روايات

رواية جنة الإنسانية الفصل السابع 7 بقلم فاطمة رأفت

رواية جنة الإنسانية الفصل السابع 7 بقلم فاطمة رأفت

رواية جنة الإنسانية الجزء السابع

رواية جنة الإنسانية البارت السابع

جنة الإنسانية
جنة الإنسانية

رواية جنة الإنسانية الحلقة السابعة

…..
أسرع بخطواته القلقة ناحية ذلك التجمع الكبير..ولكنه وقف في مكانه!، بملامح مليئة بالصدمة..الممزوجة بالدهشة الكبرى؟ وكأن بشر ذلك المكان..جميعهم! يلتفون حولها هى، ثم ظهرت ملامحها من بينهم وهى تنظر لهم بنظرات الخوف!!، ثم رجعت بخطواتها للخلف قليلا..خشيةُُ منهم!
داوود بصوتٍ مرتفع غاضب : زمــــرد!!

انتفضت على نبرة صوته الخشنة، لتلتف برأسها ناحية ذلك الصوت التي تُجزم بأنها تعرفه جيداً…ولكنها لم تستطع رؤية داوود بسبب ذلك الحشد الذي حولها، بينما أسرع هو بخطواته ناحيتها، بعدما رأى نظراتِ الرجال التي تُفصل جسدها أنشاً أنشاً في عينهم التي يجب إغلاقها بالرصاص.
إبتعدوا هؤلاء الناس قليلاً للخلف كي يرسموا له طريقاً يسير اليه متوجههاً اليها..واحتراماً لمكانته ببنهم أيضاً….حتى وقف آمامها مباشرةً…بينما هى ناظرة له بعدم فهم ما يحدث!

داوود بضيقٍ مكتوم : انتِ ايه اللي نزلك؟!
ثم خلع سترته..ووضعها على كتفيها كي تستر جسدها الظاهر منه جزئاً من مفاتنها العلوية قليلاً..وذراعيها العاريتين، بينما هى عقدت حاجبيها بتعجبٍ شديد وهى تقول بصوتٍ منخفض: انت جبتني فين؟
لم يعطيها إهتمام ليجعلها تقف خلفه..كأنه ذلك الجدار الذي يحميها من…نظراتهم!، وهو ناظراً للرجالِ والنساء بملامح مليئة بالغضبِ العارم.

داوود بحزم: جرىٰ ايه؟، من امتى واحنا بنرفع عينينا على حريم؟
أنزل الرجال نظراتهم للأرض لشعورهم بالحرج من سؤاله هذا، بينما هى نظرت لهم بتوترٍ شديد..ليكمل هو بنبرة غاضبة: بدل ماتستروها واقفين تتفرجوا!!؟
إحدى السيدات بإستفهام: دي واحدة غريبة عننا!، مانعرفش جات منين ولا….
رفع داوود رأسه بحزم..بملامح وجهه الجامدة التي تدل على قوة شخصيته وهو يقاطعها قائلاً: الغريبة دي تبقا مراتي….

فرغت زمرد شفتيها بصدمة..لتتسع مقلتيها وهى ناظرة له، فأنىٰ حدث ذلك ومتى؟!..ليدير هو وجهه اليها وهو ناظراً لها بجمود…أما عن الجميع فـهم في صدمة كبرى..لتزداد بينهم الهمسات!، أي زواج هذا ما لم يعلن عنه!، لتشعر نهلة بتلك الصدمة التي تحتلها الآن والممزوجة..بالسعادة؟
ليكمل داوود بنبرة جادة وهو يسير بخطواته آمامهم بإستعراض: والحاضر يعلم الغايب، اللي هيرفع عينه على مراتي مرة تانية..هشيلهاله.

نظرت والدته الواقفة في الأعلى في تلك الشرفة.. لما يحدث بدهشة، لتضع يدها على إحدى وجنتيها بصدمة وهى ناظرة لهم…ثم تغيرت ملامحها للتوعد وهى تقول: ماشي ياداوود!..تتجوز من ورايا!!
ثم توجهت الى الداخل…آما عن الباقيين الذين واقفين آمامه آمائوا برأسهم بالإيجاب..كإشارة جسدية تدل على الطاعة.
داوود بثبات: نهلة.

نظرت اليه نهلة لتفهم مايقصده..عندما آشار لها برأسه ناحية زمرد، ثم توجهت اليها نهلة وأمسكتها من ذراعها برفق وهى تقول بإبتسامة لطيفة: تعالي نطلع فوق.
أما عن زمرد التي لم تستوعب حتى الآن مايحدث حولها!…صعدت معها وهى مازالت في وضع الصدمة!

ثم توجهوا الجميع الى أعمالهم ومنازلهم…وهم يتحدثون بصوتٍ منخفضٍ بينهم عن تلك المفاجأة التي لم يتوقعوها من… قبل!، بينما أسرع كرم الى داوود بخطواته الطفولية..حتى وقف آمامه وهو يأخذُ أنفاسه: مش هتلحق اللي حصل؟ مع….
تأفف داوود بإختناق..من تلك الأحداث التي فوق رأسه وهو يقول بضيق: عايز ايه تاني؟ مش كفاية الاخبار اللي جبتهالي.

أخذ كرم أنفاسه بصعوبة..ليضع يده على معصم داوود وهو يستند عليه ليقول..
كرم وهو يلهث: جمعتلك الرجالة ومستنينك عشان لو مالحقتهمش دلوقتي…
ثم تحولت ملامحه للسعادة الكبرى…ليزيل يده وهو يحرك يديه الإثنتين بسعادة غامرة ليكمل: هتقوم عركة كبيرة بين العيلتين ياكبيرنا.
رفع داوود حاجبيه بدهشة من تعبيرات وجه كرم المليئة بالسعادة الغامرة!
داوود بدهشة: (يخربيتك) وانت مبسوط؟!

إعتدل كرم في وقفته وهو ينظم هيئته ليقول بإبتسامة مرحة : عشان لو حصلت عركة مش هتوقف وبكدة هجيبلك اخبار جديدة ودة هيخليك تديني حلاوتي بزيادة.
جز داوود على أسنانه خلف شفتيه المغلقتين وهو ناظراً لكرم بغضبٍ عارم…بنظراته القاسية، ليقترب منه وهو رافعاً يده قليلاً ناحيته يريد قتله وهو يقول: امشي من وشي عشان ماارتكبش فيك جناية.

بينما رجع كرم للخلف قليلاً بخوف…ليستمعوا الى صوت صريخ بالأعلى..وصوت نهلة وهى تحاول فصل ذلك الإشتباك!، رفع داوود وجهه ناحية منزله بالأعلى وهو يشعر بأن ذلك صوت صراخ… زمرد!!
……………………
في دار الأيتام:
في الطرقة:

تسير بخطواتها المتعبة…بينما ممسكن بها فتاتين برفق وهن متوجهين بها ناحية غرفة ما، شعرت برعشة جسدها القوية…نتيجة لبياتها في تلك الغرفة المليئة بالماء، ولكنها لم تُرد أن تقدم اعتذاراً لمن أهانتها آمام الجميع بكل تلك السهولة!…أين كبرياء أنوثتها؟ ، أيعاقبونها على كبريائها!
إحدى الفتيات بنبرة قلقة: بسرعة..تميم بيه هيبهدلنا لو عرف اللي حصل.

أومأت الفتاة الأخرى برأسها سريعاً وهى تقول: مش هيحصل ماتقلقيش….
ثم نظرت لأفنان كي تنبها بعدم إخباره بأي شيء، لتكمل بقلق: وانتِ يا أفنان مش هتحكيله مش كدة؟
لم تعطيها أي إماءة برأسها..لتعبر لها عن ردها!،بل التزمت الصمت وتوجهوا الى تلك الغرفة واصبحت واقفة بها، وهى ناظرة آمامها…عينيها محتجزة حزنها بالداخل على ذلك الظلم من تلك المديرة البغضاء..قاسية القلب! ، مهلاً أتفكر في إخباره؟
……………………….
في الحي الشعبي:
في منزل داوود:

صعد على درچات السلم وهو يقسم بداخله أن ذلك صوت صراخ زمرد..وكأن أحداً يتهجم عليها ضرباً، ليدخل المنزل ويرى والدته تقوم بضربها بحذائها وعلى وجهها ملامح الغضب…وكأنها تقوم بتأديب ابنتها!، ونهلة تحاول ازالتها من بين يديها…أما عن زمرد لا تسطيع أن تدافع عن نفسها.
ثرية بغضبٍ عارم: فضحتينا بمنظرك دة في الشارع!

حاولت نهلة إبعاد زمرد عنها..بملامح بها الضيق وهى تقول بغضب: يا أمه سبيها يا أمة..كفاية!
داوود بنبرة قاسية: ثرية!!….

توقف الجميع واصبحوا كالتماثيل الناظرة اليه!، عدا زمرد!!..التي مازالت تحاول جذب خصيلات شعرها من تلك القاسية، ثم توجه اليهم وازالها من يدها وهو يكمل بقسوة شديدة: ايه اللي بتعمليه فيها دة؟!
ثم أدخل زمرد الغرفة قسراً عنها…بعدما كادت أن تخطو خطواتها ناحية الباب كي ترحل وهى تبكي كالأطفالِ…تماماً!!
داوود بغضب: ادخلي هنا.
ليغلق خلفها باب الغرفة بالمفتاح، ثم إستدار.. لوالدته الواقفة بعينيها المشتعلة بالغضبِ العارم!
نهلة مسرعة وهى عاقدة حاجبيها ببرائة بعدما لاحظت نظراته القاسية ناحيتها: والله ماعملتلها حاجة…
ثم أشارت بيدها ناحية والدتها وهى تكمل: دي هى.

آدار داوود وجهه لوالدته بصدره الذي يعلو ويهبط من إنفعاله الشديد…فكيف تجرؤ على اذية تلك الفتاة التي قرر أن يحميها من أي أذى!
داوود بغضبٍ مكتوم: فسريلي اللي حصل دة حالاً.
أرجعت نهلة خصيلات شعرها خلف أذنها وهى تخرج تنهيدات تعبها من ذلك الموقف…لتجلس على الأريكة وهى تزيل حجابها بتأفف.
ثرية بضيق وهى تحرك يديها: انت المفروض تديها على دماغها، الست هانم معرية نفسها قدام الناس!

داوود بصوتٍ مرتفع: انا جوزها…انا اللي قول مفروض ايه وايه لأ.
ضربت ثرية صدرها بيدها…كإشارة جسدية بالصدمة وهى ناظرة لعينين ابنها البندقتين، فكيف له أن يرفع صوته عليها..ولأول مرة!
ثرية بصدمة: بتعلي صوتك عليا يا داوود!..دي اخرتها!! ،بتعلي صوتك على امك؟….
ثم حركت فمها يميناً ويساراً..كإشارة جسدية تدل على الخذلان من ردة فعله، لتكمل بسخرية: والله عال!…دة احنا لسة ياما هنشوف.

كور داوود يديه بجوار خصره وهو يضغط عليها بقوة.. كي يكتم مشاعر غضبه، فهو لا يتحمل أذية تلك المسكينة في نظره….مهلاً إنه لديه قدراً من الإنسانية عن والدها الظالم!
داوود بغضبٍ مكتوم: اقسم بالله لو كان حد تاني اللي مد ايده عليها…لكنت قطعتها.
فرغت ثرية شفتيها بصدمة وهى ناظرة به…ثم أدارت وجهها لنهلة الجالسة على الأريكة تشاهدهم بملل.
ثرية بصدمة: بيقول الكلام دة لمين يانهلة؟، بيقولهولي انا؟

نهلة بنظرات ملل: لالا يامه بيقولهولي انا.
ثرية پإنفعال موجهه حديثها لابنتها: يامه! ،قولتلك مابحبهاش الكلمة دي….
ثم أشارت بيدها ناحية داوود وهى تتحدث بنبرة بها الغضب…كتعبير عن عتابها له عما فعله من فقدان عقل.
ثرية مسرعة بضيق: بدل ماييجي يبوس ايدي ويقولي حقك عليا..اتجوزت من غير علمك ياثرية!
رفع داوود وجهه للأعلى وهو ناظراً لنهلة بضيق كي يبدأ في عناد والدته وهو يقول: نهلة…

آداروا وجوههن له…بينما هو لاحظ من تلك الشرفة التي بجواره…وقوف السيدات والرجال وهم ينظرون لهم، ثم أكمل بحزم: تقومي تجهزي الشربات وتوزعيها على أهل المنطقة كلها….
وضعت ثرية يديها في خصرها وهى ناظرة له بضيق من كلماته التي تعلم أنه يعاندها، ثم أكمل بثبات: وقوليلهم داوود اتجوز.
نهضت نهلة من مكانها سريعاً..لترتسم على وجهها إبتسامة السعادة الغامرة بزواجه..أخيراً.

نهلة مسرعة وهى تشير بإصبعها السبابة ناحية عينيها الإثنتين وهى تقول: بس كدة!..عينيا.
ثم تركهم وتوجه الى داخل الغرفة بعدما فتحها بالمفتاح، بينما توجهت نهلة الى المطبخ كي تبدأ في تجهيز ذلك المشروب…أما عن ثرية نظرت حولها بدهشة، تشعر أن دمائها ستقف بسبب ابنائها!…ثم جلست على الأريكة وهى تدير وجهها للناحية الأخرى وهى تقول: بقا كدة!…
ثم ضربت بيديها على فخذيها..بملامح وجهها التي مازالت فاتنة وهى واضعة القليل من المساحيق التجميل الأنيقة..التي تظهر بأنها فتاة أربعينية وهى ليست كذلك! وهى تكمل: ماشي داوود..ماشي!
…………………………
وفي داخل الغرفة:

جالسة على ركبتيها أرضاً..وهى دافنة رأسها بين ذراعيها تبكي على حافة السرير مما حدث لها منذ قليل، ولكنها إنتفضت بسرعة فور إستماعها لصوت مفتاح الباب الذي يقوم بفتحه…ليدخل داوود آمامها بطوله الفاخر! وبشرته القمحاوية..وملامح وجهه الوسيمة، شعرت بالخوف من وجودها معه في غرفة واحدة…بينما هو أغلق الباب بالمفتاح جيداً ليتوجه اليها بخطواته وهو يقول بهدوء: انا اسف على اللي حصل، انتِ كويسة؟

زمرد مسرعة بنبرة خوف: ابعد عني.
عادت بخطواتها سريعاً للخلف…وهى مازالت جالسة أرضاً بصدرها الذي يعلو ويهبط رعباً، حتى إرتطم ظهرها بالكومودينو..بقوة شديدة! ،ثم إرتمت زجاجة المياة أرضاً لتتهشم لقطع بجوارها.
نظر داوود لما حدث ذلك..وهو لا يريد…ايذائها!، لتقف من مكانها…بقدميها التي ترتعش وعينيها التي تحولت للون الوردي من كثرة بكائتها الشديد..بعدما أخذت قطعة زجاج من الأرض،

ثم إقترب منها بخطواته..حتى وقف آمامها مباشرةً وهو يقول …
داوود بنبرة بها الإطمئنان: مش عايزك تخافي..
شعرت بقلبها الذي سيتوقف من دقاته..بصدرها الذي يعلو ويهبط، رغم نبرة صوته التي جعلتها تشعر بالدفء…قليلاً!، بينما هو أكمل عندما إقترب خطوة: انا بس….
زمرد مقاطعة بضيق شديد: انت!…انت خاطفني هنا، وحكمت عليا قدامهم اني مراتك، مرات مين؟!

عقد داوود حاجبيه بتعجب من حديثها..ليبتسم بسخرية تامة من حديثها الطفولي، ليرفع حاجبيه بإستفسار وهو يقول..
داوود بنبرة ساخرة: خاطفك!…انا؟
تحركت من مكانها قليلاً..وهى موجهه ناحيته تلك الزجاجة بيدها وكأنها تصطنع الشجاعة! ،ولكنه رأى الرعب في عينيها الذي كاد أن يقتلها.
زمرد مسرعة بغضب: طبعاً! بعد مالقيتني رفضاك، عجبتك!..روحت خاطفني وواخدني على هنا عشان تنفذ اللي في دماغك من قذارة!!

تحولت ملامحه للغضب الكبير من كلماتها الحمقاء…ألا تعلم بأن هناك أحد على هذه الأرض لديه بعضاً من الإنسانية ؟!، ثم أخذ نفساً عميقاً كي لا ينفعل…ليقترب بخطواته وهو يقول…
داوود بنبرة قاسية: زمرد! اوزني كلامك كويس معايا..يا إما!….
زمرد مسرعة : يا إما ايه؟،
رمشت بعينيها بخوف…ولكن لا تريد إعلان ضعفها آمام ذلك الرجل التي تعتقد أنه سيقوم بإيذائها! ،ثم أكملت بصوتٍ مرتفع وهى تعتزم الرحيل: انا دلوقتي هطلع افضحك واقول انك خطفتني…هقول انك..

إقترب منها سريعاً ليمنعها من الرحيل ليمسك ذراعها وهو يقول مقاطعاً بضيقٍ شديد: اسمعي وبلاش جنان.
زمرد مسرعة بإنفعال: ابعد عني.
وكادت ان تقوم بجرحه بذلك الزجاج الذي بيدها…إستطاع ان يزيله من يدها والقاها على السرير ليعقد يديها الى الاعلى…وهو فوقها!
زمرد مسرعة بخوف: لالا…ابعد لا.

حاول مقاومة قدميها التي تتحرك بهيستيرية من الرعب الذي ينهش بها، كي يغلق فمها الذي سيقوم بكشف أمرهما… وضع يده بصعوبة على فمها كي لا يجعلها تصدر صوتاً.
داوود بصوتٍ منخفض: اسكتي.
أصدرت أنينها..الذي يعبر عن معاناتها النفسية من إقترابه هكذا داخل عقلها!، لتنهمر دموعها…بينما هو أدار وجهه ناحية الباب…وهو موجهاً نظراته الحادة ناحية أسفل الباب وهو يرى ظل يسير من آمامه

الآن يخشى من أن يستمع اليهما أحد..كي لا تحدث كارثة ويقولون أنها ليست زوجته!
فبأي منطق تكون في غرفته من ليلةِ أمس إن لم تكن قد فعلت تلك الفحشاء معه!!
داوود وهو ناظراً لناحية الباب بنبرته الخافضة بتحذير: اياكي تطلعي نفس.
شعرت برعشة يديها التي تهتز بقوة..التي تحولت الى اللون الأزرق بسبب عدم وصول دمائها اليها…وقلبها الذي كاد أن يتوقف وهى تبكي بصمتٍ مجبور! أسفل يده، الآن تذكرت ذلك المتوحش الذي كان معها في الغرفة

ثم قام بمحاولة بالتعدي عليها جسدياً! ، إنها ترتعب من حدوث ذلك مرة…أخرى!، بينما إنتبه داوود على أثر إهتزاز يده من رعشة يديها بقوة!، ليدير وجهه اليها وهو ناظراً ليديها التي من اللون الأزرق…لينزل نظراته الى عينيها التي تبكي كالأطفال وهى ناظرة للارض خوفاً منه، أمسك يديها بإحتواء أكثر وهو مازال مكبلاً إياها وهو يقول…
داوود مسرعة بقلق: اللي بتعمليه في نفسك دة؟!! قلبك هيقف..اهدي.

شعرت بلمسات يده الهادئة ناحية يدها..بالإضافة الى انفاسه الحارة، هو ليس بداخله أي غرض لما في عقلها، ولكن خوفها كان أكبر من ذلك
شعرت بيده التي على فمها إرتخت قليلاً…لتنتهز هذه الفرصة ثم قامت ( بعضه في أصابعه بقسوة شديدة)..كادت أن تقطعهم!!، إبتعد داوود عنها سريعاً ليقف وهو ممسكاً بأصابعه وهو يغضط عليها بقوة…ليقول بغضبٍ كبير: انتِ مجنونة!، للمرة التانية بتعمليها!
بينما هى نهضت من مكانها سريعاً خائفة مثل الأرانب…ثم توجهت للناحية الأخرى من الغرفة، لتجلس في ركنة بعيدةُُ عنه وهى منكمشة بخوف.

زمرد بإصطناع الشجاعة قليلاً: هخرج واقولهم انك خاطفني واني مش مراتك.
نظر لها بغضب…بعينيه التي تحولت للقسوة فقد نفذ صبره من تلك الحمقاء، ثم حرك أصابعه في الهواء..وهو متحملاً تلك الدماء التي تنزف من أصابعه.
داوود بغضبٍ مكتوم: انا خلاص! صبري خلص معاكي….
ثم توجه اليها بخطواته…بينما هى إنكمشت في مكانها إكثر ليكمل هو بضيق قليلاً: عايزة تطلعي تقوليلهم ايه؟ انا مش مراته!

شعرت برعشة يدها التي هدأت قليلاً..ولكن مازالت الدموع ممتلئة عينيها، لترفع رأسها وهى تقول بحزن: ايوة.
مازال الغضب ممتليء يعينيه البندقية الواسعة..من تلك الحمقاء.
داوود بنبرة خشنة: تمام.
أمسك ذراعها بخشونة..ليجعلها تنهض وهو متوجهاً بها ناحية باب الغرفة، ثم شعرت بألم ذراعها..قليلاً!، فحتى من قسوته معها لا يستطيع ايذائها!
زمرد مسرعة : انت بتعمل ايه؟، سيبني!!

جذبت ذراعها من يده بقسوة لتقف آمامه وهى ناظرة لعينيه، بينما هو وقف في ثبات ليرفع رأسه بثقة.
داوود بنبرة واثقة: انزلي وقوليلهم الحقيقة…
ثم إقترب خطوة وهو ناظراً لعينيها الزمردة..فهو يعلم مايقوله جيداً، ثم أكمل بضيق: وقتها صدقيني أقل حاجة هيحدفوكي بالطوب لحد ماتخرجي من المنطقة..دة لو عرفتي تخرجي منها على رجلك اصلا!، وطبعاً انا معاكي في دة.
عقدت حاجبيها بتعجب وهى تستمع لحديثه المليء بالتهديد..ثم بلعت ريقها وهى تقول بتعجبٍ شديد : وهما هيعملوا كدة ليه؟

إبتعد عنها بضع خطوات….متوجهاً ناحية نافذة غرفته المغلقة وهو ينظر من زجاج النافذة بثبات وثقة، ليرجع يديه خلف ظهره وهو عاقدهما معاً بحكمة.
داوود بثبات: واحدة نامت في اوضته ليلة كاملة وعرفوا انها مش مراته…
ثم آدار وجهه اليها ليكم بثقة: هيكونوا بيعملوا ايه مثلاً! ،عايزة يأدبوكي ازاي؟
إمتلأت الدموع في عينيها أكثر بعدما شعرت بتلك الكارثة الكبرى!..التي أصبحت بها، وكل ذلك بسببه…هو!!

زمرد مسرعة بغضب: انت السبب.
إستدار اليها لينزل يديه…ثم جاء اليها بخطواته حتى وقف آمامها مباشرةً، أيساعدها وتكون تلك الكلمات له؟
داوود بجدية: بدل ما تشكريني اني حميتك من ابوكي!
بلعت ريقها وهى ناظرة لعينيه البندقية بتوترٍ شديد، بينما هو أكمل بإبتسامة ثقة: واحد غيري كان سابك مرمية بدمك وماكنش حد هيعبرك هناك حتى!!

نظرت لكل أنشٍ في الأرض وهى تبلع ريقها بخوف…فهذا ماكان سيحدث بالفعل، بينما هو أخذ نفساً عميقاً بجدية تامة، ثم توجهت بخطواتها الهادئة ناحية حافة السرير لتجلس عليه بإستسلام وهى ناظرة للأرض بتفكير.
زمرد بحزن: تقوم تحكم عليا بوضع انا مش عايزاه؟
ثم رفعت وجهها اليه لتنهمر دمعة من عينيها الزمردة…بينما هو رفع وجهه وهو ناظراً لعينيها بملامح جادة.
داوود بجدية: مش هتفهمي حاجة دلوقتي.

ثم إستمع الى صوت كرم صادراً من الشارع…فعلم أن تلك المشكلة تنتظره، ثم آدار وجهه اليها ليقول…
داوود بهدوء : كل اللي طالبه منك ماتنزليش الشارع، وامي هتيجي تبوس على راسك.
ثم توجه الى الباب وقام بفتحه بالمفتاح..وكاد أن يخرج، أوقفه صوتها الضعيف.
زمرد بحزن: انت ظالم…
آدار وجهه اليها، لتكمل هى بحزنٍ شديد: فارض عليا وضع غصب عني ..وحبستني هنا، ماتقنعش نفسك انك بتحميني كدة! ،انت مافيش فرق بينك وبين هشام.

مازالت ملامحه مليئة بالصمت!…ثم تركها وأغلق الباب خلفه بهدوء، لم يعطيها أي رد فعل على حديثها الغير ناضج في نظره!!
………………………
ومر وقت:
في تلك الغرفة:

دخلت خديجة بخطواتها المسرعة وهى مرتدية ملابسها الرسمية لرئيسة الخادمات في ذلك الدار، اخرجت تنهيداتها القلقة…تعبيراً عن خوفها من رد فعل تميم إن علم بما فعلته والدته.
خديجة مسرعة وهى متوجهه اليهم: بسرعة!..كل دة ولسة ماخلصتوش؟!

رأت أفنان واقفة وهم ينظمون لها فستانها الذي اعطاهم تميم إياه…كي يرى مظهره بها! ،ولكن لماذا؟.. لتنظم الفتاتين خصيلات شعرها مثلما كان، وواحدة منهم تضع لها أحمر الشفاه!
إحدى الفتيات بإستفهام وهى تنظم لها فستانها: انا مش فاهمة!..تميم بيه اشمعنى اختار افنان تكون الوجه الاعلاني لشركة الازياء بتاعته.
شعرت خديجة بالضيق من حديثها…الذي سيثير غيرة الفتيات منها، بينما عقدت زمرد حاجبيها بتعجب مما استمعت اليه!…لماذا اختارني انا؟

خديجة وهى مشيرة بيدها ناحية فستان أفنان بضيق: مش وقته كلام وخلصي بسرعة، بقاله نص ساعة مستني….
تأففت الفتاة بإختناق من عدم ردها على سؤالها، بينما نظرت اليها أفنان بتعجبٍ شديد..لتحرك رأسها قليلاً للجانب كإشارة جسدية بأخبارها أن هذا صحيح؟، ثم أكملت خديجة عندما شعرت بالضغط عليها من نظراتهن بنبرة بها التردد: ومين قالك انه اختار أفنان وبس؟، لا دة اختار بنتين تانيين غيرها وهيدخلوا المسابقة ونشوف مين فيهم، يلا خلصوا بسرعة.

ثم تركتهم وخرجت من الغرفة وهى تتحرك بقلق على ذلك التأخير الكبير..وهو بالطبع بإنتظارها في غرفة مكتب والدته التي غير موجودة!
بينما إبتسمت إحدى الفتيات ونهضت من مكانها..لتنظم لها ظهر الفستان القصير…الذي يصل لفوف الركبة مصمم بطريقة جذابة جداً!..لأنظار البشر وليس عارياً! ،بل إنه به ذوق عالي من التفاصيل.
إحدى الفتيات بإبتسامة : عارفة يا أفنان، لو كسبتي في المسابقة دي وتميم اختارك…

آدارت افنان وجهها للخلف..لتنظر لتلك الفتاة بتفكير، بينما أكملت الفتاة وهى ناظرة لأفنان بمكر: سهير هانم هتولع..دي فرصتك.
آدارت أفنان وجهها للآمام من جديد وهى تفكر في كلمات صديقتها، بالطبع إن فعلت ذلك ستتخلص من ظلم سهير لها..ولن تكون مجرد خادمة هنا!
لترجع الفتاة الأخرى للخلف وهى تقول بجدية: عندها حق، ولا انتِ عايزة تعيشي في الاوضة دي بقيت حياتك؟

نظرت أفنان لنواحي أخرى بتفكير أكثر دقة…الأن سيتغير كل شيء!، ستعلن الحرب على تلك الظالمة البغيضة…سهير!
………………………..
في الحي الشعبي:
في منزل داوود:

جالسة على المقعد الموضوع آمام الأريكة..الجالسة عليها والدتها، تركت نهلة خصيلات شعرها منسدلة للآمام والبعض منها في الخلف…تتحدث بإهتمامٍ..شديد، وهى تضرب يظهر يدها..بباطن يدها الأخرى.
نهلة وهى رافعة إحدى حاجبيها بإعتراض: طبعاً لما قالي الكلمتين دول روحت واخدة بعضي وطبيت عليه هو ومراته.
إنتفضت ثرية من مكانها…بعدما كانت تحتسي كوب الشاي في يدها، على أثر مااستمعت له من ابنتها من تهور! ، ثم وضعت كوب الشاي جانباً.

ثرية مسرعة بدهشة: بتقولي عملتي ايه؟!،….
ارجعت نهلة خصيلات شعرها خلف أذنها وهى ناظرة لوالدتها بغرورٍ وتعالي، بينما أكملت ثرية عندما ضيقت عينيها قليلاً بشك: اوعى تكون عملتلك حاجة؟
إعتدلت نهلة في جلستها..لتداعب خصيلات شعرها، ثم رفعت وجهها لوالدتها بتلك الإبتسامة المليئة..بالإنتصار! فمن تلك التي تجرؤ على الوقوف آمامها؟
نهلة بإبتسامة إنتصار وهى ناظرة لخصيلات شعرها الناعمة المموجة: لا طبعاً وهى تقدر؟!

إقتربت ثرية برأسها وهى ناظرة لابنتها…بإبتسامة سعادة منتظرة لرد فعل ابنتها في ما ترويه لها، فهى تبغض زوجته الأخرى بالطبع!…فابنتها أصبحت الزوجة الثانية، بينما إبتسمت نهلة بسعادة كبرى لتترك مابيدها..وفردت يديها بجوارها وهى تقول…
نهلة بإبتسامة مرح: خليتها تلم هدومها وتمشي وماترجعش تاني.
ثم أرجعت ظهرها للخلف بإبتسامتها المليئة بالسعادة…بينما إبتسمت ثرية واعتدلت في جلستها وهى تقول…

ثرية بإبتسامة فخر: جدعة…
ثم وضعت يديها على صدرها وهى تكمل بنظرات إعتزاز: بنتي، تربيتي انا….
تحركت نهلة بأنوثة وغرور قليلاً وهى مازالت جالسة في مقعدها، وهى ناظرة لناحية أخرى من كلمات والدتها التي تفتخر…بأفعالها!، ثم أكملت ثرية عندما وضعت يديها الإثنتين على فخذيها: وهو عمل ايه؟
تغيرت ملامح نهلة للخذلان سريعاً!…لتضغط على نصف شفتيها كإشارة جسدية بكتم داخلها مشاعر الضيق.

نهلة بإختناق: قعد قدام الباب مستنيها بالساعات!….
حركت ثرية فمها بإخفاء تلك الخيبة منه، بينما أسرعت نهلة عندما إقتربت من والدتها سريعاً وهى تحرك يديها: بس انا اديته على دماغه…آه! ،انا ماحدش يقل مني.
حركت ثرية يديها وهى مديرة وجهها لناحية أخرى..لتشعر نهلة بالضيق من أسلوب والدتها.
ثرية بنبرة سخرية: بلا خيبة!…

ثم فردت يديها آمام ابنتها في وضع الإستسلام وهى ملصقة المعصمين بجوار بعضهم وهى تكمل بضيقٍ شديد: وهى دي جوازة من الاساس؟!
ثم أنزلت يديها بإستسلام على فخذيها وهى ناظرة لناحية أخرى…لتضرب فخذيها مرة أخرى كإشارة جسدية بكتمان غضبها بالداخل.
نهلة بتأفف: يوه يامه بقا ماتضيقنيش…
ثم حركت يدها اليمنى وهى تكمل: انا اصلا روحي في مناخيري.

ثرية بغضب : مااضايقكيش!…بخيبتك جيالي يوم الصباحية تقوليلي انك مراته التانية!
تأففت نهلة بإختناق…لتنهض من مكانها وهى متوجهة ناحية المائدة لتسكب لنفسها الشاي وهى تقول بضيق.
نهلة بإختناق: بحبه اعمل ايه؟ ، فكرك لو قولتلكم اني هدخل على درة كنتم هتوافقوا؟
إستدارت ثرية الى الناحية الأخرى بجسدها، وهى مازالت جالسة على الأريكة…لتسند ذراعها على سطح ظهر الاريكة وهى تحرك يديها.

ثرية بنبرة لوم: بقا بنتي انا!…اللي كل الرجالة اللي هنا يتمنوا تراب رجليها!!، تروح تتجوز الجوازة المنيلة دي؟
ضغطت نهلة على نصف شفتيها لتحركه للجانب قليلاً وهى ناظرة لناحية أخرى بعدما وضعت يدها في خصرها.
نهلة بإختناق: نصيبي،…
ثم تغيرت ملامحها للهدوء عندما نظرت لباب غرفة نوم داوود التي بها زمرد…فلِما لم تخرج حتى الآن؟، لتكمل نهلة بجدية: استني كدة.

ثم توجهت ناحية الباب…لتطرق مرتين، ثم دخلت الى الغرفة…بينما عقدت ثرية حاجبيها لما تفعله تلك؟، لتخرج من الغرفة وهى ممسكة يد زمرد وهى تجرها خلفها بهدوء، لتجعلها تجلس على الاريكة بهدوء وهى تقول..
نهلة بإبتسامة سعيدة: خلاص انتِ واحدة مننا يعني لازم تقعدي معانا.
إعتدلت ثرية في جلستها لتعطيها جانبها بضيق، بينما نظرت لها زمرد بهدوء…لتنظر للأرض وهى منكمشة الجسد، فـ ثرية لا تريد أن تتحدث معها..بعدما طلب منها ابنها أن تقوم بمصالحتها!

ثرية بجدية: المهم حصل ايه بعدها؟
اخذت نهلة نفساً عميقاً لتخرجه في تنيهدة نفاذ صبر، لتضع يدها على ظهر يدها الأخرى بإستسلام وهى تقول..
نهلة بتمايل وضيق: حصل اني عايزة اطفشها ويبقا معايا انا.
ثم توجهت الى ذلك المقعد مجدداً وجلست عليه وهى تستمع لوالدتها، التي إعتدلت في جلستها وهى ناظرة لها.

ثرية بجدية: اسمعيني بقا، خلفيله واحد كمان.
امتلأت عينين نهلة بالصدمة الكبرى من حديثها!..فماذا عن ابنها التي نهضت من ولادته تواً!
نهلة وهى تحرك يديها بدهشة: خلفة تاني؟ ،دة انا لسة ماكملتش اسبوعين على الولادة !
حركت ثرية يدها بصرامة وهى تقول بغضب: اسمعي كلامي لو مرة واحدة بس!!

لم تنتبه اليهن زمرد…سوى انها كانت تنظر حولها وهى ترى تفاصيل ذلك المنزل وهى جالسة في مكانها.
نهلة بضيق: تقصدي ايه؟…دة مش طايقني!
اقتربت ثرية وهى تحاول أن تتفاهم معها كي لا يتركها زوجها.
ثرية بهدوء: هو انا اللي هفهمك دة برضو؟، البسي كام حتتين حلوين كدة واتدلعي قدامه….
نظرت نهلة لناحية أخرى بتفكير وهى تمضغ اللبانة، بينما أكملت ثرية بحذر: هما بييجي معاهم الحاجات دي، وبكدة هيبقا معاكي بدل العيل اتنين…وهيتربط جنبك.

نهلة وهى ناظرة لناحية أخرى بتفكير: وماله!..نخلف تاني،
ثم أدارت وجهها لزمرد..لتجعلها تشارك في الحديث بإبتسامة مرحة: انتِ رايك ايه يازمرد؟
ادارت زمرد وجهها اليها…بتلك الملامح الهادئة على وجهها، بنظرات عينيها المترددة..التي تدل على ضعف شخصيتها آمام من هم أقوى منها.
زمرد بتعجب: رأيي انا؟
تذكرت أنه لم يسبق لها أن يأخذ رأيها أي أحد من.. قبل!..حتى قد نست كيف تعطي رأيها في شيء.

نهلة بإبتسامة مرحة: اكيد…مش مرات اخويا.
ابتسمت ثرية بسخرية لتعطيها جانب جسدها مرة اخرى وهى لا ترغب بوجودها.

بلعت زمرد ريقها…لتشعر بقدمها التي إنكمشت قليلاً وهى ناظرة لهم.
زمرد بتردد: مش عارفة الحقيقة، ماحدش طلب رأيي قبل كدة.
عقدت نهلة حاجبيها بتعجب، لتدير رأسها لثرية…التي لم تعطي زمرد أي إهتمام، وهى مستديرة بجسدها للناحية الأخرى بملامح وجهها الصارمة.
ثرية بنبرة صارمة: انتِ مش اتأخرتي؟

انتفضت نهلة من مكانها…لتمسك حجابها بعدما نهضت من على المقعد وهى تقول بلهفة: آه صحيح!…
ثم أخذت حقيبتها الصغيرة وهى موجهة حديثها لوالدتها : ماتنسيش اللي قالهولك داوود.
عقدت زمرد حاجبيها بتعجب من تلك الكلمات!..فما الذي وصى به؟ ،ثم تركتهم نهلة وخرجت…بينما نظرت زمرد للأرض بملامحها التي تحولت للهدوء مجدداً .

بينما آدارت ثرية وجهها لتلك الفتاة الصغيرة ذات ال ١٩ عاماً، الآن تذكرت كلمات داوود وهو يخبرها بأن تقوم بإصلاح الامور بينهما قبل رحيله، بالطبع منذ قليل كانت معاملتها قاسية معها!…ولكن ماذا إن أصلحت الأمور كي يطمئن ابنها؟ ولا يحدث أي شجارُُ بينهم مرة أخرى.
ثرية بتنهيدة: وانتِ هتفضلي قاعدة (بالهلاهيل) دي كتير؟

رفعت زمرد وجهها اليها…بنظراتها المترددة، فهى ليست معها أي ملابس ترتديها سوى ذلك الفستان الممزق!
زمرد بهدوء: مش فاهمة..اعمل ايه؟
اخذت ثرية تنهيدة..وهى غير راضية عما تفعله، لتنهض من مكانها وهى تقول بصرامة: تعالي ورايا، اجيبلك هدوم نهلة تلبسيها…مش عايزين فضايح اكتر من كدة.
ثم توجهت ناحية باب المنزل…بينما نهضت زمرد وسارت خلفها وكادت ان تخرج، ولكن استدارت اليها ثرية فجأة!

ثرية بضيق: ماتزعليش من اللي حصل من شوية….
ادارت زمرد وجهها لنواحي اخرى…فهى الان تقوم باصلاح الأمور بينهما، بينما أكملت ثرية عندما وقفت في تمايل وهى واضعة يدها فوق ظهر يدها الأخرى : ايدي سبقاني دايماً ،بس اللي عايزاكي تعرفيه انك زي نهلة عندي.
زمرد بتعجب: وهى نهلة بتبهدليها كدة؟

تحولت ملامح ثرية للغضب الشديد لتقترب خطوة وهى ناظرة لعينين زمرد بحدة.
ثرية بغضب: واكسر رقبتها كمان…لو كانت نزلت بالمنظر اللي نزلتي بي الشارع دة….
ثم أخرجت تنهيدة راحة..لتعود لهدوئها من جديد وهى تكمل: قُصره…ماتزعليش، حقك عليا.
ابتسمت زمرد بهدوء لتومأ برأسها وهى ناظرة للأرض، ثم عاودت النظر لثرية من جديد وهى تقول: تمام انا….

اعندلت ثرية في وقفتها…لتسند يدها اليمنى على الباب وهى تقول مقاطعة إياها : وماتكونيش فاكرة اني بتأسفلك عشان عيونك لأ، دة عشان ابني مايزعلش.
عقدت زمرد حاجبيها بتعجب من كلماتها تلك، ثم انفجرت بها قائلة بضيق.
زمرد مسرعة بصوتٍ مرتفع قليلاٍ: مش عشاني!…دة انتِ بهدلتيني ضرب !!، ولا كإني حيوانة.
ثرية بانفعال: انتِ بتقولي الكلام دة لمين؟!!

صاحت بها هكذا بعدما تفاجئت من صوتها المرتفع في وجهها بذلك الحديث! وهى رافعة يديها الإثنتين بإتجاه زمرد، ،بينما صمتت زمرد وهى ناظرة لناحية أخرى لتقول…
زمرد وهى كاتمة غضبها: مش لحد.
رمقتها ثرية بنظرات ضيق..لتتوجه الى طبقات الدرج للاعلى وهى تقول…
ثرية بضيق: ورايا.
بينما اخذت زمرد نفساً عميقاً كي تهدأ من انفعالها امام تلك المغرورة، ثم وضعت يدها على جدار السلم وبدأت في الصعود خلفها.
………………………….
في دار الأيتام:
في غرفة مكتب سهير:

دخلت الغرفة وهى مرتدية فستانها الأنيق..واضعة بضع مساحيق التجميل..لترفع نظرات عينيها اليه..لتراه واقفاً آمام مكتب والدته وهو سانداً يده اليمنى على سطح المكتب..واليد الأخرى ممسكاً بها الصور وهو ينظر اليهم( صورهن)، ثم رفع نظراته اليها ليقول….
تميم بجمود: تعالي يا أفنان.
توجهت بخطواتها ناحية الفتاتين لتقف بجوارهن، وهن مرتدين نفس الفستان معاً…بينما هو لم يلفت انتباهه وعينيه! سوى تلك الفاتنة الواقفة بجوارهن.

شعر بشيء داخله يتحرك!…هل هى مشاعر؟ أم مجرد رغبة بها؟، مجرد رغبة ليست الا!…فزوجته لا تعطيه أي إهتمام سوى إهتمامٍ مصطنع!، بالإضافة الى عدم شعوره معها بأي عاطفة!…ولنضيف ايضاً معرفته بخيانتها له مع حبيبها الأول!، ولكنه لم يواجهها بعد!!
تميم بنبرة جادة: تمام زي مافهمتكم بكره على المعاد تكونوا في الشركة..تقدروا تمشوا.

إزدادت سعادتهن ليتطايروا من الفرح وهن يتمتمن بينهن، عندما أعطاهم داوود ظهره لينظر الى تلك الصور…بينما نظرت اليهن أفنان بتعجبٍ شديد! فهى لم تفهم حتى الآن ماعليها فعله!
ثم توجهوا الى الخارج معاً..وتبقت أفنان الواقفة لا تدرك شيء، ثم إستدار اليها تميم بجسده الرياضي المتناسق..بصدره العريض..ببشرته البيضاء وعينيه للسوداء ناظراً لها.
تميم بجمود: وانتِ كمان هتكوني في المسابقة معاهم….

ثم توجه اليها بخطواته الواثقة..بينما هى شعرت بعدم الارتياح من قربه المريب هكذا! ،ليكمل بثبات عندما اخرج شيئاً من جيب بنطاله وأعطاها إياه: ودة الكارت…بكره تكوني في الشركة في نفس المعاد.
أخذت منه ذلك الكارت بإبتسامة مترددة لشعورها بعدم الراحة التامة من نظراته!، ثم رجعت خطوة للخلف كي ترحل وتوجهت بخطواتها ناحية الباب ولكنه أوقفها بصوته.

تميم بجمود: الا بقا لو عايزة انتِ اللي تكسبي وتكوني الوجه الاعلاني لشركتي من غير مانختار بينكم!
توقفت في مكانها وهى ناظرة لعينيه السوداء..ككرتين من اللون الأسود بعينيها الزرقاء، بدهشة!..أيمكن ان تكون هى الفائزة؟..ولكن كيف؟!، بينما هو توجه اليها بخطواته ليقف امامها مباشرةً، لتبتسم بسعادة وهى ناظرة له أخيراً ستتخلص من الإهانة التي تعيش بها هنا!

وضع يده بجوارها على الحائط كي يحاوطها من كل مكان!!، تفاجئت من فعلته…لتشعر بدقات قلبها العليا بقوة!..وكأنه جعلها تخاف من الداخل.
تميم بجمود: بس دة لي تمن….
تغيرت ملامح وجهها ببطيء من نظرته تلك!..بعدما أخبرها بأنه سيأخذ منها شيئاً!!، هل هذا هو تمن حريتها؟…لتمتليء عينيها بالدموع المحتجزة…لتشعر انها مجرد دمية امامه! ، اقترب قليلاً بانفاسه بجرأة!، لتشعر بيده الضخمة التي وضعت في خصرها! وهو ناظراً
لعينيها ليكمل بنبرة ماكرة: وتمن غالي كمان.

كورت بيدها ذلك الكارت..ليصبح مجرد قطعة ورق على حجم نملة!، وهى ناظرة لعينيه محتجزة دموع عينيها…من اهانته لها الان قد ادركت مايقصده بالتحديد! ،يريد تمن حريتها وشهرتها!. .ثم انزلت يده من خصرها بقسوة لتلقي ذلك الكارت في وجهه….وكادت ان ترحل ولكنه جذبها من بدها!!
ليلتهم شفتيها في قبلة!!!…مهلاً! ،اهذه رغبة بها؟..ام انها مشاعر داخله لا يعرف كيف جائت ومتى؟!

تفاجئت من فعلته…ولكن سرعان مااستسلمت له!، شيء داخلها يخبرها بأن هذا تعرفه جيداً..وكأنه اقترب منها من قبل! ، ولكن في لحظة استيقظت من قبلته الشاغفة التي لم تعطيها لحظة للتنفس حتى!…استيقظت من تلك الغفلة التي وضعها بها!، ثم ازاحته بقوة…ليرجع للخلف خطوة، رأها تأخذ انفاسها وهى فارغة شفتيها يصدمة..دهشة!..زهول!! ،لا تستوعب انه حقاً فعل ذلك..والاكثر صدمة! انها استسلمت له!

لتصفعه على وجهه!..صفعة قوية بملامحها الغاضبة، تركته وخرجت من الغرفة بخطواتها المسرعة…وعينيها المليئة بالغضب العارم.. كيف حدث ذلك!! ، أنى لها ان تقع في ذلك الخطأ…تذكرت تحذيرات خديجة لها بانه يتسلى بها ليس الا! ، وضعت يدها على قلبها وهى تشعر بدقاته العليا…وكانه سيخرج من مكانه!، لا يمكن ان يكون قد وقع في غرامه بتلك السهولة!…الان تراه شخصاً قذراً لفعله ذلك الخطأ معها،

بينما هو واضعاً يده على أثر الصفعة منها وهو مديراً وجهه الناحية الأخرى، ليعتدل في وقفته وهو ناظراً لها..حتى غابت عن الأنظار ، لينزل يده ويشعر بداخله بمشاغر غريبة!، ليس غضباً من فعلتها!!..بل استفهام!!!
شعر بأنفاسها..واستنشق رائحتة أنفاسها، ليتأكد ان تلك كانت أنفاس..زوجته الأولى..قمر!!

آدار وجهه ناحية النافذة ليتوجه اليها وهو ينظر بها..ليراها تسرع بخطواتها في الحديقة متوجهه للمبنى الآخر الذي به غرف الخادمات، شعر بدقات قلبه المرتفعه..لقد كانت هى!..ايعقل ان تكونه زوجته؟!!، الذي لطالما بحث عنها منذ سنوات؟
……………………
في الحي الشعبي:
في منزل والدة داوود:

سارت بخطواتها متوجهه للصالة الرئيسية وهى مرتدية فستان يصل للركبة من اللون الازرق…بدون اذرع..بأكمامٍ عريضة فقط، ملتصقاً بخصرها كالحورية تماماً! ، ثم وضعت يديها على ( السفرة) بهدوء.. لقد أصبح الوضع رغماً عنها..جلوسها في ذلك المكان وتقمص دور أنها زوجته!، شعرت بالإختناق من ذلك الوضع فكيف ستجلس هنا اكثر من هذا؟ ، لالا بل ستخرج من تلك المسرحية… واليوم!

استيقظت من شرودها على صوت ثرية من داخل غرفتها وهى تقول: زمرد نزلي شنطة فيها الأكل اللي عندك لداوود.
تأففت زمرد بإختناق شديد…فهى لا تريد رؤيته حتى، ثم أخذت تلك الحقيبة التي بها الطعام.
زمرد بإختناق: حاضر.
ثرية بنبرة صوتها التي من الداخل بحذر: واوعي تنزلي كدة…حطي العباية السودا عليكي، داوود مش هيسكت.

توقفت في مكانها بعدما توجهت بخطواتها…ناحية باب المنزل لتخرج، ثم إبتسمت بخبث قليلاً…لتدير وجهها ناحية المقعد الموجود عليه عبائة من اللون الأسود، ثم نظرت آمامها وهى تنوي على ؟….اثارة غضبه!
………………………..
في الملهى الليلي:
في غرفة ليلى:

تسير في غرفتها ذهاباً واياباً وهى تفرك بيديها..بتوتر شديد!، نظرات عينيها المتوترة بشدة مما حدث منذ ليلة امس وهى مازالت على تلك الحالة!…قلبها يرتحف بقوة..ملامحها ترتعش من الخوف، اخذ تسير ذهاباً اياباً في الغرفة وهى تحاول تهدئة نقسها قائلة: اهدي..اهدي انتِ ماكنش قصدك، اكيد عايشة وكويسة ايوة!

استدارت بجسدها بتلك الابتسامة المصطنعة كي تحاول اخفاء توترها، ولكت ظهر امامها خالد الواقف في متتصف الغرفة!..وكأنه واقف من هنا منذ وقت!
خالد وهو مربع ساعديه امام صدىه بملل: بتكلمي نفسك ليه يا ليلى؟
شعرت بالتوتر الكبير وهى ناظرة له..لتبلع ريقها، وهى تقول بتردد: مافيش..كنت انا كنت ..
تقدم خالد خطوة وهو ناظراً لها بضيقٍ شديد وهو يقول…
خالد بضيق: في ايه يا ليلى؟

انفجرت به غاضبة..كي لا يكشف امرها امامه، والا يحبر سمر وهشام بما حدث.
ليلى بغضب محاولة اخفاء توترها: مافيش يا خالد…
ثم اعطته ظهرها لتسير في الغرفة وهى تفرك في يديها، لتكمل بضيق: ماتضغطش عليا انا اعصابي مش مستحملة من امبارح.
جاء اليها خالد ، ليمسك ذراعها بقسوة وجعلها تستدير اليه ليقول…

خالد بحزم: من غير لف ولا دوران..فين زمرد يا ليلى؟!!
فرغت شفتيها بدهشة وهى ناظرة له..لتتحول ملامحها للصدمة، أيعقل ان يكون شاهدها ام علم بشيء ما؟
ليلى وهى تبلع ريقها بتوتر: وانا اعرف منين؟
وكادت ان تخطو خطوة للخلف كي تبتعد عنه ولكنه جذبها بقسوة، لتقف امامه مباشرةً من..جديد!

خالد بقسوة: بصي في عيني وانتِ بتتكلمي، تقدري تكدبي على كله الا انا…
ثم تقدم خطوة لتشعر بأنفاسه الحارة تفوح في ملامح وجهها…بنظرات عينيها التي ترتعد من القلق، ليكمل هو بحزم: فين زمرد؟
لتاتي اليهم فتاة مسرعة..وهى ساندة يدها على الباب..مائلة بجسدها وهى تأخذ انفاسها بصعوبة!
الفتاة بنبرة صادمة:الحقو..سمر قتلت هشام!!

اداروا وجوههم اليها بصدمة كبرى مما استمعوا البه، ليتركها خالد وتوجه الى الخارج سريعاً وهى خلفه…اسرعوا بخطواتهم حتى دخلوا غرفة هشام، ليروا سمر واقفة وبيدها السلاح مرتخي من يدها!….لتشعر ليلى بأن قلبها سيقف..ثم اقتربت بخطواتها لترى هشام ملقى ارضاً..ونظارته محطمة!، وتلك الدماء محاكة برأسه!!!…فاتح عينيه الاثنتين!، لقد قتل برصاصة لي…رأسه!!!
و…………..
……………………
وفي الحي الشعبي:
في مكتب داوود:

جالساً على مقعد مكتبه الرئيسي، وآمامه..٦ مقاعد جالساً عليها ٦ رجال ومنهم إثنين كبار السن…ينظرون لبعضهم البعض بغضبٍ كبير..وكأن بينهم إنتقامٍ…شديد!
داوود بنبرة قاسية: يعني ايه واحد منكم يقطع ايد التاني؟!…
ثم وزع نظراته عليهم..ليكمل بصرامة : ايه؟…مالكوش كبير في المنطقة؟!

آدار إحدى الرجال وجهه الى داوود…بملامح غاضبة وهو يقول: هما اللي بدأوا ياكبيرنا..وكان لازم نرد.
داوود بجمود: وانا ماسمحتلكش تتكلم!
شعر الرجل بالإحراج…ليعاود النظر آمامه من جديد، ثم أخذ داوود نفساً عميقاً..ليخرجه في تنيهدة بملامحه التي بها الجمود، بينما جاء اليه كرم وهو يسرع في خطواته ليقترب من أذنه.

بينما آمال داوود قليلاً عليه كي يتحدث كرم ويخبره بذلك الخبر الجديد.
زمرد بإبتسامة: جبتلك الاكل.
انتبه داوود الى صوتها الأنثوي…ثم آدار وجهه اليها ليراها واقفة بفستانها الذي بدون اذرع ؟!، بحمالات عريضة فقط!..بخصرها الحوري الملتصق به ذلك الفستان القصير.
ليدير وجهه الى الرجال الذين ينظرون اليها بانتباهٍ شديد…ثم فرغ شفتيه بصدمة، لينهض من مكانه وهو ناظراً لها فكيف لها ان تأتي اليه هكذا!!و……

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية جنة الإنسانية)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى