رواية ثري العشق والقسوة الفصل السابع عشر 17 بقلم آية العربي
رواية ثري العشق والقسوة الجزء السابع عشر
رواية ثري العشق والقسوة البارت السابع عشر
رواية ثري العشق والقسوة الحلقة السابعة عشر
إن أحببت لا تخفي حبك
إن أحببت لا تبخل بحبك
إن عشقتها إلى هذا الحد فاجعل من جسدك درعاً لها
واجعل من روحك نسماتٍ ترفرف حولها
واجعل من قلبك ملجأً تختبئ داخله عند حزنها
إن أحببت كن كالقطار المندفع لا تستثني عابراً ولا تقف إلا عندها
❈-❈-❈
في إيطاليا
ومنذ أن أغلق صقر المكالمة وميشيل في حالة غضب وتوعد ولكنه يجلس ساكناً وليت السكون قريب .
ايتحداه من أول يومٍ لها معه ؟ أيضعها هي خط أحمر له ؟، أسيحاربه بكل وسائله من أجل تلك العربية المسلمة ؟ .
ماذا فعلت به ومتى وكيف مر الأمر من بين يديه مرور السحاب دون أن ينتبه ؟
، أنها كما ظن ستقوده إلى ما سعى لينتشله منه .
لذا عليه إيجاد حلٌ في الحال ، فلن يخسر ورقته الرابحة عند أكبر حلفاء المافيا في إيطاليا من أجل فتاة ليس لها أي قيمة ، ليخطط جيداً وليضع في حسبانه ذكاء صقر الإجرامي الذي كان له الفضل فيه ، ليخطط وينفذ في هدوء إذاً .
❈-❈-❈
يجلسان على متن طائرة متجهة إلى مطار أثينا اليونان في الدرجة الخاصة بالشخصيات الهامة .
والذي تم حجزه كاملاً لهما حتى يحصلان على الخصوصية والراحة .
التفتت له تطالعه بسعادة ، فيبدو من بداية الطريق أن رحلتهما مميزة ، ويبدو أنه أراد أن يعتذر بطريقته .
التفت عندما لاحظ نظراتها إليه وابتسم يردف بغرور يليق به :
– هل يجب عليكِ شكري ؟
ابتسمت تردف بثقة ونظرة تحدي :
– لا شكر على المصالحة .
رفع حجبيه معجباً بها ثم قال بخبث :
– أو ، حسناً ، إذا فليكن هناك ختم توثيق .
تبع جملته بانحنائه إليها ليحتضن شفتيها بخاصته في قبلة دافئة متمهلة باتت إدمانه وملاذه منذ أن تذوقها للمرة الأولى .
ثابتة لا تبادله حركته المتقنة ولكن تبادله نفس المشاعر ، نبضً عاصفً يحتل صدريهما ، يعلن عن سعادة مستكشفة على جزيرةٍ ممتلئةٍ بالأدغال .
ابتعد عنها بعدما احتاجت للهواء ، أما هو فيستطيع الغرق فيهما أكثر ولكن ليتمهل إلى أن يصلا ، لذا نظر لملامحها المتوردة وعيناها المغلقة بحب وإعجاب وأردف متسلياً :
– حسناً جميلتي يكفي خجلاً ، يجب أن تعتادي على تلك الحركات البسيطة حتى لا تفزعي من القادم .
نظرت له بدهشة وحرج فضحك أمامها وكم بدى وسيماً في ضحكته التي نادراً ما تظهر ، ربما تلك المرة الثانية التى تراها ، حقاً ملامح وجههُ مميزة وتزداد تميزها عند ضحكته ويزداد غموضها عند سكونه .
تحدث وهو يضغط على أحد الأزرار قائلاً بجرأة وحنو غير معهود وهو يميل عليها :
– هيا استريحي إلى أن نصل وجهتنا ، فأنا أريدكِ بكامل تركيزكِ .
تحدثت بخمول بعد أن أصبحت بزاوية منفرجة ملائمة لوضع المقعد :
– كف عن تلك المصطلحات وإلا خالفت توقعاتك .
ابتسم وقرص أرنبة أنفها بأصبعيه قائلاً بثقة :
– ليتكِ تستطيعين .
أغمضت عينيها فحقاً هي متعطشة للنوم كثيراً بينما هو نظر لها بعد أن غفت وقد بدأت أفكاره تتجمع للقادم .
❈-❈-❈
صباحاً
وصل ماركو إلى قصر عائلته ، دلف القصر ومنه لغرفته ليجد ميشيل في انتظاره .
يجلس على مقعده ينتظره ، زفر ماركو وتقدم يجلس أمامه قائلاً بإرهاق :
– أنا بحاجة للنوم ولا طاقة لدي للحديث .
ضحك ميشيل ساخراً ثم نظر له بقسوة وجمود قائلاً :
– لن تتحدث ، ستسمع فقط .
زفر مطولاً وجلس يستمع لما سيقوله فتابع ميشيل بجمود :
– صقر تمرد عليّ ، تحدانى وقتل رجلاي بسببِ إمرأة ، والآن يهددني بكل وضوح ، وأعلم أنك تؤيده في كل قرارته ، وأخفيتَ عني زواجه.
ضيق عينيه يتابع بجمود :
– أياك أن تظن أنه يستطيع أن يتحداني ، هو أضعف من ذلك ، أنا أمتلك السلطة والقوة لردعه إن حاول ، فقط عليك إختيار جهتك جيداً .
نظر له ماركو مطولاً ، يعلم أن والده يخشى صقر ، وحديثه هذا يؤكد ذلك ، وعليه أن يستدرجه ، لذلك تحدث بذكاء وهو يبعد أنظاره عنه :
– لن آخذ جهة أحد ، لن يكون هناك تحديات ، يجب أن تفكر جيداً كما عليه أيضاً أن يفكر ، يجب أن تحلا أموركما بعيداً عن الحلفاء وإلا فالعقاب سيطول العائلة جميعها ، وليكن بعلمكما لن أسمح بذلك ولن أختار جهة أحد .
وقف بعدها ماركو يتجه لغرفة ملابسه يحضر أغراضاً ثم عاد إليه وتابع قبل أن يدلف للحمام قائلاً :
– فكر في كلامي ، حلفاؤنا لا يعرفون المزاح ، أصلح علاقتك مع صقر في أقرب وقت .
تركه ودلف وجلس ميشيل يفكر في حديثه ، لن يقبل بفكرة الصلح التي ستضعف موقفه ، هو لم يخطئ ، تلك المرأة يوماً ما ستكن سبباً في دمار عائلته وأولهم صقر نفسه ، عليه إيجاد طريقة ليخلصه منها دون أن يعاديه ، فربما أخطأ في المرة الاولى ، ولكن ليخطط جيداً للمرة الثانية حتى تكن الجولة لصالحه .
❈-❈-❈
أستيقظت مايا بتكاسل بعد الليلة الماضية ولكن عليها أن تستعد للذهاب لجامعتها .
وقفت تتجه للحمام وتؤدي روتينها اليومي ثم عادت لغرفتها لتستعد .
كانت في الأسفل تقف آسيا تعد الفطور مع المساعدة ثم تحدثت بعدما قاربت على الإنتهاء :
– ميرا كملي إنتِ معلش وأنا هطلع أصحي مايا لإنها اتأخرت .
تركت المساعدة وتحركت للخارج قاصدة الأعلى ولكنها توقفت عندما وجدت صغيرتها تنزل الدرج .
وصلت إليها وابتسمت تردف بهدوء غير معتاد :
– صباح الخير يا مامي .
تحدثت آسيا بتعجب وحنو :
– صباح الخير يا مايا ، غريبة صحيتي لوحدك النهاردة .
تنفست مطولاً ثم تحدثت بترقب :
– أيوة يا مامي لإني من هنا ورايح أنا اللي هروح الكلية بنفسي ، ومتقلقيش صحيت قبل ما عادي أهو علشان أسوق على مهلي ، عن إذنك بقى يا دوب ألحق .
تحركت خطوة لتوقفها آسيا مردفة بتعجب :
– ليه كدة يا مايا ؟ ، هو حصل حاجة بينك وبين عمر ؟ ، حتى إمبارح لاحظت إنكوا مش بتتكلموا مع بعض ، احكيلي لو فيه حاجة ؟
نظرت لها مطولاً ، كيف تخبرها أنها تحبه وأنه جرحها بحديثه ، كيف تخبرها أنها تعلقت به منذ أن رأته أول مرة والآن باتت لا تستطيع الإبتعاد ولكنه يبتعد بكل أريحية لذا لن تبادر مجدداً ، يبدو أنه رأى وجهاً واحداً منها وهو عنادها ولهوها ولكن لم يرى بعد عزة نفسها .
زفرت بعمق ثم تحدثت بمراوغة :
– مافيش يا مامي ، كل الموضوع إني خلاص اتعودت على هنا ، يا مامي بقالنا هنا حوالي سنة وبردو لسة قلقانة عليا ؟ ، please يا مامي أنا أقدر أعتمد على نفسى هنا وخلاص اتأقلمت على الأماكن وعرفتها .
تنفست آسيا بقلق ولكنها أومأت بقبول حتى لا تزيد من الضغط عليها قائلة بتردد :
– تمام يا مايا بس خدي بالك من نفسك ، وموبايلك دايماً يبقى مفتوح علشان أكلمك .
ابتسمت لها ومالت تقبل وجنتها ثم تحركت للخارج فنادتها آسيا عندما تذكرت :
– مايا الفطار ؟
كانت قد وصلت للخارج ولكنها تفاجأت بعمر يقف أمام السيارة ينتظرها ، وقفت تطالعه بنبضات متضاربة ولكن ملامحها تظهر عكس ذلك ، تسأله بنظراتها لما أتيت ، أولم أخبرك أنك لن توصلني بعد الآن ؟
وصلت آسيا إليها ورأت عمر فابتسمت له تردف :
– صباح الخير يا عمر ، جيت بدري النهاردة ؟
ابتسم لها بعدما لف نظره إليها وتقدم منها يردف بمغزى :
– صباح الخير يا آسيا هانم ، جيت بدري لإني توقعت اللي هيحصل .
نظر لمايا وتحدث بثبات :
– فطرتي ؟
شبكت يديها أمام صدرها وتحدثت بملل يخفي حنين وحب ملتمعاً في عينيها :
– لاء ، وأنا بلغتك آخر مرة إن من هنا ورايح أنا اللي هروح الجامعة بنفسي .
كادت تتحرك باتجاه السيارة فأوقفها قائلاً بصرامة كأنها لم تتحدث :
– ادخلي افطري يا مايا وتعالي هستناكي علشان أوصلك .
وقفت تواليه ظهرها وآسيا تتابع بترقب ، تحدثت وهي على وضعها :
– أنا اللي هروح لوحدي .
تحركت صوب السيارة واستقلت مكان القيادة وأغلقت الباب ، جلست تتمسك بالطارة وتتنفس بقوة ، لأول مرة ستقود هي وتذهب بمفردها ولكن عليها أن تثبت له أنها لم تعد بحاجته .
أدارت محرك السيارة ولكن تعجبت عندما وجدته يفتح الباب المقابل لها ويستقل جوارها ويغلقه ناظراً للأمام بصمت .
استشاطت من حركته وتحدثت بضيق برغم سعادتها الداخلية :
– عمر انزل لو سمحت كدة هتأخر على الجامعة وأنا مش حضرت بقالي أسبوع بسبب تجهيزات الفرح ، أنا عايزة أروح لوحدي .
تحدث بثبات وجدية وعينه للأمام :
– لما أتأكد إنك هتعرفي تسوقي كويس وتوصلي لوحدك من غير أي كوارث ، وبعدين ده شغلي وإلا يبقى ماليش لزمة أستنى هنا ، يالا سوقي وأبقى أقفي عند أي مكان نجيب منه سندوتشات علشان أنا كمان مفطرتش .
لفت تطالعه بتعمق ولكنه ينظر للأمام لا يبادلها ليثبت لنفسه أن تصرفاته تلك ليس إلا حماية ومسئولية فقط .
لذا غضبت ملامحها وعادت لتمردها مردفة وهى تفتح الباب وتترجل وتستقل الجهة الخلفية قائلة بتهكم :
– تمام بما إنه شغلك يبقى اتفضل سوق إنت .
لف نظره لها حيث جلست في الخلف ، لم تنظر له بل نظرت أمامها وأنفاسها تعلو وتهبط أمامه .
الآن بات لا يفهم ما يحدث معه ، أصبح مشوشاً ومشتتاً ، كاد أن يتحدث ولكن أولم يخبرها أن هذا عمله ؟
نادته آسيا بصوتٍ مرتفع لتقطع حبل أفكاره قائلة :
– عمر ثانية لو سمحت .
لف نظره لآسيا ثم ترجل من السيارة وتركها يتجه إليها متسائلاً بعدما توقف أمامها :
– نعم يا آسيا هانم ؟
تحدثت متسائلة بجدية وهدوء :
– في إيه بالضبط يا عمر وإيه التصرفات دي ؟ ،، مالكوا كدة من فترة ملاحظة إنكوا على خلاف دايماً ، فهمني لو فيه حاجة أقدر أعملها !.
تنفس وشعر بالضيق فلم يكن هو صاحب تلك التصرفات وكاد أن يتحدث لولا تحرك سيارة مايا التى لم ينتبهان لها وهي تقود باتجاه الخارج .
غضب وهو ينظر لأثرها لتنتشله آسيا قائلة بعدما غادرت مايا :
– عمر سيبها تروح وفهمني إيه اللي بيحصل بالضبط .
كانت تشعر بشئٍ غير مألوف يحدث ولكن لم ترد تصديق حدسها إلا بعد أن يثبتا لها ذلك ، لذا هي تنتظر منه تبرير .
نظر لها والغضب والغيرة يأكلانه وتحدث لأول مرة بنبرة عادية يخفي بها حبه :
– يا آسيا هانم حضرتك من البداية خالص كلفتيني بحماية بنتك والازمها في كل مكان ، دي شغلتي هنا ولو مش هعمل كدة يبقى مالوش لزوم أكمل ، مايا ممكن جداً حد يضايقها أو يتعرض لها وأنا مش هسمح بده .
تنفست براحة وقلق في آنٍ واحد ، هو يحميها ولكن تجد أنه يبالغ لتتساءل مجدداً :
– فهمتي إيه اللي حصل بينكم يخلي مايا تصمم تروح لوحدها ؟
تنفس بقوة يفكر قليلاً ثم قرر إخبارها بنصف الحقيقة قائلاً :
– أخر مرة كنا راجعين جت معانا بنت زميلة ليها تقريباً عربية مامتها كانت في التصليح وطلبت من مايا توصلها في سكتها ، بس واحنا ماشيين مايا اتعاملت مع البنت بأسلوب مش كويس وأنا حبيت أطيب خاطرها لإن البنت كانت هتعيط بس مايا معجبهاش الموضوع .
أومأت بتفهم فهي تعلم إبنتها جيداً لذا تحدثت بهدوء وترقب :
– طيب يا عمر أنا هتكلم مع مايا بس ياريت تهدى شوية إيه اللي حصلك ؟ ، هي مايا أثرت عليك ولا أيه حسيتك بقيت مندفع زيها .
زفر يومئ بهدوء فحقاً أصبح في حالة لا يعترف بها لذا قرر التغلب عليها قائلاً برتابة :
– تمام يا آسيا هانم معاكي حق ، إن شاء الله الموضوع يتحل بس لو سمحتِ ماتكلميش مايا في الموضوع ده علشان متفكرش إني بشتكيلك منها ، سبيها لما تهدى وأنا هكلمها .
أومأت له وكاد يتحرك ولكن رن هاتفها في يدها فتحدثت وهي تطالعه بتعجب :
– دي مايا !
فتحت تجيب بترقب قائلة :
– مايا ؟ حصل حاجة .
وصلها صوت مايا الباكي بانتحاب تردف بشهقات قائلة :
– مااامي ، أنا عملت حادثة .
ذعرت آسيا وتحدثت بلهفة ورعب :
– حادثة ؟ ،، حادثة إيه ؟ ، إنتِ فييين ؟
ارتعب وسقط قلب هذا الواقف الذي لم يعد واقفاً بل أصبح يركض صوب الخارج ليراها فهي لم تبتعد .
وصل عمر بعد دقائق حيث اصطدمت مايا بسيارة رجلٍ أدت إلى كسر مصابيحها الخلفية وتقف تحاول التبرير له قائلة بنبرة أشبه بالبكاء من أثر الصدمة :
– على فكرة أنا نبهتك كتير يا عمو بس إنت اللي سايق بالراحة خالص .
تحدث الرجل موبخاً وهو ينظر للأثر الذي تُرك في سيارته بحسرة :
– تقومي تهدي سرعتك وتراعي إن فيه حد سايق قدامك مش في سباق احنا ، حرام عليكِ أنا لسة بسد في أقساطها .
زفر عمر باطمئنان بعد أن رآها سالمة فقد ارتعب ظناً منه أن مكروهاً أصابها ، ولحقت به آسيا حتى وصلا إليها فقالت آسيا وهي تتفحصها باطمئنان :
– حصلك حاجة إنتِ كويسة ؟ .
احتضنت والدتها بخوف تردف :
– كويسة يا مامي بس دخلت في عمو ده من غير قصد وهو مش راضي يخليني أمشي .
نظر لها عمر بغيظ ثم إتجه للرجل وربت على كتفه يردف بأسف :
– معلش يا أستاذ هي لسة جديدة في السواقة وأكيد مش قصدها تخبط عربيتك .
زفر الرجل وصفق على كفيه يردف بقناعة :
– لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم .
تحدثت آسيا برتابة ورقي بعدما رأفت لحالته :
– متقلقش يا أستاذ حصل خير وأنا هتكفل بتصليح عربيتك .
نظرت لعمر تتابع :
– عمر لو سمحت قُل له على عنوان مركز الصيانة اللي تبعنا وأنا هكلم المهندس يشوف اللازم .
أومأ عمر ونظر للرجل يمليه عنوان مركز صيانة السيارات ليتنفس الرجل براحة واستسلام ثم نظر لهما وتحدث بهدوء :
– تمام يا هانم شكراً ، وحصل خير يا بنتي بس بلاش تسوقي إلا لما تبقي فاهمة كويس آداب الطريق علشان سلامتك وسلامة اللي حواليكي .
نظرت له بصمت وهي تنكمش في آسيا فتحرك يستقل سيارته ويغادر بينما اتجه عمر ينظر لسيارتها فوجد بها بعض الخدوش وكسر في إحدى المصابيح الأمامية .
زفر بضيق واتجه إليها يطالعها بغضب من تصرفاتها الطفولية ثم تحدث معنفاً لها غير مبالياً بوجود آسيا كأن له الحق في ذلك :
– مهو لو سيادتك بتسمعي الكلام مكانش ده حصل ، افرضي حصلك حاجة ولا وقعتي في واحد همجي ! ، قلتلك مينفعش تسوقي أول مرة لوحدك كدة بس إنتِ راسك ناشفة مش بتسمعي غير نفسك وبس وبتتصرفي بتهور .
لم تنظر له بل تسمعه وتلقي باللوم عليه داخلها ، لولا ما قاله لما اتخذت هذا القرار الذي لم تكن توده أبداً ، فهي دائماً ودت قربه منها ولكن أبت شخصيتها ذلك بعد ما قاله لذا فهو المتسبب الرئيسي في تلك الحادثة .
لاحظ صمتها غير المعتاد لذا عاد يستعمل نبرة هادئة وحنونة يردف :
– إنتِ كويسة ؟
لم تنظر له بل تحدثت إلى آسيا قائلة بنبرة أشبه بالهمس :
– مامي ممكن توصليني إنتِ للجامعة ؟ .
أومأت آسيا واتجهت معها تستقلان السيارة بينما أسرع عمر يستقل مكان القيادة ليقود بهما .
تحدث عمر وهو ينظر لها عبر المرآة :
– لو حاسة بتعب بلاش تروحي الجامعة النهاردة !.
هزت رأسها تردف بنبرة ثابتة :
– لاء تمام هروح .
أومأ ثم تحدث بهدوء :
– تمام نوصل آسيا هانم على الڤيلا وأوصلك علطول .
زفرت باستسلام تنظر يميناً من النافذة بينما آسيا شاردة تفكر في أمرهما ، ما تراه ليس مجرد صداقة أو علاقة مهنية ولكن يبدو أن هناك ما تخشاه وعليها أن تنتبه من الآن وصاعدا .
❈-❈-❈
عند العروسين
شارفت طائرتهما على الهبوط في مطارها ، مدة تقارب ال 150 دقيقة يفكر ويضع خططاً وقواعداً ، نسبة الخطأ لا وجود لها في قاموسه .
التفت إليها وتلقائياً ابتسم ، ملامحها تجبر الناظر على التأمل ، عفواً ملامحها تجبره على التأمل فلم ولن يقدر غيره على النظر إليها ، ولكن عليها أن تستيقظ الآن .
نداها بهدوء وبنبرة تحمل حناناً لا يظهر لغيرها قائلاً :
– ناردين ؟ ،، هيا استيقظي جميلتي .
فتحت عينيها ببطء لتجد عينيه أمامها ، ابتسمت له ثم اعتدلت تلتفت لتنظر من نافذة الطائرة قائلة بنعومة وتحشرج :
– إحنا على الأرض ولا إيه ؟
تحدث بهدوء :
– لا نحن على وشك الهبوط .
مد يده يضغط على زر المقعد ليعيده كما كان فباتت مجاورة له لذلك قالت بامتنان وحب :
– شكراً لك .
تعمق في عينيها التى اختلف لونهما بسبب النوم قائلاً بنبرة عاشقة :
– على الرحب والسعة .
هبطت طائرتهما ونزلا سوياً يكبلان يدي بعضهما ويخطيان إلى الداخل لإنهاء الإجراءات .
بعد فترة خرجا من المطار تسبقه نارة بسعادة وحماس طفولي فابتسم عليها قائلاً :
– لمَ العجلة جميلتي ، الجمال كله في التمهل .
ابتسمت تطالعه قائلة بسعادة :
– أنت لا تعلم صقر ، أردت دوماً أن أزور اليونان ، سمعت عن جمالها ولكنني لم أزرها يوماً ، درست تاريخها وأحببتها دون رؤيتها .
تحدث بثقة وعينيه ثاقبة عليها :
– كنت أعلم ذلك ، لذا اخترتها لرحلتنا .
توسعت عينيها بتعجب قائلة وهي تقف أمامه والمارة حولهم يلجون ويخرجون من المطار :
– ألم يخفي عنك شئ ؟ ،، من أين علمت ؟ ،، حتى أمي لم أخبرها .
اقترب منها حد الإلتصاق ومد يده يزيح إحدى خصلاتها المتمردة للخلف قائلاً بحب :
– كل ما يتعلق بكِ أعلمه ، كل ما تتمنيه وما تعشقيه وما يأتي على عقلكِ فجأة أعلمه ، ودوماً سأعمل على تحقيق أحلامكِ واحداً تلو الآخر .
تضاربت نبضاتها بصخب ، مشاعر جديدة تزود عشقها وتغذيه له ، تحدثت بامتنان وعيون لامعة :
– شكراً لك .
ابتسم بهدوء ثم أشار لها بيده على سيارة تنتظرهما ، تعجبت منها ، حتى هنا يوجد من ينفذ له أوامره ؟
يبدو أن عليها التوقف عن الإندهاش معه ، استقلا السيارة سوياً وقاد بهما السائق إلى مكان يعلمه جيداً .
يحتضنها في المقعد الخلفي بينما هي لم تزح عينيها من على النافذة ، تجول بأنظارها المدينة وجمالها ، تظن أنهما يتجهان إلى أحد الفنادق الفارهة أو ربما إلى منزلٍ تم استئجاره لهما .
ولكن عندما بدأت تتجه السيارة إلى مكان خالي نسبياً ترقبت أن خطة صقر لقضاء رحلة عسلهما لابد أن تكون أكثر تميزاً .
شهقت بذهول واتسعت عينيها حينما اقتربت السيارة من موقع طائرة هليكوبتر تدور مروحيتها بقوة شديدة محدثة صوتٍ عالٍ ورياحٍ تحوم حولها كدوامة .
نظرت له بعيونها لتسأله فغمزها بعينٍ واحدة قائلاً :
– هيا انزلي .
ترجلا من السيارة واتجها سوياً للمروحية حيث ينتظرهما القائد عند بابها ، وصل إليه صقر وتساءل بترقب وصوتٍ عالِ نسبةً لصوت الرياح والمروحية :
– هل كل شئٍ على ما يرام ؟
تحدث الآخر باحترام وبنبرة علية مماثلة :
– نعم سيدي ،، كل شئٍ جاهزٍ هنا وهناك .
أومأ له ثم اتجه ليساعدها في صعودها والتفت ليستقل هو جهة القيادة تحت دهشتها التى تتوالى دون توقف .
أغلق الطيار الباب عليهما فلتفتت حولها تردف بذهول :
– لحظة واحدة ؟ ،، ألن يأتي معنا السائق معنا ؟
تحدث بغرور لا يليق إلا به وهو يلف رأسه إليها حيث كانت تجلس خلفه مباشرةً :
– أنا سأقودها ، والآن تعالي إلى جواري .
اسرعت بالفعل تتجه إلى جواره وتنظر للطائرة وله بذهول وعدم استيعاب ، إلى الآن لا تتوقع ما يحدث معها .
أما هو فبدأ يقودها كما تدرب على ذلك منذ حوالي خمس سنوات عندما كان في عمر ال 30 وأراد أن يضم قيادتها إلى قائمة معرفته .
لم تشعر بالخوف ، لم تشعر بالتردد ، وثقت به وبدون أي اعتراض بل وبسعادة بدأت تتحمس للطيران معه .
واستشف هو ذلك ، استشف شعورها بالأمان معه ، حتى أنها لم تسأله إن كان واثقاً من قيادتها أم لا ، وهذا إن يبدو إيجابياً ولكنه في نقطةٍ ما داخله آلمه ، بدأ يخشى عليها من تلك الثقة .
زفر مطولاً ليتناسى ويبدأ في الطيران فوق المدينة ليريها إياها ، كانت الساعة حوالي العاشرة صباحاً .
كانت تشاهد كل هذا بحماس طفولي جعلها تزداد جمالاً معذباً له ، تحدث متسائلاً بترقب :
– خائفة ؟
نظرت له باندهاش ثم قالت بصدق وسعادة :
– بالطبع لا ، بل مستمتعة جداً .
تنفس بارتياح وبدأ يلتف وهو يتابع جهاز تحديد الإتجاه الذي سيسلكه ليصل إلى وجهته .
❈-❈-❈
في القاهرة حيث شقة سامح .
استيقظ لتوه يبحث عن زينب التي لم يجدها في فراشه على غير عادة .
التفت يبحث بعينه الناعسة ثم نادى بتحشرج :
– زينب ؟ .
خرجت من حمامها تتجه إليه وتخفي شيئاً ما خلف ظهرها وملامحها في حالة من السعادة والسكون تطالعه بصمت .
اعتدل ونظر لها متعجباً يتساءل :
– مالك يا زوزو ؟ حصل حاجة ؟
اقتربت منه وهو يجلس على طرف الفراش حتى وقفت أمامه وأظهرت ما تخفيه والذي لم يكن سوى جهاز اختبار الحمل الذي يظهر شرطتين واضحتين يعلنان عن وجود جنين صغير يكبر في أحشائها .
نظر للإختبار في يدها ولثواني لم يستوعب ثم بدأ يركز لتتسع عينه ويرفع نظره إليها قائلاً بدهشة وملامح رسمت عليها السعادة بدلاً عن أثر النوم :
– حامل ؟
أومأت تبتسم له فوقف يطالعها بعمق وسعادة ثم تحدث مجدداً بترقب :
– إزاي ؟ ، وامتى ؟
ابتسمت عليه ثم تحدثت برتابة :
– لسة حالاً عارفة يا سامح ، كنت شاكة بس محبتش أعرفك غير لما اتأكد وأهو الحمد لله طلع موجب .
تحدث بنبرة قفزت منها الفرحة قائلاً :
– يعني هنجيب أخ لريما ؟ .
أومأت له مرددة :
– إن شاء الله يا حبيبي .
أسرع يعانقها بقوة حانية ويتنفس بقوة داخل عناقها ، سعيد بشدة وهذا الخبر زاده حباً وسعادةً وراحة ، تبادله العناق والحب والسعادة فهي حقاً تشكر ربها على هذه العطايا وهذا الرجل .
ابتعد عنها ولكن لم يحل وثاق ذراعيه من حولها وتحدث وعينه على ملامحها يردف بصدق :
– تعرفي ، أنا بتمنى من ربنا يرزقنا بأخ ل ريما ، أخ تتسند عليه وياخد باله منها وهي تاخد بالها منه ويكونوا سند لبعض .
تفهم عليه جيداً وتفهم مقصده ولكن لمَ لا تلعب على نقطة الحنين هذه ؟ ، ها قد أتتها فرصة لتستغلها إذاً .
لذا قالت بحب وبنبرة متعمدة :
– وأنا كمان بتمنى ده يا سامح والحمد لله ربنا هيرضينا ، الأخ حاجة كبيرة أوي يا سامح ، حاجة متتعوضش ، سيدنا موسى كان خايف من قومه ومن مواجهتهم وطلب من ربنا عز وجل يبعت معاه أخوه هارون لأنه كان أفصح منه وكمان علشان يسانده في دعوته ، وفعلاً ربنا سبحانه وتعالى سمح له وقال عز وجل ( سنشد عضدك بأخيك ) ، الأخ هو السند فعلاً يا سامح .
نظر لها بعمق ، يفهم عليها جيداً ويعلم مقصدها ولكن ليس الآن يا زينب ، لن يفتح مواضيعاً أخرى الآن .
لذا عاد يحتضنها لينهي الحديث قائلاً بمراوغة :
– إن شاء الله ربنا يكرمنا .
ظلا متعانقان لثواني وهي تبادله أما هو فيفكر في حديثها حيث ذهب بعقله إلى شقيقه صقر كما أرادت تماماً .
❈-❈-❈
وعند صقر
بعد مدة من الطيران فوق أجمل المناطق اليونانية ، بدأت الطائرة تنحرف بإتجاه البحرِ ، فتأكدت نارة من شكوكها ، فها هو يتجه لمدينةٍ ساحليةٍ أو ربما لإحدى الشاليهات في إحدى الجزر اليونانية .
حماس وسعادة وصدرٍ مهلل بمَ تراه وبذلك التميز الذي يجعلها تشعر به .
حلقت الطائرة فوق الجبال ، وها هي تبتعد عن الزحام مما زاد من تساؤلاتها ،، ابتعدت عن الأماكن التى يفترض أن تهبط بها .
تساءلت بترقب وهي تطالعه :
– أين سنهبط صقر ؟ ، أصبحنا بعيدين عن أي مهبط طائرات .
تحدث بثبات وهو يتجه لمنطقة نائية بين جبلين :
– تمهلي جميلتي .
ها هو يصل إلى تلك الجزيرة وهذا المكان تحديداً الذي لم يصله أحد ، جزيرة زاكينثوس التابعة لمدينة يونانية تحمل نفس الإسم .
تراقبة وهو يهبط بهدوء وتمهل بين هذين الجبلين ،، تعجبت وشهقت فلا يوجد في الأسفل سوى المياة فأين سيهبط؟ .
ولكن لحظة هناك مركب ؟ ،، لا ليس مركباً بل يختاً رائعاً يشبه السفينة الصغيرة وعلى سطحه مهبط مخصص للطائرات الهليكوبتر .
نظرت له بذهول قائلة وهي تضع يدها على فمها :
– صقر ؟ ،، ماذا فعلت ؟
ابتسم على هيأتها قائلاً بثقة وخبث :
– لم أفعل شيئاً بعد .
بعد دقائق توقف على سطح هذا اليخت الرائع ،، توقفت الطائرة وترجل منها يلتفت ليساعدها في النزول حيث تمسك بخصرها بيديه وانزلها بخفة وسهولة .
توقفت تلتفت حولها لترى سحر المكان ، لا أحد سواهما والطبيعة ، كل شئٍ مميز وساحر .
لفت نظرها تطالعه بسعادة وعشق ثم قررت معانقته ، عانقته تعبر عن سعادتها وشكرها لتلك المفاجأة .
نعم تفاجأ ولكن بالطبع ليت كل المفاجآت كهذا ، لف ذراعيه حولها يرفعها عن الأرض ليضمها هو بقوته التى يمكن أن تبيد الجميع إلا هي .
حررها بعد وقتٍ فحسبته يتركها ولكنه مال قليلاً ليحملها بين يده لتشهق بخفة متسائلة بسعادة وهي تلف ذراعيها حول رقبته :
– هل هناك مزيداً من المفاجآت ؟
نظر لها نظرة جديدة عليها ، نظرة أرعشت جـ.سدها ونبهت حواسها بأن القادم حابساً للأنفاس وأكد ظنها وهو يقول بتحشرج :
– هناك الكثير ، ولكن دعينا نأخذ استراحة قصيرة ، أو ربما طويلة .
تحرك بها لينزل من فوق سطح اليخت الذي لا يوجد سواهما عليه .
نزلا للطابق التالي ودلف من وسط مكانٍ واسعٍ يعد بهواً استقبالياً يحتوي على مقاعد فاخرة ونوافذ زجاجية حولها ستائر راقية وفي أحد الأركان يوجد بيانو قائم للعزف عليه .
خطي بها للداخل ليظهر جزءاً مربعاً يحتوي على سُلم داخلي ويقابله مطبخ أمريكيّ واسع تتوسطه طاولة رخامية .
نزل بها الدرج وهي بين ذراعيه يحملها بخفة حتى وصل إلى الطابق الثاني لليخت ، عبارة عن منزل عدة غرف يجمعهم ممراً ضيقاً بعد الشئ ، تحرك بها فيه ليفتح باب إحدى الغرف . كانت عيناها تتعلق به فلم ترَ المكان من حولها ، كانت متوترة وسعيدة في آنٍ واحد
غرفة نومٍ ترسم في كتب الأساطير ، سريرٍ دائري واسع حوله قائم يأخذ نفس شكله ويعلق عليه ستائر موضوعة بطريقة مرتبة .
فوقه نافذة مربعة تظهر المياة الزرقاء الرائعة وتقابله شاشة عرضٍ سنيمائية .
على يمين الغرفة باباً لحمامٍ يحتوي على جاكوزي بالإضافة إلى محتوياته الكاملة
وعلى اليسار غرفة تبديل للملابس التى لم تتواجد بعد يبدو أنهما نسيا الحقيبة في تلك الطائرة في الأعلى .
أنزلها أرضاً لتقابله ولم يفك قيده من حولها ، ينظر لها بسحرٍ وهيام وصمت وهي كانت مأخوذة بأفعاله تائهة بين عشقه ونبض قلبه ونظراته ولمساته ، خجلة ومتوترة ولكن خجلها تغلفه السعادة التى نثرها عليها وتوترها يحتويه بأفعاله لذا هي على استعداد لهذا اللقاء الحميمي الأول .
ولمح تلك الإشارة في عينيها فابتسم قائلاً بقدرٍ من الحب لها وحدها :
– أردتُ أن أجعل كل شئٍ يليق بكِ ، وإلى الآن لم أجد ما يوازي بريق عينيكِ حتى ، فهل تسمحين لي سيدتي أن أقتحم مملكتُكِ وأعطيكِ مشاعري ؟ .
أغمضت عينيها فلا تقوى على النظر في عينه حينما أماءت بالموافقة فابتسم ودنى يبدأ طريقه بقبلة من تلك الشفاة المخدرة ، شفاه تقلب موازينه رأساً على عقب ، يحتضن بكفيه وجهها ليتحكم في قبلته .
ابعد يده بعد ذلك لتبدأ في شق طريقها لفك زر جاكيتها وهو ينزعه بتمهل عنها وقبلته ما زالت قائمة تستكشف طعماً جديداً .
عادت أصابعه تكمل مهامها برقة وبطء ، خجلت واحتمت به بينما هو يكمل ما بدأه ثم ابتعد عن شفتيها لاهثاً يأخذ شهيقاً مطولاً ليميل زافراً عند عنقها يقبله بحب ويستنشق رائحتها .
هناك تدفقات تتوغل في أوردتها من المتعة والخجل معاً ، كل المشاعر ممتعة ، كمن تبحر تحت المياة وترى جمال الأعماق ، وهو يكمل التهامه ويتلاعب بإتقان على حواسها وتتلاعب هي بخجلها ونعومتها على حواسه ، بينما يداه تستكشف ممتلكاته محدثة داخله طاقة مضاعفة من فرط المشاعر .
ابتعد يطالعها وهي لا تقوى حتى على فتح عينيها ، تشعر أن ساقيها كالهلام على وشك السقوط فعاد يسندها وينحني يحملها مجدداً بين يديه ليتقدم ويضعها على السرير بهدوء وتمهل كأنها قطعة من البسكويت الناعم يخشى كسرها ، مال قليلاً يكمل قبلاته المتفرقة ليقف ويجرد نفسه من عبء الواقع .
عاد إليها مسحوراً ليصطحبها معه داخل دوامة عشقٍ ومشاعرٍ يجرباها معاً لأول مرة ، لحظات لم ولن تنسى ، دوامة سحبتهما للقاع وهما رحبا بها بكل سرور وغرقا معها ليستكشفها أموراً جديدة في محيط الحب والمتعة ، الآن اكتملا ببعضهما وأصبحا كياناً واحداً ، الآن فقط تأكد صقر أنها بالنسبة له مركز الحياة وسيدتها لتؤكد هي أنه رجل القلب الأول والأخير .
لقد عاش حياةً مظلمةً جعلت متعته فقط في الإنتقام من أعداؤه ، تلذذ بالإنتصار والخروج من التحديات ببراعة ، كانت تلك أقصى أنواع المتعة بالنسبة له .
ولكنه كان أحمقاً حينها ، لم يُدرس بين كافة علومه التى تعلمها أن هناك متعة من نوعٍ آخر ، متعة الحب الحقيقي ، تجربة واختبار مشاعرك وحواسك مع هذا الحبيب فقط ، متعة عليه بعد عناء وبرغبته وبكل مشاعره أيضاً ليوثق مؤكداً أن هذا الوقت هو أكثر أوقاته تميزاً ويمكنه التضحية بأي شئٍ سواه ، معها هي فقط دون غيرها .
ابتعد بعد وقتٍ يلتفت وينظر لنقطةٍ ما خوفاً عليها من حدوث مضاعفات أو نزيف وعندما لم يجد سوى دليل عذريتها زفر بإطمئنان ، ثم تمدد ليضمها إليه ويقبل جبينها بصمتٍ تام ، مستسلمة تماماً له تشعر بحاجة ملحة للنوم وبالفعل غفت على صدره بسعادة وسكينة تامة ، وللحظة التهم الخوف جزءاً ضئيلاً من بين سعادته واكتماله ليفكر هل يمكن للمستقبل أن يغلبه ويفرق بينهما ؟ ، هل يمكن أن ترى وجههُ المظلم ذات يوم ؟ ، عند تلك النقطة وقرر الهروب وهو الذي لم يهرب قط ، لذا عاد يعتصرها بقوة ليثبت لأفكاره أنه لن يسمح بذلك ، احتضنها وقبل جبينها مجدداً بعمق لينام هو أيضاً مباشرةً فهو لم ينم منذ يومين .
❈-❈-❈
بعد عدة ساعات استيقظت نارة بتكاسل تتماطأ بين ذراعيه وهو نائم ، فتحت عينيها لتقابل ملامحه .
أغلقت عينيها وعادت تفتحهما لتنفض أثر النوم منها ويتسنى لها النظر لملامحه جيداً ، هادئ وديع ودافئ ، كل ما فيه يجذبها إليه بطريقة لا تفهمها ، إلى الآن هو الوحيد الذي لا تستطيع قراءته أو تفسير أفعاله أو توقعها ، دائماً يفاجئها ، وكانت نوبة مشاعره منذ قليل أثمن مفاجآته لها ، تنفست مطولاً تتذكر تلك اللحظات الفائتة بخجل ، لا تعلم كيف تاه خجلها بين تلك الأحاسيس والمشاعر ولكنه قادراً على ذوبان تحكمها ليدير هو دفة القيادة برحبٍ وسعةٍ .
نزلت بنظرها إلي صدره لتلاحظ ذلك الوشم التى غاب عقلها عنه في تلك اللحظات الرومانسية الفائتة .
تعجبت من تلك الجملة المدونة بالإيطالية ( هنا لا يوجد قلب ) شردت قليلاً تفكر في معناها الذي لم تصل إليه ، ولكن مؤكد ستسأله حينما يستيقظ .
شعرت برغبة في تناول الطعام بعدما أنبهها عقلها لذلك ، فتسحبت من بين يديه بهدوء لتنظر حولها تبحث عن ما ترتديه ، ملابسها ملقية بإهمال وبعيدة نسبياً عنها ، نظرت تحت قدميها التى انزلتهما أرضاً فوجدت قميصه الأبيض ، أرادت تجربته كما كانت تقرأ في تلك الروايات الرومانسية ،، انحنت تلتقطه بيدها ثم أسرعت تتجه للحمام المقابل لها .
ولجت بعد دقائق وهي ترتديه وتغلق ثانى أزراره إلى نهايته كما حررت خصلاتها من تلك الجديلة فانهمرت على ظهرها كشلال متدلي من منحدرٍ عالٍ فبدت فاتنة ، ابتسمت بثقة حينما رأت ذاتها في المرآة فهي تدرك جمالها وهو من عزز لديها هذه القناعة .
نظرت لساقيها المكشوفتان والذي يغطي القميص جزءاً منهما ، بدأت تتحرك للخارج بقدمين حافيتين وتخطو بهدوء ونعومة وحماس على أرضية اليخت الخشبية .
صعدت الدرج المؤدي للأعلى لتقابل جهة المطبخ المقابلة لجهة ساحة الإستقبال .
قررت دخول المطبخ المتكامل لتبحث عن طعام ، وقفت أمام الثلاجة تفتحها لتتفاجأ بكل ما لذ وطاب ، عادت الابتسامة تشق ثغرها فلم ينسى شيئاً أبداً حتى أن كمية الطعام تكفيهما لشهرٍ قادم .
أخرجت علبة كرتونية تحتوي على جبن أبيض وعلبة زجاجية بها مربى الكريز التى تعشقها ثم أخرجت بضع حبات الزيتون الأسود ووضعتهم في طبقٍ التقطته من جوارها .
بحثت عن الخبز الطري حتى وجدته في سلة على إحدى الأسطح الرخامية.
وقفت بعد ذلك تعد طبق من السلطة بالطماطم الكرزية وقطع الخيار وتدندن نغمة تعبر عن سعادتها ، وهل يحق لها غير السعادة ؟ .
مدت يدها تتناول علبة المربى وتلتقط ملعقة صغيرة لتحاول فتحها ولكن يبدو أن قوة يدها الناعمة محدودة .
زفرت ووضعته أمامها بيأسٍ لذيذ لتعود وتكمل تحضير السلطة ولكن تفاجئت بمن يحتويها ويعانقها قائلاً بهيامٍ وسحرٍ من هيأتها وهو يستنشق خصلاتها :
– من سمح لكِ بارتداء ثيابي ؟ .
نعم فقد استيقظ لتوه ولم يجدها فوقف يسحب سرواله ويرتديه ليبحث عنها ، صعد بعدما سمع صوتها ولكنه تجمد حينما رآها ترتدي ثوبه الذي بدى فاتناً عليها خصوصاً بعد أن حررت خصلاتها المهلكة لحواسه ،، وكالعادة يجد نفسه يلبي طلب نداهته بالذهاب إليها وعناقها وهي بتلك الحالة الساحرة .
ابتسمت تميل عليه قائلة بقلبٍ متراقص وثقة :
– لقد أصبح كل شئٍ ملكك عائداً لي .
لفها مسرعاً ثم أزاح ما على السطح الرخامي وحملها بخفة يجلسها عليه وينظر لها بغموض وتعطش قائلاً :
– وما المقابل ؟
قالها وهو ينظر لشفتيها فابتسمت وارتجفت لا ارادياً من نظراته التى تثبت لها أنوثها فزادته ارتجافتها رغبة واقترب ينهل منهما بتعطش ونهم لفت يدها حول خصلاته تتلاعب بهم ويديه تتحرك حول خصرها برغبة ، أبعدته عنها بثقل عندما شعرت بانفلات الأمور لتفلت شفتيها منه قائلة بلهاث :
– أتضور جوعاً .
ابتسم لها وتنفس مطولاً ليهدئ من حرارة جسده ثم نظر حوله فوجدها تعد الفطور بينما هي التقطت عبوة المربى تناولها له قائلة بدلال أنثوي تستعمله حديثاً :
– لا أستطيع فتحها .
أخذها منها وعينه عليها وفتحها بسهولة أصابتها بالخجل من محاولاتها البائسة ثم نظرت جانبها لتأخذ الملعقة وتتناول منه العبوة .
غمرتها بها لتخرجها بالقليل من المربى ثم قربتها من فمها لتتذوقها بتلذذ واستمتاع أمام عينه التى تسجل كل هذا في عقله الماكر المتعطش لتذوقتها مجدداً بنهم كما تتذوق هي تلك المربى .
أخرجت الملعقة من فمها ببطء فأخذها منها ليقوم هو بغمرها في العبوة ويخرجها ممتلئة ثم تمسك بكفها الخالي وقام بوضع القليل من المربى على أصبعها ثم وضع المعلقة جانباً ليبدأ في التهامه وسحب المربى منه بتمهل مقصود وعينه لا تفارق عينيها ليصيب جسدها بلذة وقشعريرة وكأنه يسحب بشفتيه معدتها وليس سبابتها .
أطلقت زفيرها المحبوس بعد أن انتهى ونظرت لعينه الراغبة بهيام ، إنه بروفسير في اللعب على أوتار مشاعرها ، أوصلها للغيوم ودللها بطريقة ستدمنها إن استمر هكذا .
تنفس يردف بحب بعد أن حاول التحكم في رغبته في امتلاكها الآن قائلاً :
– دعينا نتناول فطورنا ثم آخذكِ في جولة داخل اليخت .
عادت لهدوئها لتتساءل بترقب :
– هل هو ملكٌ لك أم إستأجرته ؟
ضحك عليها ثم تحدث بثبات وترقب :
– لا ليس لي ، بل هو لكِ .
توسع بؤبؤيها وفرغ فاهها لا تستوعب حديثه فتابع بحب :
– ليكن هذا هدية زواچنا ، لقد أصبح ملكاً لكِ .
التمعت عينيها بغيمة دموع تهز رأسها برفضٍ قائلة :
– لا ، لا استطيع قبول شئٍ كهذا ، لا لن أقبل .
زفر ثم حاوطها ينزلها أرضاً وسحبها معه للخارج وسط تعجبها حتى وصل إلى ساحة اليخت الواسعة التى تضم مقاعد بحرية وبركة سباحة .
توقف بها عند إحدى المقاعد فنظرت له متسائلة فلفها ليقابل ظهرها صدره ثم قال آمراً :
– أرفعي رأسكِ .
فعلت كما طلب للتفاجأ بإسمها ( Narden) منقوش على جدار اليخت العلوي بحروف أنجليزية ذهبية .
وقفت لثواني تتأمل ثم لفت لتقابله قائلة بسعادة لم تعِش مثلها :
– كفى صقر ، حقاً توقف ، لستُ بحاجته ولا بحاجة أي شئ سواك فقط ، هذا كل ما أريده .
احتضنها يزيح خصلاتها للخلف قائلاً بثقة :
– أنتِ زوجة صقر الجارحي وحبيبته ، يجب أن تتدللي دوماً ، اليخت ملكاً لكي ، لا أريد إعتراض .
استكانت بين صدره بسعادة وراحة لم تجربها يوماً ، تذكرت أمر وشمه فابتعدت تنظر لعينه متسائلة وهي تشير عليه بأصبعها :
– لمَ توشم تلك الجملة على قلبك ؟ .
لا ليس الآن نارة ، هو لا يريد الآن العودة للماضى أبداً ، لا يريد التفكير في عالمه المظلم الآن ، لذلك تحدث بمراوغة وهو يعود بها إلى المطبخ :
– حسناً دعينا نتناول فطورنا أولاً ثم نتحدث .
❈-❈-❈
بعد وقتٍ انتهيا من تناول فطورهما المدلل فوقف صقر يمد لها يده قائلاً بثبات :
– تعالي معي .
وقفت تناوله يدها فاصطبحها في جولة على اليخت ليريها كامل تفاصيله .
بدأ من تلك الساحة التى تحتوي على مقاعد وأرائك راقية ، كان المكان أكثر من رائع ، تركت يده وأسرعت تركض باتجاة البيانو وتتحسس إيقاعاته بكفها محدثة أصواتاً موسيقية متداخلة .
لفت تنظر له بروح طفلة قائلة بحماس :
– أود تجربته .
أشار لها بيده فاتجهت إليه ليحتضن خصرها قائلاً بهدوء :
– ليس الآن ، أمامنا متسعاً من الوقت لنفعل كل ما تريدي .
أومأت له وتحركا للخارج ثم نزلا عبر الدرج ليصلا للطابق الثانى لليخت والذي هو عبارة عن ثلاث غرف نوم لكلٍ منهم حماماً خاصاً بها ولكن أكثرهم اتساعاً وروعة هي غرفتهما .
تجولا في هذا الطابق سوياً وهو يشرح لها ما تسأل عنه ثم اتجها للدرج ليكملا نزولهما إلى الطابق الأول والذي كان عبارة عن مكتبة تضم عدداً ضخماً من كتب التاريخ وعلم النفس والعلوم والفضاء والقصص الرومانسية ، كل الكتب التى تفضلها والتى لم تقرأها هنا ، حتى أنها تحتاج عمراً إضافيا لتنهي قرائتهم .
لفت تطالعه بامتنان لم تعد تعلم كيف تشكره فقد باتت كلمات الشكر قليلة جداً أمام كل ما تعيشه معه ، ولكنه أسرع يسحبها من أفكارها لياخذها إلى الجهة الآخرى من الطابق الأول والتى كانت عبارة عن صالة رياضية تحمل معدات والعاب وشاشة عرض سنيمائية ، كل هذا والجدران عبارة عن نوافذ زجاجية تعرض مياة الجزيرة الراقية أمام عين الجالس .
اتجها للدرج فوجدته مكتمل للأسفل فتساءلت بترقب :
– هل هناك مزيد من الطوابق ؟
زفر يردف بلا مبالاة :
– ذاك يعد قلب اليخت والجزء الخاص بمعداته ومحركاته .
أومأت بتفهم ثم صعدا مجدداً للطابق الثانى وكادت تتحرك للأعلى فأوقفها ينظر لها بصمت وعيون مشتعلة بالرغبة .
فهمت نظرته فتعالت نبضاتها بصخب ، سحبها لغرفتهما ثم دلفا وتوقف يبتسم لها قائلاً بخبث ويداه تشق طريقها إلي غايته :
– هل لي أن استرد قميصي الآن ؟ .
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية ثري العشق والقسوة)