روايات

رواية توبة الفصل الأول 1 بقلم شيماء الصيرفي

رواية توبة الفصل الأول 1 بقلم شيماء الصيرفي

رواية توبة الجزء الأول

رواية توبة البارت الأول

توبة
توبة

رواية توبة الحلقة الأولى

_قرآن إيه دا بس يا بنتي اللي في راحة؟
قلت كلماتي بسخريه، بصيتلها وكملت..
_ اسمعي بس الأغنية دي وانتِ تعرفي الراحة.
نهيت كلماتي ردت رميصاء بعصبية شديدة أول مرة أشوفها وقالت…
_ انتِ أكيد اتجننتي، انتِ بتفضلي كلام كله هلس ومعانيها كلها حرام على كلام رب العباد، كلام ربنا اللي نزل من سبع سموات انتِ عارفه يعني إيه قران؟ وهل واعيه باللي بتقوليه؟
بصيتلها بإستهزاء وضحكت وقلت..
_ أه واعيه.
قربت منها وخلعت النقاب اللي لبساه وقلت..
_ انتِ اللي مش واعيه ولا عايشه حياتك، شيلي القرف دا وعيشي سنك بدام منتي دافنه نفسك كده.
_ بس بس انتِ ازاي كده، انتِ بتقولي إيه؟ ربنا يهديكي، ربنا يهديكي يا رب يا جنى، ربنا يهديكي يا رب.
خرجت من الأوضه، وفضلت أضحك عليها وعلى انفعالها اللي ملوش مبرر خالص.
وقفت قدام المرايه أتأكد من شكلي، ميكب مظهر جمال ملامحي، اتأكدت إن شعري ظاهر، أخرت الطرحه شوية، وظبتها بحيث تظهر رقبتي وبالأخص السلاسل اللي واخده حجم رقبتي ومخلياها مثيرة أكتر وشكلها حلو، رشيت بيرفيوم، وبصيت لأخر مره على نفسي ولاقيت شكلي حلو وخرجت.
دخلت من بوابة الجامعة، وأنا شايفه نظرات الإعجاب من كل الشباب ودا خلاني ماشه رافعه راسي وعندي ثقه في نفسي وفي جمالي.
كنت ماشيه وسط معاكسات الشباب ودا كان راضيني وراضي غروري كأنثي، نظراتهم اللي متابعه خطواتي وكلهم مهوسين بشكلي، كل دا كان بيديني ثقه في نفسي أكتر.
دخلت المدرج واتجهت لشلتي، أجمد وأشيك شله في الدفعة، حضنت صحباتي وسلمت على الشباب بإيدي، لاقيت واحد منهم بيقرب يبوسني، بعدت راسي ولاقيت جيجي بتصرخ، فرديت وأنا بضحك وقلت…
_ عادي يا جيجي اتعودت على كده كل شوية يعملها فيا، زين بيهزر مش أكتر.
مر الموقف وكله ضحك في النهاية، بس كان بيأكد جوايا إني أجمل واحدة فيهم؛ لأنه ببساطه مبيعملش دا مع أي واحده غيري.
دخل الدكتور وبدأت المحاضرة طبعًا مكنتش مركزه معاه، وكل تركيزي كان في الشات اللي بيني وبين جاسم، كان عاجبني أوي إلحاحه إني أنزل اقابله، كان راضي غروي، ومش بس كده دا أنا كنت بتقل أكتر وأكتر.
خلص اليوم وقرروا يخرجوا بس لكن أنا اعتذرت، وقررت أروح بدري عشان أجهز نفسي لمقابلة جاسم، كان اليوم زحمة ومصدقت لاقيت مواصلات.
دخلت والمكان الوحيد اللي فاضي كان جمب بنت من دفعتي.
البنت دي من عينة رميصاء أختي، اضطريت اقعد جمبها وعملت نفسي مش شيفاها.
_ اذيك يا جنى أخبارك إيه؟
اتكلمت البنت بود ولطف، رديت عليها وأنا بحاول أمحي الضيق اللي جوايا واتصنع لطف وقلت..
_ بخير الحمدلله.
_ انتِ مش عرفاني أنا تَوبة زميلتك.
كنت أول مرة اسمع اسمها واستنكرته جدًا.
_ اهااا، سوري مختش بالي، فرصة سعيدة.
نهيت كلامي ومسكت الموبيل بحيث تسكت ومتتكلمش.
اتكلمت تاني، فأخدت نفس عميق، وأنا بشتم ومتضايقه من كلامها، مبكرهش في حياتي قد المنتقبات واللي لابسين خمار، ومفكرين نفسهم هما التوب، وهما أغبى مخلوقات.
رديت عليها بضيق واضح وقلتلها…
_ سوري مختش بالي، مركزه في الموبيل.
_ كنت بقولك اظبطي الطرحة، شعرك ظهر بدون متنتبهي.
رديت عليها بسماجه وقلت…
_ لا يا عسل أنا اللي مظهراه.
نهيت كلماتي وابتسمت بسمة كلها سماجه، ردت هي بنبرة فيها حزم وقالت..
_ غطي شعرك حرام كده.
نفخت بضيق وقلت…
_ مش انتِ مغطيه شعرك خلاص كفي نفسك وخليكِ في حالك.
نهيت كلماتي وقومت من مكاني واتجهت لمكان تاني فاضي، قعدت ولسه باخد نفسي لاقيتها جت قعدت جمبي.
_ بعتذر لو طريقتي خلتك تنفري مني، بس من خوفي عليكي، ربنا سبحانه وتعالي قال في سورة الأحزاب
” وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى ” كانت النساء بتظهر رقبتها والجزء اللي تحت الرقبه، وللأسف يبدو أنك غفلتي وبدون وعيك وظهرتي الجزء دا.
كون إن ربنا ينزل في كتابه آيات تخاطب النساء إننا منعملش كده يبقى دا شيء عظيم وحرام، وواجب علينا كمسلمات نتبع أوامر الله سبحانه وتعالي.
نهت كلماتها بصيتلها بضيق وقلت..
_ خلصتي؟
ردت ببراءة وقالت…
_ في حاجة؟!
تجاهلت كلماتها، وقلت للسواق..
_ على جمب يسطا.
وقفت العربيه ونزلت بسرعة، مشيت في الشارع وحاسه بتوهان، جسمي مكموش بخوف، وانفاسي عالية.
كلامها بيتردد جوا دماغي مش راضي يطلع، طلعت earbuds بتاعتي وشغلت اغاني بصوت عالي لعلها توقف الصوت اللي في دماغي.
لكن كلماتها لازلت بتردد وبصوت أعلى من الأغاني.
_ بس بس بقا، هي أول مرة تسمعي الكلام دا، ما رميصاء طول الوقت تقوله، هما غلط انتِ صح انتِ صح انتِ صح.
فضلت أردد لنفسي إني صح، لغاية موصلت البيت، رجعت لاقيت البيت فاضي، اتصلت بـ ماما قالتلي إنها نزلت وبابا مع صحابه ورميصاء في دروسها.
دخلت أجهز لنفسي أكل ودخلت أوضتي، كنت باكل وأنا بسكرول على الانستجرام، ظهرلي فيديو لـ بلوجر خلعت الحجاب.
قفلت الموبيل وشيلت الاكل، غسلت الصحون وأنا بفكر في الفيديو اللي شوفته، رجعت أوضتي ووقفت قدام المرايه، بصيت لشعري وشكلي بدون الحجاب وقد إيه شكلي حلو، كلام البنت في الفيديو ولد جوايا كره للحجاب.
فردت شعري وبدأت أسرحه ومع كل تسريحه بعملها بيخلي شكلي انثوي وأكتر وجذاب أكتر وأكتر، مش فاهمة بجد ليه أحط قماشه على شعري وأخفي بيها كل الجمال دا.
_ مالك سرحانه في إيه؟
قالتها رميصاء أول مدخلت الأوضه، بصيتلها وقلت..
_ هقلع الحجاب.
بصتلي بتعجب وقالت…
_ مش لما تلبسيه صح الأول بعدين تقلعيه!؟
رفعت حاجبي اليمين وقلت…
_ نعم؟! أمال اللي بحط على راسي وأنا ماشيه دا إيه؟
قلعت نقابها وخمارها وقعدت جمبي بهدوء وقالت…
_ الحجاب مش زي مانتِ فاهمه وهو انك تغطي راسك بس. في شروط معينه للحجاب زي المفروض لبسك يبقى فضفاض لا يصف ولا يشف يعني مينفعش البناطيل الضيقه ولا البلوزات اللي في أجزاء منها شفافه ولا تلت دراعك اللي بيظهر دا، والطرحة متبقاش شفافه ومبينه شعرك ولا رقبتك، المفروض تبقى ساتره لغاية منطقة الصدر مغطيه جسمك ومتصفش منه شيء.
نهت كلامها رديت وأنا بضحك وقلت…
_ انتِ هبلة يا رميصاء عوزاني ألبس شوال زيك كده.
ردت بتعجب وقالت…
_ شوال؟
مسكتها من إيدها ووقفنا قدام المرايه وقلتلها…
_ بصي لنفسك بلبسك دا كده، شكلك عامل ازاي؟! دا منظر بنت فيها أي شيء من الأنوثه… بصي بقا ليا ولشكلي، شايفه الأنوثه والجمال والرشاقة.
انتِ بقا عوزاني أكون زيك كدن يبقى أكيد بتحلمي.
نهيت كلامي وقعدت على سريري وسط نظراتها اللي كلها تعجب، ومسكت الموبيل، وبعدين قلت…
_ قريب أوي أوي هشيل للقماشه اللي بحطها على راسي دي.
_ مين دي اللي هتشيل القماشه اللي بتحطها على راسها؟
خرجت الجملة دي من أمي، رديت وقلت…
_ أنا هقلع الحجاب.
ردت ماما بعصبية وقالت…
_ انتِ اتجننتي يا جنى، حجاب إيه اللي تقلعيه، حرام عليكي يا بنتي اللي بتعمله دا، اتقي الله.
_ ملكيش دعوة بيا أنا حره أقلع ألبس أعمل اللي عوزاه.
نهيت كلامي بعصبيه، قربت رميصاء مني ومسكت إيدي وقالت…
_ إهدي يا جنى، انتِ بتكلمي ماما.
ردت ماما بصوت عالي وقالت…
_ هي عامله حساب لحد، يا بنتي حرام عليكي انتِ طالعه لمين محدش فينا كده، بصي لأختك وشوفيها عامله ازاي والكل بيحلف بدينها وأدبها واخلاقها، اتعلمي منها.
_ اختك اختك، محسساني إنها ملاك أنا عمري مهبقى زيها ولا زيكم، عمري مهدفن نفسي زيكم كده.
صرخت في وشهم وقلت…
_ كفاية بقا اطلعوا بره وسيبوني في حالي.
نهيت كلماتي، بصيتلي رميصاء بشفقه وقالت…
_ ربنا يهديكي، هو القادر على هدايتك.
نهت كلماتها واتجهت تخرج، رديت بسخرية وقلت…
_ متنسيش تاخدي أمك والباب في إيدك.
بصيت لأمي ومتكلمتش بس كان ردها قلم جامد نزل على وشي.
_ الغلطه غلطتي أنا، إني اتساهلت معاكي وقلت دي صغيره اسيبها تعيش سنها، بس مكنتش عارفه إنها كبرت وفجرت.
نهت كلماتها وقفلت الباب جامد.
قعدت على الأرض أعيط، ليه بيعملوا معايا كده، ليه عاوزيني ادفن نفسي كده؟ ليه رميصاء ديما أحسن منى، ليه مش شايفيني حلوة، رغم إني أحلى من رميصاء في حاجات كتيرة شكلي واستيلي وكلامي، بس ديما شايفين رميصاء وبس.
الكلام عند ماما موقفش وعرفت بابا، وأقسم إني مش هطلع من البيت غير لما أرجع عن اللي في دماغي، ومكتفاش بكده، قال إنه غلط لما قال يبسبني أغير من لبسي عن اقتناع.
مش قادرة اتخيل إن قلبه اتملى قسوة لدرجة إنه يلم كل البناطيل بتاعتي ويقطعها قدام عيني.
كنت مفكره إن لغاية هنا وخلاص، بس لأ يقرر جاسم إنه يتصل بيا وبابا شاف الموبيل وعرف إني بكلم ولاد، ولو كان اللي عمله بابا دا حاجة فكل دا ميجيش حاجة في اللي عمله بعد مشاف الاتصال.
مسك الموبيل وكسره، قالي كلام صعب أوي، وجعني لدرجة اني حسيته نزل عليا زي الكرباج .
خرج وسابني أعيط، كنت حاسه إني اتكسرت، فكرة إن الكل ضدك وكلهم بيكرهوك دي صعبة أوي. دي كانت أول ليلة أتأكد فيها إني مكروهه ورميصاء هي البنت المفضله وأنا الوحشه.
_ جنى.
قلتها لما دخلت الأوضه، رفعت راسها، كانت عيونها حمرا من كتر البكا.
ردت بعنف وقالت…
_ عاوزة إيه؟
رديت بحنان وقلت…
_ جايه أطمن عليكي.
رديت بتهكم وقالت…
_هه تطميني؟ دا مفيش حد في سعادتك دلوقتي، أظن مبسوطة بعد اللي حصل.
رديت عليها بحزن ممزوج بتعجب وقلت…
_ مبسوطة؟ هتبسط بحزن وكسرة اختي!
_ أه طبعًا منتي وصلتي للي عوزاه أثبتي إني الوحشه قليلة الادب وانتِ البنت المؤدبة المطيعه حبيبة ماما وبابا.
_ حرام عليكي أحسني الظن، انتِ اللي نصيبك من الستر خلص، عشان كده بابا عرف.
انتِ عارفه كويس اني عمري مكنت هقول لماما وبابا على حاجة، دي مش أول مرة تتكلمي معايا بستخفاف بأمر يخص دينك، بس من سوء حظك إن ماما سمعتك.
قطعت كلامي وقالت….
_ أه أه اقلبي الترابيزة عليا منا عرفاكي.
رديت بتعجب وقلت…
_ ترابيزة إيه اللي اقلبها، انتِ هتعملي الغلط وتعلقيه على شماعه غيرك، كان ممكن الموضوع يعدي لو كنتي رديتي بأدب على ماما، لكن انتِ نسيتي انها أمك، ونسيتي إن كلامك وأسلوبك دا عقوق ليها، كل اللي حصل نتيجة أفعالك.
_ انتِ جايه ليها هااا، جايه تشمتي فيا بعد اللي بابا عمله صح، اطلعي برة، انا بكرهك بكرهك.
نزلت كلماتها على ودني بمثابة صاعقه، قفلت الباب وخرجت، كنت عامله زي الإنسان الآلي قعدت على أقرب كرسي.
كنت حاسه انها مبتحبنيش، بس عمري متخيلت إنها بتكرهني، معقول أختي بتكرهني، طب ليه أنا عملت إيه عشان تكرهني، معقول تكون بتكرهني لمجرد إني بنصحها وعاوزة حالها ينصلح وتبعد عن اللي هي فيه.
قررت أبعد عن الأفكار اللي جت في دماغي بـ إني أصلي ركعتين بنية القيام، ديما كنت أسمع المعلمة بتاعتي بتتكلم عنه وقد إيه بيخلينا مليانين راحه وسكينه.
اتوضيت وبدأت الصلاة، في كل سجده كنت بدعي فيها لجنى ربنا يهديها ويصلح حالها، هو القادر على كل شيء.
داعيت ربنا يحبب قلبها في الدين زي محبب سيدنا عمر بن الخطاب وشرح قلبه للإسلام بعد كره.
نزلت إيدي وأنا بفتكر قصة إسلامه لما المعلمه حكتلينا عليها، كنت مستغربه ازاي شخص قلبه مليان بكل الكره دا للإسلام يبقى هو عمر العظيم اللي بنقرأ في سيرته ونتعجب من قوة إيمانه.
المعلمة كانت بتقول إنه كان كاره الإسلام لدرجة إنه أخد سيفه ورايح يقتل النبي صلى الله عليه وسلم، وفي طريقه قابل شخص اسمه نعيم بن عبد الله لما شافه في إيده السيف سأله….
_ أين تريد يا عمر ؟
رد سيدنا عمر وقال…
_أريد محمدا الذي فرق أمر قريش وعاب دينها فأقتله.
رد نعيم وقال….
_ والله لقد غرتك نفسك، أترى بني عبد مناف تاركيك تمشي على الأرض وقد قتلت محمدا؟ أفلا ترجع إلى أهلك فتقيم أمرهم؟
رد سيدنا عمر بتعجب وقال…
_ وأي أهلي ؟
رد نعيم وقال …
_ ختنك وابن عمتك وابن عمك سعيد بن زيد وأختك فاطمة، فقد أسلما .
كانت رده مثابة صدمه على سيدنا عمر ازاي أخته تسلم، فغير وجهته لـ بيت اخته، في الوقت دا كان خباب بن الأرت يقرئهما القرآن، ولما سمعوا صوت سيدنا عمر سكتوا، وأخذت فاطمة الصحيفة وحطيتها تحت فخذيها، بس سيدنا عمر كان سمع قراءة خباب، فلما دخل قال..
_ ما هذه الهينمة ؟
يعني إيه الهمهمة دي
فقالا : ما سمعت شيئا ؟
أكد عمر وقال : بلى ، قد أخبرت أنكما تابعتما محمدا.
مكنش الكلام باللسان بس وتطور وبدأ عمر يضرب زوج أخته سعيد بن زيد، قامت اخته تفض بينهم فضربها وهنا اتكلمت اخته وقالت….
_ قد أسلمنا وآمنا بالله ورسوله، فاصنع ما شئت .
ولما رأى عمر دم نزل من اخته أثر ضربته ندم وقال…
_ أعطني هذه الصحيفة التي سمعتكم تقرأون فيها الآن، حتى أنظر إلى ما جاء به محمد .
فردت أخته وقالت…
_إنا نخشاك عليها.
فحلف أنه يعيدها، فقالت له وقد طمعت في إسلامه
_ إنك نجس على شرك، ولا يمسها إلا المطهرون.
فقام فاغتسل، وأعطته الصحيفة وقرأها.
المعلمة قالت إن الصحفية دي كانت سورة طه ولما قرأ سيدنا عمر بعضها قال …
_ ما أحسن هذا الكلام وأكرمه!
فلما سمع خباب خرج وقال …
_ يا عمر إني والله لأرجو أن يكون الله قد خصك بدعوة نبيه، فإني سمعته أمس وهو يقول : اللهم أيد الإسلام بعمر بن الخطاب أو بأبي الحكم بن هشام ، فالله الله يا عمر !
فقال عمر …
_ فدلني يا خباب على محمد حتى آتيه فأسلم .
فدله الخباب وراح بسيفه لسيدنا محمد، بس مكنش رايح يقتله زي البداية بل كان رايح عشان يسلم ويؤمن بما أنزل من عند الله.
بعد متذكرت كل تفاصيل القصة، اتولد جوايا يقين عظيم بالله بإنه هيهدي جنى زي مهدى سيدنا عمر وفضلت أدعي كتير بكده.
علاقتي بجنى خلال الفترة دي كانت سطحية قررت أبعد عنها شوية لغاية متبقى أحسن، بس طول الفترة دي كنت بدعيلها.
كنت قرأت عن الصدقة وإنك لو اتصدقت بنية شيء معين بتحصل، فكنت ديما اتصدق بنيه هداية جنى ورجوعها لدينها وصوابها.
_ رميصاء، رميصاء.
انتبهت لصوت زميلتي في الحلقة، بصيتلها فقالت..
_ المعلمة بتناديكي.
قومت من مكاني واتجهت للمعلمة وبدأت اسمع الورد بتاعي، لخبط كتير في الحفظ فقررت المعلمة تديني إعادة ويعتبر أول مرة تحصل معايا، وأنا قايمه المعلمة طلبت مني انتظرها لغاية متخلص.
خلصت وأخدت جمب وقعدت بعيد عن الكل، كنت حاسه بدوشه في دماغي، ومش قادره أسيطر عليها، بفكر في جنى وحالها، قلبي وجعني عليها وهي مانعه الأكل ومفكره إنها كده بتضغط على ماما وبابا ومتعرفش انها بتأذي نفسها وبابا وماما مش هيتراجعوا عن قرارهم.
_ اذيك يا رميصاء.
اعتدلت في جلستي وقلت…
_ في نعمة بفضل الله.
_ عارفه كويس إنك حريصه كل الحرص على حفظك، وكونك أهملتي يبقى دا معناه في حاجة غلط، وباين من فراسه وجهك إن في أمر عظيم شاغل بالك.
نهت كلامها واتوترت، حاولت اداري توتري وقلت…
_ لا مفيش حاجة، ضغط المذاكره مش أكتر، إن شاء الله مش هتتكرر تاني.
مسكت إيدي بحنان وقالت…
_ حبيبتي كلامي مش عشان حفظك عارفه إن طالبتي ممتازة وحريصه على حفظ كتاب ربنا، بس عاوزة أعرف إيه اللي شاغل بالك لدرجادي؛ لأن باين إنها حاجة كبيرة، لعل أقدر أساعدك.
حسيت إني محتاجة اتكلم وأحكي مع حد، بس مينفعش أبدًا أحكي عن صفات أختي وأذم فيها وحد ياخد عنها فكرة غلط.
مع إلحاح المعلمة وحاجتي إني أطلب النصيحة قررت احكيلها لكن بدون مـ أوضح علاقتي إيه بالبنت اللي بحكي عنها.
_ يعني دلوقتي البنت دي حاطه عليكي اللوم كله، ومش عاوزة تتغير صح؟
هزيت دماغي وقلت..
_ أه، وللأسف أنا تعبت معاها كل اللي بقيت أعمله إني أدعيلها بس.
_ هي أكبر ولا أصغر منك؟
_ أكبر.
سكت شوية وقالت…
_ بصي يا رميصاء، السبب الأول في وصولها للمرحلة دي هي الصحبة؛ لأن مفيش حد بيبقى ماشي في خط مستقيم وينحرف لأتجاه أخر إلا لو كان في عامل قوي زي صحبة السوء، واللي ساعد على الإنحراف دا أكتر هو صمت الأهل عن الأفعال دي.
حاولت أبرر وقلت…
_ لا لا الأهل لأ، انا أعرفهم كويس وأعرف اخواتها وهما غيرها خالص.
_ بصي لإيدك كده، هل صوابعك زي بعضها؟
هزيت دماغي بلأ فكملت كلامها وقالت…
_ اللي مرت بيه الإبنة الأولي غير اللي مرت بيه الإبنه التانية، كل واحد فيهم ليه شخصيه وظروف بيمر بيها بتأثر فيه، مش معنى إن حد فيهم متأثرش بصحبة السوء يبقى الكل مش هيتأثر ومينفعش أعتمد على دا.
كان واجب على الأهل وبالأخص الأم تقرب من بنتها في سن المراهقة وتعلق من بدري على التصرفات اللي بتصدر منها وتعالجها.
الابن في المرحلة دي سهل إننا نرده لطريق المستقيم لأن إنحرفه بيبقى إنحراف بسيط، لكن مجيش بَعد
مـ بِعد عنه بكتير وارجعه، طبيعي هياخد رد الفعل العنيف دا، ويمكن أكتر كمان، وأكيد البنت دي شايفه إن أهلها بيكرهوها وهي الإبنه المنبوذه.
نهت المعلمة كلامها فتكلمت وقلت…
_ الموضوع بقا معقد وبقيت حاسه إني ضعيفة ومش قادرة اساعدها.
_ ازاي يا رميصاء تقولي كده، المفروض تبقي قدوتك السيدة الرميصاء وتبقى قوية زيها.
_ مين السيدة الرميصاء؟
اتعجبت المعلمة من سؤال فقالت..
_ هو انتِ مش متسميه على اسمها؟
_ لأ، والدتي سمتني على اسم صديقة ليها جزائرية، ممكن تحكيلي عن السيدة الرميصاء وإيه قصتها.
ابتسمت المعلمة وقالت…
_ الرميصاء دا لقبها أما اسمها هو أم سليم بنت ملحان، تزوجت من مالك بن النضير وانجبت منه ابنها أنس واللي كان خادم النبي( صلى الله عليه وسلم)
كانت من أوائل الناس اللي أسلموا من المدينة، أسلمت في الفترة قبل هجرة الرسول وقت لما كانت الدعوة سرية.
لما عرف زوجها بأسلامها حاول إنه يردها لكن معرفش لذلك هجرها وبعد فترة توفى زوجها وهو كافر.
كانت قوية جدًا لما جاء لها ابو طلحة زيد بن سهل الأنصاري وطلبها لـ الزواج وفقت قدامه بكل قوة وقالت…
_أما إني فيك لراغبة، وما مثلك يرد، ولكنك رجل كافر، وأنا امرأة مسلمة، فإن تسلم فذاك مهري، لا أسألُك غيره.
وبالفعل أسلم أبو طلحة واتزوجها ومسألتهوش على أي مهر غير إسلامه.
كان ليها ابن مريض والابن دا كان أبو طلحة بيحبه أوي متعلق بيه بعد فترة من مرضه توفى وكان أبو طلحة مش موجود، قالت لناس محدش يقوله على خبر وفاة ابنه، ولما رجع كانت متزنيه ليه وعملتله أطيب الطعام وقضوا يومهم كالعادة وهيأته للخبر وكانت هي اللي بتصبره على فراق ابنهم .
كانت قوية جدًا وبتخرج مع الرسول صلى الله عليه وسلم في غزواته، كانت بتداوي الجرحى، وبتعالج المرضى، وفي غزوة حنين خرجت مع الرسول صلى الله عليه وسلم بخنجرها.
شوفي امرأه قوية ازاي كل همها هو دينها ونصرة دينها. وانتِ كمان يا رميصاء لازم تبقى قوية زيها وتبقي سبب في هداية البنت دي زي مالسيدة الرميصاء كانت سبب في هداية ودخول أبو طلحة الإسلام.
أخر حاجة هقولهالك وأهم نصيحة ليكي وهي، راعي أسلوبك وانتِ بتنصحي البنت دي وراعي إنها أكبر منك، فممكن يكون دا سبب اللي بيخليها مش عاوزة تسمعلك.
انهت المعلمة كلامها ومشيت، قررت إني اتبع نصيحتها واعمل بيها في كل صغيرة وكبيرة، غيرت أسلوبي مع جنى اكتشفت إني كنت غلط وكنت بعطيها المعلومة بشكل أمر ولاني الأصغر فدا كان بيخليها تنفر أكتر وأكتر، خصوصًا إن في كل كلامي كنت بفضل أقولها ربنا يهديكي ودا كان بيضايقها أكتر وأكتر.
بدأت جنى تتأثر وتتغير لكن كانت بتخفي كل التغيرات دي مكنتش فاهمة ليه، بس كنت فرحانه إنها بدأت تتغير، كنت بدعيلها كتير ربنا يهديها لـ الصلاة، كل مرة كنت اكلمها في النقطة دي كانت تنفر وتضايق مني، ويمكن كانت تتعامل زي الأول، لذلك قررت أخلي الصلاة خطوة مستقبلية شوية، ودا بسبب إن قلبها كان مليان سواد والشيطان مسيطر عليها.
بدأت امتحانات جنى وهنا كان حصار بابا ليها انتهى ونزلت، كانت المرة الأولى اللي أشوف جنى أختى لابسه فستان وساتره نفسها، رغم انها كانت مجبره عليه ولو ملبستش كده مكنتش هتنزل لكن كنت سعيدة إنها ساتره نفسها.
خرجت من باب الشقة وأنا حاسه إن قلبي طاير من الفرحة، كنت حاسه بـ إحساس الطير اللي بياخد حريته بعد سنين حبسه.
وصلت الجامعة كانت أغلب النظرات هي نظرات تعجب، الكل مستغرب لبسي ووشي الخالي من أي ميكاب.
أول مدخلت الكلية قابلت شلتي اللي اتعجبوا من تغيري واختفائي، محبتش أحكي أي أسباب وقلت إني كنت تعبانه وموبيلي باظ لذلك معرفتش اتواصل معاهم، وعلى غير العادة مشيت وهربت من قدامهم.
دورت على مكان هادي أقعد فيه أراجع قبل الإمتحان، أخدت جانب وقعدت لوحدي وشوية وسمعت صوت سمعته قبل كده، رفعت راسي وكانت توبة البنت اللي سبق وقابلتها.
_ متتخيليش قلبي فرحان بيكي ازاي، اللهم بارك اللهم بارك.
استغربت فرحتها وقلت…
_ مالك يا بنتي إيه الأوفر دا؟
_ مش أوفر ولا حاجة، فرحانه إن دعائي ليكي استجاب، وشوفتك بلبس ساتر، كنتي بتيجي على بالي وأنا بصلي وكنت بدعيلك بالستر والهداية.
اتعجبت من كلماتها وحسيت بقشعره بسيطه في جسمي.
_ اشمعنى؟!
_ صدقيني لو قولتلك معرفش، كنتي ديما تيجي في بالي لما أدعي فكنت أدعيلك، رغم إن كلامك معايا كان قاسي شوية بس أنا مأختش على كلامك، وعملت زي
مـ الرسول صلى الله عليه وسلم وقابلت السيئة بالحسنة وداعيتلك بالهداية، وسبحان من استجاب ليا.
نهت كلامها وحضنتني، وبعدين قالت…
_ لازم نتقابل بعد الإمتحان تمام.
خلصت كلماتها ومشيت من قدامي، وسابتني في تعجبي، رغم إني شخص قلبه جامد شوية بس أول مره قلبي يبقى لين كده وأحس إني اتأثرت.
خرجت من الإمتحان ونزلت انتظرها تحت، كنت مستغربه نفسي، مش مصدقة إن كان ممكن في يوم انتظر بنت زي تَوبة أو أفضل إني أمشي معاها.
خرجت ولاقيت ابتسامة كبيرة على وشها وبدأنا نمشي سوا.
_ احرصى على اللي انتِ فيه دا حتى النهاية.
_ نهاية إيه؟
_ الموت، كل يوم بنقرب من الموت خطوة والنهاية بتقرب مننا خطوة.
كشرت في وشها وقلت…
_ يا شيخه فال الله ولا فالك، موت إيه دا إحنا لسه ٢٠ سنة.
_ الموت ملوش كبير ولا صغير يا جنى، عشان كده لازم تبقي مستعده؛ لأن النهاية قربت أوي أوي، والموت خلاص على المشارف.
نهت كلامها، وظهرت سيارة من العدم وخبطتها، وفي ثانية لاقيت تَوبة مرمية على الأرض.
كنت في حالة من الصدمة بحاول استوعب، قربت منها بسرعة وقلت…
_ تَوبة تَوبة، ردي عليا عشان خاطري.
كانت مبتسمه بسعادة كبيرة وقالت…
_ خـ خلا خلاص النـ النهـ النهاية جت.
بصت لـ للسما وعيونها كلها فرحه وشها كله مبتسم وقالت…
_ أشهد إن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله.
قالت الشهادة وسكنت تمامًا وفضلت عيونها مفتوحه، فضلت أصرخ وأعيط مش مصدقة اللي حصل، فضل أهز فيها وانادي عليها بصوت عالي، بس خلاص جت النهاية وماتت تَوبة.
اتلم الأمن وجت الشرطة وأنا كنت ماسكه فيها ومش عاوزهم ياخدوها، كنت بصرخ وأعيط بهستيريا.
فتحت عيوني وأنا بصرخ
_ النهاية قربت وتوبة ماتت، النهاية قربت وتوبة ماتت.
أخدتني ماما في حضنها وحضنتني جامد وفضلت تهدي فيا، سندت راسي على صدرها وفضلت أعيط.
_ توبة ماتت يا ماما توبة ماتت.
طبطبت عليا وقالت…
_ ادعيلها يا حبيبتي ادعيلها، هي محتاجة منك الدعاء دلوقتي.
رفعت راسي وبصيت لـ ماما وقلت…
_ قاتلي النهاية قربت، والموت ملوش كبير، وماتت هي.
ردت ماما هي بتمسحلي دموعي وقالت…
_ ربنا يرحمها يا حبيبتي.
_ ملك الموت كان جمبي يا أمي، كان ممكن أكون أنا اللي موت، تخيلي لو كنت أنا.
نهيت كلامي مسكتني أمي من كتافي وقالت…
_ احمدي ربنا بقا إنه اداكي فرصة تانية، استغلي الفرصة دي صح وارجعي لطريق الصواب.
نهت ماما كلامها وخرجت من الأوضه، ضميت رجلي لصدري وحاوطهم بدرعاتي وأنا بفكر في اللي حصل، هو لو كنت أنا اللي مكان تَوبة كان حالي هيبقى إيه، غمضت عيوني مشوفتش غير نار من كل اتجاة، فتحت عيوني بسرعة من الخوف كان نفسي عالى ومش قادرة أسيطر على نفسي.
_ جنى بقيتي أحسن؟
رديت بلهفة وقلت..

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية توبة)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى