رواية جنة الإنسانية الفصل الثالث 3 بقلم فاطمة رأفت
رواية جنة الإنسانية الجزء الثالث
رواية جنة الإنسانية البارت الثالث
رواية جنة الإنسانية الحلقة الثالثة
لم تبادله العناق..وظلت كالتمثال في مكانها..إنه الآن يعطيها الحنان فهل هو غيرُ سوي نفسياً!..أم إنه قد فقد عقله؟!
قامت بفرد كف يديها الإثنتين بجوار خصرها وهى تبلع ريقها وناظرة آمامها بصدمة…لتمتليء عينيها بالدموع فماذا يعني هذا؟!
أما عن سمر وليلى اللتان إحتلتا على وجوههن الصدمة الكبرىٰ…لينظرن هن الإثنتين لبعضهن، ثم عادوا للنظر لما يحدث آمامهن.
كانوا ينتظرون اذيته وقسوته لها..ولكن ما هذا؟!
لتسمع صوته الرچوللي بجوار أُذنها وهو يقول: إفتكرت لما كنتِ صغيرة..كنتِ بتجري عليا تحضنيني أول مابدخل من باب البيت ،فاكرة يا زمرد؟
بلعت ريقها لتنهمر دموع عينيها وهى مازالت ناظرة آمامها..لاتعطيه أي رد فعل! ،بينما هو أكمل بخفوض عندما شدد عناقه عليها: كنتِ لسة صغيرة..كنتِ لسة بنتي! ،لكن…
تغيرت ملامح وجهه وهو ناظراً آمامه لتتحول الى الغضب المكتوم..والشر بهما!، ليكمل وهو يجز على أسنانه: انتِ بنتها!..بنتها هى!!
يبعدها بذراعيه سريعاً عنه وكأنها جرثوم يخاف أن يقوم بإمراضه!!
لتظل هى ناظرة له بعدم فهم مايفعله!! ليكمل وهو ناظراً لها بتقزز : بنتها هى.
ثم أعطاها ظهره ليتوجه بخطواته لناحية أخرى كي يهدأ…بينما أخذ صدرها يعلو ويهبط وهى ناظرة للأرض تفكر فيما حدث وبما يفعله بها من تناقض!، بينما ليلى تشاهد كل هذا بملامح مليئة بالدهشة وهى لا تفهم شيئاً…أما عن سمر فمازالت ملامحها جامدة وثابتة وهى موجهه نظرات عينيها اليه، بعينيها التي توحي كأن نظراتها شاردة!..ولكنها تعبير بأن لا يوجد حياة بهما.
لترفع زمرد وجهها عندما مسحت دموع عينيها سريعاً وهى تقول بضيق: بالظبط..بنتها هى، عشان كدة بتاخدني بذنبها مش كدة؟ ،بتحاول….
ليستدير بجسده اليها وهو عاقداً حاجبيه بتعجب..كإشارة جسدية بإكمال حديثها الناقص، بينما هى أكملت بنبرة شجاعة: بتحاول إنك تنتقم منها فيا عشان أنا بنتها!، أد ايه انتَ مريض!
أنهت كلماتها لتشعر بدقات قلبها المرتفعة وهى لا تقدر على تلك المواجهةُ القاسية..
لتبتسم سمر بسخرية وهى ناظرة للأرض..ثم رفعت رأسها وهى تنظر له بعينيها، التي نصفها بـ(النظرات الناعسة) عندما إختفت إبتسامتها ،ليقترب من زمرد بخطواته وهو يقول بضيقٍ شديد: هى اللي وصلتلني لكدة، عشان…
لتقاطعه بملامح وجهها الثابتة: عشان أنا شبهها بتشوفني هى، لكن…
ثم إقتربت بخطواتها بنظرات التحذير وهى تكمل: مافكرتش لحظة إني ماليش أي..ذنب في اللي هى عملته.
هشام بثبات وجمود: ذنبك!..عايزة تعرفي ذنبك ايه؟ انك بنتها، هو دة ذنبك.
إحتجزت الدموع في عينيها كي لا تقوم بإظهار ضعفها أكثر من ذلك آمام هذا القاسي، لتهز رأسها بالإيجاب..مما يوحي بالسخرية الكبرى من حديثه المريض..المليء بالسلبية.
زمرد بنبرة ضعف: تبريرك مش هيغير حاجة، ليلة إمبارح خليتني أتبرىٰ منك.
شعر بالحزن الداخلي على ماقالته الآن..فمهما فعل الجاني يظن دائماً أنه هو المظلوم! ،فأنىٰ لها أن تقول أنها تتبرأ من ابويته؟..هذا ما أخبره به عقله
لتربع ليلى ساعديها آمام صدرها بثقة وهى مبتسمة بخبث لتقول…
ليلى بنبرة خبيثة: وبما إنك مابقيتيش بنته خلاص!، يبقا بقيتي واحدة مننا.
أداروا لها وجوههم..جميع من بالغرفة عندما أنهت جملتها، فهى تقول لها أنها أصبحت لا تختلف عنهم في ذلك (الرُخص) المُشين!
سمر بضيقٍ وتحذير: ليلى!
أدارت ليلى وجهها لسمر بإبتسامة مستفزة لتحرك رأسها ببرائة: ايه؟، هو أنا بقول حاجة غلط!..مش دة اللي هى هتبقى عليه؟
بينما نظرت زمرد لنواحي أخرى بتفكير!، وهى مازالت محتجزة دموعها داخل عينيها.
هشام بجمود وهو ناظراً لزمرد: كلامك مظبوط.
لترفع زمرد رأسها اليه سريعاً بعدما وافق على حديثها المقزز! ،وهى ناظرة لعينيه بنظرات عينيها الغاضبة…وملامحها الطفوليةُ الحزينة، بصدرها الذي يعلو ويهبط، بينما إقتربت سمر من ليلى وهى تقول بصوتٍ ثابت: يبقا انتِ ناوية تاخدي نصيبك من الضرب على إيدي النهاردة..
وكادت أن تقترب منها ولكنها أسرعت زمرد وهى ناظرة لعينين هشام لتقول بشجاعة: وأنا موافقة.
لتختفي ملامح هشام الواثقة!..فهو كان يعلم أنها بالتأكيد سترفض، فكيف لها أن توافق على هذا؟
لتصبح سمر كالتمثال آمام ليلى بعدما إستمعت إلى موافقتها..لتدير رأسها اليها وهى مازالت في مكانها.
سمر بنبرة شاردة ونظرات عينيها الناعسةُ الكئيبة: انتِ بتقولي ايه؟!
لتأخذ زمرد نفساً عميقاً وهى ناظرة لهشام وهى متمسكة بدموعها داخل عينيها..فهى الآن تشعر أنها ستنفجر من البكاء.
زمرد بصوتٍ ضعيف: مش انتَ المدير وقررت دة!..تمام أنا هعمل كدة ،بس إبقى جهز نفسك لكل واحد هيفكر يجيلي..هبعتلك جثته لحد عندك.
أنهت كلماتها بنظراتِ التهديد والقوة…لتخرج من مكانها سريعاً، بينما وزعت سمر نظراتها بينهم…لتخرج خلفها مسرعة، أما عن هشام رفع حاجبيه بإدعاء الدهشة..من تهديدها هذا!
……………………………..
وفي منتصف الطريق:
في ظل الشمس الحارقة..جالساً في سيارته يرى زوجته التي يقف آمامها حبيبها السابق، وهو يقوم بلمس إحدى وجنتيها بظهر يده بكل حنان!..وكأنه زوجها؟!
إمتلأت في عينيه غيرة الزوج وليست غيرة الحبيب..فمهما كانت هى زوجته وأُم ابنه، فمن هذا الذي يجرؤ على لمسها هكذا…لتتحول ملامح وجهه للغضب الشديد المليء بالغيرة..تعبيراً عن رچولته وليست مشاعره لها!
بينما فرح أزالت يده من على إحدى وجنتيها بعنف وقسوة وهى ناظرة لعينيه ببغضٍ شديد!، فهى لن تسمح له بلمسها هكذا.
فرح بضيقٍ شديد: امشي دلوقتي ياعمار والا…
لينزل من سيارته بعنف وغضب وهو يقول بصوتٍ مرتفع: فـــرح!!!
إستداروا هما الإثنين اليه بعدما إستمعوا لصوته الجهوري…لتبلع ريقها بصعوبة خوفاً منه ومن إحداث مشكلةٍ الآن، ليأتي اليهم بخطواته مسرعاً حتى أصبح آمام عمار مباشرةً..بعدما جذب زوجته خلف ظهره.
عمار بإبتسامة ثقة: تميم بيه بنفسه..أهلاً بيك.
لقد اإتسم تلك الابتسامة من غيرته منه!..ففي نظره قد أخذ حبيبته منه وتزوجها، حبيبته التي لا يستطيع حتى الآن أن يتخلص من غرامه بها!
عقله ناقص!..فكيف له أن يفكر حتى الآن في إمرأةُُ متزوجة!!
نظر له تميم ومازالت ملامح الغضب لم تفارق وجهه ليقول…
تميم بخشونة: واقف بتعمل ايه مع مراتي!
عقدت فرح حاجبيها بقلقٍ شديدٍ وخوف وهى تقول عندما وضعت يدها على ذراع تميم : تميم انتَ مش فاهم هو….
أدار وجهه اليها بغضبٍ عارم وعينيه بها القسوة بالإضافة لصوته وهو يقاطعها: انتِ تخرسي خالص.
إرتعدت من صوته الجهوري لتنظر للأرض سريعاً…وهى تشعر بدقات قلبها المرتفعة خوفاً منه، ليشعر عمار بالضيق! من معاملته بقسوة معها هكذا.
عمار وهو ناظراً لتميم بضيق: براحة عليها..دي مش معاملة!
رفعت فرح وجهها لعمار عندما إتسعت عينيها كإشارة جسدية بأن يصمت كي لاينفعل زوجها عليه، ليدير تميم وجهه اليه من جديد..عندما إعتدل في وقفته..ليرفع حاجبيه الإثنين وهو يقول..
تميم بتعجبٍ مصطنع: وانتَ هتعلمني أتعامل مع مراتي إزاي!؟…
ثم تشبث بياقة قميصة بإنفعال بيده اليمنى..وهو ناظراً لعينيه بفضبٍ عارم وهو يكمل: هتعلمني أعاملها ازاي ها!!
ليجتمع حولهم الناس عندما رأوا ذلك الشجار الذي مازال..في بدايته.
فرح مسرعة بترجي : تميم..تميم تعالى معايا عشان خاطري مش عايزين مشاكل.
ولكن إنقلبت ملامح عمار للغضب من تلك الإهانة عندما إجتمع الناس حولهم..لينزل يده سريعاً بغضب وهو يقول: إيدك ماتتمدش.
لتأتي آمام عينين تميم عندما مسح عمار بظهر يده على إحدى وجنتي زوجته بحنان!…ليكور يده ويعطيه ضربة في وجهه! ،لتضع فرح يديها على فمها سريعاً…
لتتدخل الناس سريعاً بينهم كي لايحدث تشابك، ثم إستدار وجه عمار على أثر تلك الضربة القوية..وخرج من فمه الدماء…ثم ضغط على شفتيه وهو كاتم غضبه ليعتدل في وقفته، ليقوم برد تلك الضربة مجدداً..وحدث بينهم تشابك..فلم يستطيع الناس إزاحتهم عن بعضهم من كثرة الضربات التي يعطوها لبعضهم بقسوة وعنف.
فرح مسرعة بخوف : تميم..تميم كفاية!
ولكنه لم يعبأ بها..لتخرج تنهيداتها بقلقٍ شديد.
…………………………..
وفي الطرقة:
أسرعت في خطواتها وهى تخرج تنهيدات بكائها..فلم تعد تستطع أن تتحمل كل تلك المشاعر السلبية داخلها أكثر من هذا، لتسرع خلفها سمر وهى تقوم بمناداتها بصوتٍ مرتفعٍ غاضب : زمرد!، إستني عندك.
لتتوقف في مكانها..ثم مسحت دموعها سريعاً، لتعتدل في وقفتها وتستدير لسمر، بينما جائت اليها سمر بخطواتها حتى وقفت آمامها مباشرةً
سمر بنبرة صوت به الضيق: دلوقتي تدخلي وتقولي إنك سحبتي كلامك.
نظرت زمرد لنواحي أُخرى بحزنٍ مكتوم..لتعاود النظر لسمر بعينيها التي أصبحت من اللون الأحمر..من بكائها وحزنها، ثم عادت للنظر إلى سمر من جديد وهى تقول: مش هيحصل.
نظرت سمر لعينيها وهى لا تصدق ماتسمعه ولكن مازالت ملامحها باهتة وصامتة!
سمر بنبرة هادئة: تقصدي ايه؟
زمرد مسرعة بصوتٍ ضعيف: أقصد اللي سمعتيه ياسمر.
تقدمت سمر خطوة بحذر وهى مازالت ناظرة لها، فكيف لها أن توافق على هذه الرذيلة!
سمر بنبرة بها الضيق: مش هيحصل ،مش هيحصل يا زمرد ،مش بعد كل اللي عملته عشانك..عشان أحميكي! ،وما أخلكيش واحدة مننا…
أدارت زمرد وجهها الناحية الأُخرى بحزن وهى محتجزة دموعها داخل عينيها، لتكمل سمر بصوت به الضيق: تقوليلي أنا هبقا زيك ياسمر!…
ثم أمسكت ذقنها..لتجعلها تدير وجهها لها لتهتم بما تقوله وهى تكمل : أنا ارخص من الزبالة اللي انتِ بتعدي عليها! ،عارفة دة ولالأ؟
نظرت زمرد لعينيها وهى عاقدة حاجبيها ببرائة شديدة…فبالطبع لا تريد أن تكون بذلك البؤس وتلك الحياة المليئة بالمأساه مثلها! ،ولكنها فعلت ذلك كي تعاند معه…حياتها وعلاقتها بوالدها مليئة بالقهر وعدم الإنسانية!
فما الفرق بين هذا وذاك؟ ،ولكن بالطبع يوجد إختلافُُ كبير بين الإرغام على فعل هذا الإثم وبين فعله بكل رضا!!
زمرد بصوتٍ ضعيف: مافيش حاجة هتتغير خلاص.
أمسكتها سمر من ذراعيها سريعاً..عندما كادت أن ترحل من آمامها لتكمل مسرعة: لا في..انتِ ادخلي وكلميه هو دلوقتي في لحظة ضعف اللي يخليه يجري عليكي ويحضنك هيخليه….
أبعدت يديها سريعاً بغضبٍ عارم وبكاء وهى تهتز بإنفعالٍ هادر: تمثيل…كله تمثيل منه ،ليه صدقتيه؟!…
نظرت سمر لعينيها، لتكمل زمرد والدموع تنهمر من عينيها الزمردة: دة مجرد تمثيل منه عشان ماحدش يحاسبه..فقال يبرر قدامكم، عمره ماحبني دة بيمثل!
ثم تركتها سريعاً وتوجهت للأسفل وهى تحاول مسح دموعها بظهر يدها.
بينما ظلت سمر واقفة في مكانها كالتمثال..تفكر فيما قالته لها…لتخرج تنهيدة توتر ،ثم أمسكت رأسها بيديها الإثنتين وأصابعها بين خصيلات شعرها الناعمة وهى تحاول التفكير في حلٍ ما.
…………………………
وعلى الطريق:
يسير بغضبٍ عارم على ملامحه..وهو ممسكاً بكوع ذراعها يجرها خلفه.
فرح مسرعة: عرفوا يفصلوك عنه بصعوبة ياتميم..ليه كل دة؟
ليوقفها آمامه بعنف وقسوة…وهو ناظرة لعينيها بغضب، بينما هى بلعت ريقها وهى ناظرة لعينيه بخوف.
تميم بضيق: ليه كل دة!، شايف واحد بيلمس مراتي عايزاني اقف اتفرج؟..ولأ….
ثم إقترب خطوتين وهو ناظراً لعينيها الجميلة بضيقٍ وخشونة ليكمل: دة كمان مش أي حد دة خطيبها القديم!
لتعقد حاجبيها بضيق فهى تعلم مايلقي اليها من كلمات بها تلميح!..أنها من الممكن أن تحن لحبيبها السابق!!
فرح بضيق: تميم ماتتكلمش معايا بالأُسلوب دة.
ليفرد ذراعيه آمامها كتعبير جسدي عن الإستسلام في أقل من ثانية لينزلهما من جديد وهو يقول..
تميم بإبتسامة ساخرة: عايزانا نتكلم إزاي يعني؟
رمشت بعينيها بتردد وهى ناظرة لنواحي أُخرى..لتعاود النظر له من جديد.
فرح بجدية: انتَ مش فاهم اللي حصل ،كل اللي حصل إنه وقف قدام طريقي فـ أنا…
تميم مسرعاً بجدية: فنزلتي من العربية ووقفتي تتكلمي معاه.
أغمضت عينيها بتعب وهى ناظرة لناحية أُخرى عندما أخرجت تنهيدتها، فهى تحاول أن تجعل حديثهم متفاهم ولكنه مُصر على ذلك المجرى الآخر من الحديث.
فرح مسرعة: تمام تمام..أنا غلطانة، لكن ماكنش ينفع اللي عملته دة ياتميم! ،من إمتى وانتَ بتتعامل مع الناس بالعنف دة انتَ كسرتله مناخيره ووشه إتدمر!
تأفف بإختناق من حديثها ليتركها ويرحل وهو يقول بتأفف: لسة هتقوليلي أتعامل وماأتعاملش.
إستدارت بجسدها اليه وهى واقفة بجوار سيارتها الخاصة.
فرح بضيق شديد: تميم!..تميم؟
ولكنه لم يعطيها الإهتمام كالعادة..ليركب سيارته ويرحل، لتتأفف هى بإختناق شديد من عدم إكمال حديثه معها وهى مديرة وجهها لناحية أُخرى ،ثم إستدارت إلى سيارتها وقامت بفتح باب السيارة..لتدخل اليها وتبدأ القيادة.
………………………….
وفي الملهى الليلي:
في غرفة زمرد:
واقفة آمام المرآه..مرتدية فستانها الطويل الذي بدون أكتاف..بأذرع فقط، من اللون..الأسود!، بجوارها فتاتين على الناحيتين..اليسرى واليمنى، فتاة تضع لها أحمر الخدود..والأخرى ترتب لها خصيلات شعرها
أما عنها فهى تغرق في شرودٍ عميقٍ..وهى ناظرة لذاتها في المرآة، لتبتعد عنهما وهى تقول مسرعة: دقيقة..دقيقة.
أمسكت فستانها الطويل لتعطيهم ظهرها ،ثم نظروا الفتاتان لبعضهم بتعجب من فعلتها!..لتتوجه هى لناحية أُخرى في تلك الغرفة وهى ناظرة للأرض بتفكير..هل هذا القرار كان صائباً ليقوم بكسر رقبة هشام!، أم إنه كان قراراً جحيماً!
أخذت نفساً عميقاً..لترفع رأسها وتخرجه بتنهبدة تفكير ،لتتذكر عناقه لها لأول مرة منذ ٩ سنوات!…ويأتي بعدها ذكرى إبتعداه عنها سريعاً عندما القاها بيده كي يبعدها عن عناقه ليجز على أسنانه وهو يقول” بنتها هى!”
لتتغير ملامحها للعندِ الشديد..لتقول في بالها أنها ستكمل في هذا القرار عنداً به ستجعل هذا المكان يُهدم فوق رأسه! وهذا هو إنتقامها منه، ثم أخذت نفساً عميقاً بتحدي لتستدير اليهم..لتبتسم بإصطناع وهى تقول..
زمرد مسرعة بإبتسامة: نكمل؟
نظروا لها الفتاتان لتعود إلى مكانها مجدداً وهى ناظرة للمرآه وهن يكملن عملهن.
………………………….
في دار الأيتام:
في غرفة مكتب سهير:
دخل تميم غرفة مكتب والدته برفقة خديجة التي تسير خلفه بهدوء..ويديها ممسكتين ببعضهما ومرفوعة قليلا بإتجاه صدرها ،وهى تقول..
خديجة بهدوء: الإعلامين قدامهم ١٠ دقايق وييجوا، هنعمل ايه؟
تميم وهو يدخل تلك الغرفة بنبرة بها الجدية: انا اللي….
توقف عن حديثه بهيئته الفخمة..وملامح وجهه الجادة ،بعينيه السوداء..وبشرته القمحاوية ،مرتدي حلته السوداء..ولكن كل هذا تم الغاءه …فور رؤيته لمن سرقت النوم من عينيه!
ثم أكمل بتنهيدة وهو ناظراً لـ أفنان: هستقبلهم!
فرغت أفنان شفتيها وهى ناظرة له على بُعد ٣ أمتار ،واقفة بجوار المكتب وبيدها تلك الفرشاه التي تُزيل بها الغبار
شعرت بالتوتر الكبير ،ثم إنحنت سريعاً وهى تضع الفرش والأقمشة بداخل ذلك الصندوق المصنوع من البلاستيك..لتعزم الخروج من الغرفة! ،ثم حملته بيديها وكادت أن تخرج
ولكن وقف تميم آمامها مباشرةً كي لا تخرج!
تميم مسرعاً بصوته الخشن: على فين؟…
توقفت أفنان في مكانها..بعدما وقف في طريقها بجسده العريض وهى ضئيلة جداً آمامه!
بلعت ريقها بتوترٍ كبير!..كيف له أن يتحكم بمشاعرها هكذا!!
رفعت وجهها لتنظر لعينيه…شعور يجتاحها بقوة! ،هل تعرفه؟..لكن أين رأته من قبل ،لا تتذكر شيئاً!
ثم أكمل تميم عندما تقدم خطوة ومازالت خديجة واقفة ناظرة لهم هم الاثنين: مش وراكي شغل؟..مش معنى إني دخلت يبقا هتوقفيه وتمشي ،ولا ايه؟!
قال كلماته ونيته أن تكون معه في تلك الغرفة ،لا يعرف ما الذي يجذبه اليها هكذا!
نظرت أفنان لخديجة رئيستها لـ كي تعطيها الأمر بذلك.
ثم أومأت لها خديجة بهدوء كي تكمل عملها، ثم توجهت أفنان لسطح مكتب سهير مجدداً ووضعت ذلك الصندوق، بعدما إبتسمت بتوتر له..لكن ما الذي جعل خديجة مطيعة هكذا لـتميم؟
مهلاً ما الذي دار بينهم ليلة أمس؟!…
……………………..
Flach back:
خرج من الغرفة..وإبتعد عنها قليلاً ،ليقف بعيداً وهو ناظراً لناحية أُخرى وعلى ملامحه الضيق
كيف تصبح خرساء؟!..لا تتحدث!!، كان يريد أن يستمع لصوتها
ولكن!..هو يعلم بتلك العينين جيداً
تشبه عينين زوجته الأولى! قبل أن يدخل في غيبوبته التي إستمرت ٤ سنوات
ثم أغلقت خديجة باب الغرفة..لتتوجه اليه بخطواتها المسرعة، ووقفت آمامه وعلى ملامحها الجدية.
خديجة بجدية: تميم بيه سهير هانم لو عرفت باللي حصل دة هتمشيني من هنا!…
تميم مقاطعاً بضيق :ليه؟!…
صمتت خديجة وهى ناظرة له بتوتر..إنه يوقعها في الحديث!..كي تعترف بما يخبؤنه خلفهم ،ثم أكمل عندما تقدم خطوة وعلى ملامحه الجدية
:ماردتيش يعني!..ايه اللي هيضايق سهير هانم؟
بلعت خديجة ريقها..لشعورها أنه يشك بالأمر ،ولكن لا!..هو لم يشك بالأمر..بل إنه يريدها أن تعترف!
خديجة بتوتر: أقصد..إن..إن…
إختنق من توترها لذلك يأخذ نفساً عميقاً ،ثم رفع حاجبيه بإختناق وهو يقاطعها..
تميم مقاطعاً: إن ايه؟
خديجة مسرعة: إنك جيت في الوقت دة والبنات نايمين..دة شيء مايصحش.
قالت كلماتها بسرعة فائقة من كثرة توترها، ثم أخرجت تنفساتها وهى تحاول إخفاء توترها..بينما هو مازال ناظراً لها بجمود وجدية..وعينيه الثابتة بحدة.
تميم بجمود: تمام!..دلوقتي تسمعيني كويس…
أخذ صدرها يعلو ويهبط..فور إقترابه خطوة للآمام وهو ناظراً لعينيها بنظرة ثابتة! ،كيف له أن يتجرأ ويصبح آمامها هكذا..وأنفاسهم تتعانق..كاشارة جسدية بالتهديد بوقفته تلك.
ثم أكمل بنبرة جادة: كل حاجة بتحصل هنا تخص أفنان..هتبلغيني بيها، تمام؟
فرغت خديجة شفتيها وهى ناظرة له بقلق ،ماذا ستفعل إن علمت مديرتها بذلك؟!..والأمر بينها هى وسهير يخفوه عن تميم!
خديجة بتوتر: بـس.. !،……
تميم مقاطعاً بحدة: من غير بس ،انتِ تعملي اللي بقولك عليه ،وإلا…
إبتعدت خديجة خطوة للخلف قليلاً خشية من إقترابه المفرط!..والجريء!! ،ليكمل وهو ناظراً لعينيها بنظرة بها الأمر
: أنا اللي همشيكي من هنا مش سهير هانم!
قال جملته بنبرة بها التهديد ثم تركها ورحل..بينما هى مازالت واقفة! ،لا تعرف ماذا تفعل إن الإثنين يأمروها بتناقض
عقدت حاجبيها ببرائة بعدما رحل..أي أوامر ستنفذ ولمن؟!
……………………….
نعود للوقت الحالي:
خديجة مسرعة: بسرعة يا أفنان…
إنتبه تميم لصوتها ثم إستدار اليها برأسه فقط، شعر أنها تريد أن تخرجها من الغرفة بعدما علمت نيته أن تكون معه هنا !
……………………….
وفي الملهى الليلي:
في الدور السفلي الرئيسي:
جالسة على مقعد ما آمام الرخام..وبيدها كأس به المشروب المُحرم..لتأخذ منه رشفة سريعة، ثم إنحنت قليلاً..كإشارة جسدية بعدم إتزانها..وعدم إتزان عقلها حاليا! ،والشاب الذي يبلغ من العمر ٢٦ عاماً واقفاً آمامها ببشرته البيضاء وعيتيه البندقية بخصيلات شعره البنية، يقوم بمسح الكأس بالمنشقة.. وهو يتأمل ملامحها وبعينيه الغرام المكتوم!…حبه الخفي لها، فهو لا يقدر على مواجهتها بمشاعره الشاغفة ،فبالطبع هشام إن علم سيقوم بقتله!
مختار بجدية: سمر..كفاية ، من إمتى وانتِ بتشربي؟
إعتدلت في جلستها بصعوبة..لترفع رأسها له وهى تبتسم بعدم إدراك! ،وهى تقول: من دلوقتي.
ثم وضعت يدها أسفل ذقنها وهى تقوم بإسنادها على الرخام..بينما هو شعر بأنه يغرق في عينيها وإبتسامتها فهو لأول مرة يراها تبتسم منذ أن رآها هنا..ولكن بالطبع هى ليست مدركة لهذا حالياً.
مختار بإستفهام: انتِ لسة بتجيلك الكوابيس دي من تاني؟…
لتهز رأسها بإيجاب وهى مازالت بتلك الإبتسامة البلهاء، لينظر لها بأسف وتعاطف..فهو يعلم جيداً أنها تعاني..لذلك توجهت إلى هذا الطريق الخطأ.
ليكمل بهدوء: كفاية ياسمر ،الشُرب مش هينفعك.
قال ذلك ليقافها عن الإستمرار في الشُرب
فهو ليس معتاداً على مظهرها هكذا، لتبتسم وهى تشوح بيدها التي كانت أسفل ذقنها وهى تقول بلامبلاه: خلاص خلاص، أنا هطلع أنام دلوقتي…عشان حاسة دماغي بتلف.
ثم نهضت من مكانها..لتتوجه بخطواتها، وكادت أن تقع جانباً من إنعدام توازنها…ليسرع اليها مختار سريعاً بخطواته وهو يقول بقلقٍ شديد: خلي بالك ياسمر.
ثم امسكها سريعاً قبل أن تقع، لتنظر لوجهه وهى مبتسمة إبتسامة بلهاء أظهرت أسنانها وهى تقول: مختار!
تأفف بإختناق من عدم إستيعابها للعالم الخارجي..فمازالت متأثرة بما قامت بشُربه، ثم أمسكها من ذراعها وهو ضاممها اليه بحنان وهو يقول: تعالي أنا هساعدك.
ليتوجه معها وهو يسندها متوجهين للأعلى إلى غرفتها حتى وصلوا الغرفة.
وفي غرفة سمر:
توجه معها إلى ناحية السرير بعدما قام بفتح الباب..ليحاول قدر المستطاع أن يتمسك بها جيداً كي لا تنحني جانباً هنا وهناك هكذا بتراخي! وعدم إتزان، ثم وصلوا إلى السرير لينحني قليلاً كي يضعها عليه…ولكنها كالعادة في هذا اليوم من تأثرها من ذلك المشروب المحرم انحنت سريعاً بإهمال…ليمسكها قبل أن تقع أرضاً، لتلصق شفتاهم معاً في قبلة غير مسبقة!..وغير متوقعة بينهم…ليُصدم هو مما حدث أما هى..فهى في عالمٍ آخر!!
بينما هى لا تدرك مايحدث الآن..ولا تشعر بأي شيء، لتبتعد عنه بإبتسامة وهى ناظرة لعينيه ،آما هو شعر بدقات قلبه التي كادت أن تخرج وهو ناظراً لعينيها، ماذا سيحدث إن أدخلها أحضانه وجعلها تشهد على مشاعره لها؟..عقد حاجبيه وهو متأثراً بتلك اللمسة على شفاهه منها،
ولكن دعونا نرى هذه الكارثةُ الكبرى!..وهو هشام؟!
الواقف عند باب الغرفة فارغاً شفتيه قليلاً مما رآه آمامه! ،العامل الذي يعمل في هذا المكان مع حبيبته هو في قبلة تجمعهم معاً!!
وهى عشيقته..فكيف يجرؤ على هذا؟ و…….
…………………………
في الطرقة:
خرجت زمرد من غرفتها بعدما فتحت الباب، تاركة خصيلات شعرها البنية منسدلة على ظهرها وقُصة على إحدى وجنتيها تخفي عينيها اليمنى قليلاً ،ثم أغلقت الباب خلفها وعلى وجهها الجمود!
نعم ستذهب إلى ذلك الرجل الآن ولكنها ستكون ليلته..الأخيرة؟!
لتشعر بيد رجل خشنة ضخمة..قد أمسكت بكوع ذراعها برفق ،لتدير رأسها إلى ذلك الحارس المرتدي بدلة بجسده العريض الضخم آمامها ،لتتأفف بإختناق وهى ناظرةُُ آمامها
لقد علمت الآن أن هشام بالطبع قد أرسله لكي يتأكد أنها دخلت إلى غرفة ذلك الرجل..ياله من لعين ..مريضُُ نفسي.
الحارس بجدية: كفاية وقوف كدة عشان هنتأخر.
جذبت ذراعها من يده وهى ناظرة لعينيه بتمرد لتقول: أنا همشي لوحدي.
ثم إبتعد الحارس عنها خطوة للخلف بهدوء كي يسمح لها بالذهاب ،لتتركه بنظرة غاضبة..وعلى وجهها ملامح الغضب !
ثم توجهت إلى غرفة ذلك الرجل الذي ينتظرها بالداخل..لتقوم بالدخول ولم تقوم بطرق الباب! ،لتقف في ثبات كالرجل داخل الغرفة، وهى ناظرة له وعاقدة حاجبيها بغضبٍ شديد!
بينما هو ظل معطيها جانبه ينظم ملابسه من الأعلى ،ولم ترى وجهه حتى..الآن!
ثم وضع ذلك الحارس يده على كتفها كي يجعلها تجلس على ركبتيها كنوع من أنواع الطاعة وكأنها جارية!!
ولكنها ظلت واقفة في ثبات لا تريد أن تجثو أرضاً…ولكن الحارس أصر أن يجعلها تجلس ليضغط بيده على كتفيها بقوة للأسفل..لتجلس قهراً عنها
على ركبتيها ،لتقف سريعاً على ركبتيها وهى فاردة جسدها بكبرياءٍ كبير
ليرحل ذلك الحارس وأغلق الباب خلفه بالمفتاح!
بينما هو إستدار اليها بجسده العريض..الرياضي المتناسق ،ببشرته القمحاوية وعينيه البنية الجذابة ،ثم نظرت هى إلي اقدامه التي تقترب اليها ببطء وثبات وصدرها الذي يعلو ويهبط وهى غير راضية عما يحدث
ثم مد يده أسفل ذقنها برفق كي يرفعه للأعلى ويرى ملامح وجهها
ولكنها أسرعت في عض إصبعه السبابة!!
قد عضته بغل كبير…ليزيل إصبعه سريعاً من فمها عندما تأوه وهو يقول…
داوود مسرعاً بضيق: ايه اللي انتِ عملتيه دة انتِ مجنونة؟!!
ثم أمسك اصبعه الذي كاد أن ينقطع بين أسنانها!..قد أمسكه بيده بقوة كي يوقف ذلك النزيف ،فمن الواضح أنها مليئة بالعدوانية ناحيته بألا يلمسها مطلقاً.
زمرد بضيق: لو قدرت تلمسني تاني..هعمل أكتر من كدة.
ثم نهضت من مكانها لتقف في ثبات…بملامح وجهها التي توحي بالشجاعة ،بينما هو أدار وجهه اليها..ليعقد حاجبيه بتعجب.
داوود بتعجب: أكتر من كدة؟!…
ثم تقدم خطوة وهو ناظراً لعينيها ،فبأي جرأة تتحدث معه بتلك القوة!…ثم إبتعدت خطوة للخلف وكادت أن تتوجه إلى الاريكة كي تجلس..ولكنه أمسكها من كوع ذراعها سريعاً قبل أن تخطو خطوة من آمامه وهو يقول..
ليكمل بجدية: وهتعملي ايه بقا أكتر من كدة!؟
أخرجت ذلك الخنجر سريعاً من معصم ذراعها الذي كان مخبأ خلف إحدى أكمام فستانها الأنيق…ثم أزاحته للخلف ليرتطم ظهره بالحائط وهى واضعة الخنجر على رقبته بتهديد…ويدها الأُخرى ممكسة بلياقة قميصه!!
وهى ناظرة لعينيه بحدة كبرى!..تمرد بعينيها لا يمكن وصفه ،بينما هو ناظراً لها بعدم إستيعاب جرأتها تلك وتمردها !
ثم أمسك معصم يديها الإثنتين..وأدارها سريعاً وبإحترافية لتصبح هى مكانه وهو مكانها!!
ليجعل ذراعها المُمسك بالخنجر ملتصق بالحائط وهو واقفةً آمامها مباشرةً، مُمسكاً بيديها الإثنتين ،ناظراً لعينيها بغضبٍ شديد..قسوة في عينيه! و….
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية جنة الإنسانية)