رواية حكايات سنفورة الفصل الثاني والأربعون 42 بقلم روان رمضان
رواية حكايات سنفورة الجزء الثاني والأربعون
رواية حكايات سنفورة البارت الثاني والأربعون
رواية حكايات سنفورة الحلقة الثانية والأربعون
سماع الأغاني يسري في الإيمان فيفسده
كما يسري السم في الأبدان.
– ابن عثيمين.
______________________
إستيقظت “روان” وهى تنظر حولها بفزع وآخر ما تتذكره أنها سقطت مغشى عليها أمام مجموعه من الشباب،
هل إقترب منها أحد؟ من الذى اتى بها إلى هُنا!
أبصرت المكان حتى وجدت نفسها داخل المسجد، تسآلت بعيونها عن من أتى بها، دققت الرؤيه فى الجالسه أمامها
حتى فتحت عيونها بصدمه… هذه “سُهير”!!
“أنتِ… انتِ اللي جبتيني هنا؟”
سألتها وهى تنظر تجاها، بينما سُهير إبتلعت ريقها وهى تُجيبها بتوتر بعدما أومأت لها برأسها بعلامه نعم
“انا كنت… كنت جايه علشان أصلي ولقيتك مغمى عليكِ فجبتك هنا”
تنفست الصُعداء وهى تحمد الله، إبتسمت بهدوء وهى تتذكر “حور” حينما فقدت وعيها وساعدتها، الله أرسل لها من يُساعدها كما فعلت معها
ماذا لو تركتها حينما ولم تُساعدها؟ ما كانت لتجد أحد يُساعدها أيضا؟ كما تُدين تدان!! أم أن الله كان سيرسل لها من يساعدها دام أنها تابت، أحذت تردد الحمد داخلها
“روان… انتِ كويسه؟”
“أيوه الحمد لله شكرا يا سُهير”
نظرت لها الأخيره بفرحه وهى ترى روان تنظر لها ببسمه، هل سامحتها؟
“روان انا آسفه… بالله عليكِ تسامحيني، انا والله مش…مش مرتاحه ومش قادره أتخطى فكره إنك مش مسمحاني”
تساقطت دموعها بألم وهى تترجاها لتعفو عنها، أما عن “روان” صمتت وهى لا تدرى ماذا تفعل، لقد تألمت منهم بشده، وكادت تُهلك بسببهم لولا أن الله أرسل لها زين يُنقذها، ظلت مده وهى لا تستطيع تجازو ما حدث لها
، لكن هبط الى عقلها شىء هام، لولا ما تعرضت له ما كانت لتتأثر وتبدأ فى تغيير حياتها وتتقرب من الله وتبتعد عن أصدقاء السوء، حسنا “سُهير” أخذت عقابها يكفى هذا، وأيضا هى بالتأكيد كانت سببا فى أذيه غيرها قبل أن تتغير، لذا ستُسامحها لعلى الله يعفو عنها هى الاخرى
“خلاص يا سُهير.. انا مسامحكِ، انا برضو اكيد كنت سبب فى أذيه ناس تانيه ولو بكلمه، هسامحك علشان الاقى اللي يسامحني انا كمان”
إقتربت منها الاخيره ثم إحتضنتها وهى تبكى بفرحه، أخيرا سامحتها، كانت دعوتها كل تلك الايام الماضيه أن تُسامحها، فقد علمت أن الله يغفر الذنوب فى حقه، ولكن لا يغفر فى حق عباده إلا حين يعفو هم،
إبتعدت عنها وهى تمسح دموعها، هل كانت خائفه لتلك الدرجه من عدم مسامحتها؟
“خلاص متعيطيش انا والله مسامحاكي، انا اصلا مستغربه العياط دا كله عشان قولتلك اني مسمحاكِ؟ اعتقد لو حد تاني مكنش فرق معاه اصلا”
“ربنا بيغفر كل الذنوب، الا الذنوب فى حق عباده، تعرفي إن حتى ولو كنت بصوم ويصلي ممكن مدخلش الجنه بسبب حد أذيته ومسامحنيش! كنت دايما بسمع ناس بتقول عن حد آذائهم مش مسامحاه حتى لو بينه وبين الجنه اني اسامحه، اول مره استشعر معناها فعلا، انتِ مش متخيله انا كنت بفضل ادعى ربنا انك تسامحيني، مش عايزه اموت وانا كنت سبب فى أذيه حد ومش مسامحني، كفايه عليا ذنوبي انا عشان استحمل ذنب غيرى”
نظرت لها “روان” بدهشه من التغيير الطارئ عليها، كيف للانسان أن يتغير بين ليله وضحاها لهذا الحد، تذكرت قول الله تعالى “إنك لا تهدى من أحببت… ولكن الله يهدى من يشاء” إبتسمت لها وهى تربت على كتفها، ولكنها إنتفضت بعنف فجأه مما آثار خوف الاخيره
“زييين… انا نسيته، زمانه قلق عليا”
تذكرت أنه ينتظرها بالخارج، أمسكت هاتفها لتجد العديد من المكالمات الفائته منه، نهضت مسرعه ولكنها شعرت بالدوخه الشديده والصُداع يُعاد لها من جديد، ساعدتها الاخيره وهى تُساندها
“طب إستني، تعالى انا هساعدك تخرجي”
“لا لا، انا هحاول امشي لوحدي علشان” زين” ميقلقش عليا”
أومات لها وهى تتركها ببطء، حاولت السير ولكنها لم تسطتع وكانت على وشك أن تقع مع أُخرى لولا يد سُهير التى لحقتها،
“مش هينفع اسيبك، تعالي بس هوصلك انتِ مش قادره تقفى على رجلك”
إستجابت لها بإستسلام وهى تسير معها للخارج، خرجت حتى وجدت زين يدور حول نفسه بقلق وينتظرها، وبمجرد أن رأها زين حتى ركض نحوها بلهفه
“روان انتِ كويسه، حصلك حاجه؟ برن عليكِ من بدرى، تعبانه نروح للدكتوره؟ حاسه ب اى طيب”
كان يتحدث بلهفه وهى يتفحصها، ضحكت عليه بوهن وهى ترى لهفته وخوفه عليها، مما خُلقت انت يا زين..ياليت الجميع مثلك لكانت الحياه أكثر حنانا
“أهدى يا زين انا كويسه، متقلقيش، دوخت بس شويه عشان كدا سهير جات تسندني”
وأخيرا إنتبه للفتاه الواقفه أمامه مُمسكه بها، كانت ترتدى نقاب ولا يظهر منها شىء، شعر بأن الاسم مألوفا بالنسبه له، ولكنه لم يهتم وهو يغض بصره عنها ويشكرها
ودعتها “روان” ثم سارت معه حتى السياره، فتح لها الباب ثم أجلسها برفق وهو يُقبل رأسها بحنان
“خلى بالك إني كدا هاخد على الدلع دا كتير”
“وانا عندي أغلى منك أدلعه؟”
إحمرت وچنتيها بخجل أثر كلماته الحنونه تلك، والتى تُذيبها، كم كانت تفتقد حنانه عليها طوال تلك السنين
كيف أمضت أيامها دون كلماته التى تبث الأمان داخلها؟
سامحك الله يازين لبُعدك كل تلك السنوات عنها
واخيرا وصلا الى المنزل
دلفت “روان” إلى المنزل وقد غادر هو إلى شقته بعدما إطمئن عليها، كانت مُمسكه بيدها الورود التى أعطاها لها زوجها الحنون وعلى وجهها ترتسم إبتسامه واسعه تُزين ثغرها، توجهت إلى المطبخ أولا لترتشف بعض المياه،
ولكنها توقفت بفزع وهى ترى “عمر” يقف وجميع حواسه مُنتبه لشىء ما، ويقف كالصنم، تعجبت من وقفته تلك
إقتربت منه وهى تنادى بإسمه
“عمر!!.. انتَ بتعمل اى هنا، وواقف كدا ليه”
لم يُجب عليها وهو مازال واقفا ويضع كامل تركيزه على شىء ما أمامه، دققت هى النظر به حتى وجدت بعض حُبيبات السُكر المُلقاه أرضا.. تعجبت أكثر هل يقوم بحراسه السُكر أم ماذا!!
إبتعدت مسرعه بخضه وهى تراه يقوم بفجأه بجمع السُكر مره واحده، هل جُن “عمر” ام تلبسه جان
“ياعمرررر”
وأخيرا إنتبه للواقفه أمامه وهو يمسح بعض العرق الزهمي عنه ويزفر براحه ويجلس على أقرب مقعد له
“فيه اى، انت بتعمل ايه؟ والُسكر اللي معاك دا ليه”
“كنت بعمل شاى ووقع مني شويه سُكر ولقيت نمله جات وبعدين راحت تنهد لقرايبها توريهم السكر، ف إستنيت لما راحت جابتهم وجات وبعدين شلت السُكر علشان مطلعهاش كدابه قدامهم”
ظلت “روان” تنظر له وهى مازالت لم تفهم حديثه بعد، مرت ثواني قليلا بعدما إستوعبت حديثه حتى إنفجرت ضاحكا، يالله هل وصلت به التفاهه إلى هذا الحد!!
اما عنه إقترب منها ببسمه، هاهو نجح فى رسم الضحكه على وجهها
“انت يابني مش هتعقل خالص كدا؟ دا الله يعينها اللى هتاخدك بجد”
قالت حديثها من بين ضحكاتها، بينما ضحك هو الاخر وتخيل لو أنه فعل ذلك أمام “ياسمين” ماذا لتكون رده فعلها، ولكنها ليست مخطئه، أعانها الله عليه حقا..،
“انا هروح اتقدم لياسمين بكره”
♕لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير♕
أخذت نفسها بهدوء وهى مازالت غير قادره على أخذ الخطوه بعد، طالعت اللافته التي أمامها بقلبِ مرتجف
هل أخطأت حينما أتت الى هُنا ام لا؟
ولكنها حقا غير قادره على إستكمال حياتها هكذا، تُريد أن تعيش حياتها ولو لمره واحده، لمَ كل الأشياء تحدث مع الجميع إلا عداها؟ ترى كل من حولها سعيد إلا هى
هى لا تعلم تحديدا أين العيب بعد؟ ألن تفرح ولو لمره واحده في حياتها؟ أن تستشعر طعم الفرح الذى يتحدث عنه الجميع ام كُتب عليها أن تبقى حزينه للإبد
حتى أبسط الاشياء لا تستطيع الحصول عليها،
نفضت كل تلك الاسأله من عقلها وتستعد تلك المقابله والتى أتت لها بعد الكثير من التردد
“السلام عليكم… لو سمحتى أنا المفروض ليا معاد دلوقتي مع الدكتوره”
“وعليكم السلام ورحمة الله، أهلا يا فندم، اسم حضرتك اى؟”
“رغد”
أومات لها السكرتيره الخاصه بالعياده وهى تُشير لها بالإنتظار عشره دقائق، فعلت “رغد” كما طلبت منها بهدوء وهى تشعر بالتوتر الشديد حتى فكرت بأن تعود
جلست على الكرسى وهى ترجع رأسها للوراء وتُفكر فى طلب يونس لها، إبتسمت وهى تتذكر مزحاته ومشاغباته معها، هو يستحق أحد أفضل منها، هى معه تشعر بالضعف الشديد والرغبه فى البكاء كلما شعرت بحنين أحد عليها، عكس طبيعته المتمرده
تُريد أن تعود إلى سابق عهدها ولسانها المتسلط التى كانت تتخذه سلاحا تُدارى خلفه ضعفها، دائما تحاول إثبات أنها قويه وتخطت كل ما قد مرت به، ولكن الحقيقه أنها مازالت عالقه بتلك الذكريات
سمعت الفتاه تُنادي بإسمها، قامت من مكانها وهى تتوجه صوب الطبيبه وجسدها يرتجف، لا تعلم قدومها إلى هنا صواب أم لا، طرقت على الباب عده طرقات ثم سمعت صوت الطبيبه تسمح لها بالدخول
جلست على المقعد أمامها وهى تُفرك يدها بتوتر
بينما تفهمت الطبيبه حالتها كونها متخصصه للامراض النفسيه، وهذه الجلسه الثانيه لها
“ازيك يا رغد… طمنيني عليكِ يا جميل”
“انا.. كويسه الحمد لله”
صمتت قليلا تأخذ أنفاسها ثم عاودت الحديث مره أخرى
“لأ، مش حاسه اني كويسه، انا تعبانه”
“تعالى إستريحي هنا علشان تقدرى تاخدي راحتك”
سارت معها نحو الشيزلونج المخصص لاستقبال المرضى
ثم نامت عليه
“ها يا رغد، قوليلي اى اللي تاعبك؟”
“أنا… انا رفضته بعدما ما أتقدملي، حاسه إني بقيت ضعيفه اوى، وانا مش عايزه كدا، كنت الأول قويه، تعرفى لما بابا وماما ماتوا انا حتى معيطيش
رغم اني كنت بحبهم اووي ومتعلقه بيهم… انا.. انا شوفتهم بيموتوا قدام عنيا، شوفى كنت قويه ازاى وقدرت اتخطى كل دا، لكن دلوقتي انا ضعيفه وهشه
هو.. هو ملوش ذنب معايا، انا كمان بحبه، بس مش قادره اوافق، هخسره زي ما خسرتهم كلهم
تعرفى حتى اليوم اللي اتقدملي فيه حلمت انه مات، زى ما يكون عقلى حتى رافض اني افرح..،
انا امتى هرتاح؟… ”
ظلت تحكي لها والاخيره تستمع بإنتباه، كانت تتحدث بشكل غير مرتب وهى تشعر بثقل شديد داخل صدرها، ولكنها رغم كل ذلك لم تبكى، إقتربت منها الطبيبه ثم أحتضنتها وهى تمسح على رأسها برفق وأخذت تربت على كتفها
“صرخي يا رغد.. خرجي كل اللي جواكِ”
نظرت له بتيه، وكأنها تطلب منها أمر صعب يفوق قدراتها
“مش قادره…حتى العياط مش قادره أعيطه”
توقفت تأخذ انفسها ثم قالت
“هو.. هو انا كدا بقيت مريضه نفسيا؟”
♡سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم♡
كان يجلس وهو يُمسك صورتها بين يديه ودموعه تتساقط بحزن عليها، لقد أشتاق لها بشده، اشتاق لضمتها له وهى تُخبره كم تحبه وأنه ولدها المدلل
إشتاق لتناول طعامها الشهى والذى كانت تحضره
خصيصا لأجله
تُرى أين هي الان، وكيف حالها، هل تفتقده أيضا؟ وتشتاق له مثلما يفعل هو!! ظل طوال حياته ظالما لها، وهى من ضحت بنفسها لأجله هو وأخيه، أخيه الذى خسره هو الاخر قبل أن يعرف حقيقته
لم يشبع من حنان أحضانها بعد، تركته وهو فى أمس الحاجه لها، وظل تلك المده يظن بأنها هى من تخلت عنه،
إرتفعت شهقاته عند هذا الحد ويشعر بالم كبير داخل صدره، وجد من يضع يده على كتفه، إلتفت لها فوجدها حوريته، من أخذت بيده لتخرجه من مستنقعه المظلم
كما يُطلق عليه
أحذت تمسح على شعره بحنان وهى تربت على كتفه
تعلم جيدا ما يُفكر به الآن وأنه ظلمها طوال تلك السنين
“متحملش على نفسك فوق طاقتها يا” ليث”، انت اه ظلمتها، لكن انت برضو مكنتش تعرف هى عملت كدا له
وزعلت منها من حبك ليها…، ”
“كان ليه يحصل كل دا من الأول؟ ليه مفضلناش مع بعض كلنا انا وهي وبابا وياسر، وليه ياسر يعيش عمره كله مع واحد زى دا ويتحرم من أبوه، كان هيحصل اى لو فضلنا كلنا مع بعض وأتربينا انا وياسر سوا..،
تعرفي أنا طول عمرى كان نفسي يكون عندي أخ ونكون صحاب انا وهو، يطلع عندي أخ ونتحرم احنا الاتنين مع بعض؟ كان نفسي حتى أخده فى حضني واطبطب عليه”
رفع لها عيونه فكانت حمراء بشده ووجه شاحب جعلها تشفق عليها وهى تنظر له بحزن، بينما أكمل هو حديثه
“ياسر مش وحش يا حور، هو.. حامد السبب فضل يزرع فيه الكره، انتِ مسمحاه صح؟ انا طول الوقت كنت حاسس تجاه بمشاعر مش عارف اى هى، مكنتش قادر أذيه رغم لو حد تاني اللي عمل معاكِ كدا مكنتش سبته.. انا بس كان نفسي احضنه ولو لمره واحده قبل ما يموت ياحور..”
سقطت دموعها هى الاخرى ثم جذبته لاحضانها تهدئ من روعه، تشعر به، فقد سبق لها أن فقدت أخيها ووالدتها دُفعه واحده، أخذت تتلو عليه بعض آيات القرآن حتى شعرت أنه قد أستكان بين أحضانها وهى ما زالت تمسح على شعره بحنان كما لو كان طفلها
لم تُرد الضغط عليه بالحديث قد لا يتحمله لذا رأت أنه من الأفضل أن تُخرجه من تلك الحاله أولا ثم بعدها تُحاول الحديث معه لكى يصبر على بلائه
“انا عاوزه آكل كشرى”
رفع لها “ليث” رأسه بتشنج، فقد ظن أن تظل تُحدثه عن الصبر وللحقيقه هو كان فى حاله لا تسمح له بفعل شىء
وهى قد تفهمت هذا دون أن يتحدث، ففى بعض الاحيان لا يكون الشخص يشعر بالحزن حينما تحدثه عن الصبر يشعر بالعجز لكونه لا يستطيع التحمل
“هتيجي نخرج ناكل بره ونتمشي فى الهوا؟ هيكون هو دا الاص التمام”
أومأ لها بهدوء وهو ينظر لها بإمتنان، يشكر ربه على تلك النعمه التى رُزق بها، إرتدت ثيابها سريعا وهى تركض له ثم أمسكت يده بفرحه طفله سيأخذها والدها للتنزه، ضحك عليها وهو يرى الفرحه باديه على وجهها
“كل دا علشان هنخرج ناكل كشرى!”
“لأ، علشان خارجه مع زوجي بليل ناكل والصراحه دي كانت من أمنتياتي فى الحياه الزوجيه”
سارت معه للخارج وهى ما تزال تُمسك بيده والفرحه باديه على وجهها، كيف تكون أحلامها بتلك البساطه؟ ليتها يكون هادئ البال وأحلامه بسيطه مثلها، لا يدرى بأنها تحمل داخل جوفها اضعاف ما يحمل هو.،
وصلا إلى أول محل قابلهم هم ليدخلا ولكن إستوقفهم صاحب المحل وهو يقول لهم ببسمه
“السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، حضراتكم عايزين كُشرى صح؟
رد كلاهما السلام وأومأ له” ليث” تأكيدا على طلبه
بينما تحدث الرجل
“طب ممكن تروحوا المحل اللي فى الشارع اللي بعدنا، صاحب المحل لسه فاتح جديد وبيعملوا كشرى حلو اووي”
تعجب من حديثه ولكنه خمن أن يكون هذا المحل تابع لهم
لذلك سأله على الفور
“هو المحل دا يعني تبعكم برضو؟”
“لأ يابني مش تبعنا، بس لسه المحل فاتح جديد ومحدش يعرفه علشان كدا محدش راحلهم خالص رغم إن حاجتهم حلوه، انا عايزكم تروحوا هناك علشان ميزعلش ”
“وطب مش خايف لأحسن ياخد هو الشهره منك والناس كلها بعدين تروحله؟”
“محدش بياخد رزق حد يابني، وانا ربنا بعتلى رزقي طول النهار، فخليه هو كمان ياخد رزقه”
كان “حور” تُتابع حديثه ببسمه وهى تدعو لهذا العجوز والذى يبدو على وجهه الطيبه، بينما ظل “ليث” مصدوما من الموقف، هل ما زال يوجد إناس مثله فى هذا الزمن!
“ربنا يجازيك الفردوس الاعلى يارب” نطقتها وظلت تدعو له، كما فعل “ليث” هو الاخر ثم توجهوا الى المحل الذى أشار لهم عليه أن يذهبوه
القى عليه السلام ثم جلس على المقعد وجواره تقبع “حور” ومجرد أن رآهما صاحب المحل حتى تهلل أساور وجهه بفرحه، نظر كلاهما للفرحه الباديه على الرجل
بحب، طلب “ليث” طبقين كلاهما
قام بتحضير الطبقين ثم قدَّمه لهما
تناولوا الطعام، سعدت “حور” بالطبق الذى أمامها بشده فهى من عشاق( الكُشرى)
بينما “ليث” لم يكن مُحبيه ولكن طلبه مثلما فعلت حور
كان الطعام جميل بحق ظلت “حور” تناول بنهم فى مكان منعزل مخصص للمنتقبات، بينما ظل “ليث” يتأملها بحب وللحظه قد نسى كل همومه وهى معه
إنتبهت له وهى تراه مُصوب نظراته نحوها، تحدثت وهى مازالت تأكل
“شايفاك عينك على طبقى، هو نفسه طعم بتاعك”
نظر لها بتشنج ولكنه ضحك عليها، هل تراه طفسا لهذا الحد، إبتسمت بحب وهى ترى ضحكاته، أخيرا نجحت فى إخراجه من تلك الحاله، لتتحدث أخيرا..،
“كنت عمرك تتخيل إن واحد صاحب محل كشرى يرفض الزبايين اللي جايين ليه رغم انه لسه عنده أكل كتير، ويبعتهم لمحل تاني عشان بس لسه فاتحين ومحدش راحلهم طول اليوم؟”
إنتبه لحديثها وهو يحاول فهم ما ترى إليه، لتتابع هى كلامها
“ربنا حاشا لله مش بينسى حد، كل حاجه بتحصل معانا بتكون مقدره لينا ومكتوبه وهى الخير لينا، مينفعش نقول ليه بيحصل معانا كدا،”
صمتت وهى ترى تأثير كلماتها عليه حتى أكملت
“انت بنظرتك الدنياويه ك إنسان مش عارف اى الحكمه من اللي حصل معاك، وهتفضل تسأل نفسك ليه حصل معايا كدا، اصل اى الخير من إني اتحرم من أمي من صغيرى، وكمان اخويا يفترق عني ولما أعرف يموت؟ لو فضلت تسأل نفسك ليه هتتعب ومش هتوصل لحد”
توقفت وهى تأخذ أنفاسها وتُحاول إيصال المغزى بطريقه
يتقبلها، وتحديدا فى حالته
“لما سيدنا موسى كان ماشي مع الخضر علشان يتعلم منه
أول حاجه طلبها منه سيدنا الخضر إنه ميسألوش عن اى حاجه هيعملها هعملها ليه، وسيدنا موسى وافق
وبدوأ رحلتهم واللي كانت بالسفينه اللي خرقها، تخيل واحد زي الخضر واللى علشان كان معروف وقتها صاحب السفينه مرضيش ياخدهم منهم فلوس، كان جزاته اى؟
انه خرقله السفينه بتاعته واللى خلى سيدنا موسى يتعجب وسأله انت عملت كدا ليه؟
تفتكر كان ممكن يكون فيه خير من خرقه للسفينه؟ بنظرتنا الدنياويه؟ بس الحقيقه كانت اى، طلع إن كان فيه ملك بيأخذ كل سفينه غصب، ولما شاف السفنيه دي معيبه مرضيش ياخدها
يعني لولا إن سيدنا الخضر خرق السفينه كانت إتاخدت من صاحبها..،
بعدها بشويه كملوا مشى وسيدنا الخضر مسك ولد صغير بيلعب مع صحابه وقتله، انت متخيل يقتل طفل برئ لسه معملش حاجه؟ تقدر تديني تفسير واحد لعملته دي؟
دا طفل ميقدرش يأذى حد واللي احنا بنظرتنا الدنياويه مكناش هنكون مستوعبين السبب من قتله لطفله
طب أهله يقدروا يتخطوا موت طفلهم الوحيد اللي جابوه بعد سنين من الحرمان؟
دا سيدنا موسى واهو نبى مكنش مصدق ومقدرش يصبر زى ما وعده” وقاله أقتلت نفسا ذكية بغير نفس
لو فضلنا طول عمرنا نسأل عن اى الخير من قتله دا مش هنلاقي؛ لكن فى الحقيقه إن الطفل دا لو كبر كان هيرهق ابوه وأمه طغيانا وكُفرا، تخيل كان هيوصل أهله للكفر؟
ربنا رزقهم بطفل تاني وكان بار بيهم
كملوا باقى الرحله وهم ماشيين دخلوا قريه أهلها رفضلوا يُضَّيفوهم ف سيدنا الخضر لقى سور المفروض يتهد أقامه
بدل ما يهده وكان ممكن فى اى وقت يقع عليهم وكان لغلامين يتيمين، فى الحقيقه إن الغلامين دول أبوهم رجل صالح وتركلهم كنز تحت السور دا، لو كان هدّه
كانوا لقيوا الكنز وقتها وكانوا هيضيعه لانهم لسه صغيرين
لكن أمر ربنا إنهم ميشوفوش الكنز غير وهم كُبار وقدرا يتصرفوا فيه وينتفقوا منه فى سبيل الله
عرفت ليه احنا المفروض نقرأ سوره الكهف كل جمعه؟
علشان منقولش كلمه ليه دي؛ ندرك إن كل اللي بيحصل معانا هو الخير لينا ومقدر لينا عند ربنا
لان ربنا سبحانه وتعالى حاشاه إنه يختارلنا غير الخير لينا”
شعر بالخجل من نفسه كيف ساء الظن بالله، نعم بالتأكيد ما حدث معه هو الخير، ليتحدث هو هذه المره
“لولا اللي حصل معايا كان ممكن مقابلكيش، لفتي نظرى لان شوفتي شبه ماما، ويمكن لولا دا مكنتش حبيتك واتجوزنا، وانا واثق إن ربنا هيجمعني بيها على خير”
سعدت بشده لتقبله الامر بصدر رحب، أمسك يدها ثم توجه لصاحب المطعم وقام بدفع الحساب، ثم خرجا من المطعم وتوجه للمطعم الثاني الذى توجه له أولا تحت أنظارها المتعجبه
“عايز كل الكشرى اللي موجود عندك تحطهولي فى علب كبيره”
نظرت له بتعجب من طلبه، إبتسم لها وهو يقول
“هننزل نوزعه على المحتاجين”
__________
نزلا من السياره ومعهم العديد من الشنط وقاموا بتوزيعها على الفقراء، رأوا الفرحه فى وجههم وهم يدعون لهم
كان منظرهم مبهجا بحق، قاموا بفعل ذلك لله فى الخفاء
وليس وهم يقومون بالتصوير وأمام أعين الجميع
ظلوا ما يُقارب الساعه يوزعون على الفقراء والمحتاجين
كان طوال تلك المده وهاتفه الذى تركه فى السياره لم يتوقف عن الرنين ولكنه لم ينتبه له
حتى رن هاتف”حور” هذه المره والتى كانت معها
وجدت المتصل هو محمود والد ليث، تعجبت من إتصاله فى هذا الوقت
فتحت المكالمه ثم وصله صوت محمود وهو يخبرها ما جعل الهاتف يسقط من يدها، وجعل قلب ليث يرتجف
#يتبع
فماذا أخبرها يا تُرى؟ هذا ما سنعرفه فى الحلقه القادم
#روان_الحاكم
#وسولت_لى_نفسي
بارت طويل اهو كسر ايدي
عايزه أسالكم سؤال، تفتكروا مين أكتر حد شايفينه مبتلى؟ قصه روان وزين وبدايه مشوارها مع المرض ومش اى مرض دا كانسر وهى ممكن فى اى لحظه تموت
ولا ليث وحور الي فقدت امهم واخوها مره واحده وابوها مريض، وليث اللي اتحرم من امه واخوه
ولا رغد اللي اتحرمت من اهلها كلهم وحتى يونس مش قادره تديله فرصه، ويونس اللي اكتشف انه عايش حياته كلها على اساس انه يهودي وطلع مسلم وعيله كلها متوفيه؟
هتقولوا كدا مفيش غير ياسمين وعمر اللي حياتهم تمام
هقولكم اصبروا لسه دورهم جاي😂
واخيرا كل واحد هنعرف الحكمه من أبتلائه وإن مهما طال البلاء الخير آت وهنشوف ازاي ربنا هيعوضهم كلهم
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية حكايات سنفورة)