رواية حياة نور الفصل الخامس 5 بقلم سارة أسامة نيل
رواية حياة نور الجزء الخامس
رواية حياة نور البارت الخامس
رواية حياة نور الحلقة الخامسة
<الفصل الخامس>
طُرقات مُلحَّه على الباب انتشلتها من نومها، فتحت عينيها بتمهل لِـ تنظر حولها بتعجب سرعان ما تذكرت ما حدث أمس لتُسرع بوضع حجاب على رأسها، وفتحت الباب على الفور…
وجدت امرأة بِعقدها الخامس يبدوا عليها الطيبة والبساطة.
تحدثت المرأة لِتقطع وصلة تأملها:-
– صباح الخير يا بنتي، أنا خالتك أم عبدو مرات عمك إسماعيل.
تذكرتها على الفور، وأسرعت قائلة:-
– اتفضلي يا خالتي.
ولجت “أم عبدو” للداخل وبيدها صُنية تحمل عليها بعض الطعام..
-خدي يا بنتي دي لقمة بسيطة لكِ وعيالك، إنتوا جاين إمبارح ومفيش أكل هنا.
شكرتها “نور” بإمتنان:-
– تسلمي يا خالتي، ليه التعب ده بس..
-تعب أيه يا بس أنتِ زي بنتي…. أكلمك بقى في الشغل وأفهمك النظام.
نور بتأييد:-
– أيوا ياريت.
بدأت السيدة بالشرح:-
-بصي يا ستي العمارة هنا عبارة عن خمستاشر دور كل دور فيه شقتين … يعني العمارة كلها تلاتين شقه، في منهم عيادات لدكاتره، وقي شُقق عُزاب، وشُقق لأُسر، أنتِ هتهتمي بمدخل العمارة وتنضيف السلالام، فيهم ناس مشتركين بخدمة المُخلفات يعني بتطلعي تنزلي الزباله من عندهم..
وفي شُقق مشتركين في النضافة، يعني بتطلعي كل فترة تنضفي الشقة وقت ما يطلبوا…
بالنسبة لِـ راتبك فعلشان أنتِ لسه مُبتدأه ومرتبتيش حياتك هتاخدي فلوسك باليومية لغاية ما حالك يمشي.
وبعد كدا تقبضي راتبك شهري…
أومأت نور وابتسمت بوِد وإمتنان لتفهُمها قائلة:- -شكرًا جدًا يا خالتي، وإن شاء الله مش هقصر في أي حاجه..
ربتت أم عبدو على قدميها بحنان وأردفت قبل أن تخرج:-
– ربنا يقويكي يا بنتي علشان خاطر عيالك، وأول شغل عندك النهارده شقة رقم ستاشر (16) في الدور التامن (8)، هتنضفيها وتظبتيها
صاحب الشقه بينزل شغله ويرجع الساعة اتنين..
ودا مفتاح الشقة.
أخذت “نور” المفتاح الذي سيُنير الحياة مرة أخرى، ويُضيف لون الأمل إليها.
_صباح الخير يا ماما..
قالها حمزة وحفصة عقب خروجهم من الغرفة..
رددت عليهم بحب:-
– صباح النور يا عيون ماما .. يلا ندخل نتوضى ونصلي علشان نفطر، طنط جابت فطار..
تسائلت حفصة:-
– مين طنط يا ماما؟
أجابتها نور وهي ترص الأطباق على الطاولة الصغيرة:-
– طنط دي تبقى جارتنا، وخلاص دا هيبقى بيتنا يا ظاظا، وماما هتشتغل علشان نجيب كل إللي نفسنا فيه، وندخل المدرسة ونجيب كتبنا وأدواتنا…
ردد الأثنين بصوتٍ واحد بدون تصديق:-
– بجد يا ماما.!
– بجد يا حبايب ماما، وأنا دلوقتي هطلع فوق علشان عندي شغل … هقفل الباب عليكم … ممنوع تفتحوا الباب ونقعد مؤدبين لغاية ما أخلص وأجي ومتخافوش مش هغيب عليكم …… إتفاقنا.
– إتفاقنا…
قال حمزة:-
– ممكن يا ماما تشغلي التلفزيون على كرتون… نفسنا نشوفه.
– خلاص نشغلوا وندور على اسبونج بوب.
رتبت أمورهم وتركتهم وصعدت للأعلى بواسطة المصعد متجهة حيث الطابق الثامن، الشقة السادسة عشر.
………
وضعت المفتاح بقفل الباب، وولجت للداخل…
قابلها الهدوء الذي يُخيم على المكان، والظلام الذي يغرق به؛ لكنه ما أثار دهشتها هذا الشعور الذي إنتابها منذ أن وطأت قدميها تلك الشقة…
تخللت رائحته إلى أنفها، لتبعث بنفسها شوق جاهدت لدفنه وفعلت بها الأفاعيل….
فَـ رائحته تعبق المكان بشدة.
– خير يا نور، أنتِ هتخرفي ولا أيه …. لازم تنسي يا نور زي ما نسيتي سبع سنين علشان خاطر عيالك.
“علي” دلوقتي في عالم وأنتِ في عالم تاني، وإللي راح عمره ما يرجع أبدًا..
ويلا كدا شدي الهمة، علشان حمزة وحفصة.
بدأت بعملها وأخذت تفتح النوافذ، وشرعت بتنظيف المكان بدءًا من الرُدهة الواسعة المليئة بالأثاث الراقي الحديث…
……….
زفر براحة بعدما إنتهى من تلك الجراحة الدقيقة
كان مُتجهًا إلى المكتب الخاص به في المشفى، لكن عاجله إتصال هاتفي من الطبيبة “أسماء” والتي تعمل كـ طبيبة مُساعدة معه بِـ مركزه الخاص…
ضغط على زِر الإجاب على الفور:-
– خير يا أسماء..
قالت بنبرة مليئة بالخوف والفزع:-
– إلحق يا علي في حالة هنا صعبة … ابن رجل أعمال كبير وقالب الدنيا… وإحنا مش عارفين نتصرف.. بس شكله عارفك.
لم ينتظر دقيقة واحدة، وخرج على الفور حيث مركز “النور” الخاص به.
بعد قليل كان “علي” يدخل إلى مركزه لِـ يجده رأسًا على عقب بفضل “مؤمن الصياد” رجل الأعمال الشهير والذي يمتلك أكبر الشركات لِـ صناعة السيارات والطائرات ..
يوجد هو وزوجته “أسوة” في حالة يُرثى لها.
_ ولج إلى غرفة الكشف الرئيسيه، ليتبين أن المريض هو ولدهم “يزيد”..
بعد ما يقارب أكثر من ساعتان من الكشف والتحاليل، وأشاعات بأنواع مختلفه…
نظر علي لمؤمن الجالس أمامه بترقب تجاوره أسوة بقلق وفزع شديدين…
قال علي بأسف وحزن وشرع يشرح حالة يزيد.
صدمة شديدة خيمت على المكان، وصمت دام لعدة دقائق، غير مصدقين ما سمعاهُ للتو.
طرق مؤمن بيده بعنف على سطح المكتب، قائلًا بغضب:-
– أنت متأكد من الكلام ده يا علي … اتأكد تاني أكيد في حاجة غلط..
أخفض علي رأسه بحزن:-
– للأسف يا مؤمن باشا … التحليل واضح والأعراض أوضح..
ألقى مؤمن بنظراته على “أسوة” التي أُصيبت بِـ بوادر إنهيار عصبي، ثم نظر إلى “علي” مرة أخرى قائلًا بنبرة لا تقبل النقاش:-
– طب مفيش علاج، لو في أي حاجه إحنا مستعدين ليها حتى لو برا البلد ..
قال “علي” بعملية وخبرة:-
– أنا هحولكم لِـ دكتور كبير متخصص في الحالات دي، بس على حد علمي في علاج واحد بس بيكون لو الحاله في الأول ونسبة نجاحه كبيره وهي …. نقل نخاع، يعني لازم يكون في مُتبرع للنخاع…
هيكون منكم …. إما حد من إخواته لو عنده إخوات …أو أمه وأبوه… لو في تطابق.
نظر مؤمن لأسوة فهي حبل النجاة لِـ “يزيد”
وهو متيقن أنها لن تبخل عليه أبدًا وستُجاهد لإنقاذ حياته.
انهمر دمعها كـ مطر شديد بأشد شهور الشتاء، ونظرت له بأسف مُحركة رأسها نافيةٌ، قائلةٌ من بين شهقاتها وقد أنسته الصدمة حقيقة الأمر:- -للأسف أنا مش أم يزيد…
(مؤمن وأسوة) أبطال رواية “الصمت الباكي”
°°°°°°°°
شرع “علي” بالخروج من مركزه قاصدًا شقته، لكن أستوقفه نداءها له ….. توقف، ونظر لها بإستفهام:-
– خير يا أسماء، عايزه حاجة..
ثبتت أنظارها عليه بنظرات يفهمها جيدًا، وكثيرًا ما صدها عنه لئلًا توجع ذاتها بشيء لن تصل إليه ولن يسبب لها سوى ألآم وأوجاع..
تسائلت بهدوء:-
– أنت رايح شقتك ولا أيه..!
– أيوا هروح أغير هدومي قبل ما الكشوفات ما تبدأ، محتاجه حاجة.
هزت كتفيها قائلة:-
– أبدًا … كنت بطمن عليك.
قال وهو يغادر بلامبالاة وجفاء:-
-تمام.
راقبت دخوله لشقته بحزن يملىء حدقتيها، نعم … هي تحبه لكن لا تستطيع إمتلاك قلبه ولا يسِعها فعل شيء..
فالحب لا نستطيع إجبار أحد عليه، والحقيقة أنه واجهها ونبهها منذ البداية كي لا تغرق بالأوجاع فـ قلبه ليس ملكه.
عليها وضع حد لهذا الأمر قبل أن يتطور أكثر من ذلك..
ولج لشقته ليقابله هذه المرة “النور” بدلًا من الظلام الذي يصتدم به بكل مرة، تذكر أنه أخبر العم “إسماعيل” بإرسال عاملة لتنظيف المكان..
نظر للأرجاء ليرى أن المكان مُرتب بعناية، ونظيف للغاية.
سار مباشرةً إلى غرقة نومه ليبدل ملابسه، شعر بحركة تأتي من الداخل، فعلم أن العاملة لم تغادر بعد.
أجلى صوته أثناء دخوله ليُنبهها.
فزعت “نور” عندما سمعت صوت من خلفها، التفتت بفزع
لكنها تخشبت بأرضها عندما رأته..
جحظت عينيها بشدة، وسقط ما بيدها..
ولم تختلف حالته عنها، تخشب بأرضه ولم ينبُث ببنت شفه.
عينيه شملتها بلهفة، وقلبه هدر بقوة …. هزَّ رأسه يمينًا ويسارًا بعدم تصديق، وأخذ يُغمض عينيه ويفتحها لعَلَ هذا إحدى تخيلاته التي لازمته…
هل هذا ممكن حقًا..؟
هل هذه نور حياته..؟
هل من الممكن أن تكون الصدفة صادقة معنا تلك المرة أيضًا..؟
كانت الجملة التي أفاقته، وجعلته يهبط إلى أرض الواقع، عندما نطقت بوهن وعدم تصديق:- – علي..
ردة فعل “علي” لم تكن سوى أنه أختصر الخطوات التي تفصلهم إلى خطوة واحدة؛ وتوقف أمامها ينظر لها بأعين متسعة دون تصديق..
ودون أن يشعر انحدرت دموعه لتسقط مختبئة بلحيته.
– نور حبيبتي؛ أنتِ حقيقية، أنا مش مصدق، دا حقيقي..
أغمضت عينيها بقوة، وتساقطت عبراتها الحزينه، وقلبها يتمنى لو أن تبادله الشوق بقوة ليداوي جروحها، وتُخبئ ذاتها من العالم داخل ثنايا قلبه…
لكن أبىَ عقلها، فهذا لا يجوز ولم يعد من حقه،
فقد أخذت قرار دون رجعة فيه بأن تُقدس حياتها من أجل فلذات كبدها “حمزة وحفصة”
…….
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية حياة نور)