روايات

رواية حورية بين أنياب شيطان الفصل الثاني عشر 12 بقلم خديجة السيد

موقع كتابك في سطور

رواية حورية بين أنياب شيطان الفصل الثاني عشر 12 بقلم خديجة السيد

رواية حورية بين أنياب شيطان البارت الثاني عشر

رواية حورية بين أنياب شيطان الجزء الثاني عشر

حورية بين أنياب شيطان
حورية بين أنياب شيطان

رواية حورية بين أنياب شيطان الحلقة الثانية عشر

هزت رأسها بغيظ شديد منه وهي تقول بعصبية من بين بدموعها “هو في ايه ليه دايما مش عاوزني انزله ومتمسك به ده انت بتخاف علية اكثر مني يا اخي وعلى طول عاوز تهتم بي صحته.. ايه تكون ابوه ومش واخذه بالي”

صدم من كلماتها لا يعرف قالتها شك أم مجرد كلمات تبوح منها من الغضب ابتلع ريقه بصعوبة و هو يشعر بأن قلبه سوف يخترق قفصه الصدري و يخرج منه، يدق بشكل هستيري بجنون ليقول بصوت منخفض”
حوريه اسمعيني انا “

قاطعته و قد تسربت الدموع من عينيها كاسهم من نيران و هي تحاول كبح شهقاتها “ارجوك اسمعني انت! انت مش حاسس بيا ولا عارف اللي جوايا ولا عارف انا داخله على ايه مشاكلي كثير ومش بتخلص ساعدني اتخلص منه انا لو اجهضته فعلا، جزء كبير من مشاكلي هتكون اتحلت صحيح مش هانسى اللي حصل لي ولا ده هياثر على حاجه بس وجوده قدامي طول الوقت هو اللي هيخليني مش قادره اكمل “

تنفس بعمق ثم مد يده يمررها علي خصلات شعره يشدها بضيق شديد و هو يتحدث بهمس غاضب من بين أسنانه ” أنتي ليه شايفه الموضوع كده هو ذنبه ايه؟ إللي عمل كده فيكي هو اللي لازم يتحاسب مش الطفل؟ و زي ما انتي ما لكيش ذنب هو كمان ملوش ذنب تعاقبيه على حاجه معلش يدي فيها”

لتصرخ حورية به بحدة ” عارفه كل ده كويس جدآ، بس ما حدش هيحسبها كده زيك انت متخيل يعني ايه اعيش الدنيا واكمل حياتي عادي وانا معايا طفل ومش عارفه مين ابوه متخيل نظره الناس هتكون ليا ايه؟”

تطلع فيها باستهزاء و هو يقول بتهكم “وانتي لما تنزليه نظره الناس ليكي هتبقى كويسه انتي عامله للناس حساب ليه اصلا”

رفعت حوريه رأسها تنظر الي قاسم لتهمس بقهر و قد ظهرت الدموع باعينها مره ثانيه “انا مش عايزه الناس كلها تبص لي نظره كويسه وتتقبلني كفايه أهلي ممكن جده عتمان لما اعمل كده يخليني ارجع اعيش ثاني مع ماما و اخويا واشوفهم “

لينظر لها بغضب وشراسة وعيناه تشع منها شرارات ليهتف بانفاسه هادرا” دلوقتي بس بقوا اهلك وكانوا فين الناس واهلك دول لما اتجوزتي غصبا عنك؟ كانوا فين اهلك لما اتحبستي ظلم وما حدش واقف جنبك فيهم وكانوا فين لما ناريمان هربتك و عاوزه تموتك دلوقت، وكانوا فين كمان لما اغتصبتي وما حدش واقف جنبك ولا جابلك حقك “

نظرت إليه ببغض و هي تشعر بالغضب منه داخلها يتكاثر و أن انفجرت به قائله” انت بتعايرني بي أهلي يا قاسم”

ليغمض عينه و هو يشعر بثقل علي صدره حد الاختناق لينطق قاسم بنبرة حادة” عمري ما هعمل كده في حياتي انا فاهم كويس يعني ايه اهل.. بس الاهل اللي تستاهل التضحيه بجد! بس مش دول اللي يستاهلوا انك تضيعي نفسك و تقتلي طفل عشانهم وصدقيني محدش منهم حتى لو عملت كده هيرجعك ثاني وينسوا ويسامحوكٍ.. رغم ان انتي اصلا ما غلطتيش عشان يسامحوكٍ هم اللي مديونين ليكي باعتذار مش أنتي”

هزت رأسها بعناد ونظرت إليه بحزن يقسم داخلها و هي تقول بإصرار” برده مش عاوزه في حياتي وانت مش واصي عليا يا قاسم انا اللي قرر انا عاوزه ايه في حياتي مش أنت”

هتف بمحاولة منه للهدوء اغمض عينه و هو يضغط على يده ثم فتح عيناه و هو يقول ببرود مصتنع قاصد حتي تعتقد أن لا يهتم إلي حديثها” طالما تحت حميتي يبقى لي الحق اقرر اللي يتعمل و ايه لا، وبرده مش هينزل يا حوريه”

**
هبط حازم الدرج حتي يصل للطابق الخاص
به الاسفل عند بدريه التي مازالت محبوسه وحاول حازم بعد معاناه مع جدو عتمان ان ياخذ منة المفتاح ويفتح لها ثم دس المفتاح في باب الغرفة ومن ثم دلف للداخل ليجد بدريه تجلس علي الأرض بجانب زوايه ورفعت راسها علي الفور عندما عندما سمعت صوت الباب يفتح ونهضت بضعف ثم التمعت مقلتيها بالدموع بحزن وألم تنهد حازم قائلا” يلا يا طنط بدريه اتفضلي اطلعي بس عشان خاطري حاول تبعدي عن جده الايام دي بالذات، هو هيتلكك ليكي على اي حاجه عشان اللي عملته فيه حوريه”

خفق قلبها بخوف وقلق قائله” وهي بنتي عملتله ايه حوريه حصل لها ايه يا حازم”

لوي شفتيه باستخفاف وهو يقول” ما تقلقيش حوريه كويسه جدا بس هو اللي مش كويس حوريه ضربته على دماغه وهربت وهو من ساعتها راجع مش طايق نفسه”

تنفست بعمق تحاول أن تهدأ من ضربات قلبها ثم رفعت مقلتيها متسائلة باهتمام” يعني هي هربت منه الحمد لله طب ما تعرفش اي اخبار عنها “

هز رأسه حازم برفض قائلا بجمود” ما اعرفش بس هي أكيد تلاقيها رجعت ثاني لي قاسم وهي وراءها غيره “

ابتلعت ريقها بعضه وهي تدخل خصلاتها المتمردة داخل حجابها وتمتمت بخفوت” حتى انت يا حازم هتظن فيها الظن الوحش ده “

جز علي أسنانه بغضب قائلاً بشك واضح”امال توضحي بايه انها تبقى مع راجل ما تعرفوش ولا في سابق معرفه بينهم؟ اشمعنى فعلا هو اللي راحتله عشان يساعدها ويحميها و اشمعنا هو كمان بيحميها؟ اللي بينهم يوصلهم للمرحله دي “

نظرت له وأجابتة بكل هدوء وصدق من بين دمعاتها” ما اعرفش انا زي زيك بسمع وبس! بس انا عارفه بنتي كويس ما تعملش حاجه غلط اكيد عندها سبب للي بيحصل.. وبعدين بدل ما انت زعلان كده انها راحت تتحمى في حد غريب شوف الاول القريب بيعمل فيها ايه هي وامها “

صمت حازم ولم يجيب عليها بينما تحركت بدريه بخطوات متثاقلة وخرجت إلي الخارج.

**
في الصباح هبطت حورية علي سلالم القصر بخفه حتي وصلت الأسفل تبحث عن أي أحد لتجد جمال يجلس أعلي الطاولة ياكل فطوره و اشاره اليها بابتسامه حنونه ان تتقدم منه، بادلته الابتسامه وتقدمت منه بهدوء وجلست أمامه” صباح الخير هو ما فيش حد هنا غيرك”

هز رأسه بنفي يُجيبها” لو قصدك على قاسم راح الشركه هيخلص شويه حاجات ويرجع بدري .. تعالي افطري معايا بدل ما انا كل يوم بقعد لوحدي “

عقدت حاجبيها ثم تسائلت بعدها بترقب” ليه وقاسم مش بيفطر معاك ليه، وبعدين هو انتم الاثنين عايشين لوحدكم في القصر يعني قاسم مش خاطب ولا متجوز اصل ما شفتش حد غيركم ولا سمعت قاسم قبل كده بيتكلم عن حد في حياته غيرك”

ابتسم بمرح وهتف وهو يلاعب حاجبيه” متجوز مره واحده يسمع من بقك ربنا لا يا ستي ولا متجوز ولا خاطب حتي، هو على طول شاغل نفسه في الشغل و دلوقتي بقي مشغول طول الوقت معاكي”

رفعت عيناها تحمحم بإرتباك مُجيبة” انا أسفه معاك حق اكيد معطله ومعطلاك عن شغلكم وحياتكم وقفت بسبب مشاكلي”

عقد حاجبيه جمال وهو يقول بهدوء” انا بهزر معاكي اخذتها على جد ليه يا ستي اشغليه شويه عن اي حاجه غير الشغل اللي كان مموت نفسه فيه بالليل ونهار .. المهم كنت عايز اكلمك في موضوع! قاسم امبارح قالي انك حاولتي تنتحر الكلام ده صحيح “

تجمعت عيناها مليئة بالدموع وهي تشرد في ذلك اللحظة الذي كان الشيطان يوسوس لها علي قتل نفسها التي حرم الله عزوجل ولكن عرفت مؤخراً هذا، فهي أختارت طريق الضلال وانتهي الأمر حينها لتهتف بضعف” صح بس كان غصبا عني لحظه ياس و استسلمت ليها وكل ما افتكرت اني كنت هعمل في نفسي حاجه زي كده بتضايق أوي و بدعي ربنا يسامحني “

ربط جمال علي يدها التي موضعه فوق الطاولة بيسراها وقال “استغفري ربنا يا حورية و ما تحاوليش ثاني مره تفكري في حاجه زي كده ولا تستسلمي وبعدين ده حال الدنيا يا بنتي ما حدش فينا مرتاح كلنا بنمر علينا ظروف وبنعدي، احنا بنيجي الدنيا في اختبار و ربنا بينفخ فينا الروح وقت ما يشاء ويردها حين يشاء وما علينا إننا نعبده ونطيعه ونتقبل اللي بيحصل لنا بنفسي راضيه وتاكدي ان هيجي وقت و ينتهي الابتلاء باذن الله ونعرف حكمته،اصبري و ارضي بقضاء و ربنا هيرحمك ويفرح قلبك قريب”

رفعت راسها له وهي تدمع عينها بندم علي فعلتها ثم هزت رأسها له بامتنان ابتسم جمال بحنو ثم هتف بلطف” انا مش بقول لك كده عشان تعيطي يا حوريه بس عاوزك توعديني ما تعملهاش ثاني “

نظرت بمقلتيها الدامعة وهمست بصوت مرتجف ” أوعدك مش هعمل كده ثاني”

هز رأسه بهدوء قائلا ببسمة مرحة “ربنا معاكي يا حبيبتي وهيعوضك اكيد علي صبرك علي الابتلاء، يلا بقى امسحيه دموعك وكلي معايا احسن انا هموت من الجوع ومش هاسيبلك حاجه لو فضلتي تعيطي كتير كده “

أومات ببسمة بسيطة مصحوبة بدمعات ثم مسحت عبراتها وارتسمت ابتسامة بوهن له وهي تراه يضع الطعام في صحنها وأشار إليها ان تبدا بالطعام على الفور، انصاعت له تاركة حزنها خلف ظهرها فقد جددت ثقتها بالله وتيقنت أن الله سيجبر خاطرها عاجلًا غير اجل.

**
بعد مرور يومين في المساء عاد قاسم في الليل و بيده حقيبة كبيرة طرق باب غرفه حوريه عددا مرات حتي فتحت باب غرفتها لتجده هو عاد لينظر إليها قائلاً “مساء الخير ممكن ادخل”

امأت برأسها بهدوء ودلفت الي الداخل وهو الآخر دلف خلفها ليضع الحقيبة علي الفراش و هو يقول” بقيلك يومين حاسك بتتهربي مني ومش عايزه تكلميني هو انتي لسه زعلانه مني”

عبثت حوريه بخصلات شعرها و هي تقول بجفاء” وهازعل منك ليه كنت عملتلي حاجه تضايقني وانا مش فاكره “

ليفهم أنها مازالت غاضبه منة ثم تقدم منها بخطوات بسيطة و هو يقول بأسي” طب من غير ما نخش في تفاصيل عشان ما نتخانقش انا ما كنتش اقصد اعايرك زي ما انتي فهمتي، حوريه انا اتربيت في ملجا اكثر من ٨ سنين وكانت اصعب فتره في حياتي فمتخيله بعد ما عرفت يعني ايه اعيش من غير أهل وحيد ولا اب وام، هاجي في يوم واعاير حد بحاجه زي كده “

ذهلت من كلماته التي شعرت من خلالها بالعجز تجاه ونظرت إليه حوريه و هي لاول مره تري ضعيف هكذا، وقبل أن تتحدث هتف هو مشيراً إلي الحقيبه قائلا” الحاجات دي ليكي تخصك “

اشارت إلي نفسها باستغراب و هي تقول ” ليا انا فيها ايه”

هز رأسه بايجاب و هو يقول بهدوء” افتحي وانتي تعرفي شوفيهم “

نظرت إليه ثم بهدوء تقدمت من الحقيبة و فتحتها حين وجدت عده ملابس من الفساتين والبيجامات يناسبها مقاسها باشكال جميله ماركات عاليه اخرجتهم واحداً تلو الاخرى و هي تقول بابتسامه” دول شكلهم حلوين قوي بس ما كانش في داعي تتعب نفسك شكلهم غاليين”

ابتسم باتساع و هو يراقب ردة فعلها ليتحدث قائلاً ” مفيش حاجه تغلى عليكي، حوريه في حاجه مهمه عايزه اكلمك فيها انا قبل ما اجيلك كنت عند المحامي ثاني هو قالي شويه حاجات مهمه جدا لازم نعملها الفتره اللي جايه عشان نقدر نفتح القضيه من ثاني بالادله الجديده اللي ظهرت “

شعرت حوريه بالقلق والتوتر وهتفت” خير”

حاول الابتسامه رغم أنه ليس خير بالفعل ليقول بصوت هادئه مرددا” خير ان شاء الله ما تقلقيش ،في البدايه كده انا كنت وعدك وقت ما جبتلك الفيديو ان احنا هنحاول نقص الجزء اللي انتي بتقولي فيه اغتصابك عشان ما يظهرش في المحكمه والاعلام، بس بصراحه انا لما عرضت الفكره دي على المحامي رفض وقالي اوعي تعمل حاجه زي كده دي هتكون اكثر حاجه لصالحك والمحكمه هتتعاطف معاكي في الموضوع ده لو أتعرف”

حبست أنفاسها مصدومة بشدة لتقول بصوت مسموع”انت بتقول ايه انت عاوز تفضحني يا قاسم عاوز الناس كلها تعرف اللي حصل لي، لا طبعا انا مش مواقفه على حاجه زي كده ان شاء الله عني ما طلعت ولا اخذت براءه “

ابتلع ريقه فهو أشد خوف عليها لكن يجب ان يستعد لإنهاء كل شئ و تصبح حياتها افضل ليقول” حوريه اسمعيني للاخر وافهمي كلامي انا اكيد مش هاوافق على حاجه زي كده لو فيها ضرر ليكي وما تخافيش ما حدش هيعرف حاجه لاني وقت الجلسه دي بالذات هنحاول نخليها سريه جدا والمحامي هيطلب ده من القاضي و ان شاء الله هيوافق، بس لازم انتي كمان توافقي لان احنا بالفيديو ده هنعرف كمان نثبت ان جاد كان بيمارس عليكي ضغوط وعنف وان انتي حتى لما اتعرضتي لي حاجه زي كده ما ساعدكيش ولا قدر حالتك وهو معترف كمان بالفيديو بكده .. عشان خاطري النقطه هتفرق جدا في قضيتك “

تحدثت و هي تطلق العنان لدموعها و التي كانت تكبحها داخل صدرها هاتفه بمخاوفها”
طب لو الاعلام عرف و الجرائد كلها نشرت عن الموضوع ده حاجه ولا لو عرفوا كمان أن انا حامل منة، ساعتها البراءه هتفيدني بايه و انا شايفه نظرات الناس كلها ليا”

تنهد قاسم بصوت مسموع ثم ليتحدث بالطلب الثاني لها الذي قسمها الي نصفين الي شظايا “قلتلك مش هيحصل ثقه فيا وما تخافيش، خلينا دلوقتي بقي نتكلم في الحاجه الثانيه والأهم للاسف اللي هقولهلك هيضايقك ومضايقني انا كمان بس لازم يحصل لازم تروحي القسم وتسلمي نفسك يا حورية و بعدها المحامي هيروح ويطلب طعن في الحكم بالاثباتات اللي معاه”

انتفضت بذعر وسط دموعها لتمسح دموعها بظهر يدها و هي تقول بعصبية عارمة” لا كله الا دي انا مش هقدر اروح السجن ثاني انت مش عارف ولا متخيل انا حصل لي إيه هناك دي كانت اصعب فتره عدت عليا ما عنديش استعداد اروح ثاني برجلي “

صمت و هو يتنهد بألم لينظر إليها و هو يقول بقوة ” للاسف لازم يحصل غصب عني وعنك، هتروحي وتسلمي نفسك وتثبيتي انك مهربتيش زي ماهما متوقعين وان ناريمان هي اللي هربتك وكانت عاوزه تموتك كمان صحيح مش هنعرف نثبت ده بس اعملي اللي عليكي وقولي لما تروحي تسلمي نفسك و هيصدقك ان شاء الله وهتبقى نقطه مهمه في القضيه وافضلي مصممه على اقوالك انك ما قتلتيش جاد بقصد “

سقطت دموعها علي وجنتيها و هي تنظر إليه بتوسل إن ينطق بأنه مزاح و لكنه ظل ينظر إليها برفض لتتحدث بهمس و شفتيها ترتجف”
يا قاسم إللي انت بتطلبة مني ده صعب انا هناك كنت هموت انا اتعرضت للضرب من السجينات وكانوا السبب في كسر ايدي تخيل بقى هيعملوا في ايه ثاني “

تنهد قاسم بشكل مسموع بثقل وهو يقول بجدية” ممكن تهدي انا مش هاسيبك واللي هيحصل المره دي غير لان انا هوصي عليكي جامد في السجن وهفضل طول الوقت مراقبك حتى وانتي بعيد عني وما فيش اي خطر هتتعرضي لي المره دي انا هكلم كل اللي اعرفهم في الداخليه عشانك “

لم تتحدث وظلت ملامحها شاحبة بخوف شديد وقلق، هز رأسه بضيق شديد وقال بلين” الموضوع مش هياخذ وقت انتي مش هتقعدي على طول هم بس مده مؤقته شهرين وممكن اقل كمان وهتخرجي بس لازم تساعديني معلش تعالي على نفسك احنا ما قدامناش حل غير كده “

أدمعت عيناها تزرف بيأس وضيق هاتفه”
شهرين كمان هقول ايه حاضر وامري لله خليني ماشيه وراك اما اشوف اخرت اللي انا فيه “

أقترب منها وهز قاسم رأسه و هو يقول بصوت حنون بطمانينه “كل خير ان شاء الله قلتلك مش هاسيبك هفضل معاكي”

ظهر علي وجهها ملامح القلق و هي تبتلع ريقها بصعوبة و تقول بارتباك “مش هتسيبني بجد يا قاسم افرض ما عرفتش تثبت صحه كلامك والمحكمه ما قبلتش بالادله دي وفضلت في السجن طول العمر او ناريمان عرفت توصلي وانا جوه وتقتلني او هربتني ثاني حتي، برده هتفضل مصمم تكمل معايا المشوار ولا هتستسلم وتبعد عني “

شرد قاسم بعينه و عاد يقول بنبرة عميقة”
انتي بقيتي خلاص قدري يا حورية ومهما نبعد عن بعض خليكي متاكده ان القدر هيرجعنا لبعض من ثاني، انا وانتي بقينا تقريبا كده مصيرنا مربوط ببعض”

اندهشت من حديثه ولكن ثواني واصطبت وجنتيها بحمرة ودق قلبها بعنف من بين جنبات صدرها، انتبه قاسم لخجلها فـ ابتسم بخفاء بعيناه وقلبه أيضا يقرع بقوة ولم يرد إحراجها فلم يتحدث مره ثانيه وحاول قاسم تغير الحديث حتي تخرج من حاله الخجل المسيطرة عليها

لكنه وقع عيناه للخلف لحظه و تجمد ملامحه جامد بلا تعبير فجاه وهو يقول بحزم شديد” خليكي هنا واوعي تنزلي مهما حصل فاهمه “

تحرك للخارج بسرعة وأغلق الباب بقوة بينما اتسعت حوريه عينيها بعدم استعياب لتنظر خلفها نحوه ما نظر خلف النافذة الكبير بالغرفه
لتشهق بعنف وخوف شديد عندما وجدت ناريمان في الأسفل تحاول الدخول و الحراس تحاول أن تمنعها بشده.

هبط قاسم بسرعه درج السلالم و وصل إلي بوابه القصر وهي يسمع صوت صراخ ناريمان علي الحراس لانهم يمنعوها وهي تريد الدخول بالقوه، تقدم قاسم وهو يشير إلى الحراس أن يتركوها واسرعت هي إليه ليقول بصوت هادئه”خير يا ناريمان هانم يا ترى ايه سبب الزياره دي “

تقدمت منه ناريمان و هي تقول بعصبية مفرطة” اخيرا رجعت ده انا مستنيه رجوعك بفارغ الصبر عندك حاجه تخصني وانا عاوزاها “

عقد حاجبيه باستغراب شديد زائف و اصطناع التفكير قائلا”حاجه زي ايه ما افتكرش ان انا ممكن احتفظ بحاجه تخصك من قريب ولا من بعيد “

صرخت ناريمان بعنف و هي تقول بصوت كالفحيح ” ما تستعبطش يا قاسم انت تعرف مكان حوريه وانت اللي بتحميها وخفيها مننا ابعد عن الموضوع ده عشان ما تجيش انت كمان في الرجلين انت مش قدي”

ابتسم ببرود متحدثاً و هو ينظر نحوها بقوة”
ده انتي بتهدديني بقى و في بيتي كمان”

ابتسمت ناريمان بسخرية لاذعة قائله باستفزاز شديد” بيتك اللي عملته بفلوسي و لولايه ما كانش زمانك بقيت حاجه دلوقت وليك اسم ما تنساش اصلك ولا كنت ايه زمان “

عقد ما بين حاجبيه بحدة و هو ينظر نحوها نظرات جامحة ثم هتف ببرود”لا خالص ما بانساش ولو نسيت بفكر نفسي علي طول عشان افضل حاطط صوره واحده في ذهني عنكم وهي انكم شويه كلاب ولا تسوى حاجه.. والفلوس اللي انتي بتتكلمي عليها دي اخذتي ثمنها حياه ابنك وشبابه اللي رجع من الموت وقتها و لولايه انا كمان “

تحدثت من بين أسنانها بغضب مكتوم قائله بابتسامه حقد”طب تمام عاوز كام المره دي وتسيب حوريه وتبعد عنها خالص “

صمت قليلًا قاسم ثم ابتسم باستفزاز قائلا”
عاوزك توريني عرض قفاكي وما اشوفش وشك هنا ثاني انا ما اعرفش انتي بتتكلمي عن ايه ولا اعرف مكانها “

لتصرخ به بحدة وحقد دفين” ما تعاندنيش يا قاسم وما تقفش قصادي انا جوايا نار في قلبي من البنت دي هتحرق اي حد يقف قصادها وما تخليهاش تطولك النار انت كمان “

ليبتسم قاسم بغضب قائلاً بقوة” اعملي اللي تعملي مش قاسم السيوفي اللي هيخاف من حته واحده زيك “

**
مرت الأيام وتتوالي الأحداث حتي مر شهر علي هذه الأحداث بالفعل سلمت نفسها حوريه إلي الشرطه و قصت إليهما ما حدث وتفاصيل هروبها من قبل ناريمان الذي استدعتها الشرطه لتحقيق معها و بالطبع لم يثبت عليها أحد مثلما ما قال لها قاسم ولكن المحامي قدم بعض الأدلة لطلب استئناف الحكم وتم قبول الدعوة حينها.

فرحت حورية بشده ولا تصدق ذلك وكانت اثناء تدوينها مامرت به تذرف بعض من العبرات على تخاذل اهلها فى الوقوف بجانبها لكنها ارادت ذلك لتطهر قلبها من اى حقد او ضغينه او انتقام بالذات والدتها تعرف جيدا أن جدها عتمان منعها بالقوه وهي لم تتركها وطلبت من احد الضباط المناوبين على التحقيق معها بالاتصال بـ أهلها لكن أيضا لم يرد عليها أحد منهما ولا يهتم.

كانت تعتقد انهم سيقفون بجانبها فى شدتها حتي بعد اعلمهم ان حورية كانت ضحيه وأن يوجد دليل علي براءتها من التهم الموجه اليها وانها قد ظلمها الجميع لكن أين تلك المؤازره والمسانده فقد ذهبت مع الريح ولم تلتقى باحد، ومرت اسبوعين آخرين وقد بدأت جروح حورية تلتئم تدريجيًا وفكت جبس يدها رغم تعبها التي بدأ يظهر عليها بسبب الحمل وهي داخل السجن وكانت حالة حوريه سيئة بعض الشئ بسبب أن قاسم لم ياتي ولا مره واحده إليها يزورها وكان يرسل بدل منه المحامي و أحيانا جمال ولا تعرف لماذا لكن مما احزنها بشده ان الجميع بدا يتخلى عنها واعتقدت انه هو الاخر لم يقف بجانبها وتخلى عنها مثلهما.

حتي بعد اسبوعين في ذات يوم بداخل مكتب المامور دلفت حوريه و هي تجده قاسم بمفرده جالس اعلى المعقد مبتسم بحنان عندما رأته أغمضت عينها بقوة و تقدمت بتجاهل وجلست قائله بجفاء” خير لسه فاكر تيجيلي يا قاسم انا قلت شكلك نسيتني بقيلك اكثر من شهر ولا بتزورني ولا بتعبرني”

عقد حاجبيه قاسم قائلا بتنهيد” ليه بس الكلام ده يا حورية خليكي متاكده مش هيمنعني عنك غير الشديد القوي انا مش ساكت ومشغول في قضيتك طول الوقت”

نظرت إليه بضيق شديد و من ثم نهضت تهتم بالرحيل تتجاهل وجوده قائله علي مضض” اه معلش اكيد انشغلت كثير بسبب مشاكلي اسفه عن اذنك اتفضل انت بقى روح عشان ما اعطلكش اكثر من كده”

لينظر إليها بغيظ لفعلتها ونهض ليمسك بذراعها يجذبها بقوة إليه لتتأفف بغضب و هي تغرب عينها ليمسك بذراعها الآخر يوقفها أمامه رغماً عن تذمرها ليتحدث بهمس غاضب من بين أسنانه ” هو انا بشتكيلك ولا بقول لك سبب غيابي عنك، ومش مستني منك تقولي لي اعمل ايه وما اعملش ايه علشان انا بعمل كده وأنا مش مجبر، في إيه يا حورية مالك زعلانه ومتضايقه قوي كده ليه اني جيت و شفتك، ما قلتلك كنت مشغول جدا طول الوقت”

وضعت راحت يدها علي صدره تحاول دفعه عنها و هي تقول بقهر ” ايوه كل ده برده ليه ممكن يمنعك انك تيجي تشوفني حتي لو خمس دقائق “

صمت قليلًا قاسم وأبتسم بخفه وقد فهم غضبها ذلك لأنه خلال الشهرين الماضيين لم ياتي ويراها ولا مره،ليفهم أن غضبها منه ليس لانه اتى علي العكس لأنه لم ياتي من البدايه إليها ليقول بصوت هادئه” الشديد القوي يا حورية اكيد وبعدين ما انا كنت ببعت جمال والمحامي طول دلوقت يطمنوني عليكي معلش حقك عليا المهم عامله ايه في أي حد بيضايقك هنا”

نظرت إليه تتمني بداخلها ان تذهب معه من ذلك المكان و لكنها ابتسمت بهدوء و هي تقول برفض”لا خالص كلهم بقوا يعاملوني كويس غير المره الاولانيه، بس أمتي هخرج بقى كل شويه القضية تتاجل لحد ما تعبت هو صحيح ما حدش هنا مضايقني بس برده ده سجن”

ليرمقها بقوه وزفر بضيق و مسد قاسم علي وجهها و هو يقول بحنان ” شوفتي بقي ذي ما وعدتك اهو ما حدش هيجي جنبك، ما ده دليل ان انا مش ساكت ومش متجاهلك زي ما انتي فاكره، أنا كل الحكايه بحاول احميكي من كذا جهه على قد ما اقدر وطبعا ده مش هعمله بسهوله، وبعدين ما تفتكريش ان انا حتى وانا بعيد مطمن عليكي لا بالي طول الوقت كان مشغول بيكٍ يا حورية ! رغم ان جمال كان بيطمني طول دلوقت هو و المحامي”

رفعت راسها له و تنظر إلي قاسم و هي تبتلع غصة مريرة بحلقها لتنطق بهمس “وانا كمان كان مين يطمني عليك يا قاسم “

**
بعد مرور أسبوع، وقفت حوريه خلف القضبان الحديدية للمره التي لا تعرف عددها لكن هذه المرة ستكون الاخيره فـ اليوم هو موعد الجلسه الاخيره وبعدها سوف يطلق القاضي الحكم الاخير عليها أم الحكم بالاعدام مره ثانيه ام البراءه؟ مثل ما قال لها المحامي وكانت الجلسه سريه هذه المره كما طلبت الاهالي والمقربات بالداخل المحكمه فقط، لكن لم يكن يجد احد من الاسره من الاساس!

ظلت تنظر حوريه حولها تبحث بعينيها بين الجميع عده مرات عند أي شخص من عائلتها و وبالاخص والدتها لكنها لم تراها، انزلت رأسها بخيبة أمل كبيرة و خذلان اكبر لكن تعرف بالتاكيد تم منعها بالقوه من قبل عتمان وهي تريد بالطبع الاطمئنان عليها.

وكان بين الناس الموجودين في قاعة المحكمة ناريمان و جانبها جواد! كز جواد على أسنانه بصمت ولم يعلق بينما إلتفتت لها ناريمان بملامح وجهها من القسوة تخفي كل بواطن الروح بحقد وانتقام، ابتلعت حورية ريقها بصعوبة شديدة و بخوف داخلها تشعر أنها إذا لم يتم الحكم عليها بالاعدام سوف يصدر هذا الحكم من ناريمان بكل تأكيد. وفجأة رأت جمال يدلف القاعه وخلفه قاسم الذي ابتسم إليها بكل هدوء وحنان أغمضت عينيها براحه حينها وكأنها استمدت القوه منه.

هتف الحاجب المحكمة برقم القضيه الخاصه بها و بدات الجلسه بين القاضي والمحامين، و كان بالفعل المحامي الذي من طرف قاسم لا يستهان به كان يتحاور بشكل لبق وذكي جدآ وكان معه كل الحق عندما طلب عدم مسح مقطع واحد من الفيديو وبالاخص مقطع اعتراف اغتصابها من قبل جاد وضربه إليها وهو ينهال عليها بالسب والقذف بابشع الألفاظ وخيانته و بالاخير وهو يحاول جاد قتلها من البدايه و اعترافات ذلك الفتاه الذي كانت برفقته هذه الليلة، كل ذلك قلب محور القضيه و بدات المحكمه تتعاطف معها بشكل حتي لو قليل.

وكانت حوريه وسط كل ذلك تشعر برهبه شديدة بخوف شديد لكن كلما نظرت إلى قاسم وتطلع فيها بابتسامته الحنونة الواثقة تبدأ الرهبه بالتدريج تختفي داخلها وتحل رهبه أمل يتجدد داخلها،حتي بعد فترة طويلة من كل ذلك الجدل والحديث نطق القاضي بالحكم النهائي وكان؟ الغاء الحكم الصادر بحقها و البراءه!.

لم تصدق حورية ماتسمعه باذنيها فغرت فاهها من الدهشه عندما استوعبت ماقاله القاضي هل بالفعل هتف بالعفو عنها هطلت الدموع من اعينها بالعديد من الدموع لكن هذه المرة كانت دموع السعادة و ليست دموع الحزن وبعدها علي الفور انحنت ساجده تحمد ربها وتشكره انه قد افرج همها لقد ظهرت برائتها اخيرا.

سلم المحامي مهنئ قاسم بالبراءه الذي ابتسم له بامتنان شديد هو وجمال بسعادة غامرة ثم ذهب قاسم نحو حورية يقف أمام القضبان الحديدية والتمعت مقلتيها بالدموع وخفق قلبها بقوة لا تصدق حتي الآن أن المعاناة سوف تنتهي أخيرا لينظر قاسم لها بأعين تشع عاطفه جارفة تجعل قلبها يخفق بشدة بين جنبات صدرها وهو يضع يده فوق كف يدها الصغير التي تمسك بيها القضبان بينما هي رمقته بنظرة امتنان كبيرة علي ما فعله لها وندم على هروبها منه قبل سابق.

لكن لم يكن الجميع سعيداً بهذا الحكم نهضت ناريمان بعدم تصديق واحمرت عيناها بطريقة مُخيفة وهي تضغط بين يداها بعنف حتى برزت عروقها بشدة لتسير نحو حوريه وهي تنوي قتلها، أمسك يدها جواد بسرعه وقال”
استني يا ماما انتي رايحه فين احنا هنا في المحكمه يعني اي حركه هتعمليها محسوبه عليكي هنا “

نظرت إليه بعيونها تشع غضب شديد وهي تصيح بقسوة شديدة” ابعد عني انا مش طايقه نفسي ولا طايقه اي حد اووووعي”

أبعدت يد جواد بعنف عنها وتقدمت ناريمان منها و وقفت أمامهم حيث كان قاسم يقف بجانب القضبان الحديدية يبارك الى حوريه وعندما وجد ناريمان خلفهم التفت اليها بوجه جامد،احتدت عيناها بالشر قائله بنيرة كفحيح الأفعي” فرحانه صح وماله افرح انت وهي
بس وغلاوتك عندي يا حوريه أوعدك هتكون نهايتك علي ايدي بس الصبر، هبقي عملك الاسود في الحياه كلها بس مسألة وقت يا شاطرة”

تطلعت حوريه إليها بأعين متسعة داخلها قلق من حديثها فهي تعرف أنها بالطبع لم تتركها بحالها حتي بعد البراءه، انتبهت الى قاسم الذي مسح علي يدها برفق و هز رأسه لها بعدم مبالاه إلي كلماتها وان تهتم الي فرحتها اليوم فقط.

**
بعد ساعة.في قصر عصام الصريطي كان الخدم والجميع بداخل القصر يشعر أن هناك جبل يهتز وسينهار قريبًا.. قريبًا جدًا وفجأة سمعوا صياح يأتي من غرفه ناريمان وصوت تهشيم اشياء فركض جواد وعصام للأعلى مسرعًا نحو الغرفه بتلقائية وفتح عصام باب الغرفة بلهفة ليجد ما توقعه ناريمان تدمر كل شيء أمامها حتى المرآة حطمتها ركض نحوها بسرعة جواد وهو يحاول الإمساك بها صارخ بذهول وقلق” ماما كفايه بقى اللي انتي بتعملي ده مش هيفيد بحاجه”

كانت تحاول تنفض ذراعه عنها بعنف حينها زمجر عصام بها حتي تستعيد وعيها “اهدي يا ناريمان اللي حصل حصل والبنت خرجت وطلعت براءه خلاص انتي كده اللي هيجريلك حاجه”

أبعدت يديهم عنها وهي تصيح بشكل هيستيري مرددة ” ابعدوا عني انا مش طايقه حد ولا عاوزه حد جنبي، عاوزني اعمل ايه اروح للهانم وابارك لها على البراءه ..اروح افرح معاهم واهنيها على حياتها الجايه ما هي دلوقت خلاص تقدر تروح وتستمتع بحياتها مع اي حد وفي اي مكان وتفرح بموت ابني”

ثم صرخت بألم شديد من قلبها وهي تصرخ “وانا هفضل طول عمري عايشه بتحسر على اللي راح و روحي جوايا بتتالم من الوجع”

كانت عيناها جامدة تخفي الانهيار خلفها أحبست دموعها بصعوبة وأكملت صراخها الذي يحمل من الألم والسخط خلفه “يعني ايه تكون قتلت ابني وتطلع براءه؟ يعني ايه ما كانش قصدها تقتلة؟ يعني ايه حرمتني من ابني عشان كانت بتدافع عن نفسها .. جابوا الادله والفيديو ده منين؟ والمحكمه ازاي تاخذ بحاجه زي كده وتديها براءه “

كان عصام و جواد يقفون بذهول وبصمت ينظرون إليها بشفقة حقيقية والحزن يستوطنهم علي حالها فلم يتوقع احد حكم البراءه وبعد أن كانت حورية اخذت حكم بالاعدام تحول الحكم في خلال الأيام الماضيه إلي براءه، ولم تحاسب على فعلتها.

رفعت عيناها بملامحها المتألمة تشد خصلات شعرها بقوة غير مصدقة ما حدث وهي تقول بصوت جامد “حد يفهمني ليه تاخذ براءه وما تتحاسبش على اللي عــمـلــتـه فــي ابـنــي ازاي ده يـحـصــل ازاي”

ظلت تقول هذه الكلمات مرار و تكرار مثل المجانين و هزت رأسها وهي كانت تحدق في الفراغ وعيناها جامدة ولكنها مهزوزة تنطق بألف كلمة وكلمة مثل انتقام وغضب وحقد ودماء، فـقد أعلنت الحرب نحو الجميع كل من له يد في موت ابنها وساعد حورية بدأ الانتقام يغزو كيانها كله. و الألم جعلها نسخة اخرى من الشيطان.

ثم أمسكت هاتفها بحده وانتظرت حتي أجاب عليها وهتفت بابتسامه واسعة كـ المجانين “عندي خبر ليك هيفرحك قوي حفيدتك طلعت براءه النهارده “

اتسعت عينا عتمان بالذهول وعدم تصديق وقال بغضب”انتي بتقولي ايه جبتي الكلام ده منين دي قتلت ازاي”

كانوا عصام و جواد يشاهدون ما تفعله ناريمان ولا يفهمون بينما ردت عليه بجدية حادة “لا ما هو قاسم ما سبهاش ولا لحظه لحد ما اظهر براءتها شكلها كده اديتله كثير قوي عشان ما يسيبهاش وهي دلوقتي قاعده في بيته بكل بجاحه بدون اي صفه ومش هممها حد، روح لم اللي فاضللك من شرفك “

**
بعد ساعات في قصر قاسم السيوفي انهمرت العديد من الدموع من حورية لسعادتها بعودتها من المحكمة الى القصر مره ثانيه وهي قد أظهرت براءتها، ليقول قاسم بصوت هادئه مرددا” مبروك يا حورية مبروك على البراءه كده نقدر نقول الحمد لله هتقدري تستردي جزء كبير من حياتك “

عضت حوريه شفتاها مبتسمة ابتسامة واسعة”انا مش عارفه اقول لك ايه ولا اشكرك ازاي يا قاسم على كل حاجه عملتها معايا و مش مصدقه لحد دلوقتي ان انا خلاص خلصت من الكابوس ده “

ابتسم علي فرحتها لكنه رسم الحدة والخشونة على ملامحه الرجولية وهو يقول”انا ما عملتش كده عشان مستني منك شكرا ده اللي كان لازم يحصل يا حوريه والحق يبان “

عقد جمال ما بين حاجباه وهو يحدق بها متساءل”ناويه تعملي ايه بعد كده يا حوريه “

فهمت حوريه ان يقصد وجودها هنا بعد براءتها فـ بالتاكيد لم ينفع أن تظل هنا كتير، حينها همست بصوت يكاد يسمع”هاه مش عارفه حاليا بس اكيد مش هينفع افضل هنا هشوف مكان تاني طبعا و..”

ولكن قبل ان تكمل كان قاسم يتحدث وهو يحذر جمال بنظراته بجدية “جمال مش قصده كده يا حوريه اقعدي براحتك ده بيتك ما حدش هيقدر يمنعك، هو اكيد يقصد هتعملي إيه في حياتك الجايه مع اهلك “

بللت شفتاها والتوتر يزحف لكافة جوارحها ببطء ثم خرج صوتها مبحوحًا يتحجزه القلق “نفسي اروح ليها اكيد و كان نفسي الاقيهم اول ناس وانا خارجه من السجن يستقبلوني بس للاسف ده عمره ما هيحصل و لو رحت لهم ما اعتقدش هيستقبلوني ،بس دول أهلي وأنا مليش غيرهم هحاول محاوله اخيره اروح ليهم واشرح ليهم كل إللي حصل”

وقبل أن يجيب عليها قاسم انتفضوا فجاء هم الثلاثه علي اصوات عراك شديده بالخارج حينها إلتفتت حوريه خلفها من النافذة لتجد في الاسفل عتمان جدها و معه بعض الرجال في نفس عمرة تقريبا شهقت حورية عاليه وهي تقول بخوف شديد” ده جده عتمان”

نهض ينظر إليه وفجأة سمعت صوت قاسم خلفها تمامًا وهو يهتف بصوت خالي من التعابير “خليك هنا ومتتحركيش انا هتصرف”

فهبط قاسم علي الدرج بسرعة وهو يعطي اوامر الي الحراس ان يتركوها ثم نظر قاسم إلي الرجال الذين مع عتمان بشك وهو يقترب منهم صاح بحده” انت جاي تعمل ايه يا راجل أنت هناك ومين دول جايبلي معاك بلطجيه “

رمش عتمان بعينه بضعف زائف وهو يقول بعطف”شوفتوا يا جماعه لسه ما تكلمناش وبيغلط فينا الله يسامحك يا ابني انا مش هارد عليك بالغلط زيك، انا عاوز بنت أبني حبيبتي في حضني بعد ما طلعت براءه “

تجهمت ملامح قاسم وهو يقترب منه هاتف بخشونة”انت هتستعبط جاي بس دلوقتي تفتكر انك لك حفيده بعد اللي عملته معاها اتفضل من هنا انت واللي معاك ملكش حاجه عندي “

ليقول أحد الرجال بحذر”يا ابني عيب كده ده راجل كبير قد ابوك واحنا مش عيال صغيره واقفين قدامك احنا جايين نتكلم بكل هدوء وعقل، احنا جيران استاذ عتمان وعارفينه من زمان هو وعيلته وعارفين حوريه كمان واللي عملته ودي مش اصولنا بصراحه يا ابني وما ينفعش تفضل معاك ولا دقيقه واحده بعد كده”

صرخ قاسم يزمجر بجنون وكأنه انفجر “انتم مش فاهمين حاجه الراجل ده عاوز يموتها ده تلاقيه ضحك عليكم بكلمتين ما تصدقوش “

اومأ الرجل برأسه برفض ثم اخبره باختصار ” احنا مش جايين نتخانق ولا نعمل مشاكل، و اديله حفيدته عيب تفضل معاك هنا لوحدها مع راجل غريب عنها وحتى لو عاوز يعمل فيها ايه في النهايه ده جدها مش حد غريب عنها زيك يعمل مبادله فيها “

تنهد عتمان ببعض الارتياح وهو يري إصرار الرجال علي أخذ حورية الذي ذهب يستنجد بيهم، بينما رد الأخري بجدية حادة”ايوه في النهايه اسمه جدها وبيربيهم انما وجودها هنا بيسوا سمعتها ويخلي الناس تتكلم عليها اكثر بالوحش وعتمان وعدنا بنفسه انه مش هيعمل ليها حاجه وناوي يفتح معاها صفحة جديدة و ينسي إللي فات عتمان عاوز يلم لحمه ويقفل عليه بابه ودي حاجه ما تزعلش حد “

تقدم منهم جمال ثم تابع قائلاً حديثة بنبرة آمرة “وبصريح العباره كده مش هنمشي الا لما ناخذ حوريه معنا انت مفكر نفسك عايش في بلاد بره ينفع تستضيف بنات الناس في بيتك ويقعدوا معاك عادي كده “

وقفت حوريه أمام بوابة القصر من الداخل وكانوا الرجال يطالعها بتفحص باشتمزاز وخبيه أمل بينما هي شعرت أن الحروف فرت هاربة من بين شفتاها واخفضت عينيها باحراج شديد منهم و الجراه التي أظهرت عندما ضربتة بعنف ثم فرت هاربة أصبحت مجرد رياح فـ عتمان وضعها في وضع صعب أمام الجيران والمعارف فهي في نظرهم الان فتاه سيئه جدا.

حاول قاسم بغضب أن يقترب منه لكن جذبه جمال بقوة وهو يقول بصوت حازم “استنى يا قاسم اوعى تتهور وتعمل حاجه ما توديش نفسك في داهيه انت مش شايف عاملين ازاي وبتكلموا ازاي؟ اكيد عتمان هو اللي مالي دماغهم بالكلام ده ومفهمهم الأمور غلط .. سيبها تروح معاهم واسمع الكلام افضل ليها”

عقد قاسم ما بين حاجبيه بعدم استيعاب ثم اردف بتلقائية مستنكرًا ” نعم أنت بتقول ايه اسيبهم ياخذوها؟”

قد استمعت حورية الي آخر كلماته وصمتت وهي تشهق بعنف عند مخيلتها انها سوف ترحل مع عتمان مره ثانيه وهزت رأسها بفزع حقيقي لا يحتمل تخيله، لتجد عتمان يقترب منها بخطوات بسيطة وهو يردد بحزن مصتنع” يلا يا حوريه معايا يا بنتي كفايه فضايح انا راجل كبير ومش قد اللي بتعملي فيا”

تراجعت حوريه للخلف بخوف شديد منه وهي تنظر إلى قاسم يتوسل وتهز رأسها برفض أن لا يتركها ترحل معه و من دون مقدمات كان عتمان يجذبها ويسحب من ذراعها بحنوِ زائفة وهو يغمغم بصوت حاول منه باقي الاصطناع أمامهم” يلا يا حوريه متخافيش يا بنتي انا حتي فرحان انك طلعتي براءه خلاص”

ازداد جنون قاسم الذي ازدادت ضرباته عنفًا وهو يراه يأخذها ليهدر فيه بعنف مستنكر ” ابعد عنها مـش هتخــ”

لكن قاطعه جمال وهو يجذبه نحوه بقوة و حده وهو ينظر إليه ويهز رأسه بضيق برفض أن لا يذهب خلفهم. احمرت عينيه بغضب مخيف منة ولكنه جذبه نفسه بعنف من ذراعه يريد أن يذهب إلى حورية لكن جمال منعه مره ثانيه بالقوه ليزمجر قاسم فيه بغضب شديد أن يتركه لكن رفض وظل يمنعه بكل قوة بخوف عليه.

بينما ليضع عتمان يده حول كتفها يحضنها بعنف وقسوة دون أن يراه أحد من الرجال وتاوهت بصوت مكتوم وهو يسير بها إلي الخارج و الرجال خلفهم، عضت حوريه علي شفتاها السفلية وتشدق بعبث متحسرًا علي حالها ومن عذاب الي عذاب والمعاناة لم تنتهي بعد كما توقعت ولم تكتمل فرحة براءتها

**
ظل جمال في معاناه اكثر من ساعه وهو يحاول منع قاسم أن يذهب خلفهم ويتهور هو يعرف جيد أن تركه يذهب خلفهم لم يمر مرور اكرام ابدا بالتاكيد عتمان لم يترك حوريه بسهوله و قاسم أن ذهب سوف يفعل المستحيل حتى يأخذها حتي ان اضطر لقتل أحدهم، لذلك جمال يحاول منعه ففي النهايه هي ذهبت مع عائلتها ولم يستطيع احد التحدث بكلمه واحده مهما فعلوا فيها، أبعد قاسم جمال بقوة و هو يتنفس بشدة ونيران جسده تشعل وصدره بنيران مقيدة هو به كلما حاول الابتعاد والرحيل جمال يزيد الضغط علي كتفه ليصرخ قاسم و هو يقول بغضب دفين” ما تبعد عني بقى يا جمال انت إزاي تمنعني و تخليني اسيبهم ياخذوها إيه ما شفتش شكلها كانت عامله ازاي وهي خايفه منهم، ويا ترى عارف ومتخيل هيعملوا فيها ايه دلوقتي “

نظر جمال الي قاسم و هو يقول بحزم ” انا عارف كل ده وقلقان عليها زيك بس احنا مش في ايدينا حاجه نعملها ليها دلوقت، وبعدين انت ما شفتش بنفسك ده جايبلك ناس يشهدهم عليك انك منعوا يشوف حفيدته وكان ممكن يطلبوا البوليس ليك و حورية هتاجي في الرجلين تاني”

أبعده بقوة عنه أخير واتسعت عينه لينظر إليه و أعينه لا تطيق حتي تقبل حديثه تحدث و هو ينظر إلي جمال قائلاً بسخرية لعينه ” حفيدته هو انت فاكر قلبه عليها ده لو قدر هيموتها مش هيتردد لحظه، من أمتي الحب والحنيه اللي نازله عليه مره واحده دي .. دي لعبه عاملها عشان ياخذها ويصعب عليهم ويخلي الكل يتعاطف معاه وانا كان لازم امنعه”

ليزفر جمال بغضب قائلاً” ازاي؟هتقدر على كل دول وتمنعها ازاي؟ انت بالطريقه دي هتسوا سمعتها اكثر وهو ده اللي كان عاوزه جدها عشان كده كان لازم تسيبها وزي ما قلتلك دول اهلها وهما اولى بيها “

تنهد باختناق وهب فيه و هو يصرخ بحدة ”
وكانوا فين اهلها دول من البدايه دلوقت بس افتكروا إني ليهم بنت وخايفين عليها عارفين عنها ايه؟ اكثر من مره اتعرضت للخطر بسببهم وهم ولا اهتموا ولا يعرف عنها حاجه، كان ممكن بكل سهوله تموت نفسها وهم ولا هيبقوا داريين بحاجه “

تنهد جمال بضيق وقال بصرامة” انت بتقول لي انا الكلام ده، ما انا فاهم كل ده وعارف ان دي لعبه من عتمان كان بيلعبها عشان يخلي الكل يتعاطف معاه بس احنا برضه مش هنقدر نمنعه واحنا مش نقرب ليها حاجه عشان نفضل مستضفينها هنا في البيت طول الوقت, بأي وصفه يا قاسم عاوزها تفضل معنا من غير ما حد يسالك عنها أنت فاكر نفسك عايش فين صحيح”

ما ان انهي جمال حديثه حتي ظل قاسم يدور حول نفسه بغضب شديد وانفاسه تتعالى بقوة لا يعرف كيف له ان يتركهم يأخذونها منه وهو يقف عاجز ولم يستطيع منعهم مسح وجهه بعنف شديد هي يكاد ان يجن ليتحرك بحده ألي الاعلي وجمال تحرك علي الفور خلفه يهديه لينظر قاسم بحدة ويرفع سبابته بوجه جمال و هو يقول بتحذير ” ما تجيش ورايا وابعد عني الليله دي بالذات وده لمصلحتك”

لم يتحدث جمال ولا يذهب خلفه كما يريد تنهد جمال بيأس وضيق و ذهب الى الخارج بينما وصل قاسم إلى غرفته وفتح الباب بقوة و هوي علي المقعد وبدأ يشعر أن تيارت القدر تعارضه وبعنف هذه المرة لم تكن في صالحه بل تعارضه وبقوة بدأ يشعره بالاختناق الحقيقي يقبض على صدره فتجعله يتلوى من مرارة العجز والألم. غير مصدق ان لم توجد حورية في حياته بعد الآن؟.

أصبح يشعر أن الهواء ينسحب من حوله حتى بات الاختناق رفيقه يريد ان يصرخ بعنف شديد و يطرد ذلك الغضب اللعين الذي يقبض على صدره، اخذوها من امامه وهو ظل واقف كـ الصنم و لم يتحرك لم ينقذها هذه المره لم يذهب خلفها لم يمنعها من البعد عنه.. هي من الاساس لم تهرب هذه المره بل أجبرت أمام عينه علي الرحيل.

صدقت بوعدها هذه المره بالفعل ولم تهرب لكن هو لم يوفي بهذا الوعد؟ إنتفض قاسم فجاءه عندما سمع أصوات الرعد بقوه و الأمطار الغزيرة تتساقط ليتذكر علي الفور حوريه وخوفها في الفندق عندما ذكرت أنها لا تطاق الفنادق ولا أصوات الرعد تذكرها بـ تلك الليله حادث اغتصابها! بالتأكد هي الان تحتاج إلى مساعده ولم يفهم احد غيره معاناتها و احتياجها.

هبط قاسم الدرج بخفة وجسده يغلي من الغضب الذي يكمن في داخله، يجز علي اسنانه بقوة يحاول ضبط انفعالاته التي ظهرت من خلال عروق رقبته وذراعيه، استقل داخل سيارته وانطلق بها يسابق الريح يشق خيوط من الغبار خلفه لمحه جمال وهو ينطلق بسيارته بسرعه وهتف باسمه عدة مرات ولكن قد فات الآوان وانطلق بعيدًا عنه، دق قلبه بقلق حينما رأي هيئته وملامحها غاضبه و لا تنذر بالخير صعد جمال بسيارته هو الأخري ينطلق خلفه حتي يعلم اين ذاهب وهو يدعو في داخله أن تجري الامور علي ما يرام

أما قاسم كان يثبت نظراته علي الطريق وعيناه جامدة لا تحوي علي تعبيرات ضغط علي مكابح السيارة بقوة وهو يقرر اليوم سوف يضع نهاية لهذا الموضوع وستكون لصالحه.
___________________________________

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية حورية بين أنياب شيطان)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى