رواية ثري العشق والقسوة الفصل الثالث 3 بقلم آية العربي
رواية ثري العشق والقسوة الجزء الثالث
رواية ثري العشق والقسوة البارت الثالث
رواية ثري العشق والقسوة الحلقة الثالثة
قَد يُديرُ الأبْ ظَهْرهُ لطِفلهُ وقَد يُصبِحُ الإخْوة والأخوات أعْداء ، وقَد يَتركُ الأزْ واجُ زوْجـ.اتَهن ويَتركُ الزو جاتُ أزْوا جَهم وقَد يَخيب ظنّكَ في العالمٌ أجْمع ، إلا حُب أُُمّكَ يَدوم للأبَد .( واشنطن إيرفينج)
❈-❈-❈
المرحلة العمرية التالية قبل واحد وعشرون عاماً من الوقت الحالى
❈-❈-❈
في تلك الدار حيث صلابة الجدران ولين القلوب .
يقف عمر الذي بلغ العشر سنوات يحاول عمل جديلة منمقة لتلگ المتذمرة التى تشكي له مناكفة سامي لها وهو يهدأها مردداً بالقليل من الصبر ويـ.ده ترتب خصلاتها محاولاً التركيز :
– حاضر يا نارة هضربه ،، متزعليش .
ظلت تلتفت وتتحدث متذمرة وشاكية وهو يتأفأف ، فهو لا يستيطع عقد تلك الجديلة بشكل متساوٍ بسبب حركتها البندولية .
زفر وأردف بضجر بعدما تفاقم غضبه الطفولي منها :
– يو بقى يا نارة ؟ ،، إقفى بقى وبطلي تتهزي علشان أضفرلك شعرك كويس .
تبرمت بغيظ ووقفت تشبك ذراعيها بصمت إلى أن إنتهى وبالفعل عقد لها جديلة طويلة ولكن لم تكن بالدقة المناسبة نظراً لصغر سنه .
ربت على كتفيها بكلتا يـ.ديه وتحدث بحنو :
– يالا ياستى ،، كدة عسل .
مدت يـ.دها تتلمـ.س الجديلة لتبتسم ولكن خفية ثم التفتت تطالعه وتدعي الحزن فابتسم لها وتحدث معتذراً :
– خلاص متزعليش ،، تعالى معايا دلوقتى وأنا هخليه يعتذرلك ، بس بعدها تضحكي .
تحمست مبتسمة واتسعت مقليتها بحماس وهي تضع كفها الصغير بين راحته وتخطو معه بإتجاه هذا الجمع من الأطفال حيث يلعبون في الحديقة .
وصل عمر إلى الطفل سامي والذي لم يكن جـ.سده كجـ.سدِ الأطفال بل كان ضخم البنية حتى برغم أن عمره لم يتعدى ال 13 عاماً .
تحدث عمر وهو يقف أمامه ويرتفع بنظره إليه يطالعه بثبات وثقة برغم فرق الطول الواضح بينهما :
– بتزعل نارة ليه يا سامي ؟ ،، مش انت عارف اننا هنا مش بنزعل إخواتنا البنات زي ما ماما لبنى قالت ؟ ،،
نظر لها سامي بغيظ ،، فهي دائماً ما تذهب وتشتكي لهذا عمر الذي يعتبره منافساً له ، فعمر محبوب من قبل الأطفال خصوصاً البنات نظراً لحنوهِ معهن وتعامله اللين والهادي على عكس سامي الذي يغضب سريعاً ، ولكن هذا لا يمنع أن تذهب إليه وتشتكي له وتحبه أيضاً مثلما تفعل مع عمر .
ليسيطر الغضب على سامي وهو يلكز عمر في كتفه ليترنح جسده قائلاً :
– ملكش دعوة إنت ، ويالا إمشي من هنا .
غضب عمر وظهر ذلك في عينه فشخصيته منذ صغرها لم تكن من الشخصيات التى تبتلع الإهانة حتى لو كان من يقف أمامه يخشاه أطفال الدار جميعهم ، وبرغم غضبه فهو لا يود افتعال المشاكل حباً في أمه لبنى ولأنه وعدها بالتصرف الحكيم كما علمته ، ولكن هذا السامي استفزه لذلك رفع عمر سبابته وتحدث محذراً أمام عينه :
– سامي ، ابعد عن نارة خالص ،، ماشي ؟
ضحك سامي ساخراً وأشار عليه أمام الأطفال متحدثاً ليزيد من إهانته له :
– هههههه يا عمر يا جبان ،، شوفوه وهو مش قادر يعمل فيا حاجة ،،، لأنه جبان .
كانت نارة تقف تطالعه بغيظ ،،، لم تحتمل ما يحدث ، ربما تستهين بحقها ولكنها لن تسمح له بتوبيخ عمر لذا احتدت ملامحها لتقول مدافعة بقوة وشموخ :
– عمر مس جبان عمر ساطر انت اللى غبي .
غضب سامي منها ونظر لها بغيظ ،، تنعته بتلك الكلمة الذى يبغضها من أجل هذا عمر ؟
تحدث سامي بغضب وهو على وشك دفعها :
– طب أمشوا بقى من هنا علشان مضربكوش إنتوا الإتنين .
تمسكت بكف عمر بقوة وقالت وهي رافعة رأسها للأعلى بثقة :
– هنمسي بس مس علسان خايفين منك ،،، هنمسى لأن المكان ده وحس أصلاً ، يالا يا عمر
تحركت وهي تسحب عمر الذي تحرك معها حتى ابتعدوا وسامي يطالعهما بغيظ ثم توقفت متسائلة :
– عمر هو إنت خايف منه بجد ؟
نظر لها بتعجب وهز رأ سه يردف بجدية طفل :
– لا يا نارة مش خايف منه ،،، بس أنا وعدت ماما لبنى مضربش حد من أخواتى في الدار خالص .
ابتسمت له وتحدثت بسعادة :
– يبقى إنت ساطر زي ما أنا قولت .
مد يـ.ده يقرص وجنتها ثم تحدث بحب أخوي وعين سامي لا تفارقهما :
– وانتِ كمان شاطرة علشان مسمحتلهوش يكلمك كدة .
ضحكت بسعادة لمدحه لها وشعرت بالفخر ليكملا لعبهما سوياً بعد ذلك ومعهما الكثير من الأطفال .
في تلك اللحظة توقفت إحدى السيارات وترجل منها رجل وزو جته ، كانت سيدة جميلة تلتفت بعينيها باحثة عن شئ ما ، كانت قد رأته مسبقاً أثناء مجيئها للتبرع لهذه الدار .
توقفت عينيها تنظر لنارة بتمعن وحنين ،،، كانت الصغيرة تركض وجديلتها تتطاير خلفها تلحقها وسط الزهور مما جعلها تسر الناظرين .
لكزت تلك السيدة زو جها في كتفه فالتفت لها متسائلاً فأشارت برأ سها على نارة لينتبه عليها .
نظر لها الرجل بترقب ثم عاد بنظره لزوجته وتحدث بحنو وحب :
– بس دي كبيرة يا آسيا ،، احنا قولنا هنجيب بيبي صغير .
نظرت له باستعطاف ،، تلك الصغيرة أعجبتها كثيراً حين رأتها مسبقاً ولكن قررت تأجيل النقاش إلى أن يتحدثا مع السيدة لبنى صاحبة الدار .
وبالفعل بعد دقائق وبعد ترحاب يجلسان خلف مكتب لبنى وهى تسألهما عن بعض الأمور كالمعيشة وطريقة حياتهما وتعاملهما لتضمن السلامة للطفل الذي المتبني بعد أن أدركت سبب مجيئهما وهو تبني إحدى طفلات الدار .
تحدثت أسيا بترقب متسائلة بحنو :
– هو ممكن أسألك عن البنوتة اللى برا اللى شعرها أورنج دي ؟ ،،، بصراحة من أول ما شفتها المرة اللي فاتت وأنا اتأثرت بيها جداً .
تنهدت لبنى وأومأت وقد شعرت بقلبها يعصف ،، تلك حالتها كلما أتت أسرة لأخذ لطفلٍ من أطفالها ،، إن كان الأمر عائداً لها فهي لن تعطي أيٍ من أطفالها لأحد وسترعاهم بنفسها دوماً فهم جزء لا يتجزأ منها .
ولكن هذا الأمر خارج نطاق حدودها وضميرها ، فهم يستحقون حياةً سوية ، يستحقون أسرةً يكبرون بينها ، أُناسٌ يحبونهم كأبنائهم لينزعوا منهم ألم اليتم والتخلي ويغمروهم بالعاطفة والحنان .
كما أن الدار تابعة لبعض الجمعيات والجهات الحكومية التى تمولها ، لذلك فالأمر مفروض عليها ، ولكن نارة ؟ ، أولم يجدوا غيرها ؟ ، حقاً تعلقت بها كثيراً ، كيف ستتحمل بُعد تلك الصغيرة عنها ،، تعلم أن الأفضل للطفل هو أن يتربى بين أمٍ وأبٍ يبثا فيه الحنان والطمأنينة ،،، أن يحيا بين أسرة سوية لينمو أساسه بشكل سليم ،، ولكنها تكره لحظة الوداع ، تكره هذا الشعور الذي ينتابها عند كل مرة يغادر فيها طفلٍ من أطفالها .
زفرت تتحدث بعد شرود برتابة :
– قصدك نارة ؟ ،، نارة هنا من وهي عندها تسع شهور ،،، أهلها للأسف توفوا في حادثة ، هي ذكية جداً وحنونة جداً ، بس نارة كبيرة وممكن تتعب لو بعدت عن إخواتها في الدار فجأة كدة ،، يعنى أنا فكرت انكوا محتاجين بيبي لسة صغيرة .
نظرت آسيا لزو جها بترجي ، هي تريد تلك الذكية الحنونة والجميلة ،، ستعمل على أن تجعلها سعيدة ، ستبذل قصارى جهدها ،، ستغرقها بحنانها وعاطفتها الأمومية التى تملؤها ، فهي شعرت بالإنجذاب نحوها منذ الوهلة الأولى ويبدو أن هذا الشعور ليس من فراغ ، خصوصاً بعدما عجز الطب في حل معضلتها لعدم الإنجاب ، محاولات عدة هي وزو جها منذ أن تز وجا من خمس سنوات ولكن باتت جميعها بالفشل دون معرفة السبب الحقيقي ، فكل ما قيل لهما أنهما لا يعانان من مشكلةٍ تذكر وربما هي مسألة وقت ،ليمر الوقت ويمر العمر وهي تنتظر ، ولكن باتت لا تطيق الإنتظار ، لذا فهي تسعى للبحث عن طفلة تغمرها بغريزة الأمومة التى خُلقت بها .
ووقع إختيار قلبها على نارة ، تريدها وكفى ،، يكفي أن والديها لم يتخليا عنها بل توفيا ،، إذاً هي المناسبة ، ويبدو أن هذا كان تفكير زو جها أيضاً ،، لقد أتى إلى هنا فقط لأجل خاطرها ولكنه متردد من فكرة تبنيه إبنة لا يعلم عن أبويها شئ ، ولكن بعد تلك المحاولات البائسة قبل أن يأتى معها خصوصاً مع حزنها الدائم وشرودها وحنينها لطفلة ، لذلك أتى ولكن تلك الطفلة تبدو مناسبة تماماً وجيدة .
تحدث الزوج برتابة وهو يطالع السيدة لبنى :
– أعتقد البنوتة دي مناسبة ،، وأنا هضمنلها حياة كويسة جداً إن شاءلله ،، يعنى اطمنى ،، وبالنسبة لأخواتها اللى في الدار مش لازم الأمر يتم بشكل قاطع ،، يعنى بالتدريج وأنا ممكن أجبها وأجى كل فترة لحد ما يعتادوا على غيابها .
زفرت لبنى بشرود ثم أومأت قائلة بمعالم وجهٍ حزينة :
– تمام يا شفيق بيه ،، أنا كل اللى يهمنى مصلحة أطفالي وسعادتهم طبعاً ، بس خليني أشوف هعمل أيه وخلال يومين إن شاء الله هرد عليكم .
نظرت لها آسيا بحزن ثم تحدثت باستعطاف :
– لو سمحتِ مترفضيش ،،، صدقيني أنا حبتها جداً وهعملها اللى هي عايزاه ،، لو سمحتِ .
تنهدت لبنى بقوة ثم أومأت تردف مبتسمة بود بعدما رأت العاطفة التى تغمر تلك الآسيا :
– أوعدك هتكلم معاها وأمهدلها الوضع وأبلغكم إن شاءلله بالموافقة علشان نتمم الإجراءات .
نظرا لبعضهما بسعادة ، هو سعيد لسعادتها وهى تشعر بالراحة والحنين من الآن
❈-❈-❈
على الجهة الآخرى من العالم وتحديداً إيطاليا مدينة بولونيا .
في قصر عائلة موراكو . ( بقلم آية العربي)
في جزء خلفى خاص بالتدريب لأفراد العائلة ، تدريب قاسي وحاد يضم معظم أنواع التدريبات التى يمكن أن يتخيلها العقل .
يقف صقر ويجاوره ماركو إبن ميشيل يضعان حامي الأذن حول رأ سيهما وهما يصوّبان على الهدف المنشود بتركيز .
يتعلمان النيشان بإتقان شديد
فمنذ أن تم قتل ناصر وأصيبت مارلين بصدمة نفسية دامت لأسابيع وكادت أن تتمرد على التعافي ولكن هناك شيئاً يربطها بالحياة بعد ،، لا يجب أن تستسلم أبداً وتتركه لهذا الأخ القاتل ، طفلها الغالي التى سعت بكل قوتها لتبعده عن تلك الحياة ،،، ولكن هي الآن أضعف ما يكون .
خصوصاً بعد موت والدها وقتل ناصر ،، أصيبت بشللٍ رعاش جعلها هشة وضعيفة لا تقوى على مواجهة شقيقها أبداً .
وفعل ميشيل ما يحلو له وعمِل على تربية صقر كما يريد هو ،، فلم يبخل عليه بأي شئ كان بل على العكس تماماً طوال الأربع سنوات الفائتة وقد أغرقه بكل ما يريده ويشتهيه فقط ليحصل على ولاؤه وطاعته دوماً ،، أدخـ.له مدرسة حادة تعرف بالصرامة والجدية ،، علمه فنون القتال والرماية والفروسية والنيشان والكراتيه والسباحة ،، حياته باتت منظمة بشكلٍ قاسٍ ، تدريجياً عمل على نزع الرحمة منه ، حيث كان يأمره بقتل حيوانات لا حول لها ولا قوة ، وكلما حاول صقر الرجوع عن تلك الأمور التى كانت تخبره والدته أنها ذنبٌ عليه عنفه ميشيل بقسوة وحُرم من الطعام والرفاهية التى اعتاد عليها ، ليتخلى عن تعاليمه وليجمد قلبه ويصبح مثلما يريد ، نجح صقر بإمتياز في كل تلك التحديات .
نجح برغم صغر سنه وأثبت أنه يمتلك كل المؤهلات التى ستقوده مستقبلاً إلى ما أراده ميشيل تماماً ،، وما زال هناك الكثير ليتعلمه بعد ،، سيجعل منه أسطورة يحكى بها ويهابها الجميع ،،، لقد سعت شقيقته أن تجعل منه رجلاً صالحاً وها هو يقوده إلى الشر بعينه لذلك فهو فخور بإنجازه ، كل ما يريده وخطط له يحدث .
أصبح هذا الصبي الذي يبلغ ال 14 عاماً من عمره حاد الطباع ،، قاسي ومخيف ، غامض ،، يمتلك نظرة تحمل معنى إسمه ، نظرة صقر ثاقبة لا تخطئ ولا تخشى شئ .
وها هو ينتهي من تدريبه وينزع عنه غطاء الأذن ثم يلتفت لماركو قائلاً بثبات بعد أن نجح ببراعة في إصابة كل الأهداف الماثلة أمامه وأطلق عليهم بمهارة وإتقان :
– والآن دعنى أرحل وأرحمك من هذا الأمر الشاق ،، تبدو غير مستعد وإن علم والدك سيضاعف عقابك .
ضحك ماركو وهو يشير له بشك :
– ولكن مؤكد لن تُشي بي له ؟ ،، فأنا لست على استعداد لتوبيخه اليوم .
رفع صقر كفيه بإشارة له أن الأمر منتهي وتحدث بثقة وثبات :
– إن سألني فلن أكذب وأن لم يسأل فلن أقول .
إبتسم له ماركو باطمئنان ،، فعلاقتهما أشبه بالأخوية ، يشاركان بعضهما في كل شئ على عكس باقي أفراد العائلة ،، أو لنقل أن ماركو هو من يشارك صقر بكل شئ إلا أنّ الأخير ليس بشخصٍ ثرثار ،، بل على العكسِ تماماً ،، دائماً يخبئ في طياته الكثير ، دوماً غامض ،، حتى أن جميع من في العائلة لا يعلمون فيما يفكر ويصعب توقع أفكاره ،، مهما تألم تجده صامتاً لا يبكي ولا يشكي ،، وهذا إن دل على شئ فهو مؤكد شئ مخيف في نفسه .
ولكن يبقى جزءاً بداخـ.له يتبدل تماماً عندما يولج غرفة والدته ،، يتحول من القاسي إلى الحنون وكأنه اُستبدل بشخصٍ آخر ،، فما إن تطأ قدميه غرفتها ينزع تلك الصدفة والدرع القاسي عنه ويطالعها بحنو .
وها هو يتجه إليها ليطمئن عليها ككل يوم ،،، دلف وأغلق خلفه وتحرك حيث كانت تجلس في شرفة غرفتها تتأمل الصباح ،، توقف أمامها ثم دنى يلتقط كفها المرتعش ويدنو مقبلاً له ثم اعتدل يطالعها بحنو برغم ثباته وقسوة ملامحه ليتساءل باهتمام :
– كيف حالك اليوم أمي ؟
أبتسمت له مارلين ،،، ولكنه لمح نظرة الحزن التى تكسو عينيها فتساءل بترقب :
-هل هناك أمرٍ يزعچكِ ؟
أومأت ثم حاولت التحدث بتلعثم وجـ.سدها يرتعش مردفة بلهجة مصرية ثقيلة جاهدت لإتقانها لأجله :
– قو قولت لك نتك نتكلم م مصري سوا ، قو قولت كدة ك كتييير .
زفرت بقوة ما إن انتهت من نطق جملتها الشاق عليها ليبادلها التحدث بلهجة مصرية مماثلة قائلاً :
– تمام يا أمي ،، متقلقيش ،، مش هنسى لهجتي ،، بس هنا الكل بيتكلم إيطالي ،، فأنا بتكلم زيهم .
ابتسمت له تنظر لملامحه بحب وحزن ،، كيف تخبره أنها لا تريده أن يتحدث مثلهم ،، ولا أن يفعل مثلهم ،، ولا أن يكبر بينهم .
ولكنها ضعيفة جداً ، وليس بيدها حيلة وسط تسلط وتجبر وظلم أشقائها خصوصاً ميشيل .
تتذكر جيداً حينما سألها صقر عن والده فهو لم يصدق رواية خاله حيث أخبره أنه قُتل غدراً من قبل عصابات كانوا يريدونه وينتظرون عودته لإيطاليا حتى يقتصوا منه غدره لهم ، ولكنه وجد والدته تخبره نفس الأمر وتؤكد على حديث شقيقها ،، فكيف تخبره أن قاتل والده هو شقيقها نفسه ،، حينها ستخسره بكل تأكيد فشقيقها غادر و قادر على قتله دون أن يرف له جفن ،، لذلك صدقت على قصة شقيقها لتحميه من شره وغدره ،، ولكنه دوماً يلح في معرفة هوية هؤلاء القتلة ،، بل وتعلم فنون القتال وما زال يتعلم بحماس منتظراً اليوم الذي سيثأر لوالده من قاتليه كما يبث فيه ميشيل دوماً ، ترعرع داخـ.له الإنتقام خصوصاً بعد تبدل مسار حياته تماماً .
تحدثت مارلين بتلعثم وهي تحاول جاهدة نطق لغته الأم أمامه حتى لا ينساها ، تفكر ربما يوماً استطاع تخليص نفسه وعاد لبلده ، ربما نجح هو فيما فشلت هي فيه ، لذا تجدها تحرص خفيةً على تزويده بما سيحتاجه إن رغب .
تحدثت وهى تطالعه بحب وحنو :
– قرررأت الرر رواية اللى جبتــ تـ تـهالك .
أومأ حينما تذكر تلك الرواية الأدبية للكاتب المصري الدكتور طه حسين ( رحلة الربيع ) فهي دوماً تزوده بكتب مصرية قادرة على تنمية أفكاره الإيجابية .
تحدث صقر بشرود وهو يتذكر ذلك الكتاب :
– قرأته ،، حبيت جداً رحلته من أثينا لباريس ،، حبيت طريقة وصفه ،، يمكن اندمجت مع وصفه للحالة اللى عاشها في رحلته أكتر من الفكرة نفسها ،، وهنتظر منك كتاب تانى ليه بردو .
سعدت مارلين كثيراً فهذا ما تريده ،، أن تجعله مثقف وعلى دراية بكُتاب بلده ،،، تحاول تنشأته على حب حضارته من خلال الكتب التى تجلبها له عن طريق مساعدتها المخلصة ، وبذلك تكن نجحت في حل المعادلة الصعبة دون مخالفة أوامر ميشيل في دخول ما تريده إلى عقل صغيرها ، فقد منع منعاً باتاً دخول الكتب الديـ.نية إلى القصر ، كما منع منعاً باتاً زرع القيم والمبادئ فيه لذلك فالوقت المسموح له برؤية والدته هي ساعة واحدة في اليوم فقط ، لقناعاته أن ما ستعلمه له خلال ساعة قادراً هو على نزعه وتبديله في المتبقى من الوقت ومع ذلك يظل الأمر تحت سيطرته .
ليعاود تقبـ.يل يـ.د والدته قائلاً بحنو :
– أكلتِ يا أمي ؟ ،، حاسس ملامحك متغيرة ، لازم تهتمي بصحتك .
رفعت يـ.دها المرتعشة تحـ.تضن وجهُ وتنظر لملامحه الحنطية وعيونه الحادة قائلة بحنين ونبرة يشوبها الحزن :
– حا ا ا ا حاضر ، بب بس تااا كل م م معايا .
أومأ لها ثم مد يـ.ده نحو الصينية التى جلبتها المساعدة لتوها ليتناول الملعقة ويغمرها في طبق الحساء ثم يرفعها ويقربها من فمِ والدته فتأكل من يده بحب .
❈-❈-❈
بعد أسبوعين في دار الأيتام .
أتت آسيا مع زو جها ليصطحبا الصغيرة بعد أن أتما الإجراءات اللازمة .
نعم فقط أخبرتهما لبنى بقبول طلبهما وسريعاً وأتوا ليصطحبوها بحماس ولهفة .
خلال ذلك الوقت وجدت لبنى صعوبة بالغة في إقناع عمر بذهابها وأن هذا هو الأفضل لها ،، حتى أنه بكى وترجاها أن لا تفعل ، فلن يحتمل فقدها وبعادها عنه .
وبرغم حزنها على بكاؤه إلا أنها تعلم جيداً أن تلك فرصة لن تعوض لتضمن لتلك الصغيرة مستقبل أفضل وهذا تحديداً ما حاولت إقناعه به مبررة أنه يمكن أن يراها حيثما أراد .
وحتى أن الصغيرة كانت لا تود تركهم ،، برغم كل المغريات التى أخبرتها عنها لبنى والتى جعلتها في حالة تردد أتذهب وتنعم بكل ما أخبرتها به خصوصاً تلك الأم الحنونة أم تظل هنا معهم وتنعم بقرب أشقائها وشقيقاتها في الدار ، ولأنها طفلة صغيرة ذو أربعة أعوام لم تستطع تحديد ما تريده تماماً .
ها هما يأتيان ليصطحباها ،، وكم كانت آسيا سعيدة وكأنها امتلكت الدنيا كلها ،،، لا تصدق أنها ستبث أمومتها لتلك الملاك الصغيرة ،، كان يتابعها زو جها بسعادة ،، بدأ هو الآخر يتعلق بتلك الحورية التى تلتمع عيـ.نيها بالدموع وهى تنظر لعمر الذي يقف باكياً بقوة كحالِ الأطفال جميعهم ولكنه أشدهم حزناً ،، فهو لم يفارقها منذ أن أتت ،، يعتبرها شقيقته الحقيقة المسئول هو عنها كليا ،، كيف سيتحمل المكوث بدونها ؟ ،، هل حقاً يستطيع رؤيتها كلما أراد ؟ ،، ولكنه يطمع برؤيتها دوماً ،، لما لا يأخذوه معها ؟ . ( بقلم آية العربي )
أخذاها وإتجها لسيارتهما يستقلاها بعدما ودعا لبنى والجميع وأكدا للبنى أن وقتما يريد عمر رؤيتها سيلبيان طلبه ،، فليأتى هو ويراها في ڤيلاتهما ولكنهما وجدا أن لا داعي لمجيئهما بها إلى الدار دوماً حتى يحاولان محو ذلك من ذاكرتها ، حتى تنسى أنها يتيمة أو أنها ليست إبنتهما .
عند تحرك السيارة بها بدأت تبكي ،، خصوصاً وهى ترى عمر قد أفلت يـ.د لبنى وأصبح يركض خلفها بقوة وينادى بصراخ عليها ،،، تراه من النافذة الخلفية بعدما أفلتت نفسها من عناق آسيا وتردد إسمه باكية وهي تشير عليه بكفها الصغير ولكن أسرعت السيارة بأمرٍ من شفيق ولم يلحق بها ذلك الصغير الذي كاد يسقط وعيـ.ناه باكية بقوة ، بل لحقت به لبنى والمساعدة قبل أن يسقط أرضاً ليترك هذا الوداع أثراً داخـ.لهما لن ينسى .
❈-❈-❈
في منزل عفاف
وبعد أن تبدلت ملامحها وكسى الحزن الدائم وجـ.هها ،، فمنذ أن وصلها خبر قتل ناصر على يـ.د عصابة إيطالية وقد سقطت فاقدة للوعي وظلت يومان على حالها .
وما إن استعادت وعيها حتى ظلت تصرخ وتصرخ مستنكرة موته ،، برغم كل ما عانته منه وبرغم زوا جه عليها وقسوته وظلمه إلا أنها أحبته هذا الحب السام ولم ولن تحب غيره .
لذا فقد جاء خبر قتله كالصاعقة التى أصابت قلبها ،، حتى أنها تمنت الموت في تلك اللحظة ولكن عادت تتذكر صغيريها ،،، سامح الذي يبلغ الآن ثماني عشر عاماً وقد كبر قبل آوانه ،، تحمل مسئولية والدته وشقيقته وتعليمها خصوصاً بعد أن قام بفتح محل تجاري لبيع قطع غيار السيارات بالنقود التى تركها ناصر لعفاف قبل سفره والتى أقنعت بها سامح بعد موته بعدة أشهر وبعد أن استعادت القليل من عافيتها .
ما زالوا يقطنون في نفس المنزل ولكن تم تعديله وتوضيبه بشكل يلائم الوضع الجديد ،،، لم يحظّ سامح على الرفاهية كغيره من أبناء جيله حتى في التعليم ،،، فقط انهى لتوهِ شهادة الدبلوم الصناعى في قسم السيارات ،، ولكن يبقى شيئاً واحداً لم يتبدل داخـ.له ولن يتغير أبداً ،، هو كرهه لشقيقه الذي يتفاقم يوماً بعد يوم ،،، فهو بالنسبة له المتسبب في كل ما يعانيه هو وأسرته ،،، هو حصل على كل ما كان من نصيبهم ، تنعم وتمتع بكل حقوقهم ،، لن يتقبله أو يحبه يوماً ، وليكن هذا الوجه المظلم والأكثر واقعية للتعدد بعدما تخلى البشر عن الالتزام بحدود الله .
على عكس نهى التى تدرس الآن في الصف الثانى الثانوي ،، دائماً لديها فضول لترى شقيقها الغائب هذا والذي لا يوجد بينهما أي تواصل ،،، لم تكرهه يوماً ،، بل تتمنى مستقبلاً أن تراه وتقترب منه ،، تتمنى أن يلتقيا صدفة وتعرفه دون أن يخبرها أحداً عنه ، فهي على يقين تام بتبادل المشاعر التى تغمرها تجاهُ .
تحدث سامح بعد أن أنهى فطوره :
– أنا هنزل يا ماما علشان افتح المحل ، وهبعت الواد يوسف يجبلكوا الغدا ، لو احتاجتِ حاجة نادي عليا .
أردفت عفاف بملامح باهتة :
– ماشي يا حبيبي انزل ربنا معاك ويفتحها في وشك قادر يا كريم .
لتقفز نهى مسرعة وهي تنهي كوب الحليب الخاص بها في دفعةٍ واحدة إلى فمها ثم وضعته وتحدث بنبرة يغلفها الترجي :
– سامح وحياتى تعالى وصلني المدرسة ، سما صحبتي مش هتروح النهاردة وأنا مش بعرف امشي لوحدي ، تعالى وصلنى بالمتوسيكل بتاعك .
أومأ لها قائلاً بحنو :
– طيب هاتي شنطتك وتعالي وأنا هخرج المتوسيكل من المحل واستناكي تحت .
أومأت له وأسرعت تركض لغرفتها بينما نظرت له عفاف قائلة بحنو :
– ربنا يخليك لينا يارب .
أومأ يبتسم لها ثم تحرك يغادر وداخـ.له غصة ، كرهَ ضعفها الذي أوصلهم إلى هذه النقطة ، كرهَ حبها المرضي لهذا الرجل النذل ، يرى أنها لا تمتلك مبرر لحبها هذا ، فهى رأت من القسوة ما يجعلها لا تقهر ، يلوم عليها دوماً داخل نفسه ، كان يمكنها تغيير مسار الأمور لصالحهم ، ولكن تظل والدته ويظل لسانه معقودٍ عن قول لفظٍ يحزنها ، لذا فحديثه القليل هذا لا يعنى أنه تخطى الأمر بل يعنى أن داخـ.له طاقة مؤلمة وكتمان يغذيه بكرهُ لشقيقه
❈-❈-❈
لننتقل إلي الفترة الزمنية الرابعة
قبل تسع عشر عاماً من الوقت الحالى .
في ڤيلا شفيق الدقاق .
تجلس آسيا بضيق تطالع هذا الصبي الذي أتى ليرى صغيرتها ناردين وهذا الإسم أطلقته عليها بدلاً عن نارة .
خلال السنتين الماضيتين لم يتوقف عن زيارتها دوماً حتى باتت آسيا تستاء هي وزو جها من هذا الوضع ،، هي لا تريد لابنتها صلة بهؤلاء الأطفال بعد أن أصبحت ناردين على ما هي عليه ، هي لن تقبل أن تظل إبنتها معلقة بتلك الدار وأطفالها ، لقد باتت تنزعج حقاً من هذا الوضع .
ولكن ما يقيدها هو تعلق ناردين بعمر ،،، فالآن اصبحت في السادسة من عمرها وزاد جمالها وزادت خصلاتها توهجاً وطولاً وللآن تفرح لرؤية هذا الصبي الذي يحبها بصدق حب أخوي مسئول .
للمرة الثانية اليوم تشعر آسيا بالإعياء فتركض للحمام لدقائق ثم تعود بخطى مرهقة .
تجلس تتابع ناردين وعمر الذي يعلمها طريقة جديدة لحل تلك المسائل الرياضية والأخرى تدعي عدم الفهم ليعاود الشرح باستسلام فهي تحب مشاكسته لتضحك بعد ذلك عليه وهي تخبره أنها كانت تعلم الحل قبل أن يشرح .
أبتلعت أسيا لعابها وتحدثت بضيق :
– مش كفاية كدة يا ناردين ؟ ،، الوقت اتأخر وعمر لازم يرجع لأن مدام لبنى كلمتنى دلوقتى .
زفر عمر وأدرك بذكاءه أن آسيا استنفذت طاقتها لحضوره فنظر لنارة وتحدث بحنو وهو يستعد للقيام :
– أنا همشي بقى يا نارة وإنتِ إبقى حليهم زي ما قولتلك .
وقفت الصغيرة تطالعه بحب متسائلة بلهفة :
– هتيجي تانى إمتى يا عمر ؟
ابتسم لها وتحدث بهدوء يحمل حزناً من رغبته في البقاء بجوارها :
– الأسبوع الجاي هجيلك ،، يالا سلام .
ودعها وغادر وعادت نارة لآسيا تعانقها وتبادلها آسيا بحنو ثم ابتعدت عنها قليلاً تنظر لوجـ.هها المرهق متسائلة باهتمام :
– مامي أنتِ تعبانة ؟
هزت آسيا رأ سها تردف بحنو وإعياء :
– لا يا حبيبتى أنا كويسة ،،، بس ممكن تجيبي لي التليفون أكلم بابي ؟
أومأت الصغيرة وركضت تحضر الهاتف وطلبت آسيا رقم زو جها وانتظرت إلى أن أجاب وطلبت منه الحضور ليذهب بها إلى الطبيب فلم تعد تحتمل ألم معدتها .
بعد ساعة أتى شفيق متلهفاً فوجدها تولج من الحمام بعد نوبة جديدة من التعب والإعياء .
أسندها باهتمام وتحدث بقلق وحب :
– مالك بس يا حبيبتى إيه اللى حصل ؟
هزت رأ سها تردف بوهن وجهد وهي تستند بذرا عها على كتـ.فه بينما يـ.ده تحاوط خـ.صرها بحنو : ( بقلم آية العربي )
– مش قادرة يا شفيق ،، تعبانة أوي ،،، خدنى للدكتور .
أومأ وتحرك بها ليبدل لها ثوبها وأثناء ذلك كان يتحدث معها كي يشتت ذهنها عن التعب :
– هنعمل إيه في موضوع إيطاليا يا آسيا ،،، أنا شايف أنها فرصة حلوة جداً ،، قولتى إيه ؟ ،، الجماعة منتظرين منى رد ،،، لو وافقتِ هنسافر خلال شهر ،،، وكل حاجة هناك جاهزة ،، وصدقيني إحنا محتاجين نبعد ،،، حتى علشان ناردين تبعد عن جو الدار ده وعن الولد اللى إسمه عمر ده ،،، لازم تنساه وإلا هتفضل طول عمرها متعلقة بالدار وهتكبر فاكراهم وأظن أن لا أنا ولا إنتِ عايزين ده يحصل .
كان قد إنتهى أثناء حديثه من تبديل ثوبها وتنهد يطالعها وهى تفكر في حديثه ،،، في البداية كان رافضة لتلك الفكرة وانتقالهم واستقرارهم هناك بشكل دائم يقلقها ،، ولكن الآن عليها أن تفكر في الأمر ،،، فيبدو أسبابه مقنعة وتعمد هو ذلك لأنه يدرك أن الصغيرة نقطة ضعفها ، لذا فهي لم تجيبه ولكن بدأت تفكر وتتقبل الأمر .
أسندها وخطى بها للأسفل واستقل سيارته وكذلك ناردين التى ذهبت معهما وانطلقا إلى أقرب مشفى .
❈-❈-❈
لنعود لإيطاليا ولنرى هذا الصبي يغوص في بركة السباحة التى يتدرب فيها على الغطس لمدة ليست قليلة .
فها هو يجلس القرفصاء في قاع المسبح كأنه يجلس على قمة جبل عالية بعد أن وصل آخيراً يستريح .
ولكنه يفعل ذلك التمرين دوماً ، فهو يحبس أنفاسه لثواني في القاع ليمر على عقله كل ما حدث معه خلال تلك الأربعة أعوام ، الوحيدة التى يخبرها آلامه هي المياة ، الوحيدة التى تشهد على ندوبه هي الأعماق ، لذا فإنها الأقرب لديه دوماً .
ليشعر أنه لم يعد قادراً على الصمود وأن رأتيه بحاجة للهواء وإلا انفجرت ، لذا فها هو يضغط بقدميه في القاع ليدفع نفسه ويرتفع سابحاً كالقنديل للأعلى حتى وصل لسطح المسبح يلتقط نفساً طويلاً .
ليقف ميشيل على حافة المسبح يطالعه بفخر وعلى وجه إبتسامة شرٍ راضية وهو يشبك ذراعـ.يه أمام صـ.دره بتعالي قائلاً :
– عملٌ جيد يا فتى ، هيا اخرچ الآن لقد انتهى وقت السباحة وحان وقت الصيد .
ثبت صقر يـ.ديه على حافة المسبح يضغط بهما ليقفز خارجه بمهارة وجـ.سد رياضي ثم تحرك معه بصمت وجمود والماء تتساقط أرضاً تحمل بين تكويناتها آلامه المكنونة .
❈-❈-❈
الأمر أشبه بالحلم ،، لا أنه أشبه بصعودك للفضاء داخل ماكوك فضائي ،،، لترى السماء من حولك .
تشعر بأنك حصلت على مخزونٍ كافٍ من السعادة طوال حياتك .
تنظر لزو جها بذهول ،، هل ما قالته الطبيبة حقيقي ؟ ،، أم تتوهم ؟ ، هي حامل ؟ ،، ولكن كيف حدث ذلك ؟ ، لقد باتت تنظم حياتها على أساس وجود ناردين فقط ، أدركت أن الله لم يشأ لهما الإنجاب ، ولكن دوماً قدرة الله تفاجئنا وتخالف توقعاتنا ، ليأتى لهما هذا الخبر ربما مكافأة على صبرهما ورضاهما ورعايتهما لطفلة يتيمة ، وربما هو إختبار للقادم ، ولكن في كل الأحوال هما في حالة أخرى من السعادة ولنقل أن أكثرهما سعادة هو شفيق تحديداً ، فأخيراً سيحظى بطفلٍ من صلبه .
يطالعها بذهول ودهشة ،، إلى الآن لا يصدق ما سمعه ،،، زوجته حامل بطفلٍ منه ؟ ،، بعدما إستسلما لإستحالة عدم إنجابها ؟
تحدثت الطبيبة بسعادة وهى ترى حالتهما :
– هى أول مرة ولا إيه ؟ ، مش البنوتة القمر دي بنتكوا ؟
نظرا لبعضهما ،، لـ.سانهما معقود والكلمات ضائعة ،، خبر الحمل عُقد لـ.سانهما ولكن عقدة السعادة .
بينما تجلس ناردين تتابع ما يحدث بتعجب ،،، ولكن الشئ الذي إلتقطته بعقلها هو أن والدتها حامل وسيصبح لديها أختٍ أو ربما أخ وهذا الخبر كان كافياً ليجعلها تهلل وتقفز بسعادة فازعة هذان اللذان انتبها للتو على حالهما ليسعدا وليتحرر لـ.سان آسيا أخيراً قائلة بحنو لتخفي تساؤلات الطبيبة :
– أيوة طبعاً بنتي ، بس الحمل جه بعد فترة ، علشان كدة اتفاجئنا .
أومأ شفيق وهو يبتلع لعـ.ابه ليؤكد على كلامها وليقرر داخـ.ل نفسه قبول سفره لإيطاليا ، فإن كان مسبقاً الأمر يتحمل القبول أو الرفض ، الآن بات لا مجال للرفض ، ليذهب بعيداً بطفليه كي يستطيع تربيتهما بالطريقة التى يريدها ويتمناها بعيداً عن مسألة الدار وليغلقها إلى الأبد ، وليستطع هناك نقلها على هويته بسهولة ، فهو لن يسمح إلا بأن تكون علاقة طفليه ببعضهما علاقة أخوية تماماً لا تحمل أي تساؤلات .
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية ثري العشق والقسوة)