رواية ثلاث صرخات وحدها لا تكفي الفصل التاسع 9 بقلم اسماعيل موسى
رواية ثلاث صرخات وحدها لا تكفي البارت التاسع
رواية ثلاث صرخات وحدها لا تكفي الجزء التاسع
رواية ثلاث صرخات وحدها لا تكفي الحلقة التاسعة
تتألم لألمهم وتفرح لفرحهم.
بداخلها كان هناك شيء يربطها بالطفلين، شعور مبهم يتضخم كلما رأتهم يكبرون.
كان قد مر عام على زيارة كوثر المشؤمة، الزيارة التي بهتت معالمها وتفاصيلها ولم يتبقى منها الا ذرات من التعب، وقد كان ان استقبلت احد الخادمات زياره غير متوقعه من زميله من نفس المهنة سبقتها بالخدمة عند نرجس لمدة عامين قبل أن تجد فرصه افضل.
ظلت تتحدث عن ذكرياتها بالفيلا وقت كانت خاليه الا منها ومن سيدتها والحارس، عن الايام التي قضتها لا تسمع فيها الا صياح الديكة ونباح الكلاب، قبل أن يحضر الطفلين وتدي الحياه في المنزل الكبير.
منذ وصولهم تغيرت حياتنا تماما أكدت الخادمة !
يعني ليسوا أولادها سألتها الخادمة؟
الست هانم عاقر لا تنجب ردت الخادمة وهي ترتشف اخر قطرات عصير المانجو المثلج.
تذكرت الخادمة انها سمعت شروق تسأل عن ذلك الأمر وقالت إنها عندما تقابلها ستحكي لها القصة لكنها نسيت وابتعد الموضوع عن ذاكرتها.
مضت الأعوام وأصبح الخادم مخدوم، وهنت صحة شروق كانت آثار المخدرات والخلطات الغير مدرجه قد اتلفت اعضائها الحيوية، لزمت سريرها وضعف بصرها الا ان السيدة نرجس لم تصرفها، كانت تدرك انها أصبحت قذارة بشريه لكن هناك تعلق ابنيها بها وهناك احمد الذي شج على طاعتها ويلبى رغباتها المكبوتة.
كان أحمد يقود السيارة الجديدة التي ابتاعتها نرجس خصيصا من أجله، بعد مضى أعوام من الولاء والثقة كان من غير المعقول ان يتجول خادمها بسيارة من طراز عتيق لجلب ما تحتاج له من أغراض، قاد السيارة تجاه القاهرة حيث وجد الدكان الذي كان يقصده موصد، النافذة السرية الوحيدة التي تبيع نبيذ مستورد.
ركن السيارة وتجول على قدميه بالشارع، يعاين لوحات المحلات الجديدة، ماركات الملابس، الأطعمة، حتى قادته قدماه الي المكتبة العامة، لم يفكر في حياته بدخول مكتبه ولا حتى قراءة كتاب بعد المحاولة العاثرة التي حاول خلالها ان يجاري ابني سيدته، لكنه ظل قادر على القراءة وكتابة اسمه.
كان على وشك الرحيل فقد بدا له ذلك الكيان الماثل امامه مبهم وغير مهم حتى لمح المودمازيل الجالسة على مقعد خلف مكتب من خشب الزان المدهون باللبني، ترص بعض الكتب فوق بعضها على طرف المكتب وهي تجرد من ورقه، كان شعرها مسدل منحها حيوية وبدت جميله بعيونه لدرجه بعيده وغير ممكنه، سرعان ما شعر بوخزه في صدره إذا أدرك انها بلا شك فتاه مثقفه، فإيما فتاه تقصد المكتبات لابد أن تكون مثقفه.
مع انه حاول المغادرة الا انه كان هناك شيء يجذبه بها دفعه ان يقف مكانه يراقبها وهي تعمل، كان ينظر إليها ببهاء وابهه كالناظر لدميه بفترينه عرض، بوقار وقدسيه كل الأشياء التي نتمنى أن تكون لنا ونحن ندرك انها لن تكون ابدا.
لكن احمد كان جريء جدا، علمته الحياه وما قاساه من أهوال انه عندما يرغب بفعل شيء ان يحاول على الأقل ان يفعله.
وضع قدمه على باب المكتبة، مسح القاعة بعينه قبل أن يتمشى خلالها دون هدى، كان لا يبحث عن كتاب معين وبدت له عناوين الكتب الغريبة وحوش بأفواه كبيره ستبتلعه.
وقف بكده طويله أمام قصص الأطفال المصورة يتذكر ماضي حذف من ذاكرته.
هل تحتاج مساعده؟
اتاه صوت الفتاه من بعيد مما دفعه للتقدم نحوها !!
هي المدام شغالة هنا؟
انسه لو سمحت، ردت بنبره رقيقة
هل ترغب في مساعدة؟
قالت وهي تمد يدها لتناول كتاب من بين الأرفف، اللحظة الراهنة لغيوم ميسيو.
بدوت مندهشا وانا احملق بغلاف الكتاب وصورة المنارة المرسومة عليه، كاتب فرنسي شاب مبدع، ستغرم به.
لكنى لا اقرأ الفرنسية ؟
انها رواية مترجمة وفتحت الكتاب على الصفحة الأولى، حاولت أن أقرأ كل كلمه مكتوبه وبانت على ملامحي السعادة وانا انطقها.
في الحقيقة انا لا اقرأ ولا اكتب، اكتب اسمي بالكاد وتحتاج مني قراءة كلمة لمجهود جبار.
صدمتها صراحتي، براءة كلماتي.
لماذا دخلت المكتبة إذآ؟
لأنك أعجبتني وقبل ان تندفع معترضة اردفت، كنت اتسكع بالجوار، اعبر لافتات المحلات دون اهتمام حتى لمحتك، حينها توقفت قدماي ولم أقوى على الحركة، دهستني عيناك كقطار مسرع.
احنقتها جرأته، لكن الطريقة التى كان يتحدث بها توحي انه لا يكذب، اولته ظهرها واستعدت للرحيل، استوقفها سائلا !!
هل هذا الكتاب جميل؟
جميل جدا، كانت تجد متعه خاصه بالحديث عن الكتب التي قرأتها.
هل يمكنك أن تعلميني القراءة والكتابة؟
لست مدرسه !! قالت وهي تعاين ردة فعله.
من فضلك !؟
صمتت لدقيقه ماسحه المكتبة الخالية بعينها، قبل أن تقول، بالنسبة لوضعك فأنك تحتاج مجهود قليل لتعلم القراءة؟ !
ستقرائي لي، سألها بعيون خاشعة ؟
لحظه لماذا انت مهتم بالقراءة؟
أنا مهتم بك انت !
اضطربت وتورد خدها، اجتاحها احساس غير مفهوم، مزيج من الاعجاب والامتعاض من تلك الجرأة الزائدة.
حسنا اذا سنح لي الوقت سأقرأ لك حتى تتعلم القراءة والكتابة
والان بأذنك ؟
جلست خلف مكتبها متصنعة اللامبالاة حتى رحل دون أن تلاحظه.
كانت تسأل نفسها لماذا انقادت لتلك المحادثة وهي التي لا تطيق الرجال ولا رؤيتهم؟ شردت للحظه مبتسمه اغتصبتها خلالها عيونه الواسعة التي تنطق لوحدها، فطرته ، بلا لف ولا مراوغة قال ما يشعر به ورحل، يا الهي لماذا لا تكون الحياه بمثل تلك البساطة؟
اما احمد فكان يعلم انه رأي أجمل امرأه في حياته، أجمل من كارمه، أجمل من سيدته نرجس نفسها، كان هناك بريق حب بدأ ينمو داخل كل واحد منهم، الدق الخافت بجوف القلب، دك، دك، دك، الذى ينبهك للتفكير في محبوبك ومتى تراه.
ابتاع النبيذ المعتق، وضعه بصندوق السيارة وقاد تجاه الفيلا، عندما عبر البوابة والسياج بدا كل شيء له مختلف، كانت عيونه ترى كل تلك الأشياء لأول مره، أصبحت الأشجار واغصانها واوراقها اكثر جمالا واطربته شقشقة العصافير التى كانت من قبل عاديه واحس ان العشب يغازله.
كانت نرجس تنتظر بشرفتها تدخن لفافات التبغ، لما لمحته ابتسمت، توقعت ان يركض إليها مثل كل مره ليندس بجوارها ويحكي لها ما حدث.
وضعت ساق على ساق، حشرت تنورتها فوق الركبة مفسحة عن سمانه عاجبه متحرقة لنظرة شبق من عينيه تشعرها انها لازالت انثي مرغوب فيها.
القصه بقلم الكاتب اسماعيل موسى
لكنه هذه المرة لم يأتي ووجدت نفسها تحرق لفافات التبغ واحده تلو الأخرى وهي تنتظره.
تركت مقعدها واطلت من الشرفة، كان أحمد قد أتم نقل النبيذ لغرفتها وسمح لنفسه بتدخين لفافة تبغ، راقبته نرجس وهو شارد، صامت لا يتحرك، كان هناك شيء فيه قد تغير، لوحت له بيدها، انتبه، دفن عقب لفافة تبغه بين غصني شجره وصعد إليها.
سألته لماذا تأخرت؟
كان المحل مغلق واضطررت للانتظار.
كله تمام وغمزت بعينها ؟
همس لها احمد، شيفاز، لادبول زجاجتين فقط.
كانت تتابع احمد ولم تجد النظرة التى كانت تبحث عنها كل مره نظرة الشهوة المختلطة بالخجل والتي تجعل وجه احمد الأبيض يتورد مثل الرومان كل مره.
هل هناك ما يزعجك؟ امر ترغب بأخبار به؟
لا، أجاب احمد بوجه ساهم !
يبدو أنك متعب، اذهب لنيل بعض الراحة.
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية ثلاث صرخات وحدها لا تكفي)