رواية حورية الفصل الثامن 8 بقلم ميان مالك
رواية حورية الجزء الثامن
رواية حورية البارت الثامن
رواية حورية الحلقة الثامنة
الخاتمة
(مر 3 شهور على اليوم ده، حصل فيهم حاجات كتير، من ضمنها أني رجعت أشتغل مع تيانا ولورا تاني، وإيه الواد الممثل إلى أسمه سام ده طلع بيموت فيها، أنا عمري ما هنسى اليوم ده)
كالعادة حورية الفضولية تحركت إلى موقع التصوير وتركت تيانا تصرخ وتصيح بالمصممات الحديثات اللاتي يعملان معهن وللأسف لا يوجد أي تفاهم بينهم وبين تيانا
ما أن لاحظ المخرج حورية أبتسم بهدوء وأشار لها على الأسلاك الموجودة في الأرض لتأخذ بالها ولا تقع، وأثناء الأستراحة بعدما أكتمل المشهد لاحظ سام حورية فلوح لها بحماس وأتجه صوبها، علمياً لقد نشأت بينهم علاقة لطيفة وشكر خاص للمترجم الذي كان سبب رئيسي في تلك العلاقة، عملياً كل ما يتحدثون عنه هو لورا التي لا تفهم تلك العلاقة الغريبة بين حورية وسام، وسر بيني وبينكم هي تبدو هادئة من الخارج، ومن الداخل هي تموت من الغيرة، لقد تمكن من التفاهم مع حورية وهي لا !! ألا يبدو ذلك غريباً قليلاً
كانت حورية تشجع سام على فعل شئ ما، وهو يبدو ولأول مرة متوترًا، شعرت لورا بالملل من أفعالهم وعادت تنظر للكاميرا خاصتها تضبط بعض الأشياء فلن يفيدها الأن سام أو غيره
ولكن بعد عدة دقائق، وجدته يقف أمامها بقامته الطويلة ينظر لها بطريقة غريبة لأول مرة
مد يده لها قائلاً بنبرة حنونة للغاية :
“أتسمحيني لي يا عزيزتي”
نظرت ليده بغرابة، وبداخلها أندهاش قوي، عزيزتي!، يوجد أمر غريب بالموضوع
اللعنة هل من الممكن أن تكون حورية أفشت سرها ومشاعرها المكنونة لسام !، بالتأكيد مستحيل فهي تثق بحورية ثقة عمياء وتعلم أنها بالتأكيد لن تفشي سرها وخصوصاً لسام نفسه، لكن تلك النظرات المشجعة الصادرة من حورية أقلقتها أكثر
توقف بها في منتصف المكان، وترك الجميع ما في يده وصبوا كامل تركيزهم على سام الذي يشير لبعض عمال المكان، ولورا التي لا تفهم أي شئ وتنظر ليده الممسكة بيدها، الجميع مبتسم وحورية تقف عن بعد سعيدة للغاية، سعيدة بطريقة أربكتها !
وجاء العمال وفي يدهم خلفية عرض كبيرة، أزاحوا الخلفية التي كانوا يعملون عليها ووضعوا ما بيدهم، نظرت لورا لسام وهي لا تفهم فعلياً ما يحدث هنا، أشار سام إلى الخلفية التي وضعت كانت خلفية فارغة ! مجرد شاشة بيضاء ليس أكثر
صفق سام بيده، لتنطفئ جميع الأضواء وعلى شاشة العرض تلك أنار المخرج جهاز عرض البيانات _ Data Show
لتظهر على تلك الخليفة كلمة _عزيزتي_ بالفرنسية، نظرت لسام بغرابة، لينطق هو بتوتر قوى :
“أقرأي بصوت عالِ”
لتسمعه كلامه، وتنطق الكلمات بصوتٍ عالٍ :
“عزيزتي …لورا …تبدين جميلة ..ورائعة ..كعادتك …أشكر المخرج …على أختياره الموفق لك ..وأشكر قلبي ..على أختياره الموفق ..لكِ أيضاً …لورا ..أنا أحُبك …منذ أن ..وقعت عيناي عليكِ …لقد تمكنتي مني …لورا أنا أُحبك للغاية ..وأريد الزواج بكِ …فهل تقبلين ؟”
وعادت الأضواء كما كانت، والجميع ينظر للورا منتظرًا إجابتها، ليقول تلك المرة سام بنفسه :
“لورا أنا حقاً أحبك للغاية”
كان ينتظر منها رد، أي رد، لكنها ظلت تنظر حولها غير مصدقة لما يحدث، وبلا مقدمات سقطت فاقدة وعيها
(يا حرام أنا كل ما أفتكر منظر سام أفطس من الضحك، الواد كان مخضوض وكأنها ماتت مش أغم عليها، وإلى زاد الموضوع توتر أنها رفضت تقابله بعد ما فوقناها، والحقيقة الكل كان متوقع منها ردة فعل حميدة، لكن أكتشفنا أن حميدة طلعت قليلة الرباية)
“بقى كده يا حورية، أقولك سري تروحي تقوليله”
قالتها لورا وهي تركض وراء حورية وفي يدها حذائها الرياضي تتوعد لحورية بالضرب به، وبعد محاولات حورية للهروب منها نجحت أخيراً في الدخول إلى غرفتها وأغلقت الباب وراءها بالمفتاح، طرقت لورا على الباب بعصبية وهي تصرخ بها :
“أفتحي يا حورية الباب، أفتحي بدل ما أكسره فوق دماغك”
حاولت حورية شرح الأمر لها :
“يابنتي ولله ما قولتلو حاجة، ده هو إلى قالي”
“ومقولتيش ليه يختي !!، ولا كنتي مستنية أما يتقدم عشان تنطقي، قدرتي تخبي إزاي ده أنتي مش بتعرفي تكتمي سر أبداً”
فتحت حورية الباب وقالت بكبرياء :
“لا أنا أفضحكوا أه بمزاجي، أنما مقولش أسرار حد، يعني مهما حصل أنا عمري ما هقول لحد أنك زمان كنتي معجبة بصاحب أخوكي الأنتيم وو”
وضعت لورا يدها على فم حورية تمنعها من تكملة باقي فضائحها …أقصد أسرارها، وجاءت على صوتهم رحمة التي قالت بضيق :
“ما تهمدوا بقى يابنات أنتم مش أطفال عشان إلى أنتم بتعملوه ده”
وعادت مرة أخرى إلى غرفتها تكمل عملها، ظل الفتاتان يراقبان رحمة حتى عادت إلى غرفتها وما أن دخلت وأغلقت الباب سألت لورا بقلق :
“تفتكري سمعتك !”
أجابت حورية بتوتر :
“مظنش وإلا كانت مسكت الشبشب وقطعته عليكي”
ضربتها بضيق وهي تنطق :
“وأنتي إيه أي حاجة تتقال على الملأ كدة أمسكي لسانك شوية”
“طيب يختي، المهم هتعملي إيه مع سمسم”
تنهدت لورا بحزن وبعد عدة دقائق نطقت ببساطة :
“هقفل تليفوني ومش هروح الشغل ويبقوا يشوفوا غيري”
“إيه الهبل ده !!!، الواد قالك أنه بيحبك وأنا وأنتي عارفين أنك بتحبيه، بتعملي كدة ليه بقى”
“ياحورية ده فضحني قودام الشغل كله، هروح إزاي بعد إلى حصل ده، بصي ده قراري خلاص”
وتحركت ناحية غرفتها، لتقول حورية بصوت عالٍ لتسمعها لورا :
“هو الأعتراف بالحب بقى فضيحة اليومين دول !”
لم تجيبها لورا ولم تهتم، فقط دخلت غرفتها وأغلقت بابها ثم ألقت حذائها، واخيراً ألقت نفسها على الفراش تحاول نسيان كل ما حدث في ذلك اليوم
(بتسألوا على يوسف صح !، أتغير أوي عن أول مرة شوفته فيها، كل الكراكيب إلى جواه أترتبت، وأه أنا نرجسية ومغرورة وهقول أن الفضل يرجع لي، قرار أنه يسيب مهنة الطب مكنش قرار سهل ده تعب سنين دراسة ومذاكرة كتير، لكنه قرر يعمل الحاجة إلى بيحبها ويشتغل مرشد سياحي، أينعم بيبعد عني كتير وبيوحشني جداً، لكني ببقى في قمة سعادتي وأحنا قاعدين سوا في البلكونة ويقعد يحكي لي عن سفارياته ومغامراته وعمل إيه وشاف إيه، وكل بلد يروحها لازم يصور لي صورة مميزة عشان أحتفظ بيها في صندوق ذكرياتنا)
طرق قوي على باب غرفتها جعلها تنهض من على المقعد وتترك الرواية التي كانت بيدها وتتحرك سريعًا صوب الباب وهي لا تفهم ما الذي يدفع من بالخارج ليطرق على باب غرفتها بتلك القوة، فتحت الباب بسرعة لتجد يوسف أمامها ولأول مرة تجده بتلك الهيئة فقد كانت هيئته ..شاحبة، عقدت حاجبيها وهي لا تفهم ما به لكنه بالتأكيد ليس بخير
همست بتوتر وهي تتفقد هيئته :
“مالك”
تنهد بثقل وظل صامتًا لدقائق قبل أن ينطق بخفوت :
“فاكره لما سألتك أنتي ممكن تسامحي خالوا رفعت ولالا”
هزت رأسها بسرعة وهي تحاول أستكشاف باقي كلماته، ليكمل هو بحشرجة :
“وقتها كان بابا تعبان، وأنا مكنتش عارف أتعامل إزاي خصوصًا بعد كل إلى عمله فيا زمان”
وصمت لتنطق هي بترقب :
“وحصل إيه؟ كمل”
رمش عدة مرات وهو لايعرف بما يجيب فهو شخصياً لم يستوعب ما ورد له منذ دقائق من الممرض المخصص للعناية بوالده :
“أنا مقدرتش اسامحه لكن ..مقدرتش أسيبه فبقيت جمبه من وقت للتاني وخليت حد يهتم بيه ويكون معاه على طول، بس إلى حصل أنه مات..مات قبل ما يحاول يطلب أنه يكلمني، حورية أنا أبويا مات وهو عمره ما حضني”
يمكنك أن تشعر بألمه، فهو واضح للأعمي، يمكنك أن تشعر بذلك وكم بدا الأمر مؤلم جداً لها لكنها لا تعرف ماذا عليها أن تفعل وهي تجده منكسر لأول مرة منذ أن عرفته
قالت محاولة بث بعض الأطمئنان له :
“يوسف أهدى كله هيبقى تمام”
ألقى بنفسه بين ذراعيه وسط صدمتها وهي تشعر به يبكي
(مكنتش قادرة أوصف شعوري، كنت حسا بالعجز أني مش قادرة أساعده أو أخفف عنه بأي شكل، لكنه فاجئني بطريقته في التعامل مع الموضوع وهو أنه فضل زي ما هو، أه ولله فضل زي ما هو يمارس شغله وهواياته والجيم بتاعه ولا كأن في حاجه حصلت، أو هو حصل لكنه مقتنع أن أسهل طريقة للتعامل مع الأمر أنه يفضل زي ما هو وميخليش حياته تقف عشان ميتعبش زيادة)
خلال 3 أشهر أخرين عندما كادت لورا أن تعتذر عن الفيلم كانت حورية ولأول مرة مرشدتها بأن ذلك خطر على مستقبلها المهنى وأنها ليست الأولى التي تفضح ..أقصد التي يتم الأعتراف لها بالحب على الملأ، لكن ولأن مستقبلها المهني أهم قررت أن تجاوز الأمر وتذهب للعمل، لكن مجرد يومان وتمكن سام بأبتسامته التي كانت لا تظهر سوى لها أن تخطف قلبها مرة أخرى غريب ذلك الحب
رحمة التي لم يشعر أحد ولو لمرة أنها تشعر بالذنب، لكنها لطالما كانت تشعر بالذنب أنها فقدت يوسف وأعطته لوالده، كان ذلك ليس بإرادتها لكنها تشعر دوماً أنها مذنبة، تشعر بكم العُقد التي ترعرع بها يوسف، لكن وبعد الحديث مع يوسف بتخطيط من حورية تمكن الأثنان من إخراج ما بداخلهم، وكأن الأثنان يصلحون عُقد خيوط عقلهم ويعيدوا ترتيبها من جديد، وكما أسهمت تلك العائلة في أن تجعل حورية أفضل، كانت حورية تحاول المساهمة في تكملة قطعة الأحجية الخاصة بهم جميعاً
(لما يوسف خلاني أساعد نفسي أني أكون أحسن كنت أنا كمان بساعده من غير ما أقصد يتخطى لارا، ولما لورا قربت مني أوي وبقيت أنا بير أسرارها ساعدتها من غير ما أقصد، ولما خالتو رحمة قالت في مرة أنها للحظات بتندم على قرار طلاقها عرفت أنه عشان يوسف وكلامهم مع بعض شال الحاجز إلى بين يوسف ورحمة، أينعم أنا مكنش قصدي أساعدهم وكنت بعمل كدة من تأثير كلامهم عليا والبيئة إلى كنت عايشة فيها كانت بتقول أن العيلة كيان واحد كلو بيساعد التاني لما بيحتاجه من غير تفكير !، أه أنا قولت العيلة لأني فعلا بقيت بعتبرهم عيلتي البيت ده كان بيتي …بيتي بجد أنا مكنتش ضيفة عندهم، ولأن بقى عندي بيتي محستش أني كنت هربانة !)
كانوا يجلسون بالشرفة صامتين، تضع رأسها على ذراعة وهو بدوره يضع رأسه على رأسها، يتأملون السماء في هدوء تام إلى أن كسرت هي الصمت قائلة بعقلانية :
“أنا عايزة أرجع مصر”
رفع رأسه ينظر لها وهي أيضاً مبتسمة بهدوء، لينطق هو وكأنه لا يفهم :
“مش فاهم ترجعي ليه !، وإزاي”
رفعت ذراعيها بعدم أهتمام ونطقت بهدوء :
“عادي هرجع عشان أعرف خالو أنا فين عشان أنا مش هربانة أنا بقيت في بيتي …فاكر لما قولتلك يوم ما ألاقي بيتي ومبقاش ضيفة عند حد وقتها ممكن أسامحه أو أقابله، أنا دلوقتي في بيتي ومستعده أواجه غلطتي بأني هربت وموجهتش نتيجه أفعالي وضعفي زمان، دلوقتي أنا قوية وجاهزة أواجه وأقول أني أستاهل الأفضل ليا وأني مكنتش أستاهل أتباع بالطريقة المهينة دي، وأني أستاهل أعمل الحاجة إلى بحبها، وأني مش وحشة لدرجة أني مستاهلش حنيتهم عليا، وأن ليا حق تعليمي إلى مكملتوش، وليا حق أحلامي إلى خلاني أولع فيها زمان، أنا مكنتش ضعفية قد ما أنا كنت خايفة أتكلم ..أواجه وأقولك لا، أنا كنت خايفة أترمي في الشارع في حين أنه كان بيصرف عليا من ورث أمي مكنش بيتكرم عليا بحاجه، هو يستاهل الكلام إلى هقوله، وأنا أستاهل نظرة الصدمة في عينه وأنا بقوله حورية الغبية سافرت فرنسا وأشتغلت وحققت حلمها وهتتجوز الراجل إلى بتحبه ولا أنت ولا مراتك هتقدروا تتدخلوا في حياتها من تاني، أنا أستاهل أخرج الكلام إلى جوايا لا على ورق ولا حتى بيني وبين نفسي أنا أستاهل أخرجه في وش الراجل إلى عقدني في حياتي وكان طرف أساسي في أني أكرهه نفسي في وقت ما”
لمحت تلك النظرة الغريبة التي يرمقها يوسف بها، ثم نطق قائلاً يترقب :
“أقولك حاجة ومتقوليش عليا أهبل”
أومأت حورية برأسها، ليقول يوسف بسعادة :
“شكلك حلو وأنتي بتاخدي حقك”
أبتسمت بأتساع حتى ظهرت أسنانها وألقت بنفسها بين ذراعيه، لتسمع همسه في أذنها :
“أنا بحبك أوي يا حورية، وفخورة بيكِ أوي”
(كنت مترددة أه، كنت مضايقة سيكا، كنت قلقانة يمكن، كنت خايفة مستحيل !، أنا كنت جاهزة للخطوة دي، وكنت جاهزة أخد حقي ولو بالكلام، كنت جاهزة أحس أني أقدر أقول لا على الحاجة إلى مش عايزاها، وأني أصلح غلطة هروبي)
“واثقة يا حورية من إلى عايزة تعمليه”
همست بها رحمة وهي تضع يدها على ذراع حورية وكأنها تدعمها، التفتت لها حورية ونطقت بثقة :
“عمري ما كنت واثقة زي دلوقتي”
ثم طرقت الباب وبعد دقائق فُتح وظهرت لطيفة زوجة خالها، وللحق هي لطيفة خالص كلطافة رفعت بالضبط !
ابتسمت لطيفة لرحمة وأقتربت منها تعانقها بأشتياق وهي تردف بسعادة :
“رحمة حببتي ليكي وحشة يختي، أيه المفاجئة الحلوة دي”
ثم نظرت لحورية وبعد دقيقة ضربت على صدرها وهي تنطق بغضب :
“حورية !، نهارك أسود خالك رفعت لو شافك هنا هينفخك”
فتحت حورية الباب ودلفت وهي تقول بثقة :
“ما أنا كمان عايزة أشوفه”
وتحركت للداخل وورائها رحمة التي فضلت أن تكون صامتة، حتى تتحدث إلى رفعت فهي سافرت خصيصاً من أجله لأن حورية لن تتمكن من القول بصراحة أو بوقاحة أنه كان طماعاً وباعها وكأنه يتاجر بها لكن هي يمكنها أن تتحدث، وأيضاً من أجل حورية خوفاً من أن يحدث لها مكروه
تنفست حورية بقوة وهي تجد رفعت وعلى وجه أمارات الشر تتراقص ، وكانت يده تسبقه لتقبض على رقبتها لكن رحمة تحركت ووقفت حائل بينهم
هدر رفعت بغضب :
“جايباكي عشان تتدافعي عنها !، أوعي يارحمة دي تستاهل كل إلى هعمله فيها”
ضربت حورية قدمها بالأرض وهي تهتف بحزم :
“ومين قالك أني هسمح لحضرتك تقرب مني !، وبعدين أنا مش جايبها عشان تدافع عني، أنا جيا معاها …من فرنسا”
أنزل رفعت يده وهو يشعر بالصدمة ثم أشار لحورية ونظر لرحمة قائلاً بذهول :
“هي كل الوقت ده كانت عندك في فرنسا”
هزت رحمة رأسها وقالت بجفاء :
“أه من أول يوم مشيت فيه من عندك وهي خدت أول طيارة على فرنسا وجت”
نظر لها بعدم تصديق وهو ينطق :
“مين ..حورية !، أنتم جايين تضحكوا عليا دي عبيطة، دي لو نزلت هنا في المنطقة بتوه”
أبتسمت حورية بجمود ونطقت :
“أه يا خالي، حورية العبيطة عملت باسبور وظبطت أجراءت السفر وسافرت وأنت متوقعتش حتى هي فين”
ظل ينظر لها غير مصدق لتنطق هي بسعادة بنظرة الصدمة على صفحة وجهه :
“أيوه أنا عملت كدة، حورية الضعيفة إلى عمرها ما وقفت في وشك وقالتلك لا على حاجة هي إلى عملت كده، حورية إلى أنت أستغلتها أنت ومراتك خدامة لبيتك وعيالك وطبعاً مقدرش اتكلم ده أنت كتر خيرك بتأكلني وتشربني فالمفروض أعمل بلقمتي وأنت أصلا بتصرف عليا من ورث أمي إلى أنت كلته عليها لحد ما ماتت بحسرتها”
نظر لرحمة غير مصدق ما قالته عليه فلا أحد يعرف أمر ذلك الورث غيرهم، لتكمل حورية :
“أقعدي من المدرسة يا حورية حاضر، أغسلي يا حورية حاضر، نضفي يا حورية حاضر، ولعي في كتبك ورسمك حاضر، لو أضربتي تبقي غلطانة، ولو حد زعق معاكي برضو تبقى أنتي الغلطانة، أتجوزي يا حورية حاضر، مش كبير عليكي ده يادوب عنده 65 سنة يعني لسه منتهى الصلاحية قريب حاضر، وبعدين الراجل مفيش حاجة تعيبه غير جيبه وهو جيبه مليان، المفروض بقى أنا كحورية لما أشوف مصلحتي وأهرب من الذل ده أبقى غلطت وعملت جريمة بشعة لا تُغتفر في حقك وفي حق العيلة وفي حق البيت إلى كان بيأكلني ويشربني ببلاش”
تنفست رحمة وهتفت بتوتر في ذلك الجو المشحون :
“متكدبش على نفسك يا رفعت وتشيل نفسك جِميل أنك ربيتها من صغرها، أنت كنت بس عايز تبقى الراجل الشهم الجدع إلى بيربي البت اليتيمة ولما كبرت عايز تبيعها وتقبض من وراها ما هو مديرك أكيد هيرقيك، وهتبقوا نسايب فقيمتك تعلى، ومش مهم حورية في داهية أصلا ده أنت بتكرم عليها أنك تجوزها راجل غني، عايز تدفنها بالحياء زي أمها وزي !، نسيت أمها لما قالتلك أطلق أنا مش بحبه وتقولها معندناش بنات تطلق بطلي تفاهة وفي الأخر بعد ما ماتت بأسبوعين كان متجوز غيرها ورمي لك بنته تربيها تحطها في ملجئ مش مهم”
أخرجت زفير متعب وهي تغمض عيناها ثم فتحتهم وأكملت :
“وأنا لما قولتلك أنا مش عايزة منك حاجة أنا خلاص هتطلق عملت أيه مش قولتلتي أصبري، وبسببك بعد ما كانت كل إجراءت الطلاق بتخلص خليت طليقي يماطل، لحد ما وصل بيه الأمر أنه خلانا نقسم العيال بينا !، أبني يوسف طلع معقد بسببك وأنك عمرك ما كنت في ظهر واحده من أخواتك حتى لما جتلك الفرصة تربي اليتيمة دي وتصلح غلطتك مع أمها برضو أستغليتها، خدامة ببلاش !، وبعدين تبقى الفرخة إلى تبيض لك الدهب تتجوز وتطلب أنت منها ومن جوزها إلى أنت عايزه”
رفعت حورية كتفها وهي تنطق بعصبية :
“وتلاقيك طبعاً عملت فيها الملاك البرئ إلى البت اليتيمة إلى بيبريها هربت وجابت له العار وأنها مفترية وهان عليها العيش والملح وعضت الأيد إلى أتمدت لها وأنك كنت المفروض ترميها في دار أيتام وخسارة إلى أنت عملته عشانها، وتلاقي الراجل صاحب الشغل بعد ما عروسته هربت منه داري كسفته في أنه طردك من الشغل شر طرده وبعد ما كنت هتبقى غني ومعاك فلوس قد كده من ورايا، برضو من ورايا أترفدت من شغلك وقعدت عواطلي كتير صح !، السبب في إلى جرالك وإلى بيجرالك مش هروبي لا ده ظلمك ليا أنت ومراتك إلى أنا عمري ما هسامحكم عليه”
ظل ينظر لها ملياً بعدما أصبح مفضوح بعدما كان هو شخصياً يصدق ما يكذب به دوماً، والتي قالته هي بأكمله امامه لكن بمعناه الأصلي !
همس بعد عدة دقائق من الصمت مع نظرات غضب بينهم جميعاً :
“أنتي إيه إلى جابك دلوقتي وعايزة إيه مني !”
قالت حورية ببرود :
“أنا جيت عشان أعرفك ظلمك ليا وصل لحد فين وأنك تبدأ بقى تشوف إلى أنت عملته بالمعنى الحقيقي وأنك تخرج شوية من دور المظلوم والبرئ، وكمان أعرفك مكاني عشان أنا مش هربانة ومش خايفة منك عشان أهرب أنا لما هربت، هربت من ظلمك وأنت طابق على كل حاجه بعملها في حياتي حتى أنفاسي، وكمان عشان أقولك أني هتجوز جوازة تليق بيا وبعمري وأني لقيت راجل يحبني بجد لا أنا ناقصه ولا وحشة عشان متحبش هتجوز يا خالي جوازة أستاهلها”
رمشت عدة مرات قبل أن تفجر قنبلتها الموقوته :
“وعلى فكره أنا هعمل إعلام وراثة وهرفع عليك قضية وهاخد حقي وحق أمي منك إلى أنت واكله بقالك سنين، وقبل ما تسأل أنا ورث أمي كله ليا بوصية بخط إيدها مع خالتي، هي بقى توريك الكلام ده، سلام يا خالي”
وتحركت للخارج تحت أنظار فتيات خالها وزوجته لكنها لم تهتم، وتركت رحمة مع رفعت تريه ما لديها من مفاجأت، إتجهت صوب السيارة التي يجلسون بها لورا ويوسف الذي صمموا أن يكونوا معها لكن رحمة لم تسمح لهم بالدخول، وبرغم من أن لورا تركت عملها وطلبت أجازة مما أدي لضجر المخرج لكنها صممت أن تأتي ولا تتركها وحدها
نطقوا الأثنان في صوت واحد :
“عملتي إيه !”
أبتسمت حورية وهي تنطق بفخر :
“أبهرتني وأنا بتكلم، أنا فخورة بنفسي أوي”
صاحت لورا وهي تأخذها في عناق لطيف قائلة :
“وأنا كمان فخورة بيكي جداً”
قليلاً وجاءت رحمة التي ظلت صامتة لبعض الوقت حتى سألتها حورية :
“حصل إيه يا خالتو”
طمأنتها رحمة ناطقة بهدوء :
“محصلش حاجة يا حببتي، أنا بس كان نفسي في أخ أحسن من كده شوية، يلا الحمدلله”
صمتت حورية بحزن فهي أيضاً كانت تتمنى خال أحسن من ذلك ولو قليلاً لكن الحمد لله
كسرت رحمة الصمت قائلة بجفاء :
“أحنا محتاجين نقعد في مصر كام يوم عشان نخلص شوية إجراءات ….حورية مش عايزة تشوفي باباكي”
نظرت لها حورية وأبتسمت بحزن محاولة الصمود قوية لكن خرجت الجملة بائسة إلى حد كبير :
“ملوش لزوم يا خالتو أنا مش فاكرة شكله حتى”
_____
“إلى حصل بعد كده متوقع علاقة لورا وسام أتعمقت جداً خصوصاً بعد ما عرفت أنه مسلم فرنسي ومتوقعين قريب هنعمل فرح صغنون كده يليق بالعروسين، وأنا ويوسف كتبنا الكتاب ومظنش أن هيبقى في فرح وأننا هنوفر الفلوس وهيسفرني بيها بس يارب يصدق لأن كلنا عارفين أن محدش بيتفسح بعد الجواز، هما دول عيلتي الحقيقية أوقات بشتاق لفكرة أني أعيش وسط أب وأم زي كل الناس، لكن بحمد ربنا لأن ناس كتير لعندها أب ولا أم وناس أكتر عندها بس بالأسم !،
تنهدت بقوة ثم أكملت بلطف :
“أما أنا بقى فبقيت مصممة رئيسية في أتيليه تيانا وقريب هروح الفيلم الجاي معاها وكمان لورا عايزاني في فيلمها الجاي وبقيت شخصية مهمة مع أني عمري ما توقعت ده، عارفين إيه الحلو أني حسيت لأول مرة أني كسبانة من كل النواحي بعد ما كنت دايماً بقول السعادة والراحة دول هناك في الجنة، بس الواحد ساعات بيخطف لحظات سعادة وراحة هنا في الدنيا، الراحة بالنسبة لي وأنا بشوف يوسف راجع من شغله بعد أسبوع بعيد عني حتى من قبل ما نتجوز كنت بحس براحة مجرد ما أشوفه في البيت وأحس بيه حواليا، السعادة بقى وأنا بسمعه بيقولي بحبك، أو وأنا بعمل حاجة مع لورا مجنونة كالعادة ما أحنا كل حياتنا مجنونة، راحتي بعد يوم شغل طويل، شغل في حاجه بحبها بيكون تعب لذيذ كده وراحة حلوة، أنا ربنا خد مني بابا وماما لكنه عوضني بزوج مال وجمال وشياكة وحنية ياخواتي عليه، وعوضني برحمة أمي التانيه إلى عمري ما شوفت حنية غير منها بعد أمي الله يرحمها، وصاحبة عمري لورا إلى مظنش مكانة حد هتوصل لمكانتها في قلبي”
أبتسمت قائلة بحنان :
“أه أنا خلصت الحدوته، شايفة أنها نقطة حلوة أخلص هنا من النقطة دي، وجه الوقت أن أنتم تبدأوا نقطة بدايتكم أصل العمر فيه كام سنة باقيين عشان أفضل أقول بكرة هتغير !، كفاية العمر مش بعزقه أنا ضيعت من عمري كتير ومش عايزه عمركم أنتم كمان يضيع، حورية الضعيفة إلى مش بتعرف تقول لا في منها كتير، لكن مش كلهم مش هيتغيروا، يمكن أنا كنت محظوظة ولقيت مرشد لرحلتي، وصدقوني مش لازم مرشد على قد ما لازم تكوني مقررة الرحلة هتكون فين !، يلا مفيش وقت للتأجيل”
أبتسامة أخيرة لطيفة قبل أن يأتي يوسف قائلاً بحنان :
“حورية حببتي أتأخرت عليكي”
هزت رأسها بالنفي، ثم جاءت رحمة ولورا وبيدهم بعض الأشياء التي أشتروها من السوق الحرة، قالت لورا وهي تنظر حولها قائلة بضجر :
“لسة فاضل كتير على ما نركب الطيارة”
قالت حورية بتوقع :
“مظنش فات كتير من الساعتين ده ممكن ربع ساعة كده ويقولوا لنا عشان نتحرك”
وما أن أنهت جملتها صدح صوت السيدة ناطقة بعملية من المكبر :
“رُكاب الرحلة رقم 15247 رجاء التوجه إلى البوابة رقم 5 بعد الأنتهاء من الإجراءت الأمنية”
أشار يوسف حيث المكبر ثم نطق :
“أهو شوفتي رحلتنا أهي”
وتحرك كل منهم يمسك بحقائبه وتحركوا ليكملوا باقي الإجراءات قبل الصعود للطائرة عائدين لحياتهم وهم يعلمون أن سعادتهم لن تدوم لكنهم يعلمون جيداً أنهم عندما يحزنون وتمر عليهم فترات حزن مهما طالت ستذهب وستعود السعادة من جديد.
_تمت_
_____
موقف على الماشي
قطم من التفاحة التي بيده ونطق بنبرة ذات مغزى :
“أممم مسمياه يوسف المرة دي”
أبتسمت أنا قائلة بلطف ونبرة رقيقة لا يراها مني إلا عندما أطلب شيئاً :
“اومال على أسم بطلي المغاور”
رفع ذراعيه وهو ينطق بسعادة من كونه بطلي :
“طبعا ده أقل حاجة بعد أم كلثوم إلى بتخليني أسمعها كل يوم دي”
تذمرت قائلة بضيق :
“يا يوسف ما أنت عارف أن ده حلم حياتي”
“مش فاهم إيه حبك في أم كلثوم، وكمان مقعدنا في عز التلج في الفراندا عشان الموود، في حين أني مش حاسس بأي حاجة غير أن صوابع رجلي مبقتش حاسس بيها من البرد، بطلي أحلام غريبة بقى الله يخليكي”
نطق بها بنبرة لم تعجبني !، لذا أمسكت بيده وضممتها بين ذراعي ووضعت رأسي عليها وأنا أنطق بأستمتاع :
“أستمتع معايا يا يوسف بحلمي”
تزمر قليلاً لكنه لم يتحدث بل أراح رأسه على رأسي وأستمتع معي أخيراً بصوت أم كلثوم
لكن ولأنه مشاكس رفض أن يصمت طويلاً بل دقائق وهمس بلطف :
“أشمعنا يوسف المرة دي”
“حبيته”
وقبل رأسي وصمت وتلك المرة أستمتع معي ولم يقاطعني مرة أخرى، كان دائماً بطلي ذاك الذي أضع لمحات من شخصيته في كل رواية أكتبها أغير أسمه في كل رواية حتى لا يشعر أحد بالأرتياب من ذلك الأمر، لكني جمعت كل تلك اللمحات في شخصية واحدة هنا في عقلي ..وقلبي.
_طبعاً مفيش داعي أقول أن ده موقف لا يمتُّ للواقع بصلة الكاتبة بائسة شوية بس😂_
_______
أنا كمِيان الكاتبة نسيت أن نوفيلا حورية مكملتش أصلا ونسيت أكتب الخاتمة، بجد أنتم محظوظين أوي بالكاتبة ام ذاكرة سمكة إلى أنتم لسه مخلصين روايتها دي
تجربة حورية كانت حلوة وفريدة لأني مشوفتش عمل مكتوب بالطريقة دي قبل كده، وحبيت أجرب كالعادة، كانت تجربة لطيفة وخفيفة بس طويلة
هي دي النوفيلا إلى هرجع بيها !!
هي دي إلى هتخلص في أسبوع !!
ذاكرة مهزقة بس يلا
ممكن دي تكون أول نقطة في الطريق لحد مش عارف يبدأ منين !، ويمكن تكون تافهه وملهاش لازمة لناس تانيه لكن في كلا الحالتين أنا متقبلة أرأهم بصدر رحب
مبسوطة أني وصلت لحد هنا وأتمنى أني أشوفكم على خير.
بلاش تم وأستيكر وقولولي رأيكم في الرواية ❤
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية حورية)