رواية تربصت بي أعين قاتلة الفصل الرابع 4 بقلم سارة أسامة نيل
رواية تربصت بي أعين قاتلة البارت الرابع
رواية تربصت بي أعين قاتلة الجزء الرابع
رواية تربصت بي أعين قاتلة الحلقة الرابعة
[تربصت بي أعين قاتلة]
“الفصل الرابع” -٤-
توقفت وصدرها ينهج بعنف وهي تقرأ صدمته الواضحة على وجهه، جلست على ركبتيها بينما أخذ “ملار” يتمسح بها وهي تُمسد على فروه الكثيف..
بينما وقف “تميم” بصدمة يتأكد أن ما يراه هو “ذئــــــب” ليس إلا..
وتلك البومة التي أتت تقف على كتفها بمسالمة غير عادية..
خالجه شعور أن هناك أمر غير طبيعي في تلك الفتاة حتمًا .. يتأمل الموقف الماثل أمامه بدقة، تضحك بقوة وهي تلهو مع ذلك الذئب ذا الفراء الرمادي وهو يلعق خدها ويتمسح بها بعنقه ورأسه بلطف..
– خلاص يا ملار بقاا .. سبقتني زي كل مرة بس مش هيأس إن أسبقك في مرة..
استقامت وسار ملار بجانبها حتى وقفت أمامه فزمجر الذئب بخفة فارتد تميم للخلف خشيةً فمسدت على رأسه وقالت:-
– متقلقش يا ملار مفيش أي خطر .. إهدى .. إهدى..
نظرت لتميم فلم تشعر إلا بقلبها يطرق بقوة ولا تعلم ما سبب هذا الآن .. فقط تريد أن تظلّ تنظر إليه … حتى أنها رفعت يدها تضعها على قلبها علنًا..
تعجب تميم إلا أنه دون دراية تأمل عينيها الغريبة جدًا .. ليس لونها بغريب ولكن بها بريق مجهول يجذبك بداخلها حتى تغرق..
بريق من العجب أن يكون براءة صافية لأبعد حد .. كيف براءة لفتاة بمثل هذه الملابس وفي صحبتها ذئب وبومة..!!!
أفاق تميم وأبعد أنظاره وهو يلوم نفسه الأمارة بالسوء ويتمتم بالإستغفار مرارًا..
قالت غفران دون دراية تتسائل:-
– إنت بتقول أيه..
قال في تعجب من طبيعتها ووضوحها:-
– بستغفر..
تسائلت بما خشب جسده:-
– يعني أيه استغفار.؟
مرر صدمته وأجابها ببساطة:-
– يعني بتقولي استغفر الله العظيم وأتوب إليه، بتطلبي من ربنا الغفران عن أي حاجة وحشة أو سيئة عملتيها..
بترجعي لربنا بيه وتذكري اسمه العظيم..
رددت في عجب وهي تزيد النظر بوجهه بحماس لم تشعر به وأذن صاغية:-
– الـــــــغـــفــــــران .. أنا اسمي غفران .. يعني أيه الغفران..
ابتسم بلطف على طريقتها الطفولية وبريق أعينها الحماسي وقال ولم يسألها شيء رغم التعجب الذي يفتك به:-
– اسم غفران اسم جميل ومعناه أجمل..
الغفران هو السماح .. يعني تسامحي أي حد عمل في حقك أي حاجة .. تعفي عنه يعني..
جلست على جزع أحد الأشجار وتسائلت بشرود وهي تنظر للسماء:-
– طب ربنا بقاا بعد ما تطلب منه الغفران بيغفر ويعفو صح .. مش ربنا في السما صح..
كان تميم مصعوق مما يسمع والفضول نحوها زاد .. وحُب أن يعرف سرها تمكن منه، قال بنبرة لطيفة لينة:-
– ربنا هو الرحمن الرحيم.. مش بيرد إيد أي حد فاضية أبدًا .. بيغفر الكبيرة قبل الصغيرة..
طبعًا ربنا في السما ومُطلع وعالم بكل شيء حتى إللي في سرنا وإللي بنفكر فيه..
بس قوليلي إنتِ مسلمة يا غفران..
ردت بتيهة:-
– مش عارفة .. يعني أيه أصلًا مسلمة.!
كان تميم بقمة تعجبه لكن استفهم بترقب:-
– طب إنتِ طول عمرك في المكان ده .. عمرك ما خرجتي من هنا..روحتي جامعة أو اختلطي بالناس..
– لا من ساعة ما وعيت وأنا هنا .. مخرجتش أبدًا من هنا بس بابا علمني القراءة والكتابة وبس..
وفي قرية بعيدة شوية صغيرة مفيهاش يجي عشرين بيت كان هناك مكان بيعلم القراءة والكتابة وروحت هنا .. وفي مخزن في البيت فيه كتب كنت باخد وبقرأ اتسلى وعرفت من الكتب حاجات وعرفت إن في قرآن أهل القرية كانوا بيقرأوه بس مش عارفة يعني أيه مسلمة..!
وأكملت تخبره ببراءة لم يراها تميم من قبل رغم بعدها عن الدين:-
– أنا أخدت كتاب من أوضتك إمبارح وجيت أقرأ فيه بس مع العلم إن بعرف أقرأ لكن معرفتش أقرأه وعرفت إن هو القرآن..
لا يعرف تميم لماذا لم يغضب منها وهي تخبره بتلقائية أنها دخلت لغرفته سرًا .. ابتسم وقال بهدوء:-
– دا من معجزات القرآن إن حتى العلماء وأساتذة الجامعة ميعرفوش يقرأوه إلا إذا سمعوه من حافظ..
قراءة لأن القرآن بالتواتر..
داهم عقل غفران بعض الومضات فارتعش بدنها ووثبت قائمة تهرول وهي تقول بينما يركض ملار خلفها:-
– أنا ماشية..
وقف تميم ينظر لأثرها بغرابة .. من تكون غفران هذه؟ وما الذي تخبئة.؟!
*********
جلست على فراشها ومن حولها كُتبٌ كثيرة وروايات منثورة تبحث عن معنى الحُب..!!
تسأل عن الأعراض التي تشكو منها..
لماذا هذا الإنجذاب لهذا تميم .. ألأنه يختلف عن كل من أتى إلى هنا..!!
رقدت على الفراش بتنهيدة وهمست:-
– تميم … عارف حاجات كتيرة أووي عايزه أعرفها…
تقلبت على معدتها أمام قطعة عريضة من الورق وأمسكت بقطعة حجارة سوداء لينه وبخطواتٍ مهارية كانت تتخبط في الأوراق بأعين شاردة وذهن غائب..
وبعد قليل رفعت ما رسمت لتراه فكانت صدمتها للمرة الثانية وهي ترى ملامح وجه تميم مرةً أخرى، تنهدت وهي تضع الورقة جانبًا وهمست بحيرة:-
– تاني .. مش عارفة أيه الحكاية .. أنا تايهة أوي ومش عارفة أيه الأحساس ده .. يعني عايزة دايمًا أقعد معاه وأسمع كلامه … دي مش أول مرة أشوف راجل..
بس أنا حاسه إن هو مختلف جدًا..
وظلت تتحدث مع نفسها حتى فزعت عندما سمعت صوت طرق فوق الباب..
خبأت الأوراق أسفل الوسادة واعتدلت قائلة:-
– ادخل..
دخلت فتحية وبيدها الإبرة المعتادة لتنفخ بضيق ومدّت ذراعها بصمت وبرود..
غرزتها فتحية بذراعها لتهتف غفران بتبرُّم:-
– أنا مليت من الحقنة دي بجد بقالي عشرين سنة باخدها..
قالت فتحية:-
– الله يشفيك يا ست غفران يا ست البنات…
وكالعادة بعد كل جرعة تشعر غفران أنها في ثوب أخرى .. تجري الحماسة والشرار بأعينها وتسيطر التيهة على عقلها .. حركت رأسها وهي تحاول تذكر ما جرى منذ قليل … تميم … تميم .. هو المسيطر على كيانها رغم الجرعة السامة التي جرت بعروقها..
صوته العذب في هذه الآيات .. ملامحه السمحة الحبيبة التي تحب أن تظل تنظر إليها .. الهالة المُحيطة به … تميم لا يُنسى رغم أنف آلاف الجُرعات..
تحدثت فتحية قائلة:-
– أنا جهزت الغدا يلا علشان تنفذي .. المعلم محروس قال نخلص عليه النهاردة..
يدًا قوية قبضت على قلبها .. وظلت تنظر من حولها بتشوش وتيهة ثم قامت مسحوبة الإرادة وارتدت فستان بلون عينيها يصل لفوق ركبتيها وأطلقت لخصلاتها النارية العنان وهبطت للأسفل..
نظرت للطعام نظرة غريبة مشوشة ثم فتحت درج خشبي وأخرجت بعض المواد ثم خلطتهم فوق بعضهم وأراقتهم في الطعام حتى اختفوا مع محتوياته..
في نفس الأثناء كان تميم يتحدث على الهاتف بمرح..
– دورت يا سوسو كتير وبردوه ملقيتش حاجة..
– طب هتفضل كدا كتير يا تميم..!
– دعواتك وإن شاء الله ألاقيهم..
– هي الأعشاب دي مهمة أووي كدا يا تيمو..
– طبعًا دي بتبقى لها دور كبير في علاج أمراض نفسية كتيرة والحالات إللي أنا بعالجها صعبة جدًا وأنا واخدها تحدي زي ما إنتِ عارفة..
– ربنا يقويك يارب يا حبيبي وينولك كل إللي في بالك، قلبي راضي عنك يا تميم يا ابن بطني ودعواتي مش هتفارقك.. يارب ترجع لنا أنا وأختك سالم يارب وبخير إنت عارف ملناش غيرك بعد ربنا..
– وأنا هحتاج أيه بعد رضاكِ عليا يا أمي ودعواتك، إن شاء الله من أول النهار بكرا هدور كويس وأرجع عالطول..
– متجهدش نفسك يا تيمو وخد بالك يا حبيبي..
– حاضر يا أمي وإنتِ خدي بالك من نفسك ومن توتا..
– قولي اتغديت يا تميم..
– تقريبًا هيبعتوا الأكل دلوقتي لأن دا الميعاد إللي قالوا عليه..
– طيب يا ابني بالهنا على قلبك .. ربنا يحميك يا تيمو..
في حفظ الرحمن يا حبيب أمك..
– مع ألف سلامة يا أمي لا إله إلا الله.
– محمد رسول الله..
كانت الأم “سوسن” تشعر بقبضة على قلبها .. تشعر أن حديثه به نكهة الوداع..
توضأت وفردت سجادتها وبدأت بالصلاة والدعاء لولدها وفلذة كبدها بالحفظ والحماية والتوفيق..
***************
طرق خفيف على غرفته .. قال وهو يضع المصحف على جانب ويرتب الأوراق وبعض الكتب المهمة..
– اتفضل..
دارت مقبض الباب وولجت للغرفة بهدوء يسبق العاصفة..
التفت تميم يرى من دخل فصُعق من طلتها التي تُغري الزُهاد.. خفض أنظاره سريعًا وهو يتعجب سرًا من طريقة ملابسها .. فهل هي تتعمد ذلك.؟
ملبسها لا يتماشى أبدًا مع البراءة التي تصرخ بها عينيها رغم شدتهم والشرر الذي يتطاير منهم والذي لا يُعرف سببه..!
وضعت أمامه الطعام الذي به ستُسطر النهاية..
ستقتل من تعلق به قلبها ومن أحبته دون أن تعلم..
ستقتله لتحصل على قلبه..!
نظر تميم للطعام وقال بإبتسامة لينة:-
– شكرًا .. جزاكِ الله خيرًا يا آنسة غفران..
– قول غفران وبس..
أماء رأسه بإيجاب فباغتته بسؤال جعله ينظر كالأبله:-
– تميم .. إنت زي باقي الرجاله .. متجوز يعني بتحب بنت..
سعل تميم بشدة وهي مازالت تقف تنظر له ثابته متعجبة من ردة فعله..
هدأ تميم وهو يدرك بحسب خبرته في الطب النفسي أنها ليست متصنعة تلك طبيعتها التي يبدو أنها لا تعرف أيّ شيء عن ما وراء الغابة .. عن العالم الطبيعي..
تنفس بهدوء وأجابها بإبتسامة:-
– الجواز مش معناه الحب..
ممكن أتجوز علشان دي سنة الحياة وبعد كدا أحب زوجتي .. ودا اسمه جواز..
والحب حاجة مختلفة تمامًا بس جزء من الجواز..
الحب متعلقة بالقلب والروح..
تسائلت بتصميم وهي تتكأ أمامه على المنضدة:-
– يعني إنت متجوز أو بتحب..
ابتسم تميم على طفولتها وقال:-
– لا .. لا متجوز ولا بحب..
ابتسمت غفران بتيهة وقالت سرًا:-
– يعني كدا نقدر نحب بعض..
قال تميم بمرح:-
– أقدر أكل بقاا..
– آآآآه..
وغمس الملعقة في الطعام وشرع يتذوق السم المدسوس في العسل..
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية تربصت بي أعين قاتلة)