روايات

رواية الشيطان شاهين الفصل الرابع والأربعون 44 بقلم ياسمين عزيز

رواية الشيطان شاهين الفصل الرابع والأربعون 44 بقلم ياسمين عزيز

رواية الشيطان شاهين البارت الرابع والأربعون

رواية الشيطان شاهين الجزء الرابع والأربعون

الشيطان شاهين
الشيطان شاهين

رواية الشيطان شاهين الحلقة الرابعة والأربعون

الفصل العاشر (الجزء الثاني)
“بابي…. بابي…إصحى سوف آسل…خد بابي
بتاعي و لماها ملبلكوننننن…. بابي بابي….
(شوف آسر خذ الباربي بتاعي و رماها من البلكونة “.
صرخت أسيل الصغيرة و هي تقفز
فوق سرير والدها هنا و هناك كالارنب الصغير
ليبدأ شاهين في الاستيقاظ و هو يفرك
وجهه بانزعاج..
فتح عينيه ببطئ بسبب أشعة الشمس
التي تسللت و انارت الغرفة بعد إزاحة
الستائر….
حدقت فيه الصغيرة لبعض الوقت
قبل أن ترتمي عليه ليتلقفها بين
ذراعيه مقبلا وجنتها المكتنزة بقوة
قبل أن يتحدث :”صباح النور يا قلب
بابي….
آسيل ببراءة:” بونجور يابابي… يلا
إنوح لآسل و إدبه(نروح لآسر و إضربه).
قهقه شاهين بخفة مداعبا أنفها قبل أن
يهتف :”بالراحة عليا عشان انا مش بفهم
لغتك الغريبة دي”.
أسيل و هي تحرك يديها محاولة إفهامه
:”آسل….
شاهين :” دي فهمتها… ماله آسر يا ست أسيل…..
أسيل بعبوس :”خد باببييي و لماه مالبكونة…..
شاهين بدهشة :” خذ إيه…
أسيل بتأفف لانزعاجها هي الأخرى من
عدم فهمه و الاستجابة لها فهي كل
مايهمها الان هو النيل من أخيها لانه أفسد
لعبتها المفضلة…
:” بابي…اوووف مش تفهم ليه؟؟؟
ظلت أسيل تتحدث كثيرا و هو يتعمد
عدم فهمها حتى يستمتع أكثر بصوتها
الطفولي الرقيق و كلامها المبعثر مما جعله
ينفجر من الضحك عدة مرات تحت نظراتها
الساخطة و المنزعجة……
دخلت عليهم كاميليا لتجد إبنتها تجلس
فوق بطن والدها و تحدثه باهتمام شديد
ضحكت هي الأخرى على مظهرهما فمن
يراهما يظن أنهما يتناقشان في أمر مهم للغاية….
لمحها شاهين ليستقيم في جلسته ممسكا
بالصغيرة باحكام حتى لا تسقط قائلا بنبرة
مرحة :”تعالي شوفي بنتك عاوزة إيه… بقالي
نص ساعة بحاول أترجم اللي بتقوله و بردو
مفيش فايدة….
توجهت نحوهما كاميليا بابتسامة واسعة
لتجلس بجانبهما على الفراش قائلة :” دي
عاوزاك تعاقب آسر عشان كسر الباربي
بتاعتها و رماها من باب الفيلا.. الولد داه طالع
شقى اوي و مش بيسمع الكلام …مش زي فادي
عاقل و هادي…
همهم مدعيا التفكير :” مممم طيب إقترحوا عليا
إزاي حنعاقب آسر الشرير .
داعب أنف الصغيرة لتتعالي ضحكتها السعيدة
بعد أن فهمت مايقصده والدها بحديثه لتومئ
له مؤيدة :” خذ كل اللعب تاعته و حطه
كرسي العكاب كثير اوي … (خذ كل اللعب بتاعته و حطه في كرسي العقاب كثير اوي)….
هز شاهين حاحبيه بعدم فهم و هو ينظر
لكاميليا قائلا :” يعني إيه كرسي العقاب “.
إستندت كاميليا بكسل على ذراعها على
الفراش قبل أن تجيبه :” يعني أي واحد فيها
لما يتعاقب يقعد على الكرسي مدة نص ساعة ميتحركش من مكانه و داه من أكثر الحاجات
اللي بيكرهوها أولادك طبعا بعد الخضار
المسلوق”.
قهقه شاهين بخفة قبل أن يهتف بعدم تصديق
:” عشان كده البنت إقترحت كرسي العقاب
لا و عاوزاه يقعد كثير يعني أكثر من نص
ساعة …
لوت كاميليا شفتيها بانزعاج عندما تذكرت
شقاوة إبنها قائلة :”بصراحة يستاهل… آسر
بقى متعب جدا حتى بعد ما يتعاقب بيرجع
ثاني يتشاقى اكثر من الاول…..
شاهين :”داه ولد.. يعني شيئ طبيعي
يكون أشقى من البنت….
كاميليا باستهزاء :”طب ما فادي بردو ولد
ليه مش طالع زيه…
إنحنى شاهين بجذعه ليقف من على السرير
ثم قبل وجنة الصغيرة هاتفا بهدوء:”روحي إنت
دلوقتي و انا جاي وراكي…نعاقب آسر و نروح مع بعض عشان نجيب باربي جديدة إيه رأيك “.
لمعت عينا الطفلة بفرح لتصرخ قائلة
:” و مش ناخد آسل….
شاهين و هو يعيد كلامها بمرح :” مش ناخد آسل
حاضر…..
أسيل مرة أخرى :”و نجيب باربي كبييييلة”.
شاهين و هو يومئ برأسه :” حاضر…
طبعت الصغيرة قبلة صغيرة على وجنته
قبل أن تنطلق لخارج الغرفة تحت نظرات
والدها المندهشة… تمتم و هو يستدير
عائدا لكاميليا التي كانت لاتزال ممدة
على الفراش و تراقبهما
:” البنت طالعة شريرة كده لمين؟؟
قلبت الأخرى عيناها بملل قبل أن تهمس بصوت منخفض ظنت انه ان يسمعها
:”حيكون لمين يعني..ماهي طالعالك….
شاهين بخبث:”هو إنت قلتي حاجة اصلي
مش سامعك كويس”.
كاميليا بنفي :”لا و لا حاجة قلت إنك
صاحي متأخر و مرحتش الشغل و دي
مش عوايدك يعني”.
توقف أمامها مباشرة لترفع رأسها نحوه ثم
حركت رأسها ليصبح على الفراش بدلا من
ذراعها… ضيقت حاحبيها بحيرة عندما وجدته
يحدق فيها بدقة و كانه يبحث عن شيئ ما
حتى شعرت بالتوتر بينما هو فقد إعتلت
شفتيه إبتسامة شقية ليسقط جسده فجأة
فوقها مما جعلها تصرخ فزعة بينما هو فقد
إستند على ذراعيه التين أحاطتا جسدها من
كلتا الجانبين و باقي جسمه فوقها….
همس من قهقهته و هو لايزال يتفرس وجهها
الجميل الخائف :”جبانة….
أجابته من بين انفاسها اللاهثة وهي تحاول
دفعه عنها بدون فائدة :” إنت مش حتبطل
حركات العيال دي…. قوم بقى حتفرمني…
شاهين و هو يتابع محاولاتها الفاشلة في
إبعاده بتسلية :”تؤ… عاجبني المنظر هنا…
توقفت عن مقاومته لتنظر قليلا إلى وجهه
الذي يكاد يلامس وجهها قائلة ببلاهة:”منظر
إيه إنت بتخرف؟؟
تسللت يده نحو وجنتها ليصفعها بطرف
أصابعه صفعة خفيفة لاتذكر قبل أن يهتف
بتهديد مزيف
:”لسانك يا كوكي…
قلبت عيناها بملل و هي تتصنع الشجاعة
مردفة :”مابقتش بخاف خلاص… هات غيرها..
:” بقى كده…ماشي إستحملي بقى نتيجة
جرأتك “.
هتف متوعدا و هو ينحني برأسه نحو
شفتيها لتحرك كاميليا رأسها نحو الجهة
الأخرى بعناد ليزمجر شاهين بانزعاج لحرمانها
له من كرزيتيها اللتين يعشقهما….
حاوط رأسها بيديه مثبتا إياها حتى لا تتحرك
ثم خفض رأسه ليقبلها قبلة خفيفة
رغما عنها قبل أن يبتعد عنها لتصرخ
كاميليا مدعية الغضب :” مش حتبطل
عادتك دي أبدا…
شاهين بمكر :” أبدا…بتكون أحلى لما بتكوني
متضايقة “.
مسحت كاميليا وجهها مكان قبلته قائلة بتلاعب:”
قصدك لما بتكون غصب… “.
إستند شاهين على إحدى جانبيه
مرتكزا على ذراعه بينما ذراعه الأخرى
مازالت تحاوط خصر كاميليا الممدة بجانبه
هاتفا بحيرة :”غصب؟؟
كاميليا وقد تحول مزاحها للجدية :”أيوا
غصب عني…عشان إنت لسه في حاجات
كثير لسه بتعملها غصب عني و مش فارق
معاك إن كنت موافقة و إلا لا…زي الشغل
مثلا بالرغم من إني قلتلك إني مش عاوزة
اشتغل بس إنت مش بتسمعني…..
زفر شاهين بضيق من هذا الموضوع التافه
برأيه قبل أن يتكلم بصوت واثق :” كل مرة
بتيجي فيها سيرة الموضوع داه بتنرفزيني…
مكنتش عارف إنك زنانة كده…
مد يده ليرجع إحدى خصلات شعرها التي
سقطت على وجهها و هو يكمل حديثه بنبرة حنونة :” كاميليا…. حبيبتي
أنا مش بجبرك تشتغلي و لاعاوز أغصبك
على حاجة إنت مش عاوزاها بس…انا بحبك اوي لدرجة إني بقيت عاوزك
تكوني معايا دايما في البيت وفي الشغل مش بستحمل تغيبي عن عيني أكثر من ساعتين…
أعمل إيه بقى حاولت كثير بس مااقدرتش
بقيت بنفسك و كل يوم بيزيد حبك في
قلبي الضعف….انا عشت طول عمري مابخافش
من حاجة حتى… الموت بس دلوقتي بقيت
بخاف… خايف تحصلي حاجة و اسيبك
في العالم الوحش داه لوحدك… عشان كده
عاوزك تكوني قوية عشان تقدري تواجهي
الدنيا من بعدي
في عالمنا داه الناس بقت ذيابة… وحوش
و القوي بياكل الضعيف و مفيش حد حيحن
عليكي و حيساعدك مين غير ماتكون ليه مصلحة ….
و لو مكنتيش قوية بما فيه الكفاية الكل
حيدوس عليكي مين غير شفقة و لا رحمة
عرفتي بقى انا ليه مصمم تيجي
معايا الشركة… عشان تقدري تفهمي الشعل
و تقدري تديري الشركات لو حصلي حاجة و….
توقف عن الحديث بعد أن وضعت كاميليا
أناملها على ثغره توقفه عن مواصلة الحديث
قائلة من بين دموعها :”بعد الشر عليك…إنت
ليه بتتكلم كده؟؟ إنت بتخوفي عليك ليه هو
إنت مخبي عليا حاجة…
حرك شاهين أصابعه على وجنتيها ليمسح
دموعها قائلا بنبرة عاشقة :” مفيش حاجة
يا حبيبتي بس انا بحسب كل الاحتمالات
إنت لازم تكوني مستعدة لكل الاحتمالات
مفيش حد ضامن عمره و بعدين الموت علينا
حق.. ساعتها إنت حتلاقي نفسك فاهمة
الشغل و مش حتحتاجي مساعدة حد….
كاميليا و هي تدير رأسها بعنف رافضة
كلامه و قد زادت حدة بكائها :”لا مش
عاوزة…. مش عاوزة.. إنت لو جرالك حاجة
حموت نفسي مش حقدر اعيش من غيرك….
شاهين بحنو :” بعد الشر عليكي يا قلبي….
مسحت كاميليا دموعها بعنف قائلة :”إنت
مخبي عليا حاجة… شاهين عشان خاطري
صارحني….
شاهين بابتسامة :” تؤ صدقيني مفيش
حاجة انا بس كنت ببررلك انا عاوزك تروحي
معايا الشغل ليه….إهدي بقى بلاش عياط عالصبح….
كاميليا و هي تنهض قليلا لتصبح جالسة
على الفراش :”إنت بتخوفني ليه؟ لو على
الشغل حاضر انا حسمع كلامك بس ارجوك
بلاش تخوفني إنت عارف ان انا مش حستحمل…
نهض شاهين الاخر ليجلس بجانبها جاذبا
إياها لتصبح بأحضانه قائلا مربتا على ظهرها بحنان :” أنا آسف حقك
عليا انا مش عارف جرالي إيه عشان اتكلم
في موضوع زي داه بس كان لازم اوضحلك
عشان يبقى عندك سبب قوي يخليكي تروحي
الشغل و تقفي على رزقك بنفسك …
كاميليا و هي تضحك من بين دموعها :” حاضر
بس دلوقتي لازم تنزل تشوف بنتك اللي إنت
وعدتها تأخذلها حقها من أخوها….
شاهين و هو يزيد من إحتضانه لها مستمتعا بدفئ جسدها :”تصدقي نسيتها… انا بصراحة مش
بعرف اتعامل مع العيال….و عاوز مساعدتك…
كاميليا و هي ترفع رأسها نحوه قائلة :”انا
ححللك المشكلة دي بس على شرط…متجيبش
سيرة الموت و الفراق دا ثاني على لسانك ابدا….
شاهين و هو يقبل جبينها :”حاضر اللي تؤمر بيه
ماي برنسس…و دلوقتي انا جعان و عاوز افطر….
كاميليا بابتسامة :”ما انا كنت طالعة عشان اصحيك عشان تنزل تفطر ….
شاهين من بين ضحكاته :”و انزل ليه؟؟و أحلى فطار قدامي…
توقف عن الضحك يتأملها بابتسامة ماكرة قبل
إن يتابع بخفوت :” الظاهر مفيش شغل النهاردة….
🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸
في منزل عمر…..
إستيقظت هبة من نومها بعد إفتقادها لذلك
الدفئ الذي كان يغمرها طوال الليل…رفعت
الغطاء بهدوء تزامنا مع دخول عمر يحمل
صينية مكتضة بجميع انواع الطعام….
إبتسامة عريضة شقت وجهه عندما رآها
ليضع الصينية على أقرب طاولة ثم يسارع
نحوها قائلا بلهفة :”صباح الورد والياسمين
يا حبيبتي…. حاسة بإيه النهاردة…
طأطأت هبة رأسها لتضع يدها على بطنها
قائلة بصوت مبحوح من أثر النوم :” كويسة
متقلقش….انا خروج اغسل وشي…
تجاوزته متجهة نحوالحمام ليزفر عمر بحزن
و هو ينظر في أثرها متمتما بيأس:” مكنتش
عارف إن قلبك إسود كده… دي اول مرة تعاملني بالشكل الوحش داه…
هز رأسه و هو ينظر ناحية الصينية قبل أن تعود إبتسامته من جديد هاتفا :”بس انا مش حيأس
و حخليها تسامحني…
قاطعت تأملاته خروجها ليراقبها بصمت و هي
تتجه نحو التسريحة لترتب شعرها و مظهرها
متجاهلة النظر نحوه و كأنه ليس موجودا….
مما أثار حنقه…ليقف من مكانه متوجها نحوها
ليقف وراءها و يحدق في صورتها المنعكسة
بتمعن مما آثار توتر هبة التي إستدارت
بغية الذهاب… لكنها تفاجأت بذراعين
حديديتين تثبتانها مكانها لتعود كما كانت
مقابلة للمرآة….
شعرت بيدي عمر تلتفان حول خصرها متحسسا
بطنها بلمسات رقيقة و صوته الحنون يهمس
في أذنها:”صباح الخير…. انا بابي عمر إنت سامعني
طب قلي إمتى حتكبر و تيجي الدنيا عشان
نلعب سوى… حشتريلك العاب كثير اوي و حاخذ
كل يوم جمعة للملاهي و ناكل ايسكريم و…
ماما لا…. نخليها في البيت أحسن عشان
لما نرجع نلاقيها محضرالنا أكل حلو….و اااااه ليه
كده بس يا حبيبتي سيبيني اتكلم مع الواد
براحتي….
تأوه عمر بزيف بعد أن نكزته هبة بمرفقها
على بطنه لينحني واضعا ذقنه على احد
كتفيها لتنظر له هبة من خلال المرآة قائلة
بحنق :”بقى عاوز تاخد إبني و تطلع تفسحه
في الملاهي و تسيبوني قاعدة في البيت
لوحدي مستنية حضراتكم لحد ماتيجوا….
أجابها عمر من بين ضحكاته السعيدة
لنجاحه في إستفزازها و إجبارها على
التحدث معه :” الظاهر في هنا حد غيران….
بس معلش حبقى أقنعه عشان ناخذك
معانا بس موعدكيش ها….
هبة عدم رضا :” لا كثر خيرك و بعدين مين
قلك إنه ولد مش يمكن يكون بنت…
عمر بفرحة تلمع من عينيه :” يا ريت تكون
بنوتة وحسميها هبة الصغيرة.. و بردو حاخذها
للملاهي و حشتريلها فساتين كثير و اعملها شعرها
و….
عقد حاجبيه فجأة لتوقف عن الحديث برهة
من الزمن قبل أن يسترسل :” هو مش بيقولوا
إن الست لما تكون حامل بتبقى نفسها تاكل
حاجات كثيرة… إنت مش بتتوحمي على
حاجة معينة؟
نفت هبة برأسها قائلة:” لا بس…. جعانة شوية..
إبتسم عمر ثم رفع يده لظهرها ليقودها
برفق نحو السرير… أجلسها ثم أحضر الصينية
و جلس بجانبها…
شرع في إطعامها رغم ممانعتها
إلا أنه تحجج بأنه يقوم باطعام الطفل و ليس هي
لتستسلم هبة و تتناول طعامها مستمتعة
بأحاديثه الفكاهية حول مشاريعه المستقبلية
مع الطفل رغم أنه لم يرى النور بعد…
هي فعلا غاضبة منه و لاتزال تشعر ببعض
الحزن من كلامه الليلة الماضية و لكنها
لم ترد كسر فرحته أكثر….
تعلم انه لم يقصد ماقاله و ان كل ماتفوه
به كان بسبب شعوره باليأس و الخوف و
انها هي أيضا كانت ستفعل نفس الشي لو
كانت مكانه….
🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸
في كلية الطب….
و تحديدا في الكافتيريا… جن جنون ميار و هي
تستمع لكلام ديالا التي أخبرتها بعودة محمد و نور
لبعضها بعد تراجع الأخيرة عن رغبتها في الانفصال
لأسباب غير معروفة….
ضربت ميار الطاولة أمامها بقوة مما آثار
إنتباه جميع الموجودين داخل الكافيتيريا
الذين نظروا إليها بأعين متعجبة من صراخها مراقبين ما تفعله..
:”يعني تراجعت في قرارها…إيه السبب
و إنت سمعتي منين؟؟ صرخت ميار بنفاذ
صبر في وجه صديقتها المرتبكة.
نظرت ديالا حولها بخجل عندما وجدت
نفسها محط أنظار الجميع لتشعر بالندم
من إخبار هذه المجنونة الجالسة أمامها
تترقب ما تقوله بأعين متقدة حقدا و غضبا
أمسكت يدها محاولة تهدئتها هامسة بصوت
خافت :”ميار ارجوكي وطي صوتك…كل الموجودين
بيبصوا علينا… طب خلينا نمشي من هنا و انا ححكيلك كل حاجة بالتفصيل..
نفضت ميار يد الأخرى بعنف و هي تسب
و تلعن بصوت عال غير عابئة بأحد فهي كل ماتشعر به هو غضب حارق جعلها تخرج عن وعييها لمجرد تخيل ضياع محمد من يدها بعد أن كانت على بعد قاب قوسين من الحصول عليه :” اقسم
بالله يا ديالا لو طلع كلامك غلط لكون مورياكي
وش عمرك مشفتيه قبل كده…
جمهت ديالا أغراضها بسرعة ثم هرولت
خارج المكان تفاديا لفضائح اكثر…جذبتها
ميار من يدها لتأخذها إلى مكان فارغ نسبيا
من الطلبة قائلة :” دلوقتي عاوزاكي تحكيلي
كل اللي حصل بالتفصيل.”
ديالا بضيق من لهجة ميار الآمرة :”بقلك
إيه كفاية الفضائح اللي عملتيها جوا…. انا
صبرت عليكي عشان مقدرة حالتك لكن إهانة
أكثر من كده مش حقبل… كفاية و روحي إسالي
بسمة هي اللي حكتلي كل حاجة الصبح.. عن
إذنك”.
رمقتها بنظرة مشمئزة قبل أن تغادر المكان
تاركة ميار في حيرة…
:”و انا حستنى لما الاقي الغبية بسمة
اووف من غبائك ياميار انا حتجنن حتجنن
حصل إزاي داه هي مش كانت خلاص حتتطلق…
كانت ميار تسير في ارجاء الجامعة بحثا
عن بسمة او ديالا حتى تفهم منهما ما يحصل
لكنها للأسف لم تجدهما…
إستندت على سيارتها تراقب الطلبة الذين
كانوا يخرجون من الجامعة في مجموعات و فرادى
تبحث عن ظالتها لتلمح من بعيد بسمة قادمة
مع إحدى الفتيات…
أشارت لها ميار ثم إتجهت نحوها قائلة بابتسامة
مزيفة :”إزيك يا بوسي..عاملة إيه ؟؟ بقالي
كثير مش بشوفك…
بسمة و هي تبادلها إبتسامة صفراء :” اهلا
يا ميار إزيك..
لم تهتم ميار بجفائها و لا بسخريتها الظاهرة
فهي مضطرة لتحملها من أجل مصلحتها الشخصية
:”كنت عاوزة أسألك عن نور اصلي مش
شايفاها اليومين دول..
تمتمت ميار بتحفز منتظرة جواب الأخرى
التي أجابتها على الفور :”مش عارفة
بس آخر مرة كلمتها قالتلي إنها مع جوزها
اصلهم رجعوا لبعض و عن قريب حيحددوا
موعد الفرح…. عقبالك يا ميمي “.
هتفت بسمة بشماتة و هي تتفرس ملامح
ميار المصدومة و التي حاولت إخفاء إنزعاجها
من كلام الأخرى دون فائدة لتهرع سريعا نحو سيارتها و تختفي بداخلها…
🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸
في النادي الرياضي….
إستندت نور على حائط الغرفة تتنفس
بقوة بعد أن أطفأت جهاز المشي هاتفة بتذمر
:”يخرب بيت الرياضة على اللي بيلعبوا
رياضة… يانهار اسود حموت… مقدرتيش
تستمري اكثر من عشر دقايق فوق الهبابة
دي…..
إلتفتت نحو باب الغرفة بعد أن سمعت
ضحكات محمد الخافتة…. إستقامت
في وقفتها بعد أن رأته متجها نحوها
و هو يحمل كوبي عصير طازج…أعطاها
أحدهما ثم توجه نحو إحدى الآلات ليجلس
فوقها مقابلا لنور…
:”بقى انا جايبك أوضة الرياضة الخاصة
بتاعتي عشان تتدربي… أغيب خمس دقائق
و آجي الاقيكي بتشتمي في الآلات….
لوت نور شفتيها بضيق قائلة :” عشان
تعبت….
محمد بصدمة و هو ينظر لساعته :”بس إنت مكملتليش عشر دقائق على بعض…انا مضبطلك
الوقت بنفسي..بقلمي ياسمين عزيز
وضعت نور كوب العصير ثم تقدمت للأمام
قليلا لتجلس على الأرض أمام محمد على
ركبتيها تحت أنظار الآخر المتعجبة مما
تفعله…
A
رفعت جسدها قليلا لتضع يديها فوق
ركبتي محمد قائلة بصوت رقيق :” محمد
حبيبي…انا عمري ما مارست رياضة قبل كده
غير في المدرسة…عشان خاطري مش عايزة
أنا اصلا وزني 48 يعني عاوزني أخس
أكثر من كده حرام و الله….
تحدثت بتذمر محاولة إقناعه للعدول عن قراره
بجعلها تتمرن ساعتين كل يوم عنده
في النادي في أوقات فراغها و ذلك بعد
إتفاقهما بتنفيذ كل مايطلبه منها خلال هذا
الاسبوع بعد أن طلبت منه فرصة أخيرة
لإصلاح أخطائها معه…
لوحت بيدها أمام وجهه بعد أن وجدته
شاردا ينظر إليها و على وجهه إبتسامة بلهاء
فهو لم يسمع من كلامها سوى كلمة حبيبي
و التي كان وقعها على سمعه كأحدى السنفونيات
النادرة…
إنتبه لها و لصوتها المعاتب :”محمد إنت رحت
فين؟ بقالي ساعة بكلمك؟
تنحنح محمد قائلا :” آسف سرحت شوية
كنتي بتقولي إيه؟؟
نور :”كنت بقلك انا مش عاوزة أتمرن هنا…
و…
محمد مقاطعا و هو يضع إبهامه تحت
ذقنها :” تؤ ثاني كلمة قلتيها كانت إيه؟؟
لم تجبه نور بل ظلت صامتة تنظر
نحوه باستغراب ليكمل محمد :” قلتي
حبيبي…. مش كده؟؟
هزت رأسها بالموافقة و هي تبتلع ريقها بتوتر
خاصة بعد أن لمحت إبتسامته الخبيثة التي إعتلت
ثغره….
محمد بهمس و هو ينحني نحوها :”اول
مرة تقوليهالي …بس حلوة اوي لدرجة
إني عاوز اسمعها مرة ثانية..ممكن ؟؟
رمشت نور بارتباك و هي تتراجع للخلف
إستعدادا للوقوف من امامه…لكنها بدل
ذلك وجدت نفسها تجلس فوق ساقيه
بعد أن جذبها محمد بيد واحدة…قائلا
بلهجة معاتبة:”عاوزة تمشي و تسيبيني
يانور…
قضمت نور شفتيها بحركة عفوية جعلت
من محمد يفقد آخر ذرة من تعقله ليحيط
رأسها بيده مقربا وجهها منه مقبلا إياها
قبلة طويلة متذوقا شهد شفتيها بتمهل
لأول مرة في حياته….
لطالما رغب في فعل ذلك منذ اول يوم
رآها فيه و هي تتشاجر مع أخيها….
للحظة ظن أنها تبادله القبلة ليزداد شغفه
و رغبته أضعافا حتى أفاق على يديها الصغيرتين
تدفعانه بضعف عنها ليزمجر بغضب مثبتا
يديها الاثنتين بيده الحرة رافضا إبتعادها
عنه فمن يقبل الخروج من الجنة بعد أن
ذاق نعيمها هكذا كان شعور محمد بالضبط…
شعر بارتخاءها ليبتعد عنها مكرها لتشهق
نور بقوة و تتنفس الهواء بعنف بعد أن كانت
على وشك الاختناق…. تململت تريد النزول
من فوق ساقيه لكنه ثبت جسدها بذراعه
مانعا تحركها إنشا واحدا و أنفاسه اللاهثة
تضرب جانب وجهها و رقبتها لتدمع عيناها
من شدة الخجل التوتر….و الالم.
رفعت يدها بصعوبة لتحررها من بين يديه
و تمسح دموعها قبل أن ينتبه لها محمد
لكنها لم تكن تدري أنه كان يراقب أدق تفاصيلها
ليمسك بوجهها يديره نحوه مرة أخرى متفحصا
عينيها الدامعتين….
إنتبه لتراكم بعض الدماء فوق شفتيها ليهتف بلهفة :”أنا آسف….عشان أذيتك بس كان غصب
عني مقدرتش أمسك نفسي أكثر من كده”.
حاولت نور بأقصى جهدها أن تتحكم في
رغبتها في الانفجار بالبكاء قائلة بنبرة مختنقة
:”إنت ليه… عملت كده؟”.
اجابها بنبرة واثقة رغم إحساسه بالذنب
لأذيتها:”نور… حبيبتي…. انا جوزك يعني اللي
عملناه داه… لا عيب و لا حرام و كان لازم
يحصل من زمان “.
نور بعد أن إنفجرت بالبكاء:”بس انا مش عاوزة
كده….
كتم محمد ضحكته من ردة فعلها الغريبة
فهو لم يفته شعورها الشديد بالخجل و التهرب
من النظر إليه لكنه يعذرها فهي لطالما كانت
مشاعرها جافة او فلنقل منعدمة الاحساس تماما….
لذلك يعلم محمد أن طريقه صعب و طويل
للنجاح في تغييرها و الحصول على قلبها….
و جسدها معا..
مرر أصابعه على وجنتيها ليمسح دموعا
نابسا برقة :”قصدك إيه مش فاهم؟؟
اجابته بتلعثم :” اللي كنت بتعمله اااا قصدي
كنا بنعمله “…
إستنشقت الهواء بقوة بعد أن شعرت به يكاد
ينفذ من رئتيها مع إرتفاع حرارة جسدها
قبل أن تجيبه رغم محاولاتها الكثيرة للتهرب
َمنه :” و لا حاجة…. انا عاوزة أروح بيتنا….
محمد بخبث:” قصدك بيتنا انا و إنت…
نور باندفاع:”لا لا….بيتي أقصد بيت بابا “.
محمد ضاحكا :”طب إهدي و إنت بقيتي
شبه الفرولاية…و لعلمك بقى إنت لازم تتعودي
عشان داه حيكون النظام من هنا و رايح….
و مفيش مرواح النهاردة إحنا إتفقنا حنقضي
النهار مع بعض و إلا إنت غيرتي رأيك…
نور بارتباك :” طيب خليني أقوم اكمل تمرين.
محمد بنفي و هو يقف من مكانه حاملا
إياها بين ذراعيه :” إيه داه هو إنت وزنك
كام؟؟
نور :”مش عارفة؟؟ يمكن خمسين..اااه
قذفها محمد قليلا للأعلى ثم عاد ليتلقفها
من جديد مقهقها على صراخها و مظهرها
الخائف قائلا بمزاح:”قصدك خمسة كيلو…
بس معاكي حق إنت مش محتاجة رياضة
إنت محتاجة شوية دلع و…..نور إحنا لازم
نتجوز “.
توسعت عينا نور بدهشة مما سمعته الان
و هي تتفرس ملامح محمد
التي تغيرت فجأة فمنذ قليل كان يمرح لكنه
في لحظة واحدة تحول ليصبح شخصا
آخر…
أنزلها ليقفا متقابلين أمام النافذة ليمسك كتفيها
بيديه الاثنين موجها إياها نحوه حتى تنظر
داخل عينيه مكملا بتصميم :” آخر الأسبوع
داه….و لو مش عايزة يبقى الأحسن كل واحد
فينا يروح لحاله…”.

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية الشيطان شاهين)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى