رواية جبروت الفصل الخمسون 50 بقلم أسماء أبو شادي
رواية جبروت الجزء الخمسون
رواية جبروت البارت الخمسون
رواية جبروت الحلقة الخمسون
في منزل عائلة حسين الشرقاوي:
عــاد إلى منزلــه بعــد أن قــضى طــوال اليــوم يــدور بالطرقــات بعــد لقائــه بحبيبتـه ، ليبـدأ في تنفيـذ مـا نـوى عليه ، دخـل إلى غرفـة دعـاء و وقـف مقابـلا لهــا دون أن يتحــدث وهــي وقفــت تنظــر إليــه وكأنهــا تعلــم مــاذا ســوف يقـول
بدر بصوت بارد : وصلنا للنهاية.
دعاء ببرود مماثل : نهاية ايه؟
بدر: انتي فاهمه كويس انا قصدي ايه بلاش حوارات.
ضحكــت دعــاء بأســتهزاء وهــي تجابهــه بالـبـرود: انــا لــو بعــرف اعمــل حـوارات مكنـش يبقـى ده حالي ، انـت بتقـول وصلنـا للنهايـة قصـدك ميـن و ايــه؟ علشــان اعــرف ارد عليــك.
نظــر إليهــا بــدر يســتنكر اســتهزائها و اســلوبها و رد عليهــا بقســوة: نهايــة وجـودك هنـا ، نهايـة العـذاب اللي بعيشـه مـن يـوم ماشـوفتك ، نهايـة ابتلائي بيكي ، نهايـة اكبـر غلـط في حياتي وهـو انتـي.
تألمـت حقـا ممـا قالـه ولكـن هـي اعتـادت الالم و تعلمـت كيـف تتعامـل معـه و تقابـل كل الاهانـات والجـراح بـبرود و كأنهـا بلا مشـاعر ولكـن هـي تشـعر و تتـألم ولكـن تدعـي البـلادة.
ردت عليـه ببـرود اكتسـبته مـن حياتهـا بهـذا البيـت: متأكـد مـن كلامـك ده ، انـا اكبر غلـط في حياتـك؟ معنـى كـدة ان اللي عملتـه انـت واهلـك في ليلـه مـش غلطـك الاكبر مثـلا؟ عذابـك بوجـودي انـا بـس؟
تهرب من ذكرها لما فعلوه بحبيبته و رد عليها : انـا مـش جـاي اتناقـش معاكي ، جهـزي نفسـك علشـان بكـرة الصبـح هطلقـك وهتسـيبي البيـت ده بـدون راجعـة.
أخــذت عــدة أنفــاس وهــي تحــاول الحفــاظ على وجهتهــا البــاردة: انــا جاهــزة مــن دلوقتــي ، بــس احــب الاول اعــرف هــروح فيــن؟
بدر بعدم فهم: نعم؟
لتوضح له : انــت بتقــول هتطلقنــي بكــرة وانــا بقولــك حتــى لــو دلوقتــي انــا جاهــزة ومعنديـش اي اعـتراض و مـش فـارق معايـا اصلا لان بالنسـبة ليـا انـا مـش متجـوزة علشـان اتطلـق ، دلوقتـي بسـألك انـا وبنتـي هـنروح فيـن؟ اكيـد انـا لمـا همـشي مـن هنـا بنتـي هتكـون معايـا ومـش هسـيبها حتـى لـو هحـارب الدنيـا كلهـا( نظـرت لـه بنظـرات تحمـل شرارات حاقـدة ) اصـل انا مسـتحيل اسـيب بنتـي علشـان حـد واخذلهـا ، وبرضـاك او غصـب عنـك هـي بنتـك وانا امهـا ونخصـك و حتـى لـو طلقتنـي ملـزوم توفـرلي سـكن اعيـش فيـه ونفقـة اصرف منهــا على بنتــي ، لاني زي مــا قولتلــك مــش هســمح لحــد يحرمنــي مـن بنتـي ولا هرجـع اعيـش مـع اهـلي وهمـا كمـان يحرمـوني منهـا بعـد مـا ارجعلهـم مطلقـة.
فآجأتـه بحديثهـا كثيـرا ، لم يكـن كل ذلـك بحسـبانه ، لم يفكـر في اي شـئ مـن ذلك ليجيبها بهــدوء وهــو مــازال يفكــر بمــا قالتــه: امــي مــش هتقــدر تبعــد عــن زينــة.
دعــاء: دي مــش مشــكلتي ، هــي بنتــي انــا وحتــة منــي انــا ، دي الحاجــة الوحيـدة اللي بقيـالي و هتعوضنـي عـن كل اللي حصلـي مـن اليـوم الاسـود اللي دخلـت فيـه هنـا.
بــدر: فعلا كان يــوم أســود علشــان كــدة بقولــك خــلاص وصلنــا للنهايــة ، امــشي وعيشي حياتــك.
دعــاء: هــو انــت ليــه بتقولي امـشـي ، انــا واللــه عايــزة امـشـي ، همــوت وامـشـي ، انــا بقالي اكتر مــن ٤ ســنني بنــام واصحــى على حلــم اني امشــي مــن هنــا ، انــا مــش هســمحلك تخــذل بنتــي يــا بــدر وتســمح لنفســك او لعيلتــك او حتــى عيلتــي انهــم يحرموهــا مــن امهــا ، يمكن انــا ضعيفــة اني اقـدر احـارب كل دول ، وعجـزت قبـل كـدة انب احـارب علشـان نفسـي ، لكـن كلـه الا بنتـي ، زينـة مـش هتكـون في يـوم مـن الايـام دعـاء تانيـة ابـدا ، ويـلا سـيدي انـا هريحـك منهـا ، فكـر واحسـبها بالعقـل لـو ليلـه قبلـت ترجعلـك ، هتقـدر تعيـش هنـا وتشـوف زينـة ادامهـا ليـل ونهـار؟
بـدر وقـد لمعـت عينيـه بالامـل: ليلـه مـش هترجـع تعيـش هنـا ابـدا ، انـا وهـي هنعيـش بعيـد عـن هنـا.
لتسأله بأستنكار من انانيته: وانـت بقـى عايـزني امـشي واسـيب بنتـي اللي عمرهـا ٣ سـنين وانـت كمـان تسـيبها وهـي تعيـش مـن غيـر اب وام.
.. نظر إليهـا وهـو يشـعر أنـه محـاصر ولكـن سرعـان مـا رد عليهـا بمـا فكـر بـه: بعـد الطـلاق تفضلـي انتـي هنـا مـع زينـة و…..
قاطعتـه بلهجـة جعلتـه يشـعر بالذنـب تجاههـا و هـذا الشـعور الـذي لطلاما يؤلمـه ولكـن سرعـان مـا كان يتخلـص منـه بذكرياتـه مـع حبيبتـه: لاااااااء ، ده انــا مســتنية اليــوم ده مــن زمــان علشــان امشــي مــن هنــا ، وتيجــي تقــولي اعيـش بعـد الطـلاق معاهـم ، اذا كان وانـا مراتـك مرحمونيـش ، هيرحموني بعــد الطـلاق ، قبــل مــا تطلقنــي يــا بــدر هتكــون نفــذت طلباتي ، اعتبرهــا تعويـض عـن اللي ضـاع مـن عمـري هنـا ، انـا لا عايـزة دهـب ولا مؤخـر ولا بطلـب غـير انـك توفـر حيـاة كريمـة ليـا انـا وبنتـك و اوعـدك لمـا بنتـي تكـبر شـوية هشـتغل واعتمـد على نفـسي ومـش هنحتـاج حاجـة منـك لا انـا ولا بنتــي ( حاولــت إقناعــه بشــتى الطــرق و أضافــت لـكـي يسجيب لطلباتها ) انـا مـش همنـع حـد يشـوف بنتـي ، اللي عايـز يشـوفها يقـدر ييجـي في اي وقـت يشـوفها في بيتـي ، بيتـي اللي مـن حقـي يكـون عنـدي ، بيـت حتـى لـو اوضـة بـس احـس فيهـا بالامـان و اعيـش بـدون ذل وإهانـة و معايـا بنتـي في حضنـي.
انهـت حديثهـا لتنظُـر لـه في ترقـب و تنتظـر رده الـذي فيـه خلاصهـا ، ولكنـه اتجـه إلى البـاب لـكي يرحـل دون أن يقـول اي شـئ ، نادتـه قبـل أن يخـرج لينظـر لهـا بجمـود و تنظـر هـي لـه برجـاء و توسـل: ارجـوك متخذلنيـش ، علشـان خاطـر زينـة اللي مـن دمـك ولحمـك متخذلنيـش ، اعتبرني واحـدة غريبـة احتاجـت مسـاعدتك وانـك تقـف جنبهـا ، اقـف جنبـي علشـان ربنـا يـا بـدر.
صباحـا في منـزل سـالم شـاهين .. كانـوا يحتفلـوا بعقـد القـرآن الـذي تـم امـس ، وقامــوا بذبــح الذبائــح و توزيــع اللحــوم على الفقــراء والمحتاجـيـن لـكـي يفرحـوا مثلهـم و صدقـة للـه كشـكر على عطايـاه.
انتشـر الخبـر في البلـد ، زواج ليلـه ابنـة سـالم شـاهين مـن شـاب غنـي مـن عائلـة مشـهورة في مصـر وذات نفـوذ كبيـرة وهـو ادم رسـلان ، كثيـرون مـن فرحـوا بالخبـر لعلمهـم ان سـالم وابنائـه يسـتحقون كل الخيـر ، و لكـن هنـاك آخـرون زاد الحقـد في قلوبهـم تجـاه سـالم وابنائـه ، و للأسف كان مـن هـؤلاء شـقيق سـالم الاكبر الـذي لم يقـف بجـوار شـقيقه في محنتـه ولم يكـن سـند لـه أو لأبنائـه ، بـل كان ضدهـم في كل شـئ حتـى أنـه تجـرأ و ألقـى بأبنتـه في مـكان لا يخصهـا ولم يفكـر أنـه بذلـك يـأذي شـقيقه اكثر ، وليـس ذلـك فقـط بـل اول مـن تضـرر مـن أفعالـه كانـت ابنتـه التـي منـذ زواجهـا المشـؤوم لم تفـرح ابـدا ، علـم بعـودة مـروان و ليلـه ولم يذهـب إلى منـزل شـقيقه الـذي يقاطعـه منـذ اعتراضه على زواج دعـاء مـن بـدر الشرقـاوي ، ويعلـم اللـه ان سـالم لم يعتـرض فقـط لأجـل ليلـه وإنمـا فكر بدعـاء ابنـة شـقيقه ايضـا.
امـا الاخـر فلـم يفكـر بـأي شـئ سـوى مصلحتـه الشـخصية التـي تأتيـه مـن العمــل مــع بــدر و والــده ، ومكانتــه التــي ارتفعــت بعــد أن أصبــح والــد زوجـة ابـن كبيـر مجلـس القريـة ، والـذي سـوف يخلـف والـده في المكانـة ، ولم يفكـر بـأن يكـون مصيـر ابنتـه كمصـير ابنـة شـقيقه بـل و أبشـع بكـون شـخص مثلـه اباهـا.
علمـت دعـاء بالخبـر ، وقتهـا لم تفكـر سـوى بشـئ واحـد ان كل مـا خططـت لـه مـع بـدر امـس لـن يحـدث ، لـن تنتهـي مأسـاتها ، الفرحـة التـي تحلـم بهــا لــن تنالهــا ابــدا ، مــن المفتــرض أن تفــرح الان لأن بــدر خســر ليلــه إلى الابــد ولكــن هــي حزينــة ، هــي مقهــورة ، ليلــه تســتحق ان تعيــش حيــاة ســعيدة بعــد مــا حــدث معهــا هنــا و مــا جــرى لهــا ، وبــدر يســتحق أن تضيـع ليلـه منـه بعـد سـلبيته و ضعفـه و مشـاركته فيمـا حـدث ، أمـا هـي مـا ذنبهـا ، لمـا يحـدث معهـا كل ذلـك ، هـي لا تريـد بـدر ولا تريـد أن تصبـح زوجـة ذكيـة كمـا يطلـب والداهـا ، لا تريـد سـوى أن تعيـش بكرامـة خسرتهـا منـذ زمـن بعيـد ، تعيـش في منـزل يكـون منزلهـا و تجـد طعـام لابنتها وحتـى لا تريـد أن تـأكل هـي لا تريـد اي شـئ مـن أحـد ، الحيـاة ليسـت عادلـة ابـدا معهـا.
صعـدت إلى غرفتهـا دون أن تبالي لمـا امرتهـا حماتهـا بتنفيـذه ، صعدت تبكـي قهـرا على مـا يبـدو لـن تتخلـص منـه ابـدا ، جلسـت في غرفتهـا تنتحـب مـن البـكاء و تـرثي حالهـا برثـاء الامـوات.
ولكــن انتهــى بكائهــا وهــي تقــف أمــام المــرآة وتحــدث نفســها ، هــي لــن تسـمح ل بـدر بالتراجع عما اخبرهـا بـه امـس ، حتـى وإن قـرر أن لا فائـدة لـه مـن طلاقهـم سـوف تصـر وان رفـض سـوف تُلـح ليـلا ونهـارا وكلـما تـراه حتـى ينفـذ لهـا رغبتهـا.
نزلـت مـن غرفتهـا لتجـد كالعـادة حماتهـا و صفيـة ذات الافـكار الشـيطانية يجلسـون معـا ليتحدثـوا عـما يـدور بالقريـة ولكـن على مـا يبـدوا الخبـر وصلهـم ، فصفيـة كانـت تلعـن ليلـه و تتهـم السـيدة خديجـة والدتهـا بأنهـا تقـوم بفعـل السـحر لحتـى تحصـل لابنتها على شـاب لم يسـبق لـه الـزواج و مـن عائلـة كبـرة ايضـا رغـم أنهـا مطلقـة ، امـا والـدة بـدر فهـي كانـت سـعيدة لأنهـا تظـن بهـذا الـزواج ابنهـا سـوف يفيـق لنفسـه و ينسـاها فمنذ اللحظـة التـي عـادت فيهـا وهـي تشـعر بالخـوف مـن ان يعـود بـدر إليهـا ، ولكــن هــا هــي تزوجــت وتخلصــت منهــا دون أن تتدخــل هــي او تُهــدد ابنهـا بالقطيعـة كمـا كانـت تخطـط.
نظرت صفية إلى دعاء بغل: وانتي كنتي بتعملي ايه فوق دلوقتي؟
لتنظــر لهــا حماتهــا ايضــا بحنــق: انــا مــش قولتلــك خلـصـي الاكل بــدري علشــان ت…….
قاطعتهــا دعــاء لأول مــرة : انــا تعبانــة ومــش قــادرة اعمــل حاجــة ، نازلــة علشــان اخــد زينــة واطلــع انيمهــا و ارتــاح شــوية.
صفية: انتي تَعبانة انتي؟ دا اني تِعبانة
لترد الاخرى: غوري اطلعي ومالكيش دعوة بزينة.
تقدمــت دعــاء لتأخــذ زينــة التــي تلعــب أمامهــا على الارض وقــد رفعــت ذراعيهــا لوالدتهــا كي تحملهــا.
دعاء: ازاي ماليش دعوة بيها ، مش هرتاح وانا بنتي بعيدة.
( وصعدت دون أن ترد عليهم او تبالي لهم بشئ )
صفيـة بغـل: شـايفة عملـت ايـه ، تلاقيها عرفـت ان الكلبـة التانيـة اتجـوزت وقلبهـا جمـد بقـى ان جوزهـا مـش هيرجع للتانيـة.
علـم بالخبـر الـذي صعقـه ، فقـد كان يبحـث عـن مـكان لتعيـش بـه دعـاء ويطلقهـا ، فهـو منـذ أمـس وهـو يعمـل جاهـدا لـكي يتمـم كل مـا يخطـط لـه ، ذهـب إلى شـقته في الزقازيـق والتـي اشـتراها لكـي يعيـش بهـا مـع ليلـه بعـد أن تعـود لـه ، ظـل يفكـر هـل سـوف تعجبهـا ام أنهـا سـوف تغيـر بهـا أشـياء ،
ظــل ينظــر في كل مــكان لهــا وهــو يتخيــل ليلــه وهــي تعيــش معــه بهــا ، تجلـس هنـا وتنـام هنـا وتقـف هنـا و و و و. كل ذلـك كان وهـم في عقلـه ،
ليلـه تزوجـت ومـا يفكـر بـه لـن يحـدث ابـدا ، ذهـب سريعـا إلى منزلهـا ، دخــل إلى حديقــة المنــزل دون أن يبالي لاي شــئ ، وقــف يشــاهدها تقــف تتحـدث و تبتسـم و تضحـك ، لم يـرى مـن حولهـا ومـع مـن تقـف ولم ينظـر حتــى إلى الموجوديــن حولــه فقــط اقــترب منهــا وكأن هنــاك قــوة جاذبــة كالمغناطيــس تجذبــه إليهــا.
كانــت ماريــا لا تــزال مرتعبــة منــذ رأت مــروان وهــو يقــوم بذبــح احــدي المواشي صباحـا وحتـى أنهـا لا تحدثـه مـن وقتهـا ، بالبدايـة ضحـك مـروان على موقفهـا و هـذا مـا زادهـا غيظـا وغضبـا منـه ، امـا الان فهـو حانـق لأنهـا لا تحدثـه منـذ الصبـاح ولا تقتـرب منـه ولا تسـمح لـه هـو بالاقتراب وسـط ضحـكات الجميـع عليهـم.
مــروان بحنــق: يــا بنتــي قولتلــك دي عــادة عندنــا لمــا بندبــح حاجــة انــا وابويــا اللي بندبــح بنفســنا والجزاريــن بيســاعدونا وكــدة.
ماريــا بصرامــة: مــروان قولتلــك ريــح نفســك ومتتكلمــش معايــا النهــاردة نهائي ( وأضافــت بعيــون تلمــع بالدمــوع ) يــا ابــو قلــب قــاسي .
مروان : يا بنتي ما انتي شوفتي ابويا و ادم بيدبحوا هما كمان.
لترد ماريا بحزن : انا مش هتجوزهم هما انا هتجوزك انت.
نظـر مـروان إلى ليلـه التـي تقـف بجـوار ادم و يضحكـون عليهـم: مـا تتكلمي يـا بنتـي ولا عجبك الحـوار اوي.
ضحكـت ليلـه ولكـن سرعـان مـا اختفـت ضحكتهـا عندمـا رأت مـن يقـترب منهـم ، ونظـرت إلى ادم الـذي رأى هـو الاخـر ،،،
امسـك ادم يـد ليلـه ليخفيهـا خلفـه ، رأى نظـرات بـدر الـذي جعلتـه يستشـيط ، التفـت مـروان ليـرى إلى مـا ينظـرون.
اقتــرب بــدر منهــم ومــازال لا ينظــر الا إلى ليلــه ولكــن انتبــه ان احــدا مــا سـحبها خلفـه ليخفيهــا عنــه.
أتى عمـر ظهـر اليـوم بعـد أن رفـض أن يبيـت هنـا ليلـة أمـس كما رفـض مـن قبـل ، وجلـس مـع الجميـع ومـن ثـم أخـذ ريتـال لـكي يتمشـوا بالأراضي الزراعيـة ، تمشـي بجانبـه وهـي تمسك بيـده و تطلـع إلى جـمال خلـق اللـه مـن حولهـا ، أمـا هـو فينظـر إلى جـمال خلـق اللـه فيهـا هـي..
لفت نظرها وهو يعبر عن اشتياقه : وحشتيني.
نظرت إليه ريتال بأبتسامة أظهرت غمازتيها: ما انا معاك كل يوم اهوه.
عمر :لاء مش معايا ، بعيدة اوي يا ريتال و بُعدك مجنني .
تبدلـت ابتسـامة ريتـال إلى الابتسـامة الاخـرى والتـي تريـد أن تقـول بهـا ان كل شـئ بخـير: لا مـش بعيـدة ولا حاجـة ، انـت اللي بترفض تبـات هنـا وغـاوي تعـب فيهـا ايـه لـو مكنتـش سـافرت امبـارح بـدل ماتسـافر رايـح جـاي كل يـوم.
عمـر وهـو يرفـع يـده ليتحسـس وجههـا: اولا انـا شرحتلـك اني مـش هعـرف انـام هنـا ، وان الموقـف محـرج بالنسـبالي ، و ثانيـا انتـي عارفـة انـا قصـدي ايـه بكلمـة بعيـدة.
ريتـال وهـي تمسك يـده لتزيحهـا: عمـر احنـا في الغيـط وحوالينـا نـاس كتـير و هنـا مافيـش الـكلام ده فخلـي بالـك.
شـعر عمـر بالغضـب يعلـم أن مـا قالتـه صحيـح ولكـن هـو يشـتاق إليهـا ، يحتـاج ان تكـون دائما بجـواره: اسـف مقصدتـش ، وانـا معاكي بنـى نفيس و فعلا انتـي وحشـتيني اوي ، مـن يـوم مـا رجعتـي مقعدنـاش مـع بعـض ابـدا.
ريتال: على فكرة احنا راجعين بقالنا يومين مش اكتر .
عمـر بحنق: انـا حاسـس انهـم سنتين مـش يومـين وكمـان انتـي بعيـدة مـن قبـل مـا نرجـع ولا ناسـية انـك كنتـي مشـغولة ليـل نهـار بالبحـث.
لتجيبه بتروي : لاء مــش ناســية بــس انــت عــارف ان كل ده كان علشــان نرجــع بسرعــة ، وكلهــا يومـيـن و هــنروح القاهــرة كلنــا.
عمر بترقب : طب ايه رأيك نحدد ميعاد الفرح.
نظـرت إليـه بأسـتغراب و دهشـة: عمـر احنـا لسـه راجعيـن بقالنـا يوميـن ومفــروض اننــا متفقـيـن ان الجــواز مــش هيكــون دلوقتــي اصلا ، و ان انــا محتاجــة وقــت علشــان اســتقر في مـصـر الاول.
عمر : وهو الجواز مش استقرار.
ريتــال : لاء طبعــا اســتقرار ، لكــن انــا وضحتلــك قبــل كــدة و اظــن اتفقنــا وانــت قبلــت ، انــا لســه هشــوف الشــغل في جامعــة القاهــرة اللي دكتــور جاكسـون قـالي عليـه بعـد مـا اتواصـل معاهـم هنـا ، وكـمان لسـه هشـوف مستشــفى كويســة اشــتغل فيهــا ، دا غيــر بقــى شــغل الشركــة.
تنهـد عمـر وهـو يـرد عليهـا بهـدوء محـاولا اقناعهـا: شـغل الجامعـة واقـف على انـك تروحـي تسـتلميه وبـس و اصلا تقريبـا الـكل هنـاك في انتظـار مقابلتـك بعـد آخـر بحـث ليكي ابهـرتي الـكل بيـه ، ثانيـا موضوع المستشفى دا مش هتحتاجي تــدوري و جـوزك عنـده مستشـفى ملكـه اصلا غيـر أني مسـاهم في اكتر من مستشـفى تانيـة ، و شـغل الشركـة انتـي قليـل جـدا لمـا بتشاركي فيـه برأيـك الطبـي و استشــارتك و تعتبــري مســاهمه او شريكــة معاهــم و بــس ، هـا في حاجــة تانيـة يـا دكتـورة ممكـن تعطـل جوازنـا.
نظـرت لـه ريتـال وهـي تتنهـد هـي الاخـرى: تمام مافيـش اي حاجـة تانيـة ، بـس يـا عمـر انـا فعلا مـش جاهـزة للجـواز دلوقتـي ، كل اللي قولتـه سـهلبــس التنفيــذ والتأقلــم عليــه بيكــون صعــب ، ابــدء كل ده و تســتقر كل الاوضـاع وبعديـن نتجـوز.
سـكت عمـر قليـلا وهـو ينظـر إليهـا: تمام يـا ريتـال معنديـش مانـع لـكل ده ، بـس في حاجـة أعتبريها شرط او طلـب او زي ماتحبـي تشـوفيها شـوفيها ( ونظر إلى عينيها بإصرار ثم أكمل بصرامة ) انتي هتيجي من الشرقية للقاهرة على بيتي.
ريتال بدهشةو استنكار : ايه؟
عمر بأبتسامة جانبية واثقة : هتعيشي في بيتي يا قلبي.
@@@@@@@@@@@@@@
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية جبروت)