رواية جبروت الفصل الرابع عشر 14 بقلم أسماء أبو شادي
رواية جبروت الجزء الرابع عشر
رواية جبروت البارت الرابع عشر
رواية جبروت الحلقة الرابعة عشر
ترقـد بالفـراش لا تهتـم لأي شـئ.. لا تبالي لحديثـه الـذي يحـاول أن يخفـف بــه عنهــا.. ولا تبــالي لحديــث صفيــة الشــامت ولا لحديــث والــدة زوجهــا المؤنـب.. وكأنهـا اعتزلـت الحيـاة ولا تريـد العـودة الا إذا كان كل مـا مـرت بـه هـو مجـرد كابـوس، نظـر إليهـا بـألم فهـو أصبـح لا يقـوى على إطالـة النظـر إليهـا وحتـى لا يقـدر على مشـاركتها الغرفـة بسـبب شـعوره بالذنـب تجاههــا وأيضــا لمبيت الممرضــة معهــا حتــى تهتــم بهــا وبأدويتهــا فهــي أصبحـت تتغـذى على المحلـول فقـط
بـدر بخفـوت: لسـه مـش عايـزة تـردي عليـا يـا ليلـه أنـا بتعـذب عشـانك يـا قلبـي.
لم تــرد عليــه حتــى ولــو بنظــرة وكأنــه ليــس موجــود أو هــي مــن ليســت موجــودة هــي في عــالم وحدهــا
بـدر: أنـا بمـوت لما بشـوفك كـدة أوعـدك هعوضـك عـن كل حاجـة بـس بـلاش الحالـة اللي انتـي فيهـا دي ارجعـي ليلـه حبيبتـي ارجعـي قمـري يـا قمـري.
قاطــع حديثــه دقــات منتظمــة على بــاب الغرفــة فســمح بالدخــول وقــد علــم انهــا الممرضــة
الممرضـة: يـا اسـتاذ بـدر أنـا بلغـت الدكتـور بأخـر التطـورات بحالـة مـدام ليلـه، وللأسف لـو اسـتمرت على الحالـة دي هننقلهـا المستشـفى وتكـون تحـت اشراف أخصائيـة نفسـية والرعايـة هنـاك هتكـون افضـل.
بــدر: أنــا اقــدر اوفــر ليهــا الرعايــة اللي تحتاجهــا هنــا في بيتهــا، موضــوع المستشــفى ده تنســوه خالــص والاخصائيــة النفســية كـمـان تيجــي هنــا.
الممرضـة باستسلام: تحـت أمـر حضرتـك هبلـغ الدكتـور بكلامك وأن شـاء اللـه المـدام تقـوم بالسـلامة.
بدر: ياااارب، أنا هغيب ساعتين بالكتير لو حصل اي حاجة بلغيني.
الممرضة: حاضر.
بعد خروج بدر اقتربت الممرضة من ليله بعطف وشفقة
الممرضــة: ربنــا يشفيكي يــارب ، أنــا عرفــت مــن خالتــي رواشــة الظــروف والمشــاكل اللي هنــا، وكـمـان بســمع الســت صفيــة والحجــة أم بــدر لمـا بييجـوا يتكلمـوا معاكي ، بـس انتـي لازم تشـدي حيلـك وتقفـي على رجلـك ، الظــروف اللي بتمــري بيهــا دي محتجاكي شــديدة، أحســن يستضعفوكي وتعيـشـي تعبانــة طــول حياتــك.
( وعندما لم ترد عليها جذبت انتباهها بشئ آخر )
انتـي عارفـة انهـم النهـاردة هيعملـوا قاعـدة عـرب، وكبـار البلـد هيتجمعـوا عشـانك واهلـك كلهـم هيحـضروا؟
ألتفتت ليله إليها بلهفة ونطقت ببطء: با با هييجي؟
الممرضة بفرحة: اخيرا سمعت صوتك.
ليله بدموع: أرجوكي ردي عليا بابا هييجي هنا؟
الممرضـة: أيـوة هييجـي خالتـي رواشـة قالتـلي أنـه قالـب الدنيـا على عيلـة الشرقاوي كلهـم عشـانك.
ليله: هما هييجوا امتى؟
:……. استاذ بدر نزل اصلا عشان هما قربوا ييجوا بعد مايصلوا العشا.
اكتمل المجلس وكان اغلبيـة الحضـور مـن عائلـة الشرقاوي وعائلـة شاهين،
بـدأ الحديـث سالم شاهين ..
سالم بصـوت قـوي: يـا حـاج حسين أنـت جيـت بيتـي أنـت واخـوك وابنـك
وطلبتـوا بنتـي وأنـا امنتكـوا عليهـا وسـلمتهالكوا بنـت ليكـوا وعطيتهـا لابنـك في أيـده وقولتلـه دي أمانـه ودلوقتـي انتـوا كلكـم خونتـوا الامانـة.
حسـين الشرقاوي : حاسـب على كلامك احنـا معروفين وعمرنـا مـا نخـون الامانـة ابـدا اعقـل كلامك قبـل مـا تقولـه.
سالم : كلامي عاقـل وبحسـبه كويـس فين بنتـي يـاحسين يـا شرقاوي ، بنتي اللي قبـل مـا تقبـل بابنـك سـألتك تقبلهـا بنتـك ولا لاء فين امانتـي؟
ودخلـت كالعاصفـة تلـك الام المكلومـة وتحدثـت بحرقـة وكأن لهيـب يخـرج مـن فاههـا
ام بـدر بصـوت قـوي: وامانتنـا احنـا فين ياللي واقـف وبتطالـب ببنتـك ادام النـاس؟ فين بنتـي؟
تعالت الهمهمات والاحاديث الجانبية عقب دخولها الذي اثار الجدل بينـما أكملـت هـي: أنـا اللي جايـة اشـتكي يـا حـاج حسين بصفتـك كبيـر البلـد قبـل مـا تكـون جـوزي وتـاج راسي ، أنـا أم سـلمت بنتهـا بفسـتان ابيـض عروسـة زي القمـر زينـة وهـي زينـة، رجعوها جثـة لا فيهـا روح ولا نفـس وأنـا ادام النـاس بقـول عايـزة امانتـي.
سالم : لا حـولا ولا قـوة الا باللـه امانتـك راحـت لـلي خلقهـا أمانتـه واستـردها قضـاء وقـدر حاشـا للـه اننـا نعتـرض عليـه، ولـو انتـي معترضة اطلبيهـا مـن ربنا.
أبو محمود الشقيق الأكبر لسالم : بس يا ابو مروان بكفياك.
حســين بجمــود: أحنــا مابنعرتضــش على قضــاء اللــه والحجــة شــكوتها مـن حرقتهـا على بنتهـا، وماحـدش يقـدر يعتـرض ولا يلومهـا السؤال بقـى انـت جـاي عايـز ايـه يـا سالم ؟
سالم : عايز بنتي.
حسـيـن: وأنــت ســلمتنا بنتــك وبقــت واحــدة مننــا ومــرات ابنــي البكــري، جــاي تقــول عايــز بنتــك ازاي هــو كان لعــب عيــال ولا ايــه؟
سالم : لا مـش لعـب عيـال بـس يصـح انكـوا تمنعونا نشـوف بنتنـا ونطمـن عليهـا ومانعرفـش عنهـا حاجـة، وحتـى منعتوهـا تشـوف أخوهـا اللي بيـن الحيـاة والمـوت؟
أم بـدر: أيـوة يصـح، هـو دا القصـاص زي مـا أنـا ماقـدرش اشـوف بنتـي ولا اخدهـا فحضنـي انتـوا مـش هتشـوفوا بنتكـم.
حسـين برصامـة: أم بـدر قولتـي شـكوتك وكفايـة لحـد كـدة الحريـم مالهاش مـكان في القعـدة دي، بـص يـا سالم يـا شاهين أنـت جـوزت بنتـك وسـلمتها لينـا وخـلاص بقـت تخصنـا ولنـا فيهـا اكتـر ماليـك ودلوقتـي هـي بقـت في حكـم جوزهـا وهـو لوحـده اللي يقـرر تشـوفكم ولا لاء ، وتكلمكـوا ولا تقاطعكـم، جوزهـا وهـو حـر ماحـدش شريكه والشـأن ده يخصـه هـو وبـس.
سالم : يعنـي ابنـك هيمنـع بنتـي عننـا بحجـة أنهـا مراتـه، رأيـك ايـه يـا بـدر في كلام ابـوك؟
بــدر بجمــود دون أن ينظــر إلى عينيــه: كلامع فــوق راسي وهــو صــح، أنــا مــش عايــز مراتي تتكلــم معاكــوا ومــن النهــاردة مالهــاش أي صلــة بيكــوا.
سالم بعنـف وقـد صدمـه موقـف بـدر تجـاه الامـر: ايـه الجنـان اللي بتقولوه ده!!! اي شرع يقبـل الكلام ده.
أبـو محمـود بصـوت مرتفـع: سالم ماترفعـش صوتـك أنـت نسـيت اني كبـيرك ولا ايـه؟
سالم : لا مانسـتش واهـو بقولـك يـا كبيـري أنـا عايـز بنتـي وبعـد الكلام اللي قالـوه ده يطلقهـا دلوقتـي.
بــدر بقــوة: مراتي مــش هطلقهــا وهتفضــل مراتي لحــد اخــر نفــس فيــا وماحــدش يقــدر يجــبرني أطلقهــا.
سالم : و يرضي ربنا اللي بتعملوه ده؟
حسـيـن: خــلاص يــا سالم الكلام خلــص بنتــي اللي أنــا ســلمتهالكوا ماتــت وأنــت اعتـبـر بنتــك ماتــت.
سالم بعنف: بنتي عايشة ومالهاش اي دخل باللي ح…..
قاطعه حسين: يبقى حقنا هناخده من ابنك و يبقى طار بين العائلتين .
ذهـل الجميـع مـن تغييـر اتجـاه الحديث و صُـدم ايضـا سالم بعقليـة هؤلاء البشر … مـن آى زمـن قـد أتـوا هؤلاء.. جـاءت المقاطعـة هـذه المـرة مـن تلـك التـي يتحدثـون عنهـا وكأنهـا دميـة ليـس لهـا عقـل يتشـتت وقلـب يتـألم
ليله بجمود : ايه عايز تقتل أخويا زي ما مراتك قتلت أبني؟
( ظلـت تبحـث بنظرهـا عـن والدهـا الحبيـب إلى ان وقعـت عيناهـا عليـه وبــدون شــعور منهــا ركضــت إلى احضانــه وكانــت احضانــه الدافيــه في اســتقبالها )
سالم : نن قلبي، عملوا فيكي ايه يا حبيبة ابوكي ؟
شقيق حماها : عملنـا فيهـا ايـه يعنـي أكلنـا منهـا حتـة مـا ادامـك اهـه وبتقاطـع جلسـة الرجالـة كمـان.
عندمـا ذكـر اسـم أخيهـا اكتسـبت قوة لم تكـن بهـا مـن الاسـاس وبعـد ان اسـتمعت لحديـث زوجها لم يعـد هنـاك شـئ لـكي تبقـى عليـه
ليلـه: الحجـة مـرات أخـوك قاطعتهـا عشـان تشـتكي وتطلـب القصـاص اللي هـي شـيفاه مـن وجهـة نظرهـا العـدل وأنـا بقـى هنفذلهـا قصاصهـا.
سالم : انتي بتقولي ايه يا ليله؟
ليلـه: بقـول ان هـما اتحرمـوا مـن بنتهـم ومـش هيشـوفوها تاني وأنـا هبعـد عنكـوا ومـش هتشوفوني تاني .
( ونظـرت إليـه … إلى ذلـك القاسي الـذي تخـلى عنهـا ولم يكـن لهـا سـند، بـل وخذلهـا شر خذلان )
وكمـان هــي بعــدت عــن اخويـا وحماهـا وحماتهـا وخسـروا زوجــة ابنهـم وانتـوا كـمان ( واشـارات إلى حماتهـا وزوجهـا ( هتخسـروا زوجـة ابنكـم وهـو يخسـر مراتـه وبكـدة يبقـى اتحققلكـم العـدل.
أبــو محمــود ( عمهــا الــذي لم يفعــل أي شــئ لأجلها بــل اكتفــى بــدور المشــاهدة ) رد ســاخرا: وازاي ده ان شــاء اللــه.
ليله : قدامكم حل من اتنين يا تقتلوني زي ما زينة ماتت ( نـادى أباهـا باسـمها بلوعـة أب يـرى ابنتـه تُهـان وتُـذل ولكنهـا أكملـت وهـي تنظـر لذلـك الضعيف أمامهـا ) يــا تنفوني بــرة البلــد دي، ماعندكــوش حــل تالــت، لأن طــول مــا أنــا هنــا في نفـس المـكان اللي فيـه اهلـي هفضـل أحـارب واحـارب عشـان اشـوفهم حتـى لـو اضطريت اني أقتـل اللي يحـاول يمنعني عنهـم اهلـي ثـم اهـلي ثـم اهلـي ، لـو بعتهـم يبقـى ابيـع الدنيـا كلهـا وبعدهـم مـش باقيـه على حاجـة.
بــدر بجمــود وهــو يحــاول ان يهــرب مــن نظراتهــا ولكــن هــي تحــاصره: قولتلــك هتفضـلـي مراتي لآخر العمــر وانــسي فكــرة انــك تطلقــي.
ليلــه بأبتســامة ميتــة: مــش هتفــرق كتـيـر على الاقــل تضمنــوا إني هكــون ميتـة وحالتـي هتكـون أسـوء مـن زينـة ، هـي عنـد الرحمـن إنمـا انـا وسـط البشـر.
حسيـن بتهكـم: وعايـزة تروحـي فين وانتـي لسـه على زمـة جـوزك يـا بـت شاهين.
لترد عليه بفخر : بنـت سالم شاهين هـتروح أرض غير الارض ولنـاس غير النـاس، هيكون بينـي وبينكـوا جبـاا وبحور ، هـروح البعثـة اللي الجامعـة كافأتني بيهـا على تفوقـي وهكمل طريقي لوحـدي، سـندي وأماني ربنـا،( تنهدت بثقل فوق صدرها وهي تنظر إلى ذلك الرجل الذي اعتبرته يوما والدها ) بـس أتأكـد يـاحسين يـا شرقاوي مافيـش يـوم هيعـدي عليـا غير وأنـا بطلـب حقـي مـن ربنـا، كل يوم هسجد وأقول أنا عايزة حقي يارب.
حسـين: ومـين هيسـمحلك بكـدة انتـي هتقعـدي هنـا خدامـة لجـوزك وبيتك وتخلفـي عيال وتربيهـم وتعلميهم.
ليلــه بتحدي : لا هســافر وهمــشي مــن هنــا ولا ايــه رأيــك يــا جــوزي؟ مــش انــت برضــو الامــر الناهــي وماحــدش يحــق لــه يقــرر حاجــة تخصنــي غـيـرك ؟
أرادت أن يثـور، تكلمـت وهـي تثـق أنـه سـوف يرفـض ابتعادهـا ويواجـه الـكل في سـبيل أن تبقـى جـواره هـو وعائلتهـا هـي تعلـم انـه لا يسـتطيع الحيـاة بدونها،هـي نطقـت بـكل حـرف وضغطـت عليـه لأنهـا تعلـم أن كل ذلـك لـن يحـدث وهـو لـن يتقبـل وبذلـك يكـون هنـاك حديـث جديـد …
ولكن تم الخذلان بنجاح …
تم الكسر بنجاح …
ذلــك العاشــق بــاع دون ان يبالي ،، ذلــك العاشــق مــن النظــرة الأولى تقبــل الفــراق ولم يعـتـرض…
بـدر بقلـب يصـرخ بالرفـض ولكـن مـن يشـعر هنـا بالقلـوب ، فالكُل غـارق في ألمـه الخـاص: وأنـا موافـق وبنفـسي هسـفرك بـرة وتبعـدي عـن مصـر كلها.
صمت شديد حل عليهم قطعه عمهـا بهـدوء شـديد وهـو يريـد أن تنتهـي هـذه الجلسـة: خـلاص يبقـى كــدة جوزهــا قــرر وبرضــو قــراره هيتنفــذ وهــو حــر فيهــا، احنــا مالنــاش دخـل بيهـا هـي تخصـه هـو متخصنـاش احنـا.
… ماذا فعلتي بنفسك ليله
الان لا اهل ولا وطن
لا حبيب ولا قريب
يــا عقــارب الســاعة توقفــي ولا تتقدمــي ،، أيتهــا الانفــاس لا تخرجــي مــن صــدري ودعينــي أمــوت ،،، أيها القلب توقف عن النبض فلمن سوف تنبض والكل باع وغدر ،،، ايها الدمع توقف فلا يوجد من يستحق أن تحرق جفوني لأجله …
ااااااه، لا تتوقفي وأحترقي واحرقيني فقد خرست أنا كل شئ …
تحدث و القلب ينزف ومازال خنجر قسوته ينحر قلبها : خــلاص يبقــى أنــا همـشـي دلوقتــي واروح القاهــرة عشــان اســتعد للسـفر،( و أكملت بوجيعة قلبها ) بـس انـا مـش مسـامحه، ويـارب ألعنهـم بلعنـة الهـم والكـرب ،،، يـارب أنـا عايـزة حقـي ،،، يارب أرني بهـم عدالتـك.
سالم بصدمة من ما يحدث: هتروحي فين يا ليله؟
اقتربت منـه وجلسـت تحـت اقدامـه وهـي تُقبـل يـده ودموعهـا تتسـاقط بغـزارة وخصلاتهـا الذهبيـة تميل مـن الوشـاح على وجههـا…
وأخبرته وهي تحاول التجلد : مــا تقلقــش على زرعتــك يــا بابــا دي قويــة وذكيــة وأنــت قولــت الزرعــة الذكيــة هــي اللي تميل مــع الريــح لما تعصــف عكس تيارهــا
بعد أيام
يكفي قد اكتفيت فليحترق قاسم رسلان هو وحفيده المختل عقليا .
دخلـت إلى المنـزل ومـن حسن حظهـا لم تجـد أحـدا صعـدت فـورا إلى غرفتها
وقامـت بتحضيـر أغراضهـا واسـتعدت للرحيل ، فهــي بالايــام الماضيــة قامــت بحجــز تذكــرة طائــرة للعــودة إلى نيويــورك وجهــزت كل شــئ أثنــاء تواجدهــا خــارج القـصـر وقــد ســاعدها الطبيــب محمــود بذلــك، وهــو بالطبــع لا يعلــم شــئ …
هبطـت الـدرج وهـي تحمل حقائبها وتركتهـا أسـفله واتجهـت إلى غرفـة المكتـب فهـي قـد علمـت أن قاسـم رسـان بالداخـل مـن الخادمـة
قاسم رسلان: ادخل.
دخلـت إلى المكتـب بـبرود وجدتـه ينظـر إلى بعـض الاوراق بـبن يديـه وعندما نظــر إليهــا وعلــم أنهــا هــي الطــارق تــرك كل شــئ وخلــع نظارتــه ونظــر إليهـا باسـتفهام
ريتال بجمود: انا ماشية.
قاسم: على فين دلوقتي؟
ريتال: على السجن اللي بعتني لييه من سنين ، نيويورك.
قاسم بتهكم : وقررتي كدة من نفسك اومال بتقولي اني سجانك ازاي بقى ؟
ريتال بأبتسـامة مسـتهزئة: قاسـم يـا رسلان أنـا راجعـة لأنـه ضروري ارجـع، كفايــة ضيعــت وقــت هنــا وريــح دماغــك ، أنــت مــش هتوصــل لحاجــة بوجـودي هنـا ، فروح بقى اكمل طريقي واشـوف مستقبلي أنـا أولى بـكل دقيقـة تمر مـن عمـري.
قاسم : وإذا ماسمحتلكيش تمشي ؟
ريتال بأبتسـامة غامضـة احتـار هـو في فهمهـا: مـن مصلحتـك تسـيب كل حاجـة زي ماهـي بلاش تسـتعجل الحـرب بينـي وبينـك، مـا تقلقـش هـي هتيجـي هتيجـي بـس كل شـئ في وقتـه حلـو.
في مطـار القاهـرة وقـف بجانبهـا وهـو يحمل الحقائب بعـد ان انتهـوا مـن اجــراءات الســفر، ســمعت النــداء الاول عــن الطائــرة شــعرت أن الارض تميد بهـا وأن العـالم يـدور مـن حولهـا وكأنهـا شـجرة سـوف يخلعونهـا مـن جذورهـا
ليلــه بدمــوع وقــد تعلقــت بيــده كالطفلــة: بــدر يــلا نرجــع تعالى نــروح بلدنـا ونواجـه الـكل ، أنـا ماقـدرش ابعـد عنكـوا ولا أقـدر أعيـش لوحـدي يـا بـدر، يلا نصلح كل حاجة ، أنـا مـش عايـزة اسـافر واحنـا مـع بعـض ماحـدش هيقـدر يهزمنـا وهنواجههــم ونفهمهــم أن اللي بيقولــوه ده غلــط وضــد الـشـرع والديــن والقانـون كـمان.
بدر بجمود يحسد عليه: اهدي يا ليله ويلا عشان الطيارة ماتفوتناش.
ليلـه بطريقة شبه هيسترية : لاء لاء تعالى نمشـي مـن هنـا ، أنـا غيـرت رأيـي واللـه انـا امـوت مـن غيركــم.
رد عليها وهـو يشـد على قبضتـه بجانبـه: ليلـه احنـا بقالنـا أسـبوع بنجهـز الورق وبنسـتعد والطيـارة باقـي عليهـا دقايـق يـلا امـشي وبطلـي اللي بتعمليـه ده انتـي مـش طفلـة.
تركــت يــده وهــي في حالــة ذهــول وصدمــة متأخــرة ،،، بــدر حبيبهــا ،،، زوجهــا ،،، ســوف يذهــب بهــا إلى بلــد اخــر ويتركهــا هنــاك ويعــود بمفــرده ،،، سوف تعيش بمكان ليس لها به أح. ،،، ليــس لهــا الحــق بمهاتفــة أهلهــا ولا حتــى الاطمئنــان على شــقيقها الــذي تركتـه بالمشـفى وحالتـه لم تتحسـن بعـد، ليـس لهـا الحـق بـأن تسـمع صـوت والديهـا وهمـا يدعيـان لهـا ،،، حتـى حرموهـا مـن لحظـة الـوداع بينهـم،
تبـا لـك مـن حبيـب ظـالم
ليلـه بجمـود: أمـشي، أمـشي أنـت مـش هتـروح معايـا، مـن اللحظـة دي بـدأ مشـواري لوحـدي.
بدر: ليله م……
قاطعتـه بصرامة جعلته يشعر بالمزيد من العجز : بسسسـس مـش عايـزة اسـمع منـك حاجـة ، عملـت اللي عليـك و زيـادة، يـلا اتفضـل أمـشي وارجـع لأمـك يـا ابـن امـك، هتفـرق ايـه يعنـي لمـا تيجـي معايـا، مـا انـت في الاخـر هتمـشي وتسـيبني لوحـدي.
ســحبت مــن يــده تذاكــر الســفر وجــواز ســفرها كان في يدهــا وأخــذت حقيبتهــا و رحلــت، أعطتــه ظهرهــا وتحركــت امامــه في شــموخ ولم تلتفــت إلى الخلف حتى لإلقاء نظرة
صعـدت بالطائـرة وأخيـرا انتهـى ذلـك الكابـوس وسـوف تعـود إلى حياتهـا و دراسـتها تبـاً لـك قاسـم رسـلان فلقـد اضعـت مـن وقتـي الكثيـر
جلسـت بمقابـل ثنائي أجنبـي ظلـوا يتبادلـون القُبل ويقومـون بفعـل أشـياء شـعرت بالاشـمئزاز منهـا ولكـن غضـت بصىهـا عنهـم و وضعـت سمـاعات الاذن حتـى لا تسـتمع لأصواتهم فالرحلة طويلة
تحركــت الطائــرة وهــي تجلــس بمفردهــا والمقعــد بجانبهــا فــارغ تحمــل تذكرتــه بـيـن يديهــا تتلاعب بهــا ودموعهــا تنــزل بصمــت حـسـرة على كل شـئ، وجـع وخذلان وألم لم تعـد تتحملهـم تشـعر ان قلبهـا قـد يتوقـف مـن شـدة الالم ……
قامـت مـن مقعدهـا لـكي تذهـب إلى الحمـام ولكـن اسـتوقفها مشـهد أعـاد إليهـا ذكريـات مؤلمـة.
وقفـت امـام فتـاة تبـكي وهـي مغمضـة العنين، وقفت تتأملها وهـي لا تراهـا بـل تـرى محلهـا فتـاة مراهقـة تبـدو طفلـة ضائعـة ، رأت نفسها … فاقـت مـن شرودها وتنفسـت بعمـق و أكملـت طريقهـا ولكـن اثنـاء عودتهـا وجـدت الفتـاة تتنفـس بعنـف وكأنهـا تختنـق ولا زالـت أيضـا مغمضـة العنين والدمـوع تسـقط منهـم اقتربت منها وجلست بالمقعد الفارغ بجانبها
ريتال بلهجة لينة : ماتبكيش
إنه الجبروت والبادي هو الاظلم..
( تضحــك على مـيـن قلبــي قــوي متلومــش عليــه حــب قــوي مالقــاش غير واحــد قلبــه قــوي بقــى ييجــي عليــه) ..
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية جبروت)