رواية جبروت الفصل الثالث والخمسون 53 بقلم أسماء أبو شادي
رواية جبروت الجزء الثالث والخمسون
رواية جبروت البارت الثالث والخمسون
رواية جبروت الحلقة الثالثة والخمسون
ظلـت دعـاء تتأمـل كل مـا حولهـا منـذ أن دخلـت إلى هـذه الشـقة وهـي تحمـل ابنتهـا بصحبتـه.. أتى بهـم ومـن ثـم أعطاهـا المفتـاح ورحـل..
قائـلا: المفتـاح في ايـدك بـس ممنـوع خـروج مـن البيـت نهائي، أي حاجـة تحتاجيهـا اتصلـي بيـا او ابعتيلي رسـالة، انتبهـي للبنـت و شـوفي لـو في حاجـة ناقصـة محتاجينهـا اجيبهالـك.
يــا اللــه هــذا أصبــح منزلهــا، لــن تهــان ولا تُــذل بــه، طــوال طريقهــم إلى هنـا كانـت تفكـر في كل كلمـة قالهـا بـدر قبـل ذهابهم،تـألم قلبهـا لـكل مـا ســمعت ولكــن بمجــرد دخولهــا إلى هنــا تناســت كل شــئ فالاهــم هــو أن أصبــح لهــا بيــت يؤيهــا، دخلــت إلى الغــرف واحــدة تلــو الاخــرى، وجــدت غرفتـي نـوم إحداهـا بهـا ملابس بـدر على مـا يبـدو أنـه يملك هـذا المنـزل منــذ زمــن، امــا الاخــرى فقامــت بتجهيــز اغراضهــا وابنتهــا بهــا، ومــن ثــم صـارت تقـوم بما تشـاء و تنقـل هـذا المقعـد و تَجـر تلـك المنضـدة، قامـت بما تشـاء فهـذا أصبـح ملكهـا، ولكـن مـا يشـغل بالهـا لمـاذا لم يأخـذ بـدر ثيابـه هـل قـرر أن يعيـش معهـم هنـا؟ لقـد استشـفت مـن حديثـه صباحـا أنـه لـن يطلقهـا و للحقيقـة هـذا اسـعدها، ليـس حبـا فيـه ولكـن ِ خوفـا مـن َمـن حولهـا.
***
في القاهرة – في شقة مروان:
خــرج مــروان بصحبــة والــده دون أن يقولــوا للفتايــات إلى أيــن يتجهــون وتركــوا عمــر وادم بصحبــة ريتــال و ماريــا و ليلــه، وخديجــة التــي منــذ وصولهــم تقــوم بوضــع الطعــام الــذي حضرتــه مســبقا في الثلاجة وتضــع المأكولات التــي احضرتهــا مــن القريــة بالمطبــخ، نظــر ادم إلى ريتــال التــي تجلــس بجــوار الفتايــات و يتحدثــن في اشــياء مختلفــة بالقاهــرة.
بعـد سـاعة دخـل مـروان و والـده و معهـم شـخصا آخـر، وصـل رشـيد إلى القاهـرة بعـد أن اتصـل بـه والـد مـروان ليؤكـد على طلـب مـروان بزواجـه مــن ماريــا و انهــم يريــدوا تحديــد الفــرح، وأخبــره أنــه كان ينــوي الســفر إليــه ولكــن الوقــت لا يســمح حيــث انهــم عــادوا للتــو إلى القاهــرة ولم يسـتقروا بعـد، ولم يعتـرض رشـيد فهـو يعلـم أن ابنتـه تعشـق هـذا الشـاب ولم يجـد بـه مايعتـرض عليـه وحتـى ان اعتـرض يعلـم بـل متيقـن ان ابنتـه لن تبـالي للعتراضه لما فعلتـه سـابقا، واخبرهـم أنـه سـوف يأتي إلى القاهـرة لـكي يطمـن على ابنتـه وعلى أحوالهـا في القاهـرة، وهـا هـو أتى بعـد أن أخبرهـم قبــلا بميعــاد وصولــه، دخــل إلى الشــقة بصحبــة والــد مــروان و رأى ابنتــه جالسـة مـع صديقتيهـا و لكنهـا وقفـت فـور ان رآتـه..
ماريا بدهشة : بابا.
رشيد بأبتسامة : اشتقتلك حبيبة بابا.
فرحــت ماريــا كثـيـرا بحضــور والدهــا الــذي أتى خصيصــا لأجلها ، جلســوا جميعــا وتناولــوا العشــاء ســويا و مــن ثــم رحــل رشــيد إلى الفنــدق الــذي حجـز بـه مسـبقا مـع وعـد مـن ماريـا بأنهـا سـوف تذهـب إليـه غـدا لـكي تكـون معـه طـوال اليـوم، وبعـد رحيلـه أخـذ عمـر ريتـال وعـادوا إلى منزلهـم بعـد أن أخـبر عمـر ريتـال أنـه يريـد الرحيـل.
بعـد دخـول سـالم و زوجتـه إلى غرفتهـم لكـي ينامـوا دخلـت ليلـه ايضـا إلى غرفتهـا لكـي تترك مـروان برفقـة ماريـا ليتحدثـا
ماريا: انت اللي طلبت من بابا ييجي صح؟
مـروان: بابـا كلمـه علشـان جوازنـا وهـو اللي قـرر ييجـي القاهـرة علشـانك يـا قلبـي.
ماريا: بجد يا مروان، بابا هنا علشاني ؟
مروان: ايوة يا قلب مروان.
ماريا: انا سعيدة جدا.
مروان: يارب دايما، بتمنى من كل قلبي تكوني أسعد انسانة في الدنيا.
ماريا: انا اسعد انسانة طول ما انت فحياتي .
مـروان: خـلاص هتبقـي مراتي يـا ماريـا، مـش هسـمح لأبـوكي يرجـع على لبنـان الا وانتـي على زمتـي.
ماريا بتردد : بس انا كنت عايزة اسألك سؤال.
مروان: أسألي زي ما انتي عايزة.
ماريا: صدقني مش قصدي اضايقك او ازعلك بس…..
قاطعها مروان: أسألي يا قلبي بدون تبريرات وقولي اللي في قلبك.
ماريـا: انـا اللي عايـزاك تقـول اللي في قلبـك، لما دخلنـا الشـقة حسـيت انـك انك…..
مــروان بأبتســامة: ماريــا انــا بحبــك، خليكي واثقــة اني بمــوت فيكي، لما دخلــت مــش هنكــر اني افتكــرت زينــة و ده مــش غلــط و انــا عمــري مــا قولتلـك اني نسـيتها او هنسـاها، مـش معنـى اني افضـل فاكـر انسـانة كانـت مـراتي وجمعتنـي بيهـا أيـام جميلـة اني مش بحبك او انـك تكـوني كل حياتي ، يكفـي اني اقولـك اني بحـس معاكي بمشـاعر عمـري ماحسـيت بيهـا ولا كنـت اعـرف أنهـا موجـودة، انـا بعشـقك يـا ماريـا.
ماريا بنظرات عاشقة: وانا بعشقك يا قلب ماريا.
مـروان: قوليلي بقـى عايـزة تسـألي عـن ايـه لاني حاسـس ان لسـه السـؤال مجـاش.
ماريـا: ايـوة فعـلا، سـؤالي هـو احنـا هنتجـوز فـين؟ قصـدي هنعيـش فـين يعنـي بعـد الجـواز؟
مــروان: ده إلي الان شغالين عليــه انــا و ادم و الحــاج ســالم كتــر خـيـره هيسـاعدني في تمنهـا وقـال بـللش نبيـع الشـقة دي لان موقعهـا حلـو وكبيـرة و اكيـد هنحتاجهـا بعديـن، و انـا وادم بنشـوف شـقة تكـون مناسـبة لينـا و كنــت هكلمــك الصبــح في الموضــوع ده.
ماريا بسعادة : دا انت مرتب كل حاجة بقى.
مــروان: ايــوة طبعــا، عايــز تكــوني مراتي في اقــرب وقــت و زي مــا قولتلــك قبـل مـا ابـوكي يمشي هيسـلمك ليـا بأيـده.
ماريـا: مـروان انـا بحبـك كل يـوم اكتر مـن اليـوم اللي قبلـه، انـا بمـوت فيـك وبعشـقك لدرجـة متتخيلهاش.
مـروان بتوتـر: انـا رأيـي تقومـي تحصلي ليلـه علشـان غلـط نقعـد لوحدنـا بعـد كلامـك ده.
**********
بعد مرور أسبوعين:
كانـت الامـور اسـتقرت إلى حـدا مـا، اسـتلمت ليلـه عملهـا بجامعـة القاهـرة بصفتهــا الدكتــورة ليلــه شاهين اســتاذة مــن أســاتذة الاقتصــاد، بعــد أن انتهــت مــن محاضرتهــا الأولى، بــدأت تجمــع أغراضهــا لكــي تخــرج وأثنــاء ذلــك كان هنــاك بعــض الطلبــة يتحدثــون معهــا وهــم ســعداء بــأن مــن تدرسـهم دكتـورة صغيـرة في السـن ولكـن لديهـا الكثـير لـكي تفيدهـم بـه و فكرهـا متجـدد و بالطبـع تختلـف عـن غيرهـا.. انتهـت مـن الحديـث معهـم و خرجـت مـن المـدرج ولكـن اوقفهـا صـوت مألـوف لهـا
:….. ازيك يا دكتورة ليله؟
التفتت ليله لتنظر خلفها
:….. ايه مش عرفاني؟
نظـرت ليلـه إلى احمـد شـقيق زوجهـا السـابق، ذلـك الفتـى المـرح الـذي لم تـرى منـه يومـاً شـيئاً سـيئا،ً بـل إنـه دائما مـاكان قليـل الظهـور في المنـزل ولكـن هـي تتذكـره، يكفـي انـه لم يحـاول اذيتهـا يومـا.
ليله بأبتسامة: لاء طبعا عرفاك، ازيك يا احمد؟
نظـر احمـد إلى ابتسـامتها و ردهـا الـودود عليـه بالطبـع لم يتخيـل أن تتعامل معـه بتلـك الطريقـة، توقـع أنهـا مـا ان تعـرف هويتـه سـوف تعاملـه بأسـلوب سـيئ، هـو لم يتوقـع منهـا شرا لأنـه يعرفهـا، يعـرف كـم هـي طيبـة القلـب ولكـن كيـف لهـا ان تظـل هكـذا بعـد مـا قاسـته على يـد عائلتـه.
ليله وهي تدرك سر استغرابه : ايه سرحت فين ؟
احمد بأبتسامة: مسرحتش بس صراحة مستغرب.
سألته رغم علمها بالإجابة : من ايه؟
احمد: انا لما عرفت انك هتكوني دكتورة جديدة و…..
قاطعته ليله: توقعت اني احاول اذيتك مثلا ؟
احمـد: لاء صراحـة متوقعتـش حاجـة زي دي، بـس توقعـت انـك بتكرهينـي او على الاقـل مـش هتقبلـي تتكلمـي معايـا.
ليلـه: انـت لـو فعلا كنـت متوقـع كـدة مكنتـش سـلمت عليـا يـا احمـد، وعلى كُلٍ انـت مأذتنيـش علشـان اكرهـك او احتقـرك، انـت شـخص عمـري مـا شـوفت منـك اي شر او سـوء فليـه تتوقـع منـي السـوء اصـلا
نظر احمد إلى الارض بخزي: كفاية اللي عيلتي عملوه معاكي.
ليلــه: متفكــرش في الماضي يــا احمــد خاصــة انــك مالكــش يــد فيــه وانــت بنفسـك قولـت عيلتـك مـش انـت، انـا سـعيدة انـك هنـا و انـك مـن طـلابي و اتمنالك مسـتقبل رائـع.
غـادرت ليلـه و هـي تتصـل بـأدم الـذي حـاول الاتصـال بهـا أثنـاء المحـاضرة وهــي تتســاءل هــل كـبـرت إلى حــد أنهــا تــدرس لأحمــد ام مــاذا؟ كــم مــر على آخـر مـرة رأتـه بهـا، فقـد كان هـو بالثانويـة العامـة عندمـا رأتـه اول مـرة بينمـا هـي كانـت في العـام الثالـث بالجامعـة وقـد مـر على ذلـك مـا يزيـد عـن سـتة أعـوام، يـا اللـه سـتة أعـوام على كل ماحـدث في الماضي ، إذا لمـاذا تشـعر وكأنـه حـدث مـن زمـن بعيـد، بعيـدا جـدا.
وضعـت الهاتـف على اذنهـا وهـي تسـمع الرنيـن قائلـة: الـولد ده المفـروض كان يتخـرج السـنة اللي فاتـت ايـه اللي اخـره سـنة تـاني ولا انـا اللي عجزت ولا ايـه؟
سمعت صوت ادم الملهوف: ايه يا ليله خلصتي؟
ليله: ايوة خرجت من المحاضرة اهوه انت فين ؟
ادم: وصلـت عنـد الكليـة ومسـتنيكي علشـان مـروان و ماريـا سـبقونا على هنـاك.
ليلـه: تمام انـا خارجـة لـك علشـان نحصلهـم قبـل مـا ماريـا تتصـل و تفتـح سـارينتها عليـا.
كان احمـد يراقـب رحيـل ليلـه بأبتسـامة و يتسـاءل هـو الاخـر هـل هـذه هـي ليلـه التـي رآهـا مـن خمـس سـنوات، وسـأل نفسـه منـذ متـى لم يذهب إلى القريـة لـكي يـزور عائلتـه و لكنـه للأسف لم يتذكـر ، فمنـذ زمـن أصبـح منسي لعائلتـه، بـدر كان اقـرب شـخصا لـه ولكـن برحيـل تلـك الجنيـة عنـه ابتعــد كثيــرا، و والــده مشــغول بحــال القريــة و الارض امــا والدتــه، فتنهــد وهـو يفكـر أنهـا منـذ وفـاة زينـة وهـي تغيـرت كثـيرا، أصبحـت هـي الاخـرى بعيـدة ولكـن بعيـدة بقسـوة لم يعهدهـا فيهـا قبـلا.
كانـت ماريـا بالشـقة التـي اختاروهـا منـذ أسـبوع في بنايـة جديـدة الانشـاء و تقريبــا هــم اول الساكنين بهــا، وقــد اشـتـرى ادم الشــقة التــي تعلوهــم بعـد أن رفـض أن يعيـش هـو وليلـه مـع عائلتـه و قـرر أن يسـتقرا بعيـدا، و بالطبـع هـذا اسـعد ليلـه كثيرا و أسـعد ماريـا جـدا لان صديقتهـا سـوف تكـون بجوارهـا كـما اعتـادت دائما، للأسف لا ينقصهـم سـوى ريتـال فقـط والتـي انشـغلت مؤخـرا بعملهـا في القـصر العينـي و المشـفى الـذي أصبحـت تعمـل بـه، و لكـن رغـم ذلـك هـي تتواجـد معهـم على قـدر اسـتطاعتها و تسـاعدهم في كل شـئ، وحتـى أنهـا تحـاول المسـاعدة في العمـل الخـاص بالشركـة أثنـاء وقـت راحتهـا بالمشـفى وفي الليل عندما يجتمعن قبل النوم .
كانـت ماريـا تراقـب العمـال و تتأكـد انهـم يقومـون بما طلبتـه مـن المهندس المكلـف بأنهـاء التشـطيبات للشـقة، نظـرت إلى مـروان الـذي يتحـدث مـع المـشـرف على العمــال ويطلــب منــه ان يسرعــوا في العمــل، و ابتســمت بسـعادة ، لقـد اسـتطاع إقنـاع والدهـا بعـدم رحيلـه قبـل الزفـاف و الـذي لم يتـم تحديـده بعـد نظـرا لأن شـقة الزوجيـة ليسـت جاهـزه لاستقبالهم بعد، و والدهـا لم يعتـرض بـل ارسـل إلى زوجتـه لـكي تحـر ومعهـا أبنـاءه منهـا لـكي تتعـرف عليهـم وتقـضي معهـم وقتـا قبـل زواجهـا، وهـي ممتنـة لذلـك، و قامـت بالاتصـال بوالدتهـا هـي الاخـرى لتخبرهـا بـكل جديـد يحـدث معها و قـد أخبرتهـا أنهـا سـوف تحضـر الزفـاف هـي الاخـرى مـع أسرتهـا.
للحظــة لحظــة واحــدة حزنــت لأن كل منهــم يتحــدث عــن أسرتــه التــي ليسـت جـزءا منهـا ولكـن سرعـان ماعـادت وفكـرت في صديقتيهـا و في مروان و ادم وحتـى عمـر و سـالم وخديجـة لقـد عوضهـا اللـه كثيـرا امـوراً افتقدتـه قبـلا، مسـتقبل باهـر وعمـلا جيـد واختـين رائعتـين و حبيـب حنـون و اخيـن ايضـا كعمـر وادم و والديـن يحبونهـا رغـم انهـم لم ينجبوهـا ولكـن شـعرت حقـا انهـا ابنتهـم.
نظـر إليهـا مـروان و وجدهـا تنظـر إليـه بسـعادة والابتسـامة تنـير وجههـا فأبتسـم تلقائيـا لهـا، وغمـز لهـا بشـقاوة.
في المشــفى الــذي تعمــل بــه ريتــال؛ دخــل عمــر إلى مكتبهــا وجدهــا تقــرأ ملـف على مـا يبـدو يخـص حالـة لديهـا، نظـرت إليـه ريتـال وهـو يقتـرب منهـا دون أن يلقـي السـلام حتـى سـحب الملـف مـن بـن يديهـا والقـاه على المكتـب، ومـن ثـم رفعهـا مـن كتفيهـا لـكي تقـف وتحـدث بلهجـة تعـبر عـن
اشـتياقا وعشـقا: خـلاص تعبـت، تقـولي بضغـط تقـولي معرفـش بعمـل ايـه ولا يفـرق كل ده.
@@@@@@@@@@@@@@@@
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية جبروت)