رواية حورية الفصل السابع 7 بقلم ميان مالك
رواية حورية الجزء السابع
رواية حورية البارت السابع
رواية حورية الحلقة السابعة
يده الممدودة وتنهداته العالية وصوته الهادئ :
“يلا أروحك”
كلها أشياء جعلتها تنظر لصاحب تلك اليد برغم من أنها تحفظها على ظهر قالب، ظلت تنظر ليده كثيراً ثم عادت إلى وضعيتها تقرب ركبتها من صدرها وتضع رأسها عليها وكأنها لم تراه
تنهد يوسف بضيق وأعاد يده للوراء قليلاً، لم يشعر بالأحراج فهو من بدأ تلك اللعبة السخيفة مع المسكينة التي لا تفهم أي شئ، جلس بجانبها وهو لا يعرف كيف يبدأ حديثه، وهي توقفت عن البكاء لكنها لم ترفع رأسها
“هو أنتي ممكن تسامحي عمي رفعت ؟”
بدأ حديثه بتلك الجملة التي جعلت حورية ترفع رأسها وتنظر له بدهشة، وبعد تفكير لم يدم دقائق قالت :
“مظنش”
“عمره ما عملك حاجة كويسة !”
“عمل لكن دلوقتي مفيش في قلبي ليه غير الوحش، يمكن لما أنساه أسامحه، يمكن لما أكبر ويبقى ليا بيت يخصني بتاعي أنا مش ضيفه عند حد أفتكر ليه حاجة كويسة وأقول أني ممكن أسامحه”
“يعني لو أعتذر لك دلوقتي مش هتسامحيه”
أبتسمت بحزن قائلة :
“هو عمره ما هيعمل كده، ولو عمل ف أنا لسه لحد دلوقتي بحاول أصلح إلى هو كسره فيا”
أبتسم بسخرية غريبة ولم يتحدث، لتسأل حورية ببعض القلق :
“هو عمي رفعت جراله حاجة !”
هز رأسه بالسلب فصمتت وهو أيضاً، ظلوا هكذا دقائق، ثم تحدث يوسف بمشاعر غريبة :
“من 5 سنين أتعرفت على واحدة أسمها لارا، مفيش كلمة واحدة قادرة توصفها، جميلة ورقيقة وعفوية وحنينة وهادية وبتاعت مشاكل وطموحة وبتحب الأطفال، كل حاجة كان ليها في كل حاجة وأي حاجة لدرجة أني لما بقعد معاها بحس أن معايا جوجل …حبيتها ..يمكن كانت أكتر حد حبيته في حياتي، وهي كمان حبتي، تخيلي أن هي إلى صلحت كل الخراب إلى كان فيا زمان”
تنهد قليلاً وهو يحاول أستجماع شجاعته ليحكي :
“يمكن أنتي كان حظك أجمل من حظي على الأقل أنتي أمك ماتت ف أبوكي راح يشوف بديل، أما أنا ف والدي قرر أنه عشان ينتقم من ماما أنه ياخد منها العيال، والأتفاق إلى حصل بينهم كان أنها تاخد لورا وهو ياخدني كانوا بيوزعونا كأننا كيس بطاطس، وقتها كان عندي 12 أو 13 سنة، والدي كان عنده صيغة غريبة، هو مش بيحب يكلم إلى قودامه زي البني أدمين بلسانه، أو حتى بزعيق، والدي صيغة الكلام الوحيدة إلى عنده كانت الضرب، الصحيان من النوم بالضرب، الأكل بالضرب، مرواح المدرسة بالضرب، الدرجات الوحشه بالضرب، أني أبطل أي حاجة كانت بالضرب لعب شقاوة أي حاجة، من صغري وأنا عارف أن ماما باعتني وفضلت عليا لورا ومكنتش أعرف عنها حاجة طول ال 8 سنين دول بابا كان بيقولي أنها عمرها ما حاولت تتواصل معايا أو تكلمني وأنها مبقتش عايزاني”
أبتسامته الساخرة الغريبة على وجهه لم تفارقه، نظر لها ليجدها منصته له بتركيز شديد وكأن لا يوجد أي شخص غيره في هذا العالم الأن
“والمفاجأة أن ماما أصلا مكنتش عارفة مكاني، لأن بعد ما بابا خدني منها سافر بعيد عن باريس فترة طويلة”
قاطعته حورية قائلة بضيق :
“طب ومتعرفش باباك عمل فيك كده ليه”
“كان بيشوف ماما فيا، وبعد إلى ماما عملته فيه وإلى من وجهه نظره هو شايف أنها واحده مفترية مقدرتش النعمة وأطلقت وأنها كان المفروض تصبر عليه كمان ٣ أو ٤ سنين عقبال ما يتغير ويبطل يهينها، وعلى فكرة ده نفس كلام عمي رفعت أن ماما مش بتقدر النعمة، كان المفروض يستنى أما تموت تقريباً !، وعمي رفعت هو سبب من الأسباب إلى خلت بابا ياخدني لأنه لو كان في ظهر ماما مكنش بابا قدر ياخد حد مننا، يعني كل علاقتي بعمي رفعت كانت كلها قراراته الغبية إلى دمرت أطفال ملهاش ذنب”
وصمت يكتم دموعه، ظلت حورية تنظر له بغرابة أذلك يوسف !، يوسف الذي كانت تتمنى لو تعيش حياته
أقتربت منه وقربت يدها من وجه في رعشة خفيفة خوفاً من ردة فعله ووضعتها على إحدى وجنتيه ليستقبل يدها بكل هدوء وبعد دقائق قال يوسف :
“حورية ممكن نروح ..أنا تعبت”
هزت رأسها بإيجاب وتحركت معه إلى المنزل، وأثناء الطريق أكمل يوسف :
“لارا كانت بتعاملني بطريقة مختلفة، حسستني أني مهما كبرت هفضل إبنها الصغير، وكمان كانت بتدور معايا على ماما لحد ما لاقيناها”
“طيب طالما لارا دي كويسة كدة سبتها ليه !”
“لارا متتسابش، للأسف هي توفت من سنتين”
المأسي تزداد حقاً أعتقدت أنها منحوسة لدرجة كبيرة بسبب أن لا شئ في حياتها يكمل حتى النهاية، لكن ما فاجأة هو هدوء يوسف الذي سيتحدث به في كل تلك المصايب التي حدثت له، والتي لم تكن تتحملها هي لو كانت بمكانه
“حورية ..أول مرة حضنتك فيها كانت أول مرة أحس أن لارا بقت ماضي، كنت حاسس أني بخونها، وفي النفس الوقت حاسس بالذنب ناحيتك أني بقربك مني وخايف لتحبيني، وتاني مرة حضنتيني فيها كل لمبة في عقلي شغلت وضع الطوارئ يمكن تنكري أنك حسا بحاجة نحيتي بس المشاعر دي …..”
قاطعتها هي قائلة بكل صراحة :
“لا ما أنا بحبك فعلا”
نظر لها رافعا كلا حاحبيه لم يكن يتوقع تلك الأجابة السريعة لتقول هي :
“أنكر مشاعري ليه طالما أنا وأنت عارفينا، مش أنت إلى علمتني كدة وقولتلي واجهي مشاعرك يا حورية ومتهربيش منها، أديني أهو بواجهها وأنا بحبك ودي مش مشكلتك ده قلبي وأنا حرة معاه بقى هنبقى نتصرف سوا”
ليصمت شاعرًا بالبهجة جراء حديثها، لقد فهمت مقصده، لقد تعلمت وأصبحت ناضجة فكرياً، لقد تغيرت كثيراً عما كانت هيئتها عندما جاءت في البداية
(وعلى فكرة هو كمان كان بيحبني، أصل مين طبيعي هيكشف نفسه ويكشف أسراره غير لحد بيحبه ولأن الحُب بيتبني على الصراحة أنا كنت فاهمه أن يوسف بيمهد لمشاعره الجديدة تدخل قلبه، مشكلة يوسف هو صراحته وأن خبي لسانة ف عينه مش بتقدر تخبي مشاعره، يمكن مكنش يقصد أي حاجه من دي وقتها، لكن حاجة جواه هي إلى حركته وهي هي نفس الحاجة إلى خلته يجي يدور عليا حتى بعد ما رمي في وشي الدبش إلى قاله وقتها)
دلفت إلى المنزل وهو وراءها وألقى كل منهم نفسه على الأريكه بأرهاق
“حورية أنا بكره الطب وبكره الدم”
عقدت حاجبيها بدهشة ثم سألته بغرابة :
“أومال دخلت طب ليه !”
“أنا دخلتها غصب، بابا كان مقتنع أن الطب حاجة كبيرة في مصر وأنها أعلى الكليات بالنسباله، أنما أنا كنت بكره الطب”
“أومال كان نفسك تطلع إيه !”
تحدث بحالمية :
“مرشد سياحي، أنا بعشق السفر والتجول وأكتشاف الأماكن الجديدة”
نظرت له بدهشة من يترك الطب من أجل السفر والترحال !
أبتسم بإحباط وهو ينطق :
“مجنون صح !، طبعا في بالك مين أهبل يسيب الطب عشان خاطر السفر والتجول والكلام الأهبل ده”
هزت رأسها بالنفى وهي ترد :
“مينفعش أقول كده على حد أحترم أحلامي، يمكن هي بالنسبالي حاجة غريبة، لكن بالنسبالك الدنيا، ولأن شخصيتي مش زي شخصيتك ف أحلامي غير أحلامك، دور على نفسك متمشيش تبع حد، ملناش دعوة بالقديم خلاص والدك عمل إلى عمله وخلص دلوقتي حياتك في إيدك غيرها”
تنهد براحة وهو يشعر بثقل كبير تحرك من على قلبه، ووجد نفسه يتحرك تلقائياً ويضع رأسه على قدميها ينعم ببعض السكينة والهدوء
أبتسمت هي وهي تضع يدها بداخل شعره تلعب بداخله، ثم تحدثت :
“في حاجات كتير في إلى أنت حكيته أنا مش فاهماها”
نظر لها وأردف مغمضاً عينه :
“لسه الأيام جيا بينا كتير يا حورية وهحكيلك كل حاجه بالتفصيل”
وبين الصمت ودقات قلبهم التي تقرع كالطبول، همس يوسف بأرهاق شديد :
“أنا عمري ما حكيت لحد إلى حكيته وإلى هحكيه ليكي أبداً، محدش يعرف غيرك”
“وحكتلي ليه ؟”
“مش عارف، أنا فجأة حسيت أني تعبت وكتابة الموضوع ده على الورق مش مخفف عني، أنا كنت محتاج أحكي لحد سامعني وشايفني وحاسس بيا، أنا كنت محتاج حد يفهمني، أنتي فاهماني!”
هزت رأسها بإيجاب وعلى وجهها ابتسامة مشرقة لطيفة، دقائق ورفع رأسه ينظر لها قائلاً بأهتمام :
“حورية أنا أحلامي مش تافهة صح ؟”
“أبداً، بص هقولك حاجة تيتة قالتهالي زمان، الغاوي يمشي ويلف بلاد للحاجة إلى غاويها، ومهما أتأخر أو تعب برضو هيكمل لأنه كل ما هيوقف هيفتكر أخر الطريق هيكون إيه مستنيه”
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية حورية)