رواية ثري العشق والقسوة الفصل السادس 6 بقلم آية العربي
رواية ثري العشق والقسوة الجزء السادس
رواية ثري العشق والقسوة البارت السادس
رواية ثري العشق والقسوة الحلقة السادسة
شيئاً ما في أعماقه أرادها ، شيئاً داخـ.له تمـ.سك بها كـ كفِ چنين خرج للتو من رحم أمه وتمـ.سك بإصبعها وكم كانت يـ.ده ضعيفة وقبضته هاوية ولكن تأثيرها على كليهما عظييم .
❈-❈-❈
ما زالنا في نفس المرحلة الزمنية وهى قبل عام من الوقت الحالي .
أستقيظت مايا تشعر بقوى تطرق عقلها دون هوادة ،،، طنين في أذنيها وألم حاد في رأ سها ،،، تأوت وهى تمـ.سك رأ سها بكفيها واعتدلت لتجلس على تلك الأريكة التى غفت عليها ليلة أمس بعد أن إرتشفت القهوة مما جعل ناردين تؤجل الحديث إلى أن تستيقظ لذلك دثرتها بالغطاء واتجهت تتمدد على السرير الخاص بها .
أستيقظت ناردين على صوت آهاتها فترجلت وفتحت الكومود الجانبي وهي تعلم جيداً أن هذا ما سيحدث مع شقيقتها التى تناولت كمية ليست قليلة من المشروب لأول مرة وهي بالكاد أكملت عامها ال 17 ،، فهي دائماً ما كانت تقرأ عن أضرار الكحول على الجسم والعقل ،،، فالإفراط فيه يعمل على نقص مستوى الزنك في الجسم وهذا ليس مناسب تماماً لها فهي دوماً تعشق التباهي بملامحها وجسدها وخصلاتها .
كل هذا وأكثر تعلمه ناردين جيداً وهذا ما أحزنها على شقيقتها الصغيرة ،،، تحركت مسرعة إليها تناولها القرص المسكن وكوب مياة ، قائلة بحنو مغلف بالقسوة :
– خدي أشربي دي ، الصداع هيخف .
تناولت منها مايا الحبّة والمياة وارتشفته على عجالة دون النظر إليها ثم عادت تضغط على عقلها بكفيها وتغلق عينيها متألمة علّ هذه الحركة تخفف من حدة الألم .
زفرت ناردين مستغفرة ثم وقفت وإتجهت تحضر فطوراً لهما إلى أن تبدأ الحبة مفعولها لتستطيع التحدث إلى شقيقتها .
❈-❈-❈
في قصر عائلة مراكو.
العائلة التى تجردت من ديانتها واتبعت سبيل المصالح والأعمال ودنيا الشهوات والمال والمؤمرات .
يجلس ميشيل خلف مكتبه يتحدث عبر الهاتف يتلقى أوامر مهمته الجديدة من حلفاؤه ورؤساء تلك المؤسسة المظلمة .
تحدث بجمود وملامح قاسية يتميز بها الفاسقين فقط :
– وما هو الموعد المحدد لتنفيذ تلك المهمة ؟
قال زعيمه والممول لكبار رجال المافيا الايطالية :
– بعد أسبوعين من الآن ،، والأهم أن يكون قائدها هو صقر وليس شخص غيره .
زفر ميشيل وشرد ،، هو يعلم سبب هذا الأمر ،، فكفاءة صقر تؤهله للمهام الصعبة دوماً ، ويرجع الفضل في تلك الكفاءة له ، حيث أراد أن ينتزع منه هويته ونبتته الصالحة التى حاولت شقيقته زرعها به كما نزعت من والده قبله ،، أراد أن يترعرع على الفساد والقتل ليصبح كتلة شر متحركة تنفذ أوامرهم بمنتهى الدقة والاحتراف ،، انتزع حقه في الطفولة الهادئة وفي التعليم الصحيح وفي اللهو والمرح والتعاليم الدينية لينشأهُ على هواه ويصبح نسخة مصغرة منه .
تحدث ميشيل أخيراً ناهياً النقاش :
– حسناً ،، سيتم الأمر بسلام ولن يحدث أي خلل .
اغلق الخط ورفع هاتفه يطلب رقم صقر الذي أستيقظ لتوه ،، وها هو يدخن سيجارته ويستند على مقعده يفكر في عدة أمور من ضمنهم تلك النارية التى كانت ضيفة أحلامه ،، يضع خطة ملتوية في عقله الخبيث ليأسرها بها ويوقعها في شباكه دون أن يصرح عن هويته الحقيقية ، فقط هو رجل الأعمال المعروف بنزاهته كباقي عائلته .
قاطع أفكاره رنين هاتفه .
تناوله وفتح الخط يجيب بجمود وثبات يمتاز به في أشد لحظات القلق :
– هل رأيتنى في أحلامك أم ماذا ؟
تحدث ميشيل بنبرة مسمومة مغلفة برحيقٍ كاذب :
– صباح الخير يا أسدي ،، هل نمت جيداً أيها الصقر ! ،، هيا استعد للجديد ،، انتظرك في مكتبي .
أغلق صقر وسحب دخان سيجارته إلى رئتيه ثم نفثه بقوة حوله فأصبح دخاناً مبعثراً كضباب يخفى معالم الحقيقة ، وهذا ما يحدث داخله ،، كلما حاولت شمسه أن تسطع ويعود لقديمه قبل وفاة والدته منعه ميشيل بالمهام المعقدة والأحاديث الكاذبة والفتن فعاد ينهش الضباب رأسه ليخفى معالمه ويخمدها ليعود صقر الذي لا يقهر أبداً.
أطفأ سيجارته في مطفأتها ووقف بثبات يتحرك بخطى باردة إلى أن وصل لخزانته ،، فتحها ودسّ فيها ملف ناردين ثم اغلقها والتفت يفتح باب غرفته ويخطو بخطى واثقة ليرى ميشيل ويسمع مهمته الجديدة .
وصل إليه وطرق الباب طرقة واحدة فقط ثم لف مقبضه ودلف يطالعه بثبات بينما ميشيل يتلاعب بحاسوبه كتلاعبه بعقول من حوله حتى هذا الصقر .
جلس صقر أمامه ووضع ساق فوق الأخرى وتساءل بتأهب :
– أسمعُكَ ؟
شبح ابتسامة على هذا الوجه البغيض ثم تحدث وهو ينظر داخل عين صقر بترقب :
– كنيسة ( enlightened minds) الموعد بعد أسبوعين من الآن .
ضيق صقر عينيه مستنكراً ما سمعه ،، علمياً تتحكم بعض الجينات الوراثية بشخصياتنا ، بالإضافة إلى التجذيرات الترباوية في الصغر ، مع قليل من بقايا الضمير الأبكم لتكون إنساناً صحيحاً مسجون داخل قوى عظمى تابعة لإنسان فاسد .
تحدث متسائلاً :
– كنيسة ؟ ،،، وما شأننا نحن بدور العبادة ؟
ضحك ميشيل ساخراً ورد بتهكم :
– وهل لنا شأن أو إختيارات يا فتى ؟ ،، كلها مهام نُكلف بها ، ولا يسعنا سوى التنفيذ ،، فهم دائماً على حق .
زفر بقوة ثم تحدث بهدوء يخفى تساؤلاته وغضبه من حديث خاله وكأنهم دمى :
– أخبرني فائدة واحدة من استهداف تلك الكنيسة ؟ ،، لماذا ؟ ،، مؤكد سيكون هناك أبرياء .
نظرة كره وغضب مرت سريعاً في عين ميشيل له ،، ها هو يعود لمكان لا يريد أن يصله أبداً ،، يتحدث بطريقة يخشاها ويخشى حتى التلميح لها ،، لذلك تحدث بنبرة سوداء قاسية :
– عن أي أبرياء تتحدث ؟ ،، بعد اسبوعين من الآن سيقام هناك حفل زفاف عضو البرلمان (جيستن راي) الذي يهاجمنا عبر مواقع التواصل ويشن علينا حرباً شرسة ،، بل ويطالب بالتصدي لنا والتخلص منا ،، وكأننا مذنبون ،، نحن لا نقتل أبرياءً أبداً ،، جميعهم يستحقون هذا المصير ،، جميعهم قتلة ،، أنسيت والدك الذي تم قتله على يد أمثال هؤلاء ،، هل تعتقد أن مورس فقط هو قاتل والدك ؟ ،، كلهم اشتركوا في ذلك ،، وهذا النائب يفعل مثلهم ،، يظهر عبر الشاشة كالملاك المنقذ ويظهرنا نحن الفاسدون ، يريد قتلك وقتلي وقتل المجموعة بأكملها ،، وذلك الحفل ما هو إلا غطاء لإدارة أعمالهم في الداخل والتخطيط لعمليات ضدنا ،، لذلك علينا حماية أنفسنا ،، لابد أن نتناولهم على وجبة الغداء قبل أن يلتهمونا هم عشاءاً ،، هل فهمت ؟ ،، الأديان كلها خطر على البشر ،، إن أردت أن تعيش ملكاً يهابك الجميع عليك فقط التجرد من أي دين تتبعه ،، كن عابداً فقط للقوة وإلا أصطادك الذئاب ، عليك أن تكون أنت الذئب .
وقف صقر لاغياً عقله المظلم تماماً ،، يخشى التدبر أو التفكير ،، بل هو أصبح بعيداً تماماً عن هذا الطريق ،، أصبح يرى الباطل حق والحق باطل كما أوهمه ميشيل عبر سنوات عدة ،، استطاع أن يبدله لآلة يتحرك بها على هواه ،، ولا منجد له منه إلا بأمر الله ،، لذلك مد يـ.ده وأردف :
– أعطنى ملف تلك العملية وسأدرسه ثم سأخبرك بقراري .
ناوله ميشيل الملف سريعاً فالتفت يغادر بعد أن أخذه ولكن قبل أن يخرج ناداه ميشيل قائلاً :
– صقر .
التفت له يطالعه بصمت وثبات ينتظر فأكمل ليقطع الشكوك والتساؤلات داخـ.له :
– فكر جيداً وتعلم من الماضي ،، كف عن إستعمال عقلك هذا في الأماكن الخاطئة ،، تلك حياتنا ،، فهدفنا أعمق من هدف رجال الشرطة ،، نحن نريد السلام والقوة والمال معاً .
باغته بنظرته الحادة ثم التفت يغادر دون إضافة حرف تاركاً ميشيل في حالة من القلق والترقب تراوده دوماً بخصوصه ، يخشى هدم ما بناه لسنوات ، لقد بنى معمار عظيم داخـ.له من القسوة والجمود واستعان بأمهر الأدوات كي يقاوم هذا البناء كل المبادئ والتساؤلات ، لن يسمح بسقوطه ، لن يسمح أبداً ، فسقوط صقر وحطام شخصيته الحالية يعد مقبرةً له ولعائلته .
❈-❈-❈
تجلس ناردين مع مايا تمرر يدها على خصلاتها بحنو مردفة بصدق وهي تنظر داخل عينيها :
– قوليلي بقى عملتى كدة ليه يا مايا ؟
تأفأفت مايا بضيق ثم أبعدت يـ.د شقيقتها وتحدثت بتهكم :
– يو بقى يا ناردين ،، هتبدأي مواعظ ونصايح أنا زهقت منها ،،، أنا مش لسة صغيرة أنا كبيرة وواعية وأعرف مصلحتى كويس .
نظرت لها ناردين بعمق لثوانى ثم أومأت عدة مرات وتحدث بهدوء يخفى حزن داخـ.لى وقلق :
– تمام ،، تمام يا مايا ،، إنتِ كبيرة وواعية وعارفة مصلحتك وبتخرجي مع شباب وبتسهري في أماكن مش كويسة وبتشربي كحوليات ،، تمام ،، لو هي دي الحياة اللى إنتِ حابة تعيشيها أوكي ،، كملي ،، لو شايفة في ده متعة ليكي استمري ،، بس يا ترى اخر ده ايه ؟ ،، هتفضلي كدة لامتى ؟ ،، سنين عمرك وحياتك فايدتهم إيه ؟ ،، افدتى الناس بإيه ؟ .
مدت يـ.دها تلقن موضع عقل شقيقتها بأصابعها عدة مرات مرددة بقليل من الحدة :
– عقلك ده لازم يشتغل ،، عقلك اللى ربنا ميزنا بيه عن كل المخلوقات لازم يفكر والا هتبقى زيك زي أي جماد .
ابتعدت مايا عن موضع أصابعها تطالعها بحدة وصمت ،، تحاول استيعاب حديثها ،،، ولكن لا تظهر ذلك .
التقطته ناردين فهي تعلم شقيقتها لذلك اكملت بنبرة لينة وحنو لتنجح في التأثير عليها :
– مايا إنتِ قيمتك أغلى من كدة ،، أغلى من البنات اللى أنا شوفتها في المكان ده ،، إنتِ مكانتك عالية عنهم كلهم ،، مافيش بنت من البنات دي تصلح تبقى قدوة لنفسها أو حتى للمجتمع ،،، مافيش بنت زيهم كدة ذكرها التاريخ بإنها كانت عظيمة أو مؤثرة أو شاعرة أو أي شخصية ناجحة ،، كلهم للأسف بيعيشوا لمتعتهم وبيموتوا وهما بيدوروا على متعة جديدة لإنهم مشبعوش ،، كلهم بيخسروا .
زفرت بقوة وهى ترى ملامح شقيقتها تلين ثم عادت تكمل :
– أنا مش بقولك متستمتعيش ،، بلعكس ،، اخرجي وانبسطي وسافري واتعرفي على ناس بس اتعلمي حاجات تفيدك مش تضرك ،، خدي من كل حاجة مش كويسة عبرة ومن كل حاجه كويسة علم وفايدة ،، إنتِ تستاهلى الأفضل يا مايا .
قضمت شفـ.تيها بتفكير في كلمات شقيقتها ،، لم تتحدث بل صامتة ،، عقلها لم يصب لمرحلة اكتمال النمو بعد ،، مثلها كحال بنات عهدها يردن التمتع والتلذذ بالملذات فقط ،، ولكن هناك جزء تأثر بهذا الحديث الذي يبدو منطقي ،، لذلك نظرت لها بعد مدة وقالت :
– أنا ممكن أبطل أروح الأماكن دي يا ناردين بس أصحابي مش هبعد عنهم ،، هما بيحبونى وانا كمان بحبهم .
زفرت ناردين بقوة ،، بالطبع هم أصدقاء السوء ولكن مبدئياً فابتعادها عن تلك الأماكن خطوة جيدة وستتدرج رويداً رويداً في سحبها من يد هؤلاء .
أومأت ناردين مدعية الإبتسامة وقالت برتابة :
– ماشي يا مايا ،، بس افتكري إن هنرجع مصر في وقت قريب ،، ولازم تبدأي تودعيهم .
تفاقم الغضب داخـ.لها من تلك السيرة وانتفضت تتحدث بتهكم لتعود لتمردها :
– يووو بقى بتفكريني ليه ؟ ،، أنا مش موافقة أروح البلد دي ،،، ارجعوا إنتوا وسيبوني ،، أنا مولودة هنا واتربيت هنا وعايزة اعيش هنا ،، والكلام ده هقوله لبابي أول ما نرجع .
تركتها واتجهت للحمام وجلست ناردين تتنفس لتهدئ من حالتها وتحاول ايجاد حلٍ ،، يبدو أن عليها إخبار والديها بالأمر .
❈-❈-❈
لنحلق للقاهرة ولنهبط على هذا المنزل
حيث شقة سامح
استيقظ لتوه على نداء زوجته زينب الحنون ، فتح عينه فلتقت بعينيها تقول بحب :
– صباح الخير ، يالا يا حبيبي اصحى الوقت اتأخر .
تنهد بهدوء ثم تحدث بخمول وملل :
– خليني نايم يا زينب ، مليش مزاج أنزل الشغل النهاردة .
جلست جوراه على الفراش تمـ.لس بيـ.دها على رأ سه متسائلة بقلق فهى تلاحظ حالته منذ أمس ولم يخبرها كعادته لذا قالت :
– مالك بس يا سامح ، من وقت ما طلعت بليل وانت زعلان كدة ، حصل حاجة عند ماما تحت ؟
تنهد مطولاً ينظف حنجرته ليبدأ في إخبارها بما يحمله قائلاً :
– مبحبش ضعف أمي يا زينب ، كرهت إستسلامها اللى وصلنا لكدة ، والمصيبة أنها مفكرة إن كدة صح وإنها مظلمتش نفسها ، دي كمان بتلوم نفسها إن يمكن كانت هي اللى ظالمة ناصر وإن كان معاه حق لما سافر وسابنا واتجوز عليها ، ولما بتيجي سيرة حقوقي بلاقيها واحدة تانية ، شايفة إن الملاليم اللى ناصر سبهالنا قبل موته هي دي كل حقوقنا ، لاء وكمان لازم نترحم عليه وندعيله على الفضل الكبيير اللى عمله معانا ، طب وابنه اللى عايش في ايطاليا بيتمتع بفلوس ملهاش أول من آخر ، عايش عيشة مش من حقه هناك وكل ده كان من حقي أنا وأختى ، هو ده عدل ؟،، قوليلي يا زينب اللى بيحصل ده عدل ؟
تنهدت بقوة تنظر له بهدوء ، حزينة على ما وصل إليه من أفكار وصراعات نتيجة حياة بائسة عاشها ، تعلم أنه يمتلك قلباً دافئاً وروحاً لينة ولكن يتحول تماماً عند ذكر والده وشقيقه ليصبح كما لو كان احكثر الناس حقداً .
حررت لسـ.انها لتردف بهدوء وتروى علها تستطيع إنتشاله من المستنقع الذي أسقطاه فيه والداه قائلة :
– كل إنسان ليه نصيب يا سامح كل واحد ليه ٢٤ قيراط ، بياخدهم بشكل مختلف عن التانى حتى لو كانوا أخوات ، إنت هنا شايف إن أخوك عايش ملك في إيطاليا وبيلعب بالفلوس بس إنت متعرفش تفاصيل حياته فيها إيه ،، متعرفش صحته عاملة أزاي ، مش باصص غير على الجزء اللى ناقص عندك بس ، مع إن لو جيت تبص لحياتنا هتلاقي إننا كويسين وحياتنا هادية وربنا رزقنا الصحة والذرية الصالحة ، حاول تشوف النص المليان من الكوباية يا سامح ، صدقنى هترتاح جداً .
تنهد بقوة ليزفر مطولاً ويفكر ، هناك جزء خفي مقتنع بحديث زو جته وجزءاً متمرداً يتغلب عليه ليقول باندفاع :
– أنا مش بتكلم عن نصيبي يا زينب ، أنا بتكلم عن حقي ، حقي اللى ربنا أمرني مسبهوش ، حقوقي وورثي الشرعي أنا وأختى اللى متمتعناش بيها وهو عايش يبقى على الأقل كنا نتمتع بيها وهو ميت .
شردت قليلاً ، كيف تقنعه أن تفكيره للأمور سطحى وغير منصف ، لتقول بترقب :
– طيب ليه متحاولش تتواصل معاه يا سامح ؟
احتدت ملامحه وتبدلت نظرته من الحنو إلى القسوة ليقول بحدة :
– لو قولتى الكلام ده تانى يا زينب أنا مش هتكلم معاكى تاني في أي حاجة ، البني أدم ده بيني وبينه حاجز لآخر العمر ، هو المفروض لو كان كويس وعنده ضمير كان جه ورد الحقوق لاصحابها ، بس أنا عمري ما هسامح في حقي ، وهحاول أوصل لحقوقي بالقانون بس ينزل هو مصر مرة واحدة بس .
يبدو أن لا داعي لحديثها الآن ، يبدو في حالة قناعة تامة بأفكاره لذا فلتغير الدفة وتبدل الحديث قائلة بابتسامة هادئة :
– طيب سيبك من الكلام في الموضوع ده وقوم يالا نفطر علشان ريما صاحية من بدري مستنياك .
زفر يومئ بشرود ثم ترجل من جوارها يخطو للخارج بصمت وتركها تفكر في طريقة جديدة لتنتشل منه تلك النقطة السوداء التى يمكن أن تلوث حياتهما .
❈-❈-❈
بعد عدة أيام
في شقة ناردين
تجلس تتناول فطورها مع مايا التى تحدثت قائلة بحماس :
– ناردين النهاردة فيه عرض مسرحي في ال Roman Hall وانا واصحابي رايحين ،، تحبي تيجي معانا ؟
رحبت نارة بالفكرة ،، وحتى أنها لم ترد فهذه دعوة مجانية لها لمرافقة شقيقتها ،، عليها أن تظهر حماسها وتسعد بالذهاب .
تحدثت بحماس زائف :
– اه طبعاً يا ريت ،، إنتِ عارفة أنى بحب العروض المسرحية دي جداً ،،، بس هنروح إمتى ؟
تحدثت مايا وهي تنظر في ساعة هاتفها :
– يعنى يا دوب تجهزي ،، هننزل كمان ساعة ،، أنا هقوم أجهز أنا كمان .
وقفت مايا تتحرك لتستعد بينما شردت ناردين قليلاً في الأمر ،،، هي لا تحب تلك العروض ولكنها مجبرة حتى تتابع شقيقتها .
رن هاتفها فالتقطته لترى اسم المتصل والتى لم تكن سوى أولجا صديقتها في الجامعة .
فتحت تجيب بحب ورتابة :
– أهلاً أولجا كيف حالكِ ؟
تحدثت أولجا بترقب :
– مرحباً ناردين ،، أنا بخير ،، ولكني كنت قريبة من موقعكِ فهل لي أن آتى إليكِ ؟ .
تحمحمت ناردين ونظرت لمايا التى تستعد وشردت لثوانى تحسم أمرها ،، يمكنها الإعتذار بسهولة ولكن لأولجا معزة خاصة لديها ،، فهي فتاة جيدة وصديقة مقربة كما أنها خلوقة لذلك لا تستطيع ردها ،، زفرت وأجابت بترحاب :
– حسناً بالطبع عزيزتى تأتى وقتما تشائين ،، سأكون في أنتظارك .
أغلقت معها ونظرت لمايا التى أومأت تردف بضيق :
– متقوليش حاجة عرفت إنك مش جاية ،، بس ليه معتذرتيش ؟
– صوتها كأنها محتاجة تتكلم ،، محبتش أحبطها ،، خلاص يا مايا روحي إنتِ ولما أولجا تمشي هحصلك .
زفرت مايا وأومأت ثم عادت تكمل لباسها بينما وقفت ناردين تجمع الاغراض المبعثرة وتهندم حال المكان حتى تستقبل رفيقتها .
وقفت بعد وقتٍ تودع مايا مردفة بثقة وهى تنظر داخل عيناها :
– مايا أنا واثقة فيكي .
يمكن أن تكون ليست كذلك ،، ولكنها أرادت أن تلزمها بالإعتدال ،، أرادت أن تضع على عاتقها مسئولية الثقة والألتزام ربما حقاً التزمت .
ابتسمت مايا فباتت جميلة وبريئة ثم تقدمت تقبل وجنة شقيقتها ولوحت بيـ.دها لها وغادرت على الفور .
زفرت ناردين بقوة ودلفت تغلق خلفها لتحضر كعكة تستقبل بها صديقتها .
أتت أولجا بعد دقائق ورحبت بها نارة وجلستا تتحدثان ثم تحمحمت أولجا قائلة بقلق :
– هل يمكن أن أخبركِ سراً وتحتفظي به لأجلي ؟
تنبهت نارة جيداً وأومأت تحسها قائلة :
– بالطبع أولجا أنتِ تعلمينني جيداً .
تمسكت أولجا بيـ.ديها وابتسمت تردف بنبرة يشوبها القلق وأتت لتسمع من نارة ما يطمئنها :
– لهذا السبب أتيت أليكِ ،، حسناً سأخبركِ ،، تعلمين أن جيستن عضو في البرلمان ،، ولديه مواقف سياسية ولديه أعداء عدة ،، ومؤخراً بدأت أخشى عليه وعلى حياتنا المستقبلية ،، فقط أيام وسنصبح كياناً واحداً وعليّ أن أسعى لاستقرار حياتى معه ،، هو يجاهد لتتحقق العدالة ولكن هناك من يتربص له ،، هو بنفسه أخبرني بذلك ،، وحتى أنه لا يعلم هويتهم ،، هؤلاء يخفون أعمالهم القذرة خلف شركات قانونية وأنا خائفة جداً ناردين ،، رجوته أن يبتعد عن مسارهم ولكنه رفض ،، أخبريني ماذا افعل ؟ ، أنا حقاً خائفة .
زفرت نارة بقوة وانتابها القلق ايضاً ،، جيستن راي شخصية شبابية معروفة ،، يحب أولجا وقريباً سيتم زفافهما سوياً ،، ولكنها محقة في خوفها وقلقها ،، محقة في بحثها عن حياة آمنة .
طال الصمت قليلاً ثم قطعته ناردين قائلة بنبرة حكيمة :
– الجميع يعلم أن جيستن يفعل الصواب ،، هو يحارب الفساد ،، يسعى لنشر السلام ،، ومؤكد هذا يجعله مستهدف ،، ولكِ كل الحق في القلق والخوف ،، ولكننا لا نختار الحياة يا أولجا بل هي من تختارنا ،، أقدارنا ستنَفذ لا محالة ،، جيستن شخصية رائعة وأنتِ كذلك وكلاكما محظوظٌ بالآخر ،، ثم بما أن زفافكِ قد اقترب لما تشغلى عقلك بتلك الأفكار ؟ ،، دعي الأمر لله وابدأي في التحضيرات وثقى أن الله يدبر الأمور لصالحنا دوماً ،، لا تقلقي عزيزتى ،، هيا أخبريني متى موعد الزفاف ؟
تطيّب قلب أولجا قليلاً ثم أبتسمت وأردفت بهدوء :
– بعد أسبوعٍ من الآن ،، وبالطبع أنتِ أول الحضور .
أومأت نارة تبتسم ثم وقفت تقول بحماس لتخفف من على عاتقها :
– حسناً أيتها العروس الرائعة ،، الآن لنحتسى كوبين قهوة مع قطع الكيك ثم نتحدث أكثر عن تحضيرات الزفاف ،، لتخبريني علّنى أستفيد منكِ للمستقبل .
التفتت تحضر الضيافة ولكن قد انشغل عقلها ايضاً بحديث أولجا ،، الأمر مؤكد صعب ،، الأمر يتعلق بشريك حياتك ،، نعم جيستن حياته مهددة وهو يعلم ذلك جيداً ولكنه لا يبالى ،، حسناً من الجيد أنها بعيدة عن الأمور السياسية برمتها وإلا كانت حالتها أسوأ من حال أولجا التى تحاول التخفيف عنها فهي لا تتمنى أبداً حياة مليئة بالصراعات ، بل تتمنى فارس أحلام تعيش معه حياة رومانسية هادئة ، لذا فهي حقاً تلتمس كل الأعذار لأولجا .
❈-❈-❈
في القاعة الرومانية تجلس مايا مع أصدقائها وصديقاتها تتابع العرض المسرحي باندهاش وتركيز تام .
كان عبارة عن عرض مسرحي لقصة روميو وجولييت الرومانسية ، كان الجميع في حالة هدوء تام يشاهدون الحركات التى يقوم بها الممثلان بإتقان .
لتشعر بيـ.دٍ تتسلل إلى ملابسها تفقدها التركيز في هذا العرض ، إنتفضت تنظر لتلك اليـ.د لتتفاجأ بالشاب الذي كان يريد صفع نارة في الملهى ، هو نفسه يريد أن يتحرش بها في وسط الجمع الغير منتبه أو لا يعينه الأمر .
نظرت له بحدة قائلة بهمـ.س متوحش :
– أبعد يـ.دك عني .
لم يطيعها بل اقترب أكثر يردف بهمـ.س مقزز :
– هيا مايا دعينا نستمتع ، أنا أُحبكِ .
نزعت يـ.ده من حولها لتنفضها بعيداً قائلة بحدة ونبرة صوت أعلى قليلاً :
– إن لم تتوقف عن تلك الحركات لا تلُم إلا نفسك .
ضحك عليها ليردف بعدها بخبث وسخرية :
– أوه أعشق هذا التمرد ، يبدو أنكِ تعلمتيه من شقيقتكِ تلك ، دعيني أخبركِ أمراً ، برغم أنها صفعتني وكم كنت غاضب حينها إلا أنني أعجبتُ بها حقاً ، ما رأيكِ أن تدعيني أقابلها وأعتذر منها ؟
نظرت له بغيظ ثم تحدثت وقد أصبح عقلها يعطي لجـ.سدها إشارات دفاعية لأي لمـ.سة منه :
– لا شأن لك بها ، دعنى أخبرك أنا أمراً ، أقسم إن رأتك شقيقتى مجدداً لصفعتك مجدداً خصوصاً إذا أخبرتها بما كنت تنوى فعله أيها الغبي .
جمعت حقيبتها ومعطفها بعد ذلك ووقفت تغادر وسط تساؤلات باقي الأصدقاء وتلمزات الأخرين الذين لاحظوا ما حدث .
أما هذا الشاب كان ينظر له بخبث وأخذ يفكر في خطة أخرى للإيقاع بها أو بشقيقتها فكلتاهما تمردتا عليه وهذا يروق له كثيراً .
❈-❈-❈
طوال هذا الأسبوع وقد التزم صقر بموعد دائم يومياً يذهب إليه ، بعد أن علم بمصادره الملتوية أنها تجلس عند نافذتها يومياً من الساعة السابعة إلى التاسعة مساءاً تقرأ كتاباً ثم تخلد بعدها للنوم .
مر الأسبوع وهى تجلس كعادتها على مقعدها الهزاز أمام نافذتها الزجاجية المغلقة في هذه الأجواء الشتوية التى تعشقها ،، تتعمق في القراءة جاهلة تماماً عن هذا الذي يقف يتأملها يتخفى ويتقنع بجاكيته ذو القبعة التى تنسدل على رأ سه فتخفي ملامحه .
أصبح هذا وقت رفاهيته الوحيد ،، الوقت الذي خطط له جيداً لكي لا يعلم أحد أين يذهب فيه ،، فقط يقف مستنداً على حائط المقهى المقابل يتابع ملامحها المندمجة في تلك الكلمات .
شيئاً ما في أعماقه أرادها ، شيئاً داخـ.له تمـ.سك بها كـ كفِ چنين خرج للتو من رحم أمه وتمـ.سك بإصبعها وكم كانت يـ.ده ضعيفة وقبضته هاوية ولكن تأثيرها على كليهما عظييم
ربما يشعر في قرارة نفسه أنها الوحيدة القادرة على إنتشاله من بحر الظلمات الذي غرق فيه .
ربما يتمنى أن يبتعد عن كل تلك الحياة ويهاجر معها وليسكن ورقة في أحدى كتبها لا يمانع ولن يمانع .
كل ما يريده رؤيتها ، تصرفها في تلك الليلة مع شقيقتها وملامح وجـ.هها المشمئزة من ما حولها جعلته ينشغل بها فهى بمثابة حالة شاذة عن محيطه كله .
يشعر أنها قادرة على تحمل مسئوليته وهذا ما تريده روحه الخفية وتخالفه نفسه السيئة ،، يريد من أعماقه المجهولة أن يشاركه أحد ما بداخـ.له دون أن يحكي ،، يشاركه ويعالج أحدهم آلامه دون أن تنزف .
ربما هي بيضاء نظيفة غير ملوثة وهو امتلأ بالإتساخات ،، ربما حياتها تعنى لها الكثير وحياته لا تعنيه بشئ ، ربما هي نقية شفافة وهو مظلم وغامض ،، هما قطبان متنافران تماماً ولكن برغم كل تلك التناقضات وجد شيئاً ما يجبره على الإقتراب ليخطط وينفذ منتظراً فقط أن تلمحه ليبدأ في السعي ويحقق هدفه الذي سيقوده إليها .
خصوصاً بعد أن علم أنها مصرية ،، وهذه كانت وصية والدته قبل وفاتها ،، كانت تحلم بأن تعود معه إلى مصر وتختار له زو جة مناسبة وتعرفه على شقيقيه الذي يعلم عنهما ولم يراهما أبداً ، وقبل وفاتها وبعد أن أدركت عدم قدرتها على تحقيق أمنيتها طلبت منه أن ينفذ وصيتها تلك ربما إستطاعت تلك المصرية المجهولة بالنسبة لها أن تنجح فيما فشلت هي فيه .
لذلك رفض التعرف على إحداهن أو إقامة أي علاقة بينه وبين جنس حواء مقتنعاً أنه لن ينفذ الوصية ولن يخالفها ولم يتوقع أبداً أن يحالفه الحظ وتأتيه مصرية بنفسها إلى وكره .
ها هو يقف مجدداً مختبئ خلف جاكيته وقبعته على الطرف المقابل لها ، أمامه سيارته السوداء وخلفه المقهى المنشود .
أما هي فجالسة متكورة على نفسها في إضاءة خافتة تحتسى رشفة من كوب القهوة ثم تضعه على المنضدة وعينيها مكنبة على الكتاب لا تفارقه ، تقرأهُ بإنتباه شديد .
ويبدو أن قدرهما يُكتب وها هي حبات المطر تتساقط ولوصفٍ أدق هي رقاقات ثلچٍ ناعمة بدأت تسقط ببطء متراقصة في الهواء إلى أن ترتكز على الشوارع .
وكأن رائحة المطر تسللت إلى أنـ.فها نبهتها لتقوم بتحريك سـ.اقيها بصعوبة بعد أن تيبسا بفعل جلستها لمدة طويلة .
تألمت منهما ولكن تناست أي ألم بعد رؤية الثلچ مرتكزاً على ورودها التى تتمايل بخفة أمام نافذتها .
وضعت كتابها بجانب كوب القهوة ثم وقفت لتقابل النافذة ، مدت يديها ترفعها للأعلى لتقابل مثيلتها .
أخرجت رأ سها وابتسمت كأن بينها وبين الثلوچ حكاوي ضاحكة ،، أو ربما سعدت بزيارتهم لها ، وها هى تستقبلهم بترحاب شديد على كفها الرقيق ،، هذا مناخها المفضل من كل عام ،، ولو كان الأمر بيـ.دها لخرجت ووقفت في منتصف الشارع ودارت بين حبات المطر أو رقاقات الثلچ هذه ولكن يمنعها خجلها .
كل هذا يحدث أمام عين صقر الثاقبة التى تنكب عليها وتحفظ كل تفاصيلها وأصغر حركاتها وتسجلها جميعها في ذاكرة لا تقهر أبداً .
فجأةً التفتت عينيها لا أرادياً لموقعه فلمحت عينه التى أبعدها خلال لحظات ثم بين ثانية وأخرى كان يستقل سيارته ويغادر ، وبرغم أن هذا تحديداً مبتغاه إلا أن نظرتها تلك كانت لها أثراً على يساره الذي يظنه لا يعمل .
أما هى فوقفت متعجبة من أمر هذا الذى لم تنتبه لملامحه جيداً ولكنه يمتلك نظرة سلطت عليها فأرجفتها كلياً ،، من هذا ولما كان يتمعنها هكذا ؟
هزت رأ سها لتنفض أفكارها ثم زفرت وقررت الدخول ، دلفت وأغلقت النافذة مجدداً ،، ربما هي مخطئة ،، ربما كان يقف ينتظر أحدهم أو خرج لتوهِ من المقهى ،، مؤكد كذلك وهي من ترجمت وقفته ونظرته بطريقة خاطئة نظراً للقصة الرومانسية الخيالية التى كانت تقرأها للتو .
تذكرت شقيقتها لذلك أسرعت تلتقط هاتفها ثم قامت بالإتصال بها مردفة بقلق :
– مايا اتأخرتي ليه ؟ ،، الجو برد جداً يالا تعالى .
أردفت مايا عبر الهاتف وهى تستقل سيارة أجرى بنبرة حزينة نظرتً لما حدث :
– أنا في التاكسى يا ناردين دقايق وهكون عندك .
أغلقت معها بعد أن اطمأنت ثم نظرت لقهوتها التى بردت وقررت صنع أخرى لتستمع ببقية تلك القصة .
❈-❈-❈
عودة للقاهرة حيث الصالة الرياضية التى يعمل بها عمر .
يقف يضع الأوزان المناسبة لأحد الشباب المبتدئ ، تحدث الشاب برتابة :
– كابتن عمر هو إنتَ بقالك أد إيه بتلعب رياضة ، يعنى جـ.سمك مش ضخم زي اللى بشوفهم يلعبوا .
تحدث عمر وهو يدربه على استعمال الآلات :
– أنا بلعب من تسع سنين تقريباً ، يعنى من فترة طويلة جداً ، ومش لازم يبقى جـ.سمي ضخم وعضلاتي هتنفجر ، معظم الأشكال دي بتكون عن طريق إبر مضرة بالجسم أصلاً ، الرياضة الحقيقية بتبدأ من العقل لإن هو اللى بيدي إشارة لكل العضلات تشتغل ، يعنى غذي عقلك وفكرك وأعرف خطواتك كويس وبعدين غذي جـ.سمك بالرياضة والأكل الصحي وابعد عن الشكل الضخم تماماً ، أغلب الناس الضخمة بيغلبهم ناس جـ.سمها عادي جداً بس عارفة بالضبط الضاربة القاضية فين .
أومأ الشاب معجباً بحديثه ليردف :
– معاك حق يا كابتن عمر .
أكمل تدريبه ليأتى أحدهم ويردف بترقب :
– كابتن عمر فيه آنسة واقفة برا طالبة تقابلك .
تعجب عمر وتساءل بترقب :
– مقالتش إسمها يا احمد ؟
هز أحمد رأسه بلا ليترك عمر الشاب ويتحرك للخارج بترقب ، وصل وتفاجأ بتلك الفتاة التى أحبها ، زميلته التى أراد أن يكمل حياته معها ويتز وجها ولكن جاء رفض أهلها له كالصفعة القوية التى أنبهته لماضيه مهما حاول المضي قدماً .
زفر يقف أمامها بثبات فلم تعد المشاعر كالسابق ليتحدث متساءلاً :
– أهلاً يا أنسة نور ، خير ؟
اقتربت منه قليلاً تنظر له بهيام لتقول بنبرة حب ما زال قائماً داخـ.لها نبرة يشوبها الأسف لما حدث :
– وحشتنى يا عمر ، كان نفسي أشوفك ، أنا من وقت اللى حصل وأنا مش باكل ولا بشرب لحد ما اقنعت بابا بيك ، هو دلوقتى موافق تقابله تانى يا عمر وتتكلم معاه .
وقف يطالعها بشرود ، وافق والدها بعد أن أهانه وعايره بذنبٍ لم يقترفه أبداً ، وافق بسبب تمرد إبنته وامتناعها عن الطعام بعدما ألقى عليه ذنب أبوين تخلا عنه وامتنعا عن رعايته وإطعامه بنفسهما وتركاه ليـ.دِ القدر الرحيمة التى جاءت على هيئة سيدة حنونة أنشأته على حالٍ أفضل من حالٍ كاد أن يصل له معهما .
ليتنهد بقوة ثم ينظر لها ويردف معتذراً بشموخ قائلاً :
– مبقاش ينفع يا نور ، حكايتنا انتهت من قبل ما تبدأ ، مينفعش نكمل مع بعض ونتجـ.وز ونكون أسرة ووالدك شايف أنى مصلحش أكون زوج ولا أب ، هو يمكن وافق علشان خاطرك إنتِ ، لكن أنا بالنسباله هفضل نفس الشخص ، وانا مش هقبل أكون في المكانة دي أبداً ، علشان كدة أنا بتمنالك حد أحسن مني يقدرك ويصلح يكون زوج ليكي وأب لأولاده .
نظرت له بحزن ، تعلم أنه لا يتهاون أبداً إن مـ.س الأمر كرامته وأدركت عدم تحقيق ما جائت لأجله ، لن يتهاون مثلما كانت تعتقد ، عليها أن ترسل والدها بنفسه إليه ، هي تحبه وستحاول اقناع والدها بالاعتذار منه ، لذلك التفتت تغادر من حيث أتت بعد أن فهمت حديثه جيداً.
وقف هو يرفع رأسه بشموخ ويتنهد بقوة ، لن يسمح للحياة أن تكسره بعد أن جبره القدر وأكرمه بتلك الأم وهذا الحال الذي هو عليه الآن .
❈-❈-❈
في اليوم التالى صباحاً استيقظت ناردين مبكراً ولكن ما زال الجو غائم والشمس غائبة ، يبدو أن الأجواء القادمة تحمل مفاجآت .
بعد دقائق تحركت للنافذة لترى أزهارها التى تبدو في حالة جيدة ،،، جالت عينيها ذلك المكان مرةً آخرى مع أمنية داخـ.لية أن تراه ولكن هذا لن يحدث ،، فلم ترى سوى المقهي والمارة ذهاباً وإياباً .
زفرت مستسلمة وقررت الدخول لتبدأ روتينها اليومي ولتوقظ تلك النائمة نومة أهل الكهف .
بعد ساعة وبعد أن استيقظت مايا ساكنة وشاردة على غير عادتها وبائت محاولات نارة في معرفة ما بها بالفشل .
عادت نارة لترى أزهارها وترويهم ولكنها تفاجئت بشئٍ غير مؤلوف ،، وردة حمراء لا تنتمى لورودها ومعلقاً في عودها ورقةً بيضاء .
التقتها ببطء وترقب لتفتح بأصابعها تلك الورقة فتتفاجأ وتقرأ ما كتب عليها بلغة عربية مقصودة
( كنت أظن دوماً أن الشمس تختبئ عند سقوط الأمطار … إلى أن رأيتُكِ ) .
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية ثري العشق والقسوة)