
يجلس الجميع فى حب يتناولون الفطور فى جو من البهجة والحب والسعادة التى إشتاقوا إليها منذ سنوات، فهم لم يجتمعوا جميعهم معاً فى أيام العيد منذ عشرة سنوات تقريباً وها هو الغائب قد عاد وعاد معه الفرح إلى قلوبهم من جديد، فكان كل ثنائى يجلس معاً يتناول فطوره والجد والجدة يترأسون المجلس فارحين وبشدة بجمعتهم تلك..
أما ” صبا ” و ” سليم ” فكانوا يشعرون وكأنهم بعالم آخر غير ذلك العالم، فكان ” سليم ” يجلس يتناول فطوره ويقوم بإطعام ” صبا ” بيديه بين الحين والآخر فيجعلها تقضم قضمه من البسكويت ويقضم هو الأخرى فلاحظه ” كريم ” وهتف بمرح ونبرة ذات مغزى.
– ما تلم نفسك يا واد عمال تأكل فى البت بيإيدك ولا أكن أبوها قاعد قصادك..
” سليم ” بفخر وإبتسامة عريضة كشفت عن أسنانة بحب.
– مراتى يا عمى ومحدش له عندى حاجة..
فشعرت ” صبا ” بالحرج الشديد والخجل فى آن واحد متمنيه أن تنشق الأرض وتبتلعها فى تلك اللحظة، فتابع ” كريم ” بمرح.
– لا يا حلو البت بتى لسه لما تدخل بيتك أبقا أفرض ضلوعك براحتك..
” سليم ” بحب.

 

 

– وهو أنا كتبت كتابى عليها عشان تقعدلى بالمرصاد يا عمى..
” كريم ” بنبرة ذات مغزى.
– لا كتبت كتابك عليها عشان تتسهوك براحتك يا أخويا..
” عمران ” بضحك ونبرة يملؤها السعادة لما يحدث أمام أعينه بتلك اللحظة فهو قد إشتاق إلى ذلك المشهد وتمناه منذ سنوات مضت.
– ما تهدى عالواد شوية يا ” كريم ” البت بقت مراته خلاص وكلها أيام وتبقا فى بيته وبعدين دى بنت خالته برضو يعنى زى أخوهااا..
” سليم ” بغيظ.
– أخوهاااا مين يا جدى ده أنا أرتكب جناية هنا..
قال أخوهاااا قاااال..
ثم تابع وهو ينظر إلى عمه بمرح.
– بتك بقت تخصنى خلاص يا ” كيمو ” وبقا ليها فيها أكتر منك..
” كريم ” بمرح.
– آاااه يا واطى ربنا يهنى سعيد بسعيده يا أخويا..
” عزيزة ” بنبرة ذات مغزى وإبتسامتها اللعوب تزين ثغرها.
– قصدك ربنا يهنى ” سليم ” بـ ” صبا ” يا واد ههههه..
” صبا ” بخجل وهو توبخ ” سليم ” بصوتاً منخفض للغاية لا يسمعه سواهم.
– عجبك كده..
أهو هيفضلوا يحفلوا علينا للعيد الجاى..
” سليم ” بحب.
– ولا فارق معايا أى حاجة المهم أنك بقيتى مراتى..
فأبتسمت له ” صبا ” على أثر نطقه لتلك الكلمة التى ولا يوماً تخيلت أن تسمعها من فمها بمثل تلك الطريقة أو ذلك الموقف وما أن همت بالحديث حتى وجدت ” فريدة ” تدلف من باب الشقة بخجل شديد وهى تفرك بيديها فى توتر فإنمحت سريعاً بسمتها تلك وتحجرت عيناها على أثر دخول ” فريدة ” المفاجئ مما جعل ” سليم ” يشعر بالغرابة فإستدار برأسه ليرى ما تنظر إليه حتى أنصدم وبشدة من وجود ” فريدة ” أمام أعينه، فهب واقفاً صائحاً بغضب وعيناه تغيم من فرط انفعاله.
– أنتى إيه اللى جابك هنا…؟!
أمشى أطلعى بره..

 

 

فأنتبه الجميع على حديثه ونبرته ونظراته التى أصبحت حادة للغاية فنظروا هم بدورهم إلى ذلك الذى يوجه إليه ” سليم ” نظراته تلك فإذا بهم تلجمهم صدمتهم من عودة ” فريدة ” مرة أخرى وخصوصاً بعد زواج ” سليم ” من ” صبا “..
” فريدة ” بخجل شديد وهى تعبث بيديها فى حقيبتها بإرتباك وحرج شديدان.
– أنا..
أنا جاية يا ” سليم ” عشان..
” سليم ” بغضب.
– أنتى ملكيش مكان هنا وحاجتك ” نصار بيه ” أخدها معاه أول أمبارح وهو ماشى..
” عمران ” برزانة وهدوء.
– أستهدى يا أبنى باللّٰه لما نشوف البنية جاية ليه..؟
ثم تابع وهو يوجه حديثه إلى ” فريدة ” بهدوء.
– خير يا بنتى إيه اللى رجعك تانى، هو مش كل حى راح لحالة خلاص..
” فريدة ” بإنكسار.
– أنا جاية عشان أعتذر يا جدو وأطلب من ” سليم ” و ” صبا ” أنهم يسامحونى ومنكم كلكم..
ثم أضافت بندم.
– أنا عارفة أنى غلطت أوى فى حقكم بس واللّٰه أنا ندمانة وبتمنى من ربنا أنكم تسمحونى وتدونى فرصة أرجع وسطكم من تانى..
فشعرت ” صبا ” بأن قلبها قد هوى بين قدميها وأن عبراتها على وشك الهطول، فهمت بالرحبل تاركه إياهم جميعاً إلا أن ” سليم ” أجتذبها من يديها شابكاً أنامله بأناملها مما أثار غيرة ” فريدة ” وغرابتها من ذلك المشهد الحادث للتو أمام أعينها..
فنطقت ” فريدة ” وهى تنقل بصرها بين أيديهم المشبكة بعضهم ببعض وأعين ” سليم “، وأعينها مليئة بالعبرات المحتجزة وتابعت بنبرة مهزوزة.
– أنا أسفة يا ” سليم ” بس أرجوك متعملش فيا كده..
أنا أسفة وندمانة على كل اللى عملته وقولته…! ثم أضافت بعدما سقطت عبرة منها همت بإزالتها سريعاً.
– أنا مش عارفة أنا عملت كده أزاى وأزاى أديت فرصة للشيطان أن يتحكم فيا، بس واللّٰه أنا ندمانة..
ندمانة يا ” سليم ” وعمرى ما هفكر أنى أعمل اللى عملته أو اللى قولته ده تانى..
” سليم ” وهو يشدد على يد ” صبا ” الممسكة به بحب، محاولاً بثها الأمان.
– الندم حلو يا ” فريدة ” لأنه بيعرفنا أخطاءنا وبيعيشنا العمر كله خايفين لنقع فيها من تانى وبنحاول نسد أى ثغرة ترجعنا لنقطة الصفر، بس الندم ساعات بيكون جاى متأخر أوى فى وقت مينفعش فيه الندم..
ثم تابع بهدوء مميت.

 

 

– أنتى كان عندك بدل الفرصة أتنين وتلاتة عشان تراجعى نفسك وتفوقى بس ده محصلش وسكنتك كانت سرقاكى..
أنتى فوقتى بس فوقتى متأخر ومتأخر أوى كمان..
فوقتى بعد ما ضيعتى كل حاجة حلوة كانت بينا..
ضيعتى الحب وضيعتى الذكريات والمواقف الطيبة اللى عشناها…! فهمت ” صبا ” بترك يديه والرحيل ثانياً إلا أنه أعادها وهو يشدد من ضغطه على يديها بحنان محاولاً بثها الحب والأمان من خلال ضغطاته تلك ثم تابع بعدما نظر إلى ” صبا ” نظرات هادئة داعمه لها ومطمئنه.
– أنتى ضيعتى كل حاجة يا ” فريدة ” حتى حبى ليكى اللى رهنت عليه..
متلوميش إلا نفسك يا ” فريدة ” ولو عايزه تصلحى غلطك بجد يبقا رجعى الزمن عشان تقدرى تستغلى كل فرصة جاتلك كان ممكن تثبتى ليا فيها قد إيه بتحبينى وقد إيه باقية عليا وعايزانى..
لو قدرتى ترجعى الزمن يمكن ساعتها تقدرى ترجعى حبى ليكى اللى خلاص مبقاش له وجود..
ثم تابع بإبتسامة صافية وهو يرفع كف ” صبا ” ملثماً إياه بقبلة حانية واضعاً من خلالها كل ما يشعر به من حب وفخر وإعتزاز ومن ثم نظر إلى ” فريدة ” التى تشعر بنيران الغيرة تتملكها فهى تغار عليه وبشدة فهتفت بوجع ومرارة.
– ” سليم ” سيب أيدها أرجوك وبلاش تعاقبنى العقاب القاسى ده..
” سليم ” بجمود ونبرة ذات مغزى.
– أعاقبك يعنى لسه بحبك، أو باقى عليكى، أو بكنلك أى مشاعر لكن للأسف يا ” فريدة ” أنا مفيش أى مشاعر فى قلبى ناحيتك حتى الكراهية مش لقياها ليكى..
بس اللى أنا متأكد منه أن كل الحب اللى فى قلبى وكل مشاعرى هى ملك مراتى ” صبا “…! قالها وهو يرفع يديها ملثماً لها من جديد، فأبتسمت ” صبا ” برضا وهى تشعر بأن كرامتها قد عادت إليها من جديد.
فشعرت ” فريدة ” وكأن الأرض تدور بها من شدة صدمتها وتلك الصفعة التى تلقتها للتو والتى لم تحسُب لها أى حساب من قبل، ثم نطقت بعدم تصديق.
– مراتك أزاى يعنى…؟!
لاااااا، لاااا أكيد فى حاجة غلط..
” سليم ” متعملش فيا كده بليز..
أنا مستعدة أستحمل أى عقاب..أى عقاب تقوله بس بلاش العقاب القاسى ده لأنى مش هستحمله..
أنت متجوزتهاش…؟!
أنت متجوزتش غيرى يا ” سليم ” صح…؟
” سليم ” بحب خالص لزوجته ” صبا “.
– ” صبا ” بقت مراتى يا ” فريدة ” شرعاً وقانوناً وقدام الدنيا كلها..
ثم أضاف بجمود وصلابة لها.
– وأنا مش ربنا عشان أعاقب يا ” فريدة ” بس لو عايزه تعتبريه عقاب، فالعقاب ده من صنع إيدك وأنتى اللى وصلتى نفسك لكده..
” فريدة ” ببكاء.

 

 

– لااااا، لااا أنا أكيد بحلم صح..؟
أنا أكيد بحلم يا ” سليم “، أنت مش ممكن تعمل فيا كده…؟!
” سليم ” بصلابة.
– طب يا ” فريدة ” تقدرى تمشى دلوقتى يمكن لما تروحى وتقعدى مع نفسك تقدرى تستوعبى أنى بقيت ملك غيرك وأنك معدش ليكى وجود فى حياتى..
فشعرت ” فريدة ” بخيبة الأمل ومن ثم ركضت إلى الخارج تبكى وتبكى وبشدة على ما أقترفته بحق نفسها ولكنها تشعر بأن هذا جزائها على ما بدر منها بحق زوجها وعائلته بأكملها، تشعر بالوجع من فكرة أبتعادها عنه وزواجه من أخرى ولكنها هى من جلبت كل هذا الوجع لنفسها وبنفسها وذلك بأكمله كان من صنع يديها والآن عليها أن تستحمل عواقب ما أفتعلته من قبل جراء أفعالها المشينة والمخجلة التى أدركتها متأخراً..
وفى المساء أعلى سطح منزل ” آل عمران ” حيث تقف ” صبا ” تتابع النجوم فى السماء وفى الهواء الطلق مما أدى إلى تتطاير خصلاتها فى شكلاً أقل ما يقال عنه خاطفاً للأنفاس متنهده بعمق لا تستطيع تصديق كل ما حدث معها خلال الأيام القليلة الماضية، لا تستطيع من الأساس تصديق فكرة أنها أصبحت زوجة لـ ” سليم ” بعد سنوات وسنوات من الإنتظار والتمنى، فأرجعت خصلاتها إلى الوراء ومن ثم أبتسمت بحب على أثر تذكرها أنها أصبحت زوجة له وأخيراً وإذا بها تجد من يحتضنها من الخلف مسنداً رأسه أعلى كتفيها مردداً بنبرة مسكره.
– حبيبى بيعمل إيه هنا لوحده…؟!
دورت عليكى تحت كتير ملقتكيش و ” زينب ” قالتلى هلاقيكى هنا..
” صبا ” وهى تتحسس بيديها يديه الممسكه بها بكل حب.
– بفكر فى حبيبى..
ثم تابعت بعدم تصديق.
– أنا لحد دلوقتى مش قادره أصدق أنى بقيت مع الراجل الوحيد اللى أتمنيته..
لحد دلوقتى حاسة أنى فى حلم جميل أوى خايفة أصحى منه وملقكش جمبى..
” سليم ” وهو يقبل كتفها بحب ولايزال محتضناً إياها بتملك شديد.
– أحنا الأتنين فى حلم جميل أوى يا ” صبا ” ووعد منى أننا هنعيش عمرنا كله فى أحلام بنحقهها سوا..
فأستدارت له ” صبا ” مطوقه بيديه عنقه مردده بحب.
– وعد يا ” سليم “..
” سليم ” بحب.
– وعد يا قلب وروح وعين ” سليم “..
فأحتضنته ” صبا ” وهى تغمض عيناها مشتمه رائحته معبئه بها رئتيها مردده بنبرة مسكره.
– بحبك..

 

 

فشددت ” صبا ” من أحتضانه وهى تتمايل بداخله مدندنه بحب.
– أنا.. أنا كلى ملكك.. أنا كل حاجه حبيبى فيا بتناديك..
أنا.. أنا مش بحبك… الحب كلمة قليلة بالنسبة ليك..
معاك بضحك وبفرح مبقتش خايفة
إزاى هخاف وأنا بين إيديك..
ساعات بخيالى بسرح..
قبل أما بحلم كل حاجة ألاقيها فيك..
والسنين هتفوت وتمشي منك أنت أنا مش همل..
بوعدك يا حبيبى عمرى شوقى ليك ما في يوم يقل..
هبقى فرحك وقت حزنك فى التعب تلاقينى حضنك..
كل يوم من عمرى ليييييك..
أنا.. أنا كلى ملكك.. أنا كل حاجة حبيبى فيا بتناديك..
أنا.. أنا مش بحبك.. الحب كلمة قليلة بالنسبة ليك..
فحملها ” سليم ” دائراً بها فى حباً شديداً ومن ثم هتف بعدما أوقفها أمامه ولايزال محتضناً إياها بتملك بعدما وضع قبلة حانية أعلى جبهتها.
– بحبك..

 

 

بحبك ومحبتش ولا هحب غير ” صبا “..
ثم قضوا الليلة سوياً أعلى سطح المنزل يضحكون ويمزحون تارة ويحبون بعضهم البعض تارة أخرى حتى غفت ” صبا ” بين أحضانه وهم يجلسون أعلى الأرضية، فهم لم يذوقوا للنوم مذاق منذ أمس، هم وجميع أهل المنزل بأكمله بمناسبة ليلة العيد، وها هى قد غفت بين أحضانه فإبتسم بحب ومن ثم وضع قبلة حانية أعلى جبهتها ثم رفع رأسه للأعلى متمتماً بسعادة لا توصف.
– اللهم لك الحمد حتى ترضى، ولك الحمد إذا رضيت، ولك الحمد بعد الرضا..
الحمدللّٰه يارب أنك كتبتها ليا وجعلتلى نصيب فيها…! ثم تنهد بسعادة وكأنه قد وصل للتو إلى نهاية مشواره مقبلاً جبهتها مرة أخرى، ومن ثم أسند رأسه على رأسها وهى لاتزال بداخل أحضانه وظل يتابع السماء بسعادة حتى غفى هو الآخر سهواً بعدما قضى وقتاً كبيراً وهو يتأمل السماء تارة ويتأمل محبوبته تارة أخرى..
تمت بحمداللّٰه..

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية حي البنفسج)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!