روايات

رواية جريمة قتل الفصل الخامس 5 بقلم مريم وليد

رواية جريمة قتل الفصل الخامس 5 بقلم مريم وليد

رواية جريمة قتل الجزء الخامس

رواية جريمة قتل البارت الخامس

جريمة قتل
جريمة قتل

رواية جريمة قتل الحلقة الخامسة

– هو أنتِ لأمتى هتفضلي كده؟ طول عمرك مش بتهتمي بحد فينا لدرجة إنك سبتيه لحد ما مـ.. ات بأبشع الطرق.. حق بابا وأنس أنا هاخده بأيدي!
وقفت في طريقي وكملت:
– وناوية تعملي إيه يا بنت بطني! هتروحي تدوري انتِ على المجـ/رمين دول! أنتِ بنت يا مريم فوقي!
ضحكت بسخرية:
– انتِ عارفة المشكلة فين؟ المشكلة إني مشوفتكيش اتهزيتِ.. طول عمرك قاسية عليه وعلينا، فاقدين حنانك دايمًا، طول عمره يا حبيبي كان بيعاني علشان ينول الرضا.. وياريته ناله ده عايش طول عمره غريب في بيته!
ضربتني بالقلم على وشي فيوسف وخالتو دخلوا على صوتنا، خالتو بدأت تزعق معاها ويوسف اخدني وطلعنا السطح:
– مريم أنتِ عاوزة تعملي إيه؟
– عاوزة أمشي من هنا، تعبت يا يوسف.. ريحتهم في كل مكان، كل ما بلف في حتة بفتكر اللي حصل.
– بس أنس مماتش هنا، أنس مـ.. ات في القاهرة وابوكي حصلُه.. عاوزة تروحي علشان تفتكريهم؟
حركت راسي بِنفي وكملت:
– لأ عاوزة أروح أحقق في اللي حصل، أشتغل في التحقيق الصحافي، ادور في نفس الوقت ورا الناس دي لو عرفتهم هوديهم في داهية، وهبلغ عنهم!
– هي سهلة يا مريم! هتروحي تقوليلهم اصل دول السبب في موت ابويا وأخويا هيقولولك أهلًا وسهلًا هنسجنهم، ده غير إنك يا حبيبتي متعرفيش حتى اسمائهم.
غمضت عيني بتعب وحطيت راسي بين إيدي فرفع راسي بهدوء:
– هتروحي القاهرة زي ما أنتِ عاوزة، وهاجي معاكِ، وهندور وراهم، بس اتماسكِ وخليكِ كويسة.. وحاولي تسامحيها، هي كمان يا مريم مصدومة زيك!
– بس أنا مش مصدومة أنا تعبت.
كانت أخِر مرة شوفتها فيها، قبل ما اسافر أنا ويوسف القاهرة، حاولت توصلي اول شهرين معرفتش فبطلت تحاول، وقتها سبت كل حاجة ومشيت، منغير حتي ما احسب هي لو ماتت مثلًا هقدر اعيش ولا لا!
– أنا اللي قتـ.. لتهم..
خرج من الضلمة، فبدأ النور ينزل على جسمه وعلى وشـ.. ماما!
– أيوه يا مريم، أيوه يا حضرة الظابط.. أنا اللي قتـ/لت التلاتة، واللي كان عندي استعداد اقتـ.. ل أربعة وخمسة وألف بس علشان ابني وجوزي، ابني حبيبي اللي زي الورد اللي راح وراح معاه كل أيامي الحلوة!
قربت منِّي، قربت أوي ومسكت وشي بين إيديها ودموعها بتنزل:
– علشان أنا معنديش أغلى من عيالي، معنديش أغلى من قلوبهم.. لما حد يجرب يأذيهم هسحب روحه من جواه، ابني مات بسبب جرعة زايدة! وهم ما/توا بنفس الشكل وبنفس الطريقة..
سابتني وبصِت حواليها بسُخرية:
– فكرك يا حضرة الظابط إني هندم؟ فكرك إني أصلًا ندمانة دلوقتي؟ لأ.. أنا مش ندمانة علشان حاسة إنِّي شفيت غليلي، جبت حق ابني حبيبي، وابوه، وحتى بنتي اللي زهدت الحياة وهي يا حبيبتي لسه صغيرة!
قربت منِّي ومسكت إيدي، باست راسي وسط دموعها وضحكة غريبة مرسومة على وشها:
– أنا عمري ما كنت اقصد القسوة، أنتوا أغلى ليا من نور عيني، أنا عمري ما حد حضنني بس يا مريم.. عمر ما حد طبطب عليا بحنان، أنس الوحيد اللي كان حنين عليا هو وابوه.. أنتِ كنتِ حنينة، بس مش زيهم.. واخدة طبعي، قاسية وقت زعلك ومبتعرفي تنسي، دلوقتِ هم مشيوا وأنتِ قررتِ تبعدي وتسيبيني.. ليا إيه أعيش علشانه!
اتنهِـدت ومسحت دموعها، ابتسَـمت ابتسامة ممزوجة بالنصر والقهـ/ر.. اتحركت ومدِت إيديها لأدهم:
– يلا يا حضرة الظابط.
حركت راسي بنفي وجريت عليها، مسكتها من كتفها ولفتها ليا:
– أنتِ بتكدبي، مستحيل تعملي كده.. أنتِ مستحيل تقـ.. تلي، أنا.. أنا عارفاكي كويس، أنا أصدق إني عملتها ومصدقهاش عليكِ..
فضلت ساكتة فكملت وأنا بتحايل عليها:
– طيب يا ماما علشان خاطري، أنا كنت سيباكي بس أنا كنت بتطمن عليكي من خالتو، كنت متطمنة إنِّي مش لوحدي وإنك موجودة.. متطمنة على الأقل بنفسك حواليا، إني لو توهت في الدنيا هرجع اترمي في حضنك حتى لو مطبطبتيش عليا!
يوسف كان لسه واصل، جريت عليه:
– يا يوسف ألحق، بتقولهم هي اللي قاتـ.. لة، بتقولهم هي اللي عملت كده!
متكلمش، سكت.. هو ساكت، وهي ساكتة، حتى أدهم متكلمش.. يوسف أخدني في حُضنه وشاور لأدهم، هم واخدينها فين! هم كلهم بيمشوا ليه.. هو أنا اتكتب عليا افضل لوحدي!
– مريم!
صحيت لقيت نفسي في بيت يوسف على سريره، قُمت بتعب لحد ما خرجت برا.. كان قاعد هو وخالتو لما شافني خارجة جري عليا:
– أنتِ كويسة يا حبيبتي؟
حركت راسي بِهدوء وكملت:
– إيه اللي حصل؟ هي اتحبست؟
اتنهِـد بزعل:
– محدش هيقدر يعمل حاجة، هي اعترفت بكل حاجة قدام الكل.. اعترفت بجر/يمتها كاملة، وقالت مين كان بيساعدها، كل حاجة قالتها.
قعدت مكاني وبدأت أعيط، كُنت بعيط بمنتهى الصمت.. أنا جوايا حزن يحـ/رق مدينة بحالها!
– أنتِ مطلوبة علشان تفاصيل القضية، وعلشان هي كمان عاوزة تشوفك قبل ما تتعرض على النيابة.
حركت راسي بهدوء ودخلت غسلت وشي، غيرت هدومي ونزلت من البيت، يوسف رفض يسيبني لوحدي فجيه معايا.. أول ما وصلنا أدهم طلب نقعد.
– أنتِ كويسة؟
رفعت راسي بهدوء وكملت:
– هي كده خلاص! هتتعدم؟
اتنفس بهدوء وكمل بآسى:
– هي أعترفت بجر/يمتها مُفصلة، واعترفت على اللي شاركوا في الجر/يمة.. مثلًا أخُ كمال ساعدها وأداها المعلومات، وهو اللي حقنه بالمادة الكيماوية، وقالت إنها عرفت من يوسف إننا حابسين سعد في بيته بس كان توقيع بالكلام مش مساعدة منه..
كملت بهدوء:
– ممكن أقعد معاها اعرف منها بالتفصيل اللي حصل؟
حرك راسه بِإيجاب، قابلتها.. كان وشها مختلف، باين عليها التعب، والعجز، والقهرة، مكنتش أعرف إنها هتأثر فيا كده!
– عملتِ كده ليه؟ وعملتِ كده ازاي! قدرتِ تجمعي جريـ/ مة بالشكل ده أزاي!
– عملت كده ليه؟ علشان خاطر مقدرتش استحمل اللي حصل، وكده كده وجودي مكنش له لازمة، كنت ناوية امـ.. وت نفسي، بس قلت قبل ما اعمل كده أخلص من اللي خلصوا على ابني وجوزي وحياتي..
اتنهِـدت وابتسَـمت بسخرية:
– ازاي بقى؟ فهم كانوا ليهم اعداء كفاية يدلوني على رقبتهم.. كمال اخوه كان عاوزه يمـ..وت وميحاولش يوصل للورث اللي ابوه اصلًا حارمه منه، طلبت منه يقابل أخوه، ويحقنه بالمادة الكيماوية دي.. من جوا معاملهم خلي بالك، وبعدها أخدت الجـ.. ثة قطعت ايديها اللي شاركت في عمل او توزيع او إنتاح السـ/م اللي ابني اخده وشباب كتير غيره أخدوه وماتوا او حياتهم خربوا، أنا سامر فكان حرامي وناصب على واحد.. طلبت منه المساعدة، وبالفعل نفذ هو وموته..
كنت بسمعه وأنا دموعي مش ملاحقة بعض، قاعدة مع مجر/مة، والمجر/مة دي هي اللي ربتني، كنت في بيتها! حتى لو علشان هم السبب، نقتـ.. ل؟
– إنما بقى سعد، فكان لُه نصيب الأسد في إني أعملها بأيدي الأتنين.. اعذبه، واحكيله حكاية اخواته الاتنين اللي قبله، قطـ.. عت ايده اللي ادى بيها لابني المخروب ده، ابني اللي يا حرام وصل لأنه كان بيئِن.. بسببه.
اتنفِـست بسخرية وكملت:
– الضـ.. رب في المـ.. يت حرام، بس حتى ابنك اللي حارقة علشانه دمك اوي كده.. أنتِ اول سبب لإنه يمـ.. وت، أنتِ اللي سبتيه، أهملتيه، وخلتيه دايمًا برا البيت..
غمضت عيوني ومسكت إيديها:
– أنا مسمحاكِ، كفاية اللي حصل.. هعترفلك بأكتر إعتراف ممكن أكون كان نفسي اعترفلك بيه طول حياتي ومعرفتش، هعترفلك بيه علشان خلاص خلصت.. أنا بحبك، وكنت طول عمري بحبك، وطول عمري كان نفسي أسمع منك إنك بتحبيني.. كنت مستعدة أقعد في اسكندرية، ويوم ما كنت منهارة كنت مستنية حضنك، تخيلي مجرد كلمة منك كانت هتحييني! واستخسرتيها فيا.
تبقى ماشي في حياتك بتخسر، كل خطوة ليك بخسارة جديدة.. اتعافى ازاي، واتعافى علشان إيه، وهعيش ازاي بعد اللي حصل!
– مريم، النهارده النطق بالحكم..
حركت راسي بِهدوء وكملت:
– ماشي يا يوسف.
تخيل تبقى نازل من بيتك، رايح تسمع محاكمة أنت عارف إنك هتخرج منها حرفيًا صفر، منغير ولا حد!
– حكمت المحكمة حضوريًا على السيدة سوزان أحمد رفيق بالأعدام شنقًا.
كل الأصوات خلصت، ماعدا صوت راسي، كل التفاصيل اللي ممكن كانت تتجمع قدامي انتهت.. مفيش سبب علشان نكمل! ومنقدرش نسيب الحياة ناقصة!
خرجنا من قاعة المحكمة، كانوا ماسكينها بس لسه على وشها الجمود، وقفت قدامها فكملت بهدوء:
– يمكن لو كنتِ اترميتي في حضني مرة، وقولتيلي إنك بتحبيني.. كنت حسيت إن فيه سبب أكمل علشانه.
حضنتني جامد وباست راسي ومسدت على شعري:
– أنا بحبك يا مريم، خليكِ عايشة.. خليكِ مكملة علشاننا.
روحت اسكندرية، فتحت الشقة، دخلت بهدوء واترميت على اقرب كنبة لقيتها.. كان نفسي احضنهم كلهم سوا مرة، اترمي في حضنها، نعمل بيت دافي وحنيِّن، معقول! بعد كل ده تخلص كده؟
***
عدا حوالي خمس شهور بعد الإعدام، كنت بحاول اتعايش.. نزلت علشان اتمشى شوية على البحر.. اشم هوا نضيف، يمكن في مرة اتعافى.
– أنتِ هنا وأنا قالب عليكِ القاهرة مش لاقيكِ؟
لفيت ورايا لقيته أدهم، اتنهِـدت بتعب ورجعت بصيت قدامي تاني.. وقف جنبي وكمل بهدوء:
– أنا سألت يوسف كتير، كان كل مرة بيرفض يجاوب، بيأخر، بيقولي هي مش عاوزة حد، بس أنا تعبت.. أنتِ دخلتِ فجأة، حد مختلف، غير كل حاجة في حياتي.
ابتسَـمت بسُخرية:
– بِإيه يا حضرة الظابط! جريـ.. مة قتـ.. ل غير منطقية؟
– لأ، بإصرارك ومحاولاتك، بِشجاعتك وقوتك.. بإنك لسه عايشة يا مريم.
اتنهِـدت بهدوء وسكتت، لفيت وشي وبدأت أمشي في طريقي بمنتهى الهدوء، بمنتهى الحُزن.. وهو جنبي بيحايل اللي باقي من أيامي يحِن، ماشي ساكت، شالي طاير من هوا اسكندرية في البرد وقلبي محتاج يتدفى.. وعلشان الصمت وليد اللحظة! مقدرتش اقبل اعيشها تاني.
– انتهت بحمدِ الله.

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية جريمة قتل)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى