رواية تمرد عاشق الجزء الثاني الفصل السادس والثلاثون 36 بقلم سيلا وليد
رواية تمرد عاشق الجزء الثاني البارت السادس والثلاثون
رواية تمرد عاشق الجزء الثاني الجزء السادس والثلاثون
رواية تمرد عاشق الجزء الثاني الحلقة السادسة والثلاثون
بعد حديث ريان مع مرام وعودة عمر بعدما وجد صور ابنته..
جلس عمر يضع رأسه بين كفيه مطأطأ.. اتجه ريان وجلس بجواره
– عمر هتتحل إن شاءلله.. متشلش هم ربك موجود
رفع نظره لريان كرجل كبُر عمره عمراً فوق عمره وتحدث
– أنا قصرت في إيه ياريان عشان اتفضح الفضحية دي.. ليه يحصل معايا كدا
تدخلت نغم بحديثها
– مش تقصير ياعمر.. كل واحد له نصيب كويس ووحش من الدنيا دي.. متعترضش على حاجة
رفع بصره وأردف بتهكم
– نصيب إيه اللي يخلي بنت توطي راس ابوها بالشكل دا.. ياما حذرتها وكانت تقولي انت دقة قديمة يابابي.. متعرفش إن ابوها قعد نص عمره في بلد الانفلات وعمره ماعمل الغلط
ربت ريان على ظهره وتحدث بهدوء لأمتصاص غضبه
– هتنحل إن شاء الله ياعمر متشلش هم
شعر بوخز قوي بقلبه وتحدث بألماً
– إزاي والولد اللي عمل كدا موتوه.. يعني دول قاصدين يدمروا البنت
بدأ يعنف نفسه وأكمل
– أنا السبب لو كنت اتخدت موقف من أول غلط معاها مع بيجاد مكنتش وصلت للانفلات دا
أشفق ريان عليه فالأمر صعب ومؤلم فتحدث
– إحنا ممكن نلم الموضوع دا بجوزاها من بيجاد والموضوع ينتهي
جحظت أعين نغم فأردفت سريعا
– أنت بتقول إيه ياريان.. أنت عارف ابنك ممكن يعمل إيه… دا هيولع الدنيا نار.. دا بيدور زي المجنون على مراته ولو موضوع تاليا دا ميخصش شرف العيلة كان مستحيل يتدخل.. سحبت نفسا تنظر لعمر
– أنا آسفة ياعمر بس بيجاد مش هيوافق دا إبني وأكتر واحدة عارفة ممكن يعمل إيه.. بيجاد مش هيوافق
رمقها ريان بنظرة تحذيرية.. فصمتت وهي تهز رأسها.. أغمض عمره عيناه متألما وتحدث
– لا ملوش لزوم ياريان.. مش هو كتب عليها قبل كدا.. مالوش لزوم الفرح.. ونغم عندها حق.. بيجاد كتر خيره
التفت إليه ريان وتحدث بإبانة:
– مينفعش لازم من الفرح.. ولو على بيجاد هحاول أفهمه الموضوع.. وكدا كدا الحياة بينه وبين غنى مش مستقرة
توقفت نغم وتحدثت بهدوء
– ريان غنى سابت بيجاد لما تاليا ظهرت
ابتلع عمر ريقه وحاول التنفس يمسح على عنقه ثم توقف
– لا.. كفاية كتب الكتاب اللي حصل.. انا مش متحمل أوجع قلب حد.. كفاية اللي حصل لحد كدا..
خرج كالتائه المشتت لا يشعر بشيئا.. فك رابطة عنقه عندما شعر بأختناق تنفسه.. جلس بسيارته وانزلقت عبراته
– ليه يابنتي.. ليه تعملي فينا كدا.. رفع رأسه للسماء ودعا بلسان ثقيل
– يارب.. يارب اجرني بمصيبتي.. ثم استقل سيارته متجها لمنزله
عند جاسر
وصل شرم بعد إتصال باسم وقص له ماصار..
دلف لغرفتها وجدها تغفو على فراشها.. لا حول لها ولا قوة . لقد خسرت الكثير من الوزن
جلس بجوارها يمسد على خصلاتها وهمس كي تفتح فيروزتها التي أشتاقها كثيرا
– فيروزتي افتحي عيونك.. أنا جيت
رمشت جفونها عندما استمعت لصوته.. وجدته بهيئته التي خطفت قلبها.. همهمت بصوتا يكاد يُسمع
-” جاسر”… ابتسم يرفع كفيها يقبله
– عيون جاسر وروحه
اطبقت على جفنيها فتساقطت عبراتها
– ليه؟ ليه تعمل فيّا كدا؟.. ليه تطلعني سابع سما وتنزل بيا لسابع أرض؟
قالتها بصوتا متقطع
جلس بجوارها على الفراش ممسكا كفيها الصغير يضمه بين كفيه وتحدث
– الموضوع مش زي ماانتِ فاهمة.. جنى بنت عمي صهيب فيه مشكلة كبيرة بينها وبين جواد فحبينا نلعب بيه شوية
اغمضت عيناها ومازالت على وضعها لم تبد أي ردة فعل على حديثه
– تفتكر هصدقك ياجاسر.. هصدق إن مشاعرك ليا حقيقية وإنت قولت قبل كدا.. لو يرجع بيك الزمن عمرك ماتفكر في واحدة زي.. ويوم ماتحب تحب واحدة زيك.. نسب يشرفك.. اصلي طلعت من عيلة واطية
أطرق رأسه للأسفل عندما تذكر حديثه القاسي إليها
ضغطت على كفيه بسبب عدم قدرتها على الحركة فرفع نظره إليها وأكملت
– مش زعلانة منك حتى لو كنت بتمثل عليا عشان تنتقم مش زعلانة منك.. ربنا يسعدك مع اللي تقدرك وتحافظ عليك
تقابلت نظراتهما بعتاب ثم تحدث
– إنتِ شايفة كدا يافيروز
رفعت بصرها ونظرت إليه بقلب مفطور ملئ بالثقوب من حياة كُتبت عليها
– عشان بحبك لازم أشوف كدا.. اللي بيحب بيسعد حبيبه وأنا
وضع كفيه على شفتيه ثم اقترب ينظر لفيروزتها وتحدث بصوتا غاضب
– واللي بيحب حد بيحارب عشان ميخسرش حبيبه.. اللي بيحب بيدافع عن حبه مش بيتنازل عليه.. جنى بنت عمي واختي وصديقتي وطلبت مني عيوني مش هتأخر
دنى منها حتى اختلطت انفاسهما وارتفع صدره من اقترابه لأول مرة منها لهذا الحد وأكمل
– أما إنتِ حبيبتي وروحي وكل حاجة ولوطلبتي عمري وقلبي مش هتأخر.. دا آخر كلام.. وياله خفي بسرعة عشان وقت ماتقدري توقفي على رجليكي هنتجوز على طول.. مش هقولك غير
-“الحب أن تتخلى عن حياتك لتسعد حبيبك
الحب ياحبيبتي أن تغار كثير وتغفر أكثر
اقترب يمسد على خصلاتها الشقراء وأكمل وهو ينظر لفيروزتها
الحب هو أن الحبيب يستوطن القلب ويحتل كيانك زي مافيروزتي عملت فيا كدا… ابتسم ثم اقترب وهمس
الحب اولاً ثم العالم من بعده”
ابتسمت إليه وأكملت
“الحب تضحية ولو طلبت مني أضحي بعمري عشان اسعدك مش هتأخر ابداً”
عند ياسين بكليته
جلس تحت شجرة بعد إنتهائه من تدريباته فأمسك هاتفه وابتسم بخفوت عندما تذكر مجنونته
– عاملة إيه ياليليان؟
كانت تجلس أمام كليتها تنتظر صديقتها فأجابته بصوتاً حزين:
– الحمدلله ياحضرة الضابط.. لسة فاكر
سحب نفسا طويلا ثم طرده بهدوء فتحدث
– غصب عني والله.. تدريبات الحربية دي مهلكة أوي
ابتسمت وتحدثت ببراءة
– يعني مش هشوفك الأسبوع دا كمان.. ياسين والله وحشتني
اغمض عيناه يستمتع بكلماته التي آذابت تعب تدريبه طوال اليوم فهمس إليها
– وإنتِ كمان واحشة ياسين أوي.. هحاول أقابلك يوم الخميس حتى لو نص ساعة
– قول والله.. ولا هتعمل زي كل مرة وماتجيش
تهلل ابتهاجا وحبورا عندما شعر بسعادتها واشتياقها له.. فأردف بصوت رجولي جذاب
– لا هاجي عشان خلاص مش قادر ووحشتيني أوي
اهتز جسدها ودقات بريئة.. حيث كلماته القلية جذبتها لعالم مختلف وجديد عليها
وضعت يديها على نبضها الذي تحول لمعزوفة عندما أكمل
– بفكر اعمل حادثة عشان تعالجيني وأكون قريب منك
– بعد الشر عليك.. اجي لك على عيوني بس من غير تعب
رجع بجسده للخلف وهو ينظر لشمس المساء التي غطتها بالغروب مع الخيوط الحمراء.. ابتسم عندما تخيل صورتها بسماء عشقه التي سحرته بكلماتها الرقيقة
فحولته من شخص لا يعرف سوى القتال في ساحة المعركة إلى شخص يقتال من أجل نبض قلبه بأسمها
– “ليليان”همس بها ياسين فأكمل حديثه
غيرتي أستيل لبسك.. ولا لسه اللبس اللي هيدخلك نار جهنم دا
بهدوء ظاهري أجابته:
– مش اتكلمنا في الموضوع دا ياياسين وقولت إنه حرية شخصية.. رجعت ليه تكلمني فيه
صاح بغضب مردفا
– عشان تهميني.. عايز ادخل بيكِ الجنة
سكنت لبرهة ثم تحدثت
– هحاول ياياسين
” وعد” قالها ياسين بإبتسامة
– وعد ياياسين
صمت برهة قبل أن يقول
– كدا إستنيني يوم الخميس إن شاءلله
تهللت كالطفلة وهزت رأسها ببراءة التي لم تختبر الحياة قلبها النقي فقالت
– هقعد أحسب لليوم دا من دلوقتى..
حاول إخفاء ابتسامته قدر المستطاع ولكن صغيرته اخرجته عن شعوره فضحك بصوته ورمم جراحها من بعده فقال
– وأنا كمان هعد الدقايق واللحظات
قالها ثم أغلق هاتفه وهو يتنهد فيبدو أن العشق اخترق صدره ليصل لقلبه دون إستئذان
❈-❈-❈
عند سنا بشركة والدها
طرق على الباب عدة طرقات.. رفعت رأسها من جهازها ونظرت لذلك الذي قطع تركيزها… توقفت سريعا عندما وجدته يقف أمامها
– ادخل ولا مشغولة
ابتسمت تمد يديها إليه
– ولو كنت مشغولة أفضى لدكتورنا طبعا
دلف يجلس بمقابلتها
– كنت عند عمو سيف فقولت أعدي عليكِ واسلم ولو فاضية نتغدى مع بعض
مطت شفتيها تنظر لجهازها ثم شردت للحظات ونهضت تجمع أشيائها
– ليه لا.. نتغدى.. أشارت بسبابتها وتحدثت:
– بس من الأول تعزمني على سمك لأنه وحشني جدا.. من يوم مااتخنقت أنا وعز ويعتبر ماأكلتوش
رفع كفيها يرجع خصلاته بغضب ثم تحدث
– هو لسة فيه عز ولا إيه.. مش قولتي هتحاولي تتأقلمي على حياتك ولا دا كان كلام تسكني بيه روحك
بلعت ريقها وأستدارت إليه
– لا” ياعلي” فهمت غلط.. عز هيفضل ابن عمي وبس.. هو خلاص أسس لحياته وأنا مش سيئة أوي كدا عشان اهدها.. وبعدين مراته بنت عمي كمان
تنهدت ثم اقتربت منه ونظرت إليه
– كدا هتخليني أندم إني حكت لك واعتبرتك صديقي.. بلاش نظرتك دي ليا متحسسنيش إني رخيصة أوي كدا.. غلطت عارفة لكن فوقت وحاولت أصلح غلطي
اومأ برأسه متفهما ثم نهض وتحدث
– خلاص ياسنا إنسي دا مجرد كلام مش أكتر
هزت رأسها متفهمة ولكن شعرت بالحزن الذي امتلك قلبها عندما وجدت نظرته الحزينة
عند بيجاد وغنى بعد عدة أيام
نثرت الشمس أشعتها الذهبية.. لتسلل لجوفنه وتضرب عيناه
فتح جفونه بتثاقل عندما استمع لرنين هاتفه الذي يضعه بوضع الصامت
واغلقه حتى لا يزعج زوجته
كانت تضع رأسها على صدره وتحاوط جسده بذراعيها.. رفع أنامله يتخللها بين خصيلاتها واقترب يستنشقها مغمض العين
ثم ضمها لصدره بقوة يمسد عليها بحنان
ابتسم بخفوت ينظر لبرائتها وهي مغمضة العينان.. حدث حاله
– ملاك نايم بس لما تقوم قطة شرسة
ظل يسبح بنظراته ويرسمها بعينيه.. حتى فتحت جفونها تنظر إليه
– صباح الخير حبيبي
دنى يلتقط قبلته الصباحية
– إسمها صباح الحب ياقلبي مش الخير
ابتسمت وشاكسته تتملس بصدره وتستنشق رائحته بجنون
– إسمها صباح العشق مش الحب
قام بإعتدال جسدها حتى أصبحت عيناها بمقابلتها فهمس:
– ربنا يصبرني الكام شهر دول عشان معملش منك كفتة بطعم الحب
وضعت رأسها بصدره تلكمه بكفيه
– بطل قلة ادب يابيجاد على الصبح.. انت سمعت الدكتورة قالت إيه
رفع ذقنها وغمز إليها
– فاكر قالت ايه وحفظتهم كلهم
رفعت حاجبها بسخرية..
– قالت إيه ياحبيبي
اقترب يهمس أمام شفتيها حتى لامسها وأكمل
– انحرف اربع مرات وخليك قليل ادب سبع مرات في اليوم
دفعته بكفيه عندما التقط قبلة اخرى
– نسيت حاجة كمان ياحبيبي
نظر إليها ينتظر حديثها
– وقالت بلهم واشرب ميتهم عشان ميجيلكش برد
قطب جبينه وتسائل
– إيه دول؟
تبسمت بتهكم ورفعت أصابعها تعد له
– الانحراف وقلة الادب ولسانك المسحوب منك
قاطعهم رنين الهاتف مرة أخرى
جذب هاتفه ووزع نظراته بين هاتفه وبينها فتحدث بسخرية
– حمايا بيحلم بيا ولا إيه.. وضعت رأسها على كتفه وتحدثت بحزن
– بيجاد تفتكر إن ابننا هيجي بالسلامة ولا
وضع إصبعه على شفتيها وأجابها
– متفكريش في كدا.. المهم اعملي اللي الدكتورة قالت عليه ولو ربنا رايد يجي هيجي.. غير كدا مالناش في ليه دي ياغنى
رفع وجهها يضمه بين راحتيه وأردف
– غنى أهم حاجة إنتِ عندي.. ووقت ماربنا يمنّ علينا بنعمة الأطفال فإحنا راضين بكل المكتوب.. فكري بس في صحتك وحاولي تعملي اللي عليكِ وبس
حاوطته بذراعيها تضع رأسها على صدره ثم تحدثت
– بيجاد شكلي بتوحم على ريحتك.. معرفش ليه عايزة اشمك كل شوية
جحظت عيناه وهو يدقق النظر بملامحها الخجولة من حديثها الذي ألقته دون وعي منها.. ولا تعلم ماذا فعلت به.. نزلت بنظرها للأسفل وتوردت وجنتيها عندما رفع ذقنها يتأمل ملامحها
– ناوية تعملي فيا إيه ياحبيبي
وضعت رأسها بصدره
بس بقى أنا معرفش قولت كدا إزاي..بقول يمكن
رفع ذقنها مرة أخرى وظل يرسمها بعيناه
ابتسم على إحمرار وجنتيها..
– بتبص كدا ليه.. متكسفنيش
إحساس عميق وشعور إجتاح كيانه.. جعله كمالك للعالم بأسره…
– لو قولتلك مستعد ادفع عمري كله عشان ضمه منك وابتسامة تنور طريقي كدا
بأنفاسا سريعة.. ونبضات عنيفة.. رفعت بصرها لعيناه ثم ابتسمت
– بحبك أوي فوق ماتتخيل.. لو ينفع تدفني بين ضلوعك عشان مبعدش عنك أنا موافقة
لحظة توقف الزمن وثبت دوران الأرض تحت قدميه ولم يستمع سوى دقاته التي تقاذفت بين ضلوعه.. رفعها بين ذراعيه يضمها بقوة و يدفن وجهه بعنقها
– وأنا بعشق حتى أنفاسك.. استلقى على الفراش وجذبها للتوسد صدره وشعوره بالسعادة يغمره
حاوط جسدها بذراعيه
– غنى مش عايز انحرم من حضنك أبدا.. لو زعلتِ مني في يوم من الأيام.. عاتبيني اغضبي اعملِ كل حاجة إنك تبعدي عن حضني ياحبيبي
رفعت رأسها تنظر لعيناه
– إن شاء الله حبيبي مفيش زعل بينا.. ثم رجعت بجسدها تضع رأسها على صدره ثم وضعت يديها على أحشائها
– نفسي اجيب منك عيال أوي يابيجاد.. راضية بأي حاجة المهم يكون فيه رابط قوي بينا
اعتدل يتكأ على مرفقيه ينظر لرماديتها:
– مفيش رابط أقوى من الحب وقلوبنا اللي بتنبض بيه
نظرت إليه مستفهمة
– تقصد إن الولاد مش رابط قوي يبين الحب دا
هز رأسه بالنفي فأكمل حديثه:
– يفيد بإيه الولاد ومفيش حب بينا.. ممكن وقتها هيكونوا لعنة حبيبتي
اتسعت ابتسامته وأكمل
– انما لو الحب كبير ممكن يضيع حرمان الولاد.. الولاد بدون حب بيدمروا بس القلوب بالحب بتعيش
رفعت كفيها تمسد على خديه
– بس لو الحب والأطفال بتكون السعادة أكتر..
اغمض عيناه لو ربنا أنعم علينا بيها.. يبقى الحمد لله لكن منزعلش لو ربنا مأردش
رجعت لصدره تستنشق رائحته كالمدمن الذي يتجرع جرعته.. رفع كفيه يمسد على خصلاتها حتى ذهبت بسبات عميق وشعور السعادة يطفو على وجهها.. قبل شفتيها قبلة سطحية ثم اعدل من وضعية نومها ودثرها بالغطاء متجها للأسفل ليشرف على تحضير إفطارها
بعد قليل وصل ريان ونغم إليه
جلس ريان بجواره يتناول قهوته
يعني غنى كانت في الشالية.. اومأ برأسه
ثم زفر ونظر لوالده
– في البداية كفرتك ورا الموضوع.. لكن هي قالت لي محبتش تسيب إسكندرية.
ربتت نغم على ظهره
– المهم هي كويسة دلوقتي.. فرحت لكو اوي ياحبيبي.. ومتزعلش ربنا يعوض عليكم بالولد التاني ويجي بالسلامة
اتخذ ريان نفساً طويلا يشحن رئتيه.. ثم اتجه لأبنه
– بيجاد ليه مقولتليش على موضوع ماسة
بدا على وجهه الأنزعاج ثم رفع بصره لوالده
– عمتو رفضت.. وبعدين لقيت الموضوع هينحل وخلاص
هز ريان رأسه بالنفي فأكمل
– بس الموضوع اتعقد يابيجاد.. الكلبة جاكلين هي اللي زقت الولد على ماسة وعملوا صور وكانوا بيهددوها بيها ورغم كدا البنت رفضت تتعامل معاهم
قوس فمه ورفع نظره لريان ثم توجه لوالدته
– ممكن تجيب من الأخر يابابا.. حضرتك عارف مراتي لوحدها فوق ومينفعش اسبها كتير.. دا لو عايز حفيدك يجي بالسلامة
مسح ريان على وجهه وارجع خصلاته للخلف بغضب ثم تحدث
-أنا عارف يابابا دايما باجي عليك.. وعارف كمان إن عمتك وجوزها في موقف لا يحسد عليه
ظل بيجاد مثبت نظره على والده منتظر حديثه الذي فهمه فأكمل ريان
– ممكن تتكلم مع غنى وتستاذنها إنك توثق زواجك بماسة بحفلة بسيطة عشان سمعة البنت.. هي ساعة واحدة عايزك تكون موجود
وضع فنجان قهوته ونصب عوده واقفا ينظر لوالدته
– شكل الحج ريان شارب حاجة على الصبح ومتقل ولا إيه ياحجة نغم
أشار على باب منزله.. لما تشرب قهوتك ياحج متنساش تقفل الباب وراك.. دا أيه الجنان اللي على الصبح ياربي..
مسح على وجهه بعنف ثم استرسل
– عارف هتقول انا مش محترم عشان بكلمك بالطريقة دي..لكن لحد كدا وكتيير اوي يابابا
– ولد اتجننت إزاي تتكلم معايا كدا.. أنا بحاول اخد رايك.. وكمان بقولك شوف مراتك
تسمر بمكانه واتجه بنظرات نارية إليه ثم اقترب إليه
– بجد يابابا.. حضرتك واعي لكلامك.. يعني مثلا لو حد جه طلب منك تروح تكتب على واحدة وتعمل فرح لدقايق بس.. هترضى بكدا إنك تكسر قلب نغمتك
جحظت اعين ريان.. واتجه بنظره لنغم التي ذهبت بنظرها للبعيد
وقف بيجاد وتحدث بصوت حزين
– تعرف أنا مستغربك جدا.. يعني موضوع تاليا وقولت من حقي على امي وأختي.. ومردتش اعرف مراتي عشان مااقهرهاش واوجع قلبها..
استدار ينظر لوالده وأستطرد بهدوء رغم ضجيج قلبه وانهياره
– انا مستحيل اكون سبب في دموع مراتي بأي شكل.. مستحيل اوجع قلبها حتى لو لحظات مش دقايق
سحب كم هائل من الهواء عندما شعر بغصة كبيرة منعت تنفسه وأكمل مستطردا بآهة خرجت من جوفه:
– أنا لسة فاقد ولد من يومين يابابا بسبب استهتار امنك.. خليتهم يدخلوا واحدة.. معرفش إزاي ريان صاحب الامبراطورية دي كلها حتة عيلة قدرت تضحك عليه ودخلت بيته.. وللأسف دفعني تمن غلطه
دار حوله كالمجنون وصاح بغضب
– ودلوقتي جي وعايز اتحمل فشل تربية واحدة عديمة أخلاق.. قدر واحد بكل بساطة يستدرجها وياخد شرفها
ليه مفيش غير الزفت بيجاد اللي موجود في العيلة ولا إيه.. عرفت إني غلطت لكن دفعت غلطي.. بمرض مراتي وفقدان ابني وبعد مراتي عندي.. لكن مش مستعد ادفع غلط العيلة كلها … فوق ياباشمهندس… متحاولش تفهمني إنك عارف تحكم إمبراطورية إقتصادية بحجم إمبراطورية المنشاوي.. ومش قادر تحكم بيتك.. ولو حد نطق قدامي بعد كدا بحاجة زي كدا… أقسم بالله لاخد مراتي ومحدش يعرف طريقي.. أنا سكت إحتراما لحضرتك
إستمع لخطواتها على الدرج رفع بصره إليها.. وهوى قلبه بين قدميه خوفا من إنها استمعت لحديث والده.. انتفض ذعرا ثم
هرول إليها وتحدث بتقطع
– ليه كدا ياغنى مش قولنا بلاش نزول من السلم.. ماانزلتيش في الاصانسير ليه
هزت رأسها رافضة ونظرت مبتسمة لريان ونغم
امسكت بكفيه تحثه على الوصول إلى ريان ونغم
– عمو ريان وحشتيني أوي.. اقترب ريان منها يضمها بحنان أبوي
– حبيبة عمو عاملة إيه.. مبروك ياحبيبتي عقبال لما تحتضنيه
ابتسم بألم يحاول يخفيه.. ثم نظر لبطنها
– ياله حافظي على نفسك كويس عشان سفيان يجي بالسلامة.. أنما هو اخباره إيه
وضعت يديها على أحشائها وابتسمت
– سفيان خلاص ولد مش يمكن بنت..وعلى العموم سفيان ياسيدي شكله زعلان مننا أوي ومش عايز يجي.. اقتربت من نغم التي انسدلت عبراتها بعدما وجدت حالتها الموجعة
– ايه ياغنون.. ليه كدا يابنتي.. خسيتي اوي
رفعت بصرها لبيجاد وشاكسته
-قولي لابنك اللي دايما بيزعلني..
ساد الصمت للحظات فالتوى زواية فم بيجاد بسخرية
– معلش ياقلبي إبن ريان المنشاوي نصيبك بقى
اطلقت ضحكة من فمها وهي تنظر لريان
– وماله بقى عمو ريان انت اللي مستفز على فكرة وبتزعلني على طول
اختلج صدره ضربات عنيفة تصدر من قلبه فرفع نظره لوالده وأستطرد بيقين
– فداكِ بيجاد ياقلب بيجاد.. وعد مني من النهاردة ابعد أي حزن عن عنيكي الحلوين دول حتى لو كلفني عمري وحياتي كلها.. قالها وهو ينظر لوالده بجمود
اقترب يحاوط خصرها.. تعالي عشان ترتاحي.. امسكت نغم يديها وجذبتها
– تعالي جنبي شوية حبيبتي.. سبها يابيجاد
عايزة اطمن عليها وعلى البيبي
– أنا كويسة ياطنط.. والحمدلله بدأت في التالت أهو يعني الشهر دا يعدي على خير ونرتاح
أحس بأنقباض شديد في قلبه يكاد يمزقه من الألم.. عندما وجدها تجلس بجوار والدته وهي تضع يديها على أحشائها تتألم
جثى على ركبتيه أمامها
– حاسة بإيه.. أجبلك الدكتور
هزت رأسها رافضة
– لا ياحبيبي أنا كويسة.. يمكن عشان نزلت السلم لكن أنا كويسة جدا
مسدت نغم على خديها وتسائلت
– نفسك في حاجه معينة أعملها تاكليها.. يعني نفسك تاكلي إيه
اتسعت ابتسامة بيجاد عندما تذكر حديثها
– “بيجاد شكلي بتوحم على ريحتك”
غمز لغنى وأردف
– ماتقولي لماما ياغنون بتتوحمي على إيه
توردت وجنتيها عندما فهمت مغذى حديثه
ابتسم ريان لمعالم السعادة الموجودة عليهما.. ثم توقف ينظر لنغم
– نغم ياله عندي اجتماع يادوب اوصلك واغير وأنزل
نهضت غنى تنظر لريان
– ليه ياعمو ريان اقعدوا افطروا معانا
اقترب يقبل جبينها واجابها
– لا ياحبيبتي إحنا فطرنا من بدري.. وعندي شغل مهم.. المهم خلي بالك من نفسك..وبلاش نزول السلم دا..لو عايزة نغم تيجي تقعد معاكِ معنديش مانع.. والولد بيجاد لو زعلك عرفيني بس
استند بيجاد على الحائط خلفه وأردف متهكما
– ولا مافيه حد بيزعلها غير جيتك لبيتنا.. ياريت متكررش تاني ياريو باشا.. ويبقى لم الفاشلين اللي حواليك وربيهم
لكزته غنى تنظر إليه بغضب
– إيه اللي بتقوله دا.. اتجهت لريان
– متزعلش منه.. هو ساعات بيقول كلام بهزار.. بس هزار بايخ
تقابلت نظرات بيجاد لأبيه بحزن وتحدث
– معلش حبيبتي ماهو بابايا ولازم يتحمل هزاري البايخ
اتجه بنظره لوالدته وأكمل
– لا ونغم هانم كمان شكل هزار ابنها مش عاجبها.. يمكن هزار ريان المنشاوي بس اللي محبوب
اتجه ريان إليه وضم لحضنه
– آسف متزعلش مني.. أنا كنت بحاول الأقي حل مش أكتر.. ربنا يسعدك ياحبيبي.. أهم حاجة عندي سعادتكم يابيجاد.. هز بيجاد رأسه متفهما
❈-❈-❈
اقتربت نغم منه وهمست عندما وجدت غنى متحركة للخارج خلف ريان
– أنا مكنتش موافقة وبرافو عليك.. عجبتني والله ياحبيبي
ربت على كتفها واجاب بيقين
– ماما أنا اخدت الموضوع النهاردة بهزار.. لكن لو بابا اتكلم في اي حاجة تزعلني بعد كدا مش هسكت لا ماسة ولا مليون زيها يساووا دمعة من عيون مراتي.. بدل عامل مصلح اجتماعي وخايف على اخته خليه يجوزها لمالك ولا حمزة.. إنما بيجاد دا مش الحيطة الواطية اللي يتحمل اخطاء العيلة كلها
ضيقت عيناها وتسائلت
– ليه هو كان بيقولك إيه دلوقتي
حاوطها بذراعيه وأجابها
-مقلش حاجة غير انه بيتمنى السعادة.. لكن سكوته دا مخوفني.. اوعي ياماما بابا يكون ناوي يحطني قدام الأمر الواقع.. والله وقتها ماهيهمني حتى ريان المنشاوي بنفسه
ربتت على ظهره وأجابته بتأكيد
– لا متخفش هو بيحب مرام وعمر آه بس مش أكتر منك ياحبيبي
بفيلا جواد الألفي
استيقظ على رنين هاتفه.. نظر للتي تغط بسبات عميق
مساء بالقاهرة بجناح عز
دلف لغرفته ابتسم تلقائيا عندما وقعت عيناه على زوجته التي تتألق في ردائها الأنيق الذي عبارة عن فستان باللون الأسود ذو حملات رفيعة.. يصل لكاحلها.. بقصة مثلثة الشكل من الخلف والأمام.. يظهر من خلالها جمالها الأنثوي.. ويفتح من الجانبين من الركبة للأسفل..
اقتربت تخطو إليه بخطواتها المتمهلة بكعبها الذي كأنه يخطو على قلبه فتنتفض دقاته.. أغمض عيناه يحاول أن يتنفس
بعدما سلبت أنفاسه صغيرته.. وصلت تقف أمامه بجمالها الباهي الذي خطف لب قلبه وجعل صدره يعلو ويهبط بطريقة عشوائية
تقابلت نظراتهما فهمس إليها
– إيه الجمال دا.. لا كدا ناوية على موتي
رفعت ذراعيها تحاوط عنقه.. ثم شبت واقتنصت قبلة من خاصتيه مردفة بإبتسامة
– “كل سنة وإنت معايا ياعزي.. هابي بيرز داي حبيبي”
أسبل جفنيه يحاول الثبات بقدر المستطاع حتى لا يرهقهها من عشقه الذي طغى عليه فاردف ببحته الرجولية
– روبي هو النهاردة إيه.. قصدك إيه؟
حاوطت جسده تضع رأسها بحضنه ثم همست إليه:
– زي النهاردة اتولد أجمل راجل شافته عيوني.. رفعت رأسها ومازالت بأحضانه
– زي النهاردة عزي أنا نور الدنيا عشان يمتلكني
حاوطها بنظراته يحاول إستيعاب جمال كلماتها فلم يجد من الكلمات مايكفي لأسعاد قلبه سوى إلى أن يرفعها من خصرها وينعم بكرزيتها لتعزف له أحلى النغمات على قلوبهما
فصل قبّلته بعدما سُلبت أنفاسهما سويا.. رفع بصره للغرفة المزينة ونقش اسمه بالقلوب الحمراء على فراشهما.. والورود المنثورة بأرضية الجناح بأكمله
حاوطها متحركا للمائدة التي تتوسط الغرفة يوضع عليها بعض المأكولات التي يعشقها مع الموسيقى الهادئة والأضاءة الخافتة
مشط نظره على الغرفة بأكملها.. ثم إتجه إليها
– روبي إنتِ اللي عملتي دا حبيبي.. هزت رأسها ونظرت بإبتسامتها الرقيقة وتحدثت قائلة
– من وقت ماحبيتك وأتمنيت اعملك كدا في يوم عيد ميلادك حبيبي.. حتى بعد كل عيد ميلاد كنت بدخل أوضتي واحاول اعمل احتفال خاص بيا ليك بس..
سحبته من كفيه وجلست على الأريكة وأجلسته بجوارها
– شوف الصور دي كلها بتاعة عيد ميلادك.. كنت بجمعها كلها وبعد كل عيد ميلاد اعلقها عندي في الأوضة كأننا بنحتفل مع بعض
اعتدل يتكأ بظهره على الأريكة.. عندما فقد السيطرة على نفسه تماما بعد حديثها الذي جعله فاقد النطق والحركة
رفعت كفيها على خديه عندما وجدت صمته وتحدثت بحزن
– عز إنت مش فرحان عشان عملت لك مفاجأة وحبيت أول إحتفال بعد جوازنا نكون لوحدنا
أغمض عيناه عندما شعر بملمس كفيها الناعم على وجهه فهمس
– كتير أوي عليا اللي بتعمليه دا ياروبي.. فتح عيناه ينظر لردماديتها وأكمل ومازال على وضعه
– أنا عملت إيه حلو في حياتي عشان ربنا يرزقني بأجمل واحدة على الكرة الأرضية
ارتجفت شفتيها بعدما تساقطت دموعها عندما وجدته صمته ظنا إنه حزين لأحتفالهما بمفردهما وابتسمت
– ليه بتقول كدا.. إنت أحسن راجل شافته عيوني… وتستاهل أكتر من كدا
اعتدل يرفعها بين ذراعيه.. وأجلسها على قدميه
– إنتِ قد إللي عملتيه النهاردة دا.. عارفة نتيجته إيه
وضعت رأسها على صدره
– أنا بحبك اوي ياعز ونفسي أسعدك.. رفعت رأسها تنظر لمقلتيه وأستطردت بأنفاسا متقطعة:
– معرفش ليه خايفة حاجة تحصل تبعدنا عن بعض عشان كدا.. كل دقيقة بحاول أعيشها معاك في سعادة
عصرها بأحضانه وقطع حديثها بقبلة شغوفة ثم تحدث
– متقوليش كدا.. طول ماأنا عايش هخليكي أسعد واحدة في الدنيا. ربنا يقدرني وأعرف أسعدك ياروح عز
عند أوس وياسمينا
على سطح اليخت في ليل من إحدى ليالي الخريف المتقلب.. كان يتسطح على سطح اليخت متخذا ساقيها وسادته.. يستمع لموسيقى غربية هادئة
تحدثت ياسمينا وهي تطعمه من حب الرمان الذي بجاورها فاردفت بإبتسامة
– وبعدين معاك كل مرة كدا.. لكمته بخفة على ذراعه
– قوم كل لواحدك بقى
نظر إليها من فوق وهو يضع رأسه على ساقيها
– أعمل إيه بس.. ماهي صوابعك مسكرة ياروحي.. رفعته بكفيها
– طيب قوم يامسكر.. كل لوحدك.. إنت عارف كم مرة عضتني في صوابعي
اعتدل في جلسته يميل بجسده مستندا بمرفقيه للأمام قاطبا حاجبيه ثم مد كفيه إليها:
– وريني كدا حبيبي وجعتك العضة
رفعت كفيها ببراءة إليه
فرفعها لفمه يقبل كل إصبع على حدا ثم ضم كفيها وقام بعضه مره اخرى
صرخت وهي تلكمه بكفيها بكتفه
– والله إنت رخم ياأوس.. ينفع كدا
جذبها لأحضانه وهو يقهقه عليها
– حبيبي البرئ.. بتسمعي كلامي ياهبلة
لكزته بكتفه مرة أخرى فتحدثت
– انا فعلا غبية عشان صدقتك
رفع ذقنها بعد وصلة ضحكاته فتحدث
– خلاص آسف حبيبي بجد.. المهم مقولتيش عجبك الفستان ولا لا
ملست على خديه
– حلو أوي أوي مكنتش أعرف إنه هيكون بالحلاوة دي
شعر ببعض الحرارة تتسرب لجسده لأقترابها منه بهذا الحد فأغمض عيناه بتوتر ثم فتحهما ينظر لارتطام الأمواج
– مش الفستان الحلو ياياسو.. اتجه مرة آخرى ينظر لزيتونتها وأكمل:
– إنتِ اللي محلياه ياحبيبي
وضعت رأسها على كتفه وتسائلت
– تفتكر فرحنا هيكون حلو زي بيجاد وعمر كدا..أنا خايفة ومرعوبة أوي
حاوطها بذراعيه
– هيكون أحسن فرح لأجمل عروسة
❈-❈-❈
بفيلا جواد الألفي
استيقظ على رنين هاتفه.. نظر للتي تغط بسبات عميق ثم أجاب على هاتفه
– أيوة ياصهيب
على الجانب الآخر تحدث صهيب بصوتا مكسور حزين:
– جواد جنى مش موجودة.. مشيت وسايبة رسالة محدش يدور عليها
ارجع جواد خصلاته المتناثرة على جبينه ثم تنهد واجابه:
– نازلك ياصهيب
اتجه لزوجته التي استيقظت على صوت زوجها فتحدثت بصوتا متحشرج من اثر النوم
– جواد صباح الخير حبيبي
أمال بجسده يقطف قبلة سريعة
– صباح الحب ياعيون حبيبك.. ارجع خصلاتها المتمردة على وجهها ليظهر ملاكه أمام عيناه بإستفاضة ثم اتكأ على مرفقيه يقترب منها
– عاملة إيه النهاردة ياغزالتي.. قالها وهو يمسد على خصيلاتها
اعتدلت وهي تتألم ثم أغمضت عيناها بإرهاق
– أحسن الحمد لله
هز رأسه رافضا حديثها
– وشك أصفر خالص ياغزل ومش عجباني.. اوعي تكوني حامل ودا اللي عامل فيكي كدا حبيبي
وضعت رأسها على كتفه وتحدثت بحزن
-وأنا كمان خايفة أوي ياجواد أكون حامل.. بس دي أعراض الحمل كلها.. ربنا يستر
قبّل جبينها وتحدث:
– هشوف صهيب ولازم نروح للدكتورة وضعك دا ميتسكتش عليه بقولك أهو.. أشار بسباته وتحدث
– مش عايز أسمع ولا كلمة.. واللي ربنا باعته مستحيل أعترض على رزق من ربنا
اعتدلت تنظر إليه بذهول
– أكيد بتهزر مش كدا.. إنت هتبقى جد بعد كام شهر عارف معناه إيه وبعدين متنساش ولادك دلوقتي دا جاسر عنده اربعة وعشرين سنة يعني بدل ماانشيل ولاده هو اللي يشيل
نهض من فراشه وهو يتحدث
– صباحك فل ياقلبي.. بلاش ازعلك على الصبح وبعدين مش دا اللي كنتِ دايما تتخانقي معايا عليه.. ومش عايزة أكون وحيدة ياجواد.. لازم اجيب ولاد كتير عشان ولادي ميحرموش زي ماأنا اتحرمت
زفر بحزن عندما وجد دموعها
– طيب بتعيطي ليه دلوقتي.. نطمن عليكِ ياقلبي الأول وبعد كدا نتخانق.. شكلنا هنتخانق كتير.. عشان عارف ومتأكد إنك حامل… قالها وهو يغمز إليها ثم تحرك للمرحاض
جلست تستند خلفها على الفراش
– يارب مكونش حامل.. يارب متحطش في موقف قدام ولادي مش كويس
خرج جواد بعد دقائق وجدها بتلك الحالة
أقترب وجلس أمامها ثم امسك كفيها
– زوزو مش عايزك تفكري في حاجة غير نفسك وبس.. أهم حاجة عندي صحتك.. بلا ولاد ولا زفت.. صمت قاطبا حاجبيه ثم سألها
– وبعدين هو ينفع الست تخلف بعد الخمسة وأربعين إزاي صح
القته بالوسادة وهي تسبه
– أمشي ياجواد كله منك.. إنت السبب.. خرج وهو يقهقه عليها ثم ارجع بجسده ينظر إليها من على باب الغرفة
– متخلنيش أرجعلك ياغزالتي وأعرفك إزاي أنا السبب
ضحكت وهي تضرب كفيها ببعضهما
– طيب دا اقوله إيه على الصبح
رفع حاجبه بسخريه وأجابها
– تقوليله يتربوا في عزك ياأبو جاسر وعقبال البطن الجاية
ظلت تقهقه على دعابة زوجها.. أرسل إليها قبلة عبر الهواء ثم ابتسم وتحدث
– مش عايز غير الضحكة دي تنور وشك ياحبيبي.. دايما اضحكي ياغزل.. مش عايز أشوف دموعك إلا لو مت.. حتى لو مت عايزك تكوني سعيدة
هبت واقفة وهرولت إليه تلقي نفسها بأحضانه كطفلة تلتقي بوالدها بعد غياب لعدد من السنوات.. اقتربت تدفن جسدها بالكامل داخل أحضانه
– إياك تقول كدا تاني.. إنت ابوي حبيبي وجوزي وأخويا وابني.. إنت كل حاجة ليا.. ليه عايز تحرمني من دا كله
حاوطها بذراعيه وتحدث بصوتا متحشرج
– عشان دا قدر ولازم يتكتب علينا كلنا.. هو بس ميعاده مأذنش يازوزو
جواااد صرخت بها وهي تلكمه بصدره
– حرام عليك قلب غزالتك توجعها على الصبح ليه.. رفعها من خصرها
– بعد الشر على غزالتي وقلبها.. أنا بحاول أعرف غزالتي إننا بخير ليه زعلانة لو حصل حمل دعي المخلوق للخالق ياقلب جواد متفكريش في حاجة… وأجهزي لفرح أوس وجاسر ياام جاسر ثم
قبل جبينها ثم هبط للأسفل
نزل جواد وجد جواد حازم يدور ذهابا وإيابا.. توقف ينظر لجواد الذي وصل أمامهما
وجد صهيب جالسا واضعا رأسه بين كفيه.. رفع رأسه ينظر لجواد ودموعه محجرة بعيناه ثم تسائل
-فين جاسر ياجواد؟ جنى مش موجودة
تحرك جواد يقف أمامه:
– يعني إيه مش موجوده مش فاهم.. أكيد بتهزر مش كدا
مسح على وجهه بغضب يكاد يقتلع جلده فتحدث
– جواد إيه اللي مش مفهوم في كلامي.. بقولك بنتي مش موجودة وابنك مش موجود
جلس جواد ثم صاح بصوته على العاملة
– أعملي لي قهوة يامنى لو سمحتِ وجهزي فطار لدكتورة هي وياسين
أومأت العاملة برأسها وخرجت متجهة للمطبخ.. قطب صهيب مابين حاجبيه وصاح بصوتا غاضب:
– أنا بقولك بنتي مختفية وأنا هموت من القلق عليها… وإنت خايف على قهوتك وفطار غزل
زفر جواد بغضب ثم رفع بصره لصهيب
– عشان فضلت تخنق في البنت ياصهيب حاولت افهمك إن كدا غلط بس شوف وصلتها لأيه.. ثم رمق جواد حازم بعينيه وأردف
– وحضرة الظابط بدل مايحاول يطمنها ويقولها مش عايزك تخافي ويحسسها بالأمان جاي عمال يقولها إزاي تعملي فيا كدا وتوافقي على جاسر
نهض من مكانه ونظر إليهما بغضب ثم تحدث
– مستنين منها إيه ياصهيب.. هي جنى شافت إيه من الدنيا عشان كلنا نقسى عليها بالشكل دا
سحب كما من الهواء وطرده على عدة مرات ثم أردف:
– خليها بعيد شوية خليها ترتب لحياتها صح.. وزي ماانتوا شايفين بعد كلامها مع جاسر الأخير إنها مستحيل تخسّره حبيبته ورفضته.. يبقى مستني منها إيه ولا عايزها تستنى عشان تفرض عليها واحد كمان بالغصب
نظر لجواد وأردف بجمود
– أنا مش قولت لك لو بتحبها أثبت لها.. عملت أيه.. دار جواد واجابه
– ولا حاجة ياجواد للأسف.. لو مش أثبت إنك بتحبها يبقى متستهلش.. ودلوقتي بقولك انك متستهلهاش.. سيب البنت في حالها خليها تعرف تلملم نفسها..
اتجه لصهيب وربت على كتفه وأستطرد
– هي قالت عايزة تفضل بعيدة شوية.. متخفش بنتك متربية عشان تهرب ياصهيب.. هي جاتلي وأستأذنت وأنا وافقت وادتلها الحرية.. إيه أنا مش مكفيك
تحرك للخارج ثم توقف
– عندنا فرحين بعد أسبوع.. متنسوش داخلين على الشهر الفضيل.. وأنا عايز أفرح بولادي مش فاضي ادور على جنى.. فلو جواد دور عليها معنديش مانع.. يمكن لو لاقها وقتها نعرف نقنعها بيه
❈-❈-❈
بعد قليل توجهت غزل إلى نهى بعدما علمت بما صار لجنى
دلفت تنظر لتلك التي تبكي وتنظر لهاتفها كل لحظة.. جلست بجوارها تربت على ظهرها
– هترجع يانهى صدقيني والله هترجع
القت نفسها بأحضانها تبكي
“بنتي وحشتني أوي ياغزل.. ليه تعمل فيا كدا”
وصل عز ينظر لوالدته وصاح بصراخ
– كدا بابا مرتاح.. يعني مبسوطين كدا.. مبسوطين خليتوا البنت تهج ومحدش يعرف مكانها
ظل يدور كالمجنون وهو يحاول الأتصال بها وكالعادة الهاتف الذي تحاول الأتصال به ربما يكون مغلقا
ألقى الهاتف بقوة بالحائط حتى تهشم وهو يصرخ
-اعمل إيه دلوقتي قولوا لي أعمل أيه
تنهد يمسح على وجهه يحاول السيطرة على أعصابه
– ياترى روحتي فين ياجنى.. وليه تكسريني كدا.. تحركت غزل تقف تربت على كتفيه
– عز حبيبي ممكن تهدى.. تلاقيها راحت في مكان ترتاح فيه شوية
ابتلع غصة وخزت جوفه بأشواك حادة.. ثم أشار على صدره وأردف
– أهدى إزاي ياطنط ودا حاسس إنشي فيه بركان ومش قادر اسيطر على اعصابي.. وأنا مش عارف أختي فين
جذبته ربى على الأريكة
– عز إهدى عشان نعرف نفكر هي ممكن تروح فين.. وبعدين هدوء بابا دا مش غريب شوية
بعد قليل
دلف جواد لمكتبه وهو يزفر بغضب..
واستدعى الضابط المسؤل عن الأجهزة الألكترونية
وضع أمامه رقم الهاتف وتحدث
– خلال ربع ساعة عايز أعرف مكان التليفون دا فين
أومأ الضابط برأسه وخرج.. وبعد دقائق معدودة اتجه إليه
– مزرعة على طريق القاهرة اسماعلية الصحروي
نهض سريعا متجها لسيارته فأردف
– ابعت لي اللوكيشن
استمع لرنين هاتفه.. رفع الهاتف ينظر إليه.. وقام بالرد سريعا
– أيوة ياخالو.. خلاص خمس دقايق وأكون عندها .. أنا عرفت مكانها.. ايوة طبعا مزرعتك ياخالو.. بس إزاي مخفتش عليها
تحدث جواد
– بدل عرفت مكانها روح هاتها وبلاش صهيب يعرف.. عايز افوقه شوية.. عز شوية وهيلحقك.. صمت لبرهة وأكمل
– جواد دي فرصة تصلح أخطاءك.. لازم تقنع جنى
هز رأسه موافقا واجابه
– وعد ياخالو.. أنا اصلا مش محتاج غير فرصة أصلح فيها أغلاطي .. شكرا ياخالو ربنا يخليك ليا
حمحم جواد وتحدث
– كلم إنت عز وفهمه إنك اللي عرفت مكانها لوحدك
ضحك جواد وأجاب خاله
– طيب ماهو أنا اللي عرفته لوحدي.. شكرا ياحضرة اللوا على خدعة التليفون ابو شبكة دا.. عارف ومتأكد دا تخطيطك
قهقه جواد بصوتا مرتفع
– لا ذكي ياخبيتها.. ياله عايز اشوف ولاد الألفي كلهم بكرة مولعين الفرح
– عُلم يافندم.. قالها جواد ثم أغلق الهاتف ويكاد قلبه يقفز من الفرحة.. نظر لنفسه بالمرآة وتحدث مع نفسه
– مهلا حبيبتي فأني قادم إليكِ بقلبا يحرقه الشوق ويعانده الجفاء
قاد سيارته بسرعة جنونية وقلبه يكاد يتوقف من قفزاته فرحا كمعزوفة موسيقية
اتجه يتصل بعز
عز عرفت مكان جنى ورايحلها.. وكلمت خالو جواد.. ابتسم واستطرد
– خالو جواد كان عارف مكانها.. وخلال ساعة هتكون عندك متخافش عليها.. وعد مني ارجعها والابتسامة منورة وشها.. لو سمحت ياعز عايزك تثق فيا
كان يقف أمام حمام السباحة بجواره جواد وربى
– تمام ياجواد.. هستنى اختي ترجع ووشها يرجع ينور زي زمان
بعد إغلاقه نظر لجواد
تهكم جواد وهو يرفع حاجبه بسخريه لعز
– ارتحت ياخويا.. يارب تتحط كدا بدل ماانت عامل فيها فرقع لوز
اقترب عز يقهقه على كلمات عمه.. فجلس على ذراع مقعده وهو يداعب خصلات جواد
– أسد ياعمو جواد.. حد يشكك بقدراتك برضو يانمس
رمقه جواد بسخرية فرفع حاجبه وتحدث
– من شوية كنت عامل فيها دراكولا.. واختي وابويا وامي.. ايه يلآ دا صدقتك شوية كنا هناخدك تلف على مسلسلات رمضان كلها
قهقهت ربى على حديث والدها وهي تداعب زوجها بضحكة طفوليه تتراقص بحاجبها
رمقها بنظرة تحذريه
– بطلي ضحك ياربى إيه فرحانة ياختي.. ابوكِ دا مفتري آه وحياة النعمة
مشط جواد المكان بعينيه ثم نظر لربى
– مامي فين حبيبتي.. هي مكنتش معاكي من شوية… أشارت ربى للحديقة الخلفية
– قالت هروح أجيب ورد من اللي بيجاد كان زرعه عشان تحطه في جناحهم قبل مايجوا
هب مهرولا يبحث عنها
– مامي تعبانة وقولت لك متخلهاش لوحدها ينفع كدا… قالها جواد بصياح مهرولا يبحث عنها
تصنم بوقفته عندما وجدها ملقية على الأعشاب ومغشيا عليها.. أسرع جواد يصيح على ربى التي هرولت بدموعها لوالدها الذي لأول مرة يرفع صوته عليها
جحظت عيناها عندما وجدت والدتها فاقدة الوعي كجثة هامدة
❈-❈-❈
بمنزل المزرعة
وصل جواد سريعا متجها للمنزل.. وجد عاملا يحرص البوابة الرئيسية وبجواره ابنة تبلغ من العمر عشر سنوات وزوجته
أسرع إليهما واردف بصوتا متقطع من كثرة ركضه بعدما ترجل من سيارته
– فين جنى أنا ابن عمتها وخطيبها
نظر لزوجته ثم رجع لجواد
– اسمك ايه
مسح جواد على وجهه وهو يصيح بصوته على جنى بإسمها
-” جنننننننى”ثم هرول للداخل.. حاولت زوجة الرجل إيقافه ولكن أشار إليها
– خليه دا اللي باشا قال عليه.. ماهو مش معقول حد غريب هيدخل الدخلة دي… وعلى العموم هنعرف لما يوصل للست جنى
وصل للغرفة المنشودة بعد بحثه بكل الغرف
قبضة قوية اعتصرت قلبه وهو يرى شحوب ملامح وجهها وحزن عيونها.. كانت تجلس بالشرفة تسبح بشرودها بالسماء
أقترب بهدوء يطالعها للحظات ثم رفع كفيه يمسد خصلات شعرها.. رفعت نظرها إليه وتحجرت عبراتها بمقلتيها.. وهمست
-“جواد”
تقابلت النظرات، القلوب تحترق بهدوء قاتل والألسنة عاجزة عن الحديث فأي كلام يقال يخفف من حزنهما الكبير.. هي بطيشها وهو بثورانه وذهاب عقله
جثى على ركبتيه أمامها ثم وضع وجهها بين كفيه
– كدا هونت عليكِ تعملي فيا كدا
– رفع كفيها يقبل بطنها وتحدث بصوتا حزين مع تساقط دموعه
– مهما أتأسف عارف إني مستحقش الغفران.. رفع نظره وتقابلت نظراتهما
– أنا عارف إن قلبك رحيم وهيغفرلي.. وعارف مهما تزعلي مني لكن قلبك دا ملكي لوحدي.. ثم وضع كفيه موضع نبض قلبه وأكمل
– زي ما دا بيتجنن عليكي وعلى وجعك..
سامحيني حبيبتي
قلبي بيوجعني كل ماأشوفك كدا.. نهضت تنظر إليه
– مين قالك على مكاني.. وضع يديها على صدره وأردف
-“قلبي”
عند حياة وباسم بالمزرعة
دلفت لغرفة فيروز وجدت فستان زفافها معلقا بالغرفة.. اتجهت تنظر إليه بحبور ثم رفعت كفيها تتلامسه بيديها.. تمنت بيوم إنها ترتديه
عبرة انسدلت من جفنيها مسحتها سريعا عندما استمعت لخطوات خلفها
امال برأسه يقبل خديها
– إيه حبيبتي عاجبها الفستان اوي.. أستدرات بجسدها إليه ثم رفعت نظرها لعيناه وارتجفت شفتيها
– يعني.. شكله حلو
سحبها من يديها متوجها لغرفتهما.. دلفا الغرفة وإذ بها تنصدم من فستان الزفاف الذي يوضع على فراشها
اتجهت بنظرها إليه واتسعت إبتسامتها فأردفت متسائلة
– دا عشاني ياباسم
جثى على ركبة واحدة ثم رفع يديه بعلبة مخملية بها خاتم من الألماس ثم رفعه إليها
– تقبلي تكملي حياتك مع واحد بيعشقك قد عشق الكون دا كله
وضعت يديها على فمها بذهول ثم امسكت كفيه ترفعه وهي تهز رأسها بالموافقة
– تقبلي تتجوزيني ياحياتي.. تقبلي تكملي حياتك معايا نكبر ونعجز مع بعض.. ابتسم ونظر لمقلتيها
– مع إني عجوز لكن تقبلي تكملي الباقي من عمري معايا
القت نفسها بأحضانه وهي تصيح وتتقاذف بفرح
– ” أقبل أعيش عمري الباقي كله في حضنك “
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية تمرد عاشق الجزء الثاني)