روايات

رواية حصونه المهلكه الفصل الرابع عشر 14 بقلم شيماء الجندي

رواية حصونه المهلكه الفصل الرابع عشر 14 بقلم شيماء الجندي

رواية حصونه المهلكه الجزء الرابع عشر

رواية حصونه المهلكه البارت الرابع عشر

حصونه المهلكه
حصونه المهلكه

رواية حصونه المهلكه الحلقة الرابعة عشر

“اعتراف!”

اجتماع “آل البراري” بعد تلك الليله المشؤمه كان مستحيلا لكن اختفاء الحفيده المفاجئ جعله أمراً ضرورياً ، وقفت “أسيف” بجانب “نائل” يتطلعان إلى باقي الأفراد أثناء محاولاتهم الفاشله بالوصول لأحد من أصدقاء الابنه الشارده عن قصرهم المنيف …

عقدت “أسيف” ذراعيها أسفل صدرها و هى تراقبهم بتوتر طفيف حيث بدأ “تيم” أيضا بالغضب حين استمع إلى كلمات “فهد” المقتضبه و عرضه على شقيقته بنقلها إلى مشفي الأمراض العقلية ، حيث صاح بنفاذ صبر مع نفاذ محاولاتهم … :

– ما هو مفيش حد في الدنيا يقول لأخته هرميكِ فى مستشفي ابداا طبيعي تطفش منككك أنت إنسان لا تُحتمل ..

اغمض “فهد” عينيه بقوه وفتحها عده مرات يحاول كبح جماح غضبه و هو يدس بديه في خصلاته قائلاً بصوت رزين :

-انا عارف قولت ايه كويس أنت مكنتش معانا و متقدرش تحكم علي حالتها و بعدين مين قال إنى كنت هرميها هاا !!!

كاد “تيم” أن يجيبه لكن ارتفاع صوت هاتف “أسيف” اجفلهم جميعاً حيث نظرت إلى الشاشه لحظات دون اجابه ليتصاعد صوت “سمر” بلهفه متسائلاً :

-رقم غريب ؟!! ردي ياأسيف !!!

هزت رأسها بالسلب و هى تقول بهدوء :

– لا ياعمتو دي واحده صاحبتي من زمان هرد عليها بعدين !!

اتسعت أعينها حين وجدته علي بعد انشات صغيره منها يسألها بنبره قلقه :

– صاحبتك دي تعرف ندى برضه ؟!!

أقترب “تيم” بدوره و الباقي يتبعه ينظرون إليها بتلهف و هى تحاول إزاحة مقلتيها عنه بشتى الطرق ثم ارتدت خطوه إلي الخلف برفض واضح لاقترابه الوشيك منها و همست بصوت مسموع و قد بدأ الهاتف يصدر صوته مره اخري :

– اه احنا نعرفها من النادى اصلا !!

اتسعت عينيه يردف بصرامة :

– و مستنيه ايه ردي عليها جايز تعرف حاجه دى تانى مره تتصل !!

رفعت إحدى حاجبيها ثم حدقت به بنظرات غاضبه و صاحت به :

-متكلمنيش كده ، أنا هرد فعلا عشان اساعد مش اكتر و لا أقل رغم إنكم ماتستاهلوش مساعدات ….

لم تتزحزح عينيه القاتمه عن عينيها الغاضبه المتحديه له و التى امتلأت أيضاً بنظرات اعتاد عليها منذ أمس الكراهية و البغضاء، و الاحتقار لقد أصبحت عينيها لاهبه تموج بمشاعر النفور تجاهه بعد أن كانت تتسم بالبراءه ، ابتسم بسخرية و هو يعلم دوره جيداً بتغيرها إنه هو قاتل تلك البراءه لما العجب الآن فتح عينيه مره اخري علي صوتها المتعجب تقول باندهاش :

– هدير أنا مش فاهمه حاجه بطلى عياط صوتك مش واضح !!

اتسعت اعين الجميع بقلق و بدأت لغه الأشاره بين الأخت و شقيقها يطالبها أن تفتح المكبر إن كان الأمر يخصهم ، و قد كااان !!!!

*

لا تعلم العائله كيف وصلت إلي تلك المشفى الصغيره بذلك المكان الشعبي لكن ما علمه ساكنى الحي أنه بالتأكيد حدث عظيم ليزورهم أشراف الإسكندرية ذوي الطبقات المرموقه بيوم واحد …

أما داخل تلك المشفى نجحت عائله “البرارى” بجذب الأنظار و لفت الإنتباه من تلك الطبقه ، ألا و قد علا القلق و التوتر أوجه الحاضرين خاصه “فهد” و “تيم” جاورت العمه ابن اخيها تربت علي كتفه و قامت “أسيف” بنفس الدور مع شقيقها تحاول تهدئته بينما العم و ابنه يقفان بالقرب يراقبان الأجواء بصمت تام …

تصاعد صوت “فهد” الغاضب و هو يمسك بأحد الممرضين من ذراعه أثناء عبوره مسرعاً من أمامه و صاح بعنف أجفل الجميع :

-ايه الحكاايه حد يفهمني بتعملوا ايه في أختى جواااا كل ده ؟؟!!!

صاح الشاب به بغضب هو الآخر يقول بنبره مسترجله خشنه :

– بقولك إيه أنا مش فاضيلك شغل الهمج ده ما بياكلش معانا بنشوفه كل يوم …

لم يعلم المسكين مدي سوء ذلك الهمجي و لكنه على الأغلب فهم قليلاً حين طاحت قبضه “فهد” بأنفه و كادت تتسبب بكسره و هو يصرخ بغضب :

– مين دااا اللى همج ياااا××××× ، ده انا هطلع ××× و اقفلك الخرابه دي النهارده ؟!!!!!

أسرع “نائل” إلى الفتي يسنده و يحاول إقصائه عن أنظار “فهد” … أما “تيم” لأول مره يساند ابن عمه دفعه للخلف يحاول السيطرة علي حركاته الغاضبه و هو يهدر بعنف :

-مينفعش كده ياااافهد اللي بتعمله ده مش هيخرجها من جوااا ..

ثم مال علي أذنه يهمس

-هي تحت ايديهم و منعرفش حالتها اهدى !!!!

لم تهدأ أنفاس ذلك الفهد أو نظراته القاسيه إلا حين قبض على نظراتها المشمئزه منه ثم اشاحتها بوجهها عنه ،لا يعلم متي هدأت أنفاسه بل و توتر أيضا و كأنها أمه و هو طفلها الذي فعل الخطأ لتستنكر فعلته اندهش “نائل” من ثورته التى خمدت علي الفور و لمح اتجاه نظراته إلى ابنه العم التي تنظر إلى الجهه الاخري و تتبدل بوقفتها علي ساقيها بغضب واضح …. ليترك الفتي بعد أن صرفه و أرضاه ببعض المال و بضعه كلمات ، و اتجه إليها يجاورها و يهمس لها .. بعبث :

-تصدقي شكلي هحتاجك بعد كده لما اعصب صاحبنا ..

اعتدلت تنظر له باندهاش ليشير بعينيه إلي “فهد” الذى يسير بالردهه الصغيره بغضب واضح ، لم تستطع “أسيف” فهم كلماته إذ خرج أخيرا الطبيب و أسرع الجميع إليه ليقول بنبره عمليه فاتره و هو يتأمل هيئتهم ذات الثراء الفاحش بتعجب لتواجدهم بذاك المكان .. :

– احنا سيطرنا علي النزيف بصعوبه و نصيحه منى تنقلوها من هنا الرعاية الصحية هنا مش عاليه لدرجه و غرف العنايه كلها مشغوله ..

قاطعه “تيم”بنفاذ صبر :

– احنا فعلا طلبنا إسعاف مستشفى خاص ينقلها من هنا ، تقدر تطمنى علي الجنين ؟!!!

عقد الطبيب حاجبيه و هو يحدثه باندهاش مستنكراً :

– يااستاذ جنين إيه الجنين اكيد اتوفى و مكناش قادرين نوقف نزيف الأم لأنها كانت في شهرها الرابع و كان خطر جامد علي حياتها و لسه محتاجه رعاية خاصه خصوصاً بسبب باقي الكسور و الكدمات اللى في جسمها …

راقبت “أسيف” ملامح أخيها الشاحبه بحزن بالغ حتى و إن كان جنين لم يرَه لكنه ابنه ، رفعت يديها و أحاطت ذراعه تجذبه تتشبث به و هى تربت علي ظهره و دموعها بدأت بالتجمع داخل مقلتيها إنه شعور سيئ للغايه رغم ما فعلته ابنه العم معها لكنها كانت تحمل طفل أخيها باحشائها و فقدته بأبشع الطرق الغير آدميه و يبقى سؤال واحد كيف وصلت إلى تلك الحاله فلم تعطٍهم تلك المشفي الصغيره سوي معلومات ضئيله و أن ابناء الحي نقلوا تلك الفتاه إلى هنا فقط !!!!

جلس “تيم” بصمت أعلي الكرسي الصغير و جاورته “أسيف” تلف ذراعيها حول كتفيه و يدها ترتفع لتسير برفق علي خصلاته ، قد أصابه الجمود لا يعلم الخطأ من الصواب الآن لا يعلم سوي أن طفله قد وافته المنية قبل أن يتمكن من رؤيته …..

أكمل “فهد” الحديث المقتضب مع الطبيب ثم انصرف الأخر يباشر أعماله و سلط “فهد” نظراته عليها يتابع برماديتيه حركاتها الهادئه اللطيفه و يديها التي تتبدل على خصلات شقيقها و خدها الذي تسنده فوق رأسه أحياناً و تعتدل أحياناً أخرى تدس شفتيها الجميله بين خصلاته لقد نجحت بتشتيت جميع أفكاره و كأنها ألقت بلعنه عليه و على شقيقته ليبتسم داخله بسخرية هامسا :

-دعواتك استجابت يااأسيف !!

ليستمع إلي همس عمته الباكيه و هي تربت على كتفه :

– دي مش دعوات أسيف يافهد اللي عملته في البنت اترد في أختك يابني هي كده ربنا قسمها كده و احنا اللى بننسي ده دان تُدان يابني !!!!

خرقت كلمات عمته أذنيه و تردد صداها داخل ثنايا عقله و هو يُغمض عينيه و يفتحها يراقبها هى فقط و هو عاجز عن التفكير بالقادم ثم اتجه إلى حيث ترقد شقيقته يتفقد تلك الأسِره بعيناه حتي وصل إليها جسد هامد فوق فراش صغير وقف يطل عليها بجسده الضخم نسبياً يحدق بتلك الكدمات التى انتشرت علي أنحاء متفرقه من جسدها و الخدوش أعلي رقبتها و ماظهر من كتفيها لم يتخيل ان يري شقيقته الصغيره بتلك الهيئه ابداا !!

هبطت دمعات خائنه من عينيه ثم هبط بشفتيه يقبل عينيها المغلقه بهدوء و هو يربت علي خصلاتها برفق لحظات و كان الرجال المسعفين خلفه بجانب ابن عمه ليتم نقلها إلي مشفي آخر …..

*

وقف “يزيد” خارج الغرفه بالمشفي الخاص ينتظر عوده “أسيف” التي لازمت شقيقها لإحضار مشروبات ساخنه للجميع فقد كان حادث غريب و اهتم به العم و الجد بالتواصل مع الجهات المختصه و كان الأمر مجهول لعدم معرفه سبب تواجد الابنه هناك و أنها لم تفيق من تأثير المخدر لتُجيب على أسئلتهم !!!

نادت “أسيف” بصوت واضح علي “يزيد” و قد اعتلي ثغرها ابتسامه صغيره ليعتدل الآخر بوقفته و يبادلها الابتسامات اندهش الجد و العم و العمه من علاقتهم و هم على يقين أن “أسيف” يصعب عليها تذكره !!

وقفت “أسيف” علي مقربه منه بزاويه بعيده نسبياً تقص عليه أحداث مختصره و قد وقف كلاً من “تيم” و “نائل” يتناقشا سوياً ، و غاب عنهم “فهد”بقسم الماليه !!!

تنهدت “أسيف” و هى تزيح خصلاتها و تردف بحزن :

– أنا بجد زعلت عليها يا يزيد و حاسه ان مفيش أى تغيير كده ، المفروض مازعلش بعد اللى عملته أنا ايوه مش موضحه ده بس حقيقى مش مستحمله منظرها و تيم كمان ابنه مات قبل ما يشوفه و مش عارفه أهون عليه أنا لسه محتاجه علاج صح !!!

ابتسم “يزيد” إليها بعد أن تأمل حديثها اللطيف البرئ و أردف بهدوء و صوت أجش :

– ده اللى اتفقنا عليه ياأسيف !! احنا مش قولنا خلاص مرحله العلاج خلصت و بعدين أنتِ مكنتيش مريضه أنتِ كنتِ محتاجه هدوء و سلام نفسى و اتوفرلك فتره محدده عشان تقدري تمارسى حياتك عادي ، اما فكره زعلك على ندي دي لو محصلتش أنا اللى هقلق و اقول إنك اتغيرتى للأسوأ ، أسيف أنتِ قويه و كل الحكايه إنك كنتِ بتظهرى زعلك و تعاطفك دايما معاها و مشاعرك مكشوفه ، لكن بعد علاجك زى ما بتقولي بقيتى عارفه أمتى تظهرى مشاعرك و أمتى تخفيها و تداريها و ده الصح أنا كده مطمن عليكِ ، قوليلى بقي ناويه تعملي ايه مع تيم أظن هو اللى محتاجك دلوقت !!

ابتسمت ممتنه لكلماته التي هدأت من روعها و كأنها بلسم يُلطف الجروح ثم نظرت ناحيه أخيها الواقف بعيد نسبياً يتحدث إلي ابن عمها بهدوء و اعتدلت تواجه “يزيد” المراقب لها بصمت هامسه :

– مش عارفه بجد يايزيد لكن أكيد هيبقى كل تركيزى معاه تيم بالنسبالى كل حاجه و مقدرش اشوفه زعلان أنت عارف لكن المشكله إنه بيدارى زعله منى أنا كمان !!

حدق بها بشرود و صمت و هو يبتسم لها ثم عقد ذراعيه أمام صدره وقال بهدوء :

-اقولك سر !

فتحت عينيها الجميله علي مصرعيها تحدق به بحماس لطيف و ابتسامه جميله شغوفه لأسلوبه اللطيف و هزت رأسها بالإيجاب على الفور ليضحك برزانته المعتاده و يقول بلطف و هو يحمحم :

-انا مبسوط انك مفقدتيش براءتك ياأسيف كنت خايف تتغيرى ، بس خليكِ كده جميله علي طول !

توترت ملامحها و عضت على شفتيها بخجل طفيف و اشتعلت وجنتيها و هى تنكس رأسها بهدوء و “يزيد” يتابع توترها اللطيف المحبب إليه بهدوء و شغف تام ، وصل الفهد لتوه و إلتقطت عينيه ذلك المشهد فور أن اقترب منهما و رأى هيئتها الخجله التى يعرفها جيدااا و ذلك الرجل الغير متبين ملامحه يقف قبالتها يحدق بها و عينيه تكاد تأكلها !!!

توترت أنفاسه و جز علي أسنانه بغضب لا يعلم ماهيته لكن ما يعلمه جيداً أن “أسيف” تغيرت كثيراً منذ أمس و هو مذهول من تحولها الغريب لكنها الآن تُعلن عن الأسباب و شقيقها يقف بعيداً تاركاً إياها تفعل مايحلو لها !!!

طارت محاولاته اللطيفه ادراج الرياح و فى خطوتين كان أمامها يجاور ذاك الغريب عليه نسبياً ينظر لها بغضب و نظرات لائمه !!

رفعت رأسها حين لمحته و كادت تنصرف عنه بعيداً باشمئزاز هي و ضيفها لكن لفت انتباهها أعينه الحمراء من شده البكاء لقد رأت تلك الهيئه مراراً حين كان يواجه كابوساً ما لكن لما ينظر إليها بلوم و عتاب ؟!!

ضيقت عينيها مندهشه من نظراته الغريبه و كأنها هى من أخطأت بحقه ، عرفه يزيد على الفور و ابتسم بتهذيب يمد يده إليه بدعوه تصافح و هو يقول بنبره مواسيه :

– ألف سلامه علي ندى ربنا يشفيها !!

رفع “فهد” إحدى حاجبيه و هو ينظر إليه باستنكار لأسلوبه التحببى و كأنه أحد أفراد العائلة ، لتنظر “أسيف” إليه ثم إلي يد “يزيد” الممتده بالهواء و تعض على شفتيها ، تتلفت برأسها تبحث عن نجدتها و ها هى قد أتت بصوره ابن عمها اللطيف يحدق بهم و أردف بابتسامه مزيفه لابن عمه :

-يزيد صاحبي من زمان و عيلته و عيلتنا صحاب جداا من زمان يافهد و كمان يبقي دكتور أسيف !!

عقد “فهد” حاجبيه بغضب و أخيراً مد يده و هو يصافحه ضاغطاً بغضب علي أصابعه و قال بهدوء زائف :

– دكتور أسيف ازاي يعنى !!

أخيراً خرج صوتها الحانق الغاضب تقول و قد شعرت بسخافه تواجده بينهما :

– إيه هو اللي ازاي مشوفتش قبل كده أخصائى نفسي ؟!

اغضبته نبرتها الحانقه عليه أمام الأعين الغريبه و الفضوليه و حدق بها بغضب لتبادله بتحدي سافر لم يعتاده منها شعر كأنها تستمد قوتها من ذلك الغريب الأخرق ، لا يعلم لما تصاعدت النيران بصدره بغضب و شعر كأنه يري بأُم عينيه عائق مسامحتها له و غفرانها ، ليُغمض عينيه قاطعاً تواصلها البصري و تنهد قائلاً بلطف :

-لا شوفت ياأسيف ..

خرجت كلماتها تلقائياً بلا شعور تقول بغضب :

– قولتلك متقولش اسمي تااااني ،انت ايه اصلا اللى موقفك هنا ؟!!!

اتسعت أعين “نائل” و تطلع “فهد” إليها بغضب لإهانتها له ما تلك الطريقه التى تحادثه أمام ذلك الرجل الذي أدار وجهه بعيداً بحرج و تظاهر بالعبث بهاتفه ، عجز “فهد” عن الرد و ظل يحدق بها بصدمه شعرت بتوتر طفيف حين لكزها “نائل” بخفه لكن ماذا تفعل رؤيته تُشعرها بالنفور و الغضب و الكراهيه مشاعر سيئه مختلطه لا تريد أن تراه ابداااا !!!

وصلت مشاعرها إليه ليهز رأسه بالإيجاب ضاما شفتيه بغضب و هو يشد على قبضتبه بقوه و قد برزت عروق رقبته من شده غضبه ثم سحب جسده بغضب بعيداً عنهم و هو يحدق بذلك الرجل بعداء غريب و كراهيه ليرافقه “نائل” و هو يقول لتلطيف الأجواء و قد شعر بالحرج لابن عمه الذي لأول مره يصمت هكذا :

-الدكتور كان لسه بيقول أن ندي معاها شويه و تفوق ، تعالى شوف تيم بقى هو اللي فهم منه كل حاجه …

ثم ربت علي كتفها يبتسم إلى “يزيد” بهدوء و هو يقول :

-بعد إذنكم …

هز “يزيد” رأسه بهدوء و هو ينظر إلى “أسيف” التي تبدلت حالتها للحزن و الغضب هامساً لها يلفت انتباهها مره أخرى :

-عرفتوا ندي كانت بتعمل ايه في المكان ده ؟!!

انتبهت له بعد أن كانت تحدق بأثرهم بصمت و قالت بهدوء :

– لا هدير حلفت أنها متعرفش حاجه غير إنها كانت واخده عنوان واحده هناك و رايحه تقابلها و مش راضيه بس أنا حاسه هدير تعرف أكتر من كده لأنها رفضت تقولى العنوان و قالت معرفش بس لما كانت بتعيط قالت إن ندى صرخت و هي متصله بيها تقولها العنوان ..

هز رأسه بتفهم و هو يبتسم لها بهدوء و يقول :

-دلوقت تفوق و التحقيقات تظهر كل ده ، أنتِ زى مااتفقنا ركزي مع تيم و أنا هبقي على تواصل معاكِ على طول …

هزت رأسها و عادت الابتسامه إليها من جديد بشكل تدريجى …

علي الجانب الآخر

وقف “فهد” و عينيه تراقبهم بغضب نارى يكاد ينقض عليهم و يفترسهم و إحدى قبضتيه تطرق الحائط بوتيره غاضبه فلم يعد لديه قوه التحكم بنظراته الواضحة ناحيتهم و التى لاحظها الجميع ..

نظر “تيم” حيث يحدق “فهد” بغضب ليعقد حاجبيه من تجاوز الحد اللازم لفتره الأحاديث بين شقيقته و طبيبها الذي أتي بشكل مُفاجئ فور أن علم بتواجدهم هنا ، استقام “تيم”بوقفته و اتجه ناحيتهم بهدوء و أردف فور أن وصل إليهم :

-أسيف عمتو عاوزاكِ ياحبيبتي !!

ابتسمت له بهدوء و انصرفت إلي عمتها ليتابعها “تيم” ثم يردف فور انصرافها و هو يحدق ب “يزيد” بنظرات غاضبه :

-شوف يايزيد أنت صاحبي و مفيش زعل بينا و أنا وعدتك إنى مش هتدخل في علاجك لأسيف لكن أظن فترة العلاج خلصت و أسيف مُطلقه و معنديش استعداد اسمع أى كلمه تسيئ ليها و أنت مش هيرضيك ده اظن ، أنا و أنت عارفين مدي براءه أسيف و إنها بدأت تستوعب الناس حوالينا بالعافيه و أكيد مش هتفهم منى اللى انت فهمته دلوقت مش كده ؟!!!

نكس “يزيد” رأسه بهدوء ثم ضغط علي شفتيه يفكر لحظات قبل أن يقول بنبره هادئه :

– كده ياتيم و عندك حق أنا فعلا خلصت علاجي مع أسيف و كنت محتاج اتكلم معاك فى ده بس حصل موضوع وفاه جدتكم و حادثه ندى و ملحقتش أنا عارف أنه مش مكانه و لا وقته بس أنا مش حابب تشوفني بصوره مش تمام و مش ممكن أقبل أى كلام علي أسيف ، أنا عاوز اطلب ايد أسيف منك أنا مشدود ليها بشكل مش طبيعي و لدرجه غريبه ..

اتسعت أعين “تيم” و كاد يجيبه لكن رفع “يزيد” يديه أمامه يقول مسرعاً :

– اناا عارف انه مش وقته بس حبيت أوضح نيتى و إنها خير مش قصدي حاجه و على العموم أنا همشى دلوقت و هجدد طلبى في وقت مناسب للكل ، بعد اذنك و شد حيلك …

ربت علي كتفيه بقوه طفيفه ثم ولى متجهاً إلى طريقه دون اضافه كلمه أخرى …

حدق “تيم” في أثره بذهول و هو لا يقوى على الحديث لقد تعددت صدماته اليوم ، هل يطلب طبيب شقيقته يدها !!!!

اتجهت أنظاره إلى “أسيف” المقبله عليه بابتسامه هادئه تعقد حاجبيها بلطف قائله بتساؤل :

-هو يزيد مشى ؟!!

هز رأسه بالايجاب و هو يحيط كتفيها عائداً بها إلى مجلس العائله بصمت تام و وجه مشدوه أدهش “أسيف” و أقلق ذاك المتابع بصمت منذ بدايه حديثه مع يزيد لا يعلم لما ينتابه شعور القلق الآن تحديداً !!!!!

*

مرت السااعات بصعوبه علي الجميع و أخيراً أفاقت “ندي” و هى لا تفعل شيئ سوى البكاء بأحضان أخيها رافضه الحديث مع الجميع إلا حين دلفت “أسيف” اتجهت أنظارها إليها و حدقت بها بصمت دام لدقائق أقلق الجميع ثم خرجت من أحضان أخيها تحاول الخروج من الفراش و الجميع يترقب حركتها اتجه “تيم” إلى شقيقته يحيط كتفيها و هو يحدق بتلك الطائشه التى تحاول أن تتسند و تصل إليهم و أخيراً وصلت إلي ابنه عمها و فجأة أمسكت طرف ستره “أسيف” تصرخ بها :

– ربنا جابلك حقككككك ابني مااات ياااااأسيف ، كنت رااااايحه عشان اخلص منككككك بس ابني رااااح فيهاااا ، انا مستاااااهلش ده يااااأسيف أنا حبيت اخوووكي و كنت هجيب بيبي منه بس ملحقتتتتتتتش !!

اتجه “فهد” مسرعاً ناحيتها يرفع جسدها المتشنج عن الأرضيه و هو يحيط خصرها يبعدها عن “أسيف” المذهوله هل كانت تحاول قتلها !!! كانت هناك لتتخلص منها !!!!

اتسعت أعين الجميع مع ذلك الاعتراف و ظلت صرخات “ندى” تتعالى و هى تنتفض و جسدها يتشنج لتردف أثناء مقاومه اخيها بجنون :

– رجعولي ابنييييي ، انااااا عاوزه ابنييييي حرااااام ياخد حقها من طفلللللل حراااام ، اختككككك قتلتتتت ابنك يااااتيم ، ساااامحيني ياأسييييف و رجعيه ارجووووكِ !!!

اندفع الفريق الطبي إلي الغرفه و بعد عده محاولات بالسيطره عليها نجح الطبيب أخيراً بحقنها بالمخدر لتهدأ تدريجياً بأحضان أخيها و هى تستقبل تلك السحابه السوداء برحابه صدر متمنيه أن تكون آخر لحظاتها بالحياه علها تُريح الجميع !!!!!!

جميعنا نفعل الأخطاء لكن هناك فرق بين من يفعلها برضا تام و من يفعلها دون درايه أو شعور ، فالأول فقد جميع فرصه بالنجاه أما الآخر فباب التوبه لم يُغلق بعد ، ظنت “ندى” أنها سوف تفلت من الحكمه الإلهية و عداله السماء و كانت صفعه القدر لها أقوي رادع ، فطره خلقنا الله عليها نُخطئ و نُصيب و لكن العفو دوماً لمن يُخطئ ثم يتوب ، حتى توبتنا تحتاج إلى قوه لم تملكها تلك الضعيفه ….

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية حصونه المهلكه)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى