رواية جبروت الفصل الخامس والأربعون 45 بقلم أسماء أبو شادي
رواية جبروت الجزء الخامس والأربعون
رواية جبروت البارت الخامس والأربعون
رواية جبروت الحلقة الخامسة والأربعون
قاسـم رسلان امـام البـاب، تواجهـه ريتـال وجهـا لوجـه ويتبادلـوا النظـرات الغـير مفهومـة بالمـرة، قطعـت الصمـت وهـي تفسـح لـه الطريـق وتقـف جانبـا لـكي يدخـل: اتفضـل
دخل قاسم وهو ينظر حوله و يتفحص كل شئ ثم سألها : عاملة ايه يا ريتال؟
لتجيبه بهدوء وهي تشير له بالجلوس : الحمد لله.
جلس قاسم و جلست هي مقابلة له و عاد بنظره إليها وسألها ببـرود ظاهـري: لسـه قلبـك مصفيـش؟ لسـه كرهـك ليـا بيكـبر كل يـوم عـن اللي قبلـه؟ جـواكي احسـاس بشـع انـك تنتقمـي منـي صـح؟
نظرت إلى الأرض لعدة لحظات تفكر فيما قاله ثم رفعت نظراتها إليه : حضرتك جاي علشان تسألني الاسئلة دي؟
ليبتسم أبتسامة باردة: دا إقرار بالواقع
تعجبت من يقينه بما قاله : ومين قال لحضرتك كدة؟
اتسعت ابتسامته و قد اكتسى الالم محياه: لأنك تشبهي حد اعرفه اوي.
ريتال بأبتسامة جانبية : والحد ده هو انت صح ؟
ابتسم نفس ابتسامتها : ايــوة للأسف، اوعــي تفتكــري للحظــة اني ندمــان على اي حاجــة عملتهــا معــاكي انــا مــش ندمــان ولــو رجــع بيــا الزمــن هعمــل كــدة.
ردت عليه وهي تدرس الالم الذي تنطق به ملامحه : وانـا عارفـة انـك مـش ندمـان ومـع ذلـك جـاي علشـان اسـامحك، بـس مـش شـايف انهـا غريبـة شـوية ازاي بتطلـب السـماح على حاجـة مـش ندمـان عليهـا؟
قاسم: بطلبه علشانك انتي.
ريتــال: معنــى انــك مــش ندمــان انــك مــش حاســس بغلطــك و ده ســبب يخلينــي مــا اهتمــش بــأي كلمــة حضرتــك بتقولهــا.
رد عليها بنظرات لم تفهمها : في سؤال سألتيني عنه اكتر من مرة، مستعدة تسمعي إجابته؟
نظرت إليه و قد طار البرود من عينيها: آخر لقاء بينك و بين امي؟
هز رأسه بإيجاب و ارتعشت ملامحه وهو يجيبها : كانـت جايـة علشـان اسـامحها رغـم أنهـا مـش ندمانـة على غلطهـا واللي هـو مـش غلـط.
ضحكـت بسـخرية ممزوجـة بـالالم : وحضرتـك بتكـرره معايـا دلوقتـي وانـا اللي صدقـت انـك جـاي علشـاني.
أكمـل دون أن يبالي لسـخريتها: كان ردي عليهـا هـو نفـس ردك بـل أشـد و أقـسى ، قولتلهـا ترجعـي بنتـي تـاني واللي كانـت اغـلى ماعنـدي ، طلبت منها ترجـع كل السنين اللي بعدتهـم عنـي و عشـت مـن غيرهـا، طردتهـا و رفضـت اسـامح و افتـح صفحـة جديـدة، مقدرتـش اكـون الشـخص اللي يتقبـل كل الماضي وان بنتـي اللي طـول عمرهـا في طوعـي و حاسـس انهـا سـندي ويمكـن اكـتر مـن اخوهـا الراجـل اللي اكبـر منهـا تبعـد و تبيـع، علشـان واحـد مايسـواش انـا رفضتـه مـش بـس لأنه فقيـر او مالهـوش مسـتقبل لكـن علشـان قـدر يـسرق بنتـي منـي و بعـد مـا كنـت انـا قدوتهـا وأحسـن راجـل في حياتهـا اخـد هـو كل حاجـة، حاربتـه و كنـت هنهيـه بـكل سـهولة لكـن هـي وقفـت قصـادي و زاد عنادهـا وانـا مستسـلمتش و لجـأت لأخـر كارت كنـت شـايف انــه القـوي واللي هريجعهـا ليـا بسـهولة وهــو اني اتبـرى منهــا، بــكل ثقـة خيرتها بينـي و بينـه ، لكن صدمتني لما اختارتـه و دي الضربـة اللي هدتنـي و عرفتنـي اني خـسرتها، تعـرفي يعنـي ايـه حتـة منـي تبعـد عنـي؟ تعـرفي يعنـي ايـه روحـي تـروح واعيـش بـدون روح؟ تعـرفي يعنـي ايـه بنتـي تشـتغل حتـة موظفـة في شركـة عند ناس غريبة ودا يأمرها ودا يتأمر عليها و ابوهـا يملـك مـن المـال اللي يخليهـا ملكـة طـول عمرهـا؟ عارفـة يعنـي ايـه اعـرف ان بنتـي حامـل و ان حتـة منـي شـايلة حتـة منهـا جواهـا و مقـدرش اروح اضمهـا و اباركلهـا؟
( ارتفع صوته عاليا ليس غضبا و إنما قهرا )
متخيلــة احســاسي وانــا مســتني بنتــي قلبهــا يحــن وتيجــي تستســمحني وتقــولي حقــك عليــا و حتــى لما بقــت حامــل قولــت هتعــرف شــعور الامومـة وتحـس وتيجـي ووقتهـا هخودهـا بحضنـي وكل اللي حصـل هنسـاه بــس هــي تيجــي و تحسســني أنهــا منســيتنيش ، حتى لو جت ومتكلمتش هاخدها في حضني ومش هتكلم معاها في الماضي ، بــس بنتــي قــدرت تبعــد وماتســألش عــن ابوهــا وكأني بقيــت ميــت بالنســبالها. تنـسى ابوهــا اللي خلفهـا و كبرهـا ورباهـا و كانـت اميرته و حتـة منـه علشـان واحـد حبتـه، حبهـا لـه كان اقـوى مـن حبهـا ليـا، عارفـة يعنـي ايـه اكـون عـارف ان بنتـي في المستشـفى بتولـد و مسـتني منهـا تليفـون تطلبنـي فيـه هـي او الحقيـر اللي اتجوزتـه علشـان اجـري عليهـا و اقولهـا اني سـامحتها بـدون حتـى مـا تطلـب؟ ( سـكت قليـا ليأخـذ أنفاسـه وهـي تنظـر إليـه في صمـت مذهـول وهـي تـراه لأول مـرة بتلـك الحالـة بينـما عـاد هـو يكمـل بخفـوت مقهـور و كأن ماحـدث لم يمـر عليـه زمـن ) عارفـة يعنـي ايـه تعيشي طـول عمـرك تراعـي في زهـرة و تهتمـي بيهـا و تحميهـا مـن الدنيـا و البـرد والحـر والهـوا وكل حاجــة وبعد ماتعمـلـي كل ده ييجي حد تافه يقطفهــا بــكل ســهولة؟ للأسف انتـي مـش عارفـة حاجـة ولا هتعـرفي اي حاجـة، امـك كانـت زهـرتي انـا عيشـت طـول سـنين بُعدهـا عنـي اسـتناها لحـد مافقـدت الامـل فيهـا وقولـت خـلاص زهـرتي راحـت أقتنعـت بالخسـارة و اعترفت بيهـا ( سـقطت الدمـوع مـن عينيـه رغمـا عنـه ، وانفاسه تخرج بصعوبة ) و بعـد كل ده هـي راجعـة تقـولي سـامحني بـدون نـدم بـدون اي حاجـة بتقولي سـامحني بعـد ماحرمتنـي منهـا ومـن بنتهــا اللي هــي انتــي ١٧ ســنة، افتكــرت ابوهــا بعــد كل السنين دي و ياريــت جايــة ندمانــة دي جايــة بتعتــب و تقــول ازاي انــا مســألتش عنهــا كل ده، ( اغمض عينيه وألم الذكرى يفتت قلبه والندم يحؤق روحه ) مكنـش منـي الا اني انفجـرت فيهـا بـكل القهـر اللي جوايـا منهـا طـول السنين اللي بعدتهـا عنـي، و بعـد مـا واجهتهـا بـكل اللي قولتهولـك ده اتصدمـت ومشـيت، وانـا فضلـت ألـوم في نفسي اني مخدتهـاش فحضنـي قبـل ماتمشـي، قولـت لنفسي يعنـي انـت فضلـت منتظرهـا طـول السنين دي و يـوم ماتجيلـك ترفضهـا.
(غلبتــه الدمــوع و ظلــت تســقط كالشــلال مــن عينيــه مشــهد تهتــز لــه القلـوب ، لطالمـا عرفتـه قـاسي جامـد كجمـود الصخـر بـاردا كالجليـد، تـراه الان يبـكي بحرقـة وقهـر ومـا أبشـع قهـر الرجـال، في تلـك اللحظـة لم تفكـر في اي شـئ ولم تفكـر ان مـن امامهـا هـو قاسـم رسلان بـل هو رجـل يبـكي قســوة ابنتــه و بعدهــا عنــه و مــن ثــم يبــكي فراقهــا، اقتربت منــه وجلسـت بجانبـه ولا تعـرف مـاذا تفعـل هـي فقـط اقتربت منـه و تنظـر إليــه فتــح هــو عينيــه و نظــر لهــا تجــاوره..
قاسـم: اليـوم ده مانمتـش فيـه انـا كنـت مسـتني بنتـي و هـي كـان كانـت مسـتنياني و لما جـت و واجهتهـا بـكل اللي جوايـا مشـيت بـدون اي كلمـة تانيـة و انـا ممنعتهـاش، كنت طول الليل ندمان اقول ياريتني حضنتها وبعدين لومتها ،، الصبـح كنـت ادام بيتهـا بفكـر ازاي هتقابلنـي و لما اشـوفك انتـي هعمـل ايـه وانتـي هتبقـي عرفـاني وهـي حكيالـك عنـي ولا محكتلكيش عني ، كنـت بفكـر في كل حاجـة الا اني اطلـع و الاقـي الزهـرة ماتـت.
لم تستطع أن تسمع المزيد كانت دموعها تسيل على وجنتيها : ارجوك كفاية.
قاسـم ببـكاء: زهـرتي ماتـت، بنتـي اللي كنـت خايـف امـوت وهـي بعيـدة عنـي ماتـت قبلـي، ماتـت قبـل مـا انـا امـوت، شـوفتها في كفنهـا قبـل مـا هـي تشـوفني في كفنـي .
( بـكل الحنـان الـذي بداخلهـا احتضنتـه لم تسـتطع أن تـراه هكـذا ليتـه لم يتحـدث ليتـه ظـل في نظرهـا الرجـل القاسي )
بكـوا معـاً هـما الاثنـين لم يبكـوا ضعفـا وإنما بكـوا حزنـا وألمـا، هـي تشـعر بـه نعـم تشـعر بـكل مـا قالـه، لم يبكـوا بصـوت ولم تخـرج الاهات مـن أفواههـم ولكـن دموعهـم الصامتـه كانـت أشـد ألمـا مـن كل الاهـات، ضمهـا قاسـم إلى حضنـه وهـو يشمُ رائحتهـا و شـعرت ريتـال بذلـك وأيقنـت أنـه يبحـث بهــا عــن رائحــة امهــا ابنتــه زهرتــه، تســائلت بداخلهــا لما لم تفكــر يومــا بـكل ذلـك.
هـي اكتفـت بـأن تقـرأ مذكـرات والدتهـا فقـط، هـي اقتنعـت بهـا علمـت مـن خلالها أن قاسـم هـو الشريـر الـذي يحـارب الحـب، ولكـن لم تفكـر ولـو لمـرة واحـدة أنـه اب يحـارب ابتعـاد ابنتـه عنـه و اسـتخدم كل الطـرق الـذي ظـن أنهـا سـوف تجعـل ابنتـه تعـود إليـه ولم يعلـم أن مـا فعلـه زاد الامـر سـوءا و رفـع الاسـوار بينهـم أكثـر.
بعــد قليــل انتهــوا مــن البــكاء و اســتعاد قاســم هدوئــه و مســح وجهــه و وجــه حفيدتــه ايضــا .
قاسـم بهـدوء: مكنتـش عايـز اقولـك كل الـكلام ده ولا مـرة فكـرت اني اقولـه ولا كنـت هفكـر حتـى، انـا محكتلكيـش علشـان تعذرينـي او اقولـك ان امـك غلطـت، لكـن قولتـه علشـان انتـي محتاجـة تعرفيـه و تفهمـي كل حاجـة وكمـان انـا كنـت محتـاج اتكلـم ، انـا و بنتـي كنـا منتظريـن بعـض وانتظارنـا طـال سـنين طويلـة و لما هـي فكـرت تاخـد خطـوة انـا بغضبـي و جبـروتي رفضـت الخطـوة دي، و منكـرش ان جـبروتي عليهـا هـي و ابـوكي لما اتجـوزوا كان السـبب في أنهـا تفضـل طـول السنين دي بعيـدة، و لما قـررت اسـامح او اخـد خطـوة حتـى تجاههـا كان خـلاص هـي راحـت منـي و اليـوم اللي شــوفتها فيــه كان الــوداع. لما اخدتــك مــن ابــوكي مكنــش علشــان انتقــم بــس ده مايمنعــش اني كنــت هعمــل كــدة لكــن الســبب هــو انــك حقــي ، عــوض ليا عــن بنتــي اللي راحــت و اللي مافيــش اي حاجــة تعوضنــي عنهـا وتصبرني على فراقها غـيرك، كنـت عايـزك تنـسي ابـوكي نهـائي و زي مـا حرمنـي مـن بنتـي احرمـه منـك و يكـون ده جزائـه مفكرتـش وقتهـا غـير بالطريقـة دي وبـس، لمـا انتـي حاولتـي تهـربي وتروحيلـه وجعتينـي وفكرتينـي بالماضي مفكرتـش انـك بتهـربي علشـان تروحـي لأبوكي ، لكـن شـوفتك بنتـي اللي اختارتـه هـو ليـا مقدرتـش اتحملهـا ولا حتـى قـدرت اقـرب منـك علشـان اغيرهـا ،،، وبعـد مـا خلصتـي الثانويـة سـفرتك هنـا علشـان تتعلمـي في نفـس المـكان اللي امـك اتعلمـت فيـه وكل مـرة كنـت باجـي ازورك فيهـا كنـت بتمنـى ان نظرتـك ليـا تكـون اتغـيرت لكـن بالعكـس كل شـئ كان بيزيـد ،، ولمـا جيتـي وقولتـي انـك هتخرجـي مـن ســجني وتبعــدي عــن الســجان وان خــلاص بقيتــي دكتــورة كبـيـرة حســيت بالفخـر بيكي، و محزنتـش علشـان عـارف ان وجـودي حواليكي كان بيألمـك ،، و استســلمت لبُعــدك، و انــا كنــت عــارف ان بقــى ليكي بيــت و عنــدك فلــوس علشــان كــدة ســيبتك بســهولة، و رجعــت للماضي بــس المــرة دي برضى و هـو اني اراقبـك مـن بعيـد لبعيـد زي مـا كنـت بعمـل وانتـي صغيـرة و اراقبـك و امـك بتوصلـك للمدرسـة، مفرقـش معايـا اي حاجـة لأني كنـت أتمنى بنتــي تبقــى عايشــة و اشــوفها مــن بعيــد لبعيــد برضــو عــن أنهــا تكـون تحـت الـراب، لما عرفـت خبـر جـوازك مـن عمـر الجزيـري وجعتينـي يـا ريتـال و المـاضي مـش سـايبني فحـالي ، لكـن بعدهـا علطـول وبـكام دقيقـة شــوفت صورتــك وانتــي جنــب صاحبتــك و الــدم مغرقــك و خـبـر ان تــم إطلاق النـار عليكـم، رغـم اني عرفـت انـك كويسـة ومتصابتيـش الا برضـو ان الماضي مرحمنيــش وقلبــي مرتحــش الا لمــا شــوفتك ســليمة و اخدتــك فحضنـي. وقتهـا مـش بـس حضنـت ريتـال حفيـدتي لاء حسـيت اني بحضن بنتي و ربنـا نجاهـا مـن المـوت و قـررت وقتهـا ان اللي معرفتـش اعملـه في الماضي هعملـه دلوقتـي ( ثــم ارتفــع صوتــه بأنفعــال ) و مــش هســمحلك يــا ريتــال نهائي انــك تعمـلي زي مــا انــا عملــت زمــان.
… انتهـى هـو مـن الـكلام و انتظـر ان يسـمع منهـا بينمـا هـي كانـت غارقـة في أفكارهـا وهـي تعيـد كل شـئ في رأسـها ولكـن مـن منظـور مختلـف
لتحكي له بهدوء عن تلك الليلة : انـا مامـا دخلـت عنـدي اطمنـت عليـا كالعـادة و اتكلمـت معايـا و كأنهـا كانـت بتودعنـي بـس انـا مفهمتـش أن ده وداع غيـر بعديـن، صحيـت الصبـح لقيـت بابـا بيقـولي احضنيهـا لأن ده اخـر حضـن رغـم اني كنـت كبـيرة وقتهــا و في الثانويــة الا اني ماســتوعبتش اي حاجــة، مامــا ماتــت ازاي وايــه المـوت ده اصـلا و يعنـي ايـه إن للـه وإنـا إليـه راجعـون، ولا اي حاجـة مـن دي اسـتوعبتها ، الخسـارة كانـت كبيـرة اوي ومازالـت كبـيرة، بعدهـا حضرتـك اخدتنـي في نفـس الوقـت اللي انا يدوبـك بتقبل فيـه فكرة ان خـلاص مبقاش فيـه مامـا و بسـتوعب و بطلـب الصبـر مـن ربنـا، ورضيـت بـاني خسرتهـا في اهـم مرحلـة في حيـاتي وهـي مراهقتـي ، اني اخسر ماما في اي مرحلـة واي وقت صعبـة لكـن هـي كانـت صديقتـي هـي وبابـا كانـوا كل حاجـة في حياتي ، وخسرتهـا وحضرتــك بعدهــا حرمتنــي مــن بابــا مــن الطبيعــي اني اهــرب و اروحلــه لأن هــو بابــا و معرفــش غيــره تخيــل وجعــي لما اروحلــه وهــو يرجعنــي تـاني بنفسـه للمـكان اللي انـا حسـيته سـجن وبيسـلمني ليـك كـدة بـكل سـهولة كأنه بيقولك خـد بنتـي وانتقـم براحتـك، بعدهـا كنـت اكتفيـت مـن كل حاجـة و اقتنعـت ان خـلاص بعـد مامـا كل حاجـة انتهـت ، ولمـا سـفرتني بـرة كنـت بذاكـر واجتهـد وانجـح علشـان احقـق حلـم مامـا وعلشـان احاربـك و ارجـع لبابـا، انـت عملـت نفسـك عـدو ليـا مكسـبتنيش انتظـرت منـي محبـة بدون ماتقـدم المقابـل و مافيـش فالدنيـا اي شـئ بـدون مقابـل، بـل بالعكـس انـت حرمتنـي مـن بابـا و لما قـرأت مذكـرات مامـا اللي بتبتـدي وانـت بتحاربهـا و بتحــارب حبهــا و بتنتهــي وهــي بتقــول انهــا هــروح تقابلــك ورجعــت نامـت مصحيتـش، ف وقتهـا انـت كنـت الراجـل اللي حرمنـي مـن أهـم اتنـين في حيـاتي ، حرمنـي مـن عيلتـي و دفئهـم وحنانهـم وحبهـم، يعنـي مينفعـش تلومنـي دلوقتـي نهائي على عدائي ليـك او شـعوري تجاهـك
قاسـم: انـا مـش بلومـك ولا اي شـئ انـا جـاي اقولـك كفايـة يـا ريتـال انـا مــش حمــل وجــع تــاني انــا مــش وحــش ولا بكرهــك ولا اخدتــك علشــان انتقـام وبـس وإنما ده حصـل لرغبـة جوايـا لكـن سـواء بيهـا او مـن غيرهـا كنــت مســتحيل اســيبك، و ابــوكي يــوم مــا رجعــك ليــا قالي كان عــارف و متأكـد اني مسـتحيل أأذيكي و يومهـا طلـب منـي اسـامح زهـرة ميعرفـش اني سامحتها من زمان وكنت بتعــذب علشــانها.
مسحت ريتال بقايا دموعها ثم قالت بأبتسامة : خلاص كفاية كدة.
ليسألها قاسم برجاء : صفحة جديدة؟
ريتال: حياة جديد ان شاء الله.
قاسم: يعني مسامحة يا ريتال؟
سكتت قليلا ثم أخبرته بصدق : سـيب السـماح للأيام لأن مـش بسـهولة ابـدا، انـا بعـد إصابـة ماريـا قــررت اني لازم أواجــه حاجــات كتـيـر وأهمهــا المــاضي ، اوعــدك اني احــاول اسـامح وانـك هتكـون جـزء مـن حيـاتي لكـن كل ده محتـاج وقـت .
قاسـم: وانـا هسـيبك تفكـري و تسـتوعبي و مـش هضغـط عليكي بـس كل اللي هقولهولـك اني تعبـت يـا ريتـال تعبـت يـا بنـت زهـرة وانتـي كـمان لـو فضلتـي كـدة هتتعبـي انـا كنـت عايـزك تكرهـي ابـوكي لكـن صدقينـي دلوقتــي اتمنــى ان يكــون كلامــك زمــان صــح وانــك عمــرك مــا هتكرهيــه، انـا مسـتعد اتقبلـه علشـانك يـا ريتـال، زمـان رفضـت اتقبلـه علشـان بنتـي و دلوقتــي هتقبلــه علشــانك انــا غلطــت و معتــرف بغلطــي انــا قولتلــك في بدايـة الـكلام اني مـش ندمـان، انـا فعلا مـش ندمـان اني اخدتـك لكـنندمــان اني ســببتلك اي حــزن أو وجــع.
صعـد عمـر لـكي يأخـذ ريتـال و يسـلم على ماريـا، نظـر إلى شـقتها و فكـر أنهـا قـد تكـون هنـاك ولكـن سريعـا مـا نفـى الفكـرة مـن رأسـه ، ريتـال منـذ زواجهـم لم تقابلـه في شـقتها بمفردهـا ابـدا وعندمـا تعلـم أنـه اتي تنتظـر مـع أصدقائهـا هنـا ، تلـك البـاردة لم تشـتاق لأن يقبلهـا اااااه ولكـن هو يشـتاق ان يضمهـا بـين ذراعيـه و يضـم شـفتيها بيـن شـفتيه ويعتصـر ضلوعهـا وينتقـم منهـا شر انتقـام على بعدهـا عنـه، هـو فقـط يصـبر عليهـا لأجـل الظـروف التــي مــروا بهــا مؤخــرا، ابتســم فتلــك الظــروف جعلــت حبيبتــه تثــق بــه ، جعلتــه يقتــرب منهــا وتســلمه مقاليــد الحكــم، دق الجــرس وانتظــر إلى أن فتحـت لـه ليلـه البـاب، دخـل إلى الشـقة بعـد أن رحبـت بـه
عمر: اخبارك ايه يا ليله؟
ليله: الحمد لله تمام .
عمر: وانتي يا ماريا عاملة ايه دلوقتي؟
ماريا بأبتسامة مرحة: زي القمر.
عمـر بضحكـة بسـيطة: طبعـا زي القمـر بـس انـا مـش بسـألك عـن شـكلك بسـأل عـن صحتـك.
ماريا بتنهيدة: الحمد لله مكنتش رصاصة يعني.
ضحــك عمــر قائـلا: عنــدك حــق ، ايــه يعنــي رصاصــة مــش عــارف هـما مكبريــن الموضــوع اوي كــدة ليــه.
ليله: لا والله انت بتوافقها انت كمان يا عمر.
ماريا بمرح: ايوة لأننا سوابق زي بعض.
تبدلـت ملامح عمـر قليلا ولكنـه حافـظ على ابتسـامته: بالظبـط ( ثم بدل الموضوع سائلا عن زوجته ) اومـال فيـن ريتـال.
ماريـا بأسـتغراب: دا انـا بحسـبها مشـيت معـاك مـن غـير ماتفـوت علينـا رغــم أنهــا قالــت هتيجــي قبــل مــا تنــزل بقالهــا اكتــر مــن ســاعة قالــت هلبــس واجــي وماجتــش.
ليله: تلاقيها انشغلت في حاجة انا هروح اناديلها.
عمر بلهفة: لاء خليكي انتي وانا هروحلها.
ماريـا بنظـرات ماكـرة: طـب ماترتـاح انـت و نتصـل بيهـا تيجـي وخـلاص ولا ليلـه تـروح تشـوفها.
عمــر وهــو يذهــب بأتجــاه البــاب: لاء يمكن بتعمــل حاجــة هســتناها تخلصهــا و بعديــن مــش عايــز اتعبكــوا معايــا يــلا ســلام .
وخــرج مسرعــا وســط ضحــكات ماريــا وليلــه على لهفتــه في الذهــاب إليهــا.
في شـقة ريتـال، كان الحديـث بينهـا وبـين قاسـم مـازال مسـتمرا ولكـن قطعه صـوت الجـرس، وقفـت ريتـال لتفتـح البـاب وهـي تعلـم أنـه بالتأكيـد عمر..
– اتفضل يا عمر.
عمـر بمـرح يقصـد بـه لومهـا على ابتعادهـا عنـه: ايـه ده اتفضـل بسـهولة كـدة فكـرت هتطردينـي مـن على البـاب وتقـولي مبدخلـش حـد غريـب.
نظـرت إليـه بأبتسـامة وقـد فهمـت مقصـده: بـس انـت مـش غريـب انـت جـوزي.
لاحـظ عمـر ملامح وجههـا بعـد أن دقـق فيهـا ريتـال كانـت تبـكي، ريتـال لم تبتسـم تلـك الابتسـامة الرائعـة التـي تسـحره وإنما ابتسـمت بأصطنـاع فسألها وقـد تبدلـت ملامحـه: مالـك بتبـكي ليـه يـا ريتـال؟
كان قاسـم يسـتمع إليهـم وهـم يتحدثـون، دخـل عمـر إلى الشـقة وأغلـق البــاب خلفــه والتفــت لريتــال ليعــرف مــا بهــا ولكنــه رأى قاســم يجلــس بأريحيــة
ريتــال: اقعــد يــا عمــر على مــا ادخــل اجيــب عصيــر ليــك و ( نظــرت إلى قاســم وهــي تحــاول ان تبتســم و عــادت تنظــر إلى عمــر لـكـي تطمأنــه ) لجــدي.
نظـر قاسـم إليهـا بلهفـة لم يسـتطع مدارتهـا ونظـر عمـر إليهـم ليعلـم ان ليسـت ريتـال فقـط مـن كانـت تبـكي فقاسـم رسلان ايضـا بـكى رغـم انـه يحــاول أن يخفــي ذلــك ولكــن عينيــه مــازال بهــم أثــر الدمــوع، ذهبــت ريتــال إلى المطبــخ لتحضــر العصـيـر و تركــت عمــر برفقــة جدهــا
عمر: ازيك يا قاسم بيه؟
قاسم: بخير ( ثم اضاف بلهجة ذات مغزى ) منور بيت حفيدتي .
عمر بأبتسامة ثقة: دا نور حضرتك اللي منور بيت مراتي يا قاسم بيه.
ليعاتبه قاسم قائلا : طـب هـي وكانـت زعلانة و بينهـا وبينـي خـلاف، انـت ليـه مجيتـش طلبتهـا منـي؟ وانـت عـارف اني بقـدرك وبشـوفك شـاب مكافـح و مجتهـد ليـه متعملـش حسـاب للمعرفـة اللي بينـي وبينـك حتـى لـو كانـت سـطحية ؟ ليـه متعملـش حسـاب أنهـا حفيدتي ؟
عمـر بأسف و قليلا من الخجل : ومـين قـال اني نـاسي كل ده او تجاهلتـه بـس للأسف ريتـال رفضـت و دي رغبتهـا وانـا مقـدرش اجبرهـا على حاجـة، ريتـال اهـم عنـدي مـن اي اعتبـارات وتقديـرات.
ابتسم قاسم : وهـي عنـدي اهـم مـن الدنيـا كلهـا و زي مـا سـعادتها مهمـة عنـدك مهمـة عنـدي علشـان كـدة مـش هلومـك ولا اعاتبـك، و كفايـة انـك كلفـت خاطـرك و جيبـت ابوهـا لحـد هنـا علشـان يشـهد على جوازكـم.
عمر بأبتسامة: يعني حضرتك عارف ان والدها كان موجود؟
قاســم: و ده اللي شــفعلك عنــدي يــا عمــر أنهــا مكنتــش لوحدهــا، خـلي بالـك منهـا يـا عمـر دي حفيـدتي الوحيـدة، الدنيـا كلهـا في كفـة و هـي في الكفــة التانيــة.
سـمعت ريتـال مـا قالـه قاسـم وعمـر و اسـعدها كثيـرا مـا سـمعته منـه عنها فرحـت لكلـمات قاسـم هـي تنتظـر كل ذلـك هـي تريـد أن تفـرح و تعيـش بسـعادة هـي لا تريـد أن تتـألم مـن جديـد.
قدمـت ريتـال لهـم العصـر و مـن ثـم جلسـت بجـوار عمـر مـا جعـل قلبـه يقفـز فرحـا..
قاسم: فين ليله صاحبتك؟
ريتال بأستغراب وتوتر : حضرتك بتسأل عنها ليه؟
قاسـم بأبتسـامة لـكي يطأمنهـا: مـش مـن حقـي اشـوف البنـت اللي حفيـدي عايــز يتجوزهــا ولا ايــه؟ مــش هــما عايشــين معــاكي هنــا في الشــقة اللي ادامـك؟
ريتــال: ايــوة ( وأضافــت بقــوة ) ليلــه مــش صاحبتــي وبــس هــي وماريــا و مــروان وحتــى ادم عيلتــي جــزء منــي.
قاسم : انتي ليه بتقولي كدة فاكرة اني معترض على جواز ادم منها؟
ريتـال بفخـر: وحضرتـك تعـترض ليـه اصـلا الدكتـورة ليلـه فخـر لأي عيلـة أنهـا تنتمـي ليهـا.
قاســم بأبتســامة: وانــا فخــور بالدكتــورة ريتــال و بصديقتهــا اللي هتكــون زوجـة حفيـدي ومـش معنـى أنهـا مطلقـة دا يقلـل منهـا في شـئ معلوماتـك عـن جـدك غلـط يـا ريتـال.
شـعرت ريتـال أنهـا كانـت مندفعـة فهـدأت قليـلا وهـي تحـاول الابتسـام: قولـت لحضرتـك الايـام هتغـير كل حاجـة ان شـاء اللـه.
قاسم: ان شاء الله.
أخــذت ريتــال جدهــا إلى شــقة أصدقائهــا بعــد أن اتصلــت بهــم لتخبرهــم أن معهـا ضيـف و وهـم اعتقـدوا أنهـا تقصـد عمـر، ارتبكـت ليلـه عندمـا رأت قاسـم رسلان أمامهـا ونظـرت إلى ريتـال بدهشـة جلـس قاسـم معهـم و تعـرف على ليلـه بالطبـع هـو يعرفهـا فمنـذ أن أخبـره حفيـده عـن طلبـه بالـزواج وهـو لـم يـترك شـيئا الا وعرفـه عنهـا وعن عائلتها ولكـن بقـى ان يقابلهـا وجهـا لوجـه فقـط، وبينـه وبـين نفسـه قـال ضاحـكا انـه يكفـي أن تكـون صديقـة ريتـال فقـط.
ماريا بأبتسامة: حضرتك منورنا والله.
نظـر إليهـا قاسـم بأسـتغراب لتحدثهـا باللهجـة المصريـة ولكنـه رد عليهـا: دا نـورك عاملـة ايـه دلوقتـي؟
ماريا: الحمد لله بخير.
أتى مـروان بصحبـة ادم الـذي لم يكـن يعلـم بحضـور جـده، وايضـا أتى رشـيد والـد ماريـا.. وطلبـوا غـداء مـن المطعـم و قـد اصر مـروان و ادم على ذلـك.و ألغـى موعـد الغـداء بيـن عمـر و ريتـال وأصبـح الغـداء جماعـي عائـلي،
شـعر قاسـم بالرابـط الـذي يجمعهـم ببعضهـم و بالفعـل هـم عائلـة، امـا رشـيد فشـعر أنـه ليـس لـه مـكان بحيـاة ابنتـه و احزنـه ذلـك كثـيرا، بينـما شـعرت ليلـه بالارتيـاح تجـاه قاسـم و قـد كان يشـغل بالهـا كثيـرا السـؤال بهـل سـوف يقبلونهـا ام لا ، و ايضـا ارتياحهـا الاكـبر هـو ان على مـا يبـدو ريتـال قـد فتحـت صفحـة بيضـاء مـع عائلتهـا.. رحـل قاسـم وبصحبتـه ادم و مـن بعدهـم رشـيد، وأخـذ عمـر ريتـال بعـد اصر عليهـا بـأن يخرجـا معــا لتنــاول العشــاء بالخــارج تعويضــا لوجبــة الغــداء و التــي رأى أنهــا لم تتنـاول شـيئا بهـا مـن الاسـاس الا قليـلا، وقـف عمـر بسـيارته امـام المطعـم ولكـن قبـل أن ينـزل مـن السـيارة ..
ريتال: عمر انا مش جعانة تعالى نروح اي مكان تاني هادي ارتاح فيه.
عمر: تحت امرك مولاتي.
تحرك عمر بسيارته و ذهب بها إلى منزله والذي اخذها إليه من قبل واين سيجد مكان اروع منه وأجمل منه وهادئ في تلك المدينة الصاخبة.
@@@@@@@@@@@@@@@@
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية جبروت)