رواية حي البنفسج الفصل الثامن عشر 18 بقلم نور بشير
رواية حي البنفسج الجزء الثامن عشر
رواية حي البنفسج البارت الثامن عشر
رواية حي البنفسج الحلقة الثامنة عشر
” ١٨ رمضان “.
تابع اليوم السادس:
بمجرد ما أن أغلقت ” فريدة ” الخط حتى فرت دمعة هاربة من أعينها على أثر توبيخ والدها لها فهى لأول مرة بحياتها يجرحها والدها بهذا الشكل وبتلك الطريقة من أجل زوجها، فأردفت من بين عبراتها.
– بقا كده يا بابى..
هو أنا اللى بنتك ولا “سليم “..
ثم تابعت بتفكير وهى تمسح عبراتها بحزن.
– أعمل إيه بس ياربى ده بابى أول مرة يزعل منى بالشكل ده..
كله منك يا ” سليم ” أنت اللى عملت فينا كده، أهى أهى أهى…! قالتها ومن ثم أجهشت فى البكاء من أجل ما فعله والدها بها.
وبالخارج يدلف ” سليم ” من باب الشقة وبمجرد ما أن أغلق الباب خلفه حتى دلف إلى غرفة الأطفال وهوى على أقرب مقعد واضعاً رأسه بين راحته، يشعر بالتخبط والضياع وكأن العالم قد توقف عند تلك اللحظة التى أستمع فيها إلى ذلك الخبر الذى وقع على أعتاقه كوقوع الصاعقة المدمرة التى دمرت معها الأخضر واليابس..
– أيعقل أنها ستتزوج حقاً…؟
– أيعقل أن من قام برفضها يوماً والتهرب منها ستكون لغيره بعد كل تلك السنوات التى أنتظرته خلالهما…؟
– أيعقل أنها ستبنى وتؤسس حياتها الخاصة التى رفض يوماً أن يكون جزءاً منها…؟
– أيعقل أنها ستنفلت من يداه كإنفلات حبات اللؤلؤ من الخيط المحاط بها…؟
عند هذا الحد من الأفكار شعر وكأن رأسه ستنفجر منه أو أنه سيصاب بجلطة دماغية على أثر الإستغراق فى مثل هذا التفكير الذى سبب له نيران حارقة وبشدة وأشعل لهيب الغيرة بداخله..
نعم يغار..
ويغار بشدة أيضاً..
– أيعقل أنه يغار عليها حقاً كما حدثه قلبه منذ لحظات…؟
وهنا أتاه الصوت من عقله محاولاً إفاقته مما هو به.
العقل: أوعى تصدق يا أخويا أنك بتغير عليها بجد..
ده أنت لسه شايفها من أسبوع يعنى ملحقتش تحبها..
القلب: بس أنت غيرت فعلاً..
أنت غيرت يا ” سليم ” والدليل هو حالتك دلوقتى..
الموضوع مش بالأيام قد ما هو بالروح والجوهر وأنت زى ما قولت قبل كده اللى لقيته فيها ملقتهوش ولا هتلاقيه فى واحدة غيرها..
العقل: أنا معاك فى دى بس مش أسبوع يا ” سليم “..
القلب: كل حاجة بتحصل مع الوقت إلا الحب ده بيحصل بين يوم وليلة زى ما حصل معاك دلوقتى..
العقل: بس برضو مش لدرجة الحب يا جدع..
أنت ممكن تكون أعجبت بروحها وبخفتها واجتهادها مش أكتر، يعنى الموضوع كله مجرد أعجاب وهيروح لحالة..
القلب: بس أنا عمرى ما كنت فى الحالة دى مع حد قبلها حتى ” فريدة ” مراتى عمرى ما حسيت بالأحاسيس دى تجاهها..
العقل: وهو مش أنت برضو اللى سبتها من سنين وسافرت ورجعت بـِـ ” فريدة ” ودوست عليها وعلى كلمتك لجدك وأبوك..
القلب: أنا لما سبتها وسافرت كانت هى عيلة صغيرة مكملتش ١٤ سنة..
كانت فى عمر ” دهب ” أختها يعنى ملحقتش أحبها ولا أعرفها حتى، ووقتها أنت ألتزمت مع جدك بالكلام ده أحتراماً له ولكلمته..
لكن لما بعدت قبلت ” فريدة ” وحبيتها..
العقل: وهو إيه اللى خلاك توقع كلمة جدك وتسيب بنت عمك وتتجوز غيرها..
القلب: حسيت وقتها أن الموضوع ممكن يكون أتنسى خصوصاً أنى سايبها عيلة بضفاير ولأنى مكنتش حاسس بأى حاجة تجاهها فقررت أتجوز ” فريدة ” أول ما شوفتها وحسيت أن مشاعرى أتحركت ليها..
ثم تابع ” قلبه ” بإنهيار شديد.
مش عارف..
مش عاااااارف..
أنا كل اللى أعرفه أنى حاسس بإنجذاب مش طبيعى تجاه ” صبا “..
حاسس أنى هحبها أو حبيتها مش عارف..
العقل: أنت حيرتنى معاك…!
أنت بتحب ” فريدة ” ولا منجذب لـِـ ” صبا ” وبتحبها..
قرر وقولى أنت بتحب مين عشان مفيش وقت..
القلب: مش عاااااارف..
أنا حاسس بالضياع، وكل اللى شاغلنى دلوقتى هى هتوافق على العريس ده ولا لأ..
العقل: وهو أنت شاغلك فى إيه توافق ولا ترفض..
أنت دلوقتى راجل متجوز والمفروض أنك بتحب مراتك وأنك مختارها بنفسك فبلاش هبل وركز على بيتك، ” فريدة ” متستاهلش منك كده..
القلب: ” فريدة ” فعلاً متستاهلش كده..
بس قلبى مش بأيدى واللى أنا حاسة دلوقتى صعب على أى راجل أنه يمر بيه أو يحسه..
العقل: أنت اللى عملت فى نفسك كده يا ” سليم “..
” صبا ” كانت ليك من الأول بس أنت اللى غدرت بيها وفضلت عليها ” فريدة “..
أستحمل بقااااا..
القلب: أنا مغدرتش بيها أنا مكنتش أعرفها..
أنا سبتها عيلة صغيرة ومكانش عندى أى مشاعر تجاهه..
قولى كنت هحبها أزاى…؟
أزاى هبص لعيلة صغيرة أو مشاعرى تتحركلها…؟
أزاى كنت هحس بيها أو أن فى جوايا مشاعر بتكبر ناحيتها…؟
العقل: يمكن معاك حق فى النقطة دى بس ده ميدكش الحق أنك تعيش ولما تقرر تعيش هى كمان وتشوف حياتها تزعل وقلبك يتكسر..
غير أن فى ” فريدة ” موجوده مينفعش تأذى مشاعرها أو تجرحها بالشكل ده..
أنسى يا ” سليم ” وفكر فى مراتك وبيتك وسيب بنت عمك تعيش زى ما أنت عشت وكملت حياتك..
القلب: صعب..
صعب أوى أنى أقاوم إحساسى ناحيتها بس هحاول..
هحاول عشان ” فريدة ” متستهلش منى كده وعشان كمان ” صبا ” تعرف تعيش وتكمل حياتها بعد ما أتجوزت وكسرت بخاطرها..
العقل: عليك نور..
كفاية أوى لحد كده يا ” سليم ” وفوق لنفسك عشان متضيعش اللى باقى ليك..
فشعر ” سليم ” بالضياع والتخبط أكثر من ذى قبل فرفع يديه فاركاً وجهه بألم وإذا به يجد باب غرفته ينفتح وتدلف منه ” فريدة ” التى يبدو عليها الإرتباك والقلق، فنظر إليها ” سليم ” بتشويش وهو يستطرد بنبرة مهزوزة.
– خير يا ” فريدة ” فى حاجة…؟!
” فريدة ” بتلطيف للأجواء.
– مفيش حاجة يا حبيبى..
يعنى هو لازم يكون فى حاجة عشان أجى أطمن على جوزى..
وبعدين هتفضل زعلان منى كده كتير وكل واحد فينا فى أوضة..
أرجوك يا بيبى متزعلش منى…! قالتها وهى تجلس إلى جواره واضعة كفوفها أعلى ساقية بدلال.
” سليم ” وهو يزيح يديها من عليه بإقتضاب.
– أوعى تفكرى يا ” فريدة ” أنك بحركاتك دى هتراضينى واللى بينا هيتصافه..
أنتى هزيتى رجولتى قدام أهلى وبينتى ليهم أنى مش راجل ولا عارف أسيطر على تصرفات مراتى..
” فريدة ” وهى تقترب منه بحب محاولة مراضته.
– يا حبيبى متقولش كده أنا مقدرش أعمل اللى أنت بتقول عليه ده، أنا بس كرامتى أتجرحت وأعصابى فلتت عشان كده مقدرتش أتحكم فى كلامى..
أرجوك يا ” سليم ” متقساش عليا أكتر من كده أنا مش أخده على معاملتك دى..
” سليم ” بإقتضاب.
– من هنا ورايح هتبقا دى معاملتى معاكى يا ” فريدة ” لو محترمتيش أنك فى عصمة راجل ومش أى راجل..
فتابع وهو يستدير إليها بخفة ناظراً إليها بثقوب.
– أنتى مرات ” سليم عمران ” راجل متربى على أيد رجالة وولاد بلد وفاهم فى الأصول كويس..
أوعى تفكرى أنى مبسوط بمعاملتى دى معاكى ولا ستى وأمى اللى أنتى محترمتيش وجودهم ربونى على كده، بس أنتى اللى أجبرتينى على الأسلوب ده معاكى فإستحملى بقا..
” فريدة ” بثقة ونبرة مدلله تحاول إستعطافه من خلالها.
– بس أنت بتحبنى ومش هتقدر تقسا على ” ديدا ” حبيبتك أكتر من كده صح..
بليز يا بيبى أنسى اللى حصل وتعالى نبدء من جديد..
” سليم ” وهو يعطى لها ظهرها ماسحاً على وجهه محاولاً التحكم فى أعصابه.
– ” فريدة ” متحرقيش بنزين معايا كتير، أنا اللى عندى قولته أمبارح وأنتى رفضتيه..
على الأقل أعتذرى لستى اللى أنتى معملتيش لوجودها أى أعتبار ولا أحترامتى سنها ومكانتها..
” فريدة ” بدلال ونبرة ذات مغزى وهى تحتضنه من الخلف.
– وأنا مستعدة أعمل أى حاجة عشان تسامحنى ولو أعتذارى لتيتة هيراضيك فأنا هراضيها عشانك يا حبيبى..
” سليم ” وهو يبتعد عنها مردداً بإقتضاب.
– أستغفر اللّٰه العظيم يارب..
أبعدى يا ” فريدة ” بليز أنا صايم وأنتى كمان صايمه، أنا مش راجل وضعى ولا حقير عشان أتصالح بكام حضن..
وبعدين تراضى تيتة عشان أنتى غلطتى مش عشانى أنا..
” فريدة ” بغضب من نبرته معها وحديثه الذى إهان كبريائها ودعس بكرامتها الأرض دعساً.
– أنا مراتك يا ” سليم ” مش واحدة من الشارع خد بالك أنت بتقول إيه كويس وحاسب على ألفاظك..
وبعدين أنا قولتلك هراضيها عشانك، عايز إيه تانى أكتر من كده..
” سليم ” وهو يستدير إليها ناظراً إلى أعينها بثقوب.
– هتراضيها عشان أنتى حاسة بحجم غلطك وندمانة عليه مش عشان تراضينى يا ” فريدة “..
يا فرحتى تنزلى تراضى تيتة النهارده عشانى وبكرا تزعليها وتنزلى تانى تراضيها عشانى برضو..
أنا عايزك تعرفى أنى مش هسمح بأن اللى حصل ده يتكرر بأى شكل من الأشكال لأن لو اتكرر موقفك هيبقا صعب أوى فى نظرى يا ” فريدة ” ولو وقفتى على رموشى مش هعرف أشوفك تانى زى ما كنتى فى نظرى قبل كده، وشوية الود اللى فاضلين بينا هتجيبى أخرهم بإيديكى..
” فريدة ” وهى تنظر له بتشويش وصدمه مما يتفوه به.
– ياااا للدرجة دى يا ” سليم “..
هو أنا وحشة أوى كده..
مش معقول مفيش أى حاجة عملتها ليك حلوة فى يوم من الأيام تشفعلى بيها غلطتى دى..
” سليم ” وهو ينظر إلى الجهة الأخرى بإقتضاب.
– للأسف الراجل مننا لما بيحب بيكون عايز يشوف أن حبيبته بتحبه زيه وأكتر كمان..
وده الراجل بيحسه لما بيلاقى الست اللى معاه شيلاه على كفوف الراحة وحاطه أهله زى التاج على رأسها عشان على قد محبتها له هتحب أهله وناسه وتعرف تعيش وسطهم..
الراجل زى ما بيحترم مراته ويديها قيمتها لازم هى كمان تحترمه وتديله قيمته وتحسسه بيها وتبينها قدام أهله والناس كلها..
ثم تابع وهو ينظر إليها قاصداً كل حرف يتفوه به ناظراً إلى أعينها بثقوب نظرات ذات مغزى عازماً على توصيل المعنى من خلالها وهو يتكأ على كل كلمة ينطق بها.
– أنا عمرى ما طلبت منك أنك تعملى ليا حاجة فوق طاقتك ولا عمرى دوست ليكى على طرف وربنا شاهد عليا وعليكى…! قالها وهو يرفع سبابته إلى الأعلى مشيراً للسماء بيديه كحركة تمثيليه عن أن اللّٰه يراهم ويعلم بما يدور بينهم ومن ثم تابع على نفس نبرته السابقة.
– عمرى فى يوم ما غصبتك على حاجة ولا أهانتك وقليت منك وسط أهلك وناسك زى ما أنتى عملتى معايا وسط أهلى وأهل الحارة وعلى عينك يا تاجر..
أنا عزيزتك وأكرمتك عشان أنتى وصية من النبى عليه والسلام قبل ما تكونى أمانة أبوكى آمنى عليها وعلقها فى رقبتى من يوم ما أتكتبتى على أسمى وأنتى فى مقابل ده مرمغتى برجولتى الأرض..
فأضاف وهو يؤشر لها بسبابته بتحذير.
– أنا مش هسمح بأى تجاوز تانى يا ” فريدة ” فى حقى ولا حتى فى حق أهلى وخليكى فاكره كويس أن على قد ما أنا بحبك ومتمسك بيكى فأنا برضو بحب أهلى اللى هما تاج على رأسى بتنزين بيه فى أى حتة وأى مكان ومتمسك بيهم..
أوعى تجبريتى يا ” فريدة ” فى يوم من الأيام أنى أتحط فى إختيار بينكم أنتم الأتنين ولا أقف فى النص متكتف لأن صدقينى ساعتها هتتفاجئ بـِـ ” سليم ” تانى أنتى متعرفهوش على قد ما أنا إتفاجئت بيكى..
” فريدة ” بنبرة مهزوزة، تشعر بتشويش الرؤية أمامها وهى تستمع إلى كل حرف ينطق به بتمعن شديد.
– أنا أسفة..
أوعدك يا ” سليم ” أنى مش هزعلك تانى ولا هزعل أى حد من عيلتك وهحاول اتأقلم بس بليز أدينى وقتى وأنا أوعدك أنى هتغير..
” سليم ” بإقتضاب.
– تمام..
أعملى حسابك بكرا اليوم من أوله هنقضيه تحت عشان سبوع ” زين ” أبن أخويا وأنا هكلم عمى أعزمه بنفسى عشان كمان العيلتين يتعرفوا على بعض..
معتقدش هيكون فى مناسبة أحسن من كده عشان يتقابلوا..
” فريدة ” بإقتضاب هى الأخرى وتسهيم فهى تفكر فى كل حرف تفوه به زوجها.
– أعمل اللى يريحك يا ” سليم “…!
وأنا زى ما قولتلك هراضى تيتة بكرا وهعمل كل اللى يراضيك..
” سليم ” بنبرة يملؤها الجدية.
– أنا هنزل ليهم تحت أحضر للمائدة وهكلم عمى ” نصار ” أعزمه ومتنسيش تكلمى مامتك تأكدى عليها أننا هنستناهم بكرا..
فهمت ” فريدة ” أن تتحدث فقاطعها ” سليم ” سريعاً بنبرة متعجله.
– من غير ما تقولى تيتة وجدو هما اللى طلبوا منى أعزمهم ولو كان فى معرفة سابقة بينهم كان جدى بنفسه هو اللى كلم عمى عشان يعزمه بس أن شاء اللّٰه بعد مقابلة بكرا كل حاجة هتبقا كويسة والعيلتين ياخدوا على بعض..
” فريدة ” بإبتسامة يملؤها الدلال.
– يسلملى حبيبى الحلو اللى بيخاف على مشاعرى ومشاعر الناس اللى تهمنى..
” سليم ” بنبرة ذات مغزى.
– أنتى مراتى وده الطبيعى بين أى راجل وست متجوزين وده حقك عليا زى ما أنا برضو حقى عليكى أنك تخافى على مشاعرى ومشاعر الناس اللى تخصنى..
” فريدة ” بدلال.
– خلاص بقا يا سيمو ميبقاش قلبك أسود بقااا..
أنا أسفة..
” سليم ” بهدوء وبعض اللطف.
– أنا نازل..
سلااااام، ومتنسيش تنزلى للفطار معانا تحت..
قالها ” سليم ” ومن ثم هبط إلى الأسفل حيث أبيه وجده وعمه وأبناء خالته حتى يساعدهم فى التحضير والإعداد للمائدة تاركاً ” فريدة ” تهاتف والدتها كما طلب منها ” سليم ” قبل هبوطه للأسفل بلحظات.
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
الرواية كاملة اضغط على : (رواية حي البنفسج)