رواية جنة الإنسانية الفصل التاسع 9 بقلم فاطمة رأفت
رواية جنة الإنسانية البارت التاسع
رواية جنة الإنسانية الجزء التاسع
رواية جنة الإنسانية الحلقة التاسعة
رفعت وجهها اليه..لتنهض من مكانها وعينيها محتجزة بها الدموع! وهى تقول: انا مش هقعد هنا دقيقة واحدة بعد اللي عرفته.
عقد داوود حاجبيه بتعجبٍ شديد!..ليحرك رأسه للجانبِ قليلاً كاشارة جسدية بالاستفهام؟
داوود باستفهام: وايه اللي عرفتيه؟
زمرد بنبرة حزنٍ مكتوم: انك خطفتني وجبتني هنا عشان تخلي البوليس يقبض عليهم.
ابتسم بسخرية بجوار شفتيها..ثم اعتدل في وقفته ليضع المفاتيح جانباً وهو يقول..
داوود بنبرة ساخرة: امال انتِ فاكرة هيفلتوا باللي بيعملوه؟….
ثم اخذ نفساً عميقاً ليخرجه بتنهيدة ثقة..ليضع يديه في جيوب بنطاله وهو يقول بجدية: وبعدين احنا مش اللي هنقولوه هنعيدوه!، انا ماخطفتكيش.
تحولت نظراتها الى الضيق الشديد منه ومن ثقته الزائدة بنفسه! ثم اقتربت بخطواتها وهى تقول بضيق: وماخدتنيش لسه معاهم مش شايفني منهم؟
نظر لها بغضبٍ عارم لينزل يديه من جيوب بنطاله ثم تقدم خطوة وهو يقول بحدة: لا انتِ مش منهم، انتِ غيرهم.
زمرد بحزن: ليه؟..مش كنت هبقى معاك يومها؟ ابقى ازاي مش منهم!
تغيرت ملامحه للهدوء وهو ناظراً لعينها الممتلئة بالدموع التي تضعفه امامها، ثم وضع يده على احدى ذراعيها بحنان وهو يقول بنبرة شاغفة: زمرد انتِ عمرك ماهتبقي منهم، انا….
ازالت يده من على ذراعيها لتبتعد عنه والدموع تنهمر من عينيها كالطفلة الصغيرة وهى تقول: وهى مش منهم انا عارفاها، ماكنش ينفع تخليهم يحبسوها.
اعتدل في وقفته ليكتم غضبه ولا ينفعل عليها..فبطبيعة شخصيته العصبية جداً امام الجميع، ولكنه معها يظهر جانبه اللين!
داوود بحزم: وانا ماليش دعوة، البوليس هو اللي يقول معاهم او لأ.
مسحت دموعها بيدها وهى ناظرة لناحية اخرى بحزن.
زمرد بحزن: تمام وانا همشي من هنا ، مااقدرش اقعد معاك في مكان واحد.
جز على اسنانه خلف شفتيه المغلقتين وهو كاتم غضبه امام طفولتها تلك.
داوود بضيق: زمرد اعقلي معايا و…..
ادارت وجهها له بسرعة وهى تقول بضيق: مش هعقل، ازاي عايزني اقعد مع واحد حابس اختي؟
رفع داوود وجهه للأعلى ليخرج تنهيدة نفاذ صبر وهو يقول: ربنا يديني الصبر من عنده،
ثم اقترب منها مجدداً بخطواته وهو يكمل بجدية: اقعدي عشان نتفاهم.
ابتعدت عنه وتوجهت ناحية باب المنزل لكي تخرج وهى تقول بضيق: مش هتفاهم، ومش هتشوف وشي تاني.
جذبها من معصم يدها لتصبح امامه مجدداً وصدره ملتصق بها وهو ناظراً لعينيها، بينما هى شعرت بضربات قلبها القوية…وكأن نظرات عينيه تحتويها من كل جانب، لا تستطيع ان تنظر لأي ناحية اخرى!
سوى عينيه السوداء الجذابة، ليشعر هو بأنفاسهم التي ترتطم معاً بحرارة..بداخله دافع كبير يخبره بأن يقترب اكثر!…ماذا سيحدث؟
رائحتها الجذابة تنظف روحه من الداخل لتغريه على الاقتراب منها، ولكنه مازال واقفاً كالبناء الصلب الذي لا يريد ان يقترب او يبتعد!
داوود بنبرة حازمة: خدتك عشان انتِ لازم تبقي معايا لازم احميكي، وهتفضلي معايا هنا…
نظرن لعينيه وهى ترى التملك بهما!..هذا ليس حباً بل انه يريدها فقط؟!، الا يرى ذلك الفرق في العمر الذي بينهم؟
انه لا يرى اي شيء سوى عينيها…فقط!
ليكمل هو بجدية: من غيري مش هتعرفي تتصرفي ، ولا هتعرفي تكملي لوحدك.
عقدت حاجبيها بضيق بعدما استمعت لكلماته التي اشعلت الضيق بها واخفت تلك الطفولة قليلاً
زمرد بضيق: ليه؟ انتَ مش واصي عليا…
ثم ابتعدت عنه وهى تكمل بضيقٍ شديد: وهعرف اتصرف من غيرك.
اعتدل هو في وقفته وهو ناظراً لها بضيق ليحرك يديها كاشارة جسدية بالإلزام ليقول بضيقٍ كبير : هتلاقيني معاكي برضو…ومهما روحتي هتلاقيني موجود.
زمرد بضيق: وانا مش عايزاك معايا.
ثم تركته واخذت بضع الورقات النقدية التي على الكومودينو ،لتفتح الباب وكادت ان تخرج..ولكنه اوقفها بصوته الخشن: زمرد…
التفتت اليه برأسها فقط وبملامحها المليئة بالغضب تجاهه، بينما هو اعتدل في وقفته بتحدي وهو يقول :هترجعي وهتحتاجيني..ماتنسيش دة.
لم تعطيه اي إجابة…ثم توجهت إلى الخارج وأغلقت الباب خلفها.
………………………….
في الاسفل:
نزل داوود بخطواته من على درچ منزله القديم، ثم خرج من ذلك المدخل ليراها واقفة هناك معطياه ظهرها وهى مرتدية فستانها الذي يصل لاسفل الركبة من اللون الازرق بنصف اكمام…ملتصق بجسدها الحوري، تقدم خطوتين وهو ناظراً لها…يريد ان ياخذها من يدها ويخبرها بان لا ترحل ،ولكن لا سيتركها الان…فهو يعلم انها ستأتي…حتماً!
ثم اخرج تنهيدة نفاذ صبر…ليتوجه بخطواته الثابتة بملامحه المليئة بالجمود كي يهابه الجميع، حتى وقف امام ورشته وهو مازال ناظراً لها بجمود ليقول: كرم تعالى هنا عايزك.
خرج كرم من الداخل وهو يسرع بخطواته ليقول : نعمين يا معلم.
لتوقف زمرد سيارة تاكسي…وتدخل به، بينما وضع داوود يده على كتفه ليتحدث بصوتٍ منخفض: عايزك تروح وراها وتشوفها راحت فين وتبلغني.
كرم وهو ناظراً لها بجدية: عنيا حاضر.
وكاد ان يرحل ولكنه امسك به مجدداً ليقول بصرامة: استنى هنا….
التفت اليه كرم وهو يستمع لما سيقوله بانصات، بينما اكمل داوود بجدية وهو يمد له يده التي بها الهاتف : امسك التليفون دة اول مااتصل بيك ترد عليا، وتفتح البرنامج اللي انت عارفه.
اخذ كرم منه الهاتف وهو ينظر له بشرود ليقول بطاعة: اوامرك.
داوود بنبرة حذر: عارف تستخدمه ولا لسة هعلمك؟
اومأ كرم مسرعاً برأسه وهو يقول : لا عارف عارف.
اعتدل داوود في وقفته…ليرى سيارة التاكسي ترحل و هى جالسة بها في الخلف، ثم ربط على كتفه بأمر وهو بقول بجمود: يبقا وراها بسرعة.
تركه كرم ورحل مسرعاً خلفها بسيارة تاكسي اخرى كي يرى اين ذهبت ، بينما وضع داوود يديه في خصره بتفكير وهو ناظراً امامه…يشعر بأنها حتماً ستعود….مجدداً!
………………………..
في قصر عائلة الآلفي:
استمعت الخادمة لرنين الجرس..لتسرع بخطواتها ناحية الباب ،ثم قامت بفتحه لتظهر امامها فتاة مرتدية حجابها الانيق..بفستانها الذي يليق عليها، وهى ممسكة بيدها حقيبة ضخمة تجرها للآمام.
الخادمة بابتسامة سعيدة: داليا هانم..حمدالله على السلامة.
ابتسمت داليا لتساعدها الخادمة في جر حقيبتها وهى تقول بابتسامة مشرقة: الله يسلمك…
ثم تركتها ودخلت بخطواتها وهى تقول بجدية: امال فين ماما وتميم؟
اغلقت الخادمة الباب لتضع الحقيبة جانباً وكادت ان تتحدث، نزلت على الدرچ سهير وهى فاردة يديها قليلاً بابتسامتها السعيدة..كاشارة جسدية بالترحاب.
سهير بابتسامة شوق: داليا..وحشتيني.
اخرجت داليا تنهيدة سعادة…فقد اشتاقت اليها طوال تلك المدة وهى كانت تتعلم خارج مصر لتعود لها…الان.
داليا بسعادة: ماما…
ثم اسرعت اليها بخطواتها لتعانقها باشتياق كبير وهى تشعر بذلك العناق الذي به شوق الامومة طوال تلك السنوات، وهى تكمل: وحشتيني جدا…..
ثم ابتعدت عنها قليلاً..لتعقد حاجبيها بتعجب وهى لا ترى شقيقها الاكبر لتكمل باستفهام: امال فين ابيه تميم؟
ابتسمت سهير بهدوء لتربت على خصيلات شعرها بحنان وهى ناظرة لها لتقول: هيكون فين يعني في بيته.
عقدت داليا حاجبيها لتبتعد عن والدتها قليلاً..ثم نظرت للطابق العلوي…لتعاود النظر لوالدتها من جديد وهى لا تعلم ما الذي جعله يرحل مع زوجته هكذا!
داليا بتعجبٍ شديد: مش كان مع فرح هنا؟..وكانوا هيعيشوا معاكي، ايه اللي خلاه يمشي؟
اخذت سهير نفساً عميقاً لتخرجه بهدوء ،ثم امسكت باصبعها السبابة برقي امام صدرها وهى تقول بجدية: بعدين هبقا احكيلك، المهم اطلعي دلوقتي وريحي فوق و…..
استمعوا الى رنين الجرس مجدداً ليقطع حديثهم معاً…ثم اداروا وجوههم ناحيته، بينما فتحت الخادمة الباب ليدخل تميم بخطواته الغاضبة وهو ناظراً لوالدته التي اخفت عنه ذلك السر..الكبير!
داليا بابتسامة سعيدة: ابيه.
صعد على طرقات الدرج ليقف امام والدته ولم يعطي اهتماما..لها!
تميم بضيق: عايزك في موضوع مهم يا سهير هانم.
اختفت ابتسامة داليا لتنظر اليه بتعجب مما قاله وكأنه يريد هدم ذلك القصر فور رؤسهم جميعاً!
ابتسمت سهير بقوة وهى ناظرة لعينيه لتقول : ايه!…مش هتسلم على اختك وتقولها حمدالله على السلامة.
ابتسم بإصطناع فهذا ليس الوقت المناسب اطلاقاً…فبداخله نار كبرى تريد احراق والدته، ثم ادار وجهه لشقيقته الصغرى، وهو يقول : حمدالله على السلامة.
ثم تركهم ونزل من على طبقات الدرج متوجها الى غرفة مكتب والدته وهو يقول بجمود: مستنيكي في المكتب.
عقدت داليا حاجبيها بتعجب من أمره ،ثم ادارت وجهها الى والدتها وهى تقول بقلق: هو حصل بينكم مشكلة؟
سهير بجدية وهى ناظرة له حتى غاب عن الانظار بتحاول تهدئة الوضع ولا تجعلها تنشغل في مشاغلهم: اطلعي انتِ خدي دش ونامي وبكره الصبح نتكلم.
ثم تركتها ونزلت على طبقات الدرج…بينما عقدت داليا حاجبيها بعدم فهم مايحدث، ثم اخرجت تنهيدة نفاذ صبر لتجعل يديها ترتطم بخصرها من الجانبين باستسلام…ثم صعدت على طبقات الدرج مسرعة للأعلى لتتوجه الى غرفتها.
………………………….
في مكتب الشرطي:
جالساً على مقعد مكتبه الرئيسي وهو ساند ذراعيه على سطح المكتب وواضعاً… يده على احدى وجنتيه باختناق، بملامح وجهه المليئة بالغضب…وهو مرتدي ملابسه الرسمية، بينما هشام واقفاً في ثبات امامه..بملامح وجهه القوية على رغم ما مر به منذ قليل!!
الشرطي بغضبٍ عارم: اتكلم ياهشام..مش هنوقف هنا ساعة!
رفع هشام وجهه بملامح مليئة بالجمود وهو يقول: اتكلم اقول ايه؟
شعر الشرطي بالاستفزاز الكبير من كلماته ليضرب بيده على سطح المكتب..باختناق شديد، ثم ادار وجهه اليه مرة اخرى بعدما اخرج تأففاته وهو يقول: هشام! ماتغلبنيش معاك احنا مسكناكم متلبسين بتهمة د*ع*ا*ر*ة.
ابتسم هشام بجوار شفتيه بنصف قوس بثقة كبرى!..ومازالت ملامحه ثابتة كالتمثال!
هشام بنبرة جادة: احنا؟، احنا مين؟!..انا ماليش علاقة بيهم.
رفع الشرطي حاجبيه باصطناع الاندهاش وهو يقول باستفهام: عايز تقولي ان المكان كله تحت ايدك وماتعرفش انهم مخصصين اوض للد*ع*ا*ر*ة؟….
ثم ابتسم بسخرية بجوار شفتيه لظنه انه مغفل! ثم اكمل: بتضحك على مين!؟
هشام بجمود: انا قولت اللي عندي.
ارجع الشرطي ظهره للخلف وهو ناظراً له بضيقٍ شديد، ثم اخرج تنهيدة وهو يقول : تمام يبقا هتترحل على النيابة بكره.
ابتسم هشام بخبثٍ شديد!. وهو يقول بنظرة عينيه الثابتة: هنشوف!
ثم اخرج هاتفه من جيب بنطاله وهو يضغط عليه باصابعه…بينما عقد الشرطي حاجبيه وهو يقول….
الشرطي بضيق: بتعمل ايه؟
مازالت ملامحه ثابتة وبابتسامته الماكرة وهو يقول بثقة: هنشوف سيادة وزير السياحة لي رأي تاني ولالأ.
ثم وضع الهاتف على اذنه…بينما نهض الشرطي من مكانه بغضبٍ عارم وهو يقول بخشونة: ممنوع اللي بتعمله دة ياهشام..سلملي اللي في ايدك.
ولكن لم يعبأ بما يقوله الشرطي…ليقوم بالرد على الهاتف وهو يقول بنبرة جمود: الو ياسيادة الوزير، انا في القسم،…تمام.
توقف الشرطي في مكانه وهو ناظراً له بعدم تصديق مافعله الان!، شعر بجسده الذي توقف عن الحركة انه حقاً يتحدث مع الوزير! ، ثم اغلق هشام المكالمة وهو ناظراً للشرطي بانتصار في عينيه!
بينما وقف الشرطي في ثباتٍ امامه مباشرةً وهو يقول بضيق: لتكون فاكر انك هتفلت من ايدي بعد اللي عملته؟
ابتسم هشام بثقة كبرى وهو ناظراً لعينيه بجمود: قولتلك هنشوف….
ثم استمعوا الى صوت رنين هاتف الشرطي…ليوجه هشام نظراته ناحية الهاتف الموضوع على سطح المكتب ليكمل بنبرة انتصار ثابتة: اهو اللي هيقول القرار جيه بنفسه.
ثم رفع نظراته الثابتة ناحية الشرطي بابتسامته المليئة بالجمود، بينما نظر له الشرطي بضيق ليأخذ الهاتف ويقوم بالرد عليه…ولكنه بسرعة فائقة اصبح واقفاً في ثبات بخوف وتغيرت نبرة صوته وهو يقول : ايوة ياسعادة الباشا…مع حضرتك يافندم…
لتتغير ملامحه للتعجب قليلاً ثم بلع ريقه وهو ناظراً لهشام: ايه؟…
ثم تركه في الغرفة وتوجه الى ناحية الباب كي يخرج وهو يتحدث معه…ولكن في نفس الوقت دخلت زمرد مسرعة وهى تقول: انا عايزة اعرف……
قاطعها الشرطي عن التحدث عندما رفع اصبعه السبابة امامها بان لحظة وسيأتي، بينما هى وقفت في مكانها…ليخرج هو ويغلق الباب خلفه وهو يقول: مع حضرتك يافندم..ايوة.
ادار هشام وجهه الى زمرد وهى واقفة ليعقد حاجبيه بتعجبٍ شديد..فاين كانت؟، مهلاً!… اجائت من اجله!؟…هذا ما جاء في عقله، بلع ريقه وهو ناظراً لها بتعجبٍ شديد…بينما هى اخذ صدرها يعلو ويهبط عندما رأته امامها…والخوف يسري بها!، رمشت بعينيها باضطراب شديد!…لتدير وجهها لنواحي اخرى، ثم توجه اليها بخطواته وهو يقول بتعجبٍ : زمرد؟
لتشعر بقدمها التي ترتعش بقوة كلما تقدم خطوة ناحيتها، ثم جعلتهم يلتصقوا ببعض وهى مغمضة عينيها وهى ناظرة للأرض وكأنها تشاهد فيلم رعب لا تستطيع ان تتعايش مع ابطاله، لقطات قسوته معها تسير امام عقلها في لحظاتٍ قصيرة…جداً!
………………………….
في قصر عائلة الالفي:
في مكتب سهير :
دخلت غرفة مكتبها بخطواتها الثابتة..وخصيلات شعرها المنظمة المرفوعة لأعلى بوقار ،لتراه واقفاً مرتدي حلته السوداء وهو سانداً يده على سطح ظهر المكتب وهو ناظراً آمامه بغضبٍ عارم.
سهير بنبرة ثابتة: خير؟
التفت اليها بجسده ليضع يديه في خصره معترضاً على ذلك الحديث وهو واقفاً في..ثبات!
تميم بضيق: كنت عارف من الاول انك بتكدبي عليا.
عقدت حاجبيها بتعجبٌ قليلاً!..لتدير وجهها للجانب قليلاً ،كاشارة جسدية باكمال حديثه التي لا تفهم منه شيئاً.
سهير بنبرة جادة: تقصد ايه؟
انزل يديه من خصره ليعتدل في وقفته بملامحه المليئة بالقسوة وهو يقول بغضب: بلاش نلف وندور، مراتي اللي صحيت من الغيبوبة بعد ٤ سنين وقالولي انها اتجوزت واني طلقتها فين؟
ابتسمت بسخرية..لتربع ساعديها امام صدرها بنظرات القوة التي في عينيها.
سهير بنبرة ثقة: وجاي تسأل عليها بعد ماانت اتجوزت وخلفت ؟…..
ثم تحولت ملامحها للثبات وهى تكمل بجمود: ايـه؟ هترجع للحب القديم من تاني!
ضغط على اسنانه داخل شفتيه المغلقتين وهو يشعر بكدبتها التي تكبر امامه اكثر..واكثر!
تميم بغضبٍ عارم: كفاية بقا تحولي الموضوع لحاجة تاني، سألت سؤال ومستنيله اجابة.
سهير بزهول: لا…
ثم سارت بخطواتها متوجهه ناحية الشرفة لتغلق الستار وهى تقول بنبرة بها الضيق: دة انت اتجننت خلاص…
ثم استدارت اليه بثبات وقوة وهى ناظرة لعينيه بغضبٍ عارم، لتكمل بضيق: من امتى وانت بترفع صوتك عليا من سعة ماخرجت من المستشفى؟
تقدم الخطوات متوجهاً اليها وهو يقول بغضبٍ عارم فهو لا يتحمل تلك البجاحة اكثر من ذلك! : من سعة ما طلعتي مخبية عليا اكبر سر في حياتي.
ابتسمت بسخرية لتنحني برأسها قليلاً وهى ناظرة لعينيه السوداء وهى تقول: اللي هو ايه بقا؟
رفع تميم رأسه بثقة ومازالت ملامح وجهه المليئة بالقسوة امامها..فان لم تكن والدته لكان احرقها بين نيران ذلك القصر بعدما قامت..بتدمير حياته!
تميم بغضبٍ مكتوم: مراتي اللي قولتي اني طلقتها طلعت لسة على ذمتي…
تغيرت ملامح وجهها سريعاً للصدمة الكبرى…ليرتجف قلبها بقوة، اين؟..وكيف علم بهذا؟!، سحقاً!..ماتلك الكذبة الكبرى!!؟، بينما هو اكمل بصوتٍ مرتفع غاضب: ومش بس كدة…خدتيها و شغلتيها عندك خدامة مستغلة انها عملت حادثة ومش فاكرة حاجة.
انزل يدها من على الستائر…لتتحول نظرات عينيها للصدمة، شعرت ان عقلها سيغيب عن الوعي الان ليأمر الجسد بالانهزام، ولكن لا هى اقوى من ذلك…ثم بلعت ريقها وهى ناظرة لعينيه بعدم تصديق مايقوله…قد كشف كل مؤامرتها!
سهير بنبرة صادمة: انت بتقول؟
تميم بنبرة صارمة: اللي سمعتيه…
ثم اقترب خطوة لترى هى النيران تشتعل في عينيه من كثرة غضبه، ليكمل بضيقٍ شديد: لتكوني فكراني غبي؟ ،من اول يوم شوفتها وانا حاسس وعارف…..لكن مش فاكر!
كورت يديها الاثنتين وهى كاتمة مشاعر الانهزام داخلها…ولكن ملامحها مازالت ثابتة اما عينيها فمليئة بالغضب المكتوم، لتحول ذلك الحديث الى …اللوم!..نعم اللوم عليه هو وكأنه هو المخطيء!!
سهير بجمود: ودلوقتي ايه؟ افتكرت؟!
رفع وجهه للأعلى بتعالي وانتصار بملامح وجهه الثابتة وهو يقول بجدية: زي ما ليكي ناسك يعملولك اللي انتِ عايزاه من ورا ضهري، انا كمان ليا ناس.
اخرجت تنهيدة ساحرة…لتبتعد عنه بخطواتها كي تهرب من تلك المواجهه القاسية، لتقول بجدية: كويس…
ثم استدارت اليه لتضغط بيديها على سطح ظهر المقعد وهى تكمل بغضبٍ مكتوم: افتكرت ودورت وعرفت كل حاجة…لكن الشيء الوحيد اللي ماتعرفهوش،
ثم اقتربت خطوتين منه وهى تقول بجمود: اني عملت كل دة عشانك.
رفع تميم حاجبيه الاثنين باصطناع الزهول وهو يقول : عشاني!
سهير بصوتٍ مرتفع: اه عشانك….
شعرت بقلبها الذي سيقف…بصدرها الذي يعلو ويهبط، ثم اكملت بانفعال: ايه!..عايزني اديها كل الفلوس؟ اللي انا وانت واختك بس اللي نستحقها، عايزني اعيشها معاك في العز دة كله وهى بنت اللي قتل ابوك.
اخرج تميم تنهيدة ساخرة…ليقترب خطوة وهو ناظراً لعينيها البنية ليقول بجدية: مهما قولتي مش هتبرري اللي عملتيه فيا،…..
ثم عقد حاجبيه وهو لا يستوعب مافعلته به، بينما هى نظرت للأرض بضعف لتعاود النظر له من جديد بثبات، ليكمل بنبرة صارمة :عيشتيني مع واحدة انا مابحبهاش كدبتي عليا ،خبيتي عني مراتي اللي من حقي..بعد كل دة جاية تبرري عشان الفلوس!
رفعت وجهها اليه كي تكتم حزنها داخلها وهى لا تريد ان تنهار امامه، ليكمل هو بسخرية تامة: للاسف ياسهير هانم ماعملتيش حاجة عشاني، انتِ عملتي عشانك انتِ..وعشان فلوسك انتِ، مش عشاني.
ثم تركها وكاد ان يرحل ولكنها امسكت به لتنظر لعينيه بضعف أُمٍ داخلها وهى تقول مسرعة: استنى انت رايح فين؟
تميم بضيق:مش هتشوفي وشي تاني ،ومن النهاردة انتِ مش امي….
رمشت بعينيها بضعف كبير لتمتليء عينيها بالدموع وهى لا تصدق مايخرج من بين شفتيه، بينما هو اكمل بحزم: وهروح لمراتي اللي حرمتيني منها، خليكي انتِ مع فلوسك.
ثم تركها ورحل ولكنها تشبثت به بقوة وهى تقول بحزن كبير: لا لا استنى ياتميم استنى…
لم يعطيها اهتمام ليرحل ويتركها في انهيارها هذا…لتكمل هى بحزن كبير: ياتميـــــــم.
ليخرج من ذلك القصر واغلق الباب خلفه بقوة ، يينما هى وضعت يديها بين خصيلات شعرها لترجع للخلاف ودموعها التي انهمرت قهراً عنها..الان قد خسرت ابنها…للابد!
…………………………
في مبنى الشرطة:
في غرفة مكتب الشرطي:
عقد حاجبيه بتعجبٍ شديد!..فور رؤيته بحالتها المليئة بالرعب تلك!…وكأنها طفلة صغيرة تخشى من سيأتي ليقوم بتعنيفها!!
بلع ريقه وهو ناظراً لملامح وجهها..ثم اقترب قليلاً ليضع اصابع يده الضخمة على تشوهات رقبتها من كدمات، وضع اصابعه بهدوء وهو ناظراً لتلك الكدمات المؤلمة…
شعر وكأن هناك حجراً وضع على صدره..فور لمسته لها، ببنما هى فتحت عينيها بخوف لتمتليء عينيها بالدموع، ثم رفعت نظرات عينيها له..بينما هو شارد في تلك التشوهات الظاهرة في رقبتها وكتفيها، الان قد علم انه وحش!..وحش مفترس قام بالتخلي عن انسانيته ليتهجم على انثى ضعيفة بهذا الشكل!!
ثم رفع نظرات عينيه الى عينيها الزمردة ليقوم بلومها!
هشام بنبرة هادئة : مسكتي فيا ليه؟،ومامشيتيش!
لم تعطيه رداً لتمتليء عينيها بالدموع المحتجزة تعبيراً عما تشعر به ناحيته من الم، ثم اكمل عندما تقدم خطوة اخرى وهو يكمل بنبرة جادة: ماكنش كل دة حصل.
………………………….
Flach back:
لنعود للخلف بحوالي ٩ اعوام:
توقفت سيارة في منتصف الشارع…لينزل منها هشام وهو بعمر ال ٣٠ عاماً فقط، بملابسه الأنيقة..وملامحه الجافة الخشنة..بنظارته الطبية، امسك يد زمرد وهى صغيرة مرتدية بچامتها بخصيلات شعرها الناعمة وعينيها الزمردة، ثم ساعدها في النزول من السيارة…ليتوجهوا بخطواتهم الى ناحية ما ليتركها في مكانها وكاد ان يرحل!!
توقفت في مكانها…بملامحها البريئة وهى ناظرة له وهو يتخلى عنها ويتركها في منتصف الشارع العمومي هكذا! بدون احد، امتلأت عينيها بالدموع لتقول : بابا؟..بابا انت هتسبني ليه؟
لم يعطيها اجابة وظل ناظراً لها بقسوة..وكأن الانتقام يسير بعينيه، ولكن لِما؟..لما مل تلك القسوة!، ثم توجهت ناحيته ببرائة شديدة والدموع تنهمر من عينيها، لتعانقه من الجزء السفلي لجسده وهى تحتمي به لتقول…
زمرد ببكاء: لا خدني معاك، مش عايزة ابقا هنا.
امسك ذراعها بحدة وابعدها عنه…لترجع بخطواتها للخلف على اثر تلك الدفعة، ثم عقدت حاجبيها بتعجب وهى ناظرة له.
هشام بجمود: مالكيش عيش معايا.
ليعطيها ظهره وسار خطوتين وكاد ان يرحل مرة اخرى…ولكنها اسرعت ناحيته مجدداً لتعانقه بقوة وهى تبكي بغزارة دافنة رأسها في ركبة قدمه: لا عشان خاطري خدني معاك..ماتسيبنيش.
رفع وجهه للآمام…ليكور يديه فهو متحمل دموعها ولكن مرضه النفسي يأمره بان يتركها للشارع! ،لتكون بلا مأوى!!
………………………….
نعود للوقت الحالي**
شعرت بأن قلبها تحول للون الاسود من عدم وصول التنفس النفسي ناحيتها!..وليس الجسدي ،فكلماته تجعلها تختنق لتقول والدموع في عينيها…
زمرد بنبرة لوم: كنت فاكرة انك هتعوضني عن امي اللي ماتت، واني بنتك هتخاف عليا…
ثم تغيرت ملامحها للبرائة الشديدة وهى ناظرة لعينيه…لتنهمر دمعة من عينيها برقة وهى ناظرة لعينيه البنية، بينما هو تأثر من كلماتها..ليضع يده على احدى كتفيها بحنان وهو ناظراً لعينيها الزمردة.
ثم ازالت يده بقسوة وهى ناظرة لعينيه…لتتحول ملامحها للتمرد وهى تقول : لكن لأ انا بقيت عدوتك مش بنتك.
عقد حاجبيه ببرائة شديد…وكأن لديه انفصام في الشخصية!! بين معاملتها كابنته..وبين عدوته!
هشام بنبرة لوم: هما اللي خلوكي كدة مش انا!
وهذا تعبير عن مرضه!..يلقي لوم أخطائه وقسوته على امواتٍ لشعوره بانه…ضحية!!
ابتسمت بسخرية كبرى وهى ناظرة له…لتدير وجهها الناحية الاخرى وهى تخرج تنهيدة ساخرة لتقول : هما!…
ثم ادارت وجهها اليه وهى تقول بضيقٍ شديد: هما مين؟
تحولت ملامحه للغضب لشعوره بسخريتها من المه!، ثم جز على اسنانه خلف شفتيه المغلقتين وهو يقول بنبرة حازمة: انتِ بنتي بالذوق او غصب عنك وعنهم.
زمرد بنبرة حزن: واللي عملته فيا؟
اعتدل في وقفته..ليدير وجهه للناحية الأُخرى كإشارة جسدية بعدم مواجهة النفس بما أنكرت!
هشام بنبرة جادة: انا ماعملتش حاجة.
هزت رأسها يميناً ويساراً قليلاً وهى ناظرة لعينيه باشارة جسدية بإنكار حديثه المريض والذي به فصامٌ تام!
زمرد بحزن: عمري ماهنسى اللي عملته فيا ووشي دة مش هتشوفه تاني.
وكادت ان ترحل ولكنه امسكها من كوع ذراعها ليجعلها تقف امامه مجدداً..ليعقد حاجبيه ببرائة شديدة وهو يقول: استني انتِ رايحة فين؟ ،اكيد مش بعد ماجيتي عشان تشوفيني تمشي كدة!
ازالت ذراعها من يده بقسوة وهى ناظرة لعينيه بتمرد: ومين قال اني جاية عشانك؟
عقد حاجبيه بتعجب قليلاً وهو ناظراً لعينيها المليئة بالانتقام تجاهه..انه يرى الان قد انقلبت الاية بينهم!
وكأن نفس المشهد يعاد من جديد بعد ٩ سنوات!
هشام بحزن: امال جاية لمين؟
زمرد بجمود: جاية لسمر.
ابتعد هشام للخلف خطوة وهو ناظراً لها بحزنٍ شديد وهو يقول بنبرة تعجب: سمر!…
بينما هى رفعت وجهها باصطناع النصر عليه!، ليكمل هو بضيق: سمر هربت بعد اللي عملته فيا، شوفي عملت ايه في ابوكي عشانك!!
رفعت زمرد نظراتُ عينيها لرأسه..لترى ذلك الجرح ،ثم بلعت ريقها لتظل على كبريائها ذلك! زمرد بابتسامة مليئة بالجمود: ابويا!، من يوم ماحبستني مع واحد عشان يتهجم عليا وانا مش بنتك.
ثم تركته ورحلت لتترك الباب خلفها…بينما هو ظل واقفاً وهو ناظراً امامه بصمتٍ مميت!، شعر بضربات قلبه القوية..في البداية لم يعرف كيف سيظل يعاملها كابنته لينهزم في لحظات ضعفٍ امامها وهو يراها زوجته التي قتلها!!..ليشعر بانه يريد الانتقام منها كل مرة!، لذلك التشابه الرهيب بينهم…ولكن تحول ذلك الامر الى فصام في شخصيته الغير واضحة!
ثم وضع يده على سطح ظهر المقعد وهو مازال في صدمته..ثم جلس بهدوء وهو ناظراً امامه، فهى من تبقت كيف لها ان تتركه وترحل هكذا! وهى لم تهون عليه من ٩ سنواتٍ وقام بأخذها لتعيش معه وليس في الشارع ولكنه قد…هان عليها!!
…………………………..
امام مبنى الشرطة:
خرجت من ذلك المبنى بتأففٍ شديد، ثم وضعت اصابع يدها على عظمة التركواز وهى تشعر بالاختناق الشديد…ثم اخذت تنظر لنواحي اخرى بوجنتيها الوردية على اثر دموع عينيها التي انهمرت بسببه، اخذ صدرها يعلو ويهبط وهى تخرج تنفساتها وكأنها على وشك الانفجار في البكاء ولكنها مازالت متمسكة بعدم الانهيار الان..مطلقاً!
ثم انزلت يدها لتسير بخطواتها مبتعدة عن الشارع الذي به مبنى الشرطة…لتصبح في شارع اخر عام ،ثم نظرت بجوارها لتستعد في ان تقطع الطريق على السيارات كي تذهب للناحية الاخرى على الرصيف، ولكن ارتطمت بها سيارة بخفة..لتزيحها قليلاً للخلف بينما هى ارتمت ارضاً، ثم اصدرت تأوهاً…بينما نزل ذلك الشاب من سيارته، ثم امسكت هى ركبة قدمها اليمنى وهى تتأوه..لترفع يدها امام عينيها لترى الدماء نتيجة لجرح ركبة قدمها فقط..ليس الا.
الشاب مسرعاً: انتِ كويسة؟
رفعت وجهها اليه لتراه واقفاً امامها مرتدي حلته السوداء..الفخمة!، بملامحه الوسيمة وبشرته البيضاء..بعينيه البنية وهو ناظراً لها بجدية!!
ولكنها لم تعطيه اهتمام لتعاود النظر لركبتها من جديد ، ليسرع هو اليها وهو يقول: رجليكي حصلها حاجة؟
زمرد مسرعة ببرائة وهى ناظرة لركبتها: لالا انا كويسة هى بس…
وضع يديها على ذراعها كي يساعدها على النهوض وهو يقول بجدية مقاطعاً اياها: قومي معايا.
نهضت من مكانها وهى ناظرة له، ولكن مهلاً لا يوجد اي مشاعر على وجهه!..وكأنه مريباً!؟
يتحدث بجدية وكأن هذا شيئاً..عادياً؟!
زمرد بهدوء: انا كويسة مجرد جرح.
وجه نظراته لقدمها بشرود..وكأنه ذئب! يريد التهام فريسته!!
ثم عاود النظر اليها مجدداً…ليبتسم بمكرٌ شديد هى لا تعلم عنه أي شيء! : لا لازم تروحي المستشفى ونتطمن عليها.
عقدت حاجبيها ببرائة وهى تفكر…ثم عاودت النظر له وهى تقول باستفهام: لازم؟
اوما رأسه بايجاب وهو ناظراً لعينيها…لتنصاع الى امره، ثم سند كوع ذراعها وتوجه بها ناحية السيارة ليجعلها تجلس بجوار مقعده الخاص بالقيادة، ثم اغلق الباب وهو ناظراً امامه بابتسامة ماكرة…الان قد حصل على فريسته!…فريسته الحمقاء!!
لقد ذهبت معه بكل تلك السهولة!..الا تعلم انه يوجد ذئابٌ بشرية؟!، ام انها بعدما قابلت داوود ظنت ان الجميع مثله؟…مغفلة!
ليتوجه بخطواته الناحية الاخرى للسيارة ثم قام بالركوب بها..ليغلق الباب خلفه وبدأ في..القيادة.
………………………….
في منزل عصام:
في غرفة سيرين وعصام:
نائماً بجوارها على السرير..وهو مرتدي ملابسه الخاصة بالمنزل المكونة من ( تيشيرت من اللون الرمادي بنصف اكمام، والبنطال الاسود)، ليدير وجهه ناحية سيرين النائمة في سباتٍ عميق..ليفتح عينيه بهدوء وهو يشعر بالظمأ، ثم نهض من مكانه بهدوءٍ تام..ليتوجه الى خارج الغرفة ليغلق الباب خلفه بصمت،
ثم توجه الى المطبخ المكشوف بشكلٍ انيق امام غرفة نهلة…ليفتح الثلاجة ويخرج منها زجاجة مياه، ثم توجه الى الرخام ووضع كوباً ليسكب به الماء، ثم ترك الزجاجة جانباً ليأخذ منه رشفة…ليرى غرفة نهلة امامه وهى مشعلة الضوء وحاملة بيديها طفلها ومعطياه ظهرها.
ثم بلع ريقه وهو يراها بذلك الرداء القصير الملتصق بجسدها بفتنة كاملة، ليدير وجهه لناحية اخرى سريعاً…كي يفيق من تلك الفتنة ليضع الكوب جانباً، وكاد ان يتوجه الى غرفته من جديد بخطواته ولكنه وقف مكانه..وذلك الشيطان يداعب عقله بأن يقترب من زوجته الثانية الان وليترك حبيبته تلك.
ليقف في مكانه بعدما استمع لصوتها وهى تقول : عصام؟
لنقول انه نجح بنسبة ٥٠٪…والدليل على ذلك هو عودة عصام خطوتين للخلف، ليستدير اليها..فهو يضعف امامها في كل مرة بسبب شخصيتها القوية التي تفرضها عليه هو!
عصام بجدية: انتِ لسة صاحية؟
اخرجت نهلة تنهيدة لتربع ساعديها امام صدرها ثم امالت بجانب خصرها على الجدار بتمايل وهى تقول بجدية: مش جايلي نوم…
ثم توجهت اليه بخطواتها المائلة بنعومة وانوثة…لتقف امامه مباشرةً، ثم وضعت يدها على صدره وهى تحرك يدها كمحاولة لاغرائه وهى تكمل بمكر: ايه؟..ماوحشتكش نهلة؟
ادار عصام وجهه لناحية اخرى فهو لا يريد ان يصبح معها مجدداً ويصبح ضعيفاً..امامها!
عصام بتردد: لا..ماوحشتنيش، انا…انا هروح انام دلوقتي.
وكاد ان يرحل..وقفت امامه بسرعة كي لا يرحل الى اي مكان، ولكي ينظر الى عينيها التي ستسحره مجدداً!
نهلة بابتسامة ناعمة: لا ياشيخ!…
ثم ابتسمت بسخرية بجوار شفتيها لتقترب منه وهى تقول بجدية: لتكون عايز تعيش الكدبة وعايزني اصدقك!
عصام بضيق: كدبة ايه؟
رفعت احدى حاجبيها لتضع يديها في خصرها وهى تقول بنبرة ماكرة: كدبة انك بتحبها ياعصام.
شعر بالضيق الكبير وهى تواجهه بتلك الطريقة لتشعره بضعف شخصيته اكثر امامها، ثم اقترب قليلا وهو يقول بضيق:ماتتكلميش عنها..سيرين دي….
نهلة مقاطعة بابتسامة هادئة: دي ايه؟، لتكون فاكر اني هصدقك..مثل عليها لكن مش هتقدر تمثل عليا، عارف ليه؟
شعر بالتوتر الذي يجتاحه..ليرى نظرة الانتصار في عينيها وهو يقول باستفهام: ليه؟
بينما هى ابتسمت بانتصار لتضع يدها على التيشيرت الخاص به لتجذبه اليها بجرأة..ليصبح مايفرقهم الانفاس..فقط!
نهلة بنبرة جذابة: عشان شكلك نسيت لما كنت بتلف ورايا في كل حتة عشان اتجوزك، ولا لما كنت بتجيلي معيط عشان اخدك بالحضن…
ثم اقتربت اكثر ليشعر هو انه لم يعد ان يتحمل جاذبيتها وعينيها الساحرة تلك، لتكمل بنبرة انتصار: مافيش واحد يعيط في حضن واحدة الا وكان بيحبها…
ثم ابتسمت اكثر بمكرٍ شديد…لتشعر بنظرات عينيه التي لا تستطيع ان تنظر لناحية اخرى سوى في عينيها او شفتيها الكرزية..وهذا دليل على فتنتها له، لتكمل بابتسامة ماكرة: تنكر انك بتحبني؟
عصام بنبرة سريعة: ماانكرش.
نبرته دليلاً على توتره امامها…وهذا دليلاً ايضاً على انها تعرفُ جيدا كيف تسيطر عليه ليصبح ضعيفا ذليلاً امامها، ثم اقتربت قليلاً ليكاد ان يتلامس شفتيهم معاً باغراء…ولكن في لحظة واحدة ابتعدت لتتركه وتتوجه للغرفة، ولكنه في لحظة واحدة جذبها من يدها لتصبح ملتصقة بظهرها بالحائط
ليطبع قبلة شاغفة على شفتيها، الان استطاعت ان تضعفه في اهوائها..ليسقط في شهوته معها هى، ليلتصق بها وهو يطبق على شفتيها القبلات الشاغفة المليئة بالشهوة ليس الا!
بينما هى ابعدته بصعوبه كي تجذبه ناحية غرفتهم وتغلق الباب بسعادة…سوف تقوم بتنفيذ خطتها حتماً.
…………………………
آمام قصر ما:
توقفت سيارته الفخمة امام ذلك المبنى..لتوجه هى رأسها ناحية النافذة وهى تقول بعدم فهم!
زمرد بتعجبٍ شديد: مش قولت هتوديني المستشفى؟
ثم ادارت وجهها اليه باستفهام..وهى لا تفهم لما جاء بها الى هنا، بينما هو نظر اليها بنظراتِ مكرٍ شديد!..فظناً منه انها فريسته المغفلة.
ليقول بجدية: المستشفى هيبقا في محضر وتحقيق..خلينا نطلع وهجبلك الدكتور لحد عندك.
عقدت حاجبيها بعدم استيعاب اكثر…فحديثه ليس منطقياً ..مطلقاً!!، وهذا يدل على انه كاذب..ثم اخذت نفساً عميقاً لتعاود النظر للقصر بشك يسري بها، ثم بلعت ريقها لتستدير اليه وهى تقول بخوف: لا لا خلاص انا عايزة ارجع وهروح المسشفى لوحدي.
تغيرت ملامحه للصرامة وهو ناظراً لها ليوجه اليها الامر وهو يقول: انزلي.
شعرت برعشة قلبها قبل جسدها مع صوته الخشن الرجولي ،لتنظر امامها بخوف وهى تفكر فيما ستقوله..ثم بلعت ريقها وادارت وجهها اليها كالطفلة الصغيرة التي تأخذ الاذن من والديها!
زمرد بنبرة هادئة: انا اقصد مش عايزة..مش عايزة اتعبك انا همشي لوحدي.
الشاب بابتسامة ماكرة: وانا قولتلك انزلي.
اخذ صدرها يعلو ويهبط من الخوف…لتبلع ريقها ثم وضعت يدها على مقبض باب السيارة لتقوم بالنزول، بينما هو نزل من السيارة واغلق الباب خلفه ليتوجه اليها وامسكها من معصم ذراعها بهدوء!
لتشعر بقدميها التي اصبحت كالثلج!..حمقاء لتركها ذلك الخوف يسيطر عليها، ولكن تلك التي لديها ١٩ عاماً لا تعرف ماذا تفعل…ثم نظرت حولها وهى ترى المكان بأكمله منقطع! لا يوجد به اي احد!!
ليزداد الرعب داخلها اكثر، بينما هو قام بفتح الباب بالمفتاح وقام بادخالها ليغلق الباب خلفه، وفي ذات الوقت وصلت سيارة الـ(Taxi) الى ذلك المكان المظلم ثم نزل من السيارة وانحنى على النافذة قليلا وهو يعطيه المال ثم اعتدل في وقفته وهو ينظر الى ذلك المبنى بعدما قام بمراقبتها، ليقترب قليلاً بخطواته وهو يراها من للنافذة المفتوحة واقفة امام ذلك الرجل الغير سوي نفسياً..تماماً!
ثم اخرج ذلك الهاتف وقام بالاتصال بداوود.ليضعه على اذنه وهو يقول مسرعاً ويحرك يده باشارة: دي طلعت بتخونك يا كبير.
داوود بتأفف: بتخوني؟!، كرم اخلص حصل ايه؟
اقترب كرم قليلاً من تلك النافذة لينحني على ركبتيه كي لايراه ذلك الشاب المعتوه، ثم اكمل بسعادة حمقاء: ركبت مع واحد العربية ودخلها القصر بتاعه…بس ايه واسع وكبير! كبير جدا، دة اكبر من اللي بنشوفه في التليفزيون.
اختفت ابتسامته…لعدم استماعه لرد داوود عليه!، ثم اكمل بتعجب: كبير؟..ياكبير؟، انت معايا؟!
وفي الناحية الأخرى بداخل القصر بالطابق السفلي:
نظرت له ببرائة وخوف مما سيفعله بها!…ابتسامته اللطيفة المريبة امامها!..غير مطمئنة اطلاقاً، انها الان تضرب نفسها ١٠٠ ضربة بداخلها على قدومها معه بكل تلك السهولة.
الشاب بابتسامة لطيفة: تحبي نتعشا الاول ولا ندخل على اللعبة على طول؟
عقدت حاجبيها بتعجبٍ شديد وهى تقول بعدما رجعت خطوة للخلف: لعبة؟
اتسعت ابتسامته اكثر وهو ناظراً لها بجمود بعينيه اللامعة وهو يقول: ايوة مش حابة تلعبي؟
بلعت ريقها وهى ناظرة له..عقلها لا يقدر على استيعاب كل هذا في آنٍ واحد، كيف لشاب ذو ال٢٥ عاماً يريد ان يلعب معها؟ اهو مجنون؟!..ام انه فقد جزئاً كبيراً من عقله!
زمرد بتردد وهى تنظر لنواحي اخرى للارض : انا…انا…
الشاب مقاطعاً اياها بحزم: يبقا بتحبي….
ثم اخرج ذلك السلاح من جيبه!! ليظهر ( المسدس)!! ارتعبت فور رؤيتها له لتتحول نظرات عينيها الى الصدمة!!
وفي الناحية الاخرى خارج القصر:
مازال واقفاً منحنياً..ليعتدل في وقفته وهو يقول باستفهام: روحت فين؟
داوود باختناق: دلوقتي تفتح البرنامج اللي قولتلك عليه عشان اعرف مكانكم فين وانا جاي.
كرم بابتسامة حمقاء: طب بمناسبة خبر الخيانة دة…ماليش حلاوة؟
داوود بجمود: كرم خلص اللي قولتلك عليه.
كرم مسرعاً بضيق: عنيا.
ثم اغلق المكالمة وانزل الهاتف من على اذنه..ليضغط على الشاشة ،ثم رفع نظراته الى النافذة وهو واقف ليراها واقفة امامه ترتعب اوصالها!
رفعت نظرات عينيها اليه لتبلع ريقها…ثم نظرت ناحية النافذة بالصدفة لترى كرم واقفاً ناظراً لها، لتفرغ شفتيها بزهول من رؤيته…سينقذها من ذلك الوغد حتماً..انها تعرفه انه مع داوود دائماً.
ارتعشت شفتيها وهى ناظرة اليه..ثم تقدمت بخطواتها وهى تقول مسرعة بخوف: كرم..كرم الحقني.
ولكنه اعطاها ظهره مسرعاً وكاد ان يرحل كرم ويتركها!!…بينما ادار ذلك الشاب رأسه ناحية كرم ليراه من النافذة…لا لا يريده ان يهرب ويخبر عائلتها بوجودها هنا.
ثم رفع ذلك السلاح ناحيته ليطلق عليه النيران!!
توقف كرم في مكانه فور دخول تلك الرصاصة جسده…وهو ناظراً امامه بصدمة، اما عن زمرد التي اصدرت صوت صرختها مع اثر اطلاق النار وهى ناظرة لكرم بصدمة كبرى…وهى ترى جسده يلقى ارضاً ببطء!!
ليلقى هاتفه بجواره..وشاشته مفتوحة على الموقع الذي ارسله لداوود.
بينما ادارت زمرد وجهها الى ذلك الشاب القاتل.. المجنون!…بنظرات الصدمة الكبرى بما سيفعله بها!!…اما هو مازال كالتمثال في مكانه رافعاً ذلك السلاح ناحية النافذة، بملامح وجهه القاسية الغاضبة و……..
………………………….
في شركة تميم الآلفي:
صعدت على طبقات الدرج مع الفتيات…بملامحها المليئة بالضيق قد جائت الى هنا كي تخبره انها لا تريد تلك المسابقة الرخيصة بالنسبة اليها، ان كان هو ينظر اليها تلك النظرة..وهى تاركة خصيلات شعرها القصيرة منسدلة بنعومة، بعينيها الزرقاء التي مثل البحر تماماً…ليتوجهوا الفتيات ناحية قاعة التصوير، بينما هى توجهت الى غرفة المكتب…ثم توقفوا في مكانهم ليروها تسير هكذا ناحية مكتبه.
احدى الفتيات بتأفف: برضو هتمشي اللي في دماغك يا افنان؟!
لم تعطيهم رداً لتدخل الى غرفة مكتبه بغضب عارم، بينما هم توجهوا الى قاعتهم بعدم اكتراث لحالها ذلك..فبالنسبة لهم هذه فرصة الشهرة جائت تحت اقدامهم..اما هى فلا.
اغلقت الباب خلفها بغضب لتقف في منتصف غرفة المكتب وهى تبحث عنه برأسها…لا لم ياتي بعد الى الشركة
لتتأفف باختناق ثم جلست على مقعد مكتبه الجانبي وهى ناظرة امامها ناحية مكتبه الرئيسي…لتعقد حاجبيه قليلاً، شعرت بأن هناك شعور يجتاح عقلها من كل جانب…انها تعرف ذلك المكتب!، قد رأته مسبقاً…لتأتي امامها مشهد صغير لا يتعدى ال٣ ثوانٍ لها وهى جالسة تتحدث بترجي…تترجي تميم! ابن عمها بأن يعيد لها اموالها لاجل والدتها التي ستموت بدون العملية!
استيقظت من ذكرتها لتشعر بصدرها الذي يعلو ويهبط بقوة…ثم نهضت من مكانها وهى تشعر بالرعب…مهلاً! ،انها تتذكر الان.
ابتسامته الشيطانية امامها وهو لايريد ان يعطيها اجابة في صفها وكأنه قد لغى انسانيته ووقع مكانها الاموال!
ابتسامته الخبيثة لا تفارق بالها الان وهو يخبرها بأنه لن يعطيها شيئاً، نظرات الزهول على عينيها وهى تتذكر ذلك المشهد الصغير
ثم استدارت حولها لتنظر لكل انشٍ في هذا المكتب…لترى هوامش مشهد وهى تلتصق بالحائط على اثر يده التي وضعت في رقبتها، ولكن لا لا تقدر على التذكر اكثر من ذلك
ان الصدمة تحتلها كلياً…كيف لها ان تكون تعرفه هكذا؟، انه ابن عمها!!…ماتلك الخدعة التي بها؟
خرجت من المكتب بخطواتها المسرعة لتنزل من على طبقات الدرج وكأنها تهرب مما لا تريد تذكره اكثر كي لا تصدم!
وفي نفس التوقيت:
يسير بسيارته في الطريق والغضب والقسوة يحتلان عينيه السوداء ككرتين من اللون الاسود، يتذكر تلك الاكذوبة التي خدعته بها والدته خلال عامين كاملين! لما..لما كل هذا؟، وضع يديه بقسوة على ربطة عنقه ليزيلها باختناق كي يفرغ بها غضبه…ليلقيها جانباً، ثم ضغط على الزناد اكثر وهو يقود سيارته بجنون…لكن ليس اكثر من جنون نظرات عينيه التي تريد احراق الجميع… الان!!
بينما اسرعت افنان خارج الشركة متوجهه الى الشارع العمومي وهى لا تنظر للطريق ، اما هو فلا يرى اي شيء امامه سوى غضبه…ليتفاجيء بوجودها امام سيارته وهى تسرع بخطواتها
لترتطم بها سيارته بعنفٍ كادح!!
امتلأت عينيه بالصدمة ليقف في مكانه بعدما اصبحت هى على زجاج سيارته نائمة والقليل من الدماء على زجاج سيارته من الامام
تميم بنبرة صدمة: قمر!!!
و………
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية جنة الإنسانية)