رواية جبروت الفصل الثامن والعشرون 28 بقلم أسماء أبو شادي
رواية جبروت الجزء الثامن والعشرون
رواية جبروت البارت الثامن والعشرون
رواية جبروت الحلقة الثامنة والعشرون
عمر: وإذا قولتلك إني عايزك انتي اللي تعمليها؟
ريتــال ببرود: هقولــك لاء . انــا واجبــي إني اعمــل كل اللي بأيــدي علشــان اسـاعد المريـض، بـس مـش واجبـي اجـبره على حاجـة وكل واحـد بيعمـل الـلي شـايفه مناسـب لنفسـه مـن وجهـة نظـره.
هي بالطبع هي.
وكيــف لا يتذكرهــا؟ نفــس الفتــاة، الطبيبــة الصغـيرة ونفــس طريقتهــا وأســلوبها وكأنهــا لديهــا معتقــدات راســخة في عقلهــا بما تقــول.
لم يظهــر على ملامحــه اي شــئ وبقــى ثابتــاً كما هــو ولكــن بداخلــه غضب، لماذا لم تتذكــره؟ هــل لأنه مــر أكـثـر مــن ثلاثــة أعــوام على ذلــك، ولكنـه عـاد قائلا لنفسـه هـل عليهـا أن تحفـظ وجـه واسـم كل مـن تقـوم لهـم بعمليـه جراحيـة؟! ولكـن لماذا لم تنظـر في وجهـه إلى الان ، وتحدثـه بـكل تلــك اللا مبــالاة، هــذه الفتــاة متعجرفــة و مغــرورة كثيرا.
ظهر غضبت وهو يتحدث بصوت حاد: أظن من باب الاحترام انك تبصيلي وأنا بكلمك.
رفعـت عينيهـا تنظـر إليـه نظـرات حـادة ولكنهـا بـاردة كسـهام صنعـت مـن جليـد: انـا لا أسـمح لـك.
شـعر ببعـض الانتصـار عندمـا كسـر هالتهـا البـاردة، رغـم أن الـبرود لا يـزال موجـود ولكنـه لمـح بين جليـد عينيهـا شـعلة مـن نـار لا تقبـل المسـاس بهـا أبــدا:ً اولا انــا بكلمــك عــربي يبقــى كلمينــي زي مــا بكلمــك، وثانيــا ولا انــا اسـمحلك انـك تقلـي مـن احترامـي وانتـي بتكلمينـي.
لتبررله : مـش معنـى إني مـش ببصلـك إني مـش بحترمـك أو بقلل مـن احترامك،و انا إذا بتعامـل باحـترام ف ده لاني بتعامـل مـع الـكل كـدة ، وباحترامـي لنفـسي قبـل اي شـئ،أما قواعـد الاحـترام فحضرتـك و اللي موجـودة معـاك هنـا مـن البدايـة مـش ملتزميـن بيهـا، ومـع ذلـك دا يخصكـم مـش يخصنـي انـا … كل إنـاء بما فيـه ينضـح.
خرجت من قاعة المحاضرات بعد أن إنتهت من إلقاء محاضرتها.
خرجـت مـن الجامعـة وهـي تبحـث عـن سـيارة أجـرة حتـى تنقلهـا إلى مقـر عملهـا الثـاني، العمـل الـذي لم تتركـه منـذ أن سـاعدتها ريتـال بالحصـول عليـه و قـد كـبر شـأنها بـه وأصبحـت ذو مكانـة عاليـه بين البقيـة مِن مَـن هـم أكـبر منهـا سـنا .
شــعرت أن هنــاك عيــون تتابعهــا فتلفتــت حولهــا وهــي ترفــع أصابعهــا وتبعــد خصلــة مــن شــعرها قــد انســابت فــوق وجنتهــا فأعادتهــا خلــف اذنهــا وهــي تتطلــع بعينيهــا حولهــا إلى أن وقعــت عينيهــا عليــه.
مــا أن خطــت قدميــه هــذه الارض ذهــب إليهــا فــورا لــكي يراهــا، يــرى حبيبتـه تلـك الٱسرة التـي تـأسر القلـوب ببهـاء طلتهـا السـاحرة، لقـد ذهـب إلى البنايــة التــي يعيشــون فيهــا، ولكنــه طــرق البــاب و دق الجــرس ولم يحصـل على رد، و ريتـال هاتفهـا مغلـق مـا يعنـي أنهـا في المشـفى بغرفـة العمليـات، و كاد أن يتصـل بهـا ولكنـه تراجـع وبـدلًا عنهـا اتصـل بماريـا التـي اجابتـه وأخبرتـه أن مـروان بالداخـل ولكنـه لا يخـرج مـن غرفتـه حتـى لـو لمجـرد فتـح البـاب لأحـد، وأخبرتـه أن ريتـال في المشـفى و ليلـه بالجامعـة و أنهـم سـوف يعـودون في الرابعـة عصـرا، فأتى إلى الجامعـة وقـرر أن ينتظـر أمـام تلـك البوابـة والـذي يعلـم مسـبقا أنهــا ســوف تخــرج منهــا، لأنهــا كانــت تفعــل ذلــك دائما كعــادة داومــت عليهــا هــي و صديقتيهــا، وهــا هــو القــدر انصفــه و رآهــا تخــرج بالفعــل أمامــه مــن البوابــة ولكــن قبــل حتــى أن ينتظــر ســاعة واحــدة.
مـع اقترابهـا منـه شـعر أن دقـات قلبـه تتزايـد بقـوة نظـرات عينيـه كانـت تحمــل الاشــتياق بصــدق، ولكــن مــن أمامــه لم تراهــا ولم تشــعر بأشــتياقه ولا بلهفتــه للقائهــا، فقــط كانــت تبتســم ابتســامة عاديــة متعجبــة قليــلا ، فحـاول جاهـدا التماسك و إخفـاء اشـتياقه إليهـا.
وقفـت أمامـه ترفـع يدهـا إليـه لـكي تصافحـه ولكنـه كان ينظـر إلى يدهـا المرفوعة أمامــه وبداخلــه احساســيس مختلفــة، يعشــق احتضــان يدهــا في يديـه ولـو لمجرد التصافـح بالايـدي.
يتمنـى لـو بأسـتطاعته ضمهـا بين ضلوعـه كما يضـم أصابعهـا بين يـده، يشـعر بالذنـب لأن لمسـته لهـا ليسـت بريئـة أبـدا مـن تجاهـه هـو، وهـي التـي تعاملـه كصديـق أو كفـرد مـن العائلـة التـي تـم تأسيسـها بين الثلاثـة فتايـات، و قـد ضمـوه إليهـا هـو وعـادل والـذي قـد نُفـي منهـا بعـد خيانتـه لماريـا، وأيضـا مـروان شـيقها والـذي أصبـح فـرداً مـن تلـك العائلـة الصغيـرة.
رفــع يــده اليمنــى إليهــا بعــد عــدة ثــواني جعلتهــا تســتغرب ذلــك وقــد لاحظت شروده
آدم: اسف اصلي لسه واصل وانتي عارفة إرهاق السفر.
ليلـه بأبتسـامة مجاملـة لم تصـل لعينيهـا: ولا يهمـك، ( ثم سـألت بأسـتغراب ) يعنـي انـت لسـه واصـل حالا؟
آدم: أيــوة، وروحــت البيــت علشــان اســلم عليكــم وفضلــت اخبــط كتـير ماحـدش رد وعرفـت انـك هنـا مـن ماريـا فجيـت علشـان اشـوفك ( وتنبـه إلى كلمتــه فحــاول تبريرهــا ) اصـل ماريـا قالتـي ان مـروان في الشـقة لكـن مـش بيخـرج مـن اوضتـه وأن ماحــدش فيكــم هيرجع البيــت قبــل الســاعة 4 و ريتــال موبايلهــا مغلــق، فقولـت اجـي اخـد منـك المفتـاح اقعـد مـع مـروان أحـاول أكلمـه شـوية.
ليلــه بأمتنــان: أهـلا بيــك نــورت نيويــورك كلهــا وشــكرا على كل حاجــة عملتهــا معانــا يــا آدم، و وجــودك جنبنــا و لســه موجــود لحــد دلوقتــي.
آدم: انـا مـش موجـود جنبكـم علشـان منتظـر الشـكر انـا موجـود لاننـا عيلـة واحدة.
ليله: وأنا فخورة بالعيلة دي ومبسوطة انك فيها.
نجـح في إخفـاء فرحتـه بكلماتها وتحـدث بجديـة: بـس انتـي شـكلك خلصتي بـدري و هتروحـي على البيت؟
ليله: لاء انا خلصت الجامعة لكن لسه هروح شغلي التاني ال…..
قاطعها آدم: اه فكرتك انك النهاردة محاضرات وبس.
ليلـه بتنهيـدة: لاء لسـه ورايـا شـغل كتيـر اتفضـل انـت المفتـاح اهـوه وكـمان معـاه مفتـاح شـقة ري ري علشـان لـو حبيـت ترتـاح شـوية على مـا نرجـع و ايـاك تمشـي قبـل مـا نتغـدى كلنـا سـوا.
آدم بصــوت عميــق: ماتقلقيــش مــش همشــي قبــل مــا اشــوفكم اصلكــم وحشــتوني أوي.
لم تنتبــه لأختــلاف نبرتــه و ولا لمعنى كلامــه، حتــى لم تفهــم مقصــده وتبــالي بما قالـه، وهـذا احزنـه كثيرا رغـم رغبتـه في عـدم مصارحتهـا أو ملاحظتها لمشاعره في الوقــت الحــالي الا أن عــدم شــعورها بــه يحزنــه كثيرا
***
خرجـت مـن غرفـة العمليـات بعـد أن أجـرت تلـك الجراحـة المشـؤومة كمـا لقبتهـا، وجدتـه واقفـاً منتظـراً بقلـق ولكـن عندمـا رآهـا شـعر بالطمأنينة، ليـس لشـئ سـوى تلـك الثقـة التـي تنبـع مـن عينيهـا.
عمر بتقرير: العملية نجحت صح؟!
ريتـال: العمليـة بسـيطة ومـش مسـتاهلة كل القلـق ده، والحمـد للـه كلهـا كام يـوم وترجـع حركـة ايديهـا طبيعيـة، طبعـا بعـد شـفاء الجـرح و يكـون أفضـل لـو قامـت بعـدة جلسـات عـلاج طبيعـي وهتكـون أفضـل مـن الاول.
عمر بأبتسامة: إن شاء الله شكرا يا انسة أقصد يا دكتورة تالا.
رمقته ببرود قبل أن تتحرك من أمامه و دون مبالاة لمحاولته استفزازها فهـي قامـت بإجـراء العمليـة ليـس لشـئ سـوى لتنهـي المناقشـة معـه، ولأنه رد عليهــا بشــكل جعلهــا لا تســتطيع الرفــض لمجرد العنــاد، فهــي لا تعنــد بشـئ يخـص عملهـا طلامـا صحيحـاً فتلتـزم بالصـواب دائما
( اللي معايـا تبقـى عمتـي وهـي مقصدتـش حاجـة مـن اللي حصـل، مجـرد توتــر لأنهــا داخلــة أوضــة العمليــات دلوقتــي مــش اكتــر، و مفــروض انــك دكتـورة وتقـدري حاجـة زي دي وخصوصـا أنهـا أكبـر منـك في العمـر فياريـت يـا دكتـورة تضحـي بواجبـك وتقـدري موقفهـا )
نظـر إليهـا وهـي تبتعـد مـن أمامـه ومـا أن اختفـت رفـع هاتفـه وطلـب أحدهـم وتحولـت نبرتـه فجـأة إلى نـبرة صلبـة آمـرة: شاكر عايـزك تجيبـلي معلومـات عـن دكتـورة في المستشـفى اللي احنـا فيهـا دلوقتـي اسـمها تـالا المهدي وهـي مصريـة.. عايـز ادق التفاصيـل عنهـا
***
انتهــى يومهــا بالمشفى وأتى موعــد الرحيــل، خرجــت مــن المشــفى وهــي تنظـر إلى سـيارة الاجـرة التـي طلبتهـا مسـبقا، فهـي لم تعـد تملك سـيارة الان بعـد أن تركتهـا لقاسـم رسلان وأصبحـت مسـؤولة عـن نفسـها، والمـال الـذي كانـت تدخـره لديهـا أنفقتـه على شراء شـقتها الخاصـة والمسـاهمة في شـقة ليلـه وماريـا، وأيضـا تجهيـز شـقتها قـد كلفهـا آخـر مـا لديهـا مـن مـال ولم يتبقـى سـوى القليـل الذي يكفي نفقاتها الشخصية .
بالتأكيـد حياتهـا الان قـد اختلفـت عـن حياتهـا أثنـاء وجودهـا بقصـر قاسـم رسلان ، ولكنهـا لم تختلـف كثيرا والاختلاف بالنسـبة لهـا إلى الافضـل،وهــي لا تقلــق بشــأن المــال فمرتبهــا مــن المشــفى كبـيـر وأيضــا لهــا نســبة على العمليـات الخاصـة التـي تقـوم بهـا، لذلـك لديهـا دخـل كبيـر كل شـهر اي انهـا سـوف تسـتطيع جمـع مـا أنفقتـه في عـدة شـهور.
ما أن اقتربت من باب السيارة تنوي فتحه حتى تفاجئت …..
كان جسـار واقـف أمـام المشـفى وبجـوار سـيارتها ( مسـبقاً ) وبهـا السـائق الخـاص الـذي كان يقـوم بتوصيلهـا فيـما مضى ، يسـتند بظهـره على بـاب السـيارة الخلفـي وينظـر إليهـا وكأنـه يأمرهـا أن تأتي إليــه،،،، كان بعينيــه نظــرات اســتطاعت تفسيــرها بســهولة ولكنهــا لم تبـالي بهـا أبـدا.. فتحـت بـاب السـيارة وأمـرت السـائق بالذهـاب بعـد أن جلسـت في المقعـد الخلفـي.. ونظـرت إلى الخلـف وكان ظنهـا صحيـح فقـد تبعهـا جسـار.. عـادت بنظرهـا إلى الامـام، فهـي منـذ أن عـادت مـن مصـر بعـد الزيـارة الاخيـرة أقسـمت على عـدم الالتفـات للخلـف و النظـر خلـف ظهرهـا أبـدا،ً و سـوف تظـل تحـارب حتـى وإن بقـت كل عمرهـا على ذلـك الحـال لا يهمهـا هـي مرتاحـة هكـذا.
ستنسـف كل مـن يقـف بطريقهـا ولـن تسـمح لرجـل كان جسـار أو غيـره بــأن يكسرهــا، هــزت رأســها بعنــف وهــي تلــوم نفســها وتتســاءل آلهــذا الحـد كانـت غبيـة في فتـرة مراهقتهـا حتـى تقـع بحـب هـذا الرجـل؟ ولكـن الجــواب ضمــن الســؤال ( مراهقــة ). لما لا يفهــم ذلــك الغبــي أن كل مــا يـصر على إعادتـه كان بالنسـبة لهـا فـترة مراهقـة مـرت بهـا فقـط لا غيـر.. مجــرد افتتــان فتــاة مراهقــة بشــاب جــذاب تــراه لأول مــرة بــل هــي أول مـرة تتعامـل مـع شـاب غريـب، والمفتـرض أنـه ابـن خالهـا وهـو يهتـم بهـا ويجلــب لهــا أشــياء تحبهــا كما لم يفعــل أحــد مــن قبــل، وكانت نتيجــة كل هـذا أنهـا وقعـت بحبـه ولكنـه مجـرد حـب بـرئ وانتهـى.
حب…. برئ…. انتهى.
أغمضــت عينيهــا وهــي تتنفــس بعمــق فهــذا ليــس أول حــب وإنمــا أول خذلان ولم يكـن الاخـر، نزلـت مـن السـيارة و دون أن تنظــر خلفهــا دخلــت إلى البنايــة، وبداخلهــا تســتعد لمواجهة ناريـة بينهـا وبينـه الا أن ظنهـا خـاب، بمجرد أن رآهـا دخلـت البنايـة أمـر السـائق بالذهـاب إلى القصـر فـورا، و في عينيـه تصميـم وإرادة على نيـل مـا
أتى للســعي خلفــه.
***
وقفـت في منتصـف الممـر بين شـقتها الخاصـة والشـقة الاخـرى، ترغـب في أخـذ حـمام دافـئ مـن بعـده تشـرب كـوب قهـوة شـديدة المـرار كأحساسـها الحالي وتجلـس بمفردها، ولكـن للأسف ليـس بأمكانهـا ذلـك الان، فقـد رأت رسـالة آدم أنــه ينتظرهــا هنــا و ســوف يرتــاح بالغرفــة الاضافيــة بشــقتها إلى أن تعـود، وعليهـا الان البـدء في تجهيـز الغـداء خاصـة وأن ماريـا سـوف تتأخـر اليـوم، دخلـت إلى الشـقة الجماعيـة و بـدأت في تجهيـز طعـام الغـداء وبعـد قليــل أتــت ليلــه واســتلمت عنهــا المهمــة و ذهبــت هــي إلى شــقتها لــكي تغتسـل و تبـدل ملابسـها وتنـادي آدم، فتحـت البـاب لـكي تخـرج فوجـدت ماريـا أمامهـا تمسك المفتـاح بيدهـا تنـوي الدخـول.
ماريــا بأبتســامة حاولــت إخفــاء التعاســة المرســومة على وجههــا: كويــس وفــرتي عليــا المجهــود.
و دون أن تعطيهـا فرصـة للكلام تحركـت إلى غرفتهـا وكأنهـا تفـر مـن خـوض أي حديـث الان عـن سـبب عودتهـا في وقـت أبكـر ممـا أخبرتهـم.
تشــعر أن ريتــال قــادرة على قــراءة كل مــا تشــعر بــه مــن خــلال عينيهــا و ارتسـام ملامحهـا، أو هـي تخترقها وتعلـم مـا تشـعر بـه في قلبهـا ولكـن كيـف ذلـك لا علـم لهـا.
راقبتهــا ريتــال وهــي تدخــل غرفتهــا سريعــا وكادت تذهــب خلفهــا ولكــن قــررت تأجيــل هــذا النقــاش، لأن هــذه المــرة تختلــف عــن ســابقتها ولــن تـترك هـذا الوغـد أبـدا.
@@@@@@@@@@@@@@
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية جبروت)