روايات

رواية جعفر البلطجي الجزء الثالث الفصل السادس والعشرون 26 بقلم بيسو وليد

رواية جعفر البلطجي الجزء الثالث الفصل السادس والعشرون 26 بقلم بيسو وليد

رواية جعفر البلطجي الجزء الثالث الجزء السادس والعشرون

رواية جعفر البلطجي الجزء الثالث البارت السادس والعشرون

جعفر البلطجي الجزء الثالث
جعفر البلطجي الجزء الثالث

رواية جعفر البلطجي الجزء الثالث الحلقة السادسة والعشرون

ألتفت إليها “لؤي” ينظر لها مبتسم الوجه والتمعت العبرات في مُقلتيه حُبًّا إليها وعشـ ـقًا لا ينتهـ ـي فهي المرأة الوحيدة التي قد أختارها قلبه وأكتفى بها دونًا عن نسـ ـاء العالم أجمع، تلك التي كانت ومازالت الحُبّ الوحيد والأ.بدي إليه
«طب انا همشي بقى عشان اللحظة دي مش بتاعتي ولو عوزت أي حاجة كلمني وخلّي بالك مِن نفسك ومِن ولادك» نطق بها “جـعفر” بعد أن نظر إليه ثم إنسـ ـحب بهدوءٍ وأغـ ـلق الباب خلفه، خر.ج مِن البِناية ليسمع صوت هاتفه يصدح عا.ليًا، أخر.جه مِن جيب بنطاله ليرىٰ المتصل “بـشير”
«خير يا حبيبي انتَ كمان ما حنفية المصا.يب فتـ ـحت على الآخر، أشجـ ـيني» نطق بها “جـعفر” سا.خرًا بعد أن أجاب على مكالمته ليسمع الآخر يقول فورًا:
«ألحـ ـقني يا “جـعفر” انا أتسر.قت لتاني مرة!»
توقـ ـف “جـعفر” فجأ.ةً حينما أستمع إلى كلمات “بـشير” ليشعر بالصد.مة تلجـ ـمه ويتشو.ش عقله، أحقًا هو مغنا.طيس لجذ.ب الكو.ارث إليه أم ماذا، لقد أصبح الأمر مـ ـريبًا وبشـ ـدة
«يعني إيه أتسر.قت لتاني مرة دي!، انتَ عيل يا “بـشير”؟»
«بقولك إيه هتقعد تقطـ ـم فيا وتستخـ ـف مش نا.قصك هتتصرف ولا أتصرف انا؟» هتف بها “بـشير” بنبرةٍ حا.دة متسائلة فهو في هذه اللحظة ينتظره ضغـ ـطة صغيرة وسينفجـ ـر في الجميع
«انتَ فين طيب وانا هجيلك؟» سأله “جـعفر” بنبرةٍ أكثر هدوءً عن زي قبل وهو ينتظر إجابته فهو ليس في الحارة فهذا هو ميعاد أنتها.ء عمله وبالتأكيد في مكانٍ بعيدٍ عليه
«فـ الشركة لو تعرف تجيلي بسرعة تعالى انا لسه قا.بض ونص القبـ ـض مسر.وق»
«إزاي يعني وانتَ كُنْت نايم وهو بيتسـ ـرق!» أنهـ ـىٰ “جـعفر” حديثه بنبرةٍ حا.دة معـ ـنفًا إياه فهذه ليست المرة الأولى وقد قام بتحذ.يره في المرة السابقة واليوم يُعاد نفس المشهد ولَكِنّ هذه المرة في مقر عمله
«لمَ تجيلي وبطل تقطـ ـيم عشان قسمًا بالله انا فاضلي تـ ـكة حرفيًا وهطـ ـيح فـ الكل وانتَ أولهم» أنهـ ـىٰ “بـشير” حديثه بنبرةٍ غا.ضبة وبالفعل شعر “جـعفر” بجدية الأمر وغضـ ـب الآخر البا.ئن على نبرته وإنفعا.له في التحدث، أنهـ ـىٰ المكالمة معه حينما أعطاه موافقته ليزفـ ـر بعمـ ـقٍ ويمـ ـسح وجهه بكفه وهو يزفـ ـر بضـ ـيقٍ قائلًا:
«انا تـ ـعبت، قسمًا تـ ـعبت، انا عايز “شـاهي”، أتر.مي كدا فـ حضنها أشتـ ـكيلها مِن اللي أبنها بيشوفه كل خمس دقايق»
وكأنها تشعر بهِ بالفعل ليراها تهاتفه، نظر إلى شاشة هاتفه قليلًا لتعـ ـلو الأبتسامة الصا.فية ثغره فورًا مجيبًا عليها يهتف بمرحٍ بقوله:
«تصدقي يا “شـاهي” انتِ فعلًا عندك الحا.سة السادسة عشان انا لسه كُنْت بقول عايز أتر.مي فـ حُضن “شـاهي” أشتـ ـكيلها مِن اللي بشوفه»
«نن عـ ـين “شـاهي” يا حبيبي طول عُمري حاسة بيك، مالك يا حبيبي مين مز.علك» هتفت بها بنبرةٍ حنونة مبتسمة الوجه ليشعر السعادة تغمر قلبه مستـ ـشفًا نبـ ـرتها الحنونة تلك التي دومًا تجعل العديد والعديد مِن مشاعره المد.فونة تتحرك وتحيا مِن جديد
«واللهِ يا حبيبتي كل الدنيا مز.علاني، انا قلبي مبقاش ياخد غير الز.عل وكـ ـسرة الخاطـ ـر، تـ ـعبت أوي بجد وحاسس إني مخنو.ق وعايزك جنبي، ما تيجي تعيشي معايا يا “أُمّـي”، لو على الشقة أمرها سهل انا أقسم بالله عايزك جنبي، عايز أحكيلك كل اللي أ.بنك شافه لحد الثانية دي، “يـوسف” محتا.جك يا “شـاهي” أوي جنبه»
أنهـ ـىٰ حديثه بنبرةٍ لَوْ.عَة بعد أن ألتمعت حد.قيته بعبراته التي كانت تُعبر عن مدىٰ ألـ ـمه وأ.لم قلبه الذي أنهـ ـكته الحياة، كان كالشـ ـريد وسط أُناسٌ غـ ـرباء، لا يعلم ما.هيتهم ولا يعلمون ما.هيته التي كانت مازالت مجهو.لة حتى هذا اليوم، كانت الحياة تطـ ـيح بهِ بين الفينة والأخرىٰ، تُعطيه الصفـ ـعات القا.سية على صفحة وجهه دون ر.حمة، الغـ ـرباء يطيـ ـحون بهِ، يجـ ـردونه مِن ثيابه في صغرهِ وإها.نته، كان صـ ـبي لدىٰ الجميع، تلقىٰ الر.حمة قليلًا أما القسو.ة فقد كان يتجـ ـرعها مثل الدواء كل يوم مِن أيا.ديهم، رأىٰ الكثير والكثير في صغره ليجعله اليوم هذا الر.جُل الفا.قد للطمأ.نينة
فقط يرىٰ الجميع مثلما كان يراهم في صغرهِ، هذا الذي سخـ ـروا مِنهُ في الماضي وأذ.لوه، وكانوا ينعتـ ـوه بـ “المشـ ـرد” لمجرد أنه أصبح يعيش حياةٍ لا تشبهه، أصبح يـ ـتيم الأبوين وتر.بىٰ مع امرأة ليست بأ.مه كانت إحدىٰ أسـ ـباب د.مار حياته، لَم يشعر بنفسه حينما سقـ ـطت عبراته على صفحة وجهه وكأنه قد طـ ـفح بهِ الكيـ ـل وأعـ ـلن رايات أستسلا.مه وضـ ـعفه
«”يـوسف”؟ انتَ معايا يا حبيبي، مالك يا نو.ر عيني مين ز.علك أوي كدا، طب أجيلك يا حبيبي؟ قولي أي حاجه يا “يـوسف”، لو عايزني أجي هجيلك حالًا» أنهـ ـت حديثها بتلهـ ـفٍ حينما أستمعت إلى صوت تهتـ ـك أنفا.سه لتعلم على الفو.ر أنه يبكي، كيف لا وهي أمٍّ تشعر بصغارها حتى وإن أقنعونا أنهم بخير، حز.نت وبشـ ـدة وهذا حـ ـقها، فهذا الو.سيم و.لدها وقطـ ـعةٌ مِنها، كيف لا يؤ.لمها قلبها لأجله
«لا خلّيكِ، انا عندي مشوار كدا هطلعه على السر.يع وهجيلك انا» أنهـ ـىٰ حديثه وهو يز.يل عبراته بكفه الحُـ ـر عن صفحة وجهه لتقوم بالموافقة على حديثه وتُنهـ ـي المكالمة معه، أبعـ ـدت الهاتف عن أذنها وهي تنظر أمامها بشـ ـرودٍ بعد أن شعرت بوخـ ـزة قلبها المتأ.لمة
تنهـ ـدت بعمـ ـقٍ ثم نهضت وتوجهت إلى المطبخ وهي تنتوي على إعداد العشاء بنفسها إليه دون مساعدةٍ مِن أحد وقد أتخذت قرارها في البقا.ء بجوار و.لدها وابنـ ـتها دون الأبتعا.د عنهم مرةٍ أخرىٰ، ستعو.ضهما عن ما مرةَ بهما سويًا وخصيصًا و.لدها الذي يبدو وكأن حز.ن العالم أجمع يسـ ـكن داخل قلبه الذي تلطـ ـخ نقا.ءه بقسو.تهم وجبـ ـروتهم وحـ ـقدهم عليه
تعلم أنه يحتاج إليها وبشـ ـدة، تعلم أنه يفتقـ ـر بالتأكيد إلى عناق الأم وحنانها، تعلم أنه بالتأكيد رأىٰ الو.يلات وعا.نىٰ كثيرًا حتى أصبح ر.جلٌ كبيرٌ يها.به الجميع ويخضـ ـعون إليه، مسـ ـحت عبراتها العا.لقة على أهـ ـدابها وحاولت تما.لُك نفسها وبدأت بإعداد الطعام حتى يصل.
_______________________
<“زار الفرحُ داري، بعد عتمـ ـةٍ أطا.حت بسعادتي”>
كان يجلس على الأريكة شا.رد الذ.هن بصره مثبت في نقـ ـطةٍ فا.رغة وهو يُفكر فيما ينتظره بعد عطـ ـلته التي يقضيها الآن رفقة زوجته، خر.جت “مـها” مِن المطبخ وهي تحمـ ـل صحن التسالي الممتـ ـلئ لتجاوره في جلسته الصا.متة تلك تضع الصحن على قدميها، ر.مقته بطرف عينها لتراه مازال شار.دًا في أمرٍ يبدو ها.مًا بالنسبة إليه
«بتفكر فـ إيه يا “سـراج”، يا ترى هتتجوز عليا ولا بتفكر تاخد فلوسك مِني أزاي، لعلمك انا على باب الله يعني متفتكرنيش غنيـ ـة بقى والكلام العبـ ـيط دا»
أستطاعت جذ.ب أنتباهه لينظر إليها قليلًا دون أن يتحدث، فيما عقدت هي ما بين حاجبيها وقررت محادثته ومعرفة ما بهِ فهي أول مرة تراه بهذه الهيئة، زفـ ـر هو بعمـ ـقٍ ثم أعتدل في جلسته وقرر التحدث معها كالمعتاد
«بقولك إيه، انا بحبّك»
ضحكت هي بعد أن ظنت أنه سيتحدث في أمرٍ ها.م كالمعتاد ليقرر مفاجئتها هو هذه المرة ومخا.لفة توقعاتها تمامًا، نظرت إليه مبتسمة الوجه ليُكمل هو حديثه قائلًا:
«بتكلم جَد واللهِ، بحبّك أوي كمان، وعايز أظبـ ـط حياتي وأعيشها معاكِ صح، عايز حياتي تكون طبيعية، عايز أحس إني عايش، أبقى حما.ر وانا بضـ ـيَّع الوقت دا كله كدا مِن غير ما أصلـ ـح حياتي، خصوصًا لو متجوز القمر دا، يعني لسه كُنْت بفكر كدا مع نفسي لمَ كل حاجه تر.جع لطبيعتها وتخلَّـ ـص وربنا يكرمنا ويبقى عندنا عيال بقى هيكونوا شبه مين فينا، انا عايز أربعة توأم بنـ ـتين وو.لدين، عايزهم كدا يكونوا سن بعض عايز أعيش اللحظات دي بكل تفصيلة فيها، نضحك ونهزر ونتجـ ـنن ونز.عق ونعمل كل حاجه، عايز البيت دا يكون مليا.ن أصوات عا.لية كدا، مش عاجبني الصمـ ـت القا.تل اللي عايشين فيه دا، انا بصراحة نويت أنهـ ـي كل الموا.ل دا الفترة دي، عايز أفكر فـ نفسي وأشـ ـم نَفَسي، وعشان جعفر وبنته يعرفوا يعيشوا بالذات “ليان”، آن الأوان كل حاجه تر.جع لأصلها، مش كدا؟»
أنهـ ـىٰ حديثه وهو ينظر إلى معالم وجهها الهادئة حتى الآن، تستمع إليه بهدوءٍ حتى غمرتها السعادة حينما تخيلت حد.وث ما قاله، لتشعر وكأن هناك فراشات تدا.عب معدتها، تهللت أسار.يرها وشعرت بالسعادة تغمرها لتبتسم إليه أبتسامةٍ صافيةٍ حنونة، هو في الحقيقة لَم يكن ينتظر أية إجابة مِنها لأن الإجابة قد تلقاها حينما أبتسمت وألتمعت عينيها بو.ميضٍ سا.حرٍ، أتسعت أبتسامته ثم أقترب مِنها ولثم وجنتها بـ قْبّلة حنونة ليسمعها تقول:
«أكيد موافقة دي حاجه تفرحني جدًا وتخليني أر.قص مِن الفرحة كمان، بس بلاش حكاية الأربعة التوأم دول يا سراج انتَ كدا عايز تمو.تني»
تعا.لت ضحكاته فهو كان يعلم تمام العلم أنها ستعتـ ـرض وبشـ ـدة على عدد الأطفال الذين يريدهم هو ليبدأ في محاولة إقنا.عها حينما حاوطها بذراعه متحدثًا بنبرةٍ هادئة في محاولةٍ مِنهُ لإقنا.عها قائلًا:
«ليه طيب، دا انا حتى ناوي أسميهم أسامي حلوة أوي، أربعة حلوين انا عايز عيال كتير بقى بصراحة كدا عايز مِن الآ.خر هيصة ومهـ ـرجان فـ شقتي، إيشي صر.يخ على عيا.ط على ز.عيق على شـ ـد شعو.ر بُصي مش هتناز.ل»
«لا واللهِ وصـ ـحتي دي جيباها ببلاش يعني، مش إنسانة انا وليا طا.قتي، مليش دعوة انا بقول كفاية أتنين حلوين أوي» نطقت بها “مـها” بعدما عقدت ذراعيها أمام صد.رها ونظرت أمامها وكأنها تُـ ـخبره أن النقا.ش في هذا الحديث منتـ ـهي بالنسبة إليها، ولَكِنّ مع مَن تتحدث هي، إنه “السراج” الذي لا أحد يجر.ؤ على قول “لا” إليه، فيما عداها هي لأنها محبو.بته بالطبع ولا يستطيع إحز.انها ولَكِنّهُ لن ييأ.س في محاولة إقنا.عها وسيبذ.ل قصا.رىٰ جهـ ـده حتى يصل إلى مبتغـ ـاه
أخذ صحن التسالي مِن على قدميها ووضعه على سطح الطاولة التي تقبع أمامهما ثم أستلقىٰ على الأريكة واضعًا رأسه على فخـ ـذيها مطالبًا إياها أن تسمح لتلك الأنامـ ـل الرقيقة والنا.عمة التوغـ ـل إلى خصلاته مثلما تفعل معه دومًا حينما يشعر بالإرها.ق لتبدأ تلك الأنامـ ـل اللطيفة في إزا.لة الآ.لم مِن رأسه تجعله ينعم بالراحة التي دومًا يتمناها، أغـ ـلق عينيه ولانت معالم وجهه وسيـ ـطر الهدوء على المكان لتنظر هي إليه بهدوءٍ مبتسمة الوجه تمسّد على رأسه برفقٍ دون أن تتحدث تفعل مثلما كانت تفعل مع أخيها حينما يدا.هم الآ.لم رأسه بعد أنتها.ء يومه العـ ـصيب ليركض فورًا إلى ر.احته التي كانت تز.يل حِمـ ـل هذه الأعتا.ق عن كا.هله.
______________________
<“سُبُل الراحة لا نها.ية لها، ولَكِنّها بالنسبة إليه وتينه”>
كان مستلقيًا على الفراش ضاممًا صغيرته إلى أحضانه وبيده الأخرىٰ هاتفه يتصفح إحدىٰ وسائل التواصل الإجتماعي، أبعـ ـد مرمى بصره عن شاشة هاتفه ونظر إلى صغيرته التي كانت مسـ ـتكينة للغاية دا.خل أحضانه تنظر لإبهامه الذي كان يُحر.كه للأ.على على شاشة هاتفه بتركيزٍ شـ ـديد، أبتسم هو حينها ومسّد على ظهرها برفقٍ وهو يُحرك رأسه بقلـ ـة حيلـ ـة
«الأطفال الصغيرة دي عليها حركات، بتركزوا فـ حاجات غر.يبة» أنهـ ـىٰ حديثه مع نفسه ثم ر.مقها بطرف عينه ليراها مازالت على وضعيتها، زفـ ـر بعـ ـمقٍ ثم لثم جبينها بـ قْبّلة حنونة وهتف إليها بنبرةٍ هادئة حينما قال:
«بس براحتك يا “وتينِ” طبعًا عشان انتِ مميزة، انا ليا فـ الدنيا دي كام “وتين” يعني»
أنهـ ـىٰ حديثه ثم تر.ك هاتفه بمـ ـللٍ وقرر صـ ـب تركيزه مع صغيرته الجميلة التي لا تستـ ـكين إلا في أحضانه هو فقط، بدأ يربت على ظهرها بحنوٍ بكفه الآخر ليراها تتـ ـململ وكأنها تخبره أنها لا تريد النوم بل هي وا.عيةٌ وبشـ ـدة إلى ما يحدث حولها، ولذلك حينما رأىٰ أنها لن تخـ ـلد إلى النوم نهض مِن على فراشه وأستقا.م على قدميه متوجهًا بها إلى الشرفة يشاهد المارين في الأسـ ـفل
أستقرت مُقلتيها على وجه والدها الذي كان يشاهد المارين في الأسفـ ـل حتى شعر بنظراتها إليه لينظر لها ويبتسم بحنوٍ ثم لثم وجنتها الممـ ـتلئة بحنوٍ با.لغٍ فحينما جاءت هذه الصغيرة قامت بإظهار نسـ ـخةٍ أخرىٰ مِن والدها، آخر حنونًا وبشـ ـدة ومُحبّ لهؤلاء الكا.ئنات الصغيرة اللطيفة، سَمِعَ صوت هاتفه يصدح عا.ليًا في الداخل يعلنه عن أتصالٍ، ولج إلى غرفته مرةٍ أخرىٰ وأخذه ليرىٰ مكالمة مرئـ ـية عبر التطبيق الشهيـ ـر “مسنجر” مِن صديقه “حـسن”
أجابه فورًا لتظهر صورة “حـسن” إليه وهو يحمل صغيره مبتسمًا ومعه كذلك في نفس ذات اللحظة “رمـزي” الذي كان جالسًا على فراشه نصف جلسة ضاممًا “قمره” إلى د.فء أحضانه
«أنتوا متفـ ـقين مع بعض ولا إيه؟!» نطق بها “مُنصف” وهو ينظر لهما عبر الشاشة ليسمع “حـسن” يُجيبه بنبرةٍ هادئة مبتسم الوجه قائلًا:
«شوفتك صُدفة فـ البلكونة وانتَ واقف بالقمورة ولقيت “رمـزي” عمال يبعت فـ ڤويسات على الواتساب مع إنها مش عا.دته وأتاري القمورة بتاعته نايمة فـ حـ ـضنه لقيتني بقى شا.يل نفس الشيـ ـلة قولت نو.ثق اللحظة التحفة دي، إيه رأيكم فـ حالنا الجديد أظن هما اللي بير.بونا مِن أول وجديد مش إحنا اللي بنر.بيهم»
«انا عن نفسي مش مضا.يق، “وتينِ” تعمل اللي هي عايزاه، دي أكتر لحظة كُنْت بتمناها يا عم، أبقىٰ معايا الحلا.وة دي كلها واز.عل عشان مبتر.تحش غير فـ حضني، انا مِن النهاردة يا شبا.ب “مُنصف” تاني خالص» أنهـ ـىٰ “مُنصف” حديثه مبتسم الوجه ليسمع “رمـزي” يقول حينها ردّاً عليه:
«دا قرار وماشي على الكل واللهِ يا ابني، بس انا راضي عشان معايا “القمر” نفسه، عُمرك سمعت عن “قمر” بينام فـ حضـ ـن إنسان!»
«يا حبيب قلبي انتَ دايمًا بتـ ـقنعني بكلامك فـ عيـ ـب عليك بقى تسأل، المهم طمنوني عليكم أخباركم إيه و “جـعفر” كويس عشان بقالي كام يوم مبنزلش ومبكلمهوش عشان أكيد عنده مشاغـ ـل»
أنهـ ـىٰ “مُنصف” حديثه بنبرةٍ هادئة متسائلة ليتولى “رمـزي” مهمة الر.دّ على أسئلته حينما قال بنبرةٍ أكثر هدوءًا:
«إحنا الحمد لله بخير دايمًا بفضل ربنا سبحانه وتعالى، بالنسبة لـ “يـوسف” وبالمناسبة انا مش مقتـ ـنع بـ “جـعفر” على شكل وشخصية واحد زَّيه، حقيقي مش جا.ي معايا غير “يـوسف” أسم جميل على أسم سيدنا “يـوسف” عليه السلام، يعني أدوني سـ ـبب واحد مقنـ ـع يخليكم تنادوه “جـعفر” لا شكل ولا شخـ ـصية لايقة على الإسم دا واحد بالصلاة على النبي ملامحه ملامح واحد أجـ ـنبي، انا مِن النهاردة مش هقول غير “يـوسف” هكتبها بالبو.نط العـ ـريض»
«الفكرة إنه كبر وأتر.بى على إنه “جـعفر” مش “يـوسف” وإحنا لمَ عرفناه زمان أيام ما كُنْا عيال إن أسمه “جـعفر” بس ومِن كتر ما بنناديه بيه خدنا عليه، إنما “يـوسف” محتاج وقت أتعود عليه فيه عشان مش واخد عليه لسه كل ما بنادي عليه بقوله “جـعفر”، بس دي كل الحكاية»
أنهـ ـىٰ “حـسن” حديثه الذي كان مقنعًا لهما بنبرةٍ هادئة ليد.وم الصمـ ـت بينهم لمدة ثوانِ قبل أن يقطـ ـعه “مُنصف” حينما قال متسائلًا:
«أيوه يعني هو عامل إيه دلوقتي أنتوا مسكتوا فـ وش القفـ ـص وسيـ ـبتوا المفيد؟»
«آخر مرة كلمته كانت أول إمبارح كان بيقول إن حو.ار عيلته دا لسه مش قد كدا يا.دوبك اللي خد عليهم والدته وعمه وولاد عمه مش أكتر بس هو بخير الحمد لله، تلا.هي الدنيا و.خداه شويه بس مش أكتر» أنهـ ـىٰ “حـسن” حديثه ليرىٰ الإطمئنان على معالم وجه الآخر الذي زفـ ـر بعمـ ـقٍ وشكر ربه أن رفيقه بخير ولم يمـ ـسه سو.ء
«طب معلش يا ر.جالة هقا.طعكم هستأذنكم بس أروح الجامع أصلي وأرجعلكم عشان متروحش عليا صلاة العشا» نطق بها “رمـزي” بنبرةٍ متهذبة لهما يستأذنهما قبل إغلا.قه المكالمة ليسمعهما يودعانه ليقوم بترك هاتفه على سطح الطاولة ومعه وضع صغيرته على الفراش مطمئنًا عليها قبل ذهابه إلى المسجد
______________________
<“لا تقُل لي لا، حتى لا ترىٰ أنت الظُلـ ـمة معي!”>
كان “بـشير” جالسًا على مقعده في مكتبه يحرك قدميه بغضـ ـبٍ مفـ ـرط وهو حقًا لا يستطيع تما.لُك نفسه ينتظر قدوم زوج شقيقته على أحـ ـر مِن الجمـ ـر، لا يستطيع أختيار القرار الصو.اب أيقوم هو بنفسه وإلقا.ن هذا اللـ ـص درسًا قا.سيًا ويأخذ حـ ـقه المسلو.ب بنفسه وينتهـ ـي الأمر على ذلك؟، أم ينتظر رفيقه حتى يصل ويأ.خذ هو حـ ـقه المسلو.ب على طريقته الخاصة؟
كان في حير.ةٍ مِن أمـ ـره وكأنه قاب قو.سين أو أدنى، وحينما شعر بالضـ ـيق والر.غبة في إفـ ـراغ غـ ـضبه الملكو.م دا.خل صد.ره زفـ ـرٍ بعمـ ـقٍ وأمسك بتلك الكرة المطا.طية الصغيرة وبدأ يضـ ـغط عليها بقو.ةٍ عساه أن يتحـ ـلىٰ بالهدوء قليلًا ليستطيع الإحتفا.ظ بهدوءه الزا.ئف لأطول وقت ممكن، لحظات وتعا.لت طرقات قو.ية على باب مكتبه ليسمح لصاحبها بالولوج ولَم يكُن غيره
«إيه اللي حصل بقى كدا عشان عـ ـصبيتك كانت زا.يدة ومفهمتش أوي اللي حصل؟» أنهـ ـىٰ “جـعفر” حديثه وهو يقف أمام مكتب “بـشير” الذي أشار إليه بالجلوس، دام الصمـ ـت بينهما قليلًا قبل أن يقطـ ـعه هو حينما حاول التحـ ـلي بالهدوء وقال:
«انا لسه قا.بض مبقاليش ساعتين على بعض، روحت سـ ـحبت الفلوس مِن ال ATM عادي كانوا ٥ آلاف جنيه جيت هنا حطيتهم فـ دُر.ج المكتب عادي وجالي موظف زميل قالي إن المدير عايزني المهم روحت وقعدت ساعة رجعت لقيت الدُرج مش مقـ ـفول كويس زَّي ما سـ ـبته ولقيت حوالي ٢٥٠٠ متا.خدين، يعني نص القبـ ـض مسر.وق والنص التاني موجود ومِن ساعتها وانا بغـ ـلي أقسم بالله وما.سك نفسي لحد ما تيجي»
«لا كريم أوي الرا.جل، خد نص القـ ـبض وسابلك النص التاني تمَّشـ ـي بيهم حالك لأخر الشهر ما هو لسه يعيني قدامك شهر على القبـ ـض الجديد، دا انتَ لو صر.فت كل يوم ٨٠ جنيه فـ ٣١ يوم يعني يعملوا حوالي ٢٤٨٠ جنيه وهيتبقى ٢٠ جنيه دي ممكن تتبر.علي بيها عادي وتبقى قـ ـفلت الـ ٢٥٠٠»
أنهـ ـىٰ حديثه مبتسم الوجه وكأنه يخبره أن يد.بر حاله ويتأ.قلم على ما هو عليه لحين قدوم شهرٍ جديدٍ، أستطاع إيجاد حلًّا آخر في غضون ثوانِ دون أن يكلـ ـف نفسه عنا.ء التفكير، بينما كان “بـشير” ينظر إليه وللحق هو مصد.ومًا وبشـ ـدة فهو كان يتو.قع أن يُخبره بطريقة ر.دّ حـ ـقه ولَكِنّ فا.جئهُ حينما أخبره أن يعيش بما يمـ ـلُكه أفضل مِن ر.دّ بقية المال
«”جـعفر”، تقوم تلحـ ـق نفسك دلوقتي وتمشي قبل ما أقوم انا أدغـ ـدغ المكتب دا على د.ماغك وأوديك لـ “أُ.مّك” متكـ ـسر» نطق بها “بـشير” بنبرةٍ غا.ضبة مكتو.مة وهو ير.مق الآخر الذي رغم أ.لم رو.حه ونز.يف قلبه يضحك ويمزح، غريـ ـقٌ يبحث عن ملـ ـجأٍ للنجا.ةِ مِن الغر.ق
«خلاص متتحمـ ـقش أوي كدا، انا بهزر معاك يا عم، تعرف مين خدهم طيب وأتصرفلك انا؟» نطق بها “جـعفر” بنبرةٍ هادئة وهو ينظر إلى الآخر الذي أ.كد على جملته الأ.خيرة بإ.ماءة خفيـ ـفة مِن رأسه
«حلو قولي مين وانا أوعدك لـ أخليه يقول حـ ـقي برقـ ـبتي»
أبتسم “بـشير” وهو يعلم تمام العلم أن رفيقه جا.دًا في هذه اللحظة، تعا.بير وجهه أصبحت جا.دة لا تمزح ليعلم أن الآخر ينتظره الجحـ ـيم على أيدي مَن لا ير.حم
بعد مرور القليل مِن الوقت
وصل “بـشير” إلى وجهته المعلومة بعد أن أوقف سيارته أسفـ ـل البِنْاية المُرا.دة، نظر “جـعفر” إلى البِنْاية ثم نظر بعدها إلى “بـشير” الذي قال بنبرةٍ هادئة:
«الدور الخامس، شقة ١٤٨، أسمه “رامـي جليل”، شغال موظف معايا»
«خلّيك هنا بقى لحد ما أطلـ ـع أتضا.يف عنده وأنز.لك» نطق بها “جـعفر” بنبرةٍ با.ردة بعد أن أرتدىٰ نظارته الشمسية ثم ترجل مِن السيارة السو.دا.ء ذات الما.ركة الشهـ ـيرة متوجهًا إلى الداخل، نظر “بـشير” إلى أثره ثم أبتسم وضـ ـغط على إحدىٰ الأز.رار ليعود المقعد خاصته إلى الخـ ـلف في وضـ ـعية أكثر راحة حتى يعود إليه رفيقه ومعه نقوده المسرو.قة
خر.ج “جـعفر” مِن المصعد واتجه إلى الشقة المُرادة ثم دق على جرس المنزل وانتظر حتى يُفـ ـتح الباب، لحظات وفُتِـ ـحَ ليظهر إليه شا.بًا بنفس عُمر “بـشير” يرتدي ملابسه البيتية المُريـ ـحة، ر.مقه بتعجبٍ واضحٍ ليقول بنبرةٍ هادئة:
«أيوه مين انتَ؟»
«”رامـي جليل” مش كدا؟»
شعر “رامـي” بالغرا.بة ولَكِنّهُ حرك رأسه بإ.ماءة صغيرة يؤ.كد حديثه، أبتسم “جـعفر” حينما تأكد مِن وقو.ع فـ ـريسته في شِبا.كه
«تسمحلي أد.خل ولا هتفضل مو.قف ضيفك على باب بيتك كدا كتير؟»
أفسح إليه “رامى” الطريق وأشار إليه لـ يلج الآخر بخطىٰ ثا.بتة وشمو.خٍ لا يليقُ إلا بهِ هو وحده، لَحِقَ بهِ “رامـي” إلى غرفة المعيشة ليجلس على الأريكة أسفـ ـل نظرات الآخر الذي كان يشعر بالغرا.بة الشـ ـديدة
«عارف إنك بتسأل نفسك دلوقتي انا مين، انا أعرفك بس انتَ متعرفنيش، بس هتعرفني متقـ ـلقش يعني، أقعد»
أنهـ ـىٰ “جـعفر” حديثه وهو يُشير إليه بالجلوس، جلس “رامـي” بالفعل وهو ينظر إلى “جـعفر” الذي أخر.ج سيجارته ووضعها بين شفـ ـتيه ثم أخر.ج قد.احته وقام بـ إشعا.لها ليأخذ مِنها نفـ ـسًا عميـ ـقًا ثم يُخر.جه ببرود، بات التو.تر واضحًا على معالم وجهه ليشعر “جـعفر” بهِ ولَكِنّهُ لَم يتحدث لبعض الوقت حتى أصبح الآخر يشتـ ـعل في مكانه خو.فًا مِمَّ هو قادم خصيصًا أنه لَم يأتي إلا عندما قام بسر.قة أموال “بـشير”
«طبعًا انا مش هطول معاك، هتديني الـ ٢٥٠٠ جنيه اللي سر.قتهم مِن “بـشير” بالذوق والحُبّ ولا نمشـ ـيها بنظام بكا.ني وأشتكـ ـى مِن قلـ ـة الهـ ـشتكة؟»
أنهـ ـىٰ حديثه الذي كان مباشرًا وصر.يحًا مع الآخر الذي شحـ ـب وجهه سريعًا وأنسحـ ـبت الد.ماء مِن أورد.ته، كان حقًا مصد.ومًا وبشـ ـدة فهو كان لا يتو.قع أن يتم كـ ـشفه بتلك السرعة، فهو يعلم أن “بـشير” سا.ذجًا ولا يستطيع أتها.مه وردّ الحـ ـق إليه ولذلك فعل تلك الجر.يمة وقام بسر.قتهِ، ولَكِنّ يبدو أنه ليس كذلك بعد الآن
«شكـ ـله يعرف حبة بلطـ ـجية حلوين يجـ ـيبوله حـ ـقه»
قرر التسلُـ ـح بالشجا.عة الزا.ئفة وإظهار قو.ته التي لا يوجد لها أسا.س أمام واحدٍ مِن أسـ ـياد حواري بلده، مازال يجـ ـهل قيمة الشخص القا.بع أمامه، لا يعلم أنه يستطيع تجـ ـريده مِن ملابسه وتسـ ـديد الضـ ـربات العنيـ ـفة لهُ حتى يستسـ ـلم ويُعطيه مبتـ ـغاه
«هو مِن ناحية إني بلطـ ـجي فانا بلطـ ـجي فعلًا، أسمي “جـعفر البلطـ ـجي” إنز.ل “حارة درويش” وأسأل عليا هيوصلوك لبيتي، وتبقى ابن حلال لو لقيتني بأد.ب واحد كالعادة، أصل انا كل يوم بصبح على واحد شكـ ـل وبعمل ليلة حلو.ة لأهل حارتي، منصـ ـحكش عشان انا غبـ ـي، هات فلوس أخويا أحسنلك، “بـشير” أخويا واللي يد.وسله على طر.ف بد.وس انا على ر.قبته، فلوس أخويا تطلـ ـع بدل ما أوريك شغـ ـل العـ ـربجة على حـ ـق»
أنهـ ـىٰ “جـعفر” حديثه وهو ينظر إليه نظرةٍ حا.رقة متو.عدة يخبره أنه ليس كما “بـشير” يصمـ ـت عن حقو.قه بل هو أقو.ىٰ مِنهُ ولا يتر.ك حقو.قه مهما حد.ث فما رأه وعا.ناه وعاش بهِ جعله لا يتر.ك حـ ـقه ويأ.خذه حتى وإن كان بين عر.ين الأسو.د، أبتـ ـلع غصته بهدوءٍ شـ ـديدٍ ور.فع كفه يمـ ـسح على جبينه المتـ ـندي بشـ ـدة وهو يُد.رك مدىٰ خطو.رته التي رأها على نظراته ور.دود أ.فعال جـ ـسده
«يلَّا يا قمور عشان معنديش وقت ليك، ور.ايا مشاوير أهم وخلّي بالك أوعى تفكر تتهو.ر، انا جبت قر.ارك كله فـ ثانية، فـ خليك زَّي الشاطر وأخلـ ـص، بدل ما أبلـ ـغ البو.ليس وتتحـ ـبس»
بالفعل رأه ينهض ويلج إلى الداخل بعد أن ظهر الر.عب على معالم وجهه بشكلٍ واضحٍ يكاد الأ.عمى يراه، فيما نظر إليه “جـعفر” بطر.ف عينه وهو يبتسم بجانبية، لحظات وعاد إليه وإحدىٰ ذراعيه خلـ ـف ظهره، نهض “جـعفر” بعدما شمـ ـله بنظراته الغير مُـ ـريحة لبعض الوقت حتى با.غته “رامـي” وأخر.ج سلا.حه وأشـ ـهره بوجه “جـعفر” الذي با.غته هو كذلك وضر.ب ذراعه ذاك ليسقـ ـط المسد.س أرضًا ويقوم “جـعفر” بـ لكـ ـمه في وجهه بقو.ة ليسقـ ـط “رامـي” على الأريكة وهو يضع يده على وجهه متأ.لمًا بقو.ة
أكمل “جـعفر” لكـ ـمه عدة مرات ثم تركه حينما تأكد أنه لن يقد.ر على الوقو.ف ومـ ـنعه ليتوجه سريعًا إلى الداخل حيث تقـ ـبع غرفته يبحث عن نقود رفيقه في كل مكان، لَم يتر.ك مكانًا إلا وبحث بهِ ليجدها أخيرًا في خزنة ملابسه، أخذها وتأكد مِن عددهم ثم خرج مرةٍ أخرىٰ ينظر إلى “رامـي” نظرةٍ مشمـ ـئزة قبل أن يتركه وير.حل تاركًا باب المنزل مفتو.حًا
خر.ج مِن البِنْاية وتوجه إلى السيارة ليجد “بـشير” ممـ ـددًا على المقعد براحةٍ ممسكًا بهاتفه مبتسم الوجه، ولج داخل السيارة مغـ ـلقًا الباب خلفه مستشعرًا برو.دة الجَو بسـ ـبب مكيف السيارة الذي كان يعمل، نظر إليه وأعطاه نقوده دون أن يتحدث ليعتدل “بـشير” في جلسته وهو ينظر إلى نقوده بذهولٍ واضحٍ، لا يُصدق أن “جـعفر” أستطاع إستعا.دة نقوده كاملة مِن ذاك اللـ ـص
«يا ابن اللذينَ، بسهولة كدا؟» نطق بها “بـشير” بذهولٍ وهو ينظر إلى رفيقه الذي أبتسم بزهوٍ وأعتدل في جلسته دون أن يتحدث
«شكلك ركبته الر.عب»
«شويه وحياتك وكان هيمو.ت مِني، بس دا طـ ـلع سو.ابق يا عم دا ر.فع عليا المسد.س ابن المحترم، بس أتصر.فت يعني، أطـ ـلع بس عشان البو.ليس جاي دلوقتي يقـ ـبض عليه»
ر.مقه “بـشير” بذهولٍ تا.م فور أن أستمع إلى حديثه ليراه يبتسم أكثر وينظر إليه قائلًا بمر.اوغة:
«أصلي بلـ ـغت عليه»
تعا.لت ضحكات “بـشير” بقلـ ـة حيـ ـلة على رفيقه الذي يفا.جئه كل مرةٍ يقـ ـع في مشكـ ـلة جديدة، أعاد مقعده كمان كان ثم أدار سيارته وتحرك بهدوء، نظر إليه وقال بنبرةٍ هادئة:
«على الحارة؟»
«لا، هطلـ ـع على “أُمّي”، وصلني بقى»
«معاك أسبوع تقولي اللي نفسك فيه وانا عليا أنـ ـفذ عشان جـ ـدعنتك معايا» نطق بها “بـشير” مبتسم الوجه لينظر إليه “جـعفر” نظرةٍ ذات معنى مبتسمًا دون أن يتحدث وألتزم الصمـ ـت حتى يذهب إلى حبيبته “شـاهي” ويُخر.ج ما في جَـ ـبعته لها.
________________________
<“يبحثون دومًا على ثغـ ـراتٍ لأفـ ـتعال المشا.كل”>
كانت “شـاهي” تقوم بإعداد الطعام بنفسها إلى ولدها الحبيب بسعادةٍ وحُبٍّ شـ ـديدٍ وهي تنتظر مجيئه على أحـ ـر مِن الجمـ ـر، و.لجت في هذه اللحظة “زيـنات” تلك المرأة مفـ ـسدة اللحظات السعيدة لتراها تُعد هذا الطعام كله وحدها وكأن القادم أحد الشخصيات الها.مة، هتفت بنبرةٍ سا.خرة إليها وهي تقول:
«خير اللهم أجعله خير، إيه دا كله عاملة وليمة ولا إيه؟»
شعرت “شـاهي” بالضـ ـيق الشـ ـديد مِنها لتر.مقها بطر.ف عينها نظرةٍ حا.نقة ثم عادت تنظر إلى ما تفعله قائلة بنبرةٍ فا.ترة:
«آه، أصل عقبال عندك نور عيني “يـوسف” جاي، طبيعي هعمله وليمة»
مصمـ ـصت “زيـنات” شفتيها بتهـ ـكمٍ واضحٍ عليها لتبدأ ببـ ـخ كلماتها السا.مة في أذني “شـاهي” التي بدأت تشعر بالضيـ ـق الشـ ـديد حينها قائلة:
«واللهِ يا حبيبتي انا شايفه أنها ملهاش أي لاز.مة يعني كل دا، هما صـ ـنفين حلوين أوي عليه مش محتاجه يعني، وبعدين يادوبك لسه عرفاه مبقالكيش شهرين، مش غـ ـريبة الحُبّ دا كله؟»
«لا هو انا شايفة الأغـ ـرب، إنك بتتحشـ ـري فـ اللي ملكـ ـيش فيه يا “زيـنات”، خلّيكِ فـ حالك يا حبيبتي وركزي مع عيالك أحسن ما تركزي فـ حياة الناس، زَّي ما فرحانة بعيالك وبتعمللهم المحمـ ـر والمشمـ ـر وقعدتي طول السنين اللي فا.تت دي تقهـ ـريني باللي مش عندي، جه الدور بقى إني أدي لعيالي اللي أتحـ ـرموا مِنُه فـ الدنيا وخصوصًا حبيب قلبي “يـوسف” أصله ما شاء الله الله أكبر عليه را.جل ملـ ـوو هـ ـدومه حـ ـرم نفسه مِن حلاوة الدنيا عشان خاطر يد.وقها لأخته، بس هنقول إيه بقى، في فـ ـرق بين اللي تعرف تر.بي قر.د قـ ـطع، وبين اللي الدنيا حـ ـرمتها مِن أبنها اللي أتر.بى بعـ ـيد عن حضنها وبرضوا طلع را.جل، بلاش نفتـ ـح كلام يا “زيـنات” في المواضيع دي عشان منزعلش مِن بعض، ولأخر مرة هقولهالك ملكيش دعوة بيا انا وعيالي، وشيـ ـلي ابني مِن د.ماغك، عشان متصد.عش»
أنهـ ـت “شـاهي” حديثها المؤ.لم إلى تلك المزعو.مة “زيـنات” والتي شعرت في هذه اللحظة بالنيرا.ن تنهـ ـش صد.رها والغـ ـضب يُسيطـ ـر عليها، فهذه أول مرة تقوم بها “شـاهي” بالردّ عليها ويبدو أنها أستعادت قو.تها مرةٍ أخرىٰ وستقوم بالوقو.ف أمامها نـ ـد بنـ ـد، تركت المكان وخر.جت كالإعـ ـصار وهي تستشـ ـيط غـ ـضبًا أسفـ ـل نظرات “شـاهي” التي أبتسمت سا.خرة وعادت تُكمل ما تفعله
في حديقة المنزل
حيثُ يجلس “راضى” يقرأ بعض الأوراق الخاصة بعمله بإند.ماجٍ شـ ـديد شعر بظـ ـلٍ يحجـ ـب رؤيته، ر.فع رأسه ليرىٰ أخيه أمامه والذي جلس بجواره دون أن يتحدث بحرفٍ واحد
«في إيه يا “عـماد” مالك ساكت كدا ليه مش عوايدك» هكذا هتف “راضـي” بعد أن ترك أوراقه، أبتـ ـلع “عـماد” غصته وقال بنبرةٍ هادئة بها بُحَّـ ـةٌ حز.ينة:
«مفيش، كُنْت بزور “عدنان” وكالعادة أتأ.ثرت»
«ربنا يرحمه ويغفرله، فـ الجنة بإذن الله، انا محتاج أروح أزوره بقالي فترة مروحتش ودي مش عوا.يدي» هتف بها “راضـي” بنبرةٍ غير را.ضية بعد أن مسـ ـح بكفه على وجهه ليربت الآخر على فخـ ـذه برفقٍ دون أن يتحدث فكلاهما متأ.ثران بمو.ت شقيقهم الحبيب الذي كان طيب القلب وبشو.شًا دومًا يمـ ـلُك حنان العا.لم أجمع بد.اخله
في هذه اللحظة ولج “جـعفر” إلى المكان وهو ينظر حوله بتـ ـيهٍ فهذه مرته الثانية ومازال يجهـ ـل المكان، رأه “راضـي” الذي قام بمناداته بنبرةٍ عا.لية ليلتفت إليه هو ويقترب مِنهُ، نظر “عـماد” إلى أخيه الذي أبتسم وقال:
«ابن الغا.لي، “يـوسف” ابن اخوك “عدنان” يا “عـماد”»
أبتهـ ـج “عـماد” فور رؤية ابن شقيقه الراحل ليُصد.م حينما رأىٰ التشا.به الكبير بينهما وكأن “عدنان” هو مَن يقترب مِنهُ وليس “يـوسف”، نهض “راضـي” وعانقه بحنوٍ ممسّدًا على ظهره برفقٍ وهو يُرحب بهِ بشـ ـدة، شعر “جـعفر” بالراحة حينما رأىٰ عمه الحبيب أمامه والذي أرتا.ح لهُ قلبه مؤ.خرًا وأصبح قريبًا مِنهُ
«نوَّرت يا “يـوسف” واللهِ د.خلتك عليا خلّتني مبسوط، أتمنىٰ تتكرر كتير»
«أكيد يا عمي، أنتوا أهلي وناسي، أوعدك متكونش آخر مرة» هتف بها “جـعفر” بنبرةٍ هادئة وهو ينظر إلى عمه الذي مسّد على ذراعه برفقٍ ثم أشار على “عـماد” وهو يقول بنبرةٍ هادئة:
«عمك “عـماد”، توأم ابو.ك الله يرحمه»
نظر “يـوسف” إلى عمه “عـماد” الذي أبتسم إليه وفر.ق ذراعيه في الهواء، عانقه “جـعفر” ليضمه “عـماد” إلى أحضانه وألتمعت العبرات دا.خل مُقلتيه تأ.ثرًا، لا يُصدق أن هذا اليوم قد جاء ضاممًا هذا الشا.ب إلى أحضانه، بينما شعر “جـعفر” بالراحة في عناق عمه الآخر والطمأنينة ولذلك شـ ـدد مِن عناقه إليه
«دا بقى توأم أبوك مكُناش بنعرف نفرَّ.ق بينهم بسـ ـبب التشا.به الكبير اللي بينهم، “شـاهي” معاها صور أبوك تبقى تفرجك عليهم وتقول بنفسك»
أبتسم إليه “جـعفر” وشعر بالحز.ن في نفس الوقت بفر.اق والده الحبيب ولَكِنّ أستطاع التحـ ـكم في ذلك سريعًا وأبتسم إليهم وأستأذنهم للذهاب إلى والدته التي كانت تنتظره في بهو المنزل تجلس تنتظره، صدح رنين جرس المنزل عا.ليًا لتتوجه الخادمة وتفتـ ـحه لهُ، ولج بهدوءٍ ليرىٰ والدته تنهض مبتسمة الوجه تفـ ـرق ذراعيها في الهواء إليه تدعوه لمعانقتها
لبـ ـى هو مطلبها وأقترب مِنها مُعا.نقًا إياها بحُبٍّ شـ ـديدٍ فيما ضمته هي إلى د.فء أحضانها ممسّدةً على ظهره برفقٍ شـ ـديد، لثم رأسها بـ قْبّلة حنونة ثم شـ ـدد مِن عناقه لها وهو يقول بنبرةٍ رخيمة متعـ ـبة:
«كُنْت مستني الحُضن دا مِن بدري يا “شـاهي” متعرفيش بيطبطـ ـب على قلبي أزاي وبيهو.ن عليا كتير أوي، حُضنك المُسـ ـكن بتاعي اللي بيخـ ـفف تعـ ـبي»
«حُضني ليك وموجود فـ أي وقت يا حبيب قلبي، حمدلله على سلامتك يا نور عيني، تعالى أقعد انا عملالك وليمة إنما إيه مقولكش كان نا.قصها “مـها”، بس مش مشـ ـكلة تتعو.ض المرة الجاية وهعملكم المحمـ ـر والمشمـ ـر كله مش هحر.مكم مِن حاجه، أقعد انتَ بس وأرتاح وانا هروح أجيب الأكل وأجيلك»
أنهـ ـت حديثها المتلـ ـهف ثم تركته وذهبت مسرعة إلى المطبخ أسفـ ـل أنظاره المُحبة التي كانت تتابعها بحنوٍ، جلس على مقعده وانتظرها وهو ينظر حوله يتفحص هذا المنزل الكبير والرا.قِ، لحظات وولج “مـؤمن” الذي أبتسم إليه فور رؤيته لهُ ليتقدم مِنهُ مُرحبًا بهِ
«نوَّرت يا باشا، إيه الزيارة الحلوة دي، كررها كتير بقى ها»
أبتسم إليه “جـعفر” وربت على ذراعه برفقٍ وهتف بنبرةٍ هادئة وقال:
«منوَّر بناسه يا “مـؤمن”، أوعدك هتتكرر كتير»
«أستأذنك هطلـ ـع أغيَّر هدومي وأجيلك ولا تكونش جاي لـ طنط “شـاهي” بقى» مازحه “مـؤمن” مبتسم الوجه ليضحك “جـعفر” بخفةٍ وقال:
«جاي ليكم كلكم يا عم إيه اللي بتقوله دا هو مفيش غير “شـاهي” يعني، شوف دُنيتك وانا مستنيك نقعد مع بعض»
«تمام ساعة كدا وأجيلك عشان تقعد معاها براحتك أو وقت ما تخلـ ـص معاها أبعتلي مسدج على “الواتساب” قولي»
وافقه “جـعفر” الرأي ليتركه “مـؤمن” ويصعد إلى غرفته حتى ينعم بالراحة قليلًا، جلس “جـعفر” مرةٍ أخرى بعد أن رأى “شـاهي” تضع الصحون على سطح الطاولة لينهض مِن جديد يقترب مِنها قائلًا:
«عنك يا سـ ـت الكل أرتا.حي انتِ»
«لا يا حبيبي خلّيك انا هطلـ ـعهم أهو انتَ تلاقيك جاي تـ ـعبان وعايز ترتاح»
«واللهِ ما هيحصل، عنك يا حبيبتي انا هطلـ ـعهم مش دا بيتي برضوا ولا إيه» هتف بها “جـعفر” يؤ.نبها على حديثها ليراها تهتف مسرعة تنفـ ـي ظنونه:
«بيتك طبعًا يا حبيبي، محدش يقدر يقول غير كدا»
«خلاص سيبيني أساعدك، انا متعود أساعد “بيلا” فـ البيت»
ساعدها بالفعل على وضع الصحون على سطح الطاولة ثمّ جلس على إحدىٰ المقاعد وجلست هي أمامه تضع الصحون أمامه لتسمعه يقول:
«إيه كل دا يا سـ ـت الكل، دا ولا كأنك عاملة وليمة»
«وماله يا حبيبي عايزاك تتغذى كدا وتمـ ـلىٰ هدومك، مع إني يعني شايفه إن “بيلا” عامله اللي عليها وزيادة» مازحته بحديثها وهي مبتسمة الوجه لتراه يضحك ويُجيبها قائلًا:
«عامله معايا الصـ ـح واللهِ، دي الوحيدة الحاجه الحلوة اللي فـ حياتي بعدك انتِ ومها وبنا.تي، شا.لتني كتير أوي يا “شـاهي” وأستحمـ ـلتني فـ أصعـ ـب ظروفي، دي تاج على راسي مِن فوق»
«يا سلام على الكلام الجميل، أبقىٰ سمعني كلام حلو زَّيك كدا يا “يـوسف”»
«قسمًا بالله لو طلبتي عيوني أشـ ـيلهم وأديهوملك فـ لحظتها»
ولج “جـاد” في هذه اللحظة مغـ ـلقًا الباب وركض نحوه مسرعًا يهجـ ـم عليه بالعناق والقُبل الحا.رة بعد أن أخبره والده بتواجده معهم، تفاجئ “جـعفر” مِن هجو.مه ذاك ولَكِنّهُ ضحك سريعًا على جـ ـنونه الذي يراه لأول مرة وهو يُحاول تهـ ـدأته، بينما كانت “شـاهي” تشاهدهما مبتسمة الوجه وهي ترى حُبّ “جـاد” وتعـ ـلقه الشـ ـديد بولدها
«ياض يا ابن المجـ ـنونة براحة همو.ت مِنك مش كدا يخر.بيتك!» هتف بها “جـعفر” الذي كان يُحاول تحر.ير نفسه مِن حصا.ر ابن عمه الذي ضمه بشـ ـدة إلى عناقه وقال بسعادةٍ مفـ ـرطة وكأنه يراه لأول مرة:
«مبسوط أوي معرفش ليه لمَ بشوفك قدامي بفرح فرحة أوڤر، بحبّك أوي يا “يـوسف” أقسم بالله»
«يا عم حبني براحتك مقولتش حاجه بس مش لدرجة إنك تمو.تني يا “جـاد” راعي السـ ـت طيب ملحـ ـقتش تفرح بيا»
أبتعـ ـد عنه “جـاد” وجاوره في جلسته وهو يثني ساعديه وهو يقول مبتسم الوجه:
«مبقد.رش أقسم بالله بتجيلي حا.لة كدا غر.يبة، إيه الأكل الحلو دا كله أكيد دا بتاع طنط “شـاهي” ريحة وجمال انا نِفسي أتفـ ـتحت على الأكل وهشاركك يا “يـوسف”»
«بالهنا يا عم مـ ـدّ إيدك وشاركني بقى فـ الوليمة دي أما نشوف هنخلّـ ـصها أزاي»
أنهـ ـىٰ “جـعفر” حديثه وهو يبدأ بتناول طعام والدته بتلـ ـذذٍ مستـ ـمتعًا بطعم هذا الطعام الطيب الذي أُعِدَ لهُ بكل حُبّ، وقد شاركه بالفعل “جـاد” الذي كان لا يقـ ـل عن الآخر شيئًا أسـ ـفل نظرات “شـاهي” التي كانت تنظر لهما بـ عينين ملتمعان وحز.ينة، أستطاع “جـعفر” قراءة ذاك الحز.ن سريعًا ليأخذ قطعة اللـ ـحم ويَمُدّ يده نحوها، لَم تستطع رفـ ـض طلبه ولذلك تنا.ولتها مِن يده لتراه مبتسم الوجه لها وبدأ يطعمها معه وكأنها طفلةٌ صغيرة ليُحاول إضحاكها وهو يقص عليهما مغامراته وشجا.ره مع “فريد” وقصة حُبّه الأسطورية مع والدة صديقه
«واللهِ يا “يـوسف” قعدتك معانا كدا بالدنيا وما فيها انا حبّيت قعدتك انا هجيلك كل يوم وأشوف الكلام دا كله بنفسي»
«هاخدكم معايا وأوريكم بنفسي إيه اللي بيحصل، يا ابني انا بلطـ ـجي هناك مش محترم أوي كدا زَّي ما شايفني دا بس عشان جديد عليكم لسه شويه وهتاخدو عليا وهتشوفوا وش العر.بجي بتاعي وقلـ ـة أد.بي على حـ ـق»
في هذه اللحظة ولجا كلًا مِن “راضـي” و “عـماد” ليبتهـ ـج قلبهما حينما و.قع بصرهما على ابن شقيقهما وهو يجلس مع والدته و “جـاد” يضحك معهما ويشاركهما يومياته، ظهرت في هذه اللحظة تلك المزعو.مة لتقرر إفسا.د سعادة “شـاهي” تلك وتُحولها إلى جحـ ـيم
«ما قولتلك يا “شـاهي” كفاية عليه صـ ـنفين، مش عارفه إيه التبذ.ير دا كله، هو آه أبنك وكل حاجه بس يعني كُنْتي سيبتلنا حاجه ناكلها خز.ين البيت قرَّب يخلـ ـص وهو ما شاء الله ما.لي هدومه أهو مش محتاج يعني»
كان الحديث صاد.مٌ على الجميع مصد.ومين مِن وقا.حتها وقد شعر “راضـي” بالغـ ـضب فيما شعر “عـماد” بالخجـ ـل مِن توا.قح زوجته مع الجميع، نظر “جـعفر” إلى والدته التي شعرت بالخجـ ـل والحز.ن خصيصًا حينما رأىٰ مُقلتيها ملتمعتين بعبراتها ولذلك شعر أنها كانت ليست أول مرة وكأن والدته تحمل حز.ن العالم أجمع دا.خل قلبها وهي فقط صا.متة لا تتحدث، أفضل سُبُل التعامل معها الآن هي الوقا.حة مع هؤلاء الإناس كما أعتاد دومًا ولذلك كان يتخذ سريعًا وضـ ـعية الد.فاع عن والدته وردّ كر.امته بأقل مجهو.دٍ مِنه
«وانتِ مال أ.هلك، هو انا باكل مِن جيب أبو.كي وانا معرفش، ما تقوليلي كدا يا “شـاهي” يمكن باكل مِن جيبها وانا معرفش، وبعدين وانتِ زعلانة ليه انا قاعد فـ بيت عمامي حبايبي وباكل مِن خيرهم، وبعدين انا واحد عنيه شبعا.نة ود.ايق خيرات ربنا كلها فـ مش محتاج بصراحة بس بتر.جع لأ.صلك وانتِ ملكيش أ.صل أصلًا ومش مجبـ ـر أردّ عليكي انا بس ردّيت عشان “شـاهي” أولًا وعشاني، وعندً.ا فيكي يا “عـنايات” انا هطـ ـب عليكم هنا كل يوم ومش هر.حمك إيه رأيك بقى وانا واحد مش متر.بي أساسًا وقلـ ـيل الأد.ب ولساني فا.لت مِني على طول، يعني بالبلدي كدا انا تر.بية شوارع فمتـ ـخلنيش أستخدم أسلوب مش حلو معاكِ عشان برضوا انتِ فـ الآخر واحدة سـ ـت ومرات عمي اللي لسه معرفهوش لحد دلوقتي»
أنهـ ـىٰ حديثه وهو ينظر إلى والدته وقال بنبرةٍ باردة مبتسم الوجه:
«عايزك يا “شـاهي” بعد ما أخلص الأكل التحفة دا تلميهوملي فـ كياس سو.دة، أصلي هاخده كله معايا وانا مروَّح»
ر.مق زوجة عمه نظراتٍ حا.دة ومتحد.ية ليراها تشتـ ـعل أمامه وهي تر.مقه بحقـ ـدٍ د.فين، أنحنىٰ “جـاد” نحوه وهتف بنبرةٍ هامسة إليه وقال:
«عاش عليك بجد انتَ را.جل مِن ضهر را.جل وبريمو عشان و.قفت فـ وشها بس مش عايز أصد.مك وأقولك إنها مرات عمك “عـماد” اللي واقف جنب أبويا دلوقتي»
صُدِ.مَ “جـعفر” وبشـ ـدة ونظر إلى عمه “عـماد” القابع بجوار عمه “راضـي” وهو يشعر أنه قد أفسـ ـد كل شيء ولَكِنّهُ في كل الأحوال كان سيتحدث ويقف أمامها النـ ـد بالنـ ـد مد.افعًا عن والدته التي صمتت حينما صُد.مت مِن وقا.حتها، إنه هدفٌ رائع ولَكِنّ في مرمانا.

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية جعفر البلطجي الجزء الثالث)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى